بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أغاث أخاه المؤمن حتى يخرجه من هم وكربة وورطة كتب الله له عشر حسنات ، ورفع له عشر درجات ، وأعطاه ثواب عتق عشر نسمات ودفع عنه عشر نقمات ، وأعد له يوم القيامة عشر شفاعات (١).

١٩ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من اعان ضعيفا في بدنه على أمره ، أعانه الله على أمره ونصب له في القيامة ملائكة يعينونه على قطع تلك الاهوال ، وعبور تلك الخنادق من النار ، حتى لا يصيبه من دخانها ، وعلى سمومها ، وعلى عبور الصراط إلى الجنة سالما آمنا ، ومن أعان ضعيفا في فهمه ومعرفته فلقنه حجته على خصم الدين طلاب الباطل ، أعانه الله عند سكرات الموت على شهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والاقرار بما يتصل بهما ، والاعتقاد له حتى يكون خروجه من الدنيا ورجوعه إلى الله عزوجل على أفضل أعماله ، وأجل أحواله ، فيحيى عند ذلك بروح وريحان ، ويبشر بأن ربه عنه راض ، وعليه غير غضبان ، ومن أعان مشعولا بمصالح دنياه أو دينه علي أمره حتى لا يتعسر عليه أعانه الله تزاحم الاشغال ، وانتشار الاحوال يوم قيامه بين يدي الملك الجبار ، فميزه من الاشرار ، وجعله من الاخيار.

٢٠ ـ نوادر الراوندى : عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس من الاسلام في شئ ، ومن شهد رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس من المسلمين (٢).

٢١ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب (٣).

٢٢ ـ ثو : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الشحام قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من أغاث أخاه المؤمن اللهفان عند جهده ، فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته ، كانت له بذلك عند الله

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٣٤. (٢) نوادر الراوندى ص ٢١.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٥.

٢١

اثنتان وسبعون رحمة من الله ، يعجل له منها واحدة يصلح بها معيشته ، ويدخر له إحدى وسبعين رحمة لافزاع يوم القيامة وأهواله (١).

٢٣ ـ ثو : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن نعيم ، عن مسمع كردين قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كرب الاخرة ، وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد ، ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ، ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحيق المختوم (٢).

٢٤ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن عبدالله بن محمد الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن إبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج كربته ، لم يزل في ظل الله الممدود بالرحمة ما كان في ذلك (٣).

٢٥ ـ ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب عن الشحام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أغاث المؤمن اللهفان اللثهان عند جهده فنفس كربته أو أعانه على نجاح حاجته ، كانت له بذلك اثنتان وسبون رحمة لافزاع يوم القيامة وأهواله (٤).

٢٦ ـ سن : محمد بن علي ، عن ابن فضال ، عن محمد ، عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : مامن مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والاخرة (٥).

٢٧ ـ سن : محمد بن علي الصيرفي ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن ابن عميرة ، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أن الله يحب إراقة الدماء ، وإطعام الطعام ، وإغاثة اللهفان (٦).

٢٨ ـ م : مامن رجل رأى ملهوفا في طريق بمركوب له قد سقط وهو يستغيث

____________________

(١ ـ ٣) ثواب الاعمال ص ١٣٤. (٤) ثواب الاعمال ص ١٦٨.

(٥) المحاسن ص ٩٩. (٦) المحاسن ص ٣٨٨.

٢٢

فلا يغاث فأغاثه وحمله على مركوبه وسوى له إلا قال الله عزوجل : كددت نفسك ، وبذلك جهدك في اغاثة أخيك هذا المؤمن ، لاكدن ملائكة هم أكثر عددا من خلائق الانس [ كلهم ] من أول الدهر إلى آخره ، وأعظم قوة كل واحد منهم [ ممن ] يسهل عليه حمل السماوات والارضين ليبنوا لك القصور والمساكن ، ويرفعوا لك الدرجات ، فإذا أنت في جناتي كأحد ملوكها الفاضلين ، ومن دفع عن مظلوم قصد بظلم ضررا في ماله أو بدنه ، خلق الله عزوجل من حروف أقواله وحركات أفعاله وسكونها أملاكا بعدد كل حرف منها مائة ألف ملك [ كل ملك ] منهم يقصدون الشياطين الذين يأتون لاغوائه فيثخنونهم ضربا بالاحجار الدافعة (١) وأوجب الله بكل ذرة ضرر دفع عنه وبأقل قليل جزء ألم الضرر الذي كف عنه مائة ألف من خدام الجنان ، ومثلهم من الحور الحسان يدلونه هناك ، ويشرفونه ، ويقولون هذا بدفعك عن فلان ضررا في ماله أو بدنه (٢).

٣٤

*(باب)*

*«(من ينفع الناس ، وفضل الاصلاح بينهم)»*

الايات : الرعد : وأما ماينفر الناس فيمكث في الارض (٣).

١ ـ لى : السناني ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن ابن ظبيان قال : قال الصادق عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خير الناس من انتفع به الناس (٤).

مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن ابن أبي عمير

____________________

(١) في المصدر : فيشجونهم ضربا بالاحجار الدامغة.

(٢) تفسير الامام ص ٢٩ ، نقلا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٣) الرعد : ١٨. (٤) امالى الصدوق : ١٤.

٢٣

عن ابن عميرة. عن الثمالي ، عن الصادق عليه‌السلام : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (١).

٢ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن يحيى بن المبارك ، عن ابن جبلة عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : «وجعلني مباركا أينما كنت» قال : نفاعا (٢).

٣ ـ نهج : في وصيته عليه‌السلام عند وفاته للحسن والحسين عليهما‌السلام : اوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم ، وصلاح ذات بينكم فاني سمعت جدكما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام (٣).

٣٥

*(باب)*

*«(الانصاف والعدل)»*

الايات : النساء : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط الاية (٤).

المائدة : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى (٥).

الانعام : وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى (٦).

الاعراف : قل أمر ربي بالقسط ، وقال سبحانه : وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون (٧).

حمعسق : وامرت لاعدل بينكم وقال تعالى : الله الذي أنزل الكتاب بالحق والمبزان (٨).

____________________

(١) معانى الاخبار ص ١٢٥. (٢) معانى الاخبار ص ٢١٢.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٨. (٤) النساء ١٣٥.

(٥) المائدة : ٨. (٦) الانعام : ١٥٢.

(٧) الاعراف : ٢٩ و ١٨١. (٨) الشورى : ١٥ و ١٧.

٢٤

الحجرات : وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (١).

الحديد : لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط (٢).

أقول : قد مضى كثير من الاخبار في باب جوامع المكارم.

١ ـ مع ، لى : عن الصادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اعدل الناس من رضي للناس مايرضى لنفسه ، وكره لهم مايكره لنفسه (٣).

٢ ـ ما ، لى : في خبر الشيخ الشامي قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ياشيخ ارض للناس ما ترضى لنفسك وآت إلى الناس ماتحب أن يؤتى إليك (٤).

٣ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد البرقي ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن حبيب الخثعمي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أحبوا للناس ما تحبون لانفسكم (٥).

٤ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره (٦).

٥ ـ ل : عنهما ، عن البرقي ، عن عبدالله بن حماد ، عن عبدالله بن محمد الغفاري عن جعفر بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من واسى الفقير ، وأنصف الناس من نفسه ، فذلك المؤمن حقا (٧).

٦ ـ ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ما ناصح الله عبد مسلم في نفسه

____________________

(١) الحجرات : ٩. (٢) الحديد : ٢٥.

(٣) معانى الاخبار ص ، أمالى الصدوق ص ١٤.

(٤) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٤٩ ، أمالى الصدوق ص ٢٣٧.

(٥) الخصال ج ١ ص ٧. (٦) الخصال ج ١ ص ٨.

(٧) الخصال ج ١ ص ٢٥.

٢٥

فأعطى الحق منها وأخذ الحق لها إلا اعطي خصلتين : رزقا من الله يقنع به ، ورضى عن الله ينجيه (١).

ثو ـ أبي عن سعد عن ابن عيسى مثله (٢).

٧ ـ لى : أبي ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عزوجل يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب : رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه ، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الاخر بشعيرة ، ورجل قال الحق فيما عليه وله (٣).

ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي [ مثله ] (٤).

٨ ـ مع ، ل ، لى : أبي ، عن الكمنداني ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبى نجران ، عن ابن حميد ، عن ابن قيس ، عن الباقر عليه‌السلام قال : أوحى الله تعالى إلى آدم عليه‌السلام : يا آدم إنى أجمع لك الخير كله في أربع كلمات : واحدة منهن لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس : فأما التي لي فتعبدني ولاتشرك بي شيئا ، وأما التي لك فاجازيك بعملك أحوج ما تكون إليه ، وأما التى بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الاجابة ، وأما التي فيما بينك وبين الناس فترضى للناس ماترضى لنفسك (٥).

٩ ـ ن : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل ، عن الرضا عليه‌السلام قال : استعمال العدل والاحسان مؤذن بدوام النعمة (٦).

١٠ ـ ل جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة ، عن جده الحسن ، عن عمرو بن عثمان ، عن سعيد بن شرحبيل ، عن ابن لهيعة ، عن أبي مالك قال : قلت لعلي بن الحسين عليهما‌السلام أخبرني بجميع شرايع الدين ، قال : قول

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٢٥. (٢) ثواب الاعمال ص ١٥٧

(٣) أمالى الصدوق ص ٢١٥. (٤) الخصال ج ١ ص ٤١.

(٥) معاني الاخبار ص ١٣٧ ، الخصال ج ١ ص ١١٦ ، أمالى الصدوق ص ٣٦٢.

(٦) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ج ٢ ص ٢٣.

٢٦

الحق ، والحكم بالعدل ، والوفاء بالعهد (١).

١١ ـ ل : فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام : ياعلي سيد الاعمال ثلاث خصال : إنصافك الناس من نفسك ، ومواساتك الاخ في الله عزوجل ، وذكرك الله تبارك وتعالى على كل حال ، ياعلي ثلاث من حقائق الايمان : الانفاق من الاقتار ، وإنصاف الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلم.

وباسناد آخر قال : ياعلي ثلاث لاتطيقها هذه الامة : المواساة للاخ في ماله وإنصاف الناس من نفسه ، وذكر الله على كل حال (٢).

١٢ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه‌السلام عند وفاته : اوصيك بالعدل في الرضا والغضب (٣).

وفيما كتب عليه‌السلام لمحمد بن أبي بكر : أحب لعامة رعيتك ماتحب لنفسك وأهل بيتك ، واكره لهم ماتكره لنفسك وأهل بيتك ، فان ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية (٤).

١٣ ـ ما : المفيد ، عن الحسن بن حمزة العلوي ، عن أحمد بن عبدالله ، عن جده البرقي ، عن أبيه ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الحذاء قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ألا اخبرك بأشد ما افترض الله على خلقه؟ إنصاف الناس من أنفسهم ، ومواساة الاخوان في الله عزوجل ، وذكر الله على كل حال ، فان عرضت له طاعة الله عمل بها ، وان عرضت له معصيته تركها (٥).

١٤ ـ ما : الفحام ، عن محمد بن الحسن النقاش ، عن إبراهيم بن عبدالله عن الضحاك بن مخلد ، عن الصادق عليه‌السلام قال : ليس من الانصاف مطالبة الاخوان بالانصاف (٦).

١٥ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر الرزاز ، عن جده

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٥٥ (٢) الخصال ج ١ ص ٦٢.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٦. (٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٠.

(٥) أمالى الطوسى ج ١ ص ٨٦. (٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٨٦.

٢٧

محمد بن عيسى القيسي عن محمد بن الفضيل الصيرفي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال رجل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : علمني عملا لايحال بينه وبين الجنة ، قال : لاتغضب ، ولاتسأل الناس شيئا ، وارض للناس ماترضى لنفسك (١).

أقول : سيأتي أخبار كثيرة من هذا الباب في باب ذكر الله ، وباب مواساة الاخوان.

١٦ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوم يربعون حجرا فقال : ماهذا؟ قالوا : نعرف بذلك أشدنا وأقوانا ، فقال عليه‌السلام : ألا اخبركم بأشدكم وأقواكم؟ قالوا : بلى يارسول الله قال ، أشدكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ماليس له بحق (٢).

أقول : قد مضى بإسناد آخر في باب صفات المؤمن.

١٧ ـ سن : أبي عن الحسن ، عن معاوية ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ما ناصح الله عبد في نفسه فأعطى الحق منها وأخذ الحق لها إلا اعطي خصلتين رزق من الله ، ورضى عن الله ينجيه (٣).

١٨ ـ ختص : عن أبي حمزة قال : سمعت فاطمة بنت الحسين عليه‌السلام تقول قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث [ خصال ] من كن فيه استكمل خصال الايمان : الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ماليس له (٤).

ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن محبوب ابن بنت الاشج الكندي ، عن محمد بن عيسى بن هشام ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عاصم بن حمبد ، عن أبي حمزه الثمالى ، عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال عاصم : وحدثني أبوحمزة

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٢١. (٢) معانى الاخبار ص ٣٦٦.

(٣) المحاسن ص ٢٨. (٤) الاختصاص : ٢٣٣

٢٨

عن عبدالله بن الحسن ، عن امه فاطمة بنت الحسين عليه‌السلام ، عن أبيها ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (١).

١٩ ـ نوادر الراوندى : بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السابقون إلى ظل العرش طوبى لهم ، قيل : يارسول الله ومن هم؟ فقال : الذين يقبلون الحق إذا سمعوه ، ويبذلونه إذا سئلوه ، ويحكمون للناس كحكمهم لانفسهم ، هم السابقون إلى ظل العرش (٢).

٢٠ ـ ما : الحسين بن ابراهيم ، عن محمد بن وهبان. عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لي : ألا اخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه؟ قال : نعم ، قال : إن من أشد مافرض الله على خلقه إنصافك الناس من نفسك ، ومواساتك أخاك المسلم في مالك ، وذكر الله كثيرا ، أما إني لا أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، وإن كان منه ، لكن ذكر الله عند ما أحل وما حرم فان كان طاعة عمل بها ، وإن كان معصية تركها (٣).

٢١ ـ نهج : قال عليه‌السلام في قول الله تعالى : «إن الله يأمر بالعدل والاحسان» العدل الانصاف ، والاحسان التفضيل (٤).

وقال في وصيته لابنه الحسن عليه‌السلام : يابني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فأحبب لغيرك : ماتحب لنفسك ، واكره له ماتكره لها ، ولاتظلم كما لاتحب أن تظلم ، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك ، وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك ، ولاتقل مالا تعلم وقل ماتعلم ، ولا تقل مالا تحب أن يقال لك (٥).

٢٢ ـ كا : عن محمد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسن بن

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ : ٢١٦. (٢) نوادر الراوندى ص ١٥.

(٣) أمالي الطوسى ج ٢ ص ٢٧٨. (٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٥.

(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ٤٣.

٢٩

أبي حمزة ، عن جده أبي حمزة الثمالى ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في آخر خطبته : طوبى لمن طاب خلقه ، وطهرت سجيته وصلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله وأنصف الناس من نفسه (١).

ايضاح : «طوبى» أي الجنة ، أو شجرتها المعروفة ، أو أطيب الاحوال في الدنيا والاخرة «لمن طاب خلقه» بضم الخاء أي تخلق بالاخلاق الحسنة ، ويحتمل الفتح أيضا أي يكون مخلوقا من طينة حسنة «وطهرت سجيته» أي طبيعته من الاخلاق الرذيلة ، فعلى الاول يكون تأكيدا لما سبق وفي المصباح السجية الغريزة والجميع سجايا «وصلحت سريرته» أي قلبه بالمعارف الالهية والعقائد الايمانية وبالخلو عن الحقد والنفاق ، وقصد إضرار المسلمين ، أو بواطن أحواله بأن لا تكون مخالفة لظواهرها كالمرائين ، وفي القاموس : السر مايكتم كالسريرة «وحسنت علانيته» بكونها موافقة للاداب الشرعية «وأنفق الفضل من ماله» باخراج الحقوق الواجبة والمندوبة أو الاعم منها ومما فضل من الكفاف ، «وأمسك الفضل من قوله» بحفظ لسانه عما لايعنيه.

«وأنصف الناس من نفسه» أي كان حكما وحاكما على نفسه فيما كان بينه وبين الناس. ورضي لنفسه وكره لهم ماكره لنفسه ، وكأن كلمة «من» للتعليل ، أي إنصافه الناس بسبب نفسه لا بانتصاف حاكم وغيره قال في المصباح : نصفت المال بين الرجلين أنصفه من باب قتل قسمته نصفين ، وأنصفت الرجل إنصافا عاملته بالعدل والقسط والاسم النصفة بفتحتين لانك أعطيته من الحق مايستحقه بنفسك.

٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن معاوية ابن وهب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من يضمن لى أربعة بأربعة أبيات في الجنة :

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١٤٤.

٣٠

أنفق ولاتخف فقرا ، وأفش السلام في العالم ، واترك المراء وإن كنت محقا ، وأنصف الناس من نفسك (١).

بيان : «من يضمن لي أربعة» «من» للاستفهام ، ويقال : ضمنت المال وبه ضمانا فإنا ضامن وضمين : التزمته «بأربعة أبيات» ألتزمتها له في الجنة ثم يبين عليه‌السلام الاعمال على سبيل الاستيناف ، كأن السائل قال : ماهي حتى أفعلها؟ قال : أنفق «أي فضل مالك في سبيل الله ، وما يوجب رضاه» ولا تخف فقرا «فان الانفاق موجب للخلف» وأفش السلام في العالم «أي انشر التسليم وأكثره أي سلم على كل من لقيته إلا ما استثني مما سيأتي في بابه ، في القاموس فشا خبره وعرفه وفضله فشوا وفشوا وفشيا انتشر وأفشاه» واترك المراء «أي الجدال والمنازعة وإن كان في المسائل العلمية إذا لم يكن الغرض إظهار الحق وإلا فهو مطلوب كما قال تعالى : « وجادلهم بالتي هي أحسن » (٢) وقد مر الكلام فيه.

٢٤ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة ، عن جارود أبي المنذر قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : سيد الاعمال ثلاثة : إنصاف الناس من نفسك حتى لاترضى بشئ إلا رضيت لهم مثله ومواساتك الاخ في المال ، وذكر الله على كل حال ، ليس سبحان الله ، والحمد لله ولا إله إلا الله فقط ، ولكن إذا ورد عليك شئ أمر الله عزوجل به أخذت به ، وإذا ورد عليك شئ نهى الله عزوجل عنه تركته (٣).

تبيان : « سيد الاعمال «أي أشرفها وأفضلها» حتى لا ترضى بشئ » أي لنفسك أي لا يطلب منهم من المنافع إلا مثل ما يعطيهم ولا ينيلهم من المضار إلا مايرضى أن يناله منهم ، ويحكم لهم على نفسه» ومواساتك الاخ في المال « أي جعله شريكك في مالك ، وسيأتي الاخ في الله فيشمل نصرته بالنفس والمال وكل ما يحتاج إلى النصرة فيه.

قال في النهاية : قد تكرر ذكر الاسوة والمواساة ، وهي بكسر الهمزة وضمها

____________________

(١ و ٣) الكافى ج ٢ ص ١٤٤. (٢) النحل : ١٢٥.

٣١

القدوة ، والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق ، وأصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا وفي القاموس : الاسوة بالكسر والضم القدوة ، وآساه بماله مواساة أناله منه وجعله فيه اسوة ، أولا يكون ذلك إلا من كفاف ، فان كان من فضله فليس بمواساة ، وقال : واساه : آساه لغة رديئة انتهى «وذكر الله على كل حال» سواء كانت الاحوال شريفة او خسيسة ، كحال الجنابة وحال الخلاء ، وغيرهما «ليس» أي ذكر الله «سبحان» الخ أي منحصرا فيها كما تفهمه العوام وإن كان ذلك من حيث المجموع وكل واحد من أجزائه ذكرا أيضا ولكن العمدة في الذكر ماسيذكر.

واعلم أن الذكر ثلاثه أنواع : ذكر باللسان ، وذكر بالقلب ، والاول يحصل بتلاوة القرآن والادعية ، وذكر أسماء الله وصفاته سبحانه ، ودلائل التوحيد والنبوة والامامة والعدل والمعاد. والمواعظ والنصايح ، وذكر صفات الائمة عليهم‌السلام وفضائلهم ومناقبهم ، فانه روي عنهم «إذا ذكرنا ذكر الله وإذا ذكر أعداؤنا ذكر الشيطان» وبالجملة كل مايصير سببا لذكره تعالى حتى المسائل الفقهية والاخبار المأثورة عنهم عليهم‌السلام.

والثاني نوعان : احدهما التفكر في دلائل جميع ماذكر وتذكرها وتذكر نعم الله وآلائه ، والتفكر في فناء الدنيا وترجيح الاخرة عليها ، وأمثال ذلك مما مر في باب التفكر ، والثاني تذكر عقوبات الاخرة ومثوباتها عند عروض شئ أمر الله به أو نهى عنه ، فيصير سببا لارتكاب الاوامر والارتداع عن النواهى.

وقالوا : الثالث من الاقسام الثلاثة أفضل من الاولين ومن العامة من فضل الاول على الثالث مستندا بأن في الاول زيادة عمل الجوارح ، وزيادة العمل تقتضى زيادة الاجر ، والحق أن الاول إذا انضم إلى أحد الاخيرين كان المجموع أفضل من كل منهما بانفراده ، إلا إذا كان الذكر القلبي بدون الذكر اللساني أكمل في الاخلاص وسائر الجهات ، فيمكن إن يكون بهذه الجهة أفضل من المجموع وأما الذكر اللساني بدون الذكر القلبي كما هو الشايع عند أكثر الخلق أنهم يذكرون الله باللسان على سبيل العادة مع غفلتهم عنه ، وشغل قلبهم بما يلى عن الله

٣٢

فهذا الذكر لو كان له ثواب لكانت له درجة نازلة من الثواب ، ولا ريب أن الذكر القلبي فقط أفضل منه ، وكذا المواعظ والنصايح التي يذكرها الوعاظ رئاء من غير تأثر قلبهم به ، فهذا أيضا لو لم يكن صاحبه معاقبا فليس بمثاب ، وأما الترجيح بين الثاني والثالث فمشكل مع أن لكل منها أفرادا كثيرة لا يمكن تفصيلها وترجيحها.

ثم إن العامة اختلفوا في أن الذكر القلبي هل تعرفه الملائكة وتكتبه أم لا؟ فقيل بالاول ، لان الله تعالى يجعل له علامة تعرفه الملائكة بها ، وقيل : بالثاني لانهم لايطلعون عليها.

٢٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن المعلى عن يحيى ين أحمد ، عن أبي محمد الميثمي ، عن رومى بن زرارة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في كلام له : ألا إنه من ينصف الناس من نفسه لم يزده الله إلا عزا (١).

بيان : كلمة «من» شرطية.

٢٦ ـ كا : عن العدة ، عن البرقى ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عزوجل يوم القيامة حتى يفرع من الحساب : رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده ، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الاخر بشعيرة ، ورجل قال بالحق فيما له وعليه (٢).

ايضاح : «هم أقرب الخلق» أي بالقرب المهنوي كناية عن شمول لطفه ورحمته تعالى لهم ، أو المراد به القرب من عرشه تعالى أو من الانبياء والاوصياء الذين إليهم حساب الخلق ، وعلى الاول ليس المراد بالغاية انقطاع القرب بعده ، بل المراد أن في جميع الموقف الذي الناس فيه خائفون وفازعون ومشغولون بالحساب هم في محل الامن والقرب ، وتحت ظل العرش وبعده أيضا كذلك بالطريق الاولى ، وقوله : «حتى يفرغ» إما على بناء المعلوم ، والمستتر راجع إلى الله

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٤٤. (٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٥.

٣٣

أو على بناء المجهول والظرف نائب الفاعل «لم تدعه» أي لم تحمله من دعا يدعو «قدرة» بالتنوين والاضافة إلى الضمير بعيد ، أي قدرة على الحيف ، وهو الجور والظلم ويمكن حمله هنا على مايشمل الانتقام بالمثل المجوز أيضا فان العفو أفضل ، وفي الخصال : «قدرته» (١).

«ورجل مشى بين اثنين » بالمشى الحقيقي او كناية عن الحكم بينهما أو الاعم منه ومن أداء رسالة أو مصالحة» بشعيرة «مبالغة مشهورة في القلة ، والمراد ترك الميل بالكلية فيما له وعليه أي ينفعه في الدنيا أو يضره فيها.

٢٧ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام ابن سالم ، عن زرارة ، عن الحسن البزاز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال في حديث له : ألا اخبركم بأشد مافرض الله على خلقه ، فذكر ثلاثة أشياء أولها إنصاف الناس من نفسك (٢).

بيان : كأن المراد بالفرض أعم من الواجب والسنة المؤكدة.

كا عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد الاعمال إنصاف الناس من نفسك ، ومواساة الاخ في الله ، وذكر الله على كل حال (٣).

بيان : « في الله » أي الاخ الذي اخوته لله ، لا للاغراض الدنيوية أو هو متعلق بالمواساة أي تكون المواساة لله لا للشهرة والفخر ، وعلى التقديرين مافيه المواساة يشمل غير المال أيضا (٤).

٢٩ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن الحسن البزاز قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : ألا اخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه [ ثلاث ] ، فقلت بلى ، قال : إنصاف الناس من نفسك ، ومواساتك أخاك ، وذكر الله في كل موطن ، أما إني لا أقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا

____________________

(١) كما مر تحت الرقم ٧. (٢ ـ ٤) الكافى ج ٢ ص ١٤٥.

٣٤

الله ، والله اكبر ، وان كان هذا من ذاك ، ولكن ذكر الله في كل موطن إذا هجمت على طاعة أو معصية (١).

بيان : «بأشد مافرض الله على خلقه ثلاث» ليس «ثلاث» في بعض النسخ وهو أظهر ، وعلى تقديره بدل أو عطف بيان للاشد أو خبر مبتدأ محذوف «إذا هجمت» على بناء المعلوم أو المجهول في القاموس : هجم عليه هجوما انتهى إليه بعتة أو دخل بغير إذن ، وفلانا أدخله كأهجمه انتهى وفي بعض النسخ «إذا هممت» والاول أكثر واظهر (٢).

٣٠ ـ كا : بالاسناد ، عن ابن محبوب ، عن أبي اسامة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ما ابتلي المؤمن بشئ أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها ، قيل : وما هن؟ قال : المواساة في ذات يده ، والانصاف من نفسه ، وذكر الله كثيرا أما إني لا أقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، ولكن ذكر الله عندما أحل له وذكر الله عندما حرم عليه (٣).

بيان : «أشد عليه» أي في الاخرة «يحرمها» على بناء المجهول ، وهو بدل اشتمال للخصال أي من حرمان خصال ثلاث ، يقال : حرمه الشئ كضربه وعلمه حريما وحرمانا بالكسر منعه فهو محروم ، ومن قرأ على بناء المعلوم من قولهم حرمته إذا امتنعت فعله فقد أخطأ واشتبه عليه ما في كتب اللغة «في ذات يده» أي الاموال المصاحبة ليده أي المملوكة له ، فان الملك ينسب غالبا إلى اليد كما يقال ملك اليمين ، قال الطيبي : ذات الشئ نفسه وحقيقته ، ويراد به ما اضيف إليه ، ومنه إصلاح ذات البين ، أي إصلاح احوال بينكم حتى يكون أحوال الفة ومحبة واتفاق ، كعليم بذات الصدور ، أي بمضراتها ، وفي شرح جامع الاصول : في ذات يده أي فيما يملكه من ملك وأثاث.

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٤٥.

(٢) المناسب للطاعة كلمة «هممت» والمناسب للمعصية «هجمت».

(٣) الكافي ج ٢ ص ١٤٥.

٣٥

كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن يحيى بن ابراهيم بن أبي البلاد رفعه قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يريد بعض غزواته فأخذ بغرز راحتله فقال : يا رسول الله علمني عملا أدخل به الجنة ، فقال : ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فأته إليهم ، وما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم ، خل سبيل الراحلة (١).

بيان : «فأخذ بغرز راحتله» قال الجوهري : الغرز ركاب الرحل من جلد عن أبي الغوث ، قال : فإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب ، وقال : رحل البعير أصغر من القتب ، والراحلة الناقة التي تصلح لان ترحل ، ويقال : الراحلة المركب من الابل ذكرا كان أو انثى انتهى «أن يأتيه الناس إليك» كأنه على الحذف والايصال أي يأتي به الناس أليك ، أو هو من قولهم أتى الامر أي يفعله الناس منتهيا إليك ، ويمكن أن يقرأ على بناء التفعيل من قولهم أتيت الماء تأتيه أي سهلت سبيله ، وقال في المصباح : أتى الرجل يأتي أتيا وأتيته يستعمل لازما ومتعديا.

٣٢ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبيس ابن هشام ، عن عبدالكريم ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : العدل أحلى من الماء يصيبه الضمآن ، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وإن قل (٢).

٣٣ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي مثله (٣).

بيان : العدل ضد الجور ، ويطلق على ملكة للنفس تقتضي الاعتدال في جميع الامور ، واختيار الوسط بين الافراط والتفريط ، ويطلق على إجراء القوانين الشرعية في الاحكام الجارية بين الخلق ، قال الراغب : العدل ضربان مطلق يقتضي العقل حسنه ولايكون في شئ من الازمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الاحسان إلى من أحسن إليك ، وكف الاذية عمن يكف أذاه عنك ، وعدل

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٦. (٣) الكافي ج ٢ ص ١٤٨.

٣٦

يعرف كونه عدلا بالشرع ، ويمكن أن يكون منسوخا في بعض الازمنة كالقصاص وأرش الجنايات ، ولذلك قال : «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه» وقال : «وجزاء سيئة سيئة مثلها» فسمى ذلك اعتداء وسيئة ، وهذا النحو هو المعني بقوله : «إن الله يأمر بالعدل والاحسان» فان العدل هو المساواة في المكافاة إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا ، والاحسان أن يقابل الخير بأكثر منه والشر بأقل منه انتهى. (١)

وقوله عليه‌السلام : «إذا عدل فيه» يحتمل وجوها : الاول أن يكون الضمير راجعا إلى الامر أي ما أوسع العدل إذا عدل في أمر ، وإن قل ذلك الامر ، الثاني أن يكون الضمير راجعا إلى العدل ، والمراد بالعدل الامر الذي عدل فيه ، فيرجع إلى المعنى ، ويكون تأكيدا ، الثالث إرجاع الضمير إلى العدل أيضا والمعنى ما أوسع العدل الذي عدل فيه أي يكون العدل واقعيا حقيقيا لا ما يسميه الناس عدلا أو يكون عدلا خالصا غير مخلوط بجور ، أو يكون عدلا ساريا في جميع الجوارح لامخصوصا ببعضها ، وفي جميع الناس لايختص ببعضهم ، الرابع ماقيل : إن «عدل» على المجهول من بناء التفعيل ، والمراد جريانه في جميع الوقايع لا أن يعدل إذا لم يتعلق به غرض ، فالتعديل رعاية التعادل والتساوي ، وعلى التقادير يحتمل أن يكون المراد بقوله : «وإن قل» بيان قلة العدل بين الناس.

٣٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره (٢).

بيان : «رضي به» على بناء المجهول «حكما» بالتحريك تميز أو حال عن ضمير «به» والمعنى أنه يجب أن يكون الحاكم بين الناس من أنصف الناس من نفسه ، ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أي من أنصف الناس من نفسه لم يجنح إلى حاكم بل رضي أن تكون نفسه حكما بينه وبين غيره والاول أظهر.

____________________

(١) المفردات : ٣٢٥ ، والايات في البقرة : ١٩٤ الشورى : ٤٠. النحل ٩٠.

(٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٦.

٣٧

٣٥ ـ كا : عن محمد ، عن ابن عيسى ، عن ابن سنان ، عن يوسف بن عمران بن ميثم ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى آدم عليه‌السلام : إنى سأجمع لك الكلام في أربع كلمات ، قال : يارب وما هن؟ قال : واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بينى وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس قال : يارب بينهن لي حتى أعلمهن؟ قال : أما التي لى فتعبدني لا تشرك بي شيئا ، وأما التى لك فأجزيك بعملك أحوج ماتكون إليه ، وأما التى بيني وبينك فعليك الدعاء وعلى الاجابه ، وأما التى بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك ، وتكره لهم ماتكره لنفسك (١).

توضيح : «سأجمع لك الكلام» أي الكلمات الحقة الجامعة النافعة «فتعبدنى» هذه الكلمة جامعة لجميع العبادات الحقة والاخلاص الذي هو من أعظم شروطها ومعرفة الله تعالى بالوحدانية ، والتنزيه عن جميع النقايص ، والتوكل عليه في جميع الامور ، قوله تعالى : «أحوج ما تكون إليه» أحوج منصوب بالظرفية الزمانية ، فان كلمة «ما» مصدرية وأحوج مضاف إلى المصدر ، وكما أن المصدر يكون نائبا لظرف الزمان نحو رأيته قدوم الحاج فكذا المضاف إليه يكون نائبا له ، ونسبة الاحتياج إلى الكون على المجاز ، وتكون تامة «وإليه» متعلق بالاحوج ، وضميره راجع إلى الجزاء الذي هو في ضمن «أجزيك».

قوله : «فعليك الدعاء» كأن الدعاء مبتدأ وعليك خبره ، وكذا «على الاجابة» ويحتمل أن يكون بتقدير عليك بالدعاء.

٣٦ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن فضال عن غالب بن عثمان ، عن روح ابن اخت المعلى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اتقوا الله واعدلوا فانكم تعيبون على قوم لايعدلون (٢).

بيان : «واعدلوا» أي في أهاليكم ومعامليكم وكل من لكم عليهم الولاية وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله «كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته». « فانكم تعيبون

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٤٦. (٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٧.

٣٨

على قوم لايعدلون » بين الناس من امراء الجور ، فلا ينبغي لكم أن تفعلوا ما تلومون غيركم عليه.

٣٧ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن وهب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : العدل أحلى من الشهد ، والين من الزبد ، وأطيب ريحا من المسك (١).

ايضاح : « أحلى من الشهد » من قبيل المعقول بالمحسوس ، لالف أكثر الخلق بتلك المشتهيات البدنية الدنية.

٣٨ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عثمان بن جبلة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ضل إلا ظله : رجل أعطى الناس من نفسه ماهو سائلهم ، ورجل لم يقدم رجلا ولم يؤخر رجلا حتى يعلم أن ذلك لله رضى ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي ذلك العيب عن نفسه ، فأنه لا ينفي منها عيبا إلا بدا له عيب ، وكفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس (٢).

تبيين : « يوم لا ظل إلا ظله » الضمير راجع إلى الله أو إلى العرش ، فعلى الاول يحتمل أن يكون لله تعالى يوم القيامة ظلال غير ظل العرش ، وهو أعظمها وأشرفها ، يخص الله سبحانه به من يشاء من عباده ، ومن جملتهم صاحب هذه الخصال وقيل : على الاخير ينافي ظاهرا ماروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أرض القيامة نار ماخلا ظل المؤمن ، فان صدقته تظله ، ومن ثم قيل : إن في القيامة ظلالا بحسب الاعمال تقي أصحابها من حر الشمس والنار وأنفاس الخلائق ، ولكن ظل العرش أحسنها وأعظمها ، وقد يجاب بأنه يمكن أن لا يكون هناك إلا ظل العرش يظل بها من يشاء من عباده المؤمنين ، ولكن ظل العرش لما كان لا ينال إلا بالاعمال ، وكانت الاعمال تختلف فيحصل لكل عامل ظل يخصه من ظل العرش به حسب عمله وإضافة الظل إلى الاعمال باعتبار أن الاعمال سبب لا ستقرار العامل فيه.

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٧.

٣٩

وقال الطيبي : في ظل عرش الله : أي في ظل الله من الحر والوهج في الموقف ، أو أوقفه الله في ظل عرشه حقيقة ، وقال النووي : قيل الظل عبارة عن الراحة والنعيم ، نحو هو في عيش ظليل ، والمراد ظل الكرامة لا ظل الشمس ، لان سائر العالم تحت العرش ، وقيل : يحتمل جعل جزء من العرش حائلا تحت فلك الشمس ، وقيل : أي كنه من المكاره ووهج الموقف و «يوم لا ظل إلا ظله» أي دنت منهم الشمس واشتد الحر وأخذهم العرق ، وقيل : أي لا يكون من له ظل كما في الدنيا.

قوله عليه‌السلام : «لم يقدم رجلا» بكسر الراء في الموضعين ، وهي عبارة شائعة عند العرب والعجم في التعميم في الاعمال والافعال ، أو التقديم كناية عن الفعل والتأخير عن الترك ، كما يقال في التردد في الفعل والترك «يقدم رجلا ويؤخر اخرى» وأما قراءة رجلا بفتح الراء وضم الجيم فهو تصحيف ، قوله عليه‌السلام : «حتى ينفي» قيل «حتى» هنا مثله في قوله تعالى : «حتى يلج الجمل» (١) في التعليق على المحال لتتمة الخبر «وكفى بالمرء شغلا» الباء زائدة ، وشغلا تميز والمعنى من شغل بعيوب نفسه وصلاحها لايحصل له فراغ ليشتغل بعيوب الناس وتفتيشها ولومهم عليها.

٣٩ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عبدالرحمن بن حماد الكوفي ، عن عبدالله بن إبراهيم الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من واسى الفقير من ماله ، وأنصف الناس من نفسه ، فذلك المؤمن حقا (٢).

بيان : بنو غفار ككتاب رهط أبي ذر رضي‌الله‌عنه «فذلك المؤمن حقا» أي المؤمن الذي يحق ويستأهل أن يسمى مؤمنا. لكماله في الايمان وصفاته.

٤٠ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن سنان ، عن خالد بن نافع بياع السابري ، عن يوسف البزاز قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ما تدارى اثنان

____________________

(١) الاعراف : ٤٠. (٢) الكافي ج ٢ ص ١٤٧.

٤٠