بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

في «من يأثم» وضمير عليه للباخل والتعدية بعلى لتضمين معنى القهر ، أو «على» بمعنى «في» أي بمعونة ظالم يأخذ منه قهرا وظلما ، ويعاقب على ذلك الظلم وقوله : «ولا يؤجر» أي الباخل على ذلك الظلم ، لانه عقوبة وعلى الاول قوله : ولا يوجر إما تأكيد أو لدفع توهم أن يكون آثما من جهة ومأجورا من اخرى.

٢١ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أيما رجل من شيعتنا أتى رجلا من إخوانه فاستعان به في حاجته فلم يعنه ، وهو يقدر ، إلا ابتلاه الله بأن يقضي حوائج عدة من أعدائنا يعذبه الله عليها يوم القيامة (١).

بيان : الاستثناء يحتمل الوجوه الثلاثة المتقدمة ، وقوله : «يعذبه الله» صفة حوائج ، وضمير عليها راجع إلى الحوائج والمضاف محذوف أي على قضائها ويدل على تحريم قضاء حوائج المخالفين ، ويمكن حمله على النواصب أو على غير المستضعفين جمعا بين الاخبار ، وحمله على الاعانة في المحرم بأن يكون «يعذبه الله» قيدا احترازيا بعيد.

٢٢ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن أسلم عن الخطاب بن مصعب ، عن سدير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لم يدع رجل معونة اخيه المسلم حتى يسعى فيها ويواسيه إلا ابتلي بمعونة من يأثم ولا يوجر (٢).

بيان : حتى يسعى متعلق بالمعونة ، فهو من تتمة مفعول يدع ، والضمير في يأثم راجع إلى الرجل ، والعائد إلى من محذوف أي على معونته.

٢٣ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله عن علي بن جعفر ، ن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سمعته يقول : من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه ، فقد قطع ولاية الله عزوجل (٣).

بيان : «مستجيرا به» أي لدفع ظلم أو لقضاء حاجة ضرورية « فقد قطع

____________________

(٣١) الكافى ج ٢ ص ٣٦٦.

١٨١

ولاية الله » أي محبته لله ، أو محبة الله له ، أو نصرة الله له ، أو نصرته لله ، أو كناية عن سلب إيمانه فان الله ولي الذين آمنوا ، والحاصل أنه لا يتولى الله اموره ولا يهديه بالهدايات الخاصة ، ولا يعينه ولاينصره.

٢٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن أبي حفص الاعشى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعى في حاجة لاخيه فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله (١) بيان : « فلم يناصحه «وفي بعض النسخ» فلم ينصحه » أي لم يبذل الجهد في قضاء حاجته ولم يعتم بذلك ، ولم يكن غرضه حصول ذلك المطلوب ، قال الراغب : النصح تحري قول أو فعل فيه صلاح صاحبه انتهى وأصله الخلوص وهو خلاف الغش ، ويدل على أن خيانة المؤمن خيانة لله والرسول.

٢٥ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد وأبوعلي الاشعري عن محمد بن حسان جميعا عن إدريس بن الحسن ، عن مصبح بن هلقام قال : أخبرنا أبوبصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : أيما رجل من أصحابنا استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكل جهده فقد خان الله ورسوله و المومنين ، قال أبوبصير : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : ما تعني بقولك والمؤمنين؟ قال : من لدن أمير المؤمنين إلى آخرهم (٢).

بيان : في القاموس الجهد الطاقة ويضم والمشقة ، وأجهد جهدك أي أبلغ غايتك ، وجهد كمنع جد كاجتهد ، قوله « من لدن أمير المؤمنين » يحتمل أن يكون المراد بهم الائمة عليهم‌السلام كما في الاخبار الكثيرة تفسير المومنين في الايات بهم عليهم‌السلام فانهم المؤمنون حقا الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم ، وأن يكون المراد ما يشمل سائر المؤمنين وأما خيانة الله فلانه خالف أمره وادعى الايمان ولم يعمل بمقتضاه ، وخيانة الرسول والائمة عليهم‌السلام لانه لم يعمل بقولهم وخيانة

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٦٢.

(٢) المصدر ج ٢ ص ٣٦٢.

١٨٢

سائر المؤمنين لانهم كنفس واحدة ، ولانه إذا لم يكن الايمان سببا لنصحه فقد خان الايمان ، واستحقره ولم يراعه ، وهو مشترك بين الجميع فكأنه خانهم جميعا.

٢٦ ـ كا : عنهما جميعا ، عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من مشى في حاجة أخيه ثم لم يناصحه فيها كان كمن خان الله ورسوله وكان الله خصمه (١).

بيان : «وكان الله خصمه» أي يخاصمه من قبل المؤمن في الاخرة أو في الدنيا أيضا ، فينتقم له فيهما.

٢٧ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابه عن حسين بن حازم ، عن حسين بن عمر بن يزيد ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرأي سلبه الله عزوجل رأيه (٢).

بيان : شرت العسل أشوره شورا من باب قال جنيته ، وشرت الدابة شورا عرضته للبيع ، وشاورته في كذا واستشرته راجعته لارى فيه رأيه فأشار علي بكذا أراني ما عنده فيه من المصلة ، فكانت إشارته حسنة ، والاسم المشورة ، وفيه لغتان سكون الشين وفتح الواو ، والثانية ضم الشين وسكون الواو ، وزان معونة ، ويقال : هي من شار إذا عرضه في المشوار ، ويقال من أشرت العسل ، شبه حسن النصيحة بشري العسل وتشاور القوم واشتوروا ، والشورى اسم منه.

«فلم يمحضه» من باب منع أو من باب الافعال في القاموس : المحض اللبن الخالص ، ومحضه كمنعه سقاه المحض كأمحضه ، وأمحضه الود أخلصه كمحضه والحديث صدقه والامحوضة النصيحة الخالصة ، وقوله محض الرأي إما مفعول مطلق أو مفعول به ، وفي المصباح الرأي العقل والتدبير ، ورجل ذورأي أي بصيرة.

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ٣٦٣.

١٨٣

٦٠

*(باب الهجران)*

١ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن القاسم بن الربيع ، وعن العدة ، عن البرقي رفعه قال في وصية المفضل سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لايفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة ، وربما استحق ذلك كلاهما ، فقال له معتب : جعلني الله فداك هذا الظالم فما بال المظلوم؟ قال : لانه لا يدعو أخاه إلى صلته ، ولا يتغامس له عن كلامه ، سمعت أبي يقول : إذا تنازع اثنان فعاز أحدهما الاخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه : أي أخي أنا الظالم حتى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه ، فان الله تبارك وتعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم (١).

بيان : الهجر والهجران خلاف الوصل ، قال في المصباح : هجرته هجرا من باب قتل تركته ورفضته فهو مهجور وهجرت الانسان قطعته ، والاسم الهجران ، وفي التنزيل «واهجروهن في المضاجع» «البراءة» أي براءة الله ورسوله منه ، ومتعب بضم الميم وفتح العين وتشديد التاء المكسورة وكان من خيار موالي الصادق عليه‌السلام بل خيرهم كما روي فيه «وهذا الظالم» أي أحدهما ظالم والظالم خبر أو التقدير هذا الظالم استوجب ذلك فما حال المظلوم ولم استوجبه؟ «إلى صلته» أي إلى صلة نفسه ، ويحتمل رجوع الضمير إلى الاخ ولا يتغامس في أكثر النسخ بالغين المعجمة والظاهر أنه بالمهملة كما في بعضها قال في القاموس : تعامس تغافل ، وعلي : تعامى علي ويمكن التكلف في المعجمة بما يرجع إلى ذلك من قولهم غمسه في الماء أي رمسه والغميس الليل المظلم والظلمة والشئ الذي لم يظهر للناس ولم يعرف بعد وكل ملتف يغتمس فيه أو يستخفى ، قال في النهاية : في حديث علي عليه‌السلام ألا وإن معاوية قادلمة من الغواة وعمس عليهم الخبر ، العمس أن تري أنك لاتعرف الامر

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٤٤.

١٨٤

وأنت به عارف ، ويروى بالغين المعجمة.

«فعاز» بالزاي المشددة ، وفي بعض النسخ فعال باللام المخففة ، في القاموس عزه كمده : غلبه في المعازة ، وفي الخطاب غالبه كعازه ، وقال : عال جار ومال عن الحق والشئ فلانا غلبه وثقل عليه وأهمه ، «أنا الظالم» كأنه من المعاريض للمصلحة.

٢ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاهجرة فوق ثلاث (١).

بيان : ظاهره أنه لو وقع بين أخوين من أهل الايمان موجدة أو تقصير في حقوق العشرة والصحبة ، وأفضى ذلك إلى الهجرة ، فالواجب عليه أن لا يبقوا عليها فوق ثلاث ليال ، وأما الهجر في الثلاث فظاهره أنه معفو عنه ، وسببه أن البشر لايخلو عن غضب وسوء خلق ، فسومح في تلك المدة ، مع أن دلالته بحسب المفهوم وهي ضعيفة ، وهذه الاخبار مختصة بغير أهل البدع والاهواء والمصرين على المعاصي لان هجرهم مطلوب ، وهو من أقسام النهي عن المنكر.

٣ ـ كا : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : أبا عبدالله عليه‌السلام عن الرجل يصرم ذوى قرابته ممن لايعرف الحق قال : لاينبغي له أن يصرمه (٢).

بيان : الصرم القطع أي يهجره رأسا ويدل على أن الامر بصلة الرحم يشمل المؤمن والمنافق والكافر كما مر.

٤ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن عمه مرازم ابن حكيم قال : كان عند أبي عبدالله عليه‌السلام رجل من أصحابنا يلقب شلقان وكان قد صيره في نفقته وكان سيئ الخلق فهجره فقال لي يوما : يا مرازم وتكلم عيسى؟ فقلت : نعم ، قال : أصبت ، لا خير في المهاجرة (٣).

____________________

(١ و ٣) الكافى ج ٢ ص ٣٤٤.

١٨٥

بيان : «شلقان» بفتح الشين وسكون اللام لقب لعيسى بن أبي منصور ، وقيل : إنما لقب بذلك لسوء خلقه من الشلق وهو الضرب بالسوط وغيره ، وقد روي في مدحه أخبار كثيرة منها أن الصادق عليه‌السلام قال فيه : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ، وقال عليه‌السلام أيضا فيه : إذا أردت أن تنظر إلى خيار في الدنيا خيار في الاخرة فانظر إليه (١) والمراد بكونه عنده أنه كان في بيته لان أنه كان حاضر في المجلس «وكان قد صيره في نفقته» أي تحمل نفتقه وجعله في عياله ، وقيل : وكل إليه نفقة العيال وجعل قيما عليها ، والاول أظهر «فهجره» أي بسبب سوء خلقه مع أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام الذين كان مرازم منهم هجر مرازم عيسى فعبر عنه ابن حديد هكذا.

وقال الشهيد الثاني رحمه‌الله : ولعل الصواب فهجرته ، وقال بعض الافاضل : أي فهجر عيسى أبا عبدالله عليه‌السلام بسبب سوء خلقه مع أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام الذين كان مرازم منهم ، وأقول : صحف بعضهم على هذا الوجه قرأ «نكلم» بصيغة المتكلم مع الغير ، وتكلم في بعض النسخ بدون العاطف ، وعلى تقديره فهو عطف على مقدر أي أتواصل وتكلم؟ ونحو هذا ، وهو استفهام على التقديرين على التقرير ، ويحتمل الامر على بعض الوجوه.

٥ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سعيد القماط ، عن داود بن كثير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال أبي : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلا كانا خارجين عن الاسلام ، ولم يكن بينهما ولاية ، فأيهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق إلى الجنة يوم الحساب (٢).

بيان : «إلا كانا» كأن الاستثناء من مقدر أي لم يفعلا ذلك إلا كانا خارجين وهذا النوع من الاستثناء شايع في الاخبار ، ويحتمل أن تكون «إلا» هنا زائدة كما قال الشاعر : أرى الدهر إلا منجنونا بأهله ، وقيل : التقدير لا يصطلحان على حال

____________________

(١) رجال الكشى ٢٧٩. (٢) الكافى ج ٢ ٣٤٥.

١٨٦

إلا وقد كان خارجين ، وقيل : أيما مبتدأ ولا يصطلحان حال عن فاعل مكثا ، وإلا مركب من إن الشرطية ولا النافية نحو «إلا تنصروه فقد نصره الله» ولم يكن بتشديد النون مضارع مجهول من باب الافعال وتكرار للنفي في «إن لاكانا» مأخوذ من الكنة بالضم وهي جناح يخرج من حائط أو سقيفة فوق باب الدار ، وقوله : فأيهما جزاء الشرط والجملة الشرطية خبر المبتدأ ، أي أيما مسلمين تهاجرا ثلاثة أيام إن لم يخرجا من الاسلام ولم يضعا الولاية والمحبة على طاق النسيان فأيهما سبق الخ وإنما ذكرنا ذلك للاستغراب مع أن أمثال ذلك دأبه رحمه‌الله في أكثر الابواب ، وليس ذلك منه بغريب ، والمراد بالولاية المحبة التي تكون بين المؤمنين.

٦ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه ، فاذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه وتمدد ثم قال : فزت ، فرحم الله امرءا ألف بين وليين لنا ، يا معشر المؤمنين تآلفوا وتعاطفوا (١).

بيان : في القاموس أغرى بينهم العداوة : ألقاها ، كأنه ألزقها بهم «ما لم يرجع أحدهم عن دينه» كأنه للسلب الكلي ، فقوله : إذا فعلو! للايجاب الجزئي ويحتمل العكس ، وما بمعنى مادام ، والتمدد للاستراحة وإظهار الفراغ من العمل والراحة «فزت» أي وصلت إلى مطلوبي.

٧ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن علي بن محمد ، عن سعيد ، عن محمد بن مسلم عن محمد بن محفوظ ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لايزال إبليس فرحا ما اهتجر المسلمان ، فاذا التقيا اصطكت ركبتاه وتخلعت أوصاله ، ونادى : يا ويله ما لقي من الثبور (٢).

بيان : اصطكاك الركبتين اضطرابهما وتأثير أحدهما للاخر ، والتخلع التفكك والاوصال المفاصل ، أو مجتمع العظام ، وإنما التفت في حكاية قول إبليس عن

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٤٥.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٣٤٦.

١٨٧

التكلم إلى الغيبة في قوله : «ويله» و «لقي» تنزيها لنفسه المقدسة عن نسبة الشر إليه في اللفظ ، وإن كان في المعنى منسوبا إلى غيره ، ونظيره شايع في الكلام ، قال في النهاية فيه : إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : ياويله ، الويل الحزن والهلاك ، والمشقة من العذاب ، وكل من وقع في هلكة دعا بالويل ، ومعنى النداء فيه يا ويلي ويا حزني ويا هلاكي ويا عذابي احضر ، فهذا وقتك وأوانك وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملا على المعنى ، وعدل عن حكاية قول إبليس : يا ويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه انتهى ، و «ما» في قوله : «مالقي» للاستفهام التعجبي ، ومنصوب المحل مفعول لقي ، ومن للتبعيض ، والثبور بالضم الهلاك.

٨ ـ لى : في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن الهجران فان كان لابد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام ، فمن كان مهاجرا لاخيه أكثر من ذلك كان النار أولى به (١).

٩ ـ ل : ابن بندار ، عن أبي العباس الحمادي ، عن محمد بن علي الصائغ عن القعبي ، عن ابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث (٢).

١٠ ـ ل : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : ما من مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلا وبرئت منهما في الثالثة ، فقيل له : يا ابن رسول الله! هذا حال الظالم فما بال المظلوم؟ فقال عليه‌السلام : ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم فيقول : أنا الظالم حتى يصطلحا (٣).

١١ ـ ن : بالاسناد إلى دارم ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : في أول ليلة من شهر رمضان يغل المردة من الشياطين ، ويغفر في كل ليلة سبعين ألفا ، فاذا كان

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ٢٥٥.

(٢ و ٣) الخصال ج ١ ص ٨٦.

١٨٨

في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان وشهر رمضان إلى ذلك اليوم إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء ، فيقول الله عزوجل : أنظروا هؤلاء حتى يصطلحوا (١).

١٢ ـ ما : ابن مخلد ، عن الرزاز ، عن العباس بن حاتم ، عن يعلى بن عبيد عن يحيى بن عبيدالله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام ، والسابق يسبق إلى الجنة (٢).

١٣ ـ مع : محمد بن هارون الزنجاني ، عن علي بن عبدالعزيز ، عن القاسم بن سلام رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لا تناجشوا ولا تدابروا.

التدابر المصارمة والهجران ، مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره ويعرض عنه بوجهه.

١٤ ـ كتاب قضاء الحقوق : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لايحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث (٣).

٦١

(باب)

*«(من حجب مومنا)»*

١ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله بينه بين الجنة سبعين ألف سور ، ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام (٤).

سن : محمد بن علي ، عن ابن سنان مثله (٥).

____________________

(١) عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ٧١.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٥.

(٣) معانى الاخبار.

(٤) ثواب الاعمال : ٢١٤. (٥) المحاسن ص ١٠١ مع تغيير.

١٨٩

٢ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : من صار إلى أخيه المؤمن في حاجة أو مسلما فحجبه لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة (١).

أقول : قد مضى أخبار في هذا المعنى في باب من حجب مؤمنا في كتاب الايمان والكفر.

٣ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن حسان وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال : قال : أبوعبدالله عليه‌السلام : أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله عزوجل بينه وبين الجنة سبعين ألف سور ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام (٢).

كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سنان مثله بتغيير يسير (٣).

بيان : «كان بينه وبين مؤمن حجاب» أي مانع من الدخول عليه ، اما باغلاق الباب دونه ، أو إقامة بواب على بابه يمنع من الدخول عليه ، وقال الراغب : الضرب إيقاع شئ على شئ ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشئ باليد والعصا ونحوهما ، وضرب الارض بالمطر وضرب الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة ، وقيل له : الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه ، وضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة ، وتشبيها بضرب الخيمة قال : «ضربت عليهم الذلة» (٤) أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ضربت عليه ، ومنه استعير «فضربنا على آذانهم في الكهف» (٥) قال : «فضرب بينهم بسور» (٦) إلى آخر ما قال في ذلك.

«مسيرة ألف عام» أي من أعوام الدنيا ويحتمل الاخرة ، ثم الظاهر منه إرادة هذا العدد حقيقة ، ويمكن حمله على المجاز والمبالغة في بعده عن الرحمة

____________________

(١) الاختصاص ص ٣١. (٢) الكافى ج ٢ ص ٣٦٤.

(٣) الكافى ج ٢ ص ٣٦٥. (٤) آل عمران : ١١٢.

(٥) الكهف : ١١. (٦) الحديد : ١٣ راجع المفردات ٢٩٥.

١٩٠

والجنة ، أو على أنه لا يدخلها إلا بعد زمان طويل تقطع فيه تلك المسافة.

وعلى التقادير لعله محمول على ما إذا كان الاحتجاب للتبر والاستهانة بالمؤمن وتحقيره ، وعدم الاعتناء بشأنه لانه معلوم أنه لابد للمرء من ساعات في اليوم والليلة يشتغل فيها الانسان باصلاح امور نفسه ومعاشه ومعاده ، لاسيما العلماء لاضطرارهم إلى المطالعة والتفكر في المسائل الدينية وجمعها وتأليفها وتنقيحها وجمع الاخبار وشرحها وتصحيحها وغير ذلك من الامور التي لابد لهم من الخوض فيها ، والاعتزال عن الناس والتخلي في مكان لايشغلهم عنها أحد ، والادلة في مدح العزلة والمعاشرة متعارضة ، وقد يقال : المراد بالجنة جنة معينة يدخل فيها من لم يحجب المؤمن.

٤ ـ كا : عن علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه عن إسماعيل بن محمد ، عن محمد بن سنان قال : كنت عند الرضا عليه‌السلام فقال لي : يا محمد إنه كان في زمن بني إسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم ، فقرع الباب فخرج إليه الغلام فقال : أين مولاك؟ فقال ليس هو في البيت ، فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه فقال له : من كان الذي قرع الباب؟ قال : كان فلان فقلت له : لست في المنزل فسكت ولم يكترث ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب ، وأقبلوا في حديثهم.

فلما كان من الغد بكر إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم ، فسلم عليهم ، قال : أنا معكم ، فقالوا : نعم ، ولم يعتذروا إليه وكان الرجل محتاجا ضعيف الحال ، فلما كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلتهم فظنوا أنه مطر فبادروا فلما استوت الغمامة على رؤوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة : أيتها النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله ، فاذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة نفر ، وبقي الرجل مرعوبا يعجب بما نزل بالقوم ، ولا يدري ما السبب.

فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نون فأخبره الخبر وما رأى وما سمع

١٩١

فقال يوشع بن نون : أما علمت أن الله سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا ، وذلك بفعلهم بك ، قال وما فعلهم بي؟ فحدثه يوشع ، فقال الرجل : فأنا أجعلهم في حل وأعفو عنهم ، قال : لو كان هذا قبل لنفعهم ، وأما الساعة فلا ، وعسى أن ينفعهم من بعد (١).

بيان : «كان فلان» قيل : كان تامة أو فلان كناية عن اسم غير منصرف كأحمد وأقول : يحتمل تقدير الخبر أي كان فلان قارع الباب ، وفي القاموس ما أكترث له ما ابالي به «فلما كان من الغد» قيل : كان تامة والمستتر راجع إلى أمر الدهر و «من» بمعني «في» وفي القاموس بكر عليه وإليه وفيه بكورا وبكر وابتكر وأبكر وباكره أتاه بكرة ، وكل من بادر إلى شي ، فقد أبكر إليه في أي وقت كان ، وقال : الضيعة العقار والارض المغلة : «ولم يعتذروا إليه» ربما يفهم منه أنه عرف أنهم كانوا في البيت ولم يأذنوا له ، وفيه نظر ، بل الظاهر من آخر الخبر خلافه ، ويدل على أنه لو صدر عن أحد مثل هذه البادرة كان عليه أن يبادر إلى الاعتذار ، وأنه مع رضاه يسقط عنهم الوزر.

«ضعيف الحال» أي قليل المال «قد أظلتهم» أي قربت منهم أو الشمس لما كانت في جانب المشرق وقعت ظلها عليهم قبل أن تحاذي رؤوسهم ، «قظنوا أنه» أي سبب حدوث الغمامة «مطر فبادروا» ليظلوا إلى الضيعة قبل نزول المطر ، والنفر لما كان في معنى الجمع جعل تميزا للثلاثة «وأما الساعة فلا» أي لا ينفعهم ليردوا إلى الدنيا ، «وعسى أن ينفعهم» أي في البرزخ أو القيامة.

٥ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبدالله بن جبلة ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في مسلم أتى مسلما زائرا وهو في منزله فاستأذن عليه فلم يأذن له ، ولم يخرج إليه؟ قال : يا أبا حمزة أيما مسلم أتى مسلما زائرا أو طالب حاجة وهو في منزله ، فاستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج إليه لم يزل في لعنة الله

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٦٤.

١٩٢

عزوجل حتى يلتقيا ، فقلت : جعلت فداك في لعنة الله حتى يلتقيا؟ قال : نعم يا أبا حمزة (١).

بيان : «أيما مسلم» قيل : «أي» مبتدأ و «ما» زائدة بين المضاف والمضاف إليه و «أتى مسلما» خبره ، والجملة شرطية ، وجملة لم يزل جزائية ، والضمير راجع إلى المسلم الثاني ، ولو كان أتى صفة ولم يزل خبرا لم يكن للمبتدأ عائد ولعل المراد بالالتقاء الاعتذار أو معه ، وهو محمول على عدم العذر أو الاستخفاف.

٦٢

*(باب)*

*«(التهمة والبهتان وسوء الظن بالاخوان وذم الاعتماد على ما يسمع من أفواه الرجال)»*

الايات ، النساء : ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا (٢).

اسرى : ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا (٣).

النور : لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين إلى قوله تعالى : إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عندالله عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم (٤).

الحجرات : يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا (٥).

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٦٥.

(٢) النساء : ١١٢. (٣) أسرى : ٣٦.

(٤) النور : ١٢ ١٥. (٥) الحجرات : ١٢.

١٩٣

١ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ليس لك أن تأتمن من غشك ، ولا تتهم من ائتمنت (١).

٢ ـ ب : عنهما ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته ، ولا تأمن الخائن وقد جربته (٢).

٣ ـ ل : عن الصادق عليه‌السلام ناقلا عن حكيم : البهتان على البري أثقل من الجبال الراسيات (٣).

٤ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : المؤمن لا يغش أخاه ولا يخونه ولا يخذله ولا يتهمه ، ولا يقول له : أنا منك برئ ، وقال عليه‌السلام : اطلب لاخيك عذرا فان لم تجدله عذرا فالتمس له عذرا ، وقال عليه‌السلام : اطرحوا سوء الظن بينكم فان الله عزوجل نهى عن ذلك (٤).

٥ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه علهيم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بهت مؤمنا أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه أقامه الله تعالى يوم القيامة على تل من نار ، حتى يخرج مما قاله فيه (٥).

صح : عنه عليه‌السلام مثله (٦).

٦ ـ مع : أبي ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن عطية ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من باهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيهما حبسه الله عزوجل ويوم القيامة في طينة خبال ، حتى يخرج مما قال ، قلت : وما طينة خبال؟ قال : صديد يخرج من فروج المؤمسات يعني الزواني (٧).

ثو : ابن المتوكل ، عن الحميري مثله (٨).

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٣٥. (٢) قرب الاسناد ص ٤٠.

(٣) الخصال ج ٢ ص ٥. (٤) الخصال ج ٢ ص ١٦١.

(٥) عيون الاخبار ج ٢ ص ٣٣. (٦) صحيفة الرضا ص ٨.

(٧) معانى الاخبار ص ١٦٤. (٨) ثواب الاعمال : ٢١٥.

١٩٤

سن : ابن محبوب مثله (١).

أقول قد مضى بعض الاخبار في باب الغيبة.

٧ ـ ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليه‌السلام قال : قال رجل من خواص الشيعة لموسى بن جعفر عليه‌السلام وهو يرتعد بعد ما خلى به : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أخوفني أن يكون فلان بن فلان ينافقك في إظهاره واعتقاد وصيتك وإمامتك فقال موسى عليه‌السلام : وكيف ذاك؟ قال : لاني حضرت معه اليوم في مجلس فلان رجل من كبار أهل بغداد ، فقال له صاحب المجلس : أنت تزعم أن موسى بن جعفر إمام دون هذا الخليفة القاعد على سريره؟ قال له صاحبك هذا : ما أقول هذا بل أزعم أن موسى بن جعفر غير إمام ، وإن لم أكن أعتقد أنه غير إمام فعلي وعلى من لم يعتقد ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، قال له صاحب المجلس : جزاك الله خيرا ، وألعن من وشى بك.

فقال له موسى بن جعفر عليه‌السلام : ليس كما ظننت ، ولكن صاحبك أفقه منك إنما قال موسى غير إمام أي أن الذي هو غير إمام فموسى غيره فهو إذا إمام ، فانما أثبت بقوله هذا إمامتى ونفى إمامة غيري ، يا عبدالله متى يزول عنك هذا الذي طننته بأخيك ، هذا من النفاق تب إلى الله ، ففهم الرجل ما قاله واغتم ، قال : يا ابن رسول الله مالي مال فارضيه به ، ولكن قد وهبت له شطر عملي كله من تعبدي وصلاتي عليكم أهل البيت ، ومن لعنتي لاعدائكم ، قال موسى عليه‌السلام : الان خرجت من النار (٢).

٨ ـ ب : هارون ، عن ابن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم والظن فان الظن أكذب الكذب لخبر (٣).

٩ ـ ل : ابن الوليد ، عن العطار ، عن الاشعري ، عن علي بن السندي عن محمد بن عمرو بن سعيد ، عن كرام ، عن ميسر بن عبدالعزيز قال : قال أبوجعفر

____________________

(١) المحاسن ص ١٠١. (٢) الاحتجاج ٢١٤.

(٣) قرب الاسناد ص ١٥.

١٩٥

عليه‌السلام سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام كم بين الحق والباطل؟ فقال : أربع أصابع ووضع أمير المؤمنين يده على اذنه وعينيه ، فقال : ما رأته عيناك فهو الحق وما سمعته اذناك فأكثره باطل (١).

١٠ ـ ل : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن ابن حميد ، عن ابن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سأل الشامي الذي بعثه معاوية ليسأل أمير المؤمنين عليه‌السلام عما سأل عنه ملك الروم الحسن بن علي عليه‌السلام كم بين الحق والباطل؟ فقال عليه‌السلام : أربع أصابع ، فما رأيته بعينك فهو الحق ، وقد تسمع باذنيك باطلا كثيرا (٢).

١١ ـ لى : العطار ، عن أبيه ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك ، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا الخبر (٣).

١٢ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : حسن الظن أصله من حسن إيمان المرء وسلامة صدره ، وعلامته أن يرى كل ما نظر إليه بعين الطهارة والفضل ، من حيث ما ركب فيه وقذف من الحياء والامانة والصيانة والصدق ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أحسنوا ظنونكم باخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب ، ونقاء الطبع ، وقال ابي بن كعب : إذا رأيتم أحد إخوانكم في خصلة تستنكروها منه ، فتأولوا لها سبعين تأويلا ، فان اطمأنت قلوبكم على أحدها وإلا فلوموا أنفسكم حيث لم تعذروه في خصلة سترها عليه سبعون تأويلا وأنتم أولى بالانكار على أنفسكم منه (٤).

١٣ ـ شى : عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبدالله قال : إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن ، فأتيت إلى أبي جعفر عليه‌السلام فقلت : إني اريد أن أستبضع فلانا

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١١٢. (٢) الخصال ج ٢ ص ٥٦.

(٣) أمالى الصدوق ص ١٨٢.

(٤) مصباح الشريعة ص ٥٨.

١٩٦

فقال لي : أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلت : قد بلغني من المؤمنين أنهم يقولون ذلك ، فقال : صدقهم فان الله يقول : «يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين» (١) فقال : يعني يصدق الله ويصدق المؤمنين ، لانه كان رؤفا رحيما بالمؤمنين (٢).

١٤ ـ غو : حدثني المولى العالم الواعظ عبدالله بن علاء الدين بن فتح الله بن عبدالملك القمي ، عن جده عبدالملك ، عن أحمد بن فهد ، عن جلال الدين بن عبدالله بن شرفشاه ، عن علي بن محمد القاشي ، عن جلال الدين بن دار الصخر ، عن نجم الدين أبي القاسم بن سعيد ، عن محمد بن الجهم ، عن المعمر السنبسي قال : سمعت مولاي أبا محمد الحسن العسكري عليهما‌السلام يقول : أحسن ظنك ولو بحجر يطرح الله فيه سره ، فتتناول نصيبك منه ، فقلت : يا ابن رسول الله ولو بحجر؟ فقال : ألا تنظر إلى الحجر الاسود.

١٥ ـ من كتاب قضاء الحقوق : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اطلب لاخيك عذرا فان لم تجد له عذرا فالتمس له عذرا.

١٦ ـ نهج : ومن كلام له عليه‌السلام أيها الناس من عرف من أخيه وثيقة دين وسداد طريق فلا يسمعن فيه أقاويل الناس أما إنه قد يرمي الرامي ويخطئ السهام ، ويحيل الكلام وباطل ذلك يبور ، والله سميع وشهيد ، أما إنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع فسئل عن معنى قوله هذا ، فجمع أصابعه ووضعها بين اذنه وعينه ، ثم قال : الباطل أن تقول : سمعت ، والحق أن تقول : رأيت (٣).

١٧ ـ الدرة الباهرة : قال أبوالحسن الثالث عليه‌السلام : إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الور فحرام أن تظن بأحد سوءا حتى يعلم ذلك منه ، وإذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل ، فليس لاحد أن يظن بأحد خيرا حتى يبدو ذلك منه.

١٨ ـ نهج : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه خزية فقد ظلم ، وإذا استولى الفساد

____________________

(١) براءة : ٦١. (٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٩٥.

(٣) نهج البلاغة تحت الرقم ١٣٩ من الخطب.

١٩٧

على الزمان وأهله فأحسن رجل الظن برجل فقد غرر (١) وقال عليه‌السلام : اتقوا ظنون المؤمنين فان الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم (٢) وقال عليه‌السلام : لا تظنن بكلمة خرجت من أحد سوءا وأنت تجدلها في الخير محتملا (٣).

١٩ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم ابن عمر اليماني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء (٤).

بيان : في القاموس : الوهم من خطرات القلب ، أو هو مرجوح طرفي المتردد فيه ، ووهم في الشئ كوعد ذهب وهمه إليه. وتوهم ظن ، وأتهمه بكذا إتهاما واتهمه كافتعله وأوهمه أدخل عليه التهمة كهمزة أي ما يتهم عليه ، فاتهم هو ، فهو متهم وتهيم ، وفي المصباح اتهمته بكذا ظننته به ، فهو تهيم ، واتهمته في قوله : شككت في صدقه ، والاسم التهمة وزان رطبة ، والسكون لغة حكاها الفارابي وأصل التاء واو ، وقال : ماث الشئ موثا من باب قال ، ويميث ميثا من باب باع لغة : ذاب في الماء ، وماثه غيره من باب قال يتعدى ولا يتعدى ، وماثت الارض لانت وسهلت ، وفي القاموس : ماث موثا وموثانا محركة خلطه ودافه فانماث انمياثا انتهى.

وكأن المراد هنا بالتهمة أن يقول فيه ما ليس فيه مما يوجب شينه ويحتمل أن يشمل سوء الظن أيضا و «من» في قوله : «من قلبه» إما بمعنى في كما في قوله تعالى : «إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة» أو ضمن فيه معنى الذهاب أو الزوال ونحوه ، ويحتمل التعليل لان ذلك بسبب فساد قلبه ، وقيل : إنما قال كذلك للتنبيه على فساد قلبه ، حتى أنه ينافي الايمان ، ويوجب فساده.

٢٠ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابه عن الحسين بن حازم ، عن حسين بن عمر بن يزيد ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله

____________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٦٩. (٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢١٩.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٣٠. (٤) الكافى ج ٢ ص ٣٦١.

١٩٨

عليه‌السلام يقول : من اتهم أخاه في دينه فلاحرمة بينهما ، ومن عامل أخاه بمثل ما يعامل به الناس ، فهو برئ ممن ينتحل (١).

بيان : «في دينه» يحتمل تعلقه بالاخوة أو بالتهمة ، والاول أظهر ، وعلى الثاني التهمة تشمل تهمته بترك شئ من الفرايض ، أو ارتكاب شئ من المحارم ، لان الايتان بالفرائض والاجتناب عن المحارم من الدين كما أن القول الحق والتصديق به من الدين «فلا حرمة بينهما» أي حرمة الايمان كناية عن سلبه ، والحاصل أنه انقطعت علاقة الاخوة ، وزالت الرابطة الدينية بينهما ، في القاموس الحرمة بالضم وبضمتين وكهمزة ما لا يحل انتهاكه ، والذمة والمهابة والنصيب «ومن يعظم حرمات الله» أي ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه ، «بمثل ما عامل به الناس» أي المخالفين أو الاعم منهم ومن فساق الشيعة ، وممن لاصداقة واخوة بينهما ، والتسوية في المعاملة بأن يربح عليهما على حد سواء ، ولا يخص أخاه بالرعاية والمسامحة ، وترك الربح أو تقليله ، وشدة النصيحة وحفظ حرمته في الحضور والغيبة ، والمواساة معه ، وأمثال ذلك مما هو مقتضى الاخوة كما فصل في الاخبار الكثيرة.

«فهو بري ممن ينتحل» اي من يجعل هو أو أخوه ولايتهم نحلة ومذهبا وهم الرب سبحانه ورسوله والائمة ، والظاهر أن المستتر في ينتحل راجع إلى المعامل لا إلى الاخ ، تعريضا بأنه خارج من الدين ، فان الانتحال ادعاء ما ليس له ، ولم يتصف به ، في القاموس : انتحله تنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره وفي أكثر النسخ «مما ينتحل» وهو أظهر ، فالمراد بما ينتحل التشيع او الاخوة.

٢١ ـ كا : عنه ، عن أبيه ، عمن حدثه ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في كلام له : ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا (٢).

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٦١. (٢) الكافى ج ٢ ص ٣٦٢.

١٩٩

بيان : «ضع أمر أخيك» أي احمل ما صدر عن أخيك من قول أو فعل على أحين محتملاته ، وإن كان مرجوحا من غير تجسس حتى يأتيك منه أمر لايمكنك تأويله ، فان الظن قد يخطئ والتجسس منهي عنه كما قال تعالى : «إن بعض الظن إثم» (١) وقال : «ولا تجسسوا» (٢) وقوله : «ما يغلبك» في بعض النسخ بالغين ، فقوله : منه متعلق بيأتيك أي حتى يأتيك من قبله ما يعجزك ولم يمنك التأويل ، وفي بعض النسخ بالقاف من باب ضرب كالسابق أو من باب الافعال فالظرف متعلق بيقلبك ، والضمير للاحسن قوله عليه‌السلام : ولا تظنن تأكيد لبعض أفراد الكلام السابق ، أو السابق محمول على الفعل ، وهذة الجملة مروية في نهج البلاغة وفيه «من أحد ومحتملا» والحاصل أنه إذا صدرت منه كلمة ذات وجهين ، وجب عليك أن تحملها على الوجه الخير ، وإن كان معنى مجازيا بدون قرينة أو كناية أو تورية أو نحوهما ، لا سيما إذا ادعاه القائل.

ومن هذا القبيل ما سماه علماء العربية اسلوب الحكيم كما قال الحجاج للقبعثرى متوعدا له بالقيد : لاحملنك على الادهم ، فقال القبعثرى : مثل الامير يحمل على الادهم والاشهب ، فأبرز وعيده في معرض الوعد ، ثم قال الحجاج للتصريح بمقصوده : إنه حديد ، فقال القبعثرى : لان يكون حديدا خير من أن يكون بليدا.

وقال الشهيد الثاني روح الله روحه وغيره ممن سبقه : اعلم أنه كما يحرم على الانسان سوء القول في المؤمن ، وأن يحدث غيره بلسانه بمساوي الغير كذلك يحرم عليه سوء الظن وأن يحدث نفسه بذلك ، والمراد بسوء الظن المحرم عقد القلب و حكمه عليه بالسوء من غير يقين ، فأما الخواطر وحديث النفس فهو معفو عنه كما أن الشك أيضا معفو عنه ، قال الله تعالى «اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم» (٣) فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل ، و ما لم تعلمه ثم وقع في قلبك فالشيطان يلقبه ، فينبغي أن تكذبه فانه أفسق الفساق وقد قال الله تعالى « يا أيها الذين آمنوا إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا

____________________

(١ و ٢) الحجرات : ١٢. (٣) الحجرات : ١٣.

٢٠٠