الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧٧
قال : استشر في أمرك الذين يخشون ربهم (١).
٢٠ ـ سن : عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال لن يهلك امرؤ عن مشورة (٢).
٢١ ـ سن : أبي ، عمن ذكره ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال ، قال علي عليهالسلام في كلام له : شاور في حديثك الذين يخافون الله (٣).
٢٢ ـ سن : ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أتى رجل أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له : جئتك مستشيرا إن الحسن والحسين وعبدالله ابن جعفر خطبوا إلى فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : المستشار مؤتمن أما الحسن فانه مطلاق للنساء ، ولكن زوجها الحسين فانه خير لابنتك (٤).
٢٣ ـ سن : أبي ، عن معمربن خلاد قال : هلك مولى لابي الحسن الرضا عليهالسلام يقال له سعد ، فقال : أشر علي برجل له فضل وأمانة ، فقلت : أنا اشير عليك؟ فقال شبه المغضب : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يستشير أصحابه ثم يعزم على ما يريد الله (٥).
٢٤ ـ سن : أبي عن ابن أبي عمير ، عن الفضيل قال : استشارني أبوعبدالله عليهالسلام مرة في أمر فقلت : أصلحك الله مثلي يشير على مثلك؟ قال : نعم إذا استشير بك (٦).
٢٥ ـ سن : عدة من أصحابنا ، عن ابن أسباط ، عن الحسن بن الجهم قال : كنا عند أبي الحسن الرضا عليهالسلام فذكرنا أباه قال : كان عقله لايوازن به العقول وربما شاور الاسود من سودانه ، فقيل له : تشاور مثل هذا؟ فقال : إن شاء الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه ، قال : فكانوا ربما أشاروا عليه بالشئ فيعمل به من الضيعة والبستان (٧).
٢٦ ـ سن : الجاموراني ، عن علي بن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن صندل عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال ، سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : استشر العاقل من الرجال الورع فانه لا يأمر إلا بخير ، وإياك والخلاف ، فان خلاف الورع
____________________
(١ ـ ٦) المحاسن : ٦٠١. (٧) المحاسن : ٦٠٢.
العاقل مفسدة في الدين والدنيا (١).
٢٧ ـ سن الجاموراني ، عن الحسن بن علي ، عن ابن عميرة ، عن منصور ابن حازم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : مشاورة العاقل الناصح رشد ويمن ، وتوفيق من الله ، فإذا أشار عليك الناصح العاقل فاياك والخلاف فان في ذلك العطب (٢).
٢٨ ـ سن : الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن الحسن بن علي ، عن معلى بن خنيس قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : ما يمنع أحدكم إذا ورد عليه مالا قبل له به أن يستشير رجلا عاقلا له دين وورع ، ثم قال أبوعبدالله عليهالسلام : أما إنه إذا فعل ذلك لم يخذله الله ، بل يرفعه الله ، ورماه بخير الامور وأقربها إلى الله (٣).
٢٩ ـ سن : بعض أصحابنا ، عن حسين بن حازم ، عن حسين بن عمر بن يزيد عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه الله عزوجل رأيه (٤).
٣٠ ـ سن : أحمد بن نوح ، عن شعيب النيسابوري ، عن الدهقان ، عن أحمد بن عائذ ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أن المشورة لا تكون إلا بحدودها ، فمن عرفها بحدودها وإلا كانت مضرتها على المستشير أكثر من منفعتها ، له فأولها أن يكون الذي يشاوره عاقلا ، والثانية أن يكون حرا متدينا والثالثة أن يكون صديقا مواخيا ، والرابعة أن تطلعه على سرك فيكون علمه به كعلمك بنفسك ، ثم يسر ذلك ويكتمه ، فانه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته ، وإذا كان حرا متدينا جهد نفسه في النصيحة لك ، وإذا كان صديقا مواخيا كتم سرك إذا اطلعته على سرك فكان به كعلمك ، تمت المشورة وكملت النصيحة (٥).
٣١ ـ سن : ابن أبي نجران ، عن محمد بن الصلت ، عن أبي العديس ، عن صالح
____________________
(١ ـ ٤) المحاسن ص ٦٠٢ (٥) المحاسن : ٦٠٣.
قال : قال أبوجعفر عليهالسلام اتبع من يبكيك وهو لك ناصح ، ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش ، وستردون على الله جميعا فتعلمون (١).
٣٢ ـ سن : محمد بن عيسى عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام لايستغني المؤمن عن خصلة وبه الحاجة إلى ثلاث : توفيق من الله عزوجل وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه (٢).
٣٣ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : شاور في امورك مما يقتضي الدين من فيه خمس خصال : عقل ، وحلم ، وتجربة ، ونصح ، وتقوى ، فان لم تجد فاستعمل الخمسة واعزم وتوكل على الله ، فان ذلك يؤديك إلى الصواب ، وماكان لك من امور الدنيا التي هي غير عائدة إلى الدين فاقضها ، ولا تتفكر فيها ، فانك إذا فعلت ذلك أصبت بركة العيش وحلاوة الطاعة ، وفي المشورة تعبأ اكتساب العلم والعاقل من يستفيد منها علما جديدا ، ويستدل به على المحصول من المراد ، ومثل المشورة مع أهلها مثل التفكر في خلق السموات والارض وفنائها ، وهما غيبان عن العبد ، لانه كلما قوي تفكره فيهما غاص في بحر نور المعرفة ، وازداد بهما اعتبارا ويقينا ، ولا تشاور من لايصدقه عقلك ، وإن كان مشهورا بالعقل والورع وإذا شاورت من يصدقه قلبك ، فلا تخالفه فيما يشير به عليك ، وإن كان بخلاف مرادك ، فان النفس تجمح عن قبول الحق وخلافها عند الخائرين (٣).
٣٤ ـ شى : أحمد بن محمد ، عن علي بن مهزيار قال : كتب إلى أبوجعفر عليهالسلام أن سل فلانا يشير علي ويتخير لنفسه ، فهو يعلم مايجوز في بلده ، وكيف يعامل السلاطين ، فان المشورة مباركة ، قال الله لنبيه في محكم كتابه : «فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين» فان كان ما يقول مما يجوز كنت اصوب رأيه وإن كان غير ذلك رجوت أن أضعه
____________________
(١) المحاسن : ٦٠٣. (٢) المصدر : ٦٠٤.
(٣) مصباح الشريعة ص ٣٦ ، والخائر : الذي يختار لك الخيرة ويعرفها ويقر بها لك وفى المصدر «وخلافها عند قبول الحقائق أبين».
على الطريق الواضح إن شاء الله «وشاورهم في الامر» قال : يعني الاستخارة (١).
٣٥ ـ شى : عن عمرو بن جميع ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : من لم يستشر يندم (٢).
٣٦ ـ وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي ـ ره ـ قال : روى المفيد في كتاب الروضة في حديث عبدالله بن النجاشي أن الصادق عليهالسلام قال : أخبرني أبي عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبه.
٣٧ ـ الدرة الباهرة : قال الصادق عليهالسلام : لاتكونن أول مشير وإياك والرأي الفطير (٣) وتجنب ارتجال الكلام ، ولا تشر على مستبد برأيه ، ولا على وغد ، ولا على متلون ، ولا على لجوج ، وخف الله في موافقة هوى المستشير فان التماس موافقته لؤم ، وسوء الاستماع منه خيانة.
وقال موسى بن جعفر عليهالسلام : من استشار لم يعدم عند الصواب مادحا وعند الخطاء عاذرا.
٣٨ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا ظهير كالمشاورة * وقال عليهالسلام : لا مظاهرة أوثق من مشاورة * وقال عليهالسلام ، من استبد برأيه هلك ، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها * وقال عليهالسلام ، من استقبل وجوه الاراء عرف مواقع الخطاء * وقال عليهالسلام : اللجاجة تسل الرأي * وقال عليهالسلام ، الاستشارة عين الهداية
____________________
(١) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٠٥ ، وفى لفظ الحديث اضطراب ، وقال بعض المحشين لعل المراد من قوله عليهالسلام : يشير على ـ الخ ـ أي سله يضهر لى ماعنده من مصلحتى في أمر كذا «ويتخير لنفسه» أى يتخير لى تخيرا كتخيره لنفسه كما هو شأن الاخ المحب المحبوب الذى يخشى الله تعالى (٢) تفسير العياشى ج ١ ص ١٢٠ في حديث.
(٣) الفطير : كل ما اعجل عن ادراكه ، وقولهم «اباك والرأى الفطير» أي الذي لم يترو فيه ولم يتعمق. وقوله «ولا على وغد» الوغد : الدنى الرذل الضعيف رأيا وعقلا.
وقد خاطر من استغنى برأيه * وقال عليهالسلام : الخلاف يهدم الرأي * وقال عليهالسلام : إذا ازدحم الجواب خفي الصواب * وقال عليهالسلام : من أوما إلى متفاوت خذلته الحيل (١).
٣٩ ـ كنز الكراجكى : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لارأي لمن انفرد برأيه * وقال عليهالسلام : ماعطب من استشار * وقال عليهالسلام : من شاور ذوي الالباب دل على الرشاد ، ونال النصح ممن قبله * وقال عليهالسلام : رأي الشيخ أحب إلى من حيلة الشباب (٢) وقال عليهالسلام : رب واثق خجل ، وقال عليهالسلام : اللجاجة تسلب الرأي.
٤٠ ـ عدة الداعى : عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : تصدقوا على أخيكم بعلم يرشده ورأي يسدده.
٤١ ـ اعلام الدين : قال النبي صلىاللهعليهوآله : الحزم أن تستشيروا ذا الرأي ، وتطيع أمره ، وقال صلىاللهعليهوآله : إذا أشار عليك العاقل الناصح فاقبل ، وإياك والخلاف عليهم فان فيه الهلاك ، وقال الصادق عليهالسلام : المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل ، وقال عليهالسلام : لا تشر على المستبد برأيه.
٤٩
*(باب)*
*«(غنى النفس والاستغناء عن الناس ، واليأس عنهم)»*
١ ـ لى ، ل ، مع : عن الصادق عليهالسلام ناقلا عن حكيم غنى النفس أغنى من البحر (٣).
٢ ـ لى ، مع : جاء جبرئيل إلى النبى صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمد عش ماشئت
____________________
(١) راجع نهج البلاغة ط عبده ج ٢ ص ١٥٥ ، ١٦٨ ، ١٨٤ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٩١ ، ١٩٣ ، ١٩٨ ، ٢٤٠.
(٢) في النهج تحت الرقم ٨٦ من الحكم : رأى الشيخ أحب إلى من جلد الغلام والجلد : البصالة والصلابة والشدة والقوة.
(٣) أمالى الصدوق ص ١٤٦ ، الخصال ج ٢ ص ٥ ، معانى الاخبار ص ١٧٧.
فانك ميت ، وأحبب من شئت فانك مفارقه ، واعمل ماشئت فانك مجزي به واعلم أن شرف الرجل قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس (١).
أقول : قد أثبتناه مسندا في أبواب المواعظ.
٣ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن ابن معبد ، عن أحمد بن عمر عن يحيى بن عمران ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس ، والاستغناء عنهم : يكون افتقارك إليهم في لين كلامك ، وحسن بشرك ، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك (٢).
٤ ـ فس : محمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن سيار ، عن المفضل عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لما نزلت هذه الاية «ولا تمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين» (٣) قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، ومن رمى ببصره إلى مافي يدي غيره كثر همه ، ولم يشف غيظه ، ومن لم يعلم أن لله عليه نعمة إلا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ، ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه ، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرء القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا ، ومن أتى ذا ميسرة فتخشع له طلب مافي يديه ، ذهب ثلثا دينه ، ثم قال : ولا تعجل! وليس يكون الرجل ينال من الرجل الرفق فيجله ويوقره فقد يجب ذلك له عليه ، ولكن تراه أنه يريد بتخشعه ماعند الله ، أو يريد أن يختله عما في يديه (٤).
٥ ـ لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الكناني ، عن الصادق عليهالسلام قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله : خير الغنى غنى النفس ، الخبر.
____________________
(١) أمالى الصدوق ص ١٤١ ، معاني الاخبار ص ١٧٨.
(٢) معانى الاخبار ص ٢٦٧. (٣) الحجر : ٨٨.
(٤) تفسير القمى ٣٥٦.
٦ ـ لي : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن ابن سنان قال : سمعت الصادق عليهالسلام يقول : ثلاثة هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والاخرة : الصلاة في آخر الليل ، ويأسه مما في أيدي الناس ، وولاية الامام من آل محمد صلىاللهعليهوآله (١).
أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب جوامع المكارم.
٧ ـ ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن الصفار ، عن القاشاني عن المنقري ، عن حفص قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : إذا أراد أحدكم أن لايسأل شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عزوجل ، فإذا علم الله عزوجل ذلك من قلبه ، لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه ، ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، فان في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون ثم تلا هذه الاية : «في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة» (٢).
٨ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن الحسن بن علي بن سهل ، عن موسى ابن عمر ، عن معمر بن خلاد ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام قال : جاء أبوأيوب خالد بن زيد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يارسول الله أوصني وأقلل لعلي أن أحفظ ، قال : اوصيك بخمس : باليأس عما في أيدي الناس فانه الغنى وإياك والطمع فانه الفقر الحاضر ، وصل صلاة مودع ، وإياك وماتعتذر منه وأحب لاخيك ماتحب لنفسك (٣).
٩ ـ ل : عن أمير المؤمنين عليهالسلام امنن على من شئت تكن أميره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره (٤).
١٠ ـ ل ، ثو : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن سهل ، عن إبراهيم بن داود اليعقوبي ، عن أخيه سليمان رفعه قال : قال رجل للنبي صلىاللهعليهوآله :
____________________
(١) أمالى الصدوق ص ٣٢٥.
(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٤ ، والاية في المعارج : ٤.
(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٢٢. (٤) الخصال ج ٢ ص ٤٥.
علمنى شيئا إذا أنا فعلته أحبني الله من السماء وأحبني الناس من الارض ، قال : فقال : ارغب فيما عند الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس (١).
١١ ـ ضا : نروي أن رجلا أتى النبى صلىاللهعليهوآله ليسأله فسمعه وهو يقول : من سألنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله ، فانصرف ولم يسأله ، ثم عاد إليه فسمع مثل مقالته فلم يسأله حتى فعل ذلك ثلاثا فلما كان في اليوم الثالث مضى واستعار فأسا وصعد الجبل فاحتطب وحمله إلى السوق فباعه بنصف صاع من شعير فأكله هو وعياله ثم أدام على ذلك حتى جمع ما اشترى به فأسا ، ثم اشترى بكرين وغلاما وأيسر فصار إلى النبي صلىاللهعليهوآله فأخبره فقال : أليس قد قلنا من سأل أعطيناه ومن استغنى أغناه الله (٢).
وأروي عن العالم عليهالسلام أنه قال : اليأس مما في أيدي الناس عز المؤمن في دينه ومروته في نفسه ، وشرفه في دنياه ، وعظمته في أعين الناس ، وجلالته في عشيرته ومهابته عند عياله ، وهو أغنى الناس عند نفسه ، وعند جميع الناس.
وأروي : شرف المؤمن قيام الليل ، وعزه استغناه عن الناس ، وأروي أن أصل الانسان لبه وعزه دينه ومروته حيث يجعل ، والناس إلى آدم شرعا سواء ، وآدم من تراب وأروي اليأس غنا. والطمع فقر حاضر ، وروي من أبدا ضره إلى الناس فضح نفسه عندهم ، وأروي عن العالم عليهالسلام أنه قال : قووا دينكم بالاستغناء بالله عن طلب الحوائج واعلموا أنه من خضع لصاحب سلطان جائر أو لمخالف طلبا لما في يديه من دنياه أخمله الله ومقته عليه ووكله إليه ، فان هو غلب على شئ من دنياه نزع الله منه البركة ولم ينفعه بشئ في حجة ولا عمرة من أفعال البر.
وأروي إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا وأعطاه ، فلييأس من الناس كلهم ، فلا يكون له رجاء إلا عند الله عزوجل ، وروي سخاء النفس عما في أيدي الناس أكثر من سخاء البذل.
____________________
(١) الخصال ج ٢ ص ٣٢ ، ثواب الاعمال ص ١٦٦.
(٢) فقه الرضا ص ٤٩.
واعلم أن بعض العلماء سمع رجلا يدعو الله أن يغنيه عن الناس فقال : إن الناس لا يستغنون عن الناس ، ولكن أغناك الله عن دناء الناس (١).
١٢ ـ الدرة الباهرة : قال الجواد عليهالسلام : عز المؤمن غناه عن الناس ، وقال أبوالحسن الثالث عليهالسلام : الغناء قلة تمنيك والرضا بما يكفيك ، والفقر شره النفس وشدة القنوط.
١٣ ـ نهج : قال عليهالسلام : عظم الخالق عندك يصغر المخلوق في عينيك (٢).
١٤ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : شرف المؤمن قيام الليل ، وعزه استغناؤه عن الناس (٣).
بيان : الشرف علو القدر والمنزلة ، والعزة الغلبة ورفع المذلة ، والحمل فيهما على المبالغة والمجاز ، والمراد بالاستغناء قطع الطمع عنهم ، والقناعة بالكفاف والتوكل على الله ، وعدم التوسل بهم ، والسؤال عنهم من غير ضرورة ، وإلا فالدنيا دار الحاجة ، والانسان مدني بالطبع ، وبعضهم محتاجون في تعيشهم إلى بعض لكن كلما سعى في قلة الاحتياج والسؤال يكون أعز عند الناس ، وكلما خلا قلبه عن الطمع من الناس كان عون الله له في تيسر حوائجه أكثر.
١٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ، ولا يكون له رجاء إلا عند الله ، فإذا علم الله عزوجل ذلك من قلبه لم يسأل شيئا إلا أعطاه (٤).
ايضاح : قوله : «فلييأس» وفي بعض النسخ «فليأيس» بتوسط الهمزة بين اليائين وكلاهما جائز ، وهو من المقلوب ، قال الجوهري نقلا عن ابن السكيت : أيست منه آيس
____________________
(١) فقه الرضا : ٥٠. (٢) نهج البلاغة ج ٢ : ١٧٣.
(٣) الكافي ج ٢ ص ١٧٣. (٤) الكافي ج ٢ ص ١٤٨.
يأسا لغة في يئست منه أيأس يأسا ، ومصدرهما واحد وآيسني منه فلان مثل أيئسني وكذلك التأييس ، وقال : اليأس القنوط وقد يئس من الشئ ييأس وفيه لغة اخرى يئس ييئس بالكسر فيهما وهو شاذ انتهى (١).
وقوله : «ولا يكون» جملة حالية أو هو من عطف الخبر على الانشاء ، ويدل على أن اليأس من الخلق ، وترك الرجاء منهم ، يوجب أجابة الدعاء ، لان الانقطاع عن الخلق كلما ازداد زاد القرب منه تعالى ، بل عمدة الفائدة في الدعاء ذلك كما سيأتي تحقيقه إنشاء الله تعالى في كتاب الدعاء.
١٦ ـ كا : بالاسناد المتقدم عن المنقري ، عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري عن علي بن الحسين عليهماالسلام قال : رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شئ ، ورد أمره إلى الله عزوجل في جميع اموره ، استجاب الله عزوجل له في كل شئ (٢).
توضيح : اجتماع الخيرات في قطع الطمع ظاهر ، إذ كل خير غيره إما موقوف عليه أو شرط له أو لازم له ، لانه لا يحصل ذلك إلا بمعرفة كاملة لجناب الحق تعالى ، واليقين بأنه الضار النافع وبقضائه وقدره ، وأن أسباب الامور بيد الله وبلطفه ورحمته ، وفناء الدنيا وعجز أهلها واليقين بالاخرة ومثوباتها وعقوباتها وما من خير إلا وهو داخل في تلك الامور.
١٧ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن على بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلى ، عن عبدالاعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعز ، ومذهبة للحياء ، واليأس مما في أيدي الناس عز للمؤمن في دينه ، والطمع هو الفقر الحاضر (٣).
بيان : الاستلاب الاختلاس أي يصير سببا لسلب العز سريعا «مذهبة للحياء» المذهبة إما بالفتح مصدرا ميميا والحمل على المبالغة أو هو بمعنى اسم الفاعل أو اسم
____________________
(١) الصحاح ٩٠٣ و ٩٨٩.
(٢) الكافي ج ٢ ص ١٤٨. (٣) الكافي ج ٢ ص ١٤٨.
مكان أي مظنة لذهاب الحياء ، أو بالكسر أي آلة لذهابه «عز المؤمن في دينه» لانه مر اليأس عن الناس لايترك حقا ولاعبادة ولا أمرا بمعروف ولانهيا عن منكر خوفا من عدم وصول منفعة منهم إليه ، فهو عزيز غالب في دينه ، أو يكمل دينه بذلك لانه من أعظم مكملات الايمان «والطمع هو الفقر الحاضر» لانه يطمع لئلا يصير فقيرا ومفسدة الفقر الحاجة إلى الناس فهو يتعجل مفسدة الفقر لئلا يصير فقيرا فيترتب عليه مفسدته ، وقيل : يصير سببا لفقر معجل حاضر والاول أظهر.
١٨ ـ كا عن العدة ، عن البرقي ، عن البزنطي قال : قلت لابي الحسن الرضا عليهالسلام : جعلت فداك اكتب لي إلى إسماعيل بن داود الكاتب لعلي اصيب منه قال : أنا أضن بك أن تطلب مثل هذا وشبهه ولكن عول على مالى (١).
بيان : «لعلي اصيب منه» أي نفعا وخيرا «أنا أضن بك» في المصباح : ضن بالشئ يضن من باب تعب ضنا وضنه بالكسر بخل فهو ضنين ومن باب ضرب لغة انتهى أي أنا أبخل بك أن تضيع وتطلب هذه المطالب الخسيسة وأشباهها من الامور الدنيوية ، بل اريد أن تكون همتك أرفع من ذلك ، وتطلب مني المطالب العظيمة الاخروية ، أو أن تطلب حاجة من مثل هذا المخالف الموافق له في جميع الصفات أو أكثرها «وشبهه» الموافق له في كونه مخالفا فان التذلل عند المخالفين موجب لضياع الدين ، وأنت عزيز علي لا أرضى بهلاكك ، وأضن بك ، ولكن إذا كانت لك حاجة عول واعتمد على مالي وخذ منه ماشئت.
ويدل على رفعة شأن البزنطى وكونه من خواصه عليهالسلام كما يظهر من سائر الاخبار ، مثل مارواه الكشي بإسناده عن البزنطي قال : كنت عند الرضا عليهالسلام فأمسيت عنده قال : فقلت : أنصرف ، قال : لا تنصرف ، فقد أمسيت قال : فأقمت عنده فقال لجاريته : هاتي مضربتي ووسادتي فافرشي لاحمد في ذلك البيت ، قال : فلما صرت في البيت دخلني شئ فجعل يخطر ببالي من مثلي في
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٤٩.
بيت ولي الله وعلى مهاده ، فناداني : يا أحمد إن أمير المؤمنين عليهالسلام عاد صعصة بن صوحان فقال : ياصعصعة لاتجعل عيادتي إياك فخرا على قومك وتواضع لله يرفعك (١).
١٩ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن معاوية بن عمار ، عن نجم بن حطيم الغنوي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : اليأس مما في أيدي الناس عز المؤمن في دينه ، أوما سمعت قول حاتم :
إذا ماعزمت اليأس ألفيته الفنى |
|
إذا عرفته النفس والطمع الفقر (٢) |
ايضاح : ذكر شعر حاتم ليس للاستشهاد بل للشهرة والدلالة على أن هذا مما يحكم به عقل جميع الناس حتى الكفار «إذا ما عزمت اليأس» كلمة «ما» زائدة أي إذا عزمت على اليأس عن الناس «ألفيته» أي وجدته «الغنا» «إذا عرفته» بصيغة الخطاب من باب التفعيل ونصب النفس أو بصيغة الغيبة ورفع النفس والطمع مرفوع بالابتدائية والفقر بالخبرية.
٢٠ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن سنان ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس ، والاستغناء عنهم : فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك ، وحسن بشرك ، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك ، وبقاء عزك (٣).
بيان : «ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم» أي العزم عليهما بأن تعاملهم ظاهرا معاملة من يفتقر إليهم في لين الكلام ، وحسن البشر ، وأن تعاملهم من جهة اخرى معاملة من يستغني عنهم بأن تنزه عرضك من التدنس بالسؤال عنهم وتبقى عزك بعدم التذلل عندهم للاطماع الباطلة ، أو يجتمع في قلبك اعتقادان : اعتقادك بأنك مفتقر إليهم للمعاشرة لان الانسان مدني بالطبع يحتاج بعضهم إلى بعض في التعيش والبقاء ، واعتقادك بأنك مستغن عنهم غير محتاج إلى سؤالهم
____________________
(١) رجال الكشى ص ٤٩١. (٢ و ٣) الكافي ج ٢ ص ١٤٩.
لان الله تعالى ضمن أرزاق العباد ، وهو مسبب الاسباب ، وفائدة الاول حسن المعاشرة ، والمخالطة معهم بلين الكلام ، وحسن الوجه والبشاشة ، وفائدة الثاني حفظ العرض ، وصونه عن النقص ، وحفظ العز بترك السؤال والطمع.
والحاصل أن ترك المعاشرة والمعاملة بالكلية مذموم ، والاعتماد عليهم والسؤال منهم والتذلل عندهم أيضا مذموم ، والممدوح من ذلك التوسط بين الافراط والتفريط ، كما عرفت مرارا ، وفي القاموس التنزه التباعد والاسم النزهة بالضم ونزه الرجل تباعد عن كل مكروه فهو نزيه ونزه نفسه عن القبيح تنزيها نحاها وقال : العرض بالكسر النفس وجانب الرجل الذي يصونه من نفسه وحسبه أن يتنقص ويثلب ، أو سواء كان في نفسه أو سلفه أو من يلزمه أمره أو موضع المدح والذم منه أو ما يفتخر به من حسب وشرف ، وقد يراد به الاباء والاجداد ، والخليقة المحمودة.
كا : عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن علي بن عمر ، عن يحيى ابن عمران ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله (١).
٥٠
*(باب)*
*«(اداء الامانة)»*
الايات : المؤمنون : والذينهم لاماناتهم وعهدهم راعون (٢).
الاحزاب : إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا (٣).
١ ـ لى : أبي ، عن علي بن موسى الكمنداني ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير عن الحسين بن مصعب قال : سمعت الصادق عليهالسلام يقول : أد الامانة ، ولو إلى قاتل الحسين بن علي عليهالسلام (٤).
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٤٩. (٢) المؤمنون : ٨
(٣) الاحزاب : ٧٢. (٤) امالي الصدوق ص ١٤٨.
٢ ـ لي : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم عن ابن مرار ، عن يونس ، عن عمر بن يزيد قال : سمعت الصادق عليهالسلام يقول : اتقوا الله وعليكم بأداء الامانة إلى من ائتمنكم ، فلو أن قاتل أمير المؤمنين عليهالسلام ائتمنني على أمانة لاديتها إليه (١).
٣ ـ لى : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن حمران ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهالسلام قال : سمعته يقول لشيعته : عليكم بأداء الامانة ، فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا لو ان قاتل أبي الحسين بن علي عليهالسلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لاديته إليه (٢).
٤ ـ لى : اين إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن محمد بن آدم ، عن الحسن ابن علي الخزار ، عن الحسين بن أبي العلا ، عن الصادق عليهالسلام قال : سمعته يقول : أحب العباد إلى الله عزوجل رجل صدوق في حديثه ، محافظ على صلواته ، وما افترض الله عليه مع أداء الامانة ، ثم قال عليهالسلام : من اؤتمن على أمانة فأداها فقد حل ألف عقدة من عنقه من عقد النار ، فبادروا بأداء الامانة ، فان من اؤتمن على أمانة وكل به إبليس مائة شيطان من مردة أعوانه ليضلوه ويوسوسوا إليه حتى يهلكوه إلا من عصم الله عزوجل (٣).
٥ ـ ن ، لى : أبي ، عن أحمد بن علي التفليسي ، عن أحمد بن محمد الهمداني عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهمالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : لاتنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم ، وكثرة الحج والمعروف ، وطنطنتهم بالليل ، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الامانة (٤).
٦ ـ ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الامانة تجلب الغناء ، والخيانة تجلب الفقر (٥).
أقول : قد مضي كثير من الاخبار في باب جوامع المكارم.
____________________
(١ و ٢) أمالى الصدوق ص ١٤٨. (٣) أمالى الصدوق ص ١٧٧.
(٤) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ج ٢ ص ٥١ ، أمالى الصدوق ص ١٨٢.
(٥) قرب الاسناد ص ٥٥.
٧ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لاتزال امتي بخير ماتحابوا وتهادوا وأدوا الامانة واجتنبوا الحرام ، ووقروا الضيف ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين (١).
٨ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أدوا الامانة ولو إلى قتلة أولاد الانبياء عليهمالسلام (٢).
٩ ـ سن : أبي رفعه قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : ثلاث من كن فيه زوجه الله من الحور العين كيف يشاء : كظم الغيظ ، والصبر على السيوف لله ، ورجل أشرف على مال حرام فتركه لله (٣).
١٠ ـ ختص : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصيامهم وكثرة الحج والزكاة ، وكثرة المعروف ، وطنطتهم بالليل : انظروا إلى صدق الحديث وأداء الامانة (٤).
١١ ـ ختص : قال الصادق عليهالسلام : أدوا الامانة إلى البر والفاجر ، فلو أن قاتل علي عليهالسلام ائتمنني على أمانة لاديتها إليه ، وقال عليهالسلام : أدوا الامانة ولو إلى قاتل الحسين بن علي عليهالسلام (٥).
١٢ ـ ختص : قال الصادق عليهالسلام : إن الله تبارك وتعالى أوجب عليكم حبنا ومولاتنا ، وفرض عليكم طاعتنا ، إلا فمن كان منا فليقتد بنا فان من شأننا الورع والاجتهاد ، وأداء الامانة إلى البر والفاجر ، وصلة الرحم ، وإقراء الضيف والعفو عن المسي ء ، ومن لم يقتد بنا فليس منا ، وقال عليهالسلام : لا تسفهوا فان أئمتكم ليسوا بسفهاء (٦).
____________________
(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ٢٩. (٢) الخصال ج ٢ ص ١٥٧.
(٣) المحاسن ص ٦. (٤) الاختصاص ص ٢٢٩.
(٥ و ٦) الاختصاص ص ٢٤١.
١٣ ـ ختص : الحسين بن أبي العلا قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : احب العباد إلى الله عزوجل رجل صدوق في حديثه ، محافظ على صلاته وما افترض الله عليه ، مع أداء الامانة ، ثم قال : من ائتمن على أمانة فأداها فقد حل ألف عقدة من عنقه من عقد النار ، فبادروا بأداء الامانة فانه من اؤتمن على أمانة وكل إبليس به مائة شيطان من مردة أعوانه ليضلوه ، ويوسوسوا إليه ويهلكوه إلا من عصمه الله (١).
١٤ ـ ين : ابن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال أبوذر : أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : على حافتي الصراط يوم القيامة الرحم والامانة فاذا مر عليه الوصول للرحم ، المودي للامانة لم يتكفأ به في النار.
١٥ ـ نوادر الراوندى : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا إيمان لمن لا أمانة له (٢).
١٦ ـ نهج : قال عليهالسلام في خطبة بعد فرض الصلاة والزكاة : ثم أداء الامانة فقد خاب من ليس من أهلها ، إنها عرضت على السموات المبنية والارضين المدحوة ، والجبال ذات الطول المنصوبة ، فلا أطول ولا أعرض ولا أعظم منها ولو امتنع شئ بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن ، ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ماجهل من هو أضعف منهن وهو الانسان إنه كان ظلوما جهولا (٣).
١٧ ـ مشكوة الانوار : نقلا من كتاب صفات الشيعة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الله لم يبعث نبيا قط إلا بصدق الحديث ، وأداء الامانة [ فان الامانة ] مؤداة إلى البر والفاجر. وعن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : إن ابن أبي يعفور [ يقرئك السلام ، فقال : عليك وعليهالسلام ، إذا رأيت ابن أبي يعفور ] فأقرئه مني السلام فقل : إن جعفر بن محمد يقول : انظر مابلغ به علي عليهالسلام عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فالزمه ، فانما بلغ عليهالسلام بصدق الحديث. أداء الامانة (٤).
____________________
(١) الاختصاص ص ٢٤٢. (٢) نوادر الراوندى ص ٥.
(٣) نهج البلاغة تحت الرقم ١٩٧. (٤) مشكاة الانوار ٤٦ ، ومابين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى.
١٨ ـ ومنه نقلا من كتاب المحاسن عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أدوا الامانة ولو إلى قاتل الحسين بن علي عليهماالسلام. وقال : اتقوا الله وعليكم بأداء الامانة إلى من ائتمنكم ، فلو أن قاتل علي عليهالسلام ائتمننى على الامانة لاديت إليه.
وعن عبدالله بن سنان قال : دخلت على أبي عبدالله عليهالسلام : وقد صلى العصر وهو جالس مستقبل القبلة في المسجد فقلت : يا ابن رسول الله إن بعض السلاطين يأمننا على الاموال يستودعنا ، وليس يدفع إليكم خمسكم أفنؤديها إليهم؟ قال : ورب هذه القبلة ثلاث مرات لو أن ابن ملجم قاتل أبي ـ فاني أطلبه وهو متستر لانه قتل أبي ـ ائتمننى على الامانة لاديتها إليه.
وهن الكاظم عليهالسلام قال : إن أهل الارض لمرحومون ماتحابوا وأدوا الامانة ، وعملوا بالحق ، وسئل أبوعبدالله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : «إنا عرضنا الامانة» الاية ما الذي عرض عليهن؟ ومالذي حمل الانسان؟ وماكان هذا؟ قال : فقال : عرض عليهن الامانة بين الناس ، وذلك حين خلق الخلق.
وعن بعض أصحابه رفعه قال : قال لابنه : يابني أد الامانة يسلم لك دنياك وآخرتك ، وكن أمينا تكن غنيا (١).
٥١
*(باب التواضع)*
الايات ، المائدة : أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين (٢).
أقول : قد مضى كثير من أخبار هذا الباب في باب جوامع المكارم.
١ ـ م ، ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليهالسلام قال : أعرف الناس بحقوق أخوانه وأشدهم قضاء لها أعظمهم عند الله شأنا ، ومن تواضع في الدنيا لاخوانه فهو عند الله من الصديقين ، ومن شيعة علي بن أبي طالب عليهالسلام حقا ، ولقد ورد على
____________________
(١) مشكاة الانوار ص ٢٥ و ٥٣ (٢) المائدة : ٥٤.
أمير المؤمنين أخوان له مؤمنان : أب وابن فقام إليهما وأكرمهما وأجلسهما في صدر مجلسه وجلس بين يديهما ، ثم أمر بطعام فاحضر فأكلا منه ، ثم جاء قنبر بطست وإبريق خشب ومنديل وجاء ليصب على يد الرجل ، فوثب أمير المؤمنين عليهالسلام وأخذ الابريق ليصب على يد الرجل فتمرغ الرجل في التراب وقال : يا أمير المؤمنين الله يراني وأنت تصب على يدي؟ قال : اقعد واغسل فان الله عزوجل يراك وأخوك الذي لايتميز منك ولا يتفضل عليك يخدمك ، يريد بذلك في خدمته في الجنة ، مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا ، وعلى حسب ذلك في مماليكه فيها فقعد الرجل فقال له علي عليهالسلام : أقسمت عليك بعظم حقي الذي عرفته وبجلته وتواضعك لله حتى جازاك عنه ، بأن ندبنى لما شرفك به من خدمتي لك ، لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبر ، ففعل الرجل ذلك فلما فرغ ناول الابريق محمد بن الحنفية وقال : يابني لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده ، ولكن الله عزوجل يأبى أن يسوى بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان ، لكن قد صب الاب على الاب فليصب الابن على الابن ، فصب محمد بن الحنفية على الابن. ثم قال الحسن بن علي العسكري عليهالسلام : فمن اتبع عليا عليهالسلام على ذلك فهو الشعي حقا (١).
٢ ـ ن ، لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن سهل ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن ابن أسباط ، عن ابن الجهم قال : سألت الرضا عليهالسلام فقلت له : جعلت فداك ماحد التوكل؟ فقال لي : أن لاتخاف مع الله أحدا ، قال : قلت : فما حد التواضع؟ قال : أن تعطي الناس من نفسك ماتحب أن يعطوك مثله ، قال : قلت : جعلت فداك أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك؟ فقال : انظر كيف أنا عندك (٢).
٣ ـ مع : أبي عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهمالسلام قال : إن التواضع أن يرضى الرجل بالمجلس دون
____________________
(١) تفسير الامام ص ١٣١. الاحتجاج ص ٢٥٧.
(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٥٠ ، أمالى الصدوق ص ١٤٥.
المجلس ، وأن يسلم على من يلقى ، وأن يترك المراء كان محقا ، ولا يحب أن يحمد على التقوى (١).
٤ ـ فس : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وتواضع من غير منقصة ، وجالس أهل الفقه والرحمة ، وخالط أهل الذل والمسكنة وأنفق مالا جمعه في غير معصية.
٥ ـ ما : في وصية أمير المؤمنين عليهالسلام عند موته : عليك بالتواضع فانه من أعظم العبادة (٢).
٦ ـ جا ، ما : المفيد ، عن أحمد بن الحسين بن اسامة ، عن عبيد الله بن محمد الواسطي ، عن محمد بن يحيى ، عن هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام قال : أرسل النجاشي ملك الحبشة إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب ، وعليه خلقان الثياب ، قال : فقال جعفر بن أبي طالب : فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال ، فلما رأى مابنا وتغير وجوهنا قال : الحمد لله الذي نصر محمدا وأقر عيني به ، ألا ابشركم؟ فقلت : بلى أيها الملك ، فقال : إنه جاءني الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك وأخبرني أن الله قد نصر نبيه محمدا صلىاللهعليهوآله وأهلك عدوه ، وأسر فلان وفلان ، وقتل فلان وفلان التقوا بواد يقال له بدر كأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي هناك وهو رجل من بني ضمرة.
فقال له جعفر : أيها الملك الصالح مالي أراك جالسا على التراب ، عليك هذه الخلقان؟ فقال : ياجعفر إنا نجد فيما انزل على عيسى من حق الله على عباده أن يحدثوا لله تواضعا عندما يحدث لهم من نعمة ، فلما أحدث الله تعالى لي نعمة نبيه محمد صلىاللهعليهوآله أحدثت لله هذا التواضع.
قال : فلما بلغ النبي صلىاللهعليهوآله ذلك قال لاصحابه : إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة ، فتصدقوا يرحمكم الله ، وإن التواضع يزيد صاحبه رفعه فتواضعوا يرفعكم
____________________
(١) معانى الاخبار ص ٣٨١. (٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٦.
الله ، وإن العفو يزيد صاحبه عزا فاعفوا يعزكم الله (١).
٧ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن الحسين البزوفري ، عن أبيه ، عن الحسين بن إبراهيم ، عن علي بن داود ، عن آدم العقلاني ، عن أبي عمر الصنعاني ، عن العلا بن عبدالرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ماتواضع أحد إلا رفعه الله (٢).
٨ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن الحسين الحلال ، عن الحسن بن الحسين الانصاري عن زفر بن سليمان ، عن أشرس الخراساني ، عن أيوب السجستاني ، عن أبي قلابة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من تواضع لله رفعه الله (٣).
٩ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن عثمان ابن عيسى ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من التواضع أن تسلم على من لقيت (٤).
١٠ ـ ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن ابن عطية ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهالسلام قال : لاحسب لقرشي ولاعربي إلا بتواضع ، الخبر (٥).
١١ ـ ثو : ماجيلويه ، عن عمه ، عن هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق عن أبيه عليهماالسلام أن عليا عليهالسلام قال : مامن أحد من ولد آدم إلا وناصيته بيد ملك فان تكبر جذبه بناصيته إلى الارض وقال له : تواضع! وضعك الله ، وإن تواضع جذبه بناصيته ثم قال له : ارفع رأسك! رفعك الله ، ولاوضعك بتواضعك الله (٦).
كنز الكراجكى : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : التواضع يكسبك السلامة وقال عليهالسلام : زينة الشريف التواضع.
____________________
(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٣ ، وسيأتى شرحه تحت الرقم ٢٣.
(٢) أمالي الطوسى ج ١ ص ٥٦. (٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٨٥.
(٤) الخصال ج ١ ص ٩. (٥) الخصال ج ١ ص ١٢ (٦) ثواب الاعمال ص ١٦٠.