بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قوما بجهالة » (١) فلا يجوز تصديق إبليس ، ومن هنا جاء في الشرع أن من علمت في فيه رائحة الخمر لايجوز أن تحكم عليه بشربها ولايحده عليه ، لامكان أن يكون تضمض به ومجه أو حمل عليه قهرا ، وذلك أمر ممكن ، فلا يجوزا إساءة الظن بالمسلم ، وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن الله تعالى حرم من المسلم دمه وماله وأن يظن به ظن السوء » فينبغي أن تدفعه عن نفسك ، وتقرر عليه أن حاله عندك مستور كما كان ، فان ما رأيته فيه يحتمل الخير والشر.

فان قلت : فبماذا يعرف عقد سوء الظن والشكوك تختلج ، والنفس تحدث فأقول : أمارة عقد سوء الظن أن يتغير القلب معه عما كان فينفر عنه نفوران لم يعهده ويستثقله ويفتر عن مراعاته وتفقده وإكرامه والاهتمام بسببه ، فهذه أمارات عقد الظن وتحقيقه ، وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث في المؤمن لا يستحسن وله منهن مخرج ، فمخرجه من سوء ، الظن أن لايحققه أي لا يحقق في نفسه بعقد ولا فعل ، لا في القلب ولا في الجوارح أما في القلب إلى النفرة والكراهة ، وفي الجوارح بالعمل بموجبه ، والشيطان قد يقرر على القلب بأدنى مخيلة مساءة الناس ويلقي إليه أن هذا من فطنتك وسرعة تنبهك وذكائك ، وأن المؤمن ينظر بنور الله ، وهو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان وظلمته.

فأما إذا أخبرك به عدل فآل ظنك إلى تصديقه كنت معذورا لانك لو كذبته لكنت جانيا على هذا العدل ، إذا ظننت به الكذب ، وذلك أيضا من سوء الظن فلا ينبغي أن تحسن الظن بالواحد وتسئ بالاخر ، نعم ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة ومحاسدة ومقت فيتطرق التهمة بسببه وقد رد الشرع شهادة العدو على عدوه للتهمة ، فلك عند ذلك أن تتوقف في إخباره ، وإن كان عدلا ، ولا تصدقه ، ولا تكذبه ، ولكن تقول : المستور حاله كان في ستر الله عني ، وكان أمره محجوبا ، وقد بقي كما كان لم ينكشف لي شئ من أمره.

وقد يكون الرجل ظاهر العدالة ، ولا محاسدة بينه وبين المذكور ، ولكن

____________________

(١) الحجرات : ٧.

٢٠١

يكون من عادته التعرض للناس ، وذكر مساويهم ، فهذا قد يظن أنه عدل وليس بعدل ، فان المغتاب فاسق ، وإذا كان ذلك من عادته ردت شهادته إلا أن الناس لكثرة الاعتياد تساهلوا في أمر الغيبة ، ولم يكترثوا بتناول أعراض الخلق.

ومهما خطر لك خاطر سوء على مسلم فينبغي أن تزيد في مراعاته تدعو له بالخير ، فان ذلك يغيظ الشيطان ويدفعه عنك ، فلا يلقي إليك الخاطر السوء خيفة من اشتغالك بالدعاء والمراعات ، ومهما عرفت هفوة مسلم بحجة فانصحه في السر ولا يخدعنك الشيطان فيدعوك إلى اغتيابه ، وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه لينظر إليك بعين التعظيم ، وتنظر إليه بعين الاستصغار ، وترتفع عليه بدلالة الوعظ ، وليكن قصدك تخليصه من الاثم ، وأنت حزين كما تحزن على نفسك إذا دخل عليك نقصان وينبغي أن يكون تركه ذلك من غير نصيحتك أحب إليك من تركه بالنصيحة ، وإذا أنت فعلت ذلك كنت جمعت بين أجر الوعظ وأجر الغم بمصيبته ، وأجر الاعانة له على دينه.

ومن ثمرات سوء الظن التجسس ، فان القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس وهو أيضا منهي عنه ، قال الله «ولا تجسسوا» فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهى عنها في آية واحدة ، ومعنى التجسس أنه لاتترك عباد الله تحت سترالله ، فتتوصل إلى الاطلاع وهتك التسر ، حتى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك لكان أسلم لقلبك ودينك انتهى.

٦٣

*(باب)*

*«(ذى اللسانين وذى الوجهين)»*

١ ـ مع ، لى : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن فضال ، عن على بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن داود بن فرقد ، عن أبي شيبة الزهري ، عن الباقر عليه‌السلام قال : بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري

٢٠٢

أخاه شاهدا ويأكله غائبا ، إن اعطي حسده ، وإن ابتلي خذله (١).

ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن على بن النعمان مثله (٢).

ثو : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان مثله (٣).

٢ ـ ثو : بهذا الاسناد ، عن أبي شيبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بئس العبد عبد همزة لمزة يقبل بوجه ويدبر بآخر (٤).

٣ ـ مع ، لى : ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن موسى بن عمر ، عن ابن سنان ، عن عون بن معين ، عن ابن أبي يعفور ، عن الصادق عليه‌السلام قال : من لقي الناس بوجه وعابهم بوجه جاء يوم القيامة وله لسانان من نار (٥).

٤ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري مثله وفيه المؤمنين بدل الناس وأتى بدل جاء (٦).

٥ ـ ل : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن البرقي ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يجئ يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه ، وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده ، ثم يقال : هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين ، يعرف بذلك يوم القيامة (٧).

ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أبي الجوزاء مثله (٨).

٦ ـ ل : الخليل ، عن ابن منيع ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي معوية

____________________

(١) معانى الاخبار ص ١٨٥ ، أمالى الصدوق ص ٢٠٣.

(٢) الخصال ج ١ ص ٢١. (٣ و ٤) ثواب الاعمال ص ٢٤٠.

(٥) معانى الاخبار ص ١٨٥ ، أمالى الصدوق ص ٢٠٣.

(٦ و ٧) الخصال ج ١ ص ٢٠. (٨) ثواب الاعمال ص ٢٤٠.

٢٠٣

عن الاعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شر الناس عند الله عزوجل يوم القيامة ذوالوجهين (١).

٧ ـ ل : الخليل ، عن ابن منيع ، عن أبي بكر بن أبي شيبة عن شريك ، عن الركين ، عن نعيم بن حنطب ، عن عمار قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار (٢).

٨ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن عون القلانسي ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من نار (٣).

٩ ـ ثو : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن عدة من أصحابنا عن ابن أسباط ، عن عبدالرحمن بن أبي حماد رفعه ، قال : قال الله عزوجل لعيسى ابن مريم : يا عيسى ليكن لسانك في السر والعلانية لسانا واحدا وكذلك قلبك إني احذرك نفسك ، وكفى بي خبيرا. لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا سيفان في غمد واحد ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الاذهان (٤).

١٠ ـ نوادر الراوندى باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس العبد عبد له وجهان : يقبل بوجه ويدبر بوجه إن اوتي أخوه المسلم خيرا حسده ، وان ابتلي خذله (٥).

١١ ـ نهج : ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه (٦).

١٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عون القلانسي ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من نار (٧).

بيان : قال بعض المحققين : ذواللسانين هو الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه

____________________

(١ و ٢) الخصال ج ١ ص ٢٠. (٣ و ٤) ثواب الاعمال ص ٢٤٠.

(٥) نوادر الراوندى ٢٢.

(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٨. (٧) الكافى ج ٢ ص ٣٤٣.

٢٠٤

ويتردد بين المتعاديين ويكلم كل واحد بكلام يوافقه ، وقلما يخلو عنه من يشاهد متعاديين ، وذلك عين النفاق ، وقال بعضهم : اتفقوا على أن ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق ، وللنفاق علامات كثيرة ، وهذه من جملتها : فان قلت : فبماذا يصير الرجل ذا لسانين وما حد ذلك؟ فأقول : إذا دخل على متعاديين وجامل كل واحد منهما وكان صادقا فيه لم يكن منافقا ولا ذا اللسانين ، فان الواحد قد يصادق متعاديين ، ولكن صداقة ضعيفة لا تنتهي إلى حد الاخوة ، إذ لو تحققت الصداقة لا قتضت معاداة الاعداء ، نعم لو كلام كل واحد إلى الاخر فهو ذو لسانين ، وذلك شر من النميمة إذ يصير نماما بان ينقل من أحد الجانبين ، فان نقل من الجانبين فهو شر من النميمة ، وإن لم ينقل كلاما ولكن حسن لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه فهذا ذو لسانين ، وكذلك إذا وعد كل واحد منهما أنه ينصره وكذلك إذا أثنى على كل واحد منهما في معاداته ، وكذلك إذا أثنى على أحدهما وكان إذا خرج من عنده يذمه فهو ذو لسانين ، بل ينبغي أن يسكت أو يثني على المحق من المتعاديين ، ويثني في حضوره ، وفي غيبته وبين يدي عدوه.

قيل لبعض الصحابة : إنا ندخل على امرائنا فنقول القول ، فاذا خرجنا قلنا غيره ، فقال : كنا نعد ذلك نفاقا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا نفاق مهما كان مستغنيا عن الدخول على الامير وعن الثناء عليه ، فلوا استغنى عن الدخول ولكن إذا دخل يخاف إن لم يثن فهو نفاق لانه الذي أحوج نفسه إليه ، وإن كان يستغني عن الدخول لوقنع بالقليل وترك المال والجاه ، فلو دخل لضرورة الجاه والغنا و أثنى فهو منافق ، وهذا معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله حب المال والجاه ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ، لانه يحوج إلى الامراء ومراعاتهم ومراءاتهم ، فأما إذا ابتلي به لضرورة وخاف إن لم يثن فهو معذور ، فان اتقاء الشر جائز.

وقال أبوالدرداء : إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتبغضهم ، وقالت عائشة : استأذن رجل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ائذنوا له فبئس رجل العشيرة هو ، فلما دخل

٢٠٥

أقبل عليه وألان له القول فلما خرج قالت عايشة : قد قلت بئس رجل العشيرة ، ثم ألنت له القول ، فقال : يا عائشة إن شر الناس الذي يكرم اتقاء لشره.

ولكن هذا ورد في الاقبال وفي الكشر والتبسم ، وأما الثناء فهو كذب صريح فلا يجوز إلا لضرورة او إكراه يباح الكذب لمثلهما ، بل لا يجوز الثناء ولا التصديق وتحريك الرأس في معرض التقرير على كل كلام باطل ، فان فعل ذلك فهو منافق بل ينبغي أن ينكر بلسانه وبقلبه ، فان نلم يقدر فليسكت بلسانه ولينكر بقلبه.

وأقول : قال الشهيد الثاني قدس الله روحه : كونه ذا اللسانين وذا الوجهين من الكبائر للتوعد عليه بخصوصه ، ثم ذكر في تفصيله وتحقيقه نحوا مما مر ، ولا ريب أن في مقام التقية والضرورة يجوز مثل ذلك ، وأما مع عدمهما فهو من علامات النفاق وأخس ذمائم الاخلاق.

١٣ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي شيبة ، عن الزهرى ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا ، إن اعطي حسده ، وإن ابتلي خذله (١).

بيان : يطري على بناء الافعال بالهمز وغيره ، في القاموس في باب الهمز أطرأه بالغ في مدحه ، وفي باب المعتل أطراه أحسن الثناء عليه ، وفي النهاية في المعتل الاطراء مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه ، والجوهري ذكره في المعتل فقط وقال : أطراه أي مدحه و «يأكله» أي يغتابه كما قال تعالى «أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا».

«إن اعطى» على المجهول أي الاخ ، والخذلان ترك النصرة.

١٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن عبدالرحمان بن حماد رفعه قال : قال الله تبارك وتعالى لعيسى : يا عيسى ليكن لسانك في السر والعلانية لسانا واحدا ، وكذلك قلبك ، إني احذرك نفسك ، وكفى بي خبيرا ، لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا سيفان في غمد واحد ، ولا قلبان في صدر واحد وكذلك

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٤٣.

٢٠٦

الاذهان (١).

بيان : «لسانا واحدا» أي لا تقول في الاحوال المختلفة شيئين مختلفين للاغراض الباطلة ، فيشمل الرئاء والفتاوى المختلفة ، وما ذكره «وكذلك قلبك» أي ليكن باطن قلبك موافقا لظاهره ، إذ ربما يكون الشئ كامنا في القلب يغفل عنه نفسه كحب الدنيا ، فينخدع ويظن أنه لا يحبها ، وأشباه ذلك ، ثم يظهر له ذلك في الاخرة بعد كشف الحجب الظلمانية النفسانية أو في الدنيا أيضا بعد المجاهدة والتفكر في خدع النفس وتسويلاتها ولذا قال سبحانه بعده «إني احذرك نفسك» وقد قال تعالى «بل بدالهم ما كانوا يخفون من قبل» (٢) ويحتمل أن يكون المعنى : وكذلك ينبغي أن يكون قلبك موافقا للسانك فلا تقول ما ليس فيه ، أو المعنى أنه ما يجب أن يكون اعتقاد القلب واحدا واصلا إلى حد اليقين ، ويطمئن قلبه بالحق ولا يتزلزل بالشبهات ، فيعتقد اليوم شيئا وغدا نقيضه ، أو يجب أن تكون عقائد القلب متوافقة متناسبة لا كقلوب أهل الضلال والجهال ، فانهم يعتقدون الضدين والنقيضين لتشعب أهوائهم وتفرق آرائهم من حيث لا يشعرون ، كاعتقادهم بأفضلية أمير المؤمنين وتقديمهم الجهال عليه ، واعتقادهم بعدله تعالى وحكمهم بأن الكفر وجميع المعاصي من فعله ويعذبهم عليها ، واعتقادهم بوجوب طاعة من جوزوا فسقه وكفره ، وأمثال ذلك كثيرة.

أو المعنى أن المقصود الحقيقي والغرض الاصلي للقلب لا يكون إلا واحدا ولا تجتمع فيه محبتان متضادتان ، كحب الدنيا والاخرة ، وحب الله و حب معاصية والشهوات التي نهى عنها ، فمن اعتقد أنه يحب الله تعالى ويتبع الهوى ، ويحب الدنيا ، فهو كذي اللسانين الجامع بين مؤالفة المتباغضين ، فان الدنيا والاخرة كضرتين ، وطاعة الله وطاعة الهوى كالمتباغضين ، فقلبه منافق

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٤٣.

(٢) الانعام : ٢٨.

٢٠٧

ذولسانين : لسان منه مع الله ، والاخر مع ما سواه ، فهذا أولى بالذم من ذي اللسانين.

وتحقيقه أن بدن الانسان بمنزلة مدينة كبيرة لها حصن منيع هو القلب بل هو العالم الصغير من جهة والعالم الكبير من جهة اخرى والله سبحانه هو سلطان القلب ومدبره ، بل القلب عرشه ، وحصنه بالعقل والملائكة ، ونوره بالانوار الملكوتية ، واستخدمه القوى الظاهرة والباطنة والجوارح والاعضاء الكثيرة ولهذا الحصن أعداء كثيرة من النفس الامارة ، والشياطين الغدارة ، وأصناف الشهوات النفسانية ، والشبهات الشيطانية ، فاذا مال العبد بتأييده سبحانه إلى عالم الملكوت ، وصفي قلبه بالطاعات والرياضات عن شوك الشكوك والشبهات ، وقذارة الميل إلى الشهوات ، استولى عليه حبه تعالى ومنعه عن حب غيره ، فصارت القوى والمشاعر وجميع الالات البدنية مطيعة للحق ، منقادة له ، ولايأتي شئ منها بما ينافي رضاه ، وإذا غلبت عليه الشقوة ، وسقط في مهاوي الطبيعة استولى الشيطان على قلبه ، وجعله مستقر ملكه ونفرت عنه الملائكة ، وأحاطت به الشياطين ، وصارت أعماله كلها للدنيا ، وإراداته كلها للهوى ، فيدعي أنه يعبدالله ، وقد نسي الرحمان ، وهو يعبد النفس والشيطان.

فظهر أنه لايجتمع حب الله وحب الدنيا ، ومتابعة الله ومتابعة الهوي في قلب واحد ، وليس للانسان قلبان حتى يحب بأحدهما الرب تعالى ويقصده بأعماله ، ويحب بالاخرة الدنيا وشهواتها ، ويقصدها في أفعاله ما قال سبحانه : «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه» (١) ومثل سبحانه لذلك باللسان والسيف ، فكما لايكون في فم لسانان ، ولا في غمد سيفان ، فكذلك لايكون في صدر قلبان ، ويحتمل أن يكون اللسان لما مر في ذي اللسانين.

وأما قوله : «فكذلك الاذهان» فالفرق بينها وبين القلب مشكل ، ويمكن أن يكون القلب للحب والعزم ، والذهن للاعتقاد الجزم ، أي لا يجتمع في القلب حب الله وحب ما ينا في حبه سبحانه ، من حب الدنيا وغيره ، وكذلك لا يجتمع

____________________

(١) الاحزاب : ٤.

٢٠٨

الجزم بوجوده تعالى ، وصفاته المقدسة وسائر العقائد الحقة ، مع ما ينافيه من العقائد الباطلة والشكوك والشبهات في ذهن واحد كما أشرنا إليه سابقا وقيل : يعني كما أن الظاهر من هذه الاجسام لا يصلح تعددها في محل واحد ، كذلك باطن الانسان الذي هو ذهنه وحقيقته لا يصلح أن يكون ذا قولين مختلفين ، أو عقيدتين متضادتين ، وقيل : الذهن الذكاء والفطنة ، ولعل المراد هنا التفكر في الامور الحقة النافعة ، ومباديها وكيفية الوصول إليها ، وبالجملة أمره بأن يكون لسانه واحدا ، وقلبه واحدا ، وذهنه واحدا ، ومطلبه واحدا ، ولما كان سبب التعدد والاختلاف أمرين : أحدهما تسويل النفس ، والاخر الغفلة عن عقوبة الله ، عقبه بتحذيرها ، وربما يقرأ بالدال المهملة من المداهنة في الدين ، كما قال تعالى : «أفبهذا الحديث أنتم مدهنون» (١) وقال : «ودوا لوتدهن فيدهنون» (٢) وهذا تصحيف وتحريف مخالف للنسخ المضبوطة.

٦٤

*(باب)*

*«(الحقد ، والبغضاء ، والشحناء والتشاجر ، ومعاداة الرجال)»*

الايات الانفال : وأطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم (٣).

الحشر : ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا (٤).

١ ـ ل : أحمد بن إبراهيم بن الوليد عن محمد بن أحمد الكاتب رفعه أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لبنيه : يا بني إياكم ومعاداة الرجال ، فإنهم لا يخلون من ضربين : من عاقل يمكر بكم ، أو جاهل يعجل عليكم ، والكلام ذكر ، والجواب

____________________

(١) الواقعة : ٨١. (٢) القلم : ٩.

(٣) الانفال : ٤٦. (٤) الحشر : ١٠.

٢٠٩

انثي ، فإذا اجتمع الزوجان فلابد من النتاج ، ثم أنشأ يقول :

سليم العرض من حذر الجوابا

ومن دارى الرجال فقد أصابا

ومن هاب الرجال تهيبوه

ومن حقر الرجال فلن يهابا (١)

٢ ـ ل : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن صالح يرفعه باسناده قال : أربعة القليل منها كثير : النار القليل منها كثير ، والنوم القليل منه كثير والمرض القليل منه كثير ، والعداوة القليل منها كثير (٢).

٣ ـ ما : جماعة عن أبي المفضل ، عن محمد بن محمد بن معقل ، عن محمد بن الحسن الوشاء ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم ومشاجرة الناس ، فانها تظهر الغرة وتدفن العزة (٣).

٤ ـ ما : جماعة عن أبي المفضل ، عن النعمان بن أحمد بن نعيم ، عن محمد بن شعبة ، عن حفص بن عمر ، عن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي ، عن الباقر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كثر همه سقم بدنه ، ومن ساء خلقه عذب نفسه ، ومن لاحى الرجال سقطت مروته ، وذهبت كرامته ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم يزل جبرئيل عليه‌السلام ينهاني عن ملاحات الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر وعبادة الاوثان (٤).

أقول : قد مضى في باب شرار الناس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ألا انبئكم بشر الناس؟ قالوا : بلى يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من أبغض الناس وأبغضه الناس وقد مضى بعضها في باب جوامع مساوي الاخلاق ، وقد مضى فيه أيضا عن الصادق عليه‌السلام سبعة يفسدون أعمالهم وذكر منهم الذي يجادل أخاه مخاصما له.

٥ ـ سن : محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي عبدالله

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٣٧. (٢) الخصال ج ١ ص ١١٣.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٩٦.

(٤) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٢٥ ، والملاحات ، والمشاجرة والمنازعة.

٢١٠

عليه‌السلام قال : لا يقبل الله من مؤمن عملا وهو يضمر على المؤمن سوءا (١).

٦ ـ شى : عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المرخي ذيله من العظمة ، والمزكي سلعته بالكذب ، ورجل استقبلك بود صدره فيواري وقلبه ممتلئ غشا (٢).

٧ ـ سر : من كتاب أبي القاسم بن قولويه ، عن عبدالله بن سنان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : حقد المؤمن مقامه ، ثم يفارق أخاه فلا يد عليه شيئا ، وحقد الكافر دهره (٣).

٨ ـ جا : أحمد بن الوليد ، عن أبى ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن جعفر بن محمد الهامشي ، عن أبي حفص العطار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يحدث عن أبى ، عن جده عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جاءني جبرئيل في ساعة لم يكن يأتيني فيهما فقلت له : ياجبرئيل لقد جئتني في ساعة ويوم لم تكن تأتيني فيهما؟ لقد أرعبتني ، قال : وما يروعك يا محمد ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، قال : بماذا بعثك به ربك؟ قال : ينهاك ربك عن عبادة الاوثان وشرب الخمور ، وملاحاة الرجال ، واخرى هي للاخرة والاولى ، يقول لك ربك : يا محمد ما أبغضت ما أبغضت وعاء قط كبغضي بطنا ملانا.

٩ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : إياك وعداوة الرجال فانها تورث المعرة وتبدي العورة ، وقال عليه‌السلام : لا تمارين سفيها ولا حليما ، فان الحليم يغليك والسفيه يرديك (٤).

نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المشاحن لا يقبل منه صرف ولا عدل ، قيل : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) المحاسن ص ٩٩. (٢) تفسير العياشى ج ١ ص ١٧٩.

(٣) السرائر : ٤٨٩.

(٤) الاختصاص : ٢٣٠ و ٢٣١ وفيه «يغلبك».

٢١١

وما المشاحن؟ قال : المصارم لامتي ، الطاعن عليها (١).

١٠ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك (٢) وقال لرجل رآه يسعى على عدو له بما فيه إضرار بنفسه : إنما أنت كالطاعن نفسه ليقتل ردفه (٣) وقال : من بالغ في الخصومة أثم ، ومن قصر فيها ظلم ، ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصمكم (٤) وقال عليه‌السلام : ردوا الحجر من حيث جاء فان الشر لا يدفعه إلا الشر (٥) وقال عليه‌السلام : من ضن بعرضه فليدع المراء (٦).

٦٥

*(باب)*

*«(تتبع عيوب الناس وافشائها ، وطلب عثرات المؤمنين والشماتة)»*

الايات : النور : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم (٧).

الحجرات : ولا تجسسوا (٨).

١ ـ ل : في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام أنه قال لاصحابه : ألا اخبركم بشراركم؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : المشاؤن بالنميمة ، المفرقون بين

____________________

(١) نوادر الراوندى ص ١٨. (٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٦.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ٢١٧.

(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢١٧ ، وقد مر عن الاختصاص ، ١٥٠ مع تعيير يسير.

(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٢٠.

(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٣٠.

(٧) النور : ١٩.

(٨) الحجرات : ١٢.

٢١٢

الاحبة ، الباغون للبراء العيب (١).

أقول : قد مضى الاخبار في باب شرار الناس وباب الغيبة.

٢ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من قال في مؤمن ما رأت عيناه ، وسمعت اذناه كان من الذين قال الله : « إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة (٢).

٣ ـ لى : في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها (٣).

٤ ـ ما : المفيد ، عن المراغي ، عن موسى بن الحسن بن سلمان ، عن أبي بكر بن الحارث الباغندي ، عن عيسى بن رعينة ، عن محمد بن رئيس ، عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كان بالمدينة أقوام لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فأسكت الله عن عيوبهم الناس فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس ، وكان بالمدينة أقوام لاعيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس ، فأظهر الله لهم عيوبا لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا (٤).

٥ ـ لى : محمد بن أحمد الاسدي ، عن يعقوب بن يوسف ، عن عمر بن إسماعيل عن حفص بن غياث ، عن برد بن سنان ، عن مكحول ، عن واثلة بن الاسقع قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تظهر الشماتة بأخيك ، فيرحمه الله ويبتليك (٥).

٦ ـ جا ، ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن محمد بن عمر النيشابوري ، عن محمد ابن السري ، عن أبيه ، عن حفص بن غياث [مثله] (٦).

٧ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٨٦.

(٢) تفسير القمى ص ٤٥٤.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٥٨. (٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٤٢.

(٥) أمالى الصدوق ص ١٣٧. (٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣١.

٢١٣

الحسين بن المختار ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «عورة المؤمن على المؤمن حرام» قال : ليس هو أن ينكشف ويرى منه شيئا إنما هو أن يروي عليه (١).

٨ ـ مع : بهذا الاسناد ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : شئ يقوله الناس : عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ قال : ليس حيث تذهب إنما عورة المؤمن أن يراه يتكلم بكلام يعاب عليه ، فيحفظه عليه ليعيره به يوما إذا غضب (٢).

٩ ـ مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ فقال : نعم ، قلت : يعني سفيله؟ قال : ليس هو حيث تذهب إنما هو إذاعة سره (٣).

١٠ ـ ثو : أبي ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي بردة قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم انصرف مسرعا حتى وضع يده على باب المسجد ثم نادى بأعلى صوته : يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يخلص الايمان إلى قلبه لاتتبعوا عورات المؤمنين فانه من تتبع عورات المؤمنين تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ، ولو في جوف بيته (٤).

سن : محمد بن على ، عن ابن سنان [مثله] (٥).

جا : ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

١١ ـ ثو : ابن المتوكل ، عن محمد بن يحيى ، عن سهل ، عن يحيى بن المبارك ، عن ابن جبلة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك الرجل من إخواني يبلغني عنه الشئ الذي أكره له فأسأله

____________________

(١ ٣) معانى الاخبار ص ٢٥٥.

(٤) ثواب الاعمال ص ٢١٦. (٥) المحاسن ص ١٠٤.

٢١٤

عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات ، فقال لي : يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك فان شهد عندك خمسون قسامة ، وقال لك قولا فصدقه وكذبهم ، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به ، وتهدم به مروته ، فتكون من الذين قال الله عزوجل : «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة» (١).

١٢ ـ ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن علي بن إسماعيل عن عمار ، عن أبي حازم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذاع فاحشة كان كمبتديها ومن عير مؤمنا بشئ لا يموت حتى يركبه (٢).

سن : محمد بن علي وعلي بن عبدالله معا ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن إسماعيل ، عن ابن حازم مثله (٣).

١٣ ـ سن : في رواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما (٤).

جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن إبراهيم والفضل الاشعريين ، عن ابن بكير ، عن زرارة مثله.

١٤ ـ سر : أبوعبدالله السياري ، عن محمد بن إسماعيل ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا رأيتم العبد متفقدا لذنوب الناس ناسيا لذنوبه ، فاعلموا أنه قد مكر به (٥).

١٥ ـ جا : محمد بن سليمان ، عن محمد بن خالد ، عن عاصم بن حميد ، عن الحذاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن أسرع الخير ثوابا البر وأسرع الشر عقابا البغى ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه ، وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.

____________________

(١ و ٢) ثواب الاعمال ص ٢٢١. (٣) المحاسن ص ١٠٣.

(٤) المحاسن ص ١٠٤. (٥) السرائر ص ٤٧٥.

٢١٥

١٦ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : من اطلع من مومن على ذنب أو سيئة فأفشى ذلك عليه ولم يكتمها ، ولم يستغفر الله له ، كان عندالله كعاملها وعليه وزر ذلك الذي أفشاه ، عليه وكان مغفورا لعاملها ، وكان عقابه ما أفشى عليه في الدنيا مستور عليه في الاخرة ، ثم يجد الله أكرم من أن يثني عليه عقابا في الاخرة ، وقال : من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه ، وهدم مروته ، ليسقطه من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان ، فلا يقبله الشيطان (١).

١٧ ـ ختص : الصدوق ، عن أبيه ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن محمد بن زياد عن ابن عميرة ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : إن لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جنة فمن أذنب ذنبا كبيرا رفع عنه جنة ، فاذا عاب أخاه المؤمن بشئ يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه ، ويبقى مهتك الستر فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة وفي الارض على ألسنة الناس ولا يرتكب ذنبا إلا ذكروه ، ويقول الملائكة الموكلون به : يا ربنا قد بقي عبدك مهتك الستر ، وقد أمرتنا بحفظه؟ فيقول عزوجل : ملائكتي لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته ، فارفعوا أجنحتكم عنه فو عزتي لا يؤول بعدها إلى خير أبدا (٢).

١٨ ـ كتاب صفات الشيعة : باسناده ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمنا عليه (٣).

١٩ ـ كا : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن إبراهيم بن محمد الاشعري ، عن أبان بن عبدالملك ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : لا تبدي الشماتة لاخيك فيرحمه الله ويصيرها بك ، وقال عليه‌السلام : من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن به (٤).

بيان : قال الجوهري : الشماتة الفرح ببلية العدو ، يقال : شمت به بالكسر يشمت شماتة ، وقال : كل شئ أبديته وبديته أظهرته ، وقال : افتتن الرجل

____________________

(١) الاختصاص ص ٣٢ (٢) الاختصاص : ٢٢٠.

(٣) صفات الشيعة الرقم ٦٠. (٤) الكلافى ج ٢ ص ٣٥٩.

٢١٦

وفتن فهو مفتون إذا أصابته فتنة فيذهب ماله أو عقله ، وكذلك إذا اختبر ، وإنما نهى عليه‌السلام عن الابداء لانه قد يوجد ذلك في قلب العدو بغير اختياره وتكليف عامة الخلق به حرج ينافي الشريعة السمحة ، والابداء يكون بالفعل كاظهار السرور والبشاشة والضحك عند المصاب ، وفي غيبته ، وبالقول مثل الهزء والسخرية به وعقوبته في الدنيا أن الله تعالى يبتليه بمثله غيرة للمؤمن ، وانتصارا له ، وأيضا هو نوع بغي وعقوبة البغي عاجلة سريعة.

٢٠ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن سنان ، عن إبراهيم والفضل ابني يزيد الاشعريين ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام وأبي عبدالله عليه‌السلام قال : أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما (١).

بيان : أقرب مبتدأ وما مصدرية ، ويكون من الافعال التامة وإلى متعلق بأقرب و «أن» في قوله : «أن يواخي» مصدرية ، وهو في موضع ظرف الزمان مثل رأيته مجئ الحاج وهو خبر المبتدأ ، والعثرة الكبوة في المشي ، استعير للذنب مطلقا أو الخطاء منه ، وقريب منه الزلة ويمكن تخصيص إحداهما بالذنوب ، والاخرى بمخالفة العادات والاداب ، والتعنيف والتعيير واللوم ، وهذا من أعظم الخيانة في الصداقة والاخوة ، ولذا قال بعض العارفين : لابد من أن تأخذ صديقا معتمدا موافقا مأمونا شره ، ولا يحصل ذلك إلا بعد اعتبارك إياه قبل الصداقة آونة من الزمان في جميع أقواله وأفعاله مع بني نوعه ، ومع ذلك لابد بعد الصداقة من أن تخفي كثيرا من أحوالك وأسرارك منه ، فانه ليس بمعصوم ، فلعل بعد المفارقة منك لامر قليل يوجب زوال الصداقة يعنفك بأمر تكرهه.

والمراد باحصاء العثرات والزلات حفظها وضبطها في الخاطر أو الدفاتر ليعيره بها يوما من الايام ، ويفهم منه أن كمال قربه من الكفر بمجرد الاحصاء بهذا القصد ، وإن لم يقع منه ، وقيل : وجه قربه من الكفر أن ذلك منه باعتبار عدم

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٥٤.

٢١٧

استقرار إيمانه في قلبه ، أو المراد بالكفر كفر نعمة الاخوة ، فهو مع هذا القصد قريب من الكفر ، ويتحقق الكفر بوقوع التعنيف بل ينبغي للاخ في الله إذا عرف من أخيه عثرة أن ينظر أولا إلى عثرات نفسه ، ويطهر نفسه عنها ، ثم ينصح أخاه بالرفق واللطف والشفقة ، ليترك تلك العثرات ، وتكمل الاخوة والصداقة.

ويمكن أن يكون المراد بتلك العثرات ما ينافي حسن الصحبة والعشرة وأما ما ينافي الدين من الذنوب ، فلا يعنفه على رؤوس الخلائق ، ولكن يجب عليه من باب النهي عن المنكر زجره عنها ، على الشروط والتفاصيل التي سنذكرها في محلها إنشاء الله تعالى.

٢١ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن علي بن النعمان ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قبله! لا تذموا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فانه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته (١).

بيان : المعشر الجماعة من الناس والجمع معاشر ، والاضافة من قبيل إضافة متعدد إلى جنسها ، وخلص إليه الشئ كنصر : وصل ، وفيه دلالة على أن من أصر على المعاصي فهو كالمنافقين الذين قال الله تعالى فيهم : «قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم» (٢) إذ لو دخل الايمان قلبه واستقر فيه ، ظهرت آثاره في جوارحه ، وإن أمكن أن يكون الخطاب للمنافقين الذين كانوا بين المسلمين وكانوا يؤذونهم ويتبعون عثراتهم.

وقوله : «ولا تتبعوا» من باب التفعيل بحذف إحدى التائين في المصباح تتبعت أحواله تطلبتها شيئا بعد شئ في مهلة ، والعورة كل أمر قبيح يستره الانسان أنفة أو حياء ، والمراد بتتبع الله سبحانه عورته منع لطفه وكشف ستره ، ومنع الملائكة عن ستر ذنوبه وعيوبه ، فهو يفتضح في السماء والارض ولو أخفاها وفعلها في جوف بيته واهتم باخفائها ، او المعنى ولو كانت فضيحته عند أهل بيته

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٥٤. (٢) الحجرات : ١٣.

٢١٨

والاول أظهر ( وفي أكثر النسخ ) (١) «يتبع» فهو كيعلم أو على بناء الافتعال استعمل في التتبع مجازا أو على التفعيل ، وكأنه من النساخ وفي أكثر نسخ الحديث على التفعل في القاموس : تبعه كفرح مشى خلفه ، ومر به فمضى معه وأتبعتهم تبعتهم ، وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم ، والتتبيع التتبع والاتباع والاتباع كالتبع والتباع بالكسر الولاء ، وتتبعه تطلبه ، وفي الصحاح تبعت القوم تبعا وتباعة بالفتح إذا مشيت خلفهم أو مروا بك فمضيت معهم ، وكذلك اتبعتهم ، وهو افتعلت وأتبعت القوم على أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم ، وأتبعت أيضا غيري يقال أتبعته الشئ فتبعه ، قال الاخفش : تبعته وأتبعته أيضا بمعنى مثل ردفته وأردفته ومنه قوله تعالى : «فأتبعه شهاب ثاقب» (٢) وتابعته على كذا متابعة وتباعا والتباع الولاء ، وتتبعت الشئ تتبعا أي تطلبته متتبعا له ، وكذلك تبعته تبتيعا.

٢٢ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أبعد ما يكون العبد من الله أن يكون الرجل يواخي الرجل وهو يحفظ عليه زلاته ليعيره بها يوما ما (٣).

بيان : عيرته كذا أو بكذا إذا قبحته عليه ونسبته إليه ، يتعدى بنفسه وبالباء وكأن المراد الابعدية بالنسبة إلى ما لا يؤدي إلى الكفر ، فلا ينافى قوله عليه‌السلام : «أقرب ما يكون العبد إلى الكفر» (٤).

____________________

(١) ما ذكر قبل قال المؤلف في شرح الحديث الثانى من باب طلب العثرة من الكافى ، وما يذكر بعد ذلك شرح للحديث الرابع منه ، لكن الحديثين متفقان لفظا راجع الكافى ج ٢ ص ٣٥٤ ، مرآت العقول ج ٢ ص ٣٤١.

(٢) الصافات : ١٠.

(٣) الكافى ج ٢ ص ٣٥٥.

(٤) يعنى في حديث آخر عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخى الرجل الرجل على الدين فيحصى عليه زلاته ليعيره بها يوما ما. راجع الكافى ج ٢ ص ٣٥٥.

٢١٩

٦٦

*(باب الغيبة)*

الايات : النساء : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما (١).

أسرى : ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا (٢).

الحجرات : يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم (٣).

القلم : ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم (٤).

١ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الاكلة في جوفه قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ، ما لم يحدث ، قيل : يا رسول الله ، وما يحدث؟ قال : الاغتياب (٥).

بيان : الاكلة كفرحة داء في العضو يأتكل منه كما في القاموس وغيره ، وقد يقرأ بمد الهمزة على وزن فاعلة أي العلة التي تأكل اللحم ، والاول أوفق باللغة وقوله : «أسرع في دين الرجل» أي في ضرره وإفنائه ، وقيل : الاكلة بالضم اللقمة ، وكفرحة داء في العضو يأتكل منه وكلاهما محتملان إلا أن ذكر الجوف يؤيد الاول ، وإرادة الافناء والاذهاب يؤيد الثاني ، والاول أقرب وأصوب وتشبيه الغيبة بأكل اللقمة أنسب لان الله سبحانه شبهها بأكل اللحم انتهى وكان

____________________

(١) النساء : ١٤٨. (٢) أسرى : ٣٧.

(٣) الحجرات : ١٢. (٤) القلم : ١٠.

(٥) الكافى ج ٢ ص ٣٥٦.

٢٢٠