بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٥٧

( باب )

*«(آداب المشى)»*

أسرى : ولا تمش في الارض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا * كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها (١).

طه : وما تلك بيمينك ياموسى * قال : هي عصاي أتوكؤ عليا وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب اخرى (٢).

الفرقان : وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا (٣).

لقمان : ولاتمش في الارض مرحا إن الله لايحب كل مختال فخور * واقصد في مشيك (٤).

القيامة : ثم ذهب إلى أهله يتمطى (٥).

١ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : إن كنت عاقلا فقدم العزيمة الصحيحة والنية الصادقة في حين قصدك إلى أي مكان أردت وانه النفس من التخطى إلى محذور وكن متفكرا في مشيك ومعتبرا لعجائب صنع الله عزوجل أينما بلغت ، ولا تكن مستهترا ولا متبخترا في مشيك وغض بصرك عما لا يليق بالدين ، واذكر الله كثيرا فانه قدجاء في الخبر أن المواضع التي يذكر الله فيها وعليها تشهد بذلك عند الله يوم القيامة وتستغفر لهم إلى أن يدخلهم الجنة ، ولا تكثر الكلام مع الناس في الطريق ، فان فيه سوء الادب ، وأكثر الطرق مراصد الشيطان ومتجرته فلا تأمن كيده واجعل ذهابك ومجيئك في طاعة الله والمشي في رضاه فان حركاتك كلها مكتوبة في صحيفتك قال الله تعالى: « يوم تشهد عليهم ألسنتهم أيديهم

____________________

(١) أسرى : ٣٧ ٣٨. (٢) طه : ١٧ ١٨.

(٣) الفرقان : ٦٣. (٤) لقمان : ١٨ ١٩.

(٥) القيامة : ٣٣.

٣٠١

وأرجلهم بما كانوا يعملون » (١) وقال الله عزوجل : « وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقه » (٢).

٢ ـ جعل : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مشى مع العصافي السفر والحضر للتواضع يكتب له بكل خطوة ألف حسنة ومحي عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة (٣).

٣ ـ نوادر الراوندى : باسناد ه ، عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس العبد عبد تبختر واختال ونسي الكبير المتعال.

وبهذ الاسناد : عن علي عليه‌السلام قال : اعتم أبودجانة الانصاري وأرخى عذبة العمامة من خلفه بين كتفيه ثم جعل يتبختر بين الصفين فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا عند القتال (٤).

٤ ـ ما : عن أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير عن علي بن الحسن بن فضال ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق الغمشاني ، عن أبي اسامة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام لا يسبق يمينه شماله (٥).

٥ ـ ل : عن ماجيلوه عن محمد العطار ، عن الاشعري عن اليقطيني ، عن الدهقان ، عن درست ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سرعة المشي يذهب ببهاء المؤمن (٦).

٦ ـ مع : عن ما جيلويه ، عن علي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن هشام ابن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس للنساء سراة الطريق ولكن جنباه يعني بالسراة وسطه (٧).

٧ ـ ثو : عن أبيه ، عن سعد عن البرقي عن سليمان بن سماعة عن عمه

____________________

(١) لنور : ٢٥. (٢) أسرى : ١٤ راجع مصباح الشريعة : ٢٨.

(٣) جامع الاخبار ص ١٤١. (٤) نوادر الراوندى ص ٢٢ و ٢٠.

(٥) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٨٥. (٦) الخصال ج ١ ص ٨.

(٧) معانى الاخبار ص ١٥٦ ، ومثله في الخصال ج ٢ ص ١٤٢ في حديث جابر عن الباقر عليه‌السلام.

٣٠٢

عاصم الكوفي عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا تصامت امتي عن سائلها ومشت بتبخترها حلف ربي عزوجل بعزته فقال : وعزتي لا عذبن بعضهم ببعض (١).

٨ ـ ثو : عن ابن المتوكل عن محمد العطار عن الاشعري عن موسى ابن عمر عن ابن فضال ، عمن حدثه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مشى على الارض اختيالا لعنته الارض ومن تحتها ومن فوقها (٢).

٩ ـ مع : عن الهمداني عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عميرعن عمرو ابن جميع عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : إذا مشيت امتي المطيطا ، وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم.

والمطيطا التبختر ومد اليدين في المشي (٣).

١٠ ـ مع : عن الطالقاني ، عن الجلودي عن الجوهري ، عن ابن عمار ، ة عن أبيه ، عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ، عن جابر الانصاري قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برج مصروع وقد اجتمع عليه الناس ينظرون إليه فقال عليه‌السلام : على ما اجتمع هؤلاء؟ فقل له : على المجنون يصرع ، فنظرإليه فقال : ما هذا بمجنون ألا أخبركم بالمجنون حق المجنون؟ قالوا : بلى يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن المجنون المتبختر في مشيته ، الناظر في عطفيه المحرك جنبيه بمنكبيه ، فذاك المجنون وهذا المبتلى (٤).

أقول : أوردنا بعض الاخبار في باب الكبر (٥).

١١ ـ سن : عن علي بن عبدالله ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلا ، عن بشير النبال قال : كنامع أبي جعفر عليه‌السلام في المسجد إذمر علينا أسود وهو ينزع في مشيته فقال له أبوجعفر عليه‌السلام إنه لجبار قلت : إنه سائل قال : إنه

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ٢٢٥ وتصام الرجل : أرى من نفسه أنه أصم وليس به.

(٢) ثواب الاعمال ص ٢٤٥. (٣) معانى الاخبار : ٣٠١.

(٤) معانى الاخبار ص ٢٣٧. (٥) راجع ج ٧٣ ص ٢٣٧ ١٧٩ من هذه الطبعة.

٣٠٣

جبار ، وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يمشي مشية كأن على رأسه الطير ، لايسبق يمينه شماله (١).

١٢ ـ سن : عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن حسين بن المختار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن الله يبغض ثلاثة : ثاني عطفه والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالايمان.

وفي حديث آخر المسبل إزاره خيلاء (٢).

١٣ ـ مكا : عن الصادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الراكب أحق بالجادة من الماشي ، والحافي أحق من المنتعل (٣).

٥٨

* ( باب ) *

*«(الافتتاح بالتسمية عند كل فعل والاستثناء بمشية الله في كل أمر)»*

الايات : الكهف : ولاتقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت (٤).

وقال تعالى : ولولا إذا دخلت جنتك قلت ماشاء الله لاقوة إلا بالله (٥).

وقال تعالى : ستجدني إنشاء الله صابرا (٦).

القلم : إنا بلوناهم كمابلونا أصحاب الجنة إذا أقسموا ليصر منها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون * فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين إلى قوله تعالى : قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون (٧).

____________________

(١) المحاسن ص ١٢٤. (٢) المحاسن ص ٢٩٥.

(٣) مكارم الاخلاق ص ٢٩٦. (٤) الكهف : ٢٣.

(٥) الكهف : ٣٨. (٦) الكهف : ٦٨.

(٧) القلم : ١٧ ٢٨.

٣٠٤

١ ـ م : قال الصادق عليه‌السلام : ولربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا «بسم الله الرحمن الرحيم» فيمتحنه الله بمكروه ، وينبهه على شكر الله تعالى والثناء عليه ويمحو فيه عنه وصمة تقصيره عند تركه قول : «بسم الله» لقد دخل عبدالله ابن يحيى على أمير المؤمنين عليه‌السلام وبين يديه كرسي فأمره بالجلوس عليه فجلس عليه فمال به حتى سقط على رأسه فأوضح عن عظم رأسه وسال الدم فأمر أمير المؤمنين بماء فغسل عنه ذلك الدم ثم قال : ادن مني فوضع يده على موضحته وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه ومسح يده عليها وتفل فيها فما هو أن فعل ذلك حتى اندمل فصار كأنه لم يصبه شئ قط ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا عبدالله الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم لتسلم لهم طاعاتهم ويستحقوا عليها ثوابها ..

فقال عبدالله : يا أمير المؤمنين قد أفدتني وعملتني فان أردت أن تعرفني دنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس حتى لا أعود إلى مثله قال : تركك حين جلست أن تقول : «بسم الله الرحمن الرحيم» فجعل الله ذلك لسهوك عما ندبت إليه تمحيصا بما أصابك أما علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حدثني عن الله عزوجل أنه قال : كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو أبتر فقلت : بلى بأبي أنت وامي لا أتركها بعدها قال : إذا تحظى بذلك وتسعد (١).

٢ ـ شى : عن عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال : إذا حلف الرجل بالله فله ثنياها إلى أربعين يوما وذلك أن قوما من اليهود سألوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن شئ فقال : ائتوني غدا ولم يستثن حتى اخبركم فاحتبس عنه جبرئيل عليه‌السلام أربعين يوما ثم أتاه وقال : «ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت» (٢).

٣ ـ شى : عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام ذكر أن آدم عليه‌السلام لما أسكنه

____________________

(١) تفسير الامام العسكرى ص ٩ راجعه.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٢٤.

٣٠٥

الله الجنة فقال له : يا آدم لا تقرب هذه الشجرة فقال : نعم يارب ولم يستثن فأمر الله نبيه فقال : ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت » ولو بعد سنة (١).

٤ ـ شى : عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال الله تعالى : «ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله» أن لا أفعله فسبق مشية الله في أن لا أفعله فلا أقدر على أن أفعله قال : فلذلك قال الله : «واذكر ربك إذا نسيت» أي استثن مشية الله في فعلك (٢).

٥ ـ شى : عن حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله : «واذكر ربك إذا نسيت» قال : أن تستثني ثم ذكرت بعد ، فاستثن حين تذكر (٣).

أقول : قد أوردنا بعض الاخبار في باب أحكام اليمين.

٦ ـ مكا : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو شرب أو أكل أو لبس وكل شئ يصنعه ينبغي له أن يسمي فان لم يفعل كان للشيطان فيه شرك (٤).

٧ ـ ين : عن أبي جعفر الاحول ، عن سلام بن المستنبر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : «ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما» قال : إن الله لما قال لآدم : ادخل الجنة قال له : يا آدم لاتقرب هذه الشجرة ، قال : فأراه إياها ، فقال آدم لربه : كيف أقربها وقد نهيتني عنها ، أنا وزوجتي ، قال : فقال لهما : لا تقرباها يعني لا تأكلا منها فقال آدم وزوجته : نعم يا ربنا لا نقربها ولا نأكل منها ، ولم يستثنيا في قولهما نعم فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما وإلى ذكرهما ، قال : وقد قال الله لنبيه في الكتاب «ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلى أن يشاء الله» أن لا أفعله ، فستبق مشية الله في أن لا أفعله ، فلا أقدر على

____________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٢٤.

(٢ ـ ٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٢٥.

(٤) مكارم الاخلاق ص ١١٧.

٣٠٦

أن أفعله قال : فلذلك قال الله : «واذكر ربك إذا نسيت» أي استثن مشية الله في فعلك.

٨ ـ ين : روى لي مرازم قال : دخل أبوعبدالله عليه‌السلام يوما إلى منزل يزيد وهو يريد العمرة فتناول لوحا فيه كتاب لعمه فيه أرزاق العيال ، وما يجري لهم فاذا فيه لفلان وفلان وليس فيه استثناء فقال له : من كتب هذا الكتاب ولم يستثن فيه كيف ظن أنه يتم ، ثم دعا بالدواة فقال : الحق فيه في كل اسم إنشاء الله.

أقول : قال السيد المرتضى قدس روحه في كتاب الغرر والدرر : إن سأل سائل عن قوله تعالى : «ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله».

فقال : ما تنكرون أن يكون ظاهر هذه الآية يقتضي أن يكون جميع ما نفعله يشاؤه ويريده؟ لانه تعالى لم يخص شيئا من شئ وهذا بخلاف مذهبكم ، وليس أن تقولوا إن خطاب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة وهو لايفعل إلا ما يشاء الله تعالى لانه قد يفعل المباح بلاخلاف ، ويفعل الصغائر عند أكثر كم فلابد أن يكون في أفعاله تعالى مالا يشاؤه عندكم ، ولانه أيضا تأديب لنا كما أنه تعليم له عليه‌السلام ولذلك يحسن منا أن نقول ذلك فيما نفعل.

الجواب : قلنا تأويل هذه الآية مبني على وجهين : أحدهما أن يجعل حرف الشرط الذي هو «أن» متعلقا بما يليه وبما هو متعلق به في الظاهر من غير تقدير محذوف ، ويكون التقدير ولاتقولن إنك تفعل إلا مايريد الله تعالى ، وهذا الجواب ذكره الفراء وما رأيته إلا له ، ومن العجب تغلغله إلى مثل هذا ، مع أنه لم يكن متظاهرا بالقول بالعدل ، وعلى هذا الجواب لا شبهة في الآية ولا سؤال للقوم علينا وفي هذا الوجه ترجيح على غيره من حيث اتبعنا فيه الظاهر ولم نقدر محذوفا ، وكل جواب طابق الظاهر ولم يبن على محذوف كان أولى والجواب الآخر أن تجعل «أن» متعلقة بمحذوف ويكون التقدير ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن تقول إن شاء الله ، لان من عاداتهم.

إضمار القول في مثل هذا الموضع ، واختصار الكلام إذا طال ، وكان في الموجود منه

٣٠٧

دلالة على المفقود ، وعلى هذا الوجه يحتاج إلى جواب عما سئلنا عنه ، فنقول : هذا تأديب من الله تعالى لعباده وتعليم لهم أن يعلقوا ما يخبرون به بهذه اللفظة ، حتى يخرج من حد القطع ولا شبهة في أن ذلك مختص بالطاعات وأن الافعال القبيحة خارجة عنه لان أحدا من المسلمين لا يستحسن أن يقول : إني أزني غدا إن شاء الله أو أقتل مؤمنا وكلهم يمنع من ذلك أشد المنع فعلم سقوط شبهة من ظن أن الاية عامة في جميع الافعال.

وأما أبوعلي الجبائي محمد بن عبدالوهاب فانه ذكر في تأويل هذه الآية مانحن ذاكرو بعينه قال : إنما عنى بذلك أن من كان لا يعلم أنه يبقي إلى غد حيا فلا يجوز أن يقول : إني سأفعل غدا كذاوكذا ، فيطلق الخبر بذلك وهو لايدري لعله سيموت ولا يفعل ما أخبر به لان هذا الخبر إذا لم يوجده مخبره على ما أخبر به المخبر فهو كذب ، وإذا كان المخبر لا يأمن أن لا يوجد مخبره لحدوث أمر من فعل الله تعالى نحو الموت والعجز أو بعض الامراض أو لا يوجد ذلك بأن يبدوله في ذلك فلا يأمن أن يكون خبره كذبا في معلوم الله عزوجل وإذا لم يأمن ذلك لم يجز أن يخبربه ، ولا يسلم خبره هذا من الكذب ، إلا بالاستثناء الذي ذكره الله تعالى.

فاذا قال : إني صائر غدا إلى المسجد إنشاء الله فاستثنى في مصيره مشية الله تعالى خرج من أن يكون خبره في هذا كذبا لان الله تعالى إن شاء أن يلجئه إلى المصير إلى المسجد غدا ألجأه إلى ذلك وكان المصير منه لا محالة وإذا كان ذلك على ماوصفناه لم يكن خبره هذا كذبا وإن لم يوجد منه المصير إلى المسجد لانه لم يوجد ما استثناه في ذلك من مشية الله تعالى.

قال : وينبغي أن لا يستثني مشية دون مشية لانه إن استثنى في ذلك مشية الله لمصيره إلى المسجد على وجه التعبد فهو أيضا لا يأمن أن يكون خبره كذا لان الانسان قد يترك كثيرا مما يشاؤه تعالى منه ويتعبده به ، ولو كان استثنى مشية الله تعالى لان يبقيه ويقدره ويرفع عنه الموانع كان أيضا لا يأمن أن

٣٠٨

يكون خبره كذبا لانه قد يجوز أن لا يصير إلى المسجد مع تبقية الله تعالى له قادرا مختارا فلا يأمن من الكذب في هذا الخبر دون أين يستثني المشية العامة التي ذكرناها فاذا دخلت هذه المشية في الاستثناء فقد أمن من أن يكون خبره كذبا إذا كانت هذه المشية متى وجدت وجب أن يدخل المسجد لا محالة.

قال : وبمثل هذا الاستثناء يزول الحنث عمن حلف فقال : «والله لاصيرن غدا إلى المسجد إن شاء الله» لانه إن استثنى على سبيل مابينا لم يجز أن يحنث في يمينه ولو خص استثناءه بمشية بعينها ثم كانت ولم يدخل معها المسجد حنث في يمينه.

وقال غير أبي علي : إن المشية المستثناة هنا هي مشية المنع والحيلولة فكأنه قال : إنشاء الله يخليني ولا يمنعني وفي الناس من قال : القصد بذلك أن يقف الكلام على جهة القطع وإن لم يلزم به ماكان يلزم ، لو لا الاستثناء ولا ينوي في ذلك إلجاء ولا غيره وهذا الوجه يحكى عن الحسن البصري واعلم أن للاستثناء الداخل على الكلام وجوها مختلفة فقد يدخل على الايمان والطلاق والعتاق وسائر العقود وما يجري مجراها من الاخبار فاذا دخل ذلك اقتضى التوقف عن إمضاء الكلام ، والمنع من لزوم ما يلزم به ، وإزالته عن الوجه الذي وضع له ولذلك يصير ما تكلم به كأنه لا حكم له ولذلك يصح على هذا الوجه أن يستثني في الماضي فيقول : قد دخلت الدار إنشاء الله فيخرج بهذا الاستثناء من أن يكون كلامه خبرا قاطعا أو يلزمه حكمه ، وإنما لم يصح دخوله في المعاصي على هذا الوجه لانه فيه إظهار الانقطاع إلى الله تعالى ، والمعاصي لا يصح ذلك فيها وهذا الوجه أحد ما يحتمله تأويله الآية.

وقد يدخل الاستثناء في الكلام فيراد به اللطف والتسهيل وهذا الوجه يخص بالطاعات ولهذا الوجه جرى قول القائل : لاقضين غدا ما علي من الدين ولاصلين غدا إنشاء الله مجرى أن يقول : إني أفعل ذلك إن لطف الله تعالى فيه وسهله فعلم أن القصد واحد ، وأنه متى قصد الحالف فيه هذا الوجه ، لم يجب

٣٠٩

إذا لم يقع منه هذا الفعل أن يكون حانثا أو كاذبا لانه إن لم يقع ، علمنا أنه لم يلطف له فيه ، لانه لا لطف له فيه.

وليس لاحد أن يعترض هذا بأن يقول : الطاعات لابد فيها من لطف وذلك لان فيها ما لا لطف فيه جملة فارتفاع ما هذه سبيله يكشف عن أنه لا لطف فيه وهذا الوجه لا يصح أن يقال في الآية أنه لا يخص الطاعات ، والآية تتناول كل مالم يكن قبيحا بدلالة إجماع المسلمين على حسن الاستثناء وما تضمنته في كل فعل مالم يكن قبيحا.

وقد يدخل الاستثناء في الكلام ويراد به التسهيل والاقدار والتخلية والبقاء على ماهو عليه من الاحوال وهذا هو المراد به إذا دخل في المباحات ، وهذا الوجه يمكن في الآية إلا أنه يعترضه ماذكره أبوعلي الجبائي فيما حكيناه من كلامه ، وقدير يذكر استثناء المشية أيضا في الكلام وإن لم يرد به شئ مما تقدم بل يكون الغرض به إظهار الانقطاع إلى الله تعالى من غير أن يقصد إلى شئ من الوجوه المتقدمة وقد يكون هذا الاستثناء غير معتد به في كونه كاذبا أو صادقا ، فالآية في الحكم كأنه قال : لافعلن كذا إن وصلت إلى مرادي مع انقطاعي إلى الله تعالى وإظهاري الحاجة إليه وهذا الوجه أيضا مما يمكن في تأويل الآية ومن تأمل جملة ما ذكرناه من الكلام عرف منه الجواب عن المسألة التي لايزال يسأل عنها المخالفون من قولهم : «لو كان الله تعالى إنما يريد العبادات من الافعال دون المعاصي ، لوجب إذا قال من لغيره عليه دين طلبه به : والله لاعطينك حقك غدا إن شاء الله أن يكون كاذبا أو حانثا إذا لم يفعل ، لان الله تعالى قد شاء ذلك منه عندكم ، وإن كان لم يقع فكان يجب أن تلزمه الكفارة وأن لا يؤثر هذا الاستثناء في يمينه ولا يخرجه عن كونه حانثا كما أنه لو قال : « والله لاعطينك حقك غدا إن قدم زيد» فقدم ولم يعطه يكون حانثا وفي إلزام هذا الحنث خروج عن إجماع المسلمين فصار ما أوردناه جامعا لبيان تأويل الآية والجواب عن هذه المسألة ونظائرها من المسائل والحمد لله وحده (١).

____________________

(١) الغرر والدرر ج ٢ ص ١٢٠ ١٢٤ ط مصر.

٣١٠

٥٩

( باب )

*«(معنى الفتوة والمروة)»*

١ ـ لى : عن ابن المتوكل ، عن السعد آبادي عن البرقي ، عن أبيه عن أبي قتادة القمي ، عن عبدالله بن يحيى ، عن أبان الاحمر ، عن الصادق جعفر ابن محمد عليهما‌السلام قال : إن الناس تذاكروا عند الفتوة فقال : تظنون أن الفتوة بالفسق والفجور؟ كلا ، الفتوة والمروة طعام موضوع ونائل مبذول واصطناع المعروف وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق ، ثم قال عليه‌السلام؟ ما المروة فقلنا : لانعلم قال : المروة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره ، والمروة مروتان : مروة في الحضر ومروة في السفر فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المسجد ، والمشي مع الاخوان في الحوائج ، والانعام على الخادم ، فانه مما يسر الصديق ، ويكبت العدو ، وأما التي في السفر فكثرة الزاد ، وطيبه وبذله لمن كان معك ، وكتمانك على القوم سرهم بعد مفارقتك إياهم ، وكثرة المزاح في غيرما يسخط الله عزوجل ثم قال عليه‌السلام : والذي بعث جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروة ، وإن المعونة لتنزل من السماء على قدر المؤنة وإن الصبر لينزل على قدر شدة البلاء (١).

ما : باسناده عن أبي قتادة ، عن الصادق عليه‌السلام مثله (٢).

مع : عن أبيه عن علي ، عن أبيه ، عن البرقي ، عن أبي قتادة رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام مثله إلى قوله : بفناء داره (٣).

٢ ـ ل (٤) ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ستة من المروة ثلاثة منها في الحضر ، وثلاثة منها في السفر

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ٣٢٩ (٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣٠٧.

(٣) معانى الاخبار ص ٢٥٨. (٤) الخصال ج ١ ص ١٥٧.

٣١١

فأما التي في الحضر فتلاوة كتاب الله تعالى وعمارة مساجد الله واتخاذ الاخوان في الله عزوجل ، وأما التي في السفر فبذل الزاد ، وحسن الخلق ، والمزاح في غير المعاصي (١).

صح : عنه عليه‌السلام مثله (٢).

٣ ـ مع : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي عن عبدالرحمن بن العباس ، عن صباح بن خاقان ، عن عمرو بن عثمان التيمي قال : خرج أمير المؤمنين عليه‌السلام على أصحابه وهم يتذاكرون المروة فقال : أين أنتم من كتاب الله عزوجل؟ قالوا : يا أمير المؤمنين في أي موضع؟ فقال : في قوله عزوجل «إن الله يأمر بالعدل والاحسان» فالعدل الانصاف والاحسان التفضل.

قال عبدالرحمن بن عباس ورفعه قال : سأل معاوية الحسن بن علي عليهما‌السلام عن المروة فقال : شح الرجل على دينه وإصلاحه ماله وقيامه بالحقوق فقال معاوية : أحسنت يا أبا محمد أحسنت يا أبا محمد فكان معاوية يقول بعد ذلك : وددت أن يزيد قالها وإنه كان أعور (٣).

٤ ـ مع : عن أبيه ، عن سعد ، عن البرقي عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن ابن محرز ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان الحسن بن علي عليه‌السلام في نفر من أصحابه عند معاوية فقال له : يا أبا محمد خبرني عن المروة فقال : حفظ الرجل دينه وقيامه في إصلاح ضيعته وحسن منازعته وإفشاء السلام ولين الكلام والكف والتحبب إلى الناس (٤).

٥ ـ مع : بالاسناد عن البرقي عن بعض أصحابنا رفعه إلى سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة ، عن الحارث الاعور قال : قال أمير المؤمنين للحسن ابنه عليهما‌السلام : يا بني ما المروة؟ فقال : العفاف ، وإصلاح المال (٥).

٦ ـ مع : بالاسناد عن البرقي ، عن علي بن حفص القرشي عن رجل من

____________________

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٢١. (٢) صحيفة الرضا ص ٩

(٣ ـ ٥) معانى الاخبار ص ٢٥٧.

٣١٢

أصحابنا يقال له : إبراهيم قال : سئل الحسن عليه‌السلام عن المروة فقال : العفاف في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة (١).

٧ ـ مع : بالاسناد عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن صالح بن سعيد عن أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المروة استصلاح المال (٢).

٨ ـ مع : بالاسناد عن البرقي عن محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن عمر بن حماد الانصاري رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : تعاهد الرجل ضيعته من المروة (٣).

٩ ـ مع : بالاسناد عن البرقي عن الهيثم بن عبدالله النهدي عن أبيه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : المروة مروتان مروة الحضر ، ومروة السفر فأما مروة الحضر فتلاوة القرآن ، وحضور المساجد وصحبة أهل الخير ، والنظر في الفقه ، وأما مروة السفر فبذل الزاد والمزاح في غير ما يسخط الله وقلة الخلاف على من صحبك ، وترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم (٤).

____________________

(١ ـ ٤) معانى الاخبار ص ٢٥٨.

٣١٣

أبواب النوادر

٦٠

* ( باب ) *

*«(مايورث الفقر والغنا)»*

١ ـ ل : عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن محمد بن زياد البصري عن عبدالله بن عبدالرحمن المدائني عن الثمالي ، عن ثور بن سعيد ، عن أبيه سعيد ابن علاقة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : ترك نسج العنكبوب في البيوت يورث الفقر ، والبول في الحمام يورث الفقر ، والاكل على الجنابة يورث الفقر والتخلل بالطرفا يورث الفقر ، والتمشط من قيام يورث الفقر ، وترك القمامة في البيت الفقر واليمين الفاجرة يورث الفقر ، والزنا يورث الفقر ، وإظهار الحرص يورث الفقر ، والنوم بين العشائين يورث الفقر ، والنوم قبل طلوع الشمس يورث الفقر ، واعتياد الكذب يور الفقر ، وكثرة الاستماع إلى الغناء يورث الفقر ورد السائل الذكر بالليل يورث الفقر ، وترك التقدير في المعيشة يورث الفقر وقطيعة الرحم تورث الفقر.

ثم قال عليه‌السلام : ألا أنبئكم بعد ذلك بما تزيد في الرزق؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين ، فقال : الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق والتعقيب بعذ الغداة وبعد العصر يزيد في الرزق ، وصلة الرحم يزيد في الرزق ، وكسح الفناء يزيد في الرزق ومواساة الاخ في الله عزوجل تزيد في الرزق ، والبكور في طلب الرزق يزيد في الرزق ، والاستغفار يزيد في الرزق ، واستعمال الامانة يزيد في الرزق ، قول الحق يزيد في الرزق ، وإجابة المؤذن (١) تزيد في الرزق وترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق ، وترك الحرص يزيد في الرزق ، وشكر

____________________

(١) يعنى حكاية أذان المؤذن من دون رفع الصوت ،

٣١٤

المنعم يزيد في الرزق ، واجتناب اليمين الكاذبة يزيد في الرزق ، والضوء قبل الطعام يزيد في الرزق ، وأكل مايسقط من الخوان يزيد في الرزق ، ومن سبح الله كل يوم ثلاثين مرة دفع الله عزوجل عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الفقر (١).

٢ ـ جامع الاخبار : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عشرون خصلة تورث الفقر : أولها القيام من الفراش للبول عريانا ، وأكل الطعام جنبا ، وترك غسل اليدين عند الاكل ، وإهانة الكسرة من الخبز ، وإحراق قشر الثوم والبصل ، والقعود على اسكفة البيت (٢) وكنس البيت بالليل وبالثوب ، وغسل الاعضاء في موضع الاستنجاء ومسح الاعضاء المغسولة بالذيل والكم ، ووضع القصاع والاواني غير مغسولة ، ووضع أواني الماء غير مغطاة الرؤوس ، وترك بيوت العنكبوت في المنزل ، والاستخفاف بالصلاة وتعجيل الخروج من المسجد والبكور إلى السوق ، وتأخير الرجوع عنه إلى العشي وشراء الخبز من الفقراء واللعن على الاولاد ، والكذب ، وخياطة الثوب على البدن ، وإطفاء السراج بالنفس وفي خبر آخرو البول في الحمام ، والاكل على الجشاء ، والتخلل بالطرفاء والنوم بين العشائين ، والنوم قبل طلوع الشمس ، ورد السائل الذكر بالليل وكثرة الاستاع إلى الغناء واعتياد الكذب ، وترك التقدير في المعيشة ، والتمشط من قيام ، واليمين الفاجرة وقطيعة الرحم ثم قال عليه‌السلام : ألا ابنئكم بعد ذلك يمايزيد في الرزق؟ قالوا : بلى ، قال : الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق والتعقيب بعد الغداة يزيد في الرزق وبعد العصر يزيد في الرزق ، وصلة الرحم يزيد في الرزق ، وكشح الغنا يزيد في الرزق وأداء الامانة يزيد في الرزق والاستغناء يزيد في الرزق ، ومواساة الاخ في الله تزيد في الرزق ، والبكور في طلب الرزق تزيد في الرزق ، وإجابة المؤذن تزيد في الرزق ، وترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق ، ثم ساق الحديث من هنا إلى آخر الخبر كما في الخصال.

وأقول : الظاهر أن قوله : «كشح الغناء» مصحف قوله : «كسح الفنا».

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٩٣. (٢) يعنى عتبة الباب وهى الخشبة التى يوطأ عليها.

٣١٥

كما وقع ذلك في بعض نسخه ، وفي سائر الكتب أيضا ، وكذا قوله : «والاستغناء» الحق أنه تصحيف قوله : «والاستغفار» كما في بعض نسخه وفي الخصال وغيرهما أيضا.

٣ ـ ل : عن العطار ، عن أبيه عن الاشعري عن اليقطيني ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق (١).

٤ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : تقليم الاظفار يمنع الداء الاعظم ويدر الرزق ويورده (٢).

أقول : قد أوردنا في باب الاستغفار أنه يدر الرزق ، وأوردنا أخبارا في ذلك في باب تقليم الاظفار وأخذ الشارب أيضا.

٥ ـ صح : عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : التوحيد نصف الدين واستزلوا الرزق من عند الله بالصدقة (٣).

٦ ـ دعوات الراوندى : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : نظفوا بيوتكم من غزل العنكبوت ، فان تركه في البيت يورث الفقر.

وشكا رجل إلى أبي عبدالله عليه‌السلام [ عن الفقر ] فقال : أذن كلما سمعت الاذان كما يؤذن المؤذنون.

وعنه عن آبائه عليهم‌السلام قال : من لم يسأل الله من فضله افتقر.

وقال الصادق عليه‌السلام : إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل فاذا حرم صلاة الليل حرم بها الرزق.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تفاقر افتقر.

أقول : وقد روي في بعض الكتب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : الفقر من خمسة وعشرين شيئا : البول عريانا ، والاكل في حالة الجنابة وتحقير فتات

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٢٨. (٢) الخصال ج ٢ ص ١٥٦.

(٣) صحبفة الرضا : ١٠.

٣١٦

الخبز ، وتحريق قشر الثوم والبصل ، والتقديم على المشايخ ، ودعوة الوالدين باسمهما ، والتخليل بكل خشب وتغسيل اليدين بالطين ، والقعود على عبتة الباب والوضوء عند الاستنجاء (١) وترك القصارة ، وخياطة الثوب على النفس ، ومسح الوجه بالذيل ، والاكل نائما ، وترك نسج العنكبوت في البيت ، والخروج من المسجد سريعا ، والدخول في السوق بالبكرة ، والخروج عن السوق عشيا ، وابتياع الخبز من الفقراء ودعاء السوء على الوالدين ، وطفئ السراج بالنفخ ، وكنس البيت بالخرقة وقص الاظفار بالاسنان.

واعلم أنه قد يظن أن تلك الرواية من طرق العامة ولكن لابأس ثم أقول : المذكور من جملة الخصال في هذا الخبر : ثلاث وعشرون خصلة وفي صدره أنها خمس وعشرون ، فلعله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد عد تحريق قشر الثوم والبصل اثنين ، وكذا دعوة الوالدين باسمهما أيضا أمرين فتأمل.

ثم اعلم أن أكثر ما ورد في هذا الخبر قد روي في مطاوي كتب أخبارنا وبعضها مما قد اشتهر على الالسنة أيضا وسيأتي في الابواب الآتية أنها تورث الغم والهم ، وأمثال ذلك أيضا كما يظهر عند التتبع وأما الوضوء عند الاستنجاء فالذي نقله العلامة الحلي في أثناء فتاواه للسيد مهنا بن سنان المدني إنماهو أن الوضوء في الخلاء يورث الفقر ، فلعل كلا الامرين يورث الفقر ، أوأن أحدهما من باب الاشتباه وأما أن «الجلوس على عتبة الباب يورث الفقر» فقد روي أيضا أنه يورث الغم كما سيجئ ، والمشهور أنه يورث التهمة فلعل ذلك يورث تلك الامور جميعا ، فحينئذ ظن أن أحد هذه المرويات من باب الاشتباه سهو وأما منع الخياطة على النفس فهو في غاية الشهرة بين الناس أيضا ، ولا سيما فيما بين النسوان من غير ذكر سبب للنهي أو العلة أنها تورث الغم أو الهلاك ، إلا أن المشهور المنع منها مطلقا ، سواء كان الخياط نفسه ، أوغيره ، ويقولون أيضا بزوال الكراهة إن أخذ الانسان شيئا بأسنانه أو في فيه حال الخياطة والمذكور في هذا الخبر خياطة الانسان نفسه ثوبه على نفسه خاصة فتدبر.

____________________

(١) يعنى في موضع الاستنجاء سواء كان خلاء أوساحة أو سطحا.

٣١٧

وقال المححقق الطوسي رضوان الله عليه في رسالة آداب المتعلمين : الفصل الثاني عشر فيما يجلب الرزق ، وما يمنع الرزق وما يزيد في العمر ، وما ينقص ثم لابد لطالب العلم من القوت ، ومعرفة مايزيد فيه ، وما يزيد في العمر ، وما ينقص والصحة ، ليكون بفراغ البال لطلب العلم ، وفي كل ذلك صنفوا كتابا فأوردت البعض ههنا على الاختصار.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يزيد في القوت إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر ، ثبت بهذا الحديث أن ارتكاب الذنب سبب حرمان الرزق خصوصا الكذب يورث الفقر ، وقد ورد حديث خاص لذلك وكذا كثرة الصحبة تمنع الرزق وكثرة النوم عريانا ، والبول عريانا ، والاكل جنبا ، والتهاون بسقاط المائدة وحرق قشر البصل والثوم ، وكنس البيت في الليل ، وترك القمامة في البيت والمشي قدام المشايخ ونداء الوالدين [ الابوين ] باسمهما ، والخلال بكل خشب ، وغسل اليدين بالطين والتراب ، والجلوس على العتبة والعقبة والاتكاء على أحد زوجي الباب والتوضي في المبرز ، وخياطة الثوب على البدن وتجفيف الوجه بالثوب وترك البيت العنكبوت في البيت ، والتهاون بالصلاة وإسراع الخروج من المسجد والابتكار في الذهاب إلى السوق ، والابطاء في الرجوع منه ، وشراء كسرات الخبز من الفقرا والسائلين ، ودعاء الشر على الوالدين وترك تطهير الاواني ، وإطفاء السراج بالنفس.

كل ذلك يورث الفقر عرف بالآثار ، وكذا الكتابة بالقلم المعقود والامتشاط بالمشط المنكسر وترك الدعاء للوالدين والتعمم قاعدا ، والتسرول قائما والبخل والتقتير والاسراف والكسل والتواني التهاون في الامور وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : واستنزلوا الرزق بالصدقة والبكور مبارك يزيد في جميع النعم خصوصا في الرزق وحسن الخط من مفاتيح الرزق ، وطيب الكلام يزيد في الرزق.

عن الحسن بن علي عليهما‌السلام ترك الزنا وكنس الفنا وغسل الاناء مجلبة للغنا وأقوى الاسباب الجالبة للرزق إقامة الصلاة بالتعظيم والخشوع ، وقراءة سورة

٣١٨

الواقعة ، خصوصا بالليل ووقت العشاء وسورة يس وتبارك الذي بيده الملك وقت الصبح وحضور المسجد قبل الاذان والمداومة على الطهارة وأداء سنة الفجروا لوتر في البيت وأن لا يتكلم بكلام لغو ، من اشتغل بمالا يعنيه فانه مايعينه قال علي عليه‌السلام : إذا تم العقل نقص الكلام ومما يزيد في العمر ترك الاذى وتوقير الشيوخ وصلة الرحم وأن يحترز عن قطع الاشجار الرطبة إلا عند الضرورة وإسباغ الوضوء وحفظ الصحة هذا آخر كلام المحقق الطوسي في تلك الرسالة (١).

٦١

* ( باب ) *

*«(الامور التى تورث الحفظ والنسيان ومايورث الجنون)»*

١ ـ ل : عن أبيه عن سعد عن اليقطيني عن الدهقان ، عن درست ، عن عبدالحميد ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : تسعة يورثن النسيان : أكل التفاح يعني الحامض ، والكزبرة والجبن ، وأكل سؤر الفار والبول في الماء الواقف وقراءة كتابة القلبور ، والمشي بين امر أتين ، وإلقاء القملة والحجامة في النقرة (٢).

٢ ـ ل : فيما أوصي به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام مثله (٣).

وفيه : ياعلي ثلاث يزدن في الحفظ ويذهبن السقم : اللبان والسواك وقراءة القرآن (٤).

دعوات الراوندى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياعلي تسع يورثن النسيان وذكر مثله ، وقال : ياعلي ثلاث يخاف منها الجنون : التغوط بين القبور والمشي في خف واحد ، والرجل ينام وجده.

٣ ـ أقول : وروي الصدوق في من لايحضره الفقيه في طي وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

راجع رسالة آداب المتعلمين في هامش جامع المقدمات ص ١٩٨ وفيه اختلاف (٢ و ٣) الخصال ج ٢ ص ٤٦ والنقرة منقطع القمحودة في القفا.

(٤) الخصال ج ١ ص ٦٢.

٣١٩

ياعلي : تسعة أشياء تورث النسيان : أكل التفاح الحامض وأكل الكزبرة والجبن ، وسؤر الفار وقراءة كتابة القبور ، والمشي بين امرءتين ، وطرح القملة والحجامة في النقرة والبول في الماء الراكد (١).

٤ ـ مكا : عن الصادق ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : ثلاث يذهبن بالبلغم ويزدن في الحفظ : السواك والصوم ، وقراءة القرآن (٢).

وقال المحقق الطوسي رحمه‌الله في آخر رسالة آداب المتعلمين : الفصل الحاديعشر فيما يورث الحفظ ، ومايورث النسيان وأقوى أسباب الحفظ الجد والمواظبة ، وتقليل الغذاء ، وصلاة الليل بالخضوع والخشوع ، وقراءة القرآن من أساب الحفظ وتقليل الغذا وصلاة الليل بالخضوع والخشوع ، وقراءة القرآن من أسباب الحفظ وقيل : ليس شئ أزيد للحفظ من قراءة القرآن لا سيما آية الكرسي وقراءة القرآن نظر أفضل لقوله عليه‌السلام : أفضل أعمال امتي قراءة القرآن نظرا وتكثير الصلوات على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والسواك ، وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر ، وأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم ، وكل شئ يورث الحفظ ويشفي من كثير الامراض والاسقام وكل مايقلل البلغم والرطوبات يزيد في الحفظ وكلما يزيد في البلغم يورث النسيان.

وأما ما يورث النسيان فالمعاصي كثيرا وكثرة الهموم والاحزان في امور الدنيا وكثرة الاشتغال والعلائق وقد ذكرنا أنه لاينبغي للعاقل أن يهم لامور الدنيا لانه يضر ولا ينفع وهموم الدنيا لا تخلو عن الظلمة في القلب ، وهموم الآخرة لاتخلو من النور في القل ، وتحصيل العلوم ينفي الهم والحزن وأكل الكزبرة والتفاح الحامض ، والنظر إلى المصلوب وقراءة لوح القبور والمرور بين القطار من الجمل وإلقاء القمل الحي على الارض ، والحجامة على نقرة القفا ، كل ذلك تورث النسيان.

هذا تمام كلام المحقق الطوسي رحمه‌الله في الرسالة المذكورة.

وروى أبوالوزير بن أحمد الابهري في رسالة طب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن سيدنا.

____________________

(١) فقيه من لايحضره الفقيه ج ٤ ص ٢٦١. (٢) مكارم الاخلاق : ٥٥.

٣٢٠