عصمة المعصوم عليه السلام وفق المعطيات القرآنية

الشيخ جلال الدين علي الصغير

عصمة المعصوم عليه السلام وفق المعطيات القرآنية

المؤلف:

الشيخ جلال الدين علي الصغير


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الأعراف للدراسات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

ومثلما رأينا عصمة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في شهادته على الأمم ، فإننا نجد الآية الكريمة : (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ) (١) والآية الكريمة : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (٢) تعاود تبيان ما رأيناه في الآيات السالفة ، فهي تحدد أولاً وجود الامتداد الرسالي بجهة غير جهة الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سميت في الآية الكريمة الأولى بالشاهد التالي لشهادته (صلوات الله عليه وآله) ، وفي الثانية بالشاهد الثاني على رسالة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد عادلت الآية شهادته مع شهادة الله سبحانه ، وشاهد يستخدم القرآن الكريم كلمة (كَفَى) بكل ما تفيده من حصر للتصديق بشهادته ، لا بد وأن تكون شهادته شهادة معصومة!. (٣)

* * *

ولو نظرنا إلى الواقع الموضوعي للشأن الرسالي في بعده التاريخي ، لوجدنا أن الضرورة الرسالية بوجود الامتداد المعصوم يوم توفي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت في أكثر أحوال وجودها إلحاحاً.

فلو أخذنا نموذج العلم في صورته البسيطة لا المعقدة ، لوجدنا ان بعضاً من علية الصحابة وأكابرهم كانت لديهم ما يشبه الأميّة في فهم مفردات الكلمات القرآنية ، فضلاً عن معمّيات مسائل الآيات ، فمثلاً تمثّل قضية تفسير كلمة الكلالة الواردة في الآية الكريمة : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ

____________________

(١) هود : ١٧.

(٢) الرعد : ٤٣.

(٣) أنظر لتفصيل الحديث عن الآيتين الكريمتين كتابنا : من عنده علم الكتاب؟.

١٠١

يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ عَلِيمٌ) (١) انموذجاً له دلالته البالغة على طبيعة الأوضاع العلمية السائدة عشية موت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ يفترض بمجتمع الصحابة الذي نزل القرآن في جنباته ، وبلغته وبيانه ، أن يدرك المعاني الارتكازية للغة الآيات تلقائياً ، أو أن يكون سؤولاً في ما لا يفقه من هذه المعاني ، غير ان المتأمل سيرى ان الصورة التي تركها هذا المجتمع كانت مختلفة تماماً ، فعلى الرغم من وضوح الآية في تبيان معنى«الكلالة» ، ورغم أن المسألة من المسائل البسيطة جداً على مستوى الشأن العلمي ، فإنك تجد نفسك مجبراً على الانبهار ، وأنت تسمع اختلاف الصحابة في تفسيرها فتجد أن أبابكر يفسّرها بهذه الطريقة : إني سأقول فيها برأيي فإن يك صواباً فمن الله ، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه ، أراه ما خلا الولد والوالد. (٢)

وترى أبا موسى الأشعري يسأل عنها فيقضي بجواب ، ثم يطلب من السائل أن يأتي ويسأل عبد الله بن مسعود الذي سرعان مايصعق لجواب الأشعري فتراه يقول : ضللت إذاً وما أنا من المهتدين ، ثم قضى بما ادعى أنه قضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٣)

وترى عقبة بن عامر الجهني (٤) يسأل عنها فيقول : ألا تعجبون من هذا يسألني عن الكلالة؟! وما أعضل بأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيء ما أعضلت

____________________

(١) سورة النساء : ١٧٦.

(٢) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢٥٠ : ٢ لجلال الدين السيوطي (ت ٩١١ه) ؛ دار المعرفة ـ بيروت.

(٣) تفسير القرآن العظيم ٦٠٧ : ١ لابن كثير الدمشقي (ت ٧٧٤ هـ) ؛ دار المعرفة ـ بيروت ١٩٨٧ ط ١.

(٤) قاتل عمار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) ومستخلف معاوية على مصر ، والرجل من الموثقين في الرواية لدى العامة ، وممن أطرى عليه رجالهم ، رغم انهم يروون حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : عمّار تقتله الفئة الباغية ، وبشّر قاتل ابن سمية بالنار!!

١٠٢

بهم الكلالة. (١)

أما عمر بن الخطاب فهو المبشّر عن الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنه لن يعلمها ولن يقيمها ، (٢) فقد ذهب بها عريضة حتى قال لمسروق وهو متبرّم بسؤاله عن الكلالة : الكلالة الكلالة الكلالة! وأخذ بلحيته ثم قال : والله لئن أعلمها أحبّ إليّ من أن يكون لي ما على الأرض من شيء. (٣)

وكان السيوطي قد نقل أن أبابكر حينما تكلّم بكلامه ضجّ عليه الإمام علي عليه‌السلام حتى رجع عن قوله. (٤)

لا أريد أن أبسط المسائل ولكنك ترى ان هذه ما هي إلاّ عينة واحدة لمسألة واحدة حيث ترى حجم الخلاف (٥) في تفسير معنى كلمة واحدة ، والعهد برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يزل حديثاً بعد ، وقبره (بأبي وأمي) لا زال خضراً ، فما بالك لو ارتبط الأمر بتفسير ظاهر القرآن نفسه؟! وما هو الحال لو امتد الأمر لمعرفة باطن القرآن؟!

ولو أخذت عينة أخرى تتعلق بنفس قراءة الكتاب المنزل ، وليس بمعانيها فنكبّد القوم قدراً من المشقّة! فمهما قيل في شأن طبيعة عملية جمع نفس القرآن ، وقد قرأ بين ظهرانيهم ، ورأوا آثار الوحي (البرحاء) وهي تأخذ بمجامع الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا أن المتيقّن أن أخبار الاختلاف بينهم في شأن ما هو من القرأن ، وما هو من غيره تملأ كتب القوم ، وتعجّ بها ما يسمّونها بالصحاح ، بالصورة التي لم يستطع معها مبررو أخطائهم والموجّهين لعثراتهم من ردّها ، فابتدعوا ما أسماه الزركشي والسيوطي وغيرهما من أعلام القوم

____________________

(١) الدر المنثور ٢٥٠ : ٢.

(٢) الدر المنثور ٢٥١ : ٢ ، وتفسير القرآن الكريم ٦٠٨ : ٢.

(٣) الدر المنثور ٢٥١ : ٢.

(٤) الدر المنثور ٢٥٠ : ٢.

(٥) لم ننقل كل تفاصيل الخلاف ، فراجعه إن شئت في تفاسير العامة في موضع الآية.

١٠٣

بنسخ التلاوة ، (١) وهو صورة معلنة ولكنها غير رسمية لمقولة تحريف القرآن

____________________

(١)انظر البرهان في علوم القرآن ٣٨ : ٢ لبدر الدين الزركشي (ت ٧٩٤ه) ؛ دار الفكر ـ بيروت ١٩٨٨.

وقد قسّم القوم هذا النمط من النسخ إلى قسمين أولهما ما عبّر عنه السيوكي في الاتقان في علوم القرآن : ما نسخ تلاوته دون حكمه. «الاتقان في علوم القرآن ٢ : ٢٤».

أما الزركشي فقال عنه : وأما النسخ بالآية فليس بنسخ بل تخصيص ، ثم إنه ثابت بالقرآن الذي نسخت تلاوته ، وهو «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة». «البرهان في علوم القرآن ٢٨ : ٢».

وقد ذكر السيوطي في كتابه التحبير في علم التفسير النمط الثاني من هذا النسخ فقال عنه معرّفاً : ما نسخ رسمه وحكمه معاً كما روى البخاري عن عائشة : كان في ما أُنزل : عشر رضعات معلومات ، فنسخن بخمس معلومات. «التحبير في علم التفسير : ١١٩ ؛ دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٩٨٨ ط ١».

وقد أورد كلٌ من الزركشي والسيوطي في هذه الكتب الكثير من أخبار التحريف ، وهي تملأ مساحات كبيرة من كتب القوم ، وما يريك الدهر عجباً أن الآلوسي ذكر في مقدمة تفسيره وهو يرد على الشيخ الطبرسي صاحب مجمع البيان في شأن خلاف الشيعة لمقولة التحريف ونسبته الأمر إلى الحشوية من العامة وبعض الشيعة ، وبعد ان عزا الآلوسي مقال الشيخ الطبرسي إلى ظهور فساد مذهب أصحابه قال : إن نسبة ذلك (أي وجود أخبار التحريف والزيادة والنقصان) إلى قوم من حشوية العامة الذين يعني بهم أهل السنة والجماعة فهو كذب أو سوء فهم ، إلى أن قال : اسقط في زمن الصديق ما لم يتواتر وما نسخت تلاوته. ثم ذكر جانباً من روايات التحريف وقال : والروايات في هذا الباب أكثر من أن تحصى. «روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ٢٤ : ١ ـ ٢٥ لشهاب الدين الآلوسي؛ دار الفكر ـ بيروت ١٩٨٧».

وروايات التحريف الواردة في كتب الشيعة مردودة في موازين الجرح والتعديل التي يلتزم بها الشيعة ، وهم على أي حال ليس لديهم كتاب مقدّس بهد القرآن الكريم لا يستثنونه من هذه الموازين ، ولكن ما بال أهل العامة لهم لسان عريض في اتهام الشيعة ، في الوقت الذي تعجّ ما يسمى بصحاح كتبهم كالبخاري ومسلم بالكثير من =

١٠٤

بأصنافها الثلاثة : الزيادة النقصان والتغيير!.

بل لو تأمّلنا أكثر في الحالة العلمية السائدة أيّام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لوجدت أن بعضهم كان يتبرّم لمجرد ورود كلمة عظلت على أفهامهم ، فهذا عمر بن الخطاب الذي يروي القوم عن مجاهد أنه قال : كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن ، وعن ابن عمر قوله : ما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال (أي عمر) ، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر ، وقد بلغ الحال بالسيوطي إلى أن يعقد باباً يسميه (ما نزل من القرآن على لسان بعض الصحابة) ويقول : والأصل فيه موافقات عمر. (١)

أقول : تجده حين يقرأ : (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) (٢) يتبرّم بصوت مسموع امام الناس ليقول على ما رواه السيوطي : عن سعيد بن منصور ؛ وابن جرير ؛ وابن سعد ؛ وعبد بن حميد ؛ وابن المنذر ؛ وابن مردويه ؛ البيهقي ؛ والخطيب ؛ والحاكم ، عن أنس أنه قال : كل هذا عرفناه ، فما الأب؟ ثم رفع عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله هو التكلّف ، فما عليك أن لاتدري ما الأب! اتبعوا ما بيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه. (٣)

وهذا الفهم هو الذي عملت به العامة ، فأوقفت السؤال عما يبهم عملاً بأمر عمر.

____________________

= أخبار التحريف ثم يدّعي مثل الآلوسي بأن تهمتهم بذلك محض كذب أو سوء فهم؟! هذا وقد استوفينا الكلام في ذلك في كتابنا : شبهات السنّة وردود الشيعة الذي نعمل على إنجازه حالياً. ولمن أراد التفصيل عليه مراجعة كتاب «تدوين القرآن» للشيخ علي الكوراني ، وكتاب «التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف» للسيد علي الميلاني.

(١)الإتقان في علوم القرآن ٣٤ : ١.

(٢) عبس : ٣١.

(٣) الدر المنثور : ٣١٦ : ٦.

١٠٥

أقول : كل ذلك مجرد عيّنات انتخبت بصورة عشوائية لتبيان موقف المسلمين من شؤون بسيطة متعلّقة بـ (الكتاب ـ الحجة) ، فهل يمكن تصوّر الحجة الربّانية الموصوفة بـ (البالغة) أن تعتمد في إتمام نعمتها على الناس ، وإكمال دينها على وعي هو في أحسن صوره ناقص للغاية في فهم مفردات الكتاب اللغوية فضلاً عن معمّياته وألغازه التي لا زالت العقول حائرة في الوصول إلى شيء منها؟!

ثم أين القوم في اختلافاتهم من صريح القرآن بأن ثمة هادياً لكل قوم بعد تمام إنذار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ لأن هذه الاختلاف ما كانت لتكون مع وجود الهادي.

إن كل ذلك يفضي إلى حقيقة موضوعية هي : إن امتداد العصمة زمنياً بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يمثّل ضرورة عقلية هي ليست بأدنى من حيث الأولوية من ضرورة إرسال الرسل والأنبياء ، وهي ضرورة أفصحت عنها الآيات القرآنية بأكثر من مناسبة وبصور متعددة ، كما لمسنا ذلك من قبل.

ولو جئنا إلى التطبيق العملي لمورد هذا الامتداد الرسالي ، فإن أي متعصّب مهما بلغ في تعصّبه لن يجد الأمر بعيداً ضمن موازين القرآن ومقتضيات آياته عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، فمهما قال القائلون في شأن نزول الآيات القرآنية التالية ، فإنهم لن يخرجوا في أسوأ الأحوال أئمة أهل البيت : عنها :

١ ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣].

٢ ـ قوله تعالى : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) [الشورى : ٢٣].

٣ ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ

١٠٦

الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) [المائدة : ٥٥].

٤ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آل عمران : ٦١].

٥ ـ قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً * إِنَّ هذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) [الإنسان : ٨ ـ ٢٢].

أما لو تحدّثنا عن الإنسان المنصف فلن يجد في الآيات التي ذكرناها في امتداد العصمة أن هذه الآيات تعني غيرهم (صلوات الله عليهم أجمعين).

وتفصيله في الأسطر القادمة.

متى تنشأ العصمة؟

ولكن قبل أن نلاحق ذلك يجدر بنا التوقف عند مسألة أخرى تتعلق بجانب آخر من المساحة الزمنية للعصمة ، وأعني بذلك مسألة العلاقة بين العصمة وعمر المعصوم ، فمتى يكون المعصوم معصوماً؟!

ويثار هذا الموضوع من جهتين ، فمن جهة يثيره الذي يربط بين التبليغ والعصمة ، فيجد أن النبي قبل التبليغ لا عصمة له ، وشأنها إنما يتحقق بعد التبليغ ، ومن جهة يثار هذا الموضوع في الردّ على الفكرة القائلة بأن المعصوم معصوم حال ولادته ، ولا دخل لمرحلة زمانية بنشوء العصمة لديه.

١٠٧

وما نذهب إليه هو : إن الدليل القرآني ومجموع ما توصلنا إليه يقف إلى جانب أن يكون المعصوم معصوماً حال ولادته ، ولا قيمة للرد القائل بأن الظاهر القرآني يقف على الخلاف من ذلك لقوله تعالى : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً) (١) فهي دالة على إن الإنسان يولد حين يولد وهو لا يعلم بأي شيء ، بينما العصمة هي حالة علمية واعية بكل شيء ، وعدم قيمة هذا الرأي واضحة لكونه يغفل تخصيصات القرآن ففي قوله تعالى : ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً) (٢) يخصص هذا الاطلاق ويضرب المثل بعيسى عليه‌السلام الذي جعله نبياً ولما يزل في المهد صبياً ، ومن الواضح أن النبوة أعلى درجة من العصمة ، ونظيرها قوله تعالى في شأن نبوة يحيى عليه‌السلام : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً) (٣).

وليس في هذا المثل أي إعجاز اللهمّ إلاّ ما يراه الناس في صورة غير مألوفة لديهم فيتصوروه إعجازاً ، بينما من يلحظ سياقات الكمال الروحي المطروحة في القرآن يجد أن هذا الكمال يمكن أن يذهب بالإنسان إلى درجة أعلى من ذلك بكثير ، فالقرآن يطرح قضية الكمال الروحي في مستطاع كل يد ، ولكنه يشرط هذه الاستطاعة بجملة من العوامل التي تجعلها عصية على الكثير من الناس الذي رزحوا في عالم الظلمات والذنوب.

ففي قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذَا غَافِلِينَ) (٤) يطرح القرآن حقيقة أن الإنسان قد عرض عليه شيء ما وهو في «عالم الذر»

____________________

(١) النحل : ٧٨.

(٢) مريم : ٢٩.

(٣) مريم : ١٢.

(٤) الأعراف : ١٧٢.

١٠٨

كي يكون شاهداً عليه ، ومن مواصفات هذا الشيء انه جعل الإنسان يسلّم بصورة فورية بربانية الله كما يظهر من طبيعة استخدام كلمة «بلى» والتي لا تستخدم إلاّ في الأمور المسلّم بها بديهياً ، على خلاف كلمة «نعم» التي تستخدم في أجوبة البراهين والاستدلالات ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن استحضار هذا الشيء ينفي عن الإنسان الغفلة عما شاهده وشهد عليه ، كما تشير خاتمة الآية الشريفة.

والتساؤل الذي حيّر الكثير من الباحثين هو أين ذهب هذا الذي شاهده الإنسان وهو في «عالم الذر» فشهد عليه وهو مسلّم بربانية الله تعالى؟ ولم نسيه وقد طلب منه أن لا يغفل عنه؟ وإذا ما كان مقدر للإنسان أن ينسى ذلك فلم عرضت عليه معروضات عالم الذر؟ وهذه الحيرة جعلتهم وبسبب الفرار من تداعيات نظرية المثل الافلاطونية ، وأفكار رينية ديكارت عن المعارف الفطرية التي يولد الإنسان وهي معه ، (١) ينفون عالم الذر جملة وتفصيلاً ، أو ينفون صحة جملة كبيرة من الاحاديث الصحيحة التي وردت في هذا المجال ، (٢) فيما لجأ البعض إلى الهروب من الإشكال العلمي بادعاء الرمزية في الخطاب القرآني ، بالشكل الذي لا يحلّ أصل الإشكال ، فالرمزية قد تحلّ مشاكل اللفظ ودلالاته ، ولكنها تحتاج إلى قرينة لتدلّ على إن مريد اللفظ كان هدفه المجاز والاستعارة ، فالأصل هو ظهور اللفظ ، ومن دون قرينة تخرج اللفظ من ظهوره لا يمكن التحاكم إلى الرمزية خاصة إن انعدم

____________________

(١) انظر : فلسفتنا : ٥٣ ـ ٥٦ للمرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس‌سره ، دار التعارف للمطبوعات ١٩٨٩ ط ١٥.

(٢) في ص ٢٢ من كتابه : «الميثاق والشهادة في القرآن» أوفع الشيخ محمد مهدي الآصفي نفسه في مأزق تضعيف هذه الروايات بلا موجب حقيقي لا ضابطة علمية صحيحة ، وأعجب منه اعتباره للروايات الواردة في هذا الشأن كونها عامية المنشأ ، علماً إن أغلبها من الصحيح الذي لا مرية في طرقه ، ولنا في هذا المجال وقفة يمكن القارىء أن يطلع عليها في كتابنا الذي نعدّه حالياً حول الميثاق الإلهي.

١٠٩

المقتضي ، فتأمّل.

وكان بإمكان هذه الحيرة أن تتلاشى لو قورنت مزايا الطفل الذي أوتي النبوة وكلّم الناس في المهد صبياً ، وبين مقتضيات هذه الآية ، وبين حالة قد يحسّها الكثير من الناس وهي انعكاسات حالة الصفاء الروحي وما يترتب عليها لدى عامة الناس ، فمن المسلّم به ان هذه الحالات تؤدي إلى ما يسميه أهل العرفان بالفتح الرباني هو انهمار العلم بطرق إيحائية وإلهامية وليست كسبية ، وكلما ازدادت معها ألطاف الإلهام وغيرها.

فمما لا ريب فيه أن حدثاً ما قد حدث في عالم الذر ، وأن ما حصل ترك في قلب الإنسان حصيلة معرفية شاملة ، وهذه الحصيلة هي النور الذي تحدّثت عنه الآيات التي سبق الحديث عنها ، أو هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ومثلما رأينا احتجاب النور بسبب وجود الحواجز التي تعترضه ، كذلك هذا النور أو هذه المعرفة معرّضة بطبيعتها إلى خطر الاحتجاب لأسباب كثيرة منها ما للإنسان دخل مباشر بها كالذنوب وسائر ما يلهي الإنسان ويشغله عن رؤية هذه الحقيقة كوساوس الشيطان وأهواء النفس وما إلى ذلك ، ومنها ما لا دخل مباشر للإنسان في وجوده ، ولكنه ورثه من عوامل متعددة منها تلوث النطف وسائر ما يدخله الآباء وأسلافهم من متغيرات على سلامة النطفة ، مما يجعل المولود منها مولوداً مع مسبّقات وراثية تركت على قلبه نتيجة لتصرفات الآباء والأسلاف ، ولا يقدح ذلك بالعدل الإلهي ، فهذه المؤثرات لا علاقة لها بالإرادة التي هي محك الحساب الإلهي في عقابه وجزائه والتي يمكن لها أن تنتج نتاجاً طيّباً من الأرض الخبيثة ، والعكس صحيح أيضاً.

فالإنسان الذي يولد نتيجة لهذه المؤثرات يولد وعلى قلبه حجب تمنع عن بصيرته رؤية ذلك النور الذي ترك في القلب ليمثل استعداداً تكوينياً ، وليمثل في نفس الوقت حافزاً مهماً لبواعث الإرادة لديه كي ينطلق في مهمة الكمال لازاحة ما علق بقلبه من الرين والصدأ ، وهذا هو الذي يجعل القرآن

١١٠

يتحدّث عن القلوب المقفلة وعن الآذان الواعية ، وهو حين يتحدث عن أمر فإنه يشير في نفس الوقف إلى نقيضه ، فالقلوب المقفلة تواجهها القلوب المفتوحة التي ترى ملكوت السماوات والأرض ، والآذان الواعية تقابلها الآذان المؤصدة.

وفي حالة المعصوم فإن قلب هذا المعصوم ما هو إلا صفحة بيضاء لا يعتريها أي غبش لأنه نتاج نطفة تقلبت بين الساجدين فتنتقل من أصلاب طاهرة إلى أرحام مطهّرة لقوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (١) ، وبالنتيجة فلا حائل في قلبه يحول دون رؤية ذلك النور والاهتداء بهديه ، وهذا هو مؤدى الآية الكريمة التي أوردناها آنفاً في شأن علم الراسخين في العلم ، فهو إنما حصل فلعدم وجود زيع في قلوبهم ، ومما لا شك فيه أن الزيغ الذي تتحدث عنه الآيات لا يمكن أن يبلغ المعصوم وإلا لم يك جديراً بعلم الله ولا قابلاً له ، وهذه الخصيصة إن ضمت إليها حقيقة ما يعلمه الله من مواصفاتهم الإرادية وصدقهم في عبوديتهم ، فإنها تنفي عندئذ أي غرابة من أن تجد ذلك الطفل يبعث نبياً ولما يزل في المهد صبياً ، ويتمكن من الحكم ولما يزل في مرحلة الطفولة ، ولئن كان هذا الأمر سارياً على عيسى ويحيى عليهما‌السلام ، فما بالك بنبينا الأعظم وآله الكرام؟!

يبقى علينا توضيح حقيقة أن النبوة إنما تمنح بناء على مواصفات ذاتية يتمتع بها النبي قبل بعثته ، وبموجب هذه المواصفات يجتبى من قبل الله تعالى لهذا المقام ، والعصمة هي أحد مترتبات هذه المواصفات ، وهي سابقة للنبوة ، فقد ترى معصوماً وليس بنبي أو إمام كما هو الأمر في السيدة زينب وأبي الفضل العباس بن علي عليهما‌السلام وغيرهما كالخضر ولقمان ، ولكنك لن تجد نبياً أو إماماً بل عصمة ، ولهذا فمن خطل القول التحدّث عن عصمة ما بعد النبوة ، واستثناء ما قبلها عن هذه العصمة ، كيف؟ وإن بعض أهم ما

____________________

(١) الشعراء : ٢١٩.

١١١

يترتب على عدم العصمة قبل النبوة يمكن أن تبقى آثاره وتدوم لما بعد النبوة!! كيف؟ والآثار الروحية المترتبة على الخطأ والذنب نافية بطبيعتها لنور النبوة!! فانتبه!

١١٢

عصمة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام

أظهر البحث في امتداد العصمة بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجود جملة من الآيات الكريمة التي تحدّثت عن عصمة التابع الرسالي ، وما علينا إلا أن نلاحق هذه الآيات ومثيلاتها للعثور على مصداقها الاجتماعي ، وقبل الدخول في تفاصيل ذلك لا بد وأن تستوقفنا الآية الكريمة : (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (١) فهي وإن تحدّثت عن قصة المباهلة ، ولكن وجود كلمة (وَأَنْفُسَنَا) بعد جملة : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) وقبل جملة : (ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) يشير إلى طبيعة هذه النفس ، فهي ليست النفس الرحمية فقط بالصورة التي جاءت عن بعض المفسّرين ، فالكلمة جاءت ضمن سياق رسالي تام ، فالمقدمة تتحدث عن الحق الرباني وتطالب بعدم الامتراء فيه ، ثم تتحدّث عن العلم الرسالي الذي اختص بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لتمرّ من بعده بالحديث عن إجراء ديني بحت هو المباهلة ، ومن ثم لتختمه في البراءة من الكاذبين.

وإذا لم تك هذه النفس نفس رحمية فحسب ، فما هي تتمتها يا ترى؟!

ولو كانت ليست برحمية فقط فالمراد بكلمة : (أَبْنَاءَنَا) وكلمة : (وَنِسَاءَنَا) سيكون هو نفس المراد بتلك النفس حتماً.

____________________

(١) آل عمران : ٦٠ ـ ٦١.

١١٣

والواقع فإننا نتلمّس في الآية الكريمة : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) (١) ، وكذا قوله : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ عَلِيماً) (٢) ، وتبعاً لما توصلنا إليه في مبحث العلاقة بين الرسالة والذات ، فإن ذات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يمكن أن تكون إلاّ نفساً رسالية ، وفي خصوصية قوله : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) تتضح المسألة بشكل أكثر ، إذ إن وجود كلمة (أَبْنَاءَنَا) في الآية الشريفة السابقة يظهر أن الرسول إذا لم يك أبا أحد من الرجال ، فإن المراد بالأبناء هنا المعنى الرسالي للكلمة علاوة على الصلة الرحمية.

وبهذا يمكن القول بأن هذه النفس المشار إليها وهؤلاء الأبناء والنساء هم المعين الذي يمكن به أن يدلّنا على الامتداد الذي نبحث عنه ، خاصة وأن اتفاق النفس مع الأبناء والنساء على أن يلعن الله الكاذبين ، يجعلهم في درجة الصدق المحض ، وهو أحد مظاهر العصمة ، وذلك لأن الآمر بلعن الكاذبين في الآية الكريمة هو الله ، والله لا يأمر بذلك من يصدق عليه اللعن بأن يتصدّى للعن نفسه ، فلا تغفل!

وبالعودة إلى أسباب نزول الآية نجد كما يحدّثنا الزمخشري فيقول بأن أسقف نجران لما دعاه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المباهلة اجتمع به قومه فقام أحدهم قائلاً : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمّداً نبي مرسل ، وقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكن فإن أبيتم إلا الف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد غدا محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن ، وفاطمة تمشي خلفه ، وعلي يمشي خلفها وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمّنوا.

____________________

(١) آل عمران : ١٤٤.

(٢) الأحزاب : ٤٠.

١١٤

فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. (١)

وهذه القصة متواتره بصورة أو أخرى لدى علماء العامة ، (٢) حتى قال

____________________

(١) تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ٤٣٤ : ١ لجار الله الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) دار الفكر ـ بيروت ١٩٧٧ ط ١.

(٢) وردت القصة في غالبية تفاسير القوم فانظر مثلاً : الطبري في تفسيره ٣ : ـ ٢١٢ ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ١٢٠ : ١ ـ ١٢٩ ، والجوزي في زاد المسير في علم التفسير ٣٣٩ : ١ ، والخازن في تفسيره لباب التأويل في معاني التنزيل ٣٠٢ : ١ ، والبغوي في معالم التنزيل ٣٠٢ : ١ ، والنسفي في تفسيره مدارك التنزيل وحقائق التأويل ١٦١ : ١ ـ ١٦٢ ، والجصاض في أحكام القرآن ١٤ : ٢ ١٤ ـ ١٥ ، وابن العربي في أحكام القرآن ٢٧٥ : ١ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٠٤ : ٤ ، والواحدي في أسباب النزول : ٤٧ ، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم ٣٧٨ : ١ ـ ٣٧٩ ، والسيوطي في الدر المنثور ٢ : ٣٨ ـ ٤٠ ، وفي تفسير الجلالين : ٧٥ ، والبيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل ١ : ٢٦١ ، والزرقاني في مناهل العرفان ٢٩٠ : ٢ ـ ٢٩١ ، والشوكاني في تفسيره فتح القدير ٣٤٧ : ١ ـ ٣٤٨ ، والبروسوي في روح البيان ٤٤ : ٢ ، والآلوسي في روح المعاني ١٨٨ : ٣ ـ ١٩٠ ، وأبا مسعود في تفسيره ٤٦ : ٢ ، والمراغي في تفسيره ١٧٥ : ١ ، ورشيد رضا في تفسير القرآن الحكيم المعروف بتفسير المنار ٣٢٢ : ٣ ، والقاسمي في محاسن التأويل ١١٤ : ٤.

ورواها من محدّثي العامة أغلبهم ، منهم : مسلم في صحيحه ١٧٥ : ١٥ ـ ١٧٦ ، وأحمد في المسند ١٨٥ : ١ ، والترمذي في سننه ٢٩٣ : ٤ ـ ٢٩٤ ح ٥٨٠٤ ، و ٥ : ٢٠٣ح ٣٨٠٨ وقال في الموضعين : حديث حسن غريب صحيح ، والمباركفوري في تحفة الأحوذي ٢٧٩ : ٨ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ١٥٠ : ٣ وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين (أراد البخاري ومسلم) ولم يخرّجاه ، وفي معرفة علوم الحديث : ٥٠ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٦٣ : ٧ ، وسعيد بن منصور في سننه ١٠٤٥ : ٣ رقم ٥٠٠ ، وابن حجر العسقلاني في فتح =

١١٥

____________________

= الباري ٩٤ : ٨ ، وابن حجر في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف ١ : ٣٦٩ ، وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة : ١٤٥ ، وابن الأثير في جامع الأصول ٦٥٠ : ٨ ـ ٦٥١ ح ٦٤٩١ ، والبغوي في مصابيح السنة ٢٠١ : ٢ ، والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح ٢٥٤ : ٣ ، والملا علي القاري في مرقاة المفاتيح ٥٠٧ : ١٠ ح ٦١٣٥ ، والقاضي عياض في الشفا ٤٨ : ٢ ، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة لذوي القربى ٢٦٥ : ٢ ح ٧٥٢ ، والشبلنجي في نور الأبصار : ١٩٢ ـ ١٩٤ ، وابن المغازلي الشافعي في مناقب الإمام علي بن أبي طالب : ٢٦٣ح ٣١٠ ، ومحمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : ٨٠ و ٨٣ و ٩٥ ، وقال في ص ٨٠ : إن الله لما قرن بين نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين نفس علي وجمعهما بضمير مضاف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أثبت رسول الله لنفس علي عليه‌السلام بهذا الحديث ما هو ثابت لنفسه على المؤمنين عموماً ، فإنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أولى بالمؤمنين وناصر المؤمنين وسيد المؤمنين ، كل معنىً أمكن إثباته مما دلّ عليه لفظ المولى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد جعله لعلي عليه‌السلام وهذه مرتبة سامية ومنزلة سامقة ودرجة علية ومكانة رفيعة خصّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بها دون غيره ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٥٤ و ١٤٢ ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ٢٥ ، وفي الرياض النضرة ٢٤٨ : ٢ ، ومحمد بن سليمان الكوفي في مناقب الإمام أمير المؤمنين ٥٠٢ : ٢ ، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ٢٣ ـ ٢٤ ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة : ١٢٠ ، والسمهودي في جواهر العقدين : ١٩٥ و ٢٠٤ و ٢٨٨ ، وأخطب خوارزم في المناقب : ١٥٩ ـ ١٦٠ ح ١٨٩ ، وابن طولون في الشذرات الذهبية في تراجم الأئمة الاثني عشر : ٥٣ ، والشبرامي في الاتحاف بحب الأشراف : ١٨ ـ ١٩.

وأثبتها من متكلميهم ابن تيمية الحراني في منهاج السنة ١٢٣ : ٧ ، ومحمد بن ابي بكر في هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى : ٤٦.

وذكرها من المؤرخين وأصحاب التراجم : السيوطي في تاريخ الخلفاء : ١٥٨ ، وابن الأثير في الكامل في التاريخ ٢٠٠ : ٢ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٠٧ : ٤ ، والحلبي في السيرة الحلبية ٢١٢ : ٣ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٤٥ : ٥ ، =

١١٦

عنها الفخر الرازي بعد أن أورد ذكرها : اعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث. (١)

وما يعنينا منها في البداية التساؤل عن السبب الذي سمي الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام هنا بنفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فإن قيل بأن الحسن والحسين عليه‌السلام والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام يصحّ اطلاق لفظ النبوة النسوة عليهم ، فما هو السر الذي جعل فيه الأمير (صلوات الله عليه) في مقام نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟! وما هو السر في جعل الزهراء البتول عليها‌السلام وهي زوجة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بمقام النساء بحيث يمكن أن ترجع لمقام النفس؟! وما هو السر في وضع الإمامين الحسن والحسين عليهما‌السلام في

____________________

= والبلاذري في فتوح البلدان : ٧٥ ، واليعقوبي في تاريخه ٨٢ : ٢ ، وابن دحلان في السيرة ٥ : ٣ ، وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة ٢٩١ : ١٦ ، وابن الأثير في أسد الغابة في معرفة الصحابة ٢٦ : ٤ ، وابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة ٥٠٩ : ٢ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٢٨٦ : ٣ ، واليافعي في مرآة الجنان ١٠٩ : ١ وغيرهم كثير.

أقول : لم أكن في مورد الاستقصاء إذ يمكن مراجعة الكتب المختصّة بذلك كإحقاق الحق وعبقات الأنوار وغيرها ، ولكن ما تراه من استفاضة في إيراد الخبر وحديث كبارهم عن صحته لا يتبقى عليك إلا الاستماع إلى إسفاف صاحب تفسير المنار ـ وكم لهم مثله ـ حيث يقول ناقلاً عن محمد عبدة قوله : الروايات متفقة على إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختار للمباهلة علياً وفاطمة وولديهما ، ويحملون كلمة نساءنا على فاطمة وكلمة أنفسنا على علي فقط ومصادر هذه الروايات الشيعة! وقصدهم منها معروف ، وقد اجتهدا في ترويجها ما استطاعوا حتى راجت على كثير من أهل السنة ، ولكن واضعيها لم يحسنوا تطبيقها .. إلخ .. «تفسير المنار ٣٢٢ : ٣».

ولا أعتقد أن القارىء الكريم بحاجة إلى تعليق بعدما رأى أن من رووها هم المعوّل عليهم في التفسير والحديث والسيرة في فكر القوم ، ومن يراجع أسانيد الأخبار الواردة في هذا المجال يعلم أنها من الأسانيد المعتمدة جداً لديهم ، وأن ما قاله عن أن الشيعة هم وراء ذلك ليس بأكثر من افتراء تعوّدنا على الكثير منه!!

(١)تفسير الرازي ٨٨ : ٨ ـ ٨٩.

١١٧

موضع الأبناء وهما ابنا أمير المؤمنين عليه‌السلام بحيث يعوداً أيضاً هذه النفس؟!

وما يثري الفضول في هذا الأمر ان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله استخدم في أكثر من مناسبة الكلمات المرادفة لكلمة النفس ، ففي مستدرك الحاكم روى عن عبدالرحمن بن عوف قوله : افتتح رسول الله مكة ثم انصرف إلى الطائف ، فحاصرهم ثمانية أو سبعة ثم أوغل غدوة أو روحة ثم نزل ثم هجر ثم قال : أيها الناس إني لكم فرط إني اوصيكم بعترتي خيراً موعدكم الحوض ، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتنَّ الزكاة ، أو لأبعثنّ عليكم رجلاً منّي أو كنفسي ، فليضربنّ أعناق مقاتليهم ، وليسبينّ ذراريهم ، قال : فرأى الناس أنه يعني أبابكر أو عمر فأخذ بيد علي فقال : هذا. (١)

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين ١٢٠ : ٢ ـ ١٢١ ، وقال : حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

أقول : ورد بألفاظ متعددة وفي مواقع عدة وبطرق مختلفة أذكر منها ما رواه أحمد في فضائل الصحابة ٥٩٩ : ٢ ح ١٠٢٤ ، وابن أبي شيبة في المصنف في الأحاديث والآثار ٣٦٩ : ٦ ح ٣٢٠٩٣ ، والنسائي في سننه ١٢٧ : ٥ ح ٨٤٥٧ ، والبزار في مسنده ٢٥٩ : ٣ ، ومعمر بن راشد في الجامع ٢٢٦ : ١١ ح ٢٠٣٨٩ ، وابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ١٣٤ : ٩ ، والهيتمي في الصواعق المحرقة : ١٢٦ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٦٤ : ١٣ ح ٣٦٤٩٧ ، والحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك ١٢٠ : ٢ ، وابن عبد البر في الاستيعاب في تمييز الأصحاب المطبوع في هامش الاصابة ٤٦ : ٣ ، والزمخشري في تفسير الكشاف ٥٥٩ : ٣ ، والآجري في الشريعة : ٣٥٦ ، ومحمد بن سليمان الكوفي في المناقب ٤٦٥ : ١ ح ٣٦٨ ، و ٤٨٨ : ١ ح ٣٨٥ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢ : ٣٤٢ ـ ٣٤٢ ، والفاكهي في أخبار مكة ١٩٤ : ٣ ، والسيوطي في الدر المنثور ٤ : ١٣٣.

ومايقرب منه لفظاً ومعنىً في مقطعه الأخير رواه المحب الطبري في الرياض النضرة ١٦٤ : ٢ ، وعبد الرزاق الصنعاني في المصنّف ٢٢٦ : ١١ ح ٢٠٣٨٩.

١١٨

ومن يلحظ عبارات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مجموعة أحاديث الأداء كقوله : لا يؤدي (لا يبلغ) عنّي إلا أنا أو علي ، أو قوله : لا يبلغ عنّي إلا أنا أو رجل منّي ، أو قوله : لا يؤدي عني إلا رجل منّي أو من أهل بيتي ، وبألفاظ أخرى مقاربة (١). وهي العبارات التي وردت في الروايات التي تحدثت عن ردّ أبي

____________________

(١) أنظر على سبيل المثال ما رواه من المحدّثين : أحمد في المسند ٣ : ١ ، و ٣ : ٢١٢ ، وفي فضائل الصحابة ٥٩٤ : ٢ ، ٥٩٩ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك ٥١ : ٣ ، والحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك ٥٢ : ٣ ، والذهبي في تذكرة الحفّاظ ٤٥٥ : ٢ ، وفي سير أعلام النبلاء ٢١٢ : ٨ ، وابن ماجة في السنن ٤٤ : ١ ح ١١٩ ، والترمذي في السنن ٢٩٩ : ٥ ـ ٣٠٠ ح ٣٨٠٣ وحسّنه ، والمباركفوري في التحفة ٣٨٥ : ٨ ، و ١٥٢ : ١٠ ، وابن أبي شيبة في المصنّف ٨٥ : ١٢ ، وابن أبي عاصم في السنّة ٥٩٨ : ٢ و ٦٠٩ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٤٢٢ : ٢ ح ٤٤٠٠ وح ٤٤٠١ ، و ٦٣ : ١١ ح ٣٢٩١٣ ، والطبراني في المعجم الكبير ١٦ : ٤ ، و ٤٠٠ : ١١ ، والقسطلاني في إرشاد الساري شرح صحيح البخاري ١٤١ : ٧ ، والعسقلاني في فتح الباري ٨٣ : ٨ و ٣٢٠ ـ ٣٢١ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣ : ٢٣٩ ووثّقه ، وفي الكافي الشاف المطبوع في هامش الكشاف ٢٤٣ : ٢ ـ ٢٤٥ ، والهيتمي في الصواعق المحرقة : ١٢٢ ، والنسائي في الخصائص : ١٤٣ ح ٧٤ ، وفي فضائل الصحابة ١٥ : ١ ، وابن الأثير في جامع الأصول ٦٥٢ : ٨ ح ٦٤٩٣ و ٦٦٠ : ٨ ح ٦٥٠٨ ـ ٦٥٠٦ ، وأبي يعلى الموصلي في مسنده ١٠٠ : ١ ، والشاشي في مسنده ١٢٦ : ١ ، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ٢٦١ : ١ ب ١٨ ح ١ والمناوي في فيض القدير ٣٥٧ : ٤ ، وأخطب خوارزم في المناقب : ١٦٥ ح ١٩٦ ـ ١٩٧ ، والبغوي في المصابيح ٢٧٥ : ٢ ، والتبريزي في مشكاته ٢٤٣ : ٢ ، والملا علي القاري في المرقاة ٤٦٤ : ١٠ ، والسيوطي في الجامع الصغير ٥٦ : ٢ ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ٢٢٩ : ٢ ، وفي ذخائر العقبى : ٦٩ ، وابن طلحة في مطالب السؤول : ٨٤ ، وابن كثير في البداية والنهاية : ٣٧ : ٥ ، وابن الصباغ في الفصول : ٣٩ ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة : ٤٢ ـ ٤٣ ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب : ٢٢٣ ـ ٢٢٨ بأسانيد متعددة ، والشبلنجي في نور الأبصار : ١٣٨ ، والصبّان في اسعاف الراغبين : ١٤٠ ، وابن حبان في الثقات ٩ : =

١١٩

____________________

= ٢٩ ، والضياء المقدسي الحنبلي في الأحاديث المختارة ١٧٢ : ٦ ، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ ٢٧٨ : ١ ، والعجلوني في كشف الخفاء ٢٣٦ : ١ ، وابن قانع في معجم الصحابة ١٩٨ : ١ ، والشيباني في الآحاد والمثاني ١٨٣ : ٣ ح ١٥١٤ ، والسمعاني في قواطع الأدلة في الأصول ٢٢ : ٢.

ومن المفسّرين أذكر كمثال : ابن جرير الطبري في تفسيره ٤٦ : ١٠ ـ ٤٧ ، والجوزي في زاد المسير في علم التفسير ٢٦٦ : ٣ ، والبيضاوي في التفسير ١٦٧ : ٢ ، والرازي في التفسير ٢٢٦ : ١٥ ـ ٢٢٧ ، والنيسابوري في غرائب القرآن ورغائب الفرقان المطبوع في هامش تفسير الطبري ٣٦ : ١٠ ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ٢٣٢ : ١ فما بعدها بأسانيد كثيرة ، والبغوي في معالم التنزيل ٨٩ : ٣ ، والجاوي في تفسير المنير في معالم التنزيل ٣٣٠ : ١ ، والخازن في التفسير ٢ : ٢٠٠ ، وأبي السعود في تفسيره ٤١ : ٤ ، والنسفي في التفسير ١٩٩ : ٢ ، وابن العربي في أحكام القرآن : ٨٩٧ ـ ٨٩٩ ، والسيوطي في الدر المنثور ٣ : ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، والزمخشري في الكشاف ١٧٢ : ٢ ـ ١٧٣ ، والشوكاني في فتح القدير ٣٣٤ : ٢ ، وابن كثير في تفسيره ٣٤٦ : ٢ ـ ٣٤٧ ، ورشيد رضا في تفسير المنار ١٥٩ : ١٠ ، والآلوسي في روح المعاني ٤٤ : ٥ ـ ٤٥ ، وسيد قطب في في ظلال القرآن ١٢٢ : ٤.

ومن المؤرخين والرجاليين أذكر منهم : ابن هشام في السيرة النبوية ٢٣٢ : ٥ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١٥٥ : ٢ ، ابن أبي الحديد في شرح النهج ٦ : ٤٥ ، والطبري في التأريخ ١٩٢ : ٢ ، وفي المنتخب من كتاب ذيل المذيل من تاريخ الصحابة والتابعين : ٦٧ ، وابن الأثير في الكامل ٢٩١ : ٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٩٥ : ٢ ، وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية ٢١٣ : ٥ ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : ١٦٩ ، والشهرستاني في الملل والنحل ١٦٣ : ١ ، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٤٤٢ : ٢ و ٢٥٦ : ٣ ، وقد نقض تضعيفه لأحد طرق السند أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال ٣٥٠ : ٥ ، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان ٢٥٣ : ١ ، وابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ٣٩٣ : ٤ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق بأسانيد عدة وطرق مختلفة ٣٤٤ : ٤٢ ـ ٣٤٩.

ومن المتكلمين أذكر منهم : الباقلاني في تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ١ :

١٢٠