بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ابن المعلى ، عن إسماعيل بن يسار ، عن أحمد بن زياد بن أرقم الكوفي ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أيما أهل بيت اعطوا حظهم من الرفق فقد وسع الله عليهم في الرزق ، والرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال ، والرفق لايعجز عنه شئ ، والتبذير لا يبقى معه شئ ، إن الله عزوجل رفيق يحب الرفق (١).

بيان : «اعطوا حظهم» أي أعطاهم الله نصيبا وافرا «من الرفق» أي رفق بعضهم ببعض أو رفقهم بخلق الله أو رفقهم في المعيشة بالتوسط من غير إسراف وتقتير أو الاعم من الجميع «فقد وسع الله عليهم في الرزق» لان أعظم أسباب الرزق المداراة مع الخلق ، وحسن المعاملة معهم ، فانه يوجب إقبالهم إليه ، مر أن الله تعالى يوفقه لاطاعة أمره لاسيما مر التقدير في المعيشة كما قال عليه‌السلام : «والرفق في تقدير المعيشة» أي في خصوص هذا الامر أو معه بأن يكون «في» بمعنى «مع» وتقدير المعيشة يكون بمعنى التقتير كقوله تعالى : «يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر» (٢) وبمعنى التوسط بين الاسراف والتقتير ، وهو المراد هنا «خير من السعة في المال» أي بلا تقدير.

وقوله عليه‌السلام : «الرفق لا يعجز عنه شئ» كأنه تعليل للمقدمتين السابقتين أي الرفق في تقدير المعيشة لا يضعف ولا يقصر عنه شئ من المال ، أو الكسب لان القليل منهما يكفي مع التقدير ، والقدر الضرورى قد ضمنه العدل الحكيم والتبذير أي الاسراف لايبقى معه شئ من المال ، وإن كثر وقيل : أراد بقوله : «الرفق لا يعجزه عنه شئ» أن الرفيق يقدر على كل ما يريد بخلاف الاخرق ، ولا يخفى مافيه ، ثم قال : والسر في جميع ذلك أن الناس إذا رأوا من أحد الرفق أحبوه وأعانوه وألقى الله تعالى له في قلوبهم العطف والود فلم يدعوه يتعب أو يتعسر عليه أمره.

٢٩ ـ كا : عن على بن إبراهيم رفعه عن صالح بن عقبة ، عن هشام بن أحمر

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١١٩. الرعد : ٢٦ وغيرها.

٦١

عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قال لي وجرى بيني وبين رجل من القوم كلام فقال لي : ارفق بهم فان كفر أحدهم في غضبه ، ولا خير فيمن كان كفره في غضبه (١).

ايضاح : «فان كفر احدهم في غضبه» لان أكثر الناس عند الغضب يتكلمون بكلمة الكفر ، وينسبون إلى الله سبحانه وإلى الانبياء والاوصياء مالا يليق بهم ، وأي خير يتوقع ممن لا يبالي عند الغضب بالخروج عن الاسلام ، واستحقاق القتل في الدنيا والعقاب الدائم في الاخرة ، فإذا لم يبال بذلك لم يبال بشتمك وضربك وقتلك والافتراء عليك بما يوجب استيصالك ، ويحتمل أن يكون الكفر هنا شاملا لارتكاب الكبائر كما مر أنه أحد معانيه.

٣٠ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن علي بن حسان ، عن موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال ، الرفق نصف العيش (٢).

بيان ، «نصف العيش» أي نصف أسباب العيش الطيب لان رفاهية العيش إما بكثرة المال والجاه ، وحصول أسباب الغلبة ، أو بالرفق في المعيشة والمعاشرة بل هذا أحسن كما مر وإذا تأملت ذلك علمت أنه شامل لجميع الامور حتى التعيش في الدار والمعاملة مع أهلها ، فان تحصيل رضاهم إما بالتوسعة عليهم في المال ، أو بالرفق معهم في كل حال ، وبكل منها يحصل رضاهم والغالب أنهم بالثاني أرضى.

٣١ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أن الله يحب الرفق ، ويعين عليه ، فإذا ركبتم العجف فأنزلوها منازلها ، فإن كانت الارض مجدبة فانجوا عليها ، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها (٣).

بيان : « ويعين عليه » أي يهيئ أسباب الرفق أو يعين بسبب الرفق أو معه أو كائنا عليه على سائر الامور كما مر والتفريع بقوله عليه‌السلام «فإذا ركبتم» للتنبيه على أن الرفق مطلوب حتى مع الحيوانات ، وقال في المغرب : العجف بالتحريك

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١١٩. (٢ و ٣) الكافى ج ٢ ص ١٢٠.

٦٢

الهزال ، والاعجف المهزول ، والانثى العجفاء والعجفاء يجمع على عجف كصماء على صم انتهى وقوله : «فأنزلوها منازلها» أولا يحتمل وجهين الاول أن يكون المراد الانزال المعنوي ، أي راعوا حالها في إنزالها المنازل والمراد في الثاني المعنى الحقيقي ، والثاني أن يكون الاول مجملا والثاني تفصيلا وتعيينا لمحل ذلك الحكم ، وعلى التقديرين الفاء في قوله : «فان كانت» للتفصيل ، وفي المصباح الجدب هو المحل لفظا ومعنى ، وهو انقطاع المطر ويبس الارض يقال : جدب البلد جدوبة فهو جدب وجديب ، وأرض جدبة وجدوب وأجدبت إجدابا فهي مجدبة وقال الجوهري : نجوت نجاء ممدود أي أسرعت وسبقت والناجية والنجاة الناقة السريعة تنجو بمن ركبتها ، والبعير ناج ، والخصب بالكسر نقيض الجدب ، وقد أخصبت الارض ، ومكان مخصب وخصيب وأخصب القوم أي صاروا إلى الخصب قوله : «فأنزلوها منازلها» أي منازلها اللائقة بحالها ، من حيث الماء والكلاء أو لا تجعلوا منزلين منزلا لضعف الدابة وإنما يجوز ذلك مع جدب الارض فان مصلحتها أيضا في ذلك.

٣٢ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن عمرو بن شمر عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو كان الرفق خلقا يرى ما كان مما خلق الله عزوجل شئ أحسن منه (١).

٣٣ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون ، عمن حدثه ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إن الله رفيق يحب الرفق ومن رفقه بكم تسليل أضغانكم ، ومضادة قلوبكم ، وإنه ليريد تحويل العبد عن الامر فيتركه عليه حتى يحوله بالناسخ كراهية تثاقل الحق عليه (٢).

بيان : قد عرفت الوجوه في حله وكان الانسب هنا عطف مضادة على أضغانكم إشارة إلى قوله تعالى : «لو أنفقت مافي الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم» (٣) ويحتمل أيضا العطف على التسليل بالاضافة إلى المفعول كما مر.

____________________

(١ و ٢) ج ٢ ص ١٢٠. (٣) الانفال : ٦٣.

٦٣

قوله : «كراهية تثاقل الحق عليه» قيل : الكراهية علة لتحويله بالناسخ والحق الامر المنسوخ ، ووجه التثاقل أن النفس يثقل عليها الامر المكروه ، وينشط بالامر الجديد ، أو علة لتحويله بالناسخ دون جمعه معه ، مع أن في كلا الامرين صلاح العبد إلا أن الرفق يقتضى النسخ لئلا يتثاقل الحق عليه انتهى.

أقول : لايخفى مافي الوجهين أما الاول فلان ترك المعتاد أشق على النفس ولذا كانت الامم يثقل عليهم قبول الشرائع المتجددة ، وإن كانت أسهل ، وكانوا يرغبون إلى ما ألفوا به ومضوا عليه من طريقة آبائهم ، نعم قد كان بعض الشرائع الناسخة أسهل من المنسوخة كعدة الوفاة فيها من السنة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام وكثبات القدم في الجهاد من العشر إلى النصف ، لكن أكثرها كان أشق ، وأما الثاني ففي غالب الامر لا يمكن الجمع بين الناسخ والمنسوخ لتضادهما كالقبلتين والعدتين والحكمين في الجهاد ، وتحليل الخمر وتحريمه ، وإباحة الجماع في ليالي شهر رمضان وعدمها ، والاكل والشرب فيها بعد النوم وعدمها ، نعم قد يتصور نادرا كصوم عاشورا ، وصوم شهر رمضان ، إن ثبت ذلك فالاوجه ما ذكر سابقا ٣٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله عزوجل أرفقهما بصاحبه (١).

بيان : يقال اصطحب القوم أي صحب بعضهم بعضا ، ويدل على فضل الرفق لاسيما في المصطحبين المترافقين.

٣٥ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن حسان ، عن الحسن بن الحسين ، عن الفضيل بن عثمان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من كان رفيقا في أمره نال مايريد من الناس (٢).

____________________

(١ و ٢) الكافي ج ٢ ص ١٢٠.

٦٤

٤٣

*(باب)*

*«( النصيحة للمسلمين ، وبذل النصح لهم ، وقبول النصح ممن ينصح)»*

١ ـ ل : عبدالرحمن بن محمد بن خالد البلخي ، عن العباس بن طاهر بن ظهير وكان من الافاضل ، عن نصر بن الاصبغ بن منصور ، عن موسى بن هلال عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن تميم الرازي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من يضمن لي خمسا أضمن له الجنة ، قيل : وما هي يارسول الله؟ قال : النصيحة لله عزوجل ، والنصيحة لرسوله ، والنصيحة لكتاب الله ، والنصيحة لدين الله ، والنصيحة لجماعة المسلمين (١).

أقول : قد مضى خبر قبول النصيحة في باب كظم الغيظ (٢) فيما اوحي إلي نبي من الانبياء.

٢ ـ لي : ابن الوليد ، عن ابن متيل ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن يونس عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : من رأى أخاه على أمر يكرهه فلم يرده عنه ، وهو يقدر عليه ، فقد خانه ، ومن لم يجتنب مصادقة الاحمق أوشك أن يتخلق بأخلاقه (٣).

٣ ـ ف : عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : المؤمن يحتاج إلى خصال : توفيق من الله ، وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه (٤).

٤ ـ ف : عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام أنه قال لبعض مواليه : عاتب فلانا وقل له : أن الله أذا أراد بعبد خيرا إذا عوتب قبل (٥).

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٤١. (٢) من أبواب مكارم الاخلاق راجع الخصال ج ١ ص ١٢٨.

(٣) أمالي الصدوق ص ١٦٢. (٤) تحف العقول ص ٤٨٠ ط الاسلامية.

(٥) تحف العقول ص ٥٠٩.

٦٥

٥ ـ ضا : أروي عن العالم عليه‌السلام في كلام طويل : ثلاث لايغل عليها قلب امرئ مسلم : أخلاص العمل لله ، والنصيحة لائمة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم وقال : حق المؤمن على المؤمن أن يمحضه النصيحة في المشهد والمغيب ، كنصيحته لنفسه ، ونروي من مشى في حاجة اخيه فلم يناصحه كان كمن حارب الله ورسوله ، وأروي من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، وأروي لا يقبل الله عمل عبد وهو يضمر في قلبه على مؤمن سوءا ، ونروي ليس منا من غش مؤمنا أو ضره أو ماكره ونروي الخلق عيال الله فأحب الخلق على الله من أدخل على أهل بيت مؤمن سرورا ومشى مع أخيه في حاجته (١).

٦ ـ سر : من كتاب المسائل من مسائل أيوب بن نوح وكتب إلى بعض أصحابنا عاتب فلانا وقل له : إن الله إذا أراد بعبد خيرا إذا عوتب قبل.

٧ ـ الدرة الباهرة : قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : كثرة النصح تدعو إلى التهمة.

٨ ـ نهج : قال لابنه الحسن عليهما‌السلام : ربما نصح غير الناصح ، وغش المستنصح (٢).

٤٤

*(باب)*

*«( الادب ، ومن عرف قدره ، ولم يتعد طوره)»*

١ ـ ن ، لى : ابن موسى ، عن الصوفي ، عن الروياني ، عن عبدالعظيم : عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ماهلك امرؤ عرف قدره (٣).

____________________

(١) الكتاب المعروف بفقه الرضا ص ٥٠. (٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٥١.

(٣) عيون الاخبار ج ٢ ص ٤٥ ، أمالى الصدوق ص ٢٦٧.

٦٦

ل : الحسن بن حمزة العلوي ، عن يوسف بن محمد الطبري ، عن سهل بن نجدة ، عن وكيع ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن عامر الشعبى ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله (١).

٢ ـ لى : ابن إدريس ، عن ابن هاشم ، عن ابن مرار ، عن يونس عن عبدالله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : خمس من لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع ، قيل : وما هن يا ابن رسول الله؟ قال : الدين ، والعقل ، والحياء وحسن الخلق ، وحسن الادب (٢).

٣ ـ لى : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لاحسب أبلغ من الادب.

أقول : قد مضى أخبار في باب جوامع المكارم (٣).

٤ ـ ل : العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن أبي عثمان ، عن أحمد بن عمر الحلال ، عن يحيى بن عمران الحلبي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا يطمعن ذو الكبر في الثناء الحسن ، ولا الخب في كثر الصديق ، ولا السيئ الادب في الشرف ، ولا البخل في صلة الرحم ، ولا المستهزئ بالناس في صدق المودة ، ولا القليل الفقه في القضاء ، ولا المغتاب في السلامة ، ولا الحسود في راحة القلب ، ولا المعاقب على الذنب الصغير السودد ولا القليل التجربة المعجب برأيه في رياسة (٤).

٥ ـ ل : عن ابن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : الادب رياسة (٥).

٦ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن عبدالله بن محمد ، عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال امير المؤمنين عليه‌السلام : العلم وراثة كريمة والاداب حلل حسان ، والفكرة مرآة صافية ، والاعتذار منذر ناصح وكفى بك أدبا لنفسك تركك ماكرهته لغيرك (٦).

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٤٥. (٢) أمالى الصدوق ص ١٧٥.

(٣) راجع ج ٦٩ ص ٣٨٩. (٤) الخصال ج ٢ ص ٥٣.

(٥) الخصال ج ٢ ص ٩٤. (٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ١١٣.

٦٧

٧ ـ نهج : الاداب حلل مجددة ، وقال عليه‌السلام هلك امرؤ لم يعرف قدره وقال عليه‌السلام لبعض مخاطبيه وقد تكلم بكلمة يستصغر مثله عن قبول مثلها : لقد طرت شكيرا وهدرت سقبا ، والشكير ههنا أول ماينبت من ريش الطائر ، قبل أن يقوى ويستحصف ، والسقب الصغير من الابل ولا يهدر إلا إذا استفحل (١).

٨ ـ كنز الكراجى : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الادب يغني عن الحسب وقال عليه‌السلام : الاداب تلقيح الافهام ونتايج الاذهان ، وقال عليه‌السلام : حسن الادب ينوب عن الحسب.

٤٥

*(باب)*

*«( فضل كتمان السر وذم الاذاعة)»*

١ ـ أقول : قد مضى في باب من ينبغي مصادقته عن الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من كتم سره كانت الخيرة بيده ، وكل حديث جاوز اثنين فشا (٢).

٢ ـ ل ، ن أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن سهل ، عن الحارث بن الدلهاث ، عن الرضا عليه‌السلام قال : لايكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، وسنة من نبيه ، وسنة من وليه ، فالسنة من ربه كتمان سره ، قال الله عزوجل : «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) وأما السنة من نبيه فمداراة الناس فان الله عزوجل أمر نبيه بمداراة الناس وقال : خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين» (٤) وأما السنة من وليه فالصبر على البأساء والضراء ، فان الله عزوجل يقول :

____________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٤ من الحكم ثم الرقم ١٤٩ ثم الرقم ٤٠٢.

(٢) راجع ج ٧٤ ص ١٨٧ (٣) الجن : ٢٧.

(٤) الاعراف : ١٩٩.

٦٨

«والصابرين في البأساء والضراء» (١).

مع : علي بن أحمد بن محمد ، عن الاسدى ، عن سهل ، عن مبارك مولى الرضا عنه عليه‌السلام مثله (٢).

٣ ـ ن : ابن المتوكل وابن عصام والمكتب والوراق والدقاق جميعا ، عن الكليني ، عن على بن إبراهيم العلوي ، عن موسى بن محمد المحاربي ، عن رجل قال : قال المأمون للرضا عليه‌السلام : أنشدني أحسن مارويته في كتمان السر فقال عليه‌السلام :

وإني لانسى السر كيلا اذيعه

فيامن رأى سرا يصان بأن ينسى

مخافة أن يجري ببالي ذكره

فينبذه قلبي إلى ملتوى الحشا

فيوشك من لم يفش سرا وجال في

خواطره أن لايطيق له حبسا (٣)

٤ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني عن الدهقان ، عن درست هن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أربعة يذهبن ضياعا : مودة تمنحها من لا وفاء له ومعروف عند من لا يشكر له ، وعلم عند من لا استماع له ، وسر تودعه عند من لاحصافة له (٤).

٥ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : طوبى لعبد نؤمة عرف الناس فصاحبهم ببدنه ، ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه ، فعرفهم في الظاهر ، ولو يعرفوه في الباطن (٥).

٦ ـ ل : أبي ، عن الحميري ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب ، عن ابن عطية ، عن الثمالى ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : وددت أني افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض [ لحم ] ساعدي : النزق وقلة الكتمان (٦).

أقول : قد مر في الابواب السابقة وصية أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى ابنه وقد

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٤١ ، عيون الاخبار ج ١ ص ٢٥٦. والاية في البقرة : ١٧٧.

(٢) معانى الاخبار ص ١٨٤. (٣) عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٥.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٢٦. (٥) الخصال ج ٢ ص ١٦.

(٤) الخصال ج ١ ص ٢٤.

٦٩

أوردنا بعضها في باب التقية وبعضها في كتاب العلم.

٧ ـ ما : عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كتمان سرنا جهاد في سبيل الله.

٨ ـ مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن سنان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : طوبى لعبد نؤمة عرف الناس فصاحبهم ببدنه ، ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه. فعرفوه في الظاهر ، وعرفهم في الباطن (١).

٩ ـ مع : ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن الحسين بن سفيان ، عن سلام بن أبي عمرة ، عن معروف بن خر بوذ ، عن أبي الطفيل أنه سمع امير المؤمنين عليه‌السلام يقول : أن بعدي فتنا مظلمة عمياء متشككة ، لا يبقى فيها إلا النومة قيل : وما النومة يا أمير المؤمنين؟ قال : الذي لايدري الناس مافي نفسه (٢).

١٠ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن النهيكي ، عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله : رجل زوج أخاه المسلم أو أخدمه أو كتم له سرا (٣).

١٠ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي عن ابن أبي عثمان ، عن أحمد بن عمر ، عن يحيى الحلبي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : سبعة يفسدون أعمالهم : الرجل الحليم ذو العلم الكثير لايعرف بذلك ولا يذكر به ، والحكيم الذي يدبر (٤) ماله كل كاذب منكر لما يؤتى إليه والرجل الذي يأمن ذا المكر والخيانة ، والسيد الفظ الذي لا رحمة له ، والام التى لا تكتم عن الولد السر وتفشي عليه (٥) والسريع إلى لائمة إخوانه ، والذي

____________________

(١) معاني الاخبار ص ٣٨٠. (٢) معانى الاخبار ص ١٦٦.

(٣) الخصال ج ١ ص ٦٩.

(٤) يعنى يكل تدبير ماله إلى كل كاذب منكر ، ويحتمل أن يكون الصحيح «يدين» أي يقرض ماله لمن هو كذلك (٥) السر : النكاح.

٧٠

يجادل أخاه مخاصما له (١).

١٢ ـ لى : قال الصادق عليه‌السلام لبعض أصحابه : لا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك ، فان الصديق قد يكون عدوك يوما ما (٢).

١٣ ـ ف : عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : إظهار الشئ قبل أن يستحكم مفسدة له (٣).

سن : أبويوسف النجاشي ، عن يحيى بن ملك ، عن الاحول وغيره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٤).

١٤ ـ ختص : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : جمع خير الدنيا والاخرة في كتمان السر ومصادقة الاخيار ، وجمع الشر في الاذاعة ومواخاة الاشرار (٥).

١٥ ـ الدرة الباهرة : قال الصادق عليه‌السلام : سرك من دمك ، فلا يجرين من غير أوداجك.

١٦ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام الظفر بالحزم ، والحزم باجالة الرأي والرأي بتحصين الاسرار (٦).

وقال عليه‌السلام : صدر العاقل صندوق سره (٧).

وقال عليه‌السلام : من كتم سره كانت الخيرة بيده (٨).

وقال عليه‌السلام : المرؤ أحفظ لسره (٩).

١٧ ـ اعلام الدين : قال الصادق عليه‌السلام : صدرك أوسع لسرك.

١٨ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال ووددت والله أني

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٥. (٢) أمالى الصدوق ٣٩٧.

(٣) تحف العقول ص ٤٨٠. (٤) المحاسن ص ٦٠٣.

(٥) الاختصاص ٢١٨. (٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥٥.

(٧) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٤. (٧) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٤.

(٩) نهج البلاغة ج ٢ ص ٥١.

٧١

افتديت خصلتين في شيعة لنا ببعض لحم ساعدي : النزق ، وقلة الكتمان (١).

بيان : «لوددت» بكسر الدال وفتحها أي أحببت ويقال : فداه يفديه فداء وافتدى به وفاداه أعطى شيئا فأنقذه وكأن المعنى وددت أن أهلك واذهب تينك الخصلتين من الشيعة ولو انجر الامر إلى أن يلزمنى أن اعطي فداء عنهما بعض لحم ساعدي ، أو يقال : لما كان افتداء الاسير إعطاء شئ لاخذ الاسير ممن أسره استعير هنا لاعطاء الشيعة لحم الساعد لاخذ الخصلتين منهم ، أو يكون على القلب والمعنى إنقاذ الشيعة من تينك الخصلتين ، والنزق بالفتح الطيش والخفة عند الغضب والمراد بالكتمان إخفاء أحاديث الائمة وأسرارهم عن المخالفين عند خوف الضرر عليهم وعلى شيعتهم ، أو الاعم منه من كتمان أسرارهم وغوامض أخبارهم عمن لا يحتمله عقله.

١٩ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن أبي اسامة زيد الشحام قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : امر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شئ : الصبر والكتمان (٢).

بيان : «فصاروا منهما» أي بسببهما أي بسبب تضييعهما «على غير شئ» من الدين ، أو ضيعوهما بحيث لم يبق في أيديهم شئ منهما الصبر على البلايا وأذى الاعادي وكتمان الاسرار عنهم كما مر في قوله تعالى : «بما صبروا ويدرؤن بالحسنة السيئة» (٣).

٢٠ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن يونس بن عمار ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ، ومن أذاعه أذله الله (٤).

بيان : «أعزه الله» خبر واحتمال الدعاء بعيد.

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٢١. (٢) ج ٢ ص ٢٢٢.

(٣) القصص : ٥٤. (٤) الكافي ج ٢ ص ٢٢٢.

٧٢

٢١ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله ابن بكير ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : دخلنا عليه جماعة فقلنا : يا ابن رسول الله إنا نريد العراق فأوصنا ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام : ليقو شديدكم ضعيفكم وليعد غنيكم على فقيركم ، ولا تبثوا سرنا ، ولا تذيعوا أمرنا ، وإذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به ، وإلا فقفوا عنده ، ثم ردوه إلينا ، حتى يستبين لكم ، واعلموا أن المنتظر لهذا الامر له مثل أجر الصائم القائم ، ومن أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدونا كان له مثل أجر عشرين شهيدا ، ومن قتل مع قائمنا كان له مثل أجر خمسة وعشرين شهيدا (١).

بيان : «جماعة» منصوب على الحالية أي مجتمعين معا «ليقو شديدكم» أي بالاغاثة والاعانة ورفع الظلم أو بالتقوية في الدين ودفع الشبه عنه «وليعد» يقال : عاد بمعروفه من باب قال أي أفضل ، والاسم العائدة وهي المعروف والصلة «ولا تبثوا سرنا» أي الاحكام المخالفة لمذهب العامة عندهم «ولا تذيعوا أمرنا» أي أمر إمامتهم وخلافتهم وغرائب أحوالهم ومعجزاتهم عند المخالفين ، بل الضعفة من المؤمنين ، إذا كانوا في زمان شديد ، وكان الناس يفتشون أحوالهم ويقتلون أشياعهم وأتباعهم.

وأما إظهارها عند عقلاء الشيعة وامنائهم وأهل التسليم منهم ، فأمر مطلوب كما مر «فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله» كأنه محمول على ما إذا كان مخالفا لما في أيديهم ، أو على ما إذا لم يكن الراوي ثقة ، أو يكون الغرض موافقته لعمومات الكتاب كما ذهب إليه الشيخ من عدم العمل بخبر الواحد ، إلا إذا كان موافقا لفحوى الكتاب والسنة المتواترة على التفصيل الذي ذكره في صدر كتابي الحديث (٢) «وإلا فقفوا عنده» أي لا تعملوا به ولا تردوه ، بل توقفوا عنده ، حتى تسألوا عنه الامام ، وقيل : المراد أنه إذا وصل إليكم منا حديث يلزمكم العمل به ، فإن وجدتم عليه شاهدا من كتاب الله يكون لكم مفرا عند المخالفين إذا سألوكم عن دليله ، فخذوا المخالفين به وألزموهم وأسكنوهم ، ولا تتقوا منهم ، وإن لم تجدوا

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٢٢٢. (٢) يعنى كتابه التهذيب والاستبصار.

٧٣

شاهدا فقفوا عنده ، أي فاعملوا به سرا ولا تظهروه عند المخالفين ، ثم ردوه إلى العلم بالشاهد إليها أي سلونا عن الشاهد له من القرآن حتى نخبركم بشاهده من القرآن ، فعند ذلك أظهروه لهم ، ولا يخفى ما فيه.

«لهذا الامر» أي لظهور دولة القائم عليه‌السلام.

٢٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن عبدالاعلى قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنه ليس من احتمال أمرنا التصديق له والقبول فقط ، من احتمال أمرنا ستره وصيانته من غير أهله ، فأقرئهم السلام وقل لهم : رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه ، حدثوهم بما يعرفون واستروا عنهم ما ينكرون ، ثم قال : والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤنة من الناطق علينا بما نكره ، فاذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه وردوه عنها ، فان قبل منكم وإلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه ويسمع منه ، فان الرجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى له ، فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم فان هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت اقدامكم ، ولاتقولوا إنه يقول ويقول فإن ذلك يحمل علي وعليكم.

أما والله لو كنتم تقولون ما أقول لاقررت أنكم أصحابي ، هذا أبوحنيفة له أصحاب ، وهذا الحسن البصري له أصحاب ، وأنا امرؤ من قريش قد ولدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلمت كتاب الله ، وفيه تبيان كل شئ بدء الخلق وأمر السماء وأمر الارض ، وأمر الاولين وأمر الاخرين ، وأمر ما كان ، وما يكون ، كأني أنظر إلى ذلك نصب عينى (١).

تبيان : كأن المراد بالتصديق الاذعان القلبي وبالقبول والاقرار الظاهري فقط أو مع العمل و «من» في الموضعين للتبعيض أي ليست أجزاء احتمال أمرنا أي قبول التكليف الالهي في التشيع ، منحصرة في الاذعان القلبي «والاقرار الظاهري» بل من اجزائه ستره وصيانته ، أي حفظه وضبطه من غير أهله ، وهم المخالفون

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٢٢.

٧٤

والمستضعفون من الشيعة ، والضمير في «فأقرئهم» راجع إلى المحتملين أو مطلق الشيعة ، بقرينة المقام ، وفي القاموس : قرأ عليه أبلغه كأقرأه ، أو يقال أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا ، وقال : الجر الجذب كاجترار ، وقوله : «حدثوهم» بيان لكيفية اجترار مودة. الناس «بما يعرفون» أي من الامور المشتركة بين الفريقين ، والمؤنة المشقة «فتحملوا عليه» أي احملوا أو تحاملوا عليه أو تكلفوا أن تحملوا عليه «بمن يثقل عليه» أي يعظم عنده أو يثقل عليه مخالفته ، وقيل : من يكون ثقيلا عليه لا مفر له إلا أن يسمع منه ، في القاموس : حمله على الامر فانحمل أغراه به ، وحمله الامر تحميلا فتحمله تحملا ، وتحامل في الامر وبه تكلفه على مشقة ، وعليه كلفه مالا يطيق ، وقال : لطف كنصر لطفا بالضم رفق ودنا ، والله لك : أوصل إليك مرادك بلطف انتهى.

ودفن الكلام تحت الاقدام كناية عن إخفائه وكتمه «إنه يقول ويقول» أي لاتكرروا قوله في المجالس ، ولو على سبيل الذم «فان ذلك يحمل» أي الضرر «علي وعليكم» أو يغري الناس علي وعليكم «لو كنتم تقولون ما أقول» أي من التقية وغيرها ، أو تعلنون ما اعلن «له أصحاب» أي ترونهم يسمعون قوله ، ويطيعون أمره مع جهالته وضلالته «وأنا امرؤ من قريش» وهذا شرف واللذان تقدم ذكرهما ليسا منهم «قد ولدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» أي أنا من ولده فيدل على أن ولد البنت ولد حقيقة كما ذهب أليه جماعة من أصحابنا ، ومن قرأ «ولدني» على بناء التفعيل أي أخبر بولادتي وإمامتي في خبر اللوح ، فقد تكلف «كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني» أي أعلم جميع ذلك من القرآن بعلم يقيني » كأنني أنظر إلى جميع ذلك وهي نصب عيني وفي القاموس : هذا نصب عيني بالضم والفتح أو الفتح لحن.

٢٣ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الربيع بن محمد المسلمي ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال

٧٥

لي : مازال سرنا مكتوما حتى صار في يدي ولد كيسان فتحدثوا به في الطريق وقرى السواد (١).

بيان «المراد بولد كيسان أولاد المختار الطالب بثأر الحسين عليه‌السلام وقيل : المراد بولد كيسان أصحاب الغدر والمكر الذين ينسبون أنفسهم من الشيعة وليسوا منهم ، في القاموس : كيسان اسم للغدر ولقب المختار بن أبي عبيد المنسوب إليه الكيسانية ، وفي الصحاح : سواد البصرة والكوفة قراهما ، وقيل : السواد ناحية متصلة بالعراق أطول منها بخمسة وثلاثين فرسخا ، وحده في الطول من الموصل إلى عبادان ، وفي العرض من العذيب إلى حلوان وتسميتها بالسواد لكثرة الخضرة فيها.

٢٤ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا ، وإن أسوءهم عندي حالا وأمقتهم الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله اشمأز منه وجحده ، وكفر من دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج ، وإلينا اسند ، فيكون بذلك خارجا من ولايتنا (٢).

بيان : الشمز : نفور النفس مما تكره ، وتشمز وجهه تمعر وتقبض واشمأز انقبض واقشعر أو ذعر ، والشئ كرهه ، والمشمئز : النافر الكاره والمذعور انتهى (٣) « وهو لا يدري» إشارة إلى قوله تعالى : «بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله» (٤) ويدل على عدم جواز إنكار ماوصل إلينا من أخبارهم ، وإن لم تصل إليه عقولنا ، بل لابد من رده إليهم حتى يبينوا.

٢٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن يحيى ، عن حريز ، عن معلى بن خنيس قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : يامعلى اكتم أمرنا ولا تذعه ، فانه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا ، وجعله نورا بين عينيه

____________________

(١ و ٢) الكافي ج ٢ ص ٢٢٣. (٣) القاموس ج ٢ ص ١٧٩.

(٤) يونس : ٣٩.

٧٦

في الاخرة يقوده إلى الجنة ، يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا ونزع النور من بين عينيه في الاخرة ، وجعله ظلمة تقوده إلى النار ، يامعلى إن التقية من ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لاتقية له ، يا معلى إن الله يحب أن يعبد في السر ، كما يحب أن يعبد في العلانية ، يامعلى إن المذيع لامرنا كالجاحد له (١).

بيان : قد مر مضمونه في آخر الباب السابق ، وكأنه عليه‌السلام كان يخاف على المعلى القتل لما يرى من حرصه على الاذاعة ، ولذلك أكثر من نصيحته بذلك ، ومع ذلك لم تنجع نصيحته فيه وإنه قد قتل بسب ذلك ، وتأتي أخبار الاذاعة في بابها إنشاء الله.

٢٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي ، عن مروان بن مسلم ، عن عمار قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : أخبرت بما أخبرتك به أحدا؟ قلت : لا ، إلا سليمان بن خالد ، قال : أحسنت أما سمعت قول الشاعر :

فلا يعدون سري وسرك ثالثا

ألا كل سر جاوز اثنين شائع (٢)

بيان : قوله «أخبرت» إما على بناء الافعال بحذف حرف الاستفهام ، أو على بناء التفعيل باثباته ، وفيه مدح عظيم لسليمان إن حمل قوله أحسنت على ظاهره وإن حمل على التهكم فلا ، وهو أوفق بقوله «أو ما سمعت» فان سليمان كان ثالثا «ولا يعدون» نهي غائب من باب نصر مؤكد بالنون الخفيفة ، والمراد بالاثنين الشخصين وكون المراد بهما الشفتين فيه لطف ، لكن لا يناسب هذا الخبر فتدبر وقيل : كان الاستشهاد للاشعار بأن هذا مما يحكم العقل الصريح بقبحه ، ولا يحتاج إلى السماع عن صاحب الشرع.

٢٧ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن مسألة فأبى وأمسك ثم قال : لو أعطيناكم كلما تريدون

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٢٣. (٢) الكافي ج ٢ ص ٢٢٤.

٧٧

كان شرا لكم وأخذ برقبة صاحب هذا الامر ، قال أبوجعفر عليه‌السلام : ولاية الله أسرها إلى جبرئيل ، وأسرها إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأسرها محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام وأسرها علي عليه‌السلام إلى من شاء الله ، ثم أنتم تذيعون ذلك! كم الذي أمسك حرفا سمعه؟ قال أبوجعفر عليه‌السلام : في حكمة آل داود : ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه ، مقبلا على شأنه ، عارفا بأهل زمانه.

فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا ، فلولا أن الله يدافع عن أوليائه ، وينتقم لاوليائه من أعدائه ، أما رأيت ماصنع الله بآل برمك؟ وما انتقم الله لابي الحسن عليه‌السلام؟ وقد كان بنو الاشعث على خطر عظيم ، فدفع الله عنهم بولايتهم لابي الحسن ، أنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة ، وما أمهل الله لهم ، فعليكم بتقوى الله ، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ، ولاتغتروا بمن قد امهل له ، فكأن الامر قد وصل إليكم (١).

تبيان : قوله «عن مسألة» كأنها كانت مما يلزم التقية فيها ، أو من الاخبار الاتية التي لا مصلحة في إفشائها ، أو من الامور الغامضة التي لاتصل إليها عقول أكثر الخلق كغرائب شؤونهم وأحوالهم عليهم‌السلام وأمثالها من المعارف الدقيقة «واخذ» بصيغة المجهول عطفا على «كان» أو على صيغة التفضيل ، عطفا على شر ، أو نسبة الاخذ إلى الاعطاء إسناد إلى السبب «وصاحب هذا الامر» الامام عليه‌السلام «ولاية الله» أي الامامة وشؤنها وأسرارها وعلومها ولاية الله وإمارته وحكومته ، وقيل : المراد تعيين أوقات الحوادث ، ولا يخفى مافيه «إلى من شاء الله» أي الائمة.

«ثم أنتم» ثم للتعجب وقيل : استفهام إنكاري «من الذي أمسك» الاستفهام للانكار أي يمسك أحد من أهل هذا الزمان حرفا لايذيعه فلذا لانعتمد عليهم أو لاتعتمدوا عليهم «في حكمة آل داود» أي الزبور أو الاعم منه أي داود وآله «مالكا لنفسه» أي مسلطا عليها يبعثها إلى ماينبغي ويمنعها عما لا ينبغي ، أو مالكا لاسرار نفسه لا يذيعها «مقبلا على شأنه» أي مشتغلا باصلاح نفسه متفكرا فيما ينفعه فيجلبه وفيما

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٢٤.

٧٨

يضره فيجتنبه «عارفا بأهل زمانه» فيعرف من يحفظ سره ومن يذيعه ، ومن تجب مودته أو عداوته ، ومن ينفعه مجالسته ومن تضره «حديثنا» أي الحديث المختص بنا عند المخالفين ، ومن لايكتم السر «فلولا» الفاء للبيان ، وجزاء الشرط محذوف أي لانقطعت سلسلة أهل البيت وشيعتهم بترككم التقية أو نحو ذلك.

«أما رأيت ماصنع الله بآل برمك» أقول : دولة البرامكة وشوكتهم وزوالها عنهم معروفة في التواريخ «وما انتقم الله لابي الحسن» أي الكاظم عليه‌السلام أي من البرامكة «ترون أعمال هؤلاء الفراعنة» أي بني عباس وأتباعهم ، والحاصل أنه تعالى قد ينتقم لاوليائه من اعدائه ، وقد يمهلهم إتماما للحجة عليهم ، فاتقوا الله في الحالتين ، ولا تذيعوا سرنا ، ولا تغتروا بالدنيا وحبها فيصير سببا للاذاعة للاغراض الباطلة ، أو للتوسل بالمخالفين لتحصيل الدنيا ، أو باليأس عن الفرج استبطاء «فكأن الامر قد وصل إليكم» بشارة بقرب ظهور أمر القائم عليه‌السلام وبيان لتيقن وقوعه.

٢٨ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عمر بن أبان عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لعبد نؤمة : عرفه الله ولم يعرفه الناس ، اولئك مصابيح الهدى ، وينابيع العلم ينجلى عنهم كل فتنة مظلمة ، ليسوا بالمذاييع البذر ، ولا بالجفاة المارئين (١).

بيان : قال في النهاية في حديث علي : أنه ذكر آخر الزمان والفتن ثم قال : خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة ، النومة بوزن الهمزة الخامل الذكر الذي لايؤبه له ، وقيل : الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله وقيل : النومة بالتحريك الكثير النوم ، وأما الخامل الذي لايؤبه له ، فهو بالتسكين ومن الاول حديث ابن عباس أنه قال لعلي : ما النومة؟ قال : الذي يسكت في الفتنة ولا يبدو منه شئ انتهى.

وقوله عليه‌السلام : «عرفه الله» على بناء المجرد كأنه تفسير للنومة أي عرفه الله

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٢٥.

٧٩

فقط دون الناس ، أو عرفه الله بالخير والايمان والصلاح ، أي اتصف بها واقعا «ولم يعرفه الناس» بها ويمكن أن يقرأ على بناء التفعيل أي عرفه الله نفسه وأولياءه ودينه بتوسط حججه عليهم‌السلام ولم تكن معرفته من الناس ، اي من سائر الناس ممن لا يجوز أخذ العلم عنه ، لكنه بعيد «اولئك مصابيح الهدى» اولئك إشارة إلى جنس عبد النومة ، وفيه إشارة إلى أن المراد بالناس الظلمة والمخالفون لا أهل الحق من المؤمنين المسترشدين ، وهذا وجه جمع حسن بين أخبار مدح العزلة كهذا الخبر وذمها وهو أيضا كثير أو باختلاف الازمنة والاحوال ، فانه يومئ إليه أيضا هذا الخبر ، كذا قوله : «وينابيع العلم» فانه يدل على انتفاع الناس بعلمهم.

«ينجلي» أي ينكشف ويذهب «عنهم كل فتنة مظلمة» أي الفتنة التي توجب اشتباه الحق والدين على الناس ، وانجلاؤها عنهم كناية عن عدم صيرورتها سببا لضلالتهم ، بل هم مع تلك الفتن المضلة على نور الحق واليقين «ليسوا بالبذر المذاييع» قال في النهاية في حديث فاطمة عليها‌السلام عند وفات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قالت لعائشة أني إذا لبذرة ، البذر الذي يفشي السر ويظهر مايسمعه ، ومنه حديث علي عليه‌السلام في صفة الصحابة «ليسوا بالمذاييع البذر» جمع بذور ، يقال : بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب أي أفشيته وفرقته وقال : المذاييع جمع مذياع من أذاع الشئ إذا أفشاه وقيل : أراد الذين يشيعون الفواحش ، وهو بناء مبالغة.

وقال : الجفاء غلظ الطبع ، ومنه في صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله «ليس بالجافي ولا بالمهين» أي ليس بالغليظ الخلقة والطبع ، أو ليس بالذي يجفو أصحابه ، وفي القاموس : البذور والبذير النمام ومن لا يستطيع كتم سره ورجل بذر ككتف كثير الكلام انتهى وقيل : الجافي هو الكز الغليظ السئ الخلق كأنه جعله لا نقباضه مقابلا لمنبسط اللسان الكثير الكلام ، والمراد النهي عن طرفي الافراط والتفريط والامر بلزوم الوسط.

٢٩ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن

٨٠