مرآة العقول - ج ٢٥

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٥

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: السيد جعفر الحسيني
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٢

القرآن على كل حال وعليك برفع يديك في صلاتك وتقليبهما وعليك بالسواك عند كل وضوء وعليك بمحاسن الأخلاق فاركبها ومساوي الأخلاق فاجتنبها فإن لم تفعل فلا تلومن إلا نفسك.

٣٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن المغيرة قال حدثني جعفر بن إبراهيم [ بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الطيار ] ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حسب المرء دينه ومروءته وعقله وشرفه وجماله وكرمه تقواه.

٣٥ ـ عنهم ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة وثعلبة بن ميمون وغالب بن عثمان وهارون بن مسلم ، عن بريد بن معاوية قال كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام في فسطاط له بمنى فنظر إلى زياد الأسود منقلع الرجل

______________________________________________________

والابتهال كما مر في كتاب الدعاء (١) ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وعليك بالسواك عند كل وضوء » يدل ظاهرا على أنه من مستحبات الوضوء.

الحديث الرابع والثلاثون : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « حسب المرء دينه » قال الجوهري (٢) : الحسب : ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه ، ويقال : حسبه دينه ، ويقال : ماله ، انتهى. والحاصل : إن الشرف إنما هو بالدين وكماله ، لا بمفاخر الآباء ، وشرافة الأجداد.

قوله عليه‌السلام : « ومروءته وعقله وشرفه » المروءة مهموزا بضم الميم والراء : الإنسانية مشتق من المرء وقد يخفف بالقلب والإدغام ، أي الإنسانية والعقل إنما يظهران بالتقوى ، والشرف والجمال : أي الحسن ، والكرم : أي الكرامة عند الله إنما تكون بالتقوى ، ويحتمل أن يكون « الواو » في قوله ـ وعقله ـ زيد من النساخ ، وفي بعض النسخ « وعقله » مقدم على قوله « ومروته » فيحتمل أن يكون معطوفا على دينه.

الحديث الخامس والثلاثون : ضعيف.

قوله : « منقطع (٣) الرجلين » أي انقطع بعض أجزائهما عن بعض ، ولعله كان

__________________

(١) لاحظ : ج ١٢ ص ٤١ ـ ٤٣.

(٢) الصحاح : ج ١ ص ١١٠.

(٣) في بعض النسخ ـ كما في المتن ـ « منقلع الرجل ».

١٨١

فرثى له فقال له ما لرجليك هكذا قال جئت على بكر لي نضو فكنت أمشي عنه عامة الطريق فرثى له وقال له عند ذلك زياد إني ألم بالذنوب حتى إذا ظننت أني قد هلكت ذكرت حبكم فرجوت النجاة وتجلى عني فقال أبو جعفر عليه‌السلام وهل الدين إلا الحب قال الله تعالى : « حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ » (١) وقال « إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ » (٢) وقال « يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ » (٣) إن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله أحب المصلين ولا أصلي وأحب الصوامين ولا أصوم فقال له رسول الله أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت وقال ما تبغون وما تريدون أما إنها لو كان فزعة من السماء فزع كل قوم إلى مأمنهم وفزعنا إلى نبينا وفزعتم إلينا.

٣٦ ـ سهل ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة وعبد الله بن بكير ، عن سعيد بن يسار قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول الحمد لله صارت فرقة مرجئة وصارت فرقة

______________________________________________________

متقطع الرجلين بالتاء.

قوله : « فرثا » قال الجوهري (٤) : رثى له : أي رق له ، قوله : « على بكر لي نضو » قال الجوهري (٥) : البكر : الفتى من الإبل ، وقال : النضو بالكسر : البعير المهزول.

قوله : « إني ألم » قال الجوهري (٦) : الإلمام : النزول ، وقد ألم به أي نزل به ، وألم الرجل من اللمم ، وهو صغار الذنوب.

قوله : « وتجلى عني » أي ارتفع وانكشف عني الهم الحاصل بسبب ذلك الظن.

قوله : « ولا أصلي » لعل المراد النوافل.

الحديث السادس والثلاثون : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « مرجئة » الإرجاء : التأخير ، وقد يطلق المرجئة على كل من أخر أمير المؤمنين عليه‌السلام عن مرتبته إلى الرابع ، وقال الجزري (٧) : هم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون ، أنه لا يضر مع الأيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا مرجئة

__________________

(١) سورة الحجرات : ٧.

(٢) سورة آل عمران : ٣١.

(٣) سورة الحشر : ٩.

(٤) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣٥٢.

(٥) نفس المصدر : ج ٢ ص ٥٩٥.

(٦) نفس المصدر : ج ٥ ص ٢٠٣٢.

(٧) النهاية : ج ٢ ص ٢٠٦.

١٨٢

حرورية وصارت فرقة قدرية وسميتم الترابية وشيعة علي أما والله ما هو إلا الله وحده لا شريك له ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآل رسول الله عليهم‌السلام وشيعة آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما الناس إلا هم كان علي عليه‌السلام أفضل الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأولى الناس بالناس حتى قالها ثلاثا.

٣٧ ـ عنه ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن عبد الحميد الواسطي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له أصلحك الله لقد تركنا أسواقنا انتظارا

______________________________________________________

لاعتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخره عنهم ، والمرجئة تهمز ولا تهمز ، وكلاهما بمعنى التأخير.

قوله عليه‌السلام : « حرورية » قال الجزري (١) : الحرورية : طائفة من الخوارج ، نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر ، وهو موضع قريب من الكوفة ، كان أول مجتمعهم ، وتحكيمهم فيها وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم علي كرم الله وجهه.

قوله عليه‌السلام : « قدرية » قد تطلق القدرية على القائلين بقدرة العبد واستقلاله ، وأن لا مدخل لله في أفعال العباد بوجه وهم أكثر المعتزلة ، وقد تطلق على الأشاعرة القائلين بضد ذلك ، وأن أفعال العباد مخلوقة لله ، وتقع بتقديره تعالى بلا مدخلية لقدرة العبد ذلك ، والأول أكثر استعمالا في أخبارنا وهما باطلان ، والواسطة التي هي الأمر بين الأمرين هي الحق وقد مر (٢) تحقيق ذلك في كتاب التوحيد.

قوله عليه‌السلام : « ما هو إلا الله » أي ليس الحق والعارف بالحق إلا الله ، ورسوله والأئمة وشيعتهم.

الحديث السابع والثلاثون : ضعيف.

قوله : « لقد تركنا أسواقنا » كانوا عليهم‌السلام أبهموا الأمر على شيعتهم لصلاحهم ، وعدم يأسهم فكانوا يرجون أن يكون ظهور الإيمان وغلبة الحق ، والخروج بالسيف على يد غير الإمام الثاني عشر ، وكانوا منتظرين لذلك ، ولعله كان ترك الأسواق إما لتهيئهم للحرب ، واشتغالهم بما يورث ممارستهم في ذلك ، أو لقوة رجائهم وتقريبهم هذا الأمر فكانوا تركوا التجارات لظنهم أنهم لا يحتاجون

__________________

(١) النهاية : ج ١ ص ٣٦٦.

(٢) لاحظ : ج ٢ ص ١٩٧.

١٨٣

لهذا الأمر حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده فقال يا [ أبا ] عبد الحميد أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا بلى والله ليجعلن الله له مخرجا رحم الله عبدا أحيا أمرنا قلت أصلحك الله إن هؤلاء المرجئة يقولون ما علينا أن نكون على الذي نحن عليه حتى إذا جاء ما تقولون كنا نحن وأنتم سواء فقال يا عبد الحميد صدقوا من تاب تاب الله عليه ومن أسر نفاقا فلا يرغم الله إلا بأنفه ومن أظهر أمرنا أهرق الله دمه يذبحهم الله على الإسلام كما يذبح القصاب شاته قال قلت فنحن يومئذ والناس فيه سواء قال لا أنتم يومئذ سنام الأرض وحكامها لا يسعنا في ديننا إلا ذلك قلت فإن مت قبل أن أدرك القائم عليه‌السلام قال إن القائل منكم إذا قال إن أدركت قائم آل محمد نصرته كالمقارع معه بسيفه والشهادة معه شهادتان

______________________________________________________

بعد ظهور الحق إلى ذلك ، أو لاهتمامهم بطلب العلم ، وهداية الخلق وعدم اعتنائهم بالتجارة ، رجاء لما ذكر.

قوله عليه‌السلام : « على الله » أي على إطاعة أمر الله أو في طاعته متوكلا عليه ، ويحتمل أن تكون « على » بمعنى اللام ، أي حبس نفسه لله وطاعته.

قوله : « ومن أظهر أمرنا » أي من ترك التقية في هذا الزمان ، وأظهر التشيع عند المخالفين ، يمكنهم الله من قتله مع كونه على الإسلام بتركه أمر الله في التقية ، ويحتمل أن يكون المراد من ادعى الإمامة بغير حق ، وخرج بغير إذن الإمام.

قوله عليه‌السلام : « سنام الأرض » المرتفع من كل شيء والمراد رفعتهم ودولتهم وعزتهم.

قوله عليه‌السلام : « لا يسعنا » أي لا يجوز لنا في ديننا إلا أن نفضلكم بسبق إيمانكم على غيركم.

قوله عليه‌السلام : « كالمقارع معه » قال الجوهري (١) : قرع رأسه بالعصا : ضربه ومقارعة الأبطال : قرع بعضهم بعضا.

قوله عليه‌السلام : « والشهادة معه شهادتان » يحتمل أن يكون المراد أن للتمني

__________________

(١) الصحاح : ج ٣ ص ١٢٦١ و ١٢٦٤. وفي المصدر : « قرعت رأسه بالعصا قرعا مثل فرعت ».

١٨٤

٣٨ ـ عنه ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن الوليد الكندي قال دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام في زمن مروان فقال من أنتم فقلنا من أهل الكوفة فقال ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة إن الله جل ذكره هداكم لأمر جهله الناس وأحببتمونا وأبغضنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس فأحياكم الله محيانا وأماتكم [ الله ] مماتنا فأشهد على أبي أنه كان يقول ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقر الله به عينه وأن يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هذه وأهوى بيده إلى حلقه وقد قال الله عز وجل في كتابه « وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً » (١) فنحن ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٩ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن عديس ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح قال سمعت كلاما يروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن علي عليه‌السلام وعن ابن مسعود فعرضته على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال هذا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعرفه قال

______________________________________________________

ثواب شهادة واحدة ، ولمن أدركها ثواب شهادتين ، وأن يكون المراد أن للتمني ثواب الشهادة معه ، وللشهادة معه ثواب شهادتين ، مع غيره فللمتمني ثواب شهادتين.

الحديث الثامن والثلاثون : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ولا سيما هذه العصابة » لعل المراد بالمحب أعم من الشيعة أي محبنا في الكوفة أكثر من غيرها ، وفضل عدد الشيعة فيها على غيرها أكثر من فضل عدد المحب.

قوله عليه‌السلام : « وأن يغتبط » الاغتباط : السرور وحسن الحال والتبهج بالحال الحسنة.

الحديث التاسع والثلاثون : مجهول ، ورواه الصدوق في أماليه (٢) بسند حسن.

هكذا حدثنا أبي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن أبي الصباح الكناني قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : أخبرني عن هذا القول قول من هو؟ وذكر هذا الخبر مع زيادات ، وقال في آخره : قال : فقال لي الصادق

__________________

(١) سورة الرعد : ٣٨.

(٢) أمالي الصدوق : ص ٤٣٨ « المجلس ٧٤ ».

١٨٥

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره وأكيس الكيس التقى وأحمق الحمق الفجور وشر الروي روي الكذب وشر الأمور محدثاتها وأعمى العمى عمى القلب وشر الندامة ندامة يوم القيامة وأعظم الخطايا عند الله لسان الكذاب وشر الكسب كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم وأحسن الزينة زينة الرجل هدي

______________________________________________________

جعفر بن محمد : « هذا قول رسول الله » ورواه في الفقيه (١) أيضا بسند حسن هكذا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الشقي من شقي في بطن أمه » أي الشقي هو من علم الله أنه يكون في عاقبة أمره شقيا ، وإن كان بحسب ظاهر أحواله في أكثر عمره عند الناس سعيدا ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأكيس الكيس التقي » الظاهر أنهما مصدران ، وإسناد الكيس إلى الكياسة إسناد مجازي ، ويمكن أن يقرأ الكيس بتشديد الياء ، وكذا التقي بتشديد الياء على وزن فعل ، أي أكيس الأكياس المتقي ، والأول أظهر بقرينة الفقرة الثانية.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أعمى العمى » ظاهره بناء اسم التفضيل من العيوب الظاهرة ، وهو خلاف القياس ، وهو يستقيم على غير جهة التفضيل أيضا كما لا يخفى ، وإن بعد ، وأما الأحمق فيصح بناء التفضيل منه ، لأنه من العيوب الباطنة.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وشر الروي روي الكذب » لعله من الروية بمعنى التفكر أو من الرواية ، والروي : الشرب التام كما ذكره الفيروزآبادي (٢) ، أي شر الارتواء الارتواء من الكذب ، وكثرة سماعه ، وفي كتابي الصدوق (٣) وشر الرواية رواية الكذب وهو أظهر ، وفي روايات العامة شر الروايا روايا الكذب ، قال الجزري (٤) : في حديث عبد الله « شر الروايا روايا الكذب » هي جمع روية ، وهو ما يروي الإنسان في نفسه من القول والفعل ، أي يزور ويفكر ، وأصلها الهمزة. يقال : روأت في الأمر وقيل : هي جمع راوية للرجل الكثير الرواية ، والهاء للمبالغة ، وقيل : جمع رواية أي الذين يروون الكذب ، أو تكثر رواياتهم فيه.

قوله : « وشر (٥) الخطايا » الحمل للمبالغة ، وفي الفقيه (٦) : وشر المخطئين ، وهو أظهر ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وشر الكسب كسب الزنا (٧) » وفي الكتابين (٨) « الربا » بالراء المهملة والباء.

__________________

(١ و ٣ و ٦ و ٨) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٢٨٨. وفيه « وأعظم المخطئين ».

(٢) القاموس المحيط. ج ٤ ص ٣٣٧ « ط مصر ».

١٨٦

حسن مع إيمان وأملك أمره به وقوام خواتيمه ومن يتبع السمعة يسمع الله به

______________________________________________________

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وأحسن الزينة زينة الرجل » إلى آخره قوله : زينة الرجل بدل أو عطف بيان للزينة ، والهدى السيرة والطريقة ، وقوله : « وأملك أمره به » معطوف على أحسن الزينة أي الهدى الحسن أملك الأمور له فيفكه عن أسر الشرور ، والشهوات ، وهو سبب لقوام خواتيم أموره وصلاحها ، ويحتمل أن يكون الواو في قوله : « وقوام » زيدت من النساخ ، وفي الكتابين (١) « أحسن زينة الرجل السكينة مع الإيمان ومن يتبع السمعة يسمع إلى آخره ».

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ومن يتبع السمعة يسمع الله به » في أكثر نسخ الفقيه ومن يتبع الشمعة يشمع الله به ، وفي الأمالي كما هنا ، قال الجزري (٢) : فيه « من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه » وفي رواية أسامع خلقه ، يقال : سمعت بالرجل تسميعا وتسمعة إذا شهرته ، ونددت به وسامع : اسم فاعل من سمع وأسامع : جمع أسمع ، وأسمع : جمع قلة لسمع ، وسمع فلان بعمله إذ أظهره ليسمع ، فمن رواه سامع خلقه بالرفع جعله من صفة الله تعالى أي سمع الله الذي هو سامع خلقه به الناس ، ومن رواه أسامع أراد أن الله تعالى يسمع به أسامع خلقه يوم القيمة ، وقيل : أراد من سمع الناس بعمله ، سمعه الله وأراه ثوابه من غير أن يعطيه ، وقيل : من أراد بعمله الناس أسمعه الله تعالى الناس ، وكان ذلك ثوابه.

وقيل : أراد أن من يفعل فعلا صالحا في السر ثم يظهره ليسمعه الناس ، ويحمد عليه فإن الله تعالى يسمع به ، ويظهر إلى الناس غرضه ، وأن عمله لم يكن خالصا ، وقيل : يريد من نسب إلى نفسه عملا صالحا لم يفعله ، وادعى خيرا لم يصنعه ، فإن الله تعالى يفضحه ويظهر كذبه ، وقال الطيبي : ومن نصب سامع يريد سمع الله به من كان له سمع من خلقه. وقال في النهاية (٣) فيه « من يتبع المشمعة يشمع الله به » المشمعة : المزاح والضحك ، أراد من استهزأ بالناس أصاره الله تعالى إلى حالة يعبث به ، ويستهزأ منه فيها. وقال الجوهري : المشمعة اللعب والمزاح ، وقد شمع يشمع

__________________

(١) الفقيه : ج ٤ ص ٢٨٨. وأمالي الصدوق : ص ٤٣٨ « المجلس ٧٤ ».

(٢) النهاية : ج ٢ ص ٤٠٢.

(٣) النهاية : ج ٢ ص ٥٠١ باختلاف يسير وتلخيص.

١٨٧

الكذبة ومن يتول الدنيا يعجز عنها ومن يعرف البلاء يصبر عليه ومن لا يعرفه ينكل والريب كفر ومن يستكبر يضعه الله ومن يطع الشيطان يعص الله ومن يعص الله يعذبه الله ومن يشكر يزيده الله ومن يصبر على الرزية يعنه الله ومن يتوكل على الله فحسبه الله لا تسخطوا الله برضا أحد من خلقه ولا تقربوا إلى أحد من الخلق تتباعدوا من الله فإن الله عز وجل ليس بينه وبين أحد من الخلق شيء يعطيه به خيرا ولا يدفع به عنه شرا إلا بطاعته واتباع مرضاته وإن طاعة الله نجاح من كل خير يبتغى ونجاة من كل شر يتقى وإن الله عز ذكره يعصم من أطاعه ولا يعتصم به من عصاه ولا يجد الهارب

______________________________________________________

شمعا وشموعا ومشمعة وفي الحديث « من تتبع المشمعة » أي من عبث بالناس أصاره الله إلى حالة يعبث به فيها.

أقول : لا يخفى عليك توجيه النسختين بعد ما نقلنا. قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ومن يتولى الدنيا يعجز عنها » أي لا يمكن لأحد تحصيل ما هو مطلوبه من الدنيا.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ومن يعرف البلاء » أي فوائده ومنافعه وفضله وثوابه ، وفي الكتابين « من لا يعرفه ينكره » والإنكار ضد المعرفة ، أي لا يرضى به ويعده منكرا غير معروف ، وفي نسخ الكتاب « ينكل » والنكول الجبن والامتناع.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « والريب كفر » أي الارتياب في أصول الدين وترك اليقين فيها كفر كالجحود والإنكار.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يزيد الله » فعلى الأول كلمة « من » موصولة وعلى الثاني شرطية.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يعنه الله » في الأمالي يغيثه الله ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تتباعدوا من الله » أي لا تتقربوا إلى الخلق بمعصية الله فيصير سببا للبعد عن قربه ورحمته وفي الكتابين يتباعد من الله وهو أظهر.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ليس بينه وبين أحد من الخلق شيء » أي عهد وسبب ووسيلة.

قوله : « نجاح من كل خير » كلمة « من » ليست في الكتابين ، ولعلها زيدت من النساخ ولا يخفى توجيهها.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ولا يعتصم به » وفي الكتابين « ولا يعتصم منه » وهو الأصوب

١٨٨

من الله عز وجل مهربا وإن أمر الله نازل ولو كره الخلائق وكل ما هو آت قريب ـ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

٤٠ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبان ، عن يعقوب بن شعيب أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً » فقال كان الناس قبل نوح أمة ضلال فبدا لله فبعث المرسلين وليس كما يقولون لم يزل وكذبوا يفرق الله في ليلة القدر ما كان من شدة أو رخاء أو مطر بقدر ما يشاء الله عز وجل أن يقدر إلى مثلها من قابل.

( حديث البحر مع الشمس )

٤١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن معروف بن خربوذ ، عن الحكم بن المستورد ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال إن من

______________________________________________________

أي لا يتأنى من عصاه أن يعصم ويحفظ نفسه عن عذاب الله بغيره ، وعلى ما في الكتاب لعل المراد أن العاصي قد قطع سبب العصمة بينه وبين الله فلا يعصمه الله من الشرور في الدنيا والآخرة.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وكلما هو آت » أي من الموت والعذاب وسائر ما قدره الله تعالى.

الحديث الأربعون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « وليس كما يقولون لم يزل » أي ليس الأمر كما يقولون إن الله تعالى قدر الأمور في الأزل ، وقد فرغ منها ، فلا يتغير تقديراته تعالى ، بل لله البداء فيما كتب في لوح المحو والإثبات ، كما قال « يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » (٢) وقد مضى تحقيق ذلك في كتاب التوحيد (٣).

الحديث الحادي والأربعون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إن من الأقوات » أي أسبابها ، وفي الفقيه (٤) « الآيات » وهو أظهر.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢١٣.

(٢) سورة الرعد : ٣٩.

(٣) تقدم : ج ٢ ص ١٢١ ـ ١٣٦.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣٤٠ ح ١ « ط الآخوندي ».

١٨٩

الأقوات التي قدرها الله للناس مما يحتاجون إليه البحر الذي خلقه الله عز وجل بين السماء والأرض قال وإن الله قد قدر فيها مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب وقدر ذلك كله على الفلك ثم وكل بالفلك ملكا ومعه سبعون ألف ملك فهم يديرون الفلك فإذا أداروه دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه فنزلت في منازلها التي قدرها الله عز وجل فيها ليومها وليلتها فإذا كثرت ذنوب العباد وأراد الله تبارك وتعالى أن يستعتبهم بآية من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذي عليه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب فيأمر الملك أولئك السبعين ألف ملك أن يزيلوه عن مجاريه قال فيزيلونه فتصير الشمس في ذلك البحر الذي يجري في الفلك قال : فيطمس ضوؤها ويتغير لونها فإذا أراد الله عز وجل أن يعظم الآية طمست الشمس في البحر على ما يحب الله أن يخوف خلقه بالآية قال وذلك عند انكساف الشمس قال وكذلك يفعل بالقمر قال فإذا أراد الله أن يجليها أو يردها إلى مجراها أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الفلك إلى مجراه فيرد الفلك فترجع الشمس إلى مجراها قال فتخرج من الماء وهي كدرة قال والقمر مثل ذلك قال ثم قال علي بن الحسين عليه‌السلام أما إنه

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « قدر فيها » أي عليها ومحاذيا لها ، أو جعلها بحيث يمكن أن تجري الكواكب فيها عند الحاجة.

قوله عليه‌السلام : « وقدر ذلك كله » أي الحركات.

قوله عليه‌السلام : « أن يستعتبهم » لعله مأخوذ من العتب ، بمعنى الوجدة والغضب أي يظهر عليهم غضبه ، ولكن الاستعتاب في اللغة بمعنى الرضا ، وطلب الرضا وكلاهما غير مناسبين في المقام.

قوله عليه‌السلام : « طمست الشمس » أي كلها أو أكثرها بحسب ما يراه في تأديبهم من المصلحة.

قوله عليه‌السلام : « وهي كدرة » أي بعد ما كانت كدرة أو تبقى فيها كدورة قليلة بعد الخروج أيضا في زمان قليل.

١٩٠

لا يفزع لهما ولا يرهب بهاتين الآيتين إلا من كان من شيعتنا فإذا كان كذلك فافزعوا إلى الله عز وجل ثم ارجعوا إليه.

٤٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن سليمان ، عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي ، عن أبيه قال شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ما ألقى من أهل بيتي من

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « إلا من كان من شيعتنا » لإيمانهم بهذا وإلا فأكثر الخلق يسندونهما إلى حركات الأفلاك فلا يرهبون لهما.

أقول : التسليم في أمثال هذا الخبر من صعاب الأخبار علامة المؤمنين التابعين للأئمة الأبرار إذ نفيها إنما يكون للاعتماد على أفواههم القاصرة وعقولهم الناقصة أو لتقليد جمع من ملحدة الفلاسفة في عدم تجويز الخرق والالتئام على الفلك ، وعدم الاختلاف في حركات الأفلاك ، وعدم تجويز الحركة المستقيمة عليها وأمثالها ، ولم يثبتوها إلا بشبهات واهية ، وخرافات فاسدة ، والتشبث بتلك الأصول يستلزم إنكار كثير من الآيات والأخبار ، وردها فإن الآيات الكثيرة ناطقة بقطع حركات الأفلاك وطيها وخرقها ، وانكساف الشمس والقمر في جميع يوم القيامة ووقوفها عن الحركة ، وأما استبعاد الوهم مما حصل لهم بالتجربة من كون الانكساف عند حيلولة القمر والانخساف عند حيلولة الأرض فلا ينافي أن يكون وقوعها في ذلك البحر عند هاتين الحالتين ، على أنه يمكن أن يجمع بينهما بوجه آخر ذكره الصدوق « ره » في الفقيه (١) ، حيث قال : إن الذي يخبر به المنجمون من الكسوف فيتفق على ما يذكرونه ليس من هذا الكسوف في شيء ، وإنما يجب الفزع فيه إلى المساجد والصلاة لأنه آية تشبه آيات الساعة. انتهى. ويؤيد كلامه ما روي (٢) من الكسوف والخسوف في يوم عاشوراء وليلتها ، وورد أيضا في الأخبار (٣) أن من علامات قيام القائم عليه‌السلام كسوف وخسوف في غير زمانهما ، وعند ذلك يختل ، وينقطع حساب المنجمين والله يعلم.

الحديث الثاني والأربعون : ضعيف.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣٤١. باختلاف يسير.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٢٠٥ ح ٦ ب ٤٠.

(٣) نفس المصدر : ج ٥٢ ص ٢٠٧ ح ٤١.

١٩١

استخفافهم بالدين فقال يا إسماعيل لا تنكر ذلك من أهل بيتك فإن الله تبارك وتعالى جعل لكل أهل بيت حجة يحتج بها على أهل بيته في القيامة فيقال لهم ألم تروا فلانا فيكم ألم تروا هديه فيكم ألم تروا صلاته فيكم ألم تروا دينه فهلا اقتديتم به فيكون حجة عليهم في القيامة.

٤٣ ـ عنه ، عن أبيه ، عن محمد بن عثيم النخاس ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الرجل منكم ليكون في المحلة فيحتج الله عز وجل يوم القيامة على جيرانه [ به ] فيقال لهم ألم يكن فلان بينكم ألم تسمعوا كلامه ألم تسمعوا بكاءه في الليل فيكون حجة الله عليهم.

٤٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي مريم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : « وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ » (١) قال كان طير ساف جاءهم من قبل

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « لا تنكر ذلك » أي لا تتعرض لهم بما يوجب استخفافهم بك وإهانتهم إياك ، فإن كونك فيهم ومشاهدتهم أطوارك حجة عليهم ، أو المراد لا تسأم ولا تضجر من دعوتهم ، فإنك في القيامة حجة عليهم ، فيكون ذلك تسلية له وتحريصا على هدايته لهم ، أو المراد محض التسلية ورفع الاستبعاد من وقوعه بينهم ، وابتلائه بهم ، وبيان أن الحكمة في ذلك كونه حجة عليهم ، والأول أظهر.

الحديث الثالث والأربعون : مجهول « وعيثم » في بعض النسخ بتقديم الثاء المثلثة على الياء كما في كتب الرجال ، وفي بعضها بتأخيرها ، وعلى التقديرين هو مجهول الحال.

الحديث الرابع والأربعون : صحيح.

قوله تعالى : « طَيْراً أَبابِيلَ » قال البيضاوي (٢) : أبابيل : أي جماعات جمع إبالة ، وهي الحزمة الكبيرة شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها وقيل : لا واحد لها كعباديد ، وشماطيط « تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ » وقرأ بالياء على تذكير الطير ، لأنه اسم جمع أو إسناده إلى ضمير ربك « مِنْ سِجِّيلٍ » من طين متحجر معرب ( سنگ كل )

__________________

(١) سورة الفيل : ٤.

(٢) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٥٧٦. « ط مصر ١٣٨٨ ».

١٩٢

البحر رءوسها كأمثال رءوس السباع وأظفارها كأظفار السباع من الطير مع كل طائر ثلاثة أحجار في رجليه حجران وفي منقاره حجر فجعلت ترميهم بها حتى جدرت أجسادهم فقتلهم بها وما كان قبل ذلك رئي شيء من الجدري ولا رأوا ذلك من الطير قبل ذلك اليوم ولا بعده قال ومن أفلت منهم يومئذ انطلق حتى إذا بلغوا حضرموت وهو واد دون اليمن أرسل الله عليهم سيلا فغرقهم أجمعين قال وما رئي في ذلك الوادي ماء قط قبل ذلك اليوم بخمس عشرة سنة قال فلذلك سمي حضرموت حين ماتوا فيه

______________________________________________________

وقيل : من السجل ، وهو الدلو الكبير أو الإسجال ، وهو الإرسال ، أو من السجل ، ومعناه من جملة العذاب المكتوب المدون.

قوله عليه‌السلام : « كان طير ساف » بتشديد الفاء من المضاعف أو بتخفيفها من المعتل قال الجزري (١) : أسف الطائر إذا دنا من الأرض ، وقال الجوهري (٢) : سفا يسفو سفوا أسرع في المشي ، وفي الطيران. قوله : « كأمثال رؤوس السباع » أي من الطير بقرينة ذكر المنقار.

قوله عليه‌السلام : « حتى جدرت أجسادهم » قال الفيروزآبادي (٣) : الجدر : خروج الجدري بضم الجيم وفتحها القروح في البدن تنفط وتقيح ، وقد جدر وحدر كعني ويشدد وهو مجدور ومجدر.

أقول : ظاهر الخبر أنها ضربت على كل رجل أحجارا كثيرة حتى جدرت أجسادهم وظاهر غيره من الأخبار والتواريخ إنما ضربت على كل رجل حصاة واحدة ماتوا بها ، ويمكن أن يكون تجدر أجسادهم من حصاة واحدة تصيبهم من حر تحدثه في أجسادهم.

قوله عليه‌السلام : « فلذلك » سمي حضرموت أي لأنه حضر موتهم في ذلك الوادي.

قال الفيروزآبادي (٤) : حضر موت وتضم الميم ، بلد وقبيلة : ويقال : هذا حضر موت ويضاف فيقال حضر موت بضم الراء ، وإن شئت لا تنون الثاني.

__________________

(١) النهاية : ج ٢ ص ٣٧٥.

(٢) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣٧٨.

(٣) القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٨٧.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ١٠.

١٩٣

٤٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن عبد الله بن بكير وثعلبة بن ميمون وعلي بن عقبة ، عن زرارة ، عن عبد الملك قال وقع بين أبي جعفر وبين ولد الحسن عليه‌السلام كلام فبلغني ذلك فدخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فذهبت أتكلم فقال لي مه لا تدخل فيما بيننا فإنما مثلنا ومثل بني عمنا كمثل رجل كان في بني إسرائيل كانت له ابنتان فزوج إحداهما من رجل زراع وزوج الأخرى من رجل فخار ثم زارهما فبدأ بامرأة الزراع فقال لها كيف حالكم فقالت قد زرع زوجي زرعا كثيرا فإن أرسل الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا ثم مضى إلى امرأة الفخار فقال لها كيف حالكم فقالت قد عمل زوجي فخارا كثيرا فإن أمسك الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا فانصرف وهو يقول اللهم أنت لهما وكذلك نحن.

٤٦ ـ محمد ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن ذريح قال سمعت

______________________________________________________

الحديث الخامس والأربعون : حسن أو موثق.

قوله : « فإن أرسل الله السماء » قال الجوهري (١) : السماء : المطر قال الشاعر :

إذا سقط السماء بأرض قوم

رعيناه وإن كانوا غضابا

قوله عليه‌السلام : « وقد عمل زوجي فخارا » الفخار في الأول بمعنى عامل الخزف وهنا بمعنى الخزف. قال الفيروزآبادي (٢) : الفخارة كجبانة : الجرة : والجمع الفخار أو هو الخزف.

قوله : « أنت لهما » أي المقدر لهما تختار لكل منهما ما يصلحهما ، ولا أشفع لأحدهما لأنك أعلم بصلاحهما ، ولا أرجح أحدهما على الآخر.

قوله عليه‌السلام : « وكذلك نحن » أي ليس لكم أن تحاكموا بيننا لأن الخصمين كليهما من أولاد الرسول ، ويلزمكما احترامهما لذلك ، فليس لكم أن تدخلوا بينهم فيما فيه يختصمون كما أن ذلك الرجل لم يرجح جانب أحد صهريه ووكل أمرهما إلى الله تعالى.

الحديث السادس والأربعون : صحيح.

__________________

(١) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣٨٢.

(٢) القاموس المحيط : ج ٢ ص ١٠٨.

١٩٤

أبا عبد الله عليه‌السلام يعوذ بعض ولده ويقول عزمت عليك يا ريح ويا وجع كائنا ما كنت بالعزيمة التي عزم بها علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه‌السلام رسول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

______________________________________________________

قوله : « عزمت عليك » قال الجوهري (١) : ويقال : أيضا عزمت عليك بمعنى أقسمت عليك.

قوله عليه‌السلام : « كائن ما كنت » لعله خبر مبتدإ محذوف ، والجملة حال والظاهر كائنا كما في بعض النسخ.

قوله عليه‌السلام : « على جن وادي الصبرة » لعل هذا إشارة إلى ما رواه الشيخ المفيد في إرشاده (٢) بإسناده عن ابن عباس قال : لما أخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بني المصطلق جنب عن الطريق فأدركه الليل ونزل بقرب واد وعر فلما كان في آخر الليل هبط جبرئيل عليه يخبره أن طائفة من كفار الجن قد استبطنوا الوادي ، يريدون كيده عليه‌السلام وإيقاع الشر بأصحابه عند سلوكهم إياه ، فدعا أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له : اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجن من يريدك ، فادفعه بالقوة التي أعطاك الله وتحصن منهم بأسماء الله عز وجل التي خصك بعلمها ، وأنفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس ، وقال لهم : كونوا معه وامتثلوا أمره ، فتوجه أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى الوادي فلما قرب من شفيره أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ، ولا يحدثوا شيئا حتى يؤذن لهم ثم تقدم ، فوقف على شفير الوادي وتعوذ بالله من أعدائه ، وسمى الله عز اسمه ، وأومأ إلى القوم الذين تبعوه أن يتقربوا منه فقربوا وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة ، ثم رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد أن تقع (٣) القوم على وجوههم لشدتها ، ولم تثبت أقدامهم على الأرض من هول الخصم ، ومن هول ما لحقهم فصاح أمير المؤمنين عليه‌السلام أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، وصي رسول الله وابن عمه اثبتوا إن شئتم فظهر للقوم أشخاص على صور الزط يخيل في أيديهم شعل النيران ، قد اطمأنوا وأطافوا بجنبات الوادي ، فتوغل

__________________

(١) الصحاح : ج ٥ ص ١٩٨٥.

(٢) الإرشاد : ص ١٨١. وص ١٦٠ « ط الآخوندى » باختلاف يسير. « رواه في البحار ج ٦٣ ص ٨٦ ».

(٣) في المصدر : كاد القوم يقعون على وجوههم لشدّتها.

١٩٥

على جن وادي الصبرة فأجابوا وأطاعوا لما أجبت وأطعت وخرجت عن ابني فلان ابن ابنتي فلانة الساعة الساعة.

٤٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يتفقد يفقد ومن لا يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز ومن قرض الناس قرضوه ومن تركهم لم يتركوه قيل :

______________________________________________________

أمير المؤمنين عليه‌السلام بطن الوادي ، وهو يتلو القرآن ويومئ بسيفه يمينا وشمالا فما لبثت الأشخاص حتى صارت كالدخان الأسود ، وكبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثم صعد من حيث هبط ، فقام مع القوم الذين اتبعوه حتى أسفر الموضع عما اعتراه ، فقال له أصحاب رسول الله : ما لقيت يا أبا الحسن فلقد كدنا أن نهلك خوفا وأشفقنا عليك مما لحقنا فقال عليه‌السلام لهم : إنه لما تراءى إلى العدو جهرت فيهم بأسماء الله فتضاءلوا وعلمت ما حل بهم من الجزع. فتوغلت الوادي غير خائف منهم ولو بقوا على هيئاتهم لأتيت على آخرهم ، وقد كفى الله كيدهم وكفى المؤمنين شرهم ، وسيسبقني بقيتهم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يؤمنون به ، وانصرف أمير المؤمنين عليه‌السلام بمن معه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره الخبر فسري عنه ، ودعا له بخير ، وقال له : قد سبقك يا علي من أخافه الله بك وأسلم وقبلت إسلامه ، ثم ارتحل بجماعة المسلمين ، حتى قطعوا الوادي آمنين غير خائفين ، وهذا الحديث قد روته العامة كما روته الخاصة ، ولم يتناكروا شيئا انتهى.

الحديث السابع والأربعون : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من يتفقد يفقد » قال الجزري (١) : حديث أبي الدرداء « من يتفقد يفقد » أي من يتفقد أحوال الناس ويتعرفها فإنه لا يجد ما يرضيه لأن الخير في الناس قليل انتهى. ويحتمل أن يكون المراد تفقد موضع الصديق قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ومن قرض الناس قرضوه » قال الفيروزآبادي : قرضه يقرضه : قطعه ، وجازاه كقارضة (٢) وقال الجزري : ومنه حديث أبي الدرداء « إن قارضت الناس قارضوك » أي إن

__________________

(١) النهاية : ج ٣ ص ٤٦٢.

(٢) القاموس : ج ٣ ص ٣٤١.

١٩٦

فأصنع ما ذا يا رسول الله قال أقرضهم من عرضك ليوم فقرك.

٤٨ ـ عنه ، عن أحمد ، عن البرقي ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان قال بينا موسى بن عيسى في داره التي في المسعى يشرف على المسعى إذ رأى أبا الحسن موسى عليه‌السلام مقبلا من المروة على بغلة فأمر ابن هياج رجلا من همدان منقطعا إليه أن يتعلق بلجامه ويدعي البغلة فأتاه فتعلق باللجام وادعى البغلة فثنى أبو الحسن عليه‌السلام رجله فنزل عنها وقال لغلمانه خذوا سرجها وادفعوها إليه فقال والسرج أيضا لي فقال أبو الحسن عليه‌السلام كذبت عندنا البينة بأنه سرج محمد بن علي وأما البغلة فإنا اشتريناها منذ قريب وأنت أعلم وما قلت.

٤٩ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن مرازم ، عن أبيه قال خرجنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام حيث خرج من عند أبي جعفر المنصور من الحيرة فخرج ساعة أذن له و

______________________________________________________

ساببتهم ونلت منهم سبوك ونالوا منك ، ومنه حديثه الآخر « أقرض من عرضك ليوم فقرك » أي إذا نال أحد من عرضك فلا تجازه ولكن اجعله قرضا في ذمته لتأخذه منه يوم حاجتك إليه أي يوم القيامة (١).

الحديث الثامن والأربعون : صحيح.

قوله : « منقطعا إليه » أي إلى هذا الموالي الشقي.

قوله : « ويدعى البغلة » أي كذبا وافتراء لإيذائه عليه‌السلام قوله : « فثنى » الثني : العطف والميل.

قوله عليه‌السلام : « وأما البغلة » إلخ لعله عليه‌السلام معلم البغلة مع علمه عليه‌السلام بكذب المدعي إما صونا لعرضه عن الترافع إلى الوالي أو دفعا لليمين ، أو تعليما ليتأسى به الناس فيما لم يعلموا كذب المدعي احتياطا واستحبابا.

الحديث التاسع والأربعون : صحيح.

قوله : « من الحيرة » هي بلدة كانت بقرب الكوفة ، قوله : « وانتهى إلى السالحين » رجل سالح : معه سلاح.

__________________

(١) النهاية : ج ٤ ص ٤١.

١٩٧

انتهى إلى السالحين في أول الليل فعرض له عاشر كان يكون في السالحين في أول الليل فقال له لا أدعك أن تجوز فألح عليه وطلب إليه فأبى إباء وأنا ومصادف معه فقال له مصادف جعلت فداك إنما هذا كلب قد آذاك وأخاف أن يردك وما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر وأنا ومرازم أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر فقال كف يا مصادف فلم يزل يطلب إليه حتى ذهب من الليل أكثره فأذن له فمضى فقال يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه قلت هذا جعلت فداك فقال إن الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير.

٥٠ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن حفص بن أبي عائشة قال بعث أبو عبد الله عليه‌السلام غلاما له في حاجة فأبطأ فخرج أبو عبد الله عليه‌السلام على أثره لما أبطأ عليه فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له أبو عبد الله عليه‌السلام يا فلان والله ما ذاك لك تنام الليل والنهار لك الليل ولنا منك النهار.

٥١ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن حسان ، عن أبي علي

______________________________________________________

قوله : « في السالحين أول الليل » (١) أي الذين يدورون في أول الليل من أهل السلاح ، كذا قيل. والأصوب أن السالحين في الموضعين اسم موضع ، قال في المغرب (٢) : السالحون : موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب ، وأما السلحون (٣) فهي مدينة باليمن. وقول الجوهري ـ سيلحون قرية ، والعامة تقول سالحون ـ فيه نظر.

قوله : « وما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر » أي إن ردوك إلى الخليفة الفاسق في هذا الوقت لا ندري ما يصنع بك ، وأنا ومرازم معك ونقوى على دفعه.

الحديث الخمسون : مجهول.

ويدل على أن الليل حق للمماليك ، ينبغي أن لا يتعرض لهم فيه. والنهار حق الموالي لا يجوز لهم ترك خدمتهم فيه.

الحديث الحادي والخمسون : مجهول.

__________________

(١) في المتن : « فى السالحين في أوّل الليل ».

(٢) المغرب للمطرزي : ص ٢٣١ « ط بيروت ».

(٣) في المصدر : بالياء [ السيلحون ].

١٩٨

قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لا تذكروا سرنا بخلاف علانيتنا ولا علانيتنا بخلاف سرنا حسبكم أن تقولوا ما نقول وتصمتوا عما نصمت إنكم قد رأيتم أن الله عز وجل لم يجعل لأحد من الناس في خلافنا خيرا إن الله عز وجل يقول « فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » (١).

( حديث الطبيب )

٥٢ ـ محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال موسى عليه‌السلام يا رب من أين الداء قال مني قال فالشفاء قال مني قال فما يصنع عبادك بالمعالج قال يطيب بأنفسهم فيومئذ سمي المعالج الطبيب.

______________________________________________________

قوله : « لا تذكروا سرنا » أي لا تذكروا من أحوالنا عند الناس ما نخفيه عنهم ، إما تقية وإما لعدم احتمالهم ذلك لضعف عقولهم ، أو لا تغلوا فينا ولا تثبتوا لنا ما يأبى عنه ظواهر أحوالنا كالربوبية.

حديث الطبيب

الحديث الثاني والخمسون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يطيب بأنفسهم » في بعض النسخ بالباء الموحدة وفي بعضها بالياء المثناة من تحت ، قال الفيروزآبادي : طب : تأنى للأمور وتلطف (٢) أي إنما سموا بالطبيب لرفع الهم عن نفوس المرضى بالرفق ولطف التدبير ، وليس شفاء الإبداء منهم ، وأما على الثاني فليس المراد أن مبدأ اشتقاق الطبيب الطيب والتطييب. فإن أحدهما من المضاعف ، والآخر من المعتل بل المراد أن تسميتهم بالطبيب ليست بسبب تداوي الأبدان عن الأمراض ، بل لتداوي النفوس عن الهموم والأحزان فتطيب بذلك ، قال الفيروزآبادي (٣) : الطب مثلثة الطاء : علاج الجسم والنفس انتهى على أنه يمكن أن يكون هذا مبينا على الاشتقاق الكبير.

__________________

(١) النور : ٦٣.

(٢) القاموس المحيط : ج ١ ص ٩٧ وفي المصدر : « ومن أحبّ طبّ ... ».

(٣) نفس المصدر : ج ١ ص ٩٦.

١٩٩

٥٣ ـ عنه ، عن أحمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي أيوب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما من داء إلا وهو سارع إلى الجسد ـ ينتظر متى يؤمر به فيأخذه وفي رواية أخرى إلا الحمى فإنها ترد ورودا.

٥٤ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن داود بن زربي قال مرضت بالمدينة مرضا شديدا فبلغ ذلك أبا عبد الله عليه‌السلام فكتب إلي قد بلغني علتك فاشتر صاعا من بر ثم استلق على قفاك وانثره على صدرك كيفما انتثر وقل اللهم إني أسألك باسمك الذي إذا سألك به المضطر كشفت ما به من ضر ومكنت له في الأرض وجعلته خليفتك على خلقك أن تصلي على محمد وعلى أهل بيته

______________________________________________________

الحديث الثالث والخمسون : موثق.

قوله عليه‌السلام : « إلا وهو شارع (١) إلى الجسد » أي له طريق إليه من قولهم شرعت الباب إلى الطريق أي أنفذته إليه ، ولعل المراد أن غالب الأدواء لها مادة في الجسد تشتد ذلك حتى ترد عليه بإذن الله بخلاف الحمى ، فإنها قد ترد بغير مادة بل بالأسباب الخارجة كورود هواء بارد أو حار عليه مثلا.

الحديث الرابع والخمسون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فاشتر » لعل الأمر به لعلمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنه ليس مالكا له ، والأولى أن يشتري هذا المقدار عند إرادة ذلك ، وإن كان حاضرا عنده ، قوله : « وانثره على صدرك » يدل على أنه يلزم أن يتولى ذلك بنفسه.

قوله عليه‌السلام : « إذا سألك به المضطر » إشارة إلى قوله تعالى : « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ » (٢) بأن ورثهم سكناها والتصرف فيها ممن قبلهم ، وإما جعلهم خلفاء على الخلق كما ورد في الدعاء ، فلعله من حيث أن لكل إنسان خلافة على أهله ، وما ملكه الله ، وعلى أعضائه وجوارحه وقواه ، وروى علي بن إبراهيم (٣) عن أبيه عن الحسن بن علي بن فضال عن صالح بن

__________________

(١) في المتن [ سارع ].

(٢) سورة النمل : ٦٢.

(٣) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ١٢٩.

٢٠٠