بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بدلنا هم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب » (١) « وإذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميز من الغيظ » (٢) « كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها و [ قيل لهم ] ذوقوا عذاب الحريق » (٣) « لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون » (٤) يدعون أنهم على ديني وسنتي ومنها جي وشرايعي أنهم مني براء وأنا منهم برئ.

يا ابن مسعود لا تجالسوهم في الملا ولا تبايعوهم في الاسواق ولا تهدوهم الطريق ولا تسقوهم الماء قال الله تعالى : « من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ـ الآية » (٥) يقول الله تعالى : « من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب » (٦).

يا ابن مسعود ما بلوا امتي بينهم العداوة والبغضاء والجدال اولئك أذلاء هذه الامة في دنيا هم والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير.

قال : فبكى رسول الله وبكينا لبكائه وقلنا : يا رسول الله ما يبكيك قال رحمة للاشقياء يقول الله تعالى : « ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب » (٧) يعني العلماء والفقهاء.

يا ابن مسعود من تعلم العلم يريد به الدنيا وآثر عليه حب الدنيا وزينتها استوحب سخط الله عليه وكان في الدرك الاسفل من النار مع اليهود والنصارى الذين نبذوا كتاب الله تعالى قال الله تعالى : « فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين » (٨).

____________________

(١) النساء : ٥٥ وقوله تعالى « نضجت » أى احترقت.

(٢) الملك : ٦ و ٧ والشهيق : الصوت المنكر كصوت الحمار. وهى تفور أى تغلى.

« تكاد تميز » أى تتقطع.

(٣) الحج : ٢٢.

(٤) الانبياء : ١٠٠ وقوله « زفير » صوت كصوت الحمار والمراد شدة تنفسهم.

(٥) هود : ١٥.

(٦) الشورى : ١٩.

(٧) السبأ : ٥٠.

(٨) البقرة : ٨٤.

١٠١

يا ابن مسعود من تعلم القرآن للدنيا وزينتها حرم الله عليه الجنة.

يا ابن مسعود من تعلم العلم ولم يعمل بما فيه حشره الله يوم القيامة أعمى ، ومن تعلم العلم رياء وسمعة يريد به الدنيا نزع الله بركته وضيق عليه معيشته ووكله الله إلى نفسه ومن وكله الله إلى نفسه فقد هلك قال الله تعالى : « من كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا » (١).

يا ابن مسعود فليكن جلساؤك الابرارو إخوانك الاتقياء والزهاد لان الله تعالى قال في كتابه « الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين » (٢).

يا ابن مسعود اعلم أنهم يرون المعروف منكرا والمنكر معروفا ففي ذلك يطبع الله على قلوبهم فلا يكون فيهم الشاهد با لحق ولا القوامون بالقسط ، قال الله تعالى « كونوا قوامين با لقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والاقربين (٣).

يا ابن مسعود يتفاضلون بأحسابهم وأموالهم يقول الله تعالى : « وما لاحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى * ولسوف يرضى » (٤).

يا ابن مسعود عليك بخشية الله وأداء الفرائض فانه يقول : « هو أهل التقوى وأهل المغفرة » (٥) ويقول : « رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه » (٦).

يا ابن مسعود دع عنك ما لا يعنيك وعليك بما يغنيك فان الله تعالى يقول : « لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه » (٧).

يا ابن مسعود إياك أن تدع طاعة وتقصد معصية شفقة على أهلك لان الله

____________________

(١) الكهف : ١١٠.

(٢) الزخرف : ٦٧. والاخلاء : الاحباء.

(٣) النساء : ١٣٤. قوامين أى دائمين على القيام بالعدل.

(٤) الليل : ١٩ ـ ٢١.

(٥) المدثر : ٥٥.

(٦) البينة : ٨.

(٧) عبس : ٣٧.

١٠٢

تعالى يقول : « يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولامولود هوجاز عن والده شيئا * إن وعد لله حق فلا تغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور » (١).

يا ابن مسعود احذر الدنيا ولذاتها وشهواتها وزينتها وأكل الحرام والذهب والفضة والمراكب والنساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والانعام والحرث ذلك متاع الحيوة الدنيا والله عنده حسن المآب * قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد. (٢).

يا ابن مسعود لا تغترن بالله ولا تغترن بصلاتك وعملك وبرك وعبادتك.

يا ابن مسعود إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر ونهي فرددها نظرا واعتبارا فيها ولا تسه عن ذلك فان نهيه يدل على ترك المعاصي وأمره يدل على عمل البر والصلاح فان الله تعالى يقول : « فكيف اذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون » (٣).

يا ابن مسعود لا تحقرن ذنبا ولا تصغرنه واجتنب الكبائر فان العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه قيحا ودما يقول الله تعالى « يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودلون أن بينها وبينه أمدا بعيدا » (٤).

يا ابن مسعود إذا قيل لك اتق الله فلا تغضب فانه يقول : « وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم » (٥).

يا ابن مسعود قصر أملك فاذا أصبحت فقل : إني لا امسي وإذا أمسيت فقل إني لا اصبح ، واعزم على مفارقة الدنيا وأحب لقاء الله ولا تكره لقاءه فان الله

____________________

(١) لقمان : ٣٢ و ٣٣. والغرور بفتح الغين والمراد به الشيطان.

(٢) مأخوذة من آل عمران : ١٢ و ١٣.

(٣) آل عمران : ٢٤.

(٤) آل عمران : ٢٨.

(٥) البقرة : ٢٠٢.

١٠٣

يحب لقاء من أحب ويكره لقاء من يكره لقاءه.

يا ابن مسعود لا تغرس الاشجار ولا تجري الانهار (١) ولا تزخرف البنيان ولا تتخذ الحيطان والبستان فان الله يقول : « الهيكم التكاثر » (٢).

يا ابن مسعود والذي بعثني بالحق ليأتي على الناس زمان يستحلون الخمر يسمونه النبيذ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، أنا منهم برئ وهم مني برآء.

يا ابن مسعود الزاني بامه أهون عند الله ممن يدخل في ماله من الربا مثقال حبة من خردل ، ومن شرب المسكر قليلا أو كثيرا فهو أشد عند الله من آكل الربا لانه مفتاح كل شر.

يا ابن مسعود اولئك يظلمون الابرار ويصدقون الفجار والفسقة ، الحق عندهم باطل والباطل عندهم حق ، هذا كله للدنيا وهم يعلمون أنهم على غير الحق ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون. رضوا بالحيوة الدنيا واطمأنوا بها والذينهم عن آياتنا غافلون اولئك مأويهم النار بما كانوا يكسبون.

يا ابن مسعود قال الله تعالى من رد عن ذكري وذكر الآخرة (٣) « نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا قال : يا ليت بني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين » (٤).

يا ابن مسعود إنهم ليعيبون على من يقتدي بسنتي فرائض الله قال الله تعالى « فاتخذتموهم سخريا حتى آنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون » (٥).

ابن مسعود احذر سكر الخطيئة فان للخطيئة سكرا كسكر الشراب بل هي

____________________

(١) أى لاكثار الثروة لا مطلقا. (٢) التكاثر : ١.

(٣) كذا وفى المصدر « ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض ـ الاية » أى ومن يعرض عن القرآن.

(٤) الزخرف ٣٥ ـ ٣٧. وقوله « نقيض » أى نهيئ ، وقيض الله فلانا لفلان أى أتاحه.

(٥) المؤمنون ١١٢ و ١١٣.

١٠٤

أشد سكرا منه يقول الله تعالى : « صم بكم عمي فهم لا يرجعون » (١) ويقول : « إنا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا * وإن لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا » (٢).

يا ابن مسعود الدنيا ملعونة ملعون من فيها ، ملعون من طلبها وأحبها ونصب لها وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى « كل من عليها فان ويبقى * وجه ربك ذو الجلال والاكرام » (٣) ، وقوله « كل شئ هالك إلى وجهه » (٤).

يا ابن مسعود إذا عملت عملا فاعمل لله خالصا لانه لا يقبل من عباده الاعمال إلا ما كان خالصا فانه يقول « وما لاحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى * ولسوف يرضى » (٥).

يا ابن مسعود دع نعيم الدنيا وأكلها وحلاوتها ، وحارها وباردها ، ولينها ، و طيبها ، وألزم نفسك الصبر عنها فانك مسؤول عن ذلك كله قال الله تعالى : « ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم » (٦).

يا ابن مسعود فلا تلهينك الدنيا وشهواتها فان الله تعالى يقول : « أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون » (٧).

يا ابن مسعود إذا عملت عملا من البر وأنت تريد بذلك غير الله فلا ترج بذلك منه ثوابا فانه يقول « فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا » (٨).

يا ابن مسعود إذا مدحك الناس فقالوا : إنك تصوم النهار وتقوم الليل وأنت على غير ذلك فلا تفرح بذلك فان الله تعالى يقول : « لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بمالم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم » (٩).

____________________

(١) البقرة : ١٧. (٢) الكهف : ٦ و ٧. (٣) الرحمن ٢٦ و ٢٧.

(٤) القصص : ٨٨. (٥) الليل : ١٩ ـ ٢١.

(٦) التكاثر : ٨. (٧) المؤمنون : ١١٥.

(٨) الكهف : ١٠٥.

(٩) آل عمران : ١٨٥ ، والمفازة : المنجاة أى فائزين بالنجاة.

١٠٥

يا ابن مسعود أكثر من الصالحات والبر ، فان المحسن والمسئ يندمان يقول المحسن : ياليتني ازددت من الحسنات ويقول المسئ : قصرت ، وتصديق ذلك قوله قوله تعالى « ولا اقسم بالنفس اللوامة » (١).

يا ابن مسعود لا تقدم الذنب ولا تؤخر التوبة ولكن قدم التوبة وأخر الذنب فان الله تعالى يقول في كتابه « بل يريد الانسان ليفجر أمامه » (٢).

يا ابن مسعود إياك أن تسن سنة بدعة فان العبد إذا سن سنة سيئة لحقه وزرها ووزر من عمل بها قال الله تعالى : « ونكبت ما قدموا وآثارهم » (٣) وقال سبحانه « ينبؤا الانسان يؤمئذ بما قدم وأخر » (٤).

يا ابن مسعود لا تركن إلى الدنيا ولا تطمئن إليها فستفارقها عن قليل ، فان الله تعالى يقول : « فأخرجنا هم من جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم » (٥).

يا ابن مسعود اذكر القرون الماضية والملوك الجبابرة الذين مضوا فان الله يقول « وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا » (٦).

يا ابن مسعود انظر أن تدع الذنب (٧) سرا وعلانية ، صغيرا وكبيرا ، فان الله تعالى حيث ما كنت يراك وهو معك فاجتنبها (٧).

يا ابن مسعود اتق الله في السر والعلانية ، والبر والبحر ، والليل والنهار ، فانه يقول : « ما يكون من نجوى ثلثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا » (٩).

____________________

(١) القيامة : ٢. (٢) القيامة : ٥.

(٣) يس : ١١. (٤) القيامة : ١٣.

(٥) مضمون مأخوذ من الايات الواردة في سورة الشعراء : ١٤٧ و ١٤٨ وسورة الدخان آية ٢٤ و ٢٥ لا لفظها وهذا من سهو الرواة واعتمادهم على حافظتهم.

(٦) الفرقان : ٣٨.

(٧) في المصدر « اياك والذنب » وفى بعض نسخه مثل ما في المتن.

(٨) في المصدر و « هو معكم أينما كنتم ».

(٩) المجادلة : ٨.

١٠٦

يا ابن مسعود اتخذ الشيطان عدوا فان الله تعالى يقول : « إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا » (١) ويقول عن إبليس : « ثم لا تينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثر هم شاكرين » (٢) ويقول « فالحق والحق أقول لا ملئن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين (٣).

يا ابن مسعود [ فانظر أن ] لا تأكل الحرام ولا تلبس الحرام ولا تأخذ من الحرام ولا تعص الله لان الله تعالى يقول لا بليس : « واستفزز من استطعت منهم بصوتك و أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا » (٤) وقال : فلا تغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور » (٥).

يا ابن مسعود لا تقربن من الحرام من المال والنساء (٦) فان الله تعالى يقول : « ولمن خاف مقام ربه جنتان » (٧) ولا تؤثرن الحيوة الدنيا على الآخرة باللذات والشهوات فان الله تعالى يقول في كتابه « فأما من طغى وآثر الحيوة الدنيا فان الجحيم هي المأوى » (٨) يعني الدنيا الملعونة والملعون ما فيها إلا ما كان لله.

يا ابن مسعود لا تخونن أحدا في مال يضعه عندك أو أمانة ائتمنك عليها فان الله يقول : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » (٩).

يا ابن مسعود لا تتكلم إلا بالعلم بشئ سمعته ورأيته فان الله تعالى يقول : « ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه

____________________

(١) فاطر : ٦.

(٢) الاعراف : ١٦.

(٣) ص : ٨٥.

(٤) الاسراء : ٦٦.

(٥) لقمان : ٣٣ وفاطر : ٥.

(٦) في المصدر « يا ابن مسعود خف الله في السر والعلانية » مكان « لا تقربن الخ ».

(٧) الرحمن : ٤٦.

(٨) النازعات : ٣٧ ـ ٣٩.

(٩) النساء : ٥٨.

١٠٧

مسؤلا » (١) وقال : « ستكتب شهادتهم ويسئلون » (٢) وقال : « إذا يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد » (٣) وقال : « ونحن أقرب إليه من حبل الوريد » (٤).

يا ابن مسعود لا تهتمن للرزق فان الله تعالى يقول : « ما من دابة في الارض إلا على الله رزقها » (٥) وقال : « وفي السماء رزقكم وما توعدون » (٦) وقال : وإن يمسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو إن يمسك بخير فهو على كل شئ قدير » (٧).

يا ابن مسعود والذي بعثني بالحق [ نبيا ] إن من يدع الدنيا ويقبل على تجارة الآخرة فان الله تعالى يتجرله من وراء تجارته ويربح الله تجارته يقول الله تعالى : « رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار » (٨).

قال ابن مسعود : بأبي أنت وامي يا رسول الله كيف لي بتجارة الاخرة؟ فقال : لا تريحن لسانك عن ذكر الله ، وذلك أن تقول : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » فهذه التجارة المربحة ، يقول الله تعالى : « يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله » (٩).

يا ابن مسعود كلما أبصرته بعينك واستحلاه قلبك فاجعله لله فذلك تجارة الآخرة لان الله يقول : « ما عند كم ينفدو ما عند الله باق » (١٠).

يا ابن مسعود وإذا تكلمت بلا إله إلا الله ولم تعرف حقها فانه مردود عليك ولا يزال « لا إله إلا الله » يرد غضب الله عن العباد حتى إذا لم يبالوا ما ينقص

____________________

(١) الاسراء ٣٦.

(٢) الزخرف : ١٨. (٣) ق : ١٦ و ١٧.

(٤) ق : ١٥. (٥) هود : ٦.

(٦) الذاريات : ٢٢. (٧) الانعام : ١٧.

(٨) النور : ٣٧. (٩) فاطر : ٢٩ و ٣٠.

(١٠) النحل : ٩٨.

١٠٨

من دينهم بعد إذ سلمت دنيا هم يقول الله تعالى : [ كذبتم كذبتم لستم بها بصادقين فانه يقول الله تعالى ] « إليه يصعد الكلم الطيب والعمل والصالح يرفعه » (١).

يا ابن مسعود أحب الصالحين فان المرء مع من أحبه ، فان لم تقدر على أعمال البر فأحب العلماء فان الله تعالى يقول : « ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا » (٢).

يا ابن مسعود إياك أن تشرك بالله طرفة عين وإن نشرت بالمنشار أو قطعت أو صلبت أو احرقت بالنار يقول الله تعالى : « والذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم » (٣).

يا ابن مسعود اصبر مع الذين يذكرون الله ويسبحونه ويهللونه ويحمدون ويعملون بطاعته ويدعونه بكرة وعشيا فان الله يقول : « واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم » (٤) « ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين » (٥).

يا ابن مسعود لا تختارن على ذكر الله شيئا فانه يقول : « ولذكر الله أكبر » (٦) ويقول : « فا ذكروني أذكر كم واشكر والي ولا تكفرون » (٧) ويقول : « إذا سئلك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان » (٨) ويقول : « ادعوني أستجب لكم » (٩).

يا ابن مسعود عليك بالسكينة والوقار وكن سهلا لينا عفيفا مسلما تقيا نقيا بارا طاهرا مطهرا صادقا خالصا سليما صحيحا لبيبا صالحا صبورا شكورا مؤمنا ورعا

____________________

(١) فاطر : ١١. وما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) النساء : ٦٩. (٣) الحديد : ١٨.

(٤) الكهف : ٢٧. (٥) الانعام : ٥٢.

(٦) العنكبوت : ٤٤. (٧) البقرة : ١٥٢.

(٨) البقرة : ١٨٦. (٩) المؤمن : ٦٠.

١٠٩

عابدا زاهدا رحيما عالما فقيها يقول الله تعالى : « إن إبراهيم لحليم أواه منيب » (١) وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما (٢) ( ويقولون للناس حسنا ) وإذا مروا باللغو مروا كراما [ » والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا « ] والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما * أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما » (٣) ويقول الله : « قد أفلح المؤمنون * الذينهم في صلاتهم خاشعون * والذينهم عن اللغو معرضون * والذينهم للزكوة فاعلون * والذينهم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ماملكت أيمانهم فانهم غير ملومين * فمن ابتغى ورآء ذلك فأولئك هم العادون * والذينهم لاما ناتهم وعهد هم راعون * والذينهم على صلواتهم يحافظون * اولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون » (٤) يقول الله تعالى : « اولئك في جنات مكرمون » (٥) وقال : « إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ـ إلى قوله ـ اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم » (٦).

يا ابن مسعود لا تحملنك الشفقة على أهلك وولدك على الدخول في المعاصي والحرام ، فان الله تعالى يقول : « يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم » (٧) وعليك بذكر الله والعمل الصالح فان الله تعالى يقول : « والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا » (٨).

____________________

(١) هود : ٧٧ ، والاواه : كثير التأسف ، والمنيب : الراجع إلى الله تعالى.

(٢) الفرقان : ٦٤ و ٦٥.

(٣) الفرقان ٧٢ إلى ٧٦.

(٤) المؤمنون : ١ إلى ١٢.

(٥) المعارج : ٣٥.

(٦) الانفال : ٢ ـ ٦.

(٧) الشعراء : ٨٨ و ٨٩.

(٨) الكهف : ٤٤.

١١٠

يا ابن مسعود لا تكونن ممن يهدي الناس إلى الخير ويأمر هم بالخير وهو غافل عنه يقول الله تعالى : « أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم » (١).

يا ابن مسعود عليك بحفظ لسانك فان الله تعالى يقول : « اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون » (٢).

يا ابن مسعود عليك بالسرائر فان الله تعالى يقول : « يوم تبلى السرائر * فما له من قوة ولا ناصر » (٣).

يا ابن مسعود احذر يوما تنشر فيه الصحائف وتظهر فيه الفضائح فان الله تعالى يقول : « ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينابها وكفى بنا حاسبين » (٤).

يا ابن مسعود اخش الله تعالى بالغيب كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك يقول الله تعالى : « من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود » (٥).

يا ابن مسعود أنصف الناس من نفسك وأنصح الامة وارحمهم فاذا كنت كذلك وغضب الله على أهل بلدة وأنت فيها وأراد أن ينزل عليهم العذاب نظر إليك فرحمهم بك يقول الله تعالى : « وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون » (٦).

يا ابن مسعود إياك أن تظهر من نفسك الخشوع والتواضع للادميين وأنت فيما بينك وبين ربك مصر على المعاصي والذنوب يقول الله تعالى : « يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور » (٧).

يا ابن مسعود فلا تكن ممن يشدد على الناس ويخفف على نفسه يقول الله

____________________

(١) البقرة : ٤١.

(٢) يس : ٦٥.

(٣) الطارق : ٩ و ١٠.

(٤) الانبياء : ٤٨.

(٥) ق : ٣٢ و ٣٣.

(٦) هود : ١١٩.

(٧) المؤمن : ١٩.

١١١

تعالى « لم تقولون ما لا تفعلون » (١).

يا ابن مسعود إذا عملت عملا فاعمل بعلم وعقل وإياك وأن تعمل عملا بغير تدبير وعلم فانه جل وجلاله يقول : « ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا » (٢).

يا ابن مسعود عليك بالصدق ولا تخرجن من فيك كذبة أبدا وأنصف الناس من نفسك وأحسن ، وادع الناس إلى الاحسان ، وصل رحمك ولا تمكر الناس ، وأوف الناس بما عاهدتهم فان الله تعالى يقول : « إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون » (٣) تمت الموعظة وبالله التوفيق.

٦

* ( باب ) *

* ( جوامع وصايا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ) *

* ( ومواعظه وحكمه ) *

١ ـ مع ، ل ، لى (٤) الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري ، عن محمد بن الحسن بن دريد ، عن أبي حاتم ، عن العتبي يعني محمد بن عبدالله ، عن أبيه ، وأخبرنا عبدالله بن شبيب البصري ، عن زكريا بن يحيى المنقري ، عن العلاء بن محمد بن الفضيل (٥) عن أبيه ، عن جده قال : قال قيس بن عاصم : وفدت مع جماعة من بني تميم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخلت وعنده الصلصال بن الدلهمش فقلت : يا نبي الله عظنا موعظة

____________________

(١) الصف : ٢.

(٢) النحل : ٩٤.

(٣) النحل : ٩٢.

(٤) المعانى ص ٢٣٢. الخصال ج ١ ص ٥٦. الامالى المجلس الاول ص ٣.

(٥) في المعانى « العلاء بن فضيل » وفى الامالى « العلاء بن محمد بن الفضل ». وفى الخصال « العلاء بن الفضل ».

١١٢

ننتفع بها فانا قوم نعير (١) في البرية فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا قيس إن مع العز ذلا ، وإن مع الحياة موتا ، وإن مع الدنيا آخرة ، وإن لكل شئ حسيبا ، وعلى كل شئ رقيبا ، وإن لكل حسنة ثوابا ، ولكل سيئة عقابا ، ولكل أجل كتابا وإنه لا بدلك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي ، وتدفن معه وأنت ميت فان كان كريما أكرمك ، وإن كان لئيما أسلمك ثم لا يحشر إلا معك ، ولا تبعث إلا معه ، ولا تسأل إلا عنه فلا تجعله إلا صالحا فانه إن صلح آنست به وإن فسد لا تستوحش إلا منه وهو فعلك.

فقال : يا نبي الله : احب أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر نفخر به على من يلينا من العرب وندخره ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من يأتيه بحسان ، قال قيس : فأقبلت افكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر فاستتب (٢) لي القول قبل مجئ حسان فقلت : يا رسول الله قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما تريد ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل يا قيس ، فقلت :

تخير خليطا (٣) من فعالك إنما

قرين الفتى في القبر ما كان يفعل

ولا بد بعد الموت من أن تعده

ليوم ينادى المرء فيه فيقبل

فان كنت مشغولا بشئ فلا تكن

بغير الذي يرضي به الله تشغل

فلن يصحب الانسان من بعد موته

ومن قبله إلا الذي كان يعمل

ألا إنما الانسان ضيف لاهله

يقيم قليلا بينهم ثم يرحل

٢ ـ لي : (٤) السناني ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن ابن ظبيان ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال :

____________________

(١) أى نذهب ونجئ ونردد في البرية اى الصحراء. وفى بعض النسخ « نعبر ».

(٢) أى استقام ، وفى بعض النسخ « استبان » أى ظهر.

(٣) في المعانى « قرينا » مكان « خليطا ».

(٤) الامالى المجلس السادس ص ١٤. والمراد بالسنانى : محمد بن أحمد. وبالاسدى : محمد بن أبى عبدالله الكوفى.

١١٣

الاشتهار بالعبادة ريبة ، إن أبي حدثني ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه‌السلام أن رسول الله (ص) قال : أعبد الناس من أقام الفرائض ، وأسخى الناس من أدى زكاة ماله وأزهد الناس من اجتنب الحرام ، وأتقى الناس من قال الحق فيماله وعليه ، وأعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه وكره لهم ما يكره لنفسه ، وأكيس الناس من كان أشد ذكرا للموت ، وأغبط الناس من كان تحت التراب قد أمن العقاب يرجو الثواب ، وأغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى حال ، وأعظم الناس في الدنيا خطرا من لم يجعل للدنيا عنده خطرا ، وأعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه وأشجع الناس من غلب هواه ، وأكثر الناس قيمة أكثر هم علما ، وأقل الناس قيمة أقلهم علما ، وأقل الناس لذة الحسود ، وأقل الناس راحة البخيل ، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عزوجل عليه ، وأولى الناس بالحق أعلمهم به ، وأقل الناس حرمة الفاسق ، وأقل الناس وفاء الملوك ، وأقل الناس صديقا الملك ، وأفقر الناس الطامع ، وأغنى الناس من لم يكن للحرص أسيرا ، وأفضل الناس إيمانا أحسنهم خلقا ، وأكرم الناس أتقاهم ، وأعظم الناس قدرا من ترك ما لا يعنيه ، وأورع الناس من ترك المراء وإن كان محقا ، وأقل الناس مروة من كان كاذبا ، وأشقى الناس الملوك ، وأمقت الناس المتكبر ، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب ، وأحلم الناس من فرمن جهال الناس ، وأسعد الناس من خالط كرام الناس ، وأعقل الناس أشدهم مدارة للناس ، وأولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة ، وأعتى الناس من قتل غير قاتله أوضرب غير ضاربه ، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأحق الناس بالذنب السفيه المغتاب ، وأذل الناس من أهان الناس ، وأحزم الناس أكظمهم للغيظ ، وأصلح الناس أصلحهم للناس ، وخير الناس من انتفع به الناس.

كتاب الغايات (١) روي عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الاشتهار بالعبادة إلى آخره.

____________________

(١) تأليف أبي محمد بن أحمد بن على القمى نزيل الرى مخلوط.

١١٤

مع (١) : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن الصادق عليه‌السلام مثله.

كنز الكراجكي (٢) مرسلا مثله.

٣ ـ لى (٣) : عن ابن ناتانة ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن طال عمره وحسن عمله ، فحسن منقلبه إذ رضي عنه ربه عزوجل وويل لمن طال عمره وساء عمله ، فساء منقلبه إذ سخط عليه ربه عزوجل.

٤ ـ لى : (٤) عن ابن إدريس ، عن أبيه ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن زياد عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائهم عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه ومن أساء فيما بقي من عمره اخذ بالاول والآخر.

٥ ـ لى (٥) : عن الطالقاني ، عن محمد بن إسحاق بن بهلول ، عن أبيه ، عن علي ابن يزيد الصدائي (٦) ، عن أبي شيبة الجوهري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تقبلوا لي بست أتقبل لكم بالجنة : إذا حدثتم فلاتكذبوا ، وإذا وعدتم فلا تخلفوا ، وإذا ائتمنتم فلا تخونوا ، وغضوا أبصاركم ، واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم وألسنتكم.

____________________

(١) معانى الاخبار ص ١٩٥.

(٢) كنز الفوائد ص ١٣٨.

(٣) الامالى المجلس الثالث عشر ص ٣٥ والمراد بابن ناتانة الحسين بن ابراهيم.

(٤) الامالى المجلس الثالث عشر ص ٣٥. والمراد با بن ادريس الحسين بن أحمد.

(٥) المصدر المجلس العشرون ص ٥٥. والمراد بالطالقانى محمد بن ابراهيم بن اسحاق.

(٦) في المصدر « الصيداوى ».

١١٥

٦ ـ لى (١) : عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : سمعت جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لي : إعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس ، وارض بقسم الله تكن أغنى الناس ، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس ، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا ، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما.

٧ ـ ل ، لى (٢) : عن محمد بن أحمد الاسدي ، عن عبدالله بن سليمان ، وعبدالله بن محمد الوهبي ، وأحمد بن عمير ، ومحمد بن أبي أيوب قالوا : حدثنا عبدالله بن هاني ابن عبدالرحمن قال : حدثنا أبي ، عن عمه إبراهيم ، عن ام الدرداء ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أصبح معافي في جسده ، آمنا في سربه ، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا (٣) يا ابن جعشم يكفيك منها ما سد جوعتك ووارى عورتك ، فان يكن بيت يكنك فذاك ، وإن تكن دابة تركبها فبخ بخ ، وإلا فالخبز وماء الحبر وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب.

٨ ـ لى : (٤) عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الكناني قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام أخبرني عن هذا القول قول من هو؟ » أسأل الله الايمان والتقوى وأعوذ بالله من شر عاقبة الامور ، إن أشرف الحديث ذكر الله ، ورأس الحكمة طاعته ، وأصدق القول وأبلغ الموعظة وأحسن القصص كتاب الله ، وأوثق العرى الايمان بالله ، وخير الملل ملة إبراهيم ، وأحسن السنن سنة الانبياء ، وأحسن الهدى هدى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخير الزاد التقوى ، وخير العلم ما نفع ، وخير الهدى ما اتبع وخير الغنى غنى النفس ، وخير ما القي في القلب اليقين ، وزينة الحديث الصدق

____________________

(١) المصدر المجلس السادس والثلاثون ص ١٢١.

(٢) الخصال ج ١ ص ٧٧. والامالى المجلس الحادى والستون ص ٢٣٢.

(٣) السرب ـ بكسر السين ـ النفس وبفتحها المسلك. وبفتحتين : البيت. وقوله « حيزت » ـ بكسر المهملة والزاى المعجمة ـ (له الدنيا) أى ضمت وجمعت.

(٤) المجلس الرابع والسبعون ص ٢٩٢.

١١٦

وزينة العلم الاحسان ، وأشرف الموت قتل الشهادة ، وخير الامور خيرها عاقبة ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى والشقي من شقي في بطن امه ، والسعيد من وعظ بغيره ، وأكيس الكيس التقى ، وأحمق الحمق الفجور ، وشر الرواية رواية الكذب وشر الامور محدثاتها ، وشرالعمى عمى القلب ، وشر الندامة ندامة يوم القيامة وأعظم المخطئين عند الله عزوجل لسان كذاب ، وشرالكسب كسب الربا ، وشر المأكل أكل مال اليتيم ظلما ، وأحسن زينة الرجل السكينة مع الايمان. ومن يبتغ السمعة يسمع الله به ، ومن يعرف البلاء يصبر عليه ، ومن لا يعرفه ينكره والريب كفر ، ومن يستكبر يضعه الله ، ومن يطع الشيطان يعص الله ، ومن يعص الله يعذبه الله ، ومن يشكر الله يزده الله ، ومن يصبر على الرزية يغثه الله ، ومن يتوكل على الله فحسبه الله ، لا تسخطو الله برضا أحد من خلقه ، ولا تتقربوا إلى أحد من الخلق بتباعد من الله عزوجل فان الله ليس بينه وبين أحد من الخلق شئ يعطيه به خيرا أو يصرفه به عنه السوء إلا بطاعته وابتغاء مرضاته ، إن طاعة الله نجاح كل خير يبتغى ، ونجاة من كل شر يتقى ، وإن الله يعصم من أطاعه ولا يعتصم منه من عصاه ، ولا يجد الهارب من الله مهربا ، فان أمر الله نازل بإذلاله ولو كره الخلائق وكل ما هو آت قريب ، ما شاءالله كان ، وما لم يشألم يكن ، « تعاونوا على البر والتقوى ، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب » قال : فقال لي الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : هذا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ين (١) : عن الجوهري ، وفضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن الصباح بن سيابة قال : سمعت كلاما يروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « السعيد من سعد في بطن امه وذكر نحوه إلى آخر الخبر ».

٩ ـ لى (٢) : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن عبدالله بن ميمون عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : استحيوا من الله

____________________

(١) كتاب الحسين بن سعيد الاهوازى مخلوط.

(٢) الامالى المجلس التسعون ص ٣٦٦.

١١٧

حق الحياء ، قالوا : وما نفعل يا رسول الله؟ قال : فان كنتم فاعلين فلا يبيتن أحد كم إلا وأجله بين عينيه ، وليحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وماوعى ، ليذكر القبر والبلى ، ومن أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا.

ب : (١) عن محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن ميمون مثله إلا أن فيه « حوى » مكان « وعى » و « وعى » مكان « حوى ».

١٠ ـ فس (٢) : عن أبيه ، عن حماد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي ما من دارفيها فرحة إلا يتبعها ترحة (٣) وما من هم إلا وله فرح إلا هم أهل النار ، فاذا عملت سيئة فأتبعها بحسنته تمحها سريعا ، وعليك بصنايع الخير فانها تدفع مصارع السوء.

قال المفسر : وإنما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لامير المؤمنين عليه‌السلام على حد التأديب للناس لا بأن لامير المؤمنين عليه‌السلام سيئات عملها.

١١ ـ فس (٤) : عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الاية : « لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين » قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، ومن رمى ببصره إلى ما في يد غيره كثر همه ولم يشف غيظه ، ومن لم يعلم أن لله عليه نعمة إلا في مطعم أو في ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ، ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه ، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا ، ومن أتي ذا ميسرة فيتخشع له طلبا لما في يديه ذهب ثلثا دينه ، ثم قال : ولا تعجل وليس يكون الرجل يسأل من الرجل

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٣.

(٢) تفسير على بن ابراهيم سورة الرعد ص ٣٤١.

(٣) الترح : الحزن والهم.

(٤) المصدر سورة الحجر آية ٨٩ ص ٣٥٦.

١١٨

الرفق فيبجله (١) ويوقره فقد يجب ذلك له عليه ، ولكن يريه أنه يريد بتخشعه ما عند الله ويريد أن يختله عما في يديه (٢).

١٢ ـ ل (٣) : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن النوفلي عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : غريبتان فاحتملوها : كلمة حكم من سفيه فاقبلوها ، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها.

١٣ ـ ل (٤) : عن محمد بن أحمد الاسدي ، عن محمد بن أبي عمران ، عن أحمد ابن أبي بكرالزهري ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ابن عبدالله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أخوف ما أخاف على امتي الهوى وطول الامل ، أما الهوى فانه يصد عن الحق وأما طول الامل فينسي الاخرة ، وهذه الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وهذه الاخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكل واحد منهما بنون فان استطعتم أن تكونوا من أبناء الاخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فافعلوا فانكم اليوم في دار عمل ولا حساب وأنتم غدا في دار حساب ولا عمل.

ل (٥) : ابن بندار ، عن أبي العباس الحمادي ، عن أحمد بن محمد الشافعي عن عمه إبراهيم محمد ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن ابن المكندر ، عن جابر مثله.

١٤ ـ ل (٦) : الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري ، عن عبدالله بن محمد بن عبد

____________________

(١) التبجيل : التعظيم.

(٢) ختله أى خدعه وما كره. ومعنى قوله « فقد يجب ذلك له عليه » أى قد يكون يجب تعظيم بعض مسؤولين على السائل و « ذلك » اشارة إلى التبجيل والتوقير والضمير في « له » راجع إلى المسؤول وفى « عليه » إلى السائل.

(٣) الخصال ج ١ ص ١٩.

(٤) المصدر ج ١ ص ٢٧.

(٥) الخصال ج ١ ص ٢٧.

(٦) المصدر ج ٢ ص ٨٤.

١١٩

الكريم عن ابن عوف ، عن مكي بن إبراهيم البلخي ، عن موسى بن عبيدة ، عن صدقة بن يسار ، عن عبدالله عمر قال : نزلت هذه السورة « إذا جاء نصرالله والفتح » على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أوسط أيام التشريق فعرف أنه الوداع فركب راحلته العضباء فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا أيها الناس كل دم كان في الجاهلية فهو هدر ، وأول دم هدر دم الحارث بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في هذيل فقتله بنوا الليث أو قال : كان مسترضعا في بني ليث فقتله هذيل ـ (١) وكل ربا كان في الجاهلية فموضوع وأول رباء وضع ربا العباس بن عبدالمطلب (٢) أيها الناس إن الزمان قد استدارفهو اليوم كهيئة يوم خلق السماوات والارض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعة حرم : رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان وذوالقعدة وذوالحجة والمحرم « فلا تظلموا فيهن أنفسكم فان النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليوا طؤا عدة ما حرم الله » فكانوا يحرمون المحرم عاما ويستحلون صفر ويحرمون صفر عاما ويستحلون المحرام ، أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلاكم آخر الابد ورضي منكم بمحقرات الاعمال ، أيها الناس من كانت عنده وديعة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، أيها الناس إن النساء عند كم عوار لا يملكن لا نفسهن ضرا ولا نفعا ، أخذ تموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمات الله فلكم عليهن حق ولهن عليكم حق ، ومن حقكم عليهن أن لا يوطئين فرشكم ولا يعصينكم في معروف فاذا فعلن ذلك فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، ولا تضربوهن. أيها الناس إني

____________________

(١) كان ابن مسترضعا في بنى سعد فقتله بنو هذيل في الجاهلية. والترديد والوهم من الراوى.

(٢) انما بدأ صلى‌الله‌عليه‌وآله بابطال الربا والدم من أهله واقربائه ليعلم أنه ليس في الدين محاباة.

١٢٠