عصمة المعصوم عليه السلام وفق المعطيات القرآنية

الشيخ جلال الدين علي الصغير

عصمة المعصوم عليه السلام وفق المعطيات القرآنية

المؤلف:

الشيخ جلال الدين علي الصغير


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الأعراف للدراسات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً) (١).

ومن المعلوم ان عائشة لو خرجت من هذا القيد ، فقدخرج من سواها من أمهات المؤمنين. (٢)

٦ ـ ونختم هذه الملاحظات التي سجّلت على عجل بالاشارة إلى ما في الآيات من دلالة واضحة للتفريق بين زوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين أهل بيته ، فعلاوة على استخدام القرآن لنون النسوة المرتبطة مباشرة مع خطابه لزوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنك تجد تعاقب استخدامه لكلمات : أزواجك ونساء النبي ، حتى إذا ما أراد أن يحرف وجهة الحديث استخدم كلمة أهل البيت ، مما يستدعي البينونة بين الاثنين ، فلو كان الحديث متصلاً فما السبب البلاغي

____________________

(١) سورة التحريم : ١ ـ ٥.

(٢) يتصوّر بعض السذّج ان مقام أم المؤمنين ينطوي على مناقبية خاصة بحيث ان من حظيت بهذه الصفة كانت مزكاة ، والحال ليس على هذه الشاكلة أبداً! فأمهات المؤمنين فيه قيد تشريعي وقيد مقامي ، أما القيد التشريعي فهي حرمتها الأبدية على المؤمنين ، بحيث ان الرسول عليه‌السلام إذا ما انتقل إلى جوار ربه تنسدل حرمة الزواج عليهن من غيره بشكل مطلق ودائم ، أما القيد المقامي فهو ما عبرت عنه الآية الشريفة : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً) فهنّ في حال التقوىلسن كغيرهنّ ، والأمر نفسه في حال الفحش ، ولا دلالة على التزكية لهذا المقام بحدّ ذاته أبداً ، بل لربما نجد في الآية الكريمة : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) [التحريم : ١٠] توضيح إلهي لحسم الأوهام الناشئة في هذا المجال.

١٨١

الذي جعله يبدل وجهة الضمائر من نون النسوة التي استخدمها (٢٢) مرة ناهيك عن الضمائر الأخرى المرتبطة بالنساء ، إلى ضمير التذكير؟! (١)

وما السبب الذي يجعله يستخدم التنكير في حديثه عن بيوت النسوة ، ثم راح يتحدث بلام العهدية في بيت أهل البيت؟!

وما السبب الذي دعاه للحديث عن ارادة نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى إذا ما ورد الحديث عن أهل البيت تحدّث عن ارادة الله سبحانه وتعالى؟!

وليس لي بعد هذا القول ، إلاّ أن أردد هذه الآيات التي وجدتها تصدق على واقع ما يفكّر به القوم ، وبين ما يريد القرآن الكريم لهم أن يفهموه : (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لاَ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

* * *

ج ـ أقارب النبي هم أهله وعشيرته

روى القوم رواية استدلّ بعضهم بها على أن أهل البيت هم قربى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعشيرته ، فلقد روى مسلم عن زيد بن أرقم قوله وهو يتحدث عن قصة غدير خم وحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه قال : أنا تارك فيكم ثقلين أولهما : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ،

____________________

(١) ننصح بقراءة ما أثبته أبو جعفر الطحاوي في كتابه مشكل الآثار ٢٢٧ : ١ ـ ٢٣١ ح ٧٧٠ ـ ٨٨٥ ، في هذا المجال ، ومن المعلوم ان الرجل من أئمة القوم الكبار ومن أعلام الحنفية الأساسيين.

(٢) الأحقاف : ٣٠ ـ ٣٢.

١٨٢

فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثم قال : أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، فقال له حصين : (١) ومن أهل بيته يا زيد؟ أبيس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته؟ ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، قال : كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال : نعم. (٢)

وروى مسلم أيضاً عن زيد نفسه بعد سرد بعض قوله أعلاه في شأن الثقلين : فقلنا : من أهل بيته نساؤه؟ قال : لا وأيم الله ، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. (٣)

ومع الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد سابقاً في شأن المواصفات الذاتية التي تطرحها الآية الشريفة ، بحيث تكون قابلاً للفعل الإلهي ، فإن هذا القول يلاحظ عليه عدة أمور أذكر منها :

١ ـ إنّ الحديث على فرض صحته وسلامة طريقة قد تمّ في وقت كان يتميّز بأمرين :

الأول : ان زيد بن أرقم صرّح في نفس الحديث وقال : كبر سنّي ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله. (٤) مما يسمح بالقول بأن كلامه يحتمل الزيادة والنقصان ، ولذا فيقينيته مورد شك!.

الثاني : إنه تحدّث بهذا الحديث في زمن عبيدالله بن زياد (لع) أو في زمن أبيه (لع) ، وهذا الزمن لمن يعرف كان زمناً شديداً على أصحاب أمير

____________________

(١) الحصين هذا هو الحصين بن سبرة.

(٢) كتاب مسلم المسمى بالصحيح ١٧٩ : ١٥ ـ ١٨٠.

(٣) نفس المصدر ١٨١ : ١٥.

(٤) نفس المصدر السابق ١٧٩ : ١٥.

١٨٣

المؤمنين (صلوات الله عليه) وشيعته ، وقد تعرّض زيد بن أرقم نفسه في عدة مرات لتعنيفات ابن زياد (لع) بسبب ما يرويه ، ولهذا فمن المحتمل أن زيداً أراد أن يروي خبر الغدير ، ثم أضاف إليه تكملته اللاحقة ليتخلص من عبء المساءلة الأموية.

وقد تكون الزيادة من زيد نفسه لأسباب قد تتعلق بطبيعة أمانته ، فمن المعلوم أن الرجل تخلى عن الشهادة لأمير المؤمنين عليه‌السلام يوم استدعاه إلى الشهادة.

الثالث : قد تكون الاضافة من قبل بعض الرواة وذلك لطبيعة المساءلة التي يكتنف عليها الخبر ، فالحديث عن النساء جاء مفاجئاً ، لا ربط له بما يسبقه ، ومعلوم أن بني أمية أرادوا أن تحلق النساء بالآية حتى يتخلّصوا من تبعاتها وما يترتب عليها ، وزمان الخبر هو نفس زمان الخبر السابق عن عكرمة البربري المتقدم.

٢ ـ إن الخبر باضافته الحالية يتعارض مع التخصيص الذي ألفته الأحاديث المتواترة دون وقوع هذه الزيادة فيه ، وبالنتيجة يرد عليه الكثير مما لاحظنا سابقاً.

٣ ـ لو سلمنا بأن الأمر كما تقول الرواية ، فلا يخلو من وجوب التخصيص لكثرتهم من جهة ، ولتنوع مقامهم في الشأن الديني من جهة أخرى ، ففي الأرقاب والصلب من ليس على دينه ، خاصة وأن الآية نزلت والعباس وأولاد أبو لهب عتبة وعتيبة وغيرهم لم يسلموا بعد ، ووجوب التخصيص يحتاج إلى ضابطة ، والصدقة ضابطة لا تصلح للتخصيص لكونها تجمع بني هاشم بأجمعهم ، وليس خاصة بمن ذكر ، كما وأن الإسلام ـ لو قالوا بحصر الأمر بالمسلمين منهم ـ ليس ضابطة حصرية تؤخذ في هذا المجال ، لوضوح أن المطلوب ليس هو الإسلام بل هو الإيمان كما هو مشار إليه في الآية الكريمة : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا

١٨٤

يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (١) فإن قيل بصفوة هؤلاء ، فلا يخلو الأمر من القول بأن المراد أفضل الأقارب وأزكاهم ، وقد تضافر حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن تخصيص أحاديثه عن أهل بيته ، بالأربعة من اهل الكساء عليهم‌السلام ، وبهذا يلتقي الخبر مع بقية الروايات ، وهي الأكثر تواتراً. فانتبه!.

* * *

د ـ وأدخلوا بعض الصحابة أيضاً!

هذا ، وقد روى القوم عن واثلة بن الأسقع أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بعد أن ذكر كيف أجلس الرسول الأربعة من أهل الكساء وغطاهم به وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قال : قلت : يا رسول الله وأنا؟ قال : وأنت؟ قال : فوالله إنها لأوثق عملي عندي. (٢)

وروايتهم هذه إن كانت صحيحة فالكلام لا يعدو كون قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له : وأنت ، قد جاءت بطريقة الاستفهام ، وهي طبيعية في سياق الكلام العربي ، خاصة وأن تعميمها لمثل واثلة الذي هو ليس من الأرحام والأقارب سيحتاج إلى اطلاق القيد المحصور فيه الكلام عن أهل البيت بصورة ليشمل جميع المسلمين!.

ولعمري كيف يمكن لهذه الرواية ان تكون صحيحة ، وواثلة أسلم بعد نزول الآية بزمان طويل؟! فلقد أسلم واثلة قبل غزاة تبوك بمدة قليلة ، (٣) وفي رواية ابن عبد البر : أسلم والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتجهز للغزوة ، (٤) فيما نزلت

____________________

(١) الحجرات : ١٤.

(٢) تفسير الطبري ٦ : ٢٢.

(٣) الاصابة في تمييز الصحابة ٦٢٦ : ٣ رقم ٩٠٨٧.

(٤) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٦٤٣ : ٣ مطبوع في هامش الاصابة.

١٨٥

سورة الأحزاب بعيد معركة الأحزاب مباشرة.

فإن قالوا : بأن ذلك قد تم في وقت متأخر عن نزول الآية ، فلقد اعترفوا بأن الرسول كان يكررها في مواضع متعددة ، ثم إذا كان الأمر قد تم أمام واثلة بعد إسلامه أيمكن لنا أن ننسى أو نتناسى أين غدت غيرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو الذي يقول : أنا أغير العرب؟ وأين غيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام في هذا المجال ، فمنذ متى ألفنا من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يجلس فاطمة عليها‌السلام بمحضر من الغرباء؟! وهل بامكان أحد أن يتصور الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يدعو غريباً ليجلس معه ومع ابنته ضمن كساء واحد؟! ولو قبلت بعض العقول تصوّر ذلك ، فهل بامكانها ان تحلّ عقدة امتناع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ادخال أزواجه وقبول دخوله الأغراب؟!

ويبدو أن الراوي للخبر قد تدراك الأمر فروى في رواية أخرى : أن واثلة قد قال قوله هذا من ناحية البيت ، (١) ولكنه نسي أن واثلة بن الأسقع قد قال بأن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد ألقى عليهم بكساء له ، وهذا يعني انه قد شاهد الحدث! ولو سلّمنا بقوله هذا فسيلزمه ما هو أنكى وأمرّ ، إذ بقوله هذا جعل واثلة بحكم من ينادي الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من وراء الحجرات ، فهل ترى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد كافأ واثلة على مخالفته لأمر الله سبحانه وتعالى بعدم مناداة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من وراء الحجرات كما قال في كتابه المجيد : (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢)؟!

وفي كل الأحوال يبدوا أن الرواة لم يحسنوا صياغه ما وضعوه على لسان واثلة بن الأسقع ، فقالوا مرة بأنه كان في بيت الرسول وجاء علي وفاطمة والحسن والحسين ، وأخرى قال بأنه جاء لمنزل علي بن ابي طالب

____________________

(١) تفسير الطبري ٦ : ٢٢.

(٢) الحجرات : ٤.

١٨٦

فقالت له فاطمة : قد ذهب يأتي برسول الله ثم يروي ما شاهد ، فإيّهما نصدّق؟!

* * *

بعد كل ذلك نلاحظ أن ما حاول القوم الخروج به من الآية لم ينفعهم ، وأن دلالة الآية لم ينفعهم ، وأن دلالة الآية بما تطرحه من مواصفات تجعل من المستحيل أن يتطابق تشخيص هذه المواصفات مع أي كان ، اللهمّ إلاّ يخبر به الصادق المعصوم في صدقه ، وليس لنا في هذا الشأن غير القرآن الكريم ، والمتواتر في صدقه من قول الرسول الأمين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ونحن إذ نكون قد استعرضنا مثالين كافيين من أمثلة القرآن على هذا التشخيص ، لا نفوّت الفرصة دون الاشارة إلى المغزى الذي يكمن في حرص القرآن الكريم على الإكثار من ذكر الثناء على مواقف أهل البيت عليهم‌السلام كلاً أو جزءاً! ولا يتوقف عند ذلك فحسب ، بل يأمرنا بوجوب المودّة لهم ، فهل يريد القرآن أن يبرز لنا اهتماماً بعائلة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بناء على المقتضى الرحمي الضيق له الفارغ من الأبعاد الرسالية؟

فإن قيل : نعم ، قد فعل ذلك ، قلنا : فإن سورة المسد قرّعت وعنّفت عم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وامرأته (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (١) وهي خير دليل على زيف ذلك ، فهذه السورة أظهرت أن شأن الرسالة هو الملاك الوحيد الذي بموجبه أنزل الله سبحانه وتعالى قرآنه وأرسل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وبالنتيجة فإن : القرآن الكريم لا يمكن أن يتحدث عن تلك المناقب والفضائل بشكل مجرد او بصورة اعتباطية لا هدف لها ، فهو الكتاب الذي

____________________

(١) سورة المسد.

١٨٧

(لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (١) ، ولهذا لا بد من القول بأن إحدى صور هذه الهدفية هي غاية جمع الناس حول أصحاب هذه الآيات وشد انتباهم إليهم. (٢) وهذه الغاية لا يمكن تصوّر حصولها ، إلا من خلال كون من يطلب القرآن الكريم توجيه النظر إليهم هم من أهل العصمة ، فمع أمره بوجوب مودّتهم ، فإننا سنكون ملزمين بمودتهم في كل شيء ، وهذا الوجوب في المودة يستوجب أن تكون جهة الود متمتعة بصفتين أساسيتين هما :

الأولى : أن يتوفر فيها العقلائي لهذا الود ، فإذا كان الطلب الإلهي لا يقوم على الاعتباط والجزافية ، فإن من الضرورة بمكان أن يتوفر هذا المبرر ، لأن عدم توفره سيكون أحد المطالب المحقّة لدى الخلق يوم القيامة في الاحتجاج على الله ، وهذا محال لأن الله وصف حجته بالبالغة ، ولا ريب أن هذا المبرر يستدعي أن يكون من طولبنا بمودتهم في أعلى درجات العصمة ، حتى لا يقع منهم خطأ فيستوجب نفرة الناس منهم ، مما يلغي وجود هذا المبرر.

الثانية : إن عدم عصمة هؤلاء سيؤدي إلى تعارض التكيف الشرعي ، وذلك لوضوح أن عدم عصمتهم سيؤدي إلى وقوعهم في الخطأ ، مما سيعني أنْ توادّهم في خطئهم وصوابهم لأنه واجب لوضوح الاطلاق في الأمر ، وهذا خلاف الحكمة والعدل الإلهيين ، وبناء عليه فإن هؤلاء ينبغي أن تكون أفعالهم حاكية لواقع العصمة ، لأن أفعالهم ستغدو وفق ذلك أحد الملاكات الأساسية في التشريع. (٣)

____________________

(١) فصلت : ٤٢.

(٢) الإمامة ذلك الثابت الإسلامي المقدس : ١٨١ ـ ١٨٢.

(٣) وهو نفس السبب الذي جعل ستّة المعصوم عليه‌السلام مرادفة للتشريع ، فأصبح قوله وفعله وتقريره بمثابة التشريع لنا.

١٨٨

ولئن رأينا من القرآن الكريم في المثالين المقتطعين منه حرصاً واضحاً على تأكيد هذه الحقائق ، فإن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو الحارس الأمين على هذا الكتاب المجيد ما كان هو الآخر ليترك هذا الأمر دون تأكيد ومثابرة على نشره والبوح به ، رغم ما يكتنف ذلك من صعوبات جمة ، ولكنه بأبي وأمي ما كان ليبالي بما تفكّر به الناس وبما ترغب ، فلقد أبلغ الرسالة وأدى الأمانة ، وله في هذا المجال أحاديث كثيرة جداً انتشرت في مساحات واسعة جداً في كتب العامة فضلاً عن الخاصة ، رغم كل ظروف القمع والارهاب الفكري والطائفي الذي تعرض له الرواة والكتاب والمحدّثين بمثل هذه الأحاديث ، ورغم كل سياسات التجهيل التي اعتمدت كثابت سياسي واستراتيجي للحكومات والأنظمة التي تعاقبت وتوالت على حكم هذه الأمة لأكثر من أبف سنة ، وهذه الأحاديث لا تبقي لملحتجّ الأريب حجة ، ولا للمعتلّ الحريص علّة ، ولله درّ الصاحب بن عباد حين قال وهو يصف حالة مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً ، وأخفى أولياؤه فضائله خوفاً وحذراً ، فظهر ما بين هذين فضائل طبقت الشرق والغرب.

وما أصدق كلام ابن أبي الحديد المعتزلي وهو يصوّر هذه الحالة : ما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله ، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها واجتهدوا بكل حيلة في اطفاء نوره ، والتحريض عليه ، ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدو مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، او يرفع له ذكراً ، حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلاّ رفعة وسموّاً ؛ وكان كالمسك كلّما ستر انتشر عرفه ، (١) وكلما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس

____________________

(١) العرف (بالتحريك) : الطيب.

١٨٩

لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة ، أدركته عيون كثيرة. (١)

هذا وإن استقصاء كل ذلك ليس بإمكان هذا الكتاب ولا هو من وظائفه ، ولكن سنقتطف من الدوحة النبوية حديث الثقلين لمسيس ارتباطه بموضوع العصمة كمفهوم وبموضوع حدودها كامتداد ، والله المستعان على ذلك كله.

* * *

حديث الثقلين : الدلالة والمفهوم

يقدّم لنا حديث الثقلين صورة ضافية عن العديد من الأمور المتعلقة بالبحث ، فهو يحدد بصورة قطعية جهة العصمة في المجتمع ، وهو يتكفل بتوسعة دائرتها بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتشمل جهة أخرى من بعده صلوات الله عليه وآله ، وسنجد أنفسنا مرة أخرى أمام المواصفات التي طرحتها الآيات الكريمة التي مرت ، ولهذا ما من غرابة في أن نجد أهل البيت عليهم‌السلام أمامنا مرة أخرى.

والحديث ورد في كتب الحديث ـ وسأقتصر على كتب العامة منها كما اعتدنا من قبل ـ بألفاظ وصيغ مختلفة ، وهي تنبىء بكثرة الناقلين له والسامعين له ، ولكثرة المواضع التي أقدم فيها الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذكره والتحدّث به عن أهل بيته (صلوات الله عليهم) ، ولهذا سأكتفي بنقل بعض نصوصه الواردة في كتب القوم المعتمدة ، وما سأشير إليه في الهامش من تخريجات الحديث لا ينطبق بالضرورة على نفس اللفظ ، ولكن هو يتحد حكماً في المضمون الذي نتحدّث عنه.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٦ : ١ ـ ١٧.

١٩٠

فلقد روى الترمذي عن زيد بن ارقم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ؛ أحدهما أعظم من الآخر ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. (١)

وروى أيضاً باسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول : يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ؛ كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي.

قال الترمذي : وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن ارقم وحذيفة بن أسيد ، ثم قال : هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه. (٢)

وروى أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيت ، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. (٣)

وروى عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم خليفتين ؛ كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أما ما بين السماء إلى الأرض ، (٤) وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ

____________________

(١) سنن الترمذي ٣٢٩ : ٥ ح٣٨٧٦.

(٢) سنن الترمذي ٣٢٧ : ٥ ـ ٣٢٨ ح ٣٨٧٤. وقوله : في الباب يعني وجود رواية عن هؤلاء في نفس المضمون.

(٣) مسند أحمد بن حنبل ١٤ : ٣ ، و ١٧ وقد أضاف إليه قوله : فانظروني بم تخلفوني فيهما ، و ٢٦ ، و ٥٩.

(٤) الترديد من الراوي.

١٩١

الحوض. (١)

وروى الحاكم النيسابوري في المستدرك عن زيد بن ارقم قال : لما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ، ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن (٢) فقال : كأني قد دعيت فأجبت ؛ إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله تعالى وعترتي ؛ فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي رضي‌الله‌عنه من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه.

قال الحاكم : وذكر الحديث بطوله. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله. (٣)

وروى البزار باسناده إلى علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني مقبوض وإني قد تركت فيكم الثقلين ؛ كتاب الله ، وأهل بيتي ، وإنكم لن تضلوا بعدهما. (٤)

____________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١٨١ : ٥ ـ ١٨٢ ، و ١٨٩.

(٢) أي كنسن وتم تنظيفهن.

(٣) المستدرك على الصحيحين ١٠٩ : ٣. ثم ذكر شواهده عن أبي الطفيل وقال عنه : صحيح على شرطهما ، ووافقه الحافظ الذهبي على صحته في تلخيص المستدرك.

(٤) مسند البزار ٨٩ : ٣ ح ٨٦٤.

أقول : تقدمت رواية مسلم في صحيحه في آخر مبحث آية التطهير ، وبالاضافة إلى هؤلاء فقد رواه بالألفاظ السابقة أو ما يشبهها لفظاً أو معنىً كل من : النسائي في السنن الكبرى ٥١ : ٥ ح٨١٧٥ ، وفي فضائل الصحابة ٢٢ : ١ ، وفي الخصائص : ١٥٠ ح٧٩ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك ١١٠ : ٣ و ٥٣٣ ، وأحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ١٧١ : ١ ، و ٥٨٥ : ٢ و ٦٠٣ و ٧٧٩ و ٧٨٦ ، والدارمي في سننه ٥٢٤ : ٢ ح ٣٣١٦ ، وابن خزيمة في صحيحه ٦٢ : ٤ ، والبيهقي في سننه ٢ : ١٤٨ ، و ٣٠ : ٧ ، و ١١٣ : ١٠ ، وفي الاعتقاد : ٣٢٥ ، والمباركفوري في تحفة =

١٩٢

____________________

= الأحوذي ١٩٦ : ١٠ ـ ١٩٧ ، والنووي في شرح صحيح مسلم ١٨٠ : ١٥ ، وفي تهذيب الأسماء ١٦٣ : ١ ، ٣١٨ ، وابن أبي شيبة في المصنف ٣٠٩ : ٦ ح ٤١٦٧٩ ، والطبراني في المعجم الكبير ٦٥ : ٣ ـ ٦٧ ، و ١٨٠ ، و ١٥٤ : ٥ و ١٦٦ و ١٦٩ ـ ١٧١ و ١٨٢ ـ ١٨٣ و ١٨٦ ، وفي المعجم الأوسط ٣٧٤ : ٣ ، و ٣٣ : ٤ ـ ٣٤ ، وفي المعجم الصغير ٢٢٦ : ١ و ٢٣٢ ، وابن أبي عاصم في السنة ٦٢٧ : ٢ و ٦٤٣ ـ ٦٤٤ ، وأبي يعلي في مسنده ٢٩٧ : ٢ و ٣٧٦ و ٣٠٣ ، وابن الجعد في مسنده ٣٩٧ : ١ ، وعبد بن حميد في مسنده ١٠٧ : ١ و ١١٤ ، وابن شيرويه الديلمي في الفردوس ٦٦ : ١ ـ ٦٧ ، وابن كثير في تفسيره ٤٨٧ : ٣ و ١١٤ : ٤ ، وفي البداية والنهاية ٢٢٨ : ٥ ، وقد نقل عن الذهبي تصحيحه للحديث ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٣٦٥ : ٩ ، وفي تلخيص المستدرك ١١٠ : ٣ ، و ٥٣٣ و صححه ، وأبي نعيم في حلية الأولياء ٣٥٥ : ١ ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ٢٥٨ : ١ ـ ٢٥٩ ، وابن الجوزي في غريب الحديث : ١٢٦ ، وسبطه في تذكرة الخواص : ٢٩٠ ب ١٢ ، وابن حجر العسقلاني في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ٦٥ : ٤ رقم ٣٩٧٢ ، وابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ١٦٢ ـ ١٦٣ و ١٦٥ و ٣٦٣ : ١٠ ، والهيتمي في الصواعق المحرقة : ١٤٥ ، والقسطلاني في المواهب اللدنية بالمنح المحمدية ٤ : ٧ ـ ٨ ، والزرقاني في شرح في نفس الموضوع ، والبغوي في تفسيره ٣٢٢ : ١ ، و ١٢٥ : ٤ و ٢٧١ ، وفي المصابيج ١٩٠ : ٤ ح ٤٨١٦ ، والخطيب التبريزي في المشكاة ٣٧١ : ٣ ـ ٣٧٢ ح٦١٥٢ ـ ٦١٥٣ ، والقاري في مرقاة المفاتيح ٥٣٠ : ١٠ ـ ٥٣١ ح٦١٥٢ ـ ٦١٥٣ ، وأبو المحاسن الحنفي في معتصر المختصر ٣٣٠ : ٢ ، وسعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد ٣٠٢ : ٥ ، وابن الديبع الشيباني في تسيير الوصول إلى جامع الأصول ٢٩٧ : ٣ ، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة ٧٩ : ١ و ٨١ ، والدارقطني في العلل ٢٣٦ : ٦ ح ١٠٩٨ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٧٢ : ١ و ١٨٥ ، ٥ : ٢٩٠ ، و ٤٣٥ : ١٤ ، والمناوي في فيض القدير ١٧٤ : ٢ ، و ١٤ : ٣ ـ ١٥ ، والآمدي في الاحكام ٣٠٦ : ١ ـ ٣٠٧ ، وابن حزم في الاحكام ٧٩ : ١ ، والرافعي في التدوين في أخبار قزوين ٤٦٥ : ٣ ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : ٤٠ ، والشوكاني في نيل الأوطار ٣٢٨ : ٢ ، وفي سيل الجرار ١٨ : ١ ، والنبهاني =

١٩٣

____________________

= في فتح الكبير ٢٥٢ : ١ ، وفي الشرف المؤبد : ١٨ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالبي : ٥٣ ، والفيروز آبادي في التبصرة : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، والطحاوي في مشكل الآثار ٣٦٨ : ٤ ـ ٣٦٩ ، والسبكي في الابهاج في شرح المنهاج ٣٦٥ : ٢ ـ ٣٦٦ ، وابن دحلان في السيرة ٣٣٠ : ٣ ، والرازي في التفسير ١٧٨ : ٣ ، وفي المحصول ٢٤٠ : ٤ ـ ٢٤١ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦٠ : ٢ ، وفي الجامع الصغير ١ : ٥٥ ، وفي احياء الميت بفضائل أهل البيت المطبوع بهامش الانحاف في مواضع عديدة وبطرق عديدة منها : ٢٤٠ ـ ٢٤١ و ٢٤٧ و ٢٥٨ ـ ٢٥٩ و ٢٦١ و ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، وفي جمع الجوامع ح ٩٥٩٩ ، وابن سعد في الطبقات الكبرى ١٩٤ : ٢ ، والحسيني في البيان والتعريف ١٦٣ : ١ ـ ١٦٤ و ١٣٦ : ٢ ، والزبيدي في اتحاف السادة المتقين ٥٠٦ : ١٠ ، والآجري في الشريعة : ٣٥٦ ، ومجد الدين بن الأثير في جامع الأصول ٢٧٧ : ١ ـ ٢٧٨ ح ٦٥ ـ ٦٦ و ١٥٨ : ٩ ـ ١٥٩ ح ٦٧٠٨ ، وفي النهاية في غريب الحديث ٢١٦ : ١ و ١٧٧ : ٣ ، وعز الدين بن الأثير في أسد الغابة في معرفة الصحابة ١١٤ : ٣ رقم ٢٩٠٥ ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى : ١٦ ، والدولابي في الذرية الطاهرة : ١١٦ ح ٢٢٨ ، وابن طولون في الشذرات الذهبية : ٥٣ ـ ٥٤ و ٦٦ ، والخوارزمي الحنفي في المناقب : ١٥٤ ح ١٨٢ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٥٨ : ١٩ و ١٩ : ٤١ و ٩٢ : ٥٤ ، والعقيلي في الضعفاء ٢٥٠ : ٢ ، وفي ٣٦٢ : ٤ ح ١٩٧٤ قال : يروى هذا بأصلح من هذا الاسناد ، والشجري في الأمالي ١٤٣ : ١ و ١٤٩ و ١٥٤ ، والألباني في السلسلة الصحيحة ١٧٦١ ، وابن عدي في الكامل ٦٦ : ٦ ، ومحمد بن حبيب البغدادي في المنمق : ٩ ، والسرخسي في الأصول ٣١٤ : ١ ، وفي المبسوط ٦٩ : ١٦ ، وبقي بن مخلد القرطبي في الحوض والكوثر : ٨٨ ، والنيسابوري في غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٢٨ : ٤ ، وأبو حيان الأندلسي في البحر المحيط ١٢ : ١ ، والخازن في التفسير ٢١١ : ٤ ، والثعالبي في تفسيره ٤٣٥ : ١ ، والقاسمي في محاسن التأويل ١٧١ : ٤ ، والقاضي عياض في الشفا ٤٧ : ٢ ، والبلاذري في الأنساب ١١٠ : ٢ ، وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ٣٧٥ : ٦ ، وابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول : ٣٩ ، والقندوزي الحنفي في ينابيع الودة في مواضع عديدة وأسانيد كثيرة تنتهي بعضها إلى مجموعة من الصحابة منهم : الإمام علي والإمام الحسن عليهما‌السلام والصديقة فاطمة

١٩٤

وفي مجموع هذه الروايات تتعدد لتتجاوز حد التواتر فتبلغ على ما حكى ابن حجر المكي : نيفاً وعشرين صحابياً ، وكما تعددت رواته تعددت أماكنه ، قال ابن حجر : في بعض تلك الطرق أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة ، وفي أخرى : أنه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه ، وفي أخرى : أنه قال ذلك بغدير خم ، وفي أخرى : أنه قال لما قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف.

ثم أعقب ذلك بالقول : لا تنافي إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرهما اهتماماً بشأن الكتاب العزيز الطاهرة ، وفي رواية الطبراني عن ابن عمر : آخر ما تكلّم به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اخلفوني في أهل

____________________

= الزهراء عليها‌السلام وأم سلمة وجابر بن عبد الله وجبير بن مطعم وزيد بن ثابت وابن عباس وزيد بن أرقم وأبي سعيد الخدري وحذيفة بن اليمان وأبي ذر الغفاري وأبي الطفيل وأم هاني وضمرة بن سلمة وحذيفة بن أسيد منها في ٩٥ : ١ ـ ١٢٦ ح ٥ ـ ٦٢ ، والسمهودي في جواهر العقدين : ٢٣١ ـ ٢٥٨ بأسانيد كثيرة ، والنويري في نهاية الارب ٣٧٧ : ١٨ ، والزبيدي في تاج العروس ٣٤٥ : ٧ ، والفيروز آبادي في القاموس المحيط ٣٤٢ : ٤ ، والزمخشري في الفائق : ١٧٠ ، وابن منظور في لسان العرب ٥٣٨ : ٤ ، والخطابي في غريب الحديث ١٩٢ : ٢ ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب : ٢٣٤ ـ ٢٣٦ ح ٢٨١ ـ ٢٨٤ ، وابن تيمية في مجموعة كتبه و رسائله وفتاواه في الفقه ٤٩٢ : ٢٨ ـ ٤٩٣ ، وفي مجوعة رسائله وكتبه وفتاواه في العقيدة ٤٨٧ : ٤ ، وفي منهاج السنة ٤٠ : ٤ ، والآلوسي في روح المعاني ١٥٦ : ٣ و ١٦ : ٢٢ ، ١٩٥ و ١١٢ : ٢٧ ، واليعقوبي في التاريخ ١١١ : ٢ ـ ١١٢ ، و ٢١٢ ، و القاضي عبد الجبار الهمداني في المغني ٢٠ : القسم الأول من مباحث الإمامة ص ١٩١ ، والقلقشندي في صبح الأعشى في مواضع عدة منها ٤٠١ : ٩ ، و ١٠ : ٢٨٩ و ٢٩٦ و ٤٢٧ و ٤٣٣ ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ١١١ : ٢ ، والهيثمي في كشف الأستار ٢٢٣ : ٢ رقم ٢٦١٧ ، والشبراوي في الاتحاف : ٢٢ ، والسمعاني في قواطع الأدلة ٢٢ : ٢.

١٩٥

بيتي. (١)

وكما رأيت في تخريجات الخبر فإن الغالبية العظمى من أئمة الحديث والأخبار عند القوم تناقلت الخبر تناقلها للمسلّمات والواضحات ، وحتى من أدرج الخبر فيك تب الضعفاء والمجروحين كالعقيلي إنما ضعّف طريقاً له لذلك تراه قال بوجود أصلح منه ، ولم يشذّ عن هؤلاء إلاّ نزر قليل عرف بناصبيته الشديدة لأهل البيت عليهم‌السلام ، وقد جاءت أعذار هؤلاء وهي تحكي بؤساً علمياً مريعاً ، وتعرّي عن وجه تعصبها الطائفي المقيت ، حتى انها تلجأ إلى أوهن الأعذار وأوهاها ، وسنأخذ من هؤلاء نماذجهم الرئيسة ، بل ورؤوس النصب في عالم الرواية والحديث ، وستجد أن منبعهم الذي يستقون منه كان واحداً ، فمنهم :

١ ـ محمد بن اسماعيل البخاري : في الحقيقة لو اني كنت قد رأيت الخبر في ما يسمى بصحيح البخاري ، لفغرت الفاه عجباً! ولكن البخاري وكما هي عادته لم يكذب الظنون في هذا المجال! كيف لا؟ وهو ابن بجدتها وقادح أوارها ، فلم يكتف بعدم ادراج الخبر في صحيحه بل عمد إلى النيل منه في محل آخر فقال في تاريخ الصغير : قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي سعي قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تركت فيكم الثقلين ... أحاديث الكوفيين هذه مناكير. (٢)

ولا يحتاج هذا القول منا إلى عناء كبير لكشف الزيف الذي يعلوه ، فمراجعة بسيطة لمسند أحمد بن حنبل توصلنا إلى حقيقتين حاسمتين في هذا المجال ، وكليهما يضعان مصداقية البخاري وحديثه وصحيحه في دوامة كبيرة من علامات الاستفهام ، والحقيقتان هما :

____________________

(١) الصواعق المحرقة : ١٥٠.

(٢) التاريخ الصغير ٢٦٧ : ١ رقم ١٣٠٠ محمد بن اسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ هـ) دار الوعي ـ مكتبة دار التراث ؛ حلب القاهرة ١٩٧٧ ط ١.

١٩٦

الأولى : إن أحمد روى حديث الثقلين في المسند ، وفي فضائل الصحابة بطرق عديدة كان منها طريقة إلى أبي سعيد الخدري ، عن عطية ، ولكن كان له طرقاً مستقلة أخرى كطريقة لزيد بن أرقم ، ولزيد بن ثابت في روايتهما للحديث ، فلقد روى عن زيد بن أرقم في موضعين ، (١) ولزيد بن ثابت في موضعين مثله. (٢) ولا تجد فيهما بعبع عطية ـ وهو ابن سعد بن جنادة العوفي ـ ولا غيره من الكوفيين كما زعم البخاري! (٣)

الثاني : إن مسند أحمد مملوء برواياته عن عطية العوفي ، وبعجالة فقد عددنا له ما يقرب من (٤٣) صفحة من صفحات الكتاب ، ولربما يوجد في الصفحة الواحدة أكثر من حديث ، فكيف تحدث أحمد عن عطية بهذه الصورة ، في الوقت الذي التزم بادخال رواياته في المسند؟ مع العلم انه يتحدّث عن صحة ما في مسنده بصورة جازمة فقد نقل حنبل بن اسحاق أنه جمعهم هو وصالح وعبد الله أولاده وقال لهم بعد أن قرأه سماعاً عليهم : هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفاً فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه ، وإلاّ فليس بحجة. (٤)

يبقى أن نشير إلى أنه على فرض صحة ما ذكر ـ وهو غير صحيح ـ ،

____________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ٣٦٦ : ٤ ، و ٣٧١ : ٤.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١٨١ : ٥ ، و ١٨٩ : ٥ ، وفضائل الصحابة ٦٠٣ : ٢ ح١٠٣٢ ، و ٧٨٦ : ٢ ح ١٤٠٣.

(٣) الملفت أن البخاري نفسه روى عن عطية في كتابه الأدب المفرد. «الأدب المفرد : ٤٧ دار البشائر الإسلامية ـ بيروت ١٩٨٩ ط ٣».

أقول : رغم انه لم يلتزم برواية الصحيح فيه كما التزم في صحيحه ، ولكن هل رأيت رجلاً يعتقد بكذب رجل ومع ذلك يروي عنه؟!

(٤) التقييد لمعرفة رواة الأسانيد : ١٦١ للحافظ ابن نقطة الحنبلي (ت ٦٢٩ هـ) ؛ دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٨.

١٩٧

فماذا يقول عن الحديث الذي ورد بالطرق الأخرى التي لا دخل للكوفيين فيها؟! فهل سيكذّب أستاذيه عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وصاحبه مسلم بن الحجاج القشيري أيضاً ، وقد رووا الخبر بدورهم؟!

وتبيّن زيف ما تحدّث به البخاري وعدم موضوعيته هو من أوضح الواضحات ، فإن صدق فقد كذّب أحمد عياناً جهاراً ، وإن كذب فليس ذلك ببعيد ، فلطالما أشاح النظر عن الأحاديث التي تتعلق بأهل البيت عليهم‌السلام لمجرد تعلّقها بهم ، ويشهد له مستدرك الحاكم النيسابوري وتلخيصه للذهبي ـ وهو من له شأن لا يقل عن شأن البخاري في النصب ـ وغيرهما على كثرة مخالفة البخاري لنفس شروطه ، فكم يمرّ المرء بأحاديث في المستدرك والتلخيص وقد كتب في ذيلها : صحيح على شرط الشيخين او البخاري بمفرده ، ولم يخرجاه أو يخرجه.

ثم إنّ الرجل ليس بدعاً من كثير من علماء العامة الذين ترعرعوا في أواوين السلاطين والملوك ، يتسيّرون بسيرتهم وينقادون لهم ، ولكنه كان له نصيبه المعلّى في هذا المجال فقد ترعرع في واحدة من أعتى الأزمنة التي هيمن بها النواصب ، وتخرّج من مدرسة المتوكّل والمعتزّ العباسيين (١) وهي التي اتخذت من العداوة لأهل بيت النبوة علماً لها تشيّد به نظامها ، وتقيم كيانها على رؤوسهم المقطعة ، أشلائهم المبضعة ، وأجسادهم المدفونة في حياتها ، حتى بلغ بهم الأمر أن قال المعتز : إن ولاّني الله لأفنينّ جميع آل أبي طالب. (٢)

وإذ ينشأ البخاري على النصب لأهل البيت عليهم‌السلام كيف يمكن له أن يروي مثل هذا الخبر؟ والرجل الذي أدخل في ما يسميه بالصحيح غالبية كبار

____________________

(١) انظر تفاصيل ذلك في التيار الروائي من الفصل الرابع.

(٢) تاريخ أبي الفداء ٢٩ : ٢.

١٩٨

النواصب ويكفيه توثيقه لعقبة بن عامر الجهني قاتل عمار بن ياسر بالرغم من رواية نفس البخاري لرواية : ويح عمار تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار ؛ (١) وتصحيحه لها ، وعمران بن حطان ، وادخاله إيّاه في رجال صحيحه كيف يمكن له أن يروي نصاً اعتقد بأنه يحرجه في شأن ناصبيته؟! وعمران هذا هو الذي بلغ من نصبه العداوة لأهل البيت عليهم‌السلام ولأمير المؤمنين عليه‌السلام خاصة أنه امتدح عبد الرحمن بن ملجم (لعنة الله عليه) قاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله :

[لله در المرادي الذي فتكت

كفاه مهجة شر الخلق إنسانا]

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره يوماً فأحسبه

أوفى البرية عند الله ميزانا (٢)

* * *

٢ ـ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي البكري المعروف بابن الجوزي :

قال ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية عن سند الحديث المنتهي إلى أبي سعيد الخدري (رض) بطريق عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن عطية : هذا حديث لا يصح ، أما عطية فقد ضعفه أحمد و يحيى وغيرهما ، وأما ابن القدوس قال يحيى : ليس بشيء رافضي

____________________

(١) كتاب البخاري المسمّى بالصحيح ٢٠٧ : ٣ (كتاب الجهاد والسير) باب مسح الغبار عن الناس في السبيل.

(٢) وقد عارض شعره (عليه لعائن الله وملائكته وأنبيائه ورسله أجمعين) محمد بن أحمد الخطيب فقيههم فقال ولله درّه من قائل :

يا ضربة من غدور صار ضاربها

أشقى البرية عند الله إنسانا

إذا تفكرت فيه ظلت ألعنه

وألعن الكلب عمران بن حطانا

١٩٩

خبيث. (١)

____________________

(١) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ٢٦٩ : ١ ، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت ٦٩٧ هـ) دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٣ ط ١.

أقول : من المعلوم أن سبب التضعيف الصادر بحق عطية وعبد الله بن عبد القدّوس هو تشيعهما للإمام علي عليه‌السلام ، وهذه الضابطة التي عمل بها هؤلاء تعني في تعريف ابن حجر العسقلاني لها : محبة علي وتقديمه على الصحابة ، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيّعه ، ويطلق عليه رافضي وإلاّ فشيعي ، فإن انضاف إلى ذلك السبّ أو التصريح بالبغض فغال في الرفض ، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلو. انظر : هدي الساري مقدمة فتح الباري : ٤٥٩ ابن حجر العسقلاني ؛ دار المعرفة ـ بيروت ١٣٧٩.

ولهذا فـ : الرفض الكامل والغلو فيه على أبي بكر وعمر والدعاء إلى ذلك ، فهؤلاء لا يقبل حديثهم ولا كرامة!! انظر : لسان الميزان ٩ : ١.

وقد نقل ابن حجر عن مالك قوله عن الرافضة : لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون!!

ونقل أيضاً عن الشافعي قوله : لم أر أشهد بالزور من الرافضة!!

وعن يزيد بن هارون قوله : يكتب عن كل صاحب بدعة! إذا لم يكن داعية ، إلاّ الرافضة!!

ونقل الخطيب البغدادي عن أبي حنيفة قوله لأبي عصمة بعد أن سأله : ممن تأمرني أن أسمع الآثار؟ فقال له : من كل عدل في هواه إلا الشيعة! انظر الكفاية في علم الرواية : ١٢٦ ، الخطيب أبي بكر البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) المكتبة العلمية ـ المدينة المنورة.

قلت : إذا كانت هذه ضابطة القوم في توثيق الروايات فعلى علم الحديث وسنة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السلام! فهم باعترافهم يقولون : لو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة مبينة. انظر : لسان الميزان ٩ : ١.

بل لرجعت كتبهم التي يسمونها الصحاح وهي خالية الوفاض من الكثير ممن روواه ، إذ من الواضح انهم رووا عن الرجال الذين يعتبرونهم من الشيعة كالأعمش وعبد الرزاق وعبيد الله بن موسى وأبان بن تغلب وغيرهم الكثير ، ولكن القوم يكيلون بمكاييل عدة!! وإنا لله وإنا إليه راجعون!

٢٠٠