كيف نفهم الرّسالة العمليّة - ج ١

محمد مهدي المؤمن

كيف نفهم الرّسالة العمليّة - ج ١

المؤلف:

محمد مهدي المؤمن


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: عترت
الطبعة: ١
ISBN: 964-7777-28-0
الصفحات: ١٦٨
  الجزء ١   الجزء ٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشعل هداية حيّاً وميّتاً ، فالمؤمن لا يعبد سوي الله ـ تبارك وتعالى ـ ، ولا يتوسّل بمن نهىٰ الله ـ تعالى ـ عن التّوسُّل به ، وإنّما يتوسّل بأولياء الله ـ تعالى ـ المقرَّبين منه والمقرِّبين إليه حقيقةً ويجعلهم شفعاء ووسائط بينه وبين الله ـ تعالى ـ ، وهو مطلوب لأنّه لا يرى لهم تأثيراً مستقلاً عن إرادة الله ـ تعالى ـ ، بل إرادتهم تابعة لإرادته وإذنه ـ تعالى ـ ، ولهذا فكلّ ما يتّهمنا به الأعداء زور وبهتان ، إذ أولياؤه ـ تعالى ـ يشفعون بعد مماتهم كما يشفعون في حياتهم ولا فرق بينهم في الحياة وبعد الممات ، وهم ينفعون إن شاءالله ـ تعالى ـ أحياءً وأمواتاً : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٤) ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « من زارني بعد مماتي كمن زارني في حياتي » (٥) ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من حجّ أو اعتمر ولم يزرني فقد جفاني » (٦) ، و « من زارني ميّتاً كمن زارني حيّاً » (٧) ، ومن ثمرات زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّاً أن

__________________

(٣) سورة الشورى : ٥٢.

(٤) سورة آل عمران : ١٦٩.

(٥) كامل الزيارات : ص ٤٥ ، بحار الأنوار ج ٩٧ / ١٤٣ ح ٢٧.

(٦) فقه الرضا : ص ٢٣١ ، بحار الأنوار ج ٩٦ / ٣٧٢ ضمن ح ٥ ، كنز العمال ج ٥ / ١٣٥ ح ١٢٣٦٩.

(٧) مستدرك الوسائل ج ١٠ / ١٨٥ ح ١ ، بحار الأنوار ج ٩٦ / ٣٣٤ ح ٤

٨١

يأتيه المسلم مستغفراً تائباً الى الله ـ تعالى ـ بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومستشفعاً إيّاه « يا شفيعاً عند الله إشفع لنا عند الله » (١)  ، ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ... جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) (٢) ، ( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ) (٣) ، ( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) (٤) وهذه الشّفاعة وهذا الرّضا غير مختصّين بدار الدّنيا وحياة الشفيع ، ولا هما مختصّين بالآخرة ويوم القيامة بل هم شفعاء في الدّنيا والآخرة ، وفي حياتهم ومماتهم وكلّ ما نسب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلاف ذلك فهو افتراء عليه وزور وبهتان على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم حاجة الامّة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تنقطع في شتّي مجالات الدّين والدّنيا ، فكما كنّا نحتاج إليه في حياته فإنّا نحتاج إليه بعد مماته ، وإذا كانت حاجتنا إليه موجودة فالتأثير من جهته موجود قطعاً ، وكلّ ما يصرف وجه الامّة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته فهو يصرف وجه الامّة عن الله ـ تعالى ـ وهو ضلال مبين ، وهذا ممّا

__________________

وج ٩٧ / ١٥٩ ح ٤٠.

(١) بحار الأنوار ج ٩٩ / ٢٤٧ و ٢٤٨.

(٢) سورة النساء : ٦٤.

(٣) سورة يوسف : ٩٧ ـ ٩٨.

(٤) سورة الأنبياء : ٢٨.

٨٢

يصرف وجه الامّة عن رسولها الكريم ، وهو من صنع أئمّة الضّلال وحكّام الجور.

ثمّ أليست الاُمة مطبقة على جواز طلب الشّفاعة من الحيّ ، والتوسّل بالأحياء ؟! وألم يجيزوا الاستشفاع والتوسّل ببعض الصّحابة والأولياء في حياتهم ؟! فأسألكم بالله هل هناك حيٌّ أعظم شأناً من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد مماته ؟! وأنّى لصحابّي أو وليٍّ من الأولياء أن يكون مؤثّراً وشفيعاً في حياته مع زعم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ينفع ولا يشفع بعد مماته ، وإذا كان الأمر متعلّقاً بمقام الشفيع ومنزلته عند الله ـ تعالى ـ فهل هناك من الأحياء فضلاً عن الأموات من يداني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حياته وبعد مماته حتى تجوز له الشّفاعة في الدّنيا ولا تجوز لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟! ( فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) ، وإذا كان طلب المطر من العبّاس عمّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جائزاً وكما في صحاح العامّة والجماعة ، فطلب المطر وغيره من النّبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد مماته جائز بطريق أولى ، وإذا جاز التوسّل وطلب الشّفاعة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد مماته ، جاز ذلك من غيره أيضاً إن كان ذا قربى ومنزلة عند الله ـ تعالى ـ ، كالأنبياء والأولياء عليه‌السلام لعدم الختصاص ذلك به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دون غيره.

__________________

(١) سورة يونس : ٣٥.

٨٣

ثم إنّا نقف على قبورهم وأمام أضرحتهم فنسلّم عليهم ونقول : « أشهد أنك تسمع كلامي وتشهد مقامي وتردّ سلامي » (١) وما كان هذا حاله كان نافعاً في حياته ومماته ولم يحجبه الموت عن الدُّنيا ، ولا يحول بينه وبين أهلها شيء ، وإلّا لكان السّلام عليه وزيارته لغواً وعبثاً.

أضف إلى ذلك أنّ في الاستشفاع والتوسّل ببعض الأموات سرّاً مكنوناً ولطفاً خفيّاً ، ذلك أنّ الله ـ تعالى ـ كما جعل من المعاد والحساب وسيلة وسبباً لحصول كلّ ذي حقٍّ حقّه الّذي حرم منه في الدُّنيا ، وإظهار مقام من خفي على الآدميين مقامه في الدُّنيا وإبراز منزلته ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) (٢) ، والاقتصاص للمظلوم ممّن ظلمه في الدُّنيا ، فكذلك جعل الموت لبعض أوليائه الّذين أخفيت مقاماتهم في الدُّنيا ، وماتوا دون أن تعرف منزلتهم ، سبباً ووسيلة للكشف عن مقاماتهم وإبراز هويّاتهم في هذه الدُّنيا قبل الآخرة وقيام السّاعة ، بإظهار كرامات منهم بعد التوسّل إليهم ، ليستيقن الناس أنّ العدالة الإلهيّة والإحسان الرّبانيّ على

__________________

(١) المزار ( محمد بن المشهدي ) ص ٢١١ ، اقبال الاعمال ج ٣ / ١٣٤ ، المزار ( الشهيد الاول ) ص ٩٧.

(٢) سورة الطارق : ٩.

٨٤

عبادة تعطي ثمارها في الدُّنيا قبل الآخرة وإن كان بعد الموت ، ( إنّ الله لا يضيع عمل عاملٍ منكم من ذكر أو أنثى ) (١) ، ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (٢) أي في الدُّنيا والآخرة ، ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا ... فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) (٣) ، « إذا مات ابن آدم انقطع عن الدُّنيا إلا بثلاث : صدقةٍ جاريةٍ أو علم ينتفع به الناس ، أو ولدٌ صالحٌ يستغفر له » (٤) وهذا من شأنه أن يكون حافزاً للنّاس والمؤمنين بأن يخلصوا في عملهم ويصبروا على طاعته وترك معاصيه ، ولا يطمعوا في الأجر العاجل ، فإنّهم سيؤجرون حتماً في الآخرة ، وقد يعطون أجرهم قبل السّاعة وبعد مماتهم أيضاً ، بإظهار كرامات لهم وإحياء ذكرهم وقبورهم في صدور المؤمنين ، وبرفع منزلتهم في القلوب بطلب الشفاعة منهم والانتفاع بهم بعد الموت.

والحمد لله ربّ العالمين

__________________

(١) اقتباس من الآية ١٩٥ من سورة آل عمران : ( أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ).

(٢) سورة الأنعام : ١٦٠.

(٣) سورة النحل : ٩٧.

(٤) عوالي اللئاليء ج٢ / ٥٣ ح ١٣٩ و ٢٣٨ ح ١٧ ، بحار الأنوار ج ٢ / ٢٢ ح ٦٥.

٨٥

الدرس الثالث عشر

القضاء والقدر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

س) : تقدّم في الدّرس الماضي أنّ أفعالنا كلّها مخلوقة لله ـ تعالى ـ وأن لا تأثير ولاتأثر ، لا فعل ولا انفعال إلّا بعلم الله ـ تعالى ـ وإذنه وإرادته ومشيّته وأنه لا استقلالية لمخلوقٍ في فعله ، ألا يعني هذا سلب الإرادة والاختيار من الإنسان وكونه فاعلاً مجبراً بدل أن يكون فاعلاً مختاراً ؟! وكيف التوفيق بين هذا القول : ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) الذي معناه سلب الاختيار ، وبين قوله ـ تعالى ـ ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) الذي معناه الاختيار التّام ؟ وكيف يحاسب الإنسان على فعل خلقه الله ـ تعالى ـ وما صدر منه دون اختياره ؟ وأخيراً أليس القضاء والقدر الإلهيّان يمنعان من الاختيار ، وحينئذٍ فالإنسان لا يستحقّ العقاب ؟!

__________________

(١) سورة الصافّات : ٩٦.

٨٦

ج) : كلا ليس الأمر كما تظنّون وذلك أنّه أوّلاً : ليس المراد من خلق الأفعال ووقوع التأثير والتأثّر من الله ـ تعالى ـ أنّ الله ـ تعالى ـ يسلب الإرادة الاختيار من عبده إنّ الله ـ تعالى ـ خلق في الإنسان القدرة على التعقّل والتفكّر والتدبّر فيما حوله ، وأعطاه أيضاً جوارح وأعضاءً قادرة على صنع ما يريد ـ طبعاً في حدود طاقته ـ ، ولهذا ( لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) (١) و ( لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ) (٢) فلا يكلّفه فوق طاقته ، ثمّ منحه القدرة على اتخاذ القرار ، وهي الإراده التي بواسطتها يستطيع أن يتّخذ القرار المناسب ، فهو يريد ويقرّر بملءِ إرادته غير مجبر ولا مسخَّر اتّخاذ القرار ، وإن كان لعجزه محتاجاً إلى الله ـ تعالى ـ الذي بدوره منحه القوّة اللازمة لتحقيق مراداته ومقاصده من القوّة إلى الفعل ، إذن لا دخل لله ـ تعالى ـ في اختياره وفيما يريد أو لا يريد ، بل هو الّذي يقرّر باختياره التّام ، فإذا أراد واتّخذ قراره الأخير أظهر في نفسه الشّوق إلى الفعل ، ولكنّه لمّا كان عاجزاً عن الإتيان بما يريد فإنّ الله ـ تعالى ـ يخلق فعله إن شاء ولكن بواسطة القوى والأعضاء والجوارح التي منحها إيّاه ،

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٨٦.

(٢) سورة الطلاق : ٧.

٨٧

ففاعل القدرة ـ وهو الله تعالى ـ فاعل للفعل ، لأنّه ـ تعالى ـ حين أعطانا القدرة على الإرادة والتّصميم ، والقدرة على القيام بالفعل فقد أوجد الفعل وخلقه ، هذا ما أشير إليه في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّما الأعمال بالنّيّات ، وليس لامرىءٍ إلا ما نوى » (١) وقوله ـ تعالى ـ : ( وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ) (٢) ، وليس الاختيار سوى القدرة على اتّخاذ القرار ، والعمل من آثار هذه القدرة ونتائجها ، ولا يكون سعيه إلا في حدود إرادته ، إذ العمل مرهون بالإرادة واتّخاذ القرار ، فهو يعاقب حينئذ على هذا القصد وهذه النّيّة وهذه الإرادة ، طبعاً إذا انبثق عنها الفعل ، وصدر منه الفعل المخالف لأمر الله ونهيه ، نعم زمام اُمور هاتين القدرتين ، أعني القدرة على الارادة واتخاذ القرار ، والقدرة على الإتيان بالفعل ، بيده ـ تعالى ـ آناً فآناً ، يوجدهما متى شاء وأين شاء وكيف شاء ، وإن شاء ، لا تخرجان من حيطة قدرته وإرادته ـ تعالى ـ ، وعليه فلا معنى حينئذٍ لسلب الاختيار من الإنسان ، فهو مختار في فعله يستحقّ عليه العقاب ، كما يستحقُّ الأجر والثواب ، وظهر من هذا أنْ لا

__________________

(١) المحلى (ابن حزم ) ج ٦ / ١٦٠ ، مسائل علي بن جعفر ص ٣٤٦ ، وسائل الشيعة ج ١ / ٤٩ ح ١٠.

(٢) سورة النجم : ٣٩.

٨٨

منافاة بين قوله ـ تعالى ـ : ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) ، وبين قوله ـ تعالى ـ : ( إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) (٢) لأنّه قادر على إرادة أن يكون شاكراً وأن يكون كفوراً ، على حدّ سواء ـ وإن كانت إرادة الشكوريّة أوفق لفطرته ، إلا أنّ إرادة الكفوريّة أوفق لطبيعته وغريزته الحيوانيّة ـ ، وقادر أيضاً على فعل الشكر والطّاعة وفعل الكفر والمعصية. إن شاء الله تعالى ـ ، ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (٣).

وأمّا القضاء والقدر الإلهيّان : فمعنى القدر في اللُّغة العربيّة المقدار ، من قبيل الأوزان والمقادير والأحجام ، والتقدير الإلهي معناه ، أن الله ـ تعالى ـ جعل ورسم لكل مخلوق من مخلوقاته حدوداً كميةً وكيفيّةً وزمانيةً ومكانيّةً خاصّة معيّنة ، لا تتحقّق إلا بتأثير من العلل والأسباب والعوامل التدريجيّة.

ومعنى القضاء الإلهي : إيجاد وخلق الشيء بعد أن اكتملت و تهيّئت كافّة علل وجوده ومقدّماته وأسبابه وشرائطه ، المادّيّة منها والمجرّدة ، ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ

__________________

(١) سورة الصافّات : ٩٦.

(٢) سورة الإنسان : ٣.

(٣) سورة سبأ : ١٣.

٨٩

سَاجِدِينَ ) (١) ، فالقضاء هو الحكم التكويني الأخير الّذي يسمّى الجزء الأخير من العلّة ، وهو أهمّ أجزائها ، ولولاه لم يوجد الشيء بالغاً ما بلغ حتى لو اكتملت كافّة الأسباب والمقدّمات والشرائط ، وإن كان إيجاد تلك المقدمات والشرائط والأسباب من صنع الله أيضاً ، وقد أوضح ذلك في قوله ـ تعالى ـ : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) (٢) وهذا الإنشاء الآخر عبارة عن القضاء الإلهيّ ، وهو القضاء التكويني.

وعليه فالتقدير الإلهي يأتي قبل القضاء الإلهي ، وله أيضاً مراتب تدريجيّة عبارة عن المقدّمات البعيدة والمتوسّطة والقريبة ، كما في المراتب والمقدمات التي وردت في الآية الشريفة عن خلق الإنسان ، وأيضاً يتغيّر التقدير بتغيير شيء من أسبابه وعوامله ومقدّماته ، مثلاً قد يحدث تغيير في مراحل خلق الإنسان وتقديره بحيث يؤدي الى سقطه وهو جنين قبل أن يصبح

__________________

(١) سورة الحجر : ٢٩ ، سورة ص : ٧٢.

(٢) سورة المؤمنون : ١٢ ـ ١٤.

٩٠

إنساناً سويّاً أما القضاء الإلهي فهو أمر دفعيٌّ ، يقع دفعة من غير حالة انتظار أو تدريج ( إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (١) ، ولا يحدث فيه تغيير أصلاً.

س) : إذا كان القضاء الإلهي لا يدخله ولا يطرأ عليه التغيير أصلاً ، فما المراد بقولهم عليه‌السلام في بعض الأدعية والرّوايات التي تشير وتهدي الى تغيير قضاء الله ـ تعالى ـ كما في قولهم عليه‌السلام أنّ الصّدقة والبرّ بالوالدين وصلة الرّحم والدعاء والاستغفار تدفع القضاء المحتّم وتغيّره ؟

ج) : أنّ القضاء قد يستعمل في اللّغة بمعنى القدر أو العكس ، وما ورد في هذه الأخبار والأدعية من هذا القبيل ، فهذه الاُمور في الحقيقة تغيُّر القدر الّذي هو عبارة عن المقدّمات والأسباب والشرائط التي يجب توفرها واكتمالها لتحقيق القضاء الإلهي المحتّم ، فالصّدقة مثلاً تحول دون وقوع بعض مقدّمات القضاء الإلهي بموت الإنسان ، كما لو كان المقدَّر أن تصدمه السّيّارة ، فيحدث تغيير مفاجىء في أسباب الحادث بحيث لا يقع ، فينجو الإنسان من القضاء الإلهي له بالموت ، ولهذا في الرّواية أنّ عليّاً

__________________

(١) سورة آل عمران : ٤٧ ، سورة مريم : ٣٥.

٩١

أمير المؤمنين عليه‌السلام كان مستنداً إلى جدار فتنحّي عنه ، فقال له أحد أصحابه : أتفرُّ من قضاءِ الله ؟! فأجاب عليه‌السلام : « فررت من قضاء الله إلى قدره » (١).

والأفعال التي تصدر من الإنسان كُلُّها معلولة للقضاء الإلهي ومتوقّفة عليه ، ولكن هذا لا ينافي كون الإنسان مخيّراً في فعله لما ذكرنا سابقاً من أنّ الله ـ تعالى ـ منحه الإرادة والقدرة على إيجاد فعله ولكن لمّا كان أصل وجود الإنسان ، ووجود الموادّ الدَّخيلة في فعله ، والأدوات والآلات وجميع ما يحيط بفعله موجودة بوجوده ـ تعالى ـ مخلوقة له ـ تعالى ـ قائمة به ـ تعالى ـ فإنّ الفعل في مرتبة أدني منسوب الى الإنسان واختياره التام ، وفي مرتبة أعلى وبلحاظ أدقّ وأسمى منسوب الى الله ـ تعالى ـ ، وهذا لا ينافي كون الانسان مختاراً ، لأن التأثير الذي هو إرادة الإنسان باعتبار كونها الجزء الأخير من العلّة التّامّة في فعله ، لا ينافي استناد جميع أجزاء العلَّة التّامّة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ ، ولهذا قال الصادق عليه‌السلام : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين » (٢)

__________________

(١) توحيد الصدوق : ٣٦٩ ، بحار الأنوار ج ٤١ / ٢ ح ٣.

(٢) الهداية للصدوق : ص ١٨ ، الكافي ج ١ / ١٦٠ ح ١٣ ، عيون اخبار الرضا ج ٢ / ١١٤ ، توحيد الصدوق : ص ٢٠٦. بحار الأنوار ج ٥ / ١٢ وص ١٧ ح ٢٧.

٩٢

وقد تقدّم معناه.

وهناك قضاء تشريعي ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) (١) وهو الحكم والوجوب الشّرعي الّذي يختصّ بفروع الدّين ، فهو خارج عن محل البحث وسيأتي البحث عن القضاء التّشريعي في الحلقات القادمة التي تمثّل تتمّة هذا الكرّاس عند البحث عن كيفية فهم الرّسالة العلمليّة وفروع الدّين.

الحمد لله ربّ العالمين

__________________

(١) سورة الاسراء : ٢٣.

٩٣

الدرس الرابع العشر

العدل الإلهي

بسم الله الرّحمن الرّحيم

س) : ما معنى العدل ؟

ج) : العدل في اللغة : « إعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقّه » ، وقد يقال : « العدل : وضع كلِّ شيءٍ موضعه » فيكون العدل مرادفاً لمعنى الحكمة ، وكيف كان فالعدل يقابل الظلم الّذي يعني : « سلب كلِّ ذي حقٍّ حقّه » أو « وضع الشيء في غير موضعه » ، فللعدل مفهومان ومعنيان : أ ـ مفهوم خاصّ : وهو عبارة عن رعاية حقوق الآخرين ، ب ـ مفهوم عامّ : وهو عبارة عن الإتيان بالأعمال الحكيمة والمطابقة للحكمة ، الّذي يشمل المعنى الأول أيضاً.

وهو يختلف عن المساواة إذ المساواة قد تكون عدلاً ومطابقةً للعدالة وقد تكون ظلماً ، فالمساواة في القضاء ـ مثلاً ـ بين المرأة والرَّجل بل بين جميع الناس هي العدل بعينه ، وعدم المساواة بينهم في القضاء والمحاكم ظلم ، لكنّ المساواة بين

٩٤

العالم والجاهل في التكريم والاحترام ظلم للعالم ، بل ظلم بالعلم ، وليست من العدل والحكمة.

س) : لماذا سمّي الإماميّة ـ الجعفريّة ـ بالعدليّة ؟

ج) : لأنّنا نعتقد بأنّ الأفعال تتّصف بالحُسن والقُبحْ بذواتها ، وأنها تنقسم في حدّ ذاتها إلى الأفعال الحسنة والأفعال القبيحة ، والعقل الإنساني قادر على إدراك الأفعال الحسنة القبيحة إلى حدٍّ ما ـ لا جميع الأفعال ـ ، وقادر على إدراك وجه الحُسن ووجه القُبحْ فيها ، وجهة الحسن والقبح فيها إلى حدٍّ ما أيضاً ، ولهذا يستطع الإنسان بعقله أن يشخّص ـ إلى حدٍّ ما ـ أنّ الفعل الكذائي حَسَنٌ وأن الفعل الكذائي قبيح ، وبعد أن شخّص جهة الحسن يحكم ويقول : هذا الفعل يجوز صدوره من الله ـ تعالى ـ لأنّه حَسَنٌ وقد يبلغ الحسن مرتبة عالية فيحكم العقل بأنّ هذا الفعل يجب صدوره من الله ـ تعالى ـ ، أو يشخّص العكس أعني أنّه قد يشّخص القبح في هذا الفعل الخاص فيحكم بعدم جواز صدوره من الله ـ تبارك وتعالى ـ ، وأنّ ساحته المقدَّسة منزّهة من الإتيان به وبأمثاله ومن إيجادها فهي لا تصدر منه ـ تعالى ـ ، فالعقل بوحده قادر على تعيين وتحديد الضّوابط والحدود للفعل الإلهي من غير حاجة إلى بيان من الكتاب والسُّنة ، وبعبارة أدق :

٩٥

كلُّ ما يفعله الله ـ تعالى ـ حَسَنٌ ، وكلُّ ما تركه فهو قبيح ، لكن لا بمعنى أنّه حَسَنٌ لأنّه ـ تعالى ـ فعله ، أو قبيح لأنّه ـ تعالى ـ تركه ، بل لأن هناك أفعالاً تتّصف بالحُسْن في نفسها وبحدّ ذاتها ، وهناك أفعال تتّصف بالقبح في نفسها ، فالله ـ تعالى ـ منزّه عن الإتيان بالفعل لأنّه قبيح ، ويأتي بالحَسَن لأنّه حَسَنٌ ، خلافاً للذين زعموا أنّ الأفعال لا تتّصف بالحُسْن والقُبْح الذّاتيين ، بل إذا صدر من الله ـ تعالى ـ أو أمر به ، فهو حَسَنٌ ، وإذا نهى عنه يكون قبيحاً ، إذ قد ينهى عن الإحسان إلى اليتيم ، أو برّ الوالدين ، أو العدل في القضاء ، فيكون حينئذٍ كلٌّ من هذه الأفعال قبيحاً وتتّصف بالقبح ، أو قد يأمر بشرب الخمر ، أو ظلم اليتيم ، أو قطع الرّحم فتكون هذه الأفعال حسنةً ، وتتّصف بالحُسْن ، بل زعموا أنّ الله ـ تعالى ـ قد يدخل الصّالحين أو الأنبياء أو بعضهم في النّار يوم القيامة ، وقد يدخل الكفّار أو المنافقين أو بعضهم في الجنّة ، إذ قد يدخل موسى عليه‌السلام مثلاً في النّار ، وقد يدخل أبا لهب وفرعون الجنّة ، وهذا لا ينافي العدل الإلهي ، بل هو العدل بعينه ، فكلّ فعل قد يصدر من الله ـ تعالى ـ أو يأمر به ، فإذا صدر منه ، أو أمر به كان حَسَناً ، وإذا نهى عن شيء كان قبيحاً ، للأفعال حُسْن وقبح ذاتيّين.

والإمامية العدليّة لا تقبل بهذا الكلام ، بل تقول : الإحسان

٩٦

إلى اليتيم ، أو برّ الوالدين ، أو العدل في القضاء ، وما شابهها أفعال حسنة لا يجوز أن ينهى عنها الله ـ تعالى ـ ، وأنّ شرب المسكر ، أو الظلم ، أو قطع الرَّحم ، وما شابهها أفعال قبيحة لا يجوز أن ينهى عنها. وهو ـ تعالى ـ بطريقٍ أولى لا يظلم ولا يجازي الإحسان بالإساءة ، ولا يُدخل أولياءه النّار ، ولا يُدخل أعداءه الجنّة ، ولو فعل ـ والعياذ بالله ـ لم يكن عادلاً ، ولم يصحّ وصفه بالعدل ـ نستغفر الله ـ لأنها أفعال غير حكيمة وموصوفة بالقبح ، والأفعال موصوفة بالحُسْن والقُبْح الذاتيّين ، ولا يصدر منه ـ تعالى ـ إلا الحَسَن.

نعم هناك اُمور لا يستقلّ العقل في معرفة حُسْنها وقُبْحها ويعجز عن إدراك جهة الحُسْن والقُبْح فيها بل يحتاج إلى بيانٍ من الشّارع المقدَّس فما أمر به الشّارع المقدَّس كان حَسَناً وما نهى عنه كان قبيحاً ، أو قُل : ما أمر به انكشف لنا أنّه حَسَنٌ وإلا لم يأمر به ، وما نهى عنه انكشف لنا أنّه ، قبيح ، وإلا لم ينه عنه ، كأمره ـ تعالى ـ بالصَّلاة في الأوقات الخمسة ، وأمره بالخمس والزّكاة وكيفية خاصة للصَّلاة ، وهلمّ جرّا.

ولعلّ بعض ما يأمر الله ـ تعالى ـ به ، أو ينهى عنه لا يكون موصوفاً بالحُسْن والقُبْح الذاتيين ، وذلك في الاُمور الاعتباريّة

٩٧

المحضة التي هي لم تأتِ إلا باعتباره ـ تعالى ـ لها جهة حُسْنٍ أو جهة قُبْح كعدد ركعات الصّلوات الخمس ، أو مقدار الزّكاة ، أو عدد الطّواف ، أو ما شابه فإنّها قد لا تكون حسنة أو قبيحة بذواتها ، أي قد لا تكون لها جهة حسن أو قبح ذاتيّين ، بل حسنها يكون باعتبار أنّ الله ـ تعالى ـ أمر بها ويكون قبحها باعتبارأنّه ـ تعالى ـ نهى عنها ، ولعلَّ بعض الاُمور التّعبّديّة أو جُلّها تكون من هذا القبيل ، أقول لعلَّ ولا أجزم بذلك.

س) : ذكرتم أن الأفعال تتّصف بالحُسْن والقُبْح الذّاتيّين وأنّ الله ـ تعالى ـ لا يجوز أن يصدر منه القبيح أو يأمر به ، وقد يجب صدور الحَسَن منه أو قد يجب أن يأمر به ، أليس هذا يعدُّ تجاوزاً على الله ـ تعالى ـ فيما يصدر أو لا يصدر منه ؟! وألم يكن حكماً عليه ـ تعالى ـ وفرضاً وإلزاماً فيما يصحّ أن يفعل وما لا يصح ؟! وأنّى للعقل المخلوق القاصر أن يأمر الله ـ تعالى ـ وينهاه ، أو يحكم عليه فيما يصح أن يفعل وما لا يصح ؟!

ج) : كلا ، ليس الأمر كما تظنّ ، بل المراد أولاً : أنّ الله ـ تعالى ـ حين خلق الأفعال وأوجدها ، خلقها حسنةً أو قبيحة فحسنها وقبحها ذاتيّان لا أنّه تعالى خلقها ثم اعتبر وجعل بعضها حسناً وبعضها الآخر قبيحاً ، ليكون حُسْنها وقُبْحها جعليّاً

٩٨

اعتباريّاً ، تابعاً لاعتبار المعتبر ، ولمّا كان حسنها وقبحها ذاتيّاً كان الفاعل للحَسَن منها عادلاً حكيماً ، والفاعل للقبيح منها ظالماً ، بغضّ النّظر عن الفاعل أيّاً كان.

وثانياً : الله ـ تعالى ـ هو الّذي كتب على نفسه ذلك وأوجب على ذاته المقدَّسة المتعالية ، قال ـ تعالى ـ : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) (١) ، و ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) (٢) ، و ( أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) (٣). بل ذاته المقدسة تأبىٰ من فعل القبيح وتتنزّه عنه ، ولأنها الخير المطلق فلا تكون مصدراً إلا للخير ، ولا يصدر منها غير ذلك على الإطلاق.

وثالثاً : هو الّذي خلق العقل وجعله حجة على العباد : « لله على النّاس حجّتان : حجّةٌ ظاهرة وحجة باطنة ، فأما الحجّة الظاهرة فهم الأنبياء ، وأمّا الحجّة الباطنة فهو العقل » (٤) ، وفي الحديث القدسي يخاطب الله ـ تعالى ـ العقل : « بك اُثيب وبك اُعاقب » (٥) ،

__________________

(١) سورة الأنعام : ٥٤.

(٢) سورة النحل : ٩٠.

(٣) سورة آل عمران : ١٨٢ ، سورة الأنفال : ٥١ ، سورة الحجّ : ١٠.

(٤) الكافي ج ١ / ١٦ ، تحف العقول : ص ٣٨٦ ، وسائل الشيعة ج ١٥ / ٢٠٧ فمن ح ٦ ، بحار الأنوار ج ٧٥ / ٣٠٠.

(٥) عوالى اللئالىء ج ٤ / ٩٩ ح ١٤٢ ، بحار الأنوار ١ / ٩٧ ح ٩.

٩٩

فهذا العقل قادر على إدراك الحُسْن والقُبْح في كثير من الأفعال ، ولهذا يعاقب صاحبه على فعل القبيح إذا شخّصه ، ويجازى بالإحسان ويؤجر على فعل الحَسَن إذا شخّصه ، وإن لم يبلغه حكم الله ـ تعالى ـ فيهما ، ولم تصله الشرائع السّماويّة ، ولم يتّصل بنبيٍّ أو رسولٍ ، وإذا كان الأمر كذلك ، فخالق العقل أولى بأن يلتزم بذلك ، ولا يخالف حكم العقل الصّريح ، ولهذا قالوا : « كلُّ ما حكم به العقل ، حكم به الشّرع ».

وأمّا ادّعاء أنّ العقل عاجز عن تشخيص الخير والشرّ والتمييز بين الحَسَن القبيح فهو خلاف الفطرة السَّليمة وخلاف الوجدان ، لأنّ الإنسان لو التفت قليلاً إلى نفسه وإلى العقلاء من حوله يكشف ـ لا محالة دون انتظار ولا تأمُّل ـ زيف هذا الادّعاء وبطلانه ، وفضلاً عن أنه يناقض الأحاديث الكثيرة القاضية بحجّيّة العقل ، إذ هذه الأحاديث أيضاً كفيلة بردّ هذه المزاعم وبطلانها ، ومعنى قوله ـ تعالى ـ : ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) (١) أي لا يريد إلا الخير والفعلَ الحسن.

س) تقدّم أنّ الذّات المتعالية منزّهة عن فعل القبيح والشّر ،

__________________

(١) سورة هود : ١٠٧.

١٠٠