الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-172-6
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٢٦

المرسلات عن النبي «صلى الله عليه وآله» (١).

٢١ ـ تصويب الصحابة وغيرهم في اجتهاد الرأي :

قد يقال : إن الاجتهاد معناه :

أن المجتهدين قد يصيبون في اجتهادهم ، وقد يخطئون ؛ فلا بد لنا نحن من معرفة الصواب من الخطأ في ذلك. فإن الاجتهاد إذا كان عذرا لهم إذا أخطأوا فليس عذرا لنا في متابعتهم على الخطأ ، ولا سيما بعد ظهوره لنا.

فجاء العلاج ليقول : أما بالنسبة لفتاواهم في الأحكام ، فإنهم مصيبون جميعا في اجتهادهم ؛ فقد قال الشهاب الهيثمي في شرح الهمزية على قول البوصيري عن الصحابة : «كلهم في أحكامه ذو اجتهاد ـ أي صواب ـ وكلهم أكفاء» (٢).

وأما بالنسبة لما جرى بين الصحابة من الفتن ، فهو أيضا اجتهاد منهم ؛ وقد يقال بصواب هذا الاجتهاد من الجميع أيضا ، فقد قال الآمدي :

«وعلى هذا ، فإما أن يكون كل مجتهد مصيبا ، أو أن المصيب واحد ، والآخر مخطئ في اجتهاده ، وعلى كلا التقديرين ، فالشهادة والرواية من الفريقين لا تكون مردودة ، أما بتقدير الإصابة فظاهر ، وأما بتقدير الخطأ مع الاجتهاد فبالإجماع» (٣).

__________________

(١) الكفاية في علم الرواية ص ٣٩٢ وقواعد في علوم الحديث للتهانوي ص ١٣٩ و ١٤١.

(٢) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٦٦ وراجع ص ٣٦٤ و ٣٦٥.

(٣) الأحكام في أصول الأحكام ج ٢ ص ٨٢ والسنة قبل التدوين ص ٤٠٤ عنه.

٢٤١

وعن العنبري في أشهر الروايتين عنه : «إنما أصوب كل مجتهد في الذين يجمعهم الله. وأما الكفرة فلا يصوبون» (١).

وقال الشوكاني : «ذهب جمع جم إلى أن كل قول من أقوال المجتهدين فيها (أي في المسائل الشرعية التي لا قاطع فيها) حق وأن كل واحد منهم مصيب ، وحكاه الماوردي والروياني عن الأكثرين.

قال الماوردي : وهو قول أبي الحسن الأشعري والمعتزلة».

إلى أن قال : «وقال جماعة منهم أبو يوسف :

إن كل مجتهد مصيب ، وإن كان الحق مع واحد ، وقد حكى بعض أصحاب الشافعي عن الشافعي مثله».

إلى أن قال : «فمن قال : كل مجتهد مصيب ، وجعل الحق متعددا بتعدد المجتهدين فقد أخطأ» (٢).

وقال حول حجية الإجماع :

«فغاية ما يلزم من ذلك أن يكون ما أجمعوا عليه حقا ، ولا يلزم من كون الشيء حقا وجوب اتباعه ؛ كما قالوا : إن كل مجتهد مصيب ، ولا يجب على مجتهد آخر اتباعه في ذلك الاجتهاد بخصوصه» (٣).

وقال الأسنوي حول الاجتهاد وفي الواقعة التي لا نص عليها : فيها قولان :

__________________

(١) إرشاد الفحول. ص ٢٥٩.

(٢) إرشاد الفحول ص ٢٦١.

(٣) إرشاد الفحول ص ٧٨.

٢٤٢

«أحدهما : أنه ليس لله تعالى فيها قبل الاجتهاد حكم معين بل حكم الله تعالى فيها تابع لظن المجتهد.

وهؤلاء هم القائلون بأن كل مجتهد مصيب ، وهم الأشعري ، والقاضي ، وجمهور المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة الخ» (١).

ونقل عن الأئمة الأربعة ، ومنهم الشافعي ، التخطئة والتصويب فراجع (٢).

٢٢ ـ النبي صلّى الله عليه وآله يجتهد ويخطئ :

لقد أظهرت الروايات التي زعموها تاريخا لرسول الله «صلى الله عليه وآله» : أن النبي «صلى الله عليه وآله» يجتهد ويخطئ في اجتهاده. ويجتهد عمر فيصيب ، فتنزل الآيات لتصوّب رأي عمر وتخطّئ النبي «صلى الله عليه وآله» كما زعموه في وقعة بدر الكبرى ، في قضية فداء الأسرى (٣) وآية الحجاب وغيرها.

ولأجل ذلك تجدهم يقرون بأن النبي «صلى الله عليه وآله» يخطئ في اجتهاده ، ولكن لا يقرر على الخطأ (٤).

__________________

(١) نهاية السؤل ج ٤ ص ٥٦٠ وراجع ص ٥٥٨ وراجع : الأحكام للآمدي ج ٤ ص ١٥٩.

(٢) نهاية السؤل ج ٤ ص ٥٦٧.

(٣) سيأتي تفصيل ذلك ، وبيان فساده حين الحديث حول غزوة بدر.

(٤) راجع : أصول السرخسي ج ٢ ص ٣١٨ وص ٥ و ٩٦ و ٩١ وإرشاد الفحول ص ٣٥ ونهاية السؤل ج ٤ ص ٥٣٧ والأحكام في أصول الأحكام ج ٤ ص ١٨٧ واجتهاد الرسول ص ١٢٢ ـ ١٢٤ عن العديد من المصادر.

٢٤٣

ولكن قولهم : إنه «صلى الله عليه وآله» لا يقرر على خطئه لا يتلاءم مع ما يروونه عنه «صلى الله عليه وآله» من أخطاء في اجتهاده ، مع عدم صدور رادع عنه ، كما هو الحال في قصة تأبير النخل ، حيث لم يرد ما يرفع خطأه ، ووقع الناس نتيجة لذلك في الخسارة والفشل (١) فراجع.

٢٣ ـ سهو النبي صلّى الله عليه وآله ونسيانه :

وأما بالنسبة لسهو النبي «صلى الله عليه وآله» ونسيانه ، واعترافه هو بذلك (٢) ، فذلك حدّث عنه ولا حرج.

وستأتي قصة ذي الشمالين ، وسهو النبي «صلى الله عليه وآله» في صلاته ، بعد غزوة بدر إن شاء الله تعالى. فإذا جاز على النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك ، فإن أهدافا كثيرة يمكن تحقيقها عن هذا الطريق ، ويمكن تصحيح روايات عديدة تخدم هوى سياسيا أو مذهبيا بعينه.

٢٤ ـ عصمة الأمة عن الخطأ :

وإذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» يخطئ في اجتهاده ، فإن الأمة معصومة عن الخطأ ، بل سيأتي حين الحديث حول صحة ما في البخاري ومسلم :

أن ظن الأمة لا يخطئ أيضا ، أي أنه إذا حصل إجماع بعد الخلاف ؛ فإن ذلك يلغي أي تشكيك بصحة ما أجمعوا عليه ، بل لا بد من الحكم بصحته

__________________

(١) سيأتي الحديث عن قصة تأبير النخل في هذا الكتاب أيضا إن شاء الله تعالى.

(٢) راجع على سبيل المثال : إرشاد الفحول ص ٣٥ والأحكام في أصول الأحكام ج ٤ ص ١٨٧ و ١٨٨ واجتهاد الرسول.

٢٤٤

وصوابه ، لأن الأمة معصومة (١).

وقد واجه القائلون بعصمة الأمة فكرة أن تكون الأمة أعلى رتبة من النبي «صلى الله عليه وآله» ، فكيف وجب عليها طاعته واتباعه؟! فأزعجهم ذلك ، وحاولوا التخلص منها ، فما أفلحوا في ذلك فراجع (٢).

٢٥ ـ الإجماع : نبوة بعد نبوة :

وقد يحتاج الحاكم أحيانا من أجل تثبيت سلطانه ، وإحكام قبضته على مقدرات الشعوب إلى التصرف في بعض الشؤون العقائدية ، أو الفقهية الثابتة ، أو المفاهيم الدينية ، فيواجه اعتراضا من علماء الأمة ، وأهل الفضل والدين.

فلا بد إذن من إيجاد تبرير لما يقدم عليه من تصرف ، ومن تغيير في الدين وأحكامه ، ورسومه وأعلامه ؛ فجاءت القاعدة لتقول : إنه إذا حصل ذلك ، واستطاع أن يحصل على موافقة الناس في عصره ،

__________________

(١) راجع : تهذيب الأسماء ج ١ ص ٤٢ وراجع : الإلمام ج ٦ ص ١٢٣ والباعث الحثيث ص ٣٥ وشرح صحيح مسلم للنووي (مطبوع بهامش إرشاد الساري) ج ١ ص ٢٨.

وراجع : نهاية السؤل ج ٣ ص ٣٢٥ وسلم الوصول ج ٣ ص ٣٢٦ وعلوم الحديث لابن الصلاح ص ٢٤ ، وإرشاد الفحول ص ٨٢ و ٨٠ والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج ٤ ص ١٨٨ و ١٨٩.

(٢) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ج ٤ ص ١٨٨. فقيه ما يستفاد منه ذلك ، وناقشه بما لا يجدي ، وكذا في كتاب : اجتهاد الرسول ص ١٤١ و ١٤٢ عن مصادر أخرى.

٢٤٥

وإجماعهم ، فإن هذا الإجماع يصبح تشريعا إلهيا ، ولا مجال لنقضه ، ولا لمعارضته ، والاعتراض عليه ، إلا بتحصيل إجماع مثله وذلك لأن الإجماع نبوة بعد نبوة (١).

وهو حجة قاطعة للعذر ، متى انعقد ، وفي أي عصر كان (٢).

وكنموذج من ذلك نشير إلى :

أن هذا ما حدث بالفعل بالنسبة إلى الخلافة الإسلامية ، فقد كان ثمة إجماع على اشتراط القرشية في خليفة المسلمين ، حتى جاء السلطان سليم إلى مصر ، وخلع الخليفة القرشي ، وتسمى هو بالخليفة ، وألغى عمليا هذا الشرط ، ثم أجمعت الأمة على إلغائه ولا تزال ، وأصبح عدم القرشية من الدين ، كما كانت القرشية من الدين في السابق.

٢٦ ـ ظن المعصوم لا يخطئ :

وبعد ، فإنه إذا كانت الأمة معصومة ، وكان أفراد الصحابة مصيبين في اجتهاداتهم كلها ولا يخطئون ، فإن ضابطة أخرى لا بد من مراعاتها ، لأنها تنفع في حل مشكلات كثيرة تواجههم.

__________________

(١) راجع : المنتظم ج ٩ ص ٢١٠ والإلمام ج ٦ ص ١٢٣ والإحكام في أصول الأحكام ج ١ ص ٢٠٤ و ٢٠٥ وبحوث مع أهل السنة والسلفية ص ٢٧ عن المنتظم.

(٢) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ج ١ ص ٢٠٨ وتهذيب الأسماء ج ١ ص ٤٢ والنشر في القراءات العشر ج ١ ص ٧ و ٣٣ و ٣١. وأي كتاب أصولي ، يبحث حول حجية الإجماع ، وفق مذاق أهل السنة.

٢٤٦

وهي قاعدة : ظن المعصوم عن الخطأ ، لا يخطئ (١).

وسيأتي استدلالهم بهذه القاعدة في مورد حساس في هذا البحث بالذات.

٢٧ ـ اجتهاد الفقهاء يقدم على النص :

وحين ظهر أن كثيرا من اجتهادات أئمة المذاهب تخالف النص الوارد عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقد أجازوا مخالفة نص رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، والالتزام بآراء أئمة مذاهبهم.

فقد قال البعض ، وهو يتحدث عن الشافعية :

والعجب منهم من يستجيز مخالفة الشافعي لنص له آخر في مسألة بخلافه ، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول الله «صلى الله عليه وآله» (٢).

ونقول : إن ملاحظة طريقتهم في التعامل مع الحديث ، ومع فتاوى أئمتهم تعطينا :

أن ذلك لا ينحصر بالشافعي وأصحابه ، بل هو ينسحب على غيرهم من أتباع المذاهب الأخرى الأربعة ، وغيرها أيضا.

وقد أحصى ابن القيم في أعلام الموقعين حوالي مئة حديث لم يأخذ بها مقلدة الفقهاء ، حسبما يتضح من مراجعة الأحاديث المبثوثة في الكتب المعتبرة لدى أهل السنة.

__________________

(١) الباعث الحثيث ص ٣٥ وعلوم الحديث لابن الصلاح ص ٢٤ وشرح صحيح مسلم (بهامش إرشاد الساري) ج ١ ص ٢٨.

(٢) مجموعة المسائل المنيرية ص ٣٢.

٢٤٧

وذكر سبط ابن الجوزي جملة من أحاديث الصحيحين لا يأخذ بها الشافعية ، لما ترجح عندهم مما يخالفها ، ورد أبو حنيفة على رسول الله أربع مئة حديث أو أكثر.

وفي رواية : وردّ مئتي حديث.

بل قال حماد بن سلمة : إن أبا حنيفة استقبل الآثار والسنن فردها برأيه (١).

٢٨ ـ القياس ، والرأي ، والاستحسان :

ثم ومن أجل سد النقص الناتج عن ابتعاد الناس عن حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وابتعادهم عن أئمة أهل البيت «عليهم السلام» ، فقد قرروا إجازة العمل بالقياس ، والرأي ، والاستحسان ، وما إلى ذلك.

وقد كتب الخليفة عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري :

«فاعرف الأشباه والأمثال ، ثم قس الأمور بعضها ببعض ، أقربها إلى الله ، وأشبهها بالحق ، فاتبعه ، واعمد إليه» (٢).

وقال لشريح : «فإن لم تعلم كل ما قضت به الأئمة المهتدون ، فاجتهد رأيك».

__________________

(١) راجع ما تقدم : في أضواء على السنة المحمدية ص ٣٧٠ و ٣٧١.

(٢) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص ١٥٥ والكامل في الأدب ج ١ ص ١٣ وأعلام الموقعين ج ١ ص ٨٦.

وراجع : سنن الدارقطني ج ٤ ص ٢٠٦ و ٢٠٧ وراجع : المحلى ج ١ ص ٥٩ وعيون الأخبار لابن قتيبة ج ١ ص ٦٦.

٢٤٨

أو قال : «ولم يتبين لك في السنة فاجتهد فيه رأيك» (١).

وقد عمل بالرأي كل من أبي بكر ، (٢) وابن مسعود ، وعثمان ، وعمر (٣) وغيرهم من الصحابة ، فراجع.

وقد كان من نتيجة ذلك أن : «استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة» على حد تعبير ابن أبي الحديد المعتزلي (٤).

وقد أعلن الأئمة «عليهم السلام» رفضهم لهذا النهج ، وأدانوه بشدة وإصرار ، ورفضه غيرهم أيضا.

وقد قال الشعبي في إشارة إلى رفض العمل بالرأي :

ما حدثوك عن أصحاب محمد «صلى الله عليه وآله» فخذ به ، وما قالوا برأيهم ، فبل عليه (٥).

وقال ابن شبرمة : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد بن علي ، فقال له جعفر :

«اتق الله ، ولا تقس الدين برأيك ، فإنا نقف غدا نحن وأنت ، ومن خلفنا بين يدي الله تعالى ، فنقول : قال الله ، قال رسول الله «صلى الله عليه

__________________

(١) تهذيب تاريخ دمشق ج ٦ ص ٣٠٧.

(٢) الإحكام في أصول الأحكام ج ٤ ص ١٦٢ ، وقد تقدمت بقية المصادر في فقرة رقم : ١١ رأي الصحابي حيث لا نص ، فراجع.

(٣) الإحكام في أصول الأحكام ج ٤ ص ١٦٢ والمحلى ج ١ ص ٦١.

(٤) شرح النهج ج ١٢ ص ٨٤.

(٥) شرف أصحاب الحديث ص ٧٤.

٢٤٩

وآله» ، وتقول أنت وأصحابك :

سمعنا ورأينا ، فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء (١).

٢٩ ـ ما دل عليه القياس ينسب للنبي صلّى الله عليه وآله :

وقد أراد العاملون بالقياس إضفاء هالة من القدسية على آرائهم ، وتكريسها كمعيار عملي ، ونهج فكري ، ثابت ومقبول ، فسمحوا بنسبة ما دل عليه القياس إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وإن لم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» قد قاله.

يقول البعض : «استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دل عليه القياس الجلي إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» نسبة قولية.

فيقولون في ذلك : قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : كذا ..

ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة ؛ لأنها تشبه فتاوى الفقهاء ، ولأنهم لا يقيمون لها سندا» (٢).

٣٠ ـ لا اجتهاد بعد اليوم :

ومن أجل تكريس المذاهب الأربعة ، ولكي لا يفكر أحد بالتعدي عنها ، وتكون هي المعيار والضابطة دون سواها ؛ فقد قرروا :

أنه لا يحق لأحد أن يجتهد في هذه العصور المتأخرة إلا في حدود

__________________

(١) شرف أصحاب الحديث ص ٧٦.

(٢) الباعث الحثيث ص ٨٥ عن السخاوي في شرح ألفية العراقي ص ١١ والمتبولي في مقدمة شرحه الجامع الصحيح.

٢٥٠

المذهب الذي ينتسب إليه ، أو في دائرة خصوص مذاهب الأئمة الأربعة ، ووفق أصول محددة لا مجال للتعدي عنها.

ذكر ابن الصلاح : «أنه يتعين تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم ؛ لأن مذاهب الأربعة قد انتشرت ، وعلم تقييد مطلقها ، وتخصيص عامها ، ونشرت فروعها ؛ بخلاف مذهب غيرهم» (١).

وقال الشيخ محمد نجيب المطيعي : «قد بنى ابن الصلاح على ما قاله إمام الحرمين قوله بوجوب تقليد واحد من الأئمة الأربعة دون غيرهم ..

إلى أن قال : بل الحق : أنه إنما منع من تقليد غيرهم ، لأنه لم تبق رواية مذاهبهم محفوظة ..

إلى أن قال : امتنع تقليد غير هؤلاء الأئمة الأربعة من الصحابة وغيرهم ، لتعذر نقل حقيقة مذاهبهم ، وعدم ثبوته حق الثبوت» (٢).

ونقل محمد فريد وجدي عن بعضهم :

أنه بعد الماءتين كان الواجب على كل من المقلدين والمجتهدين المنتسبين أن ينتموا لمذهب واحد معين من المجتهدين المستقلين.

وأما من نشأ من المسلمين بعد المئة الرابعة إلى زمن صاحب كتاب (الإنصاف في بيان سبب الاختلاف) ، فهم إما عامي أو مجتهد منتسب ، فيجب على العامي تقليد المجتهد المنتسب لا غير ، لامتناع وجود المستقل

__________________

(١) نهاية السؤل في شرح منهاج الأصول ج ٤ ص ٦٣٢.

(٢) سلم الوصول لشرح نهاية السؤل ج ٤ ص ٦٣١.

٢٥١

من هذا التاريخ حتى اليوم (١).

من ترك التقليد خرج من الإسلام :

قال التهانوي الحنفي : «ومن ترك هذا التقليد ، وأنكر اتباع السلف ، وجعل نفسه مجتهدا أو محدثا ، واستشعر من نفسه أنه يصلح لاستنباط الأحكام ، وأجوبة المسائل من القرآن والحديث في هذا الزمان ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، أو كاد أن يخلع ، فأيم الله لم نر طائفة يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية إلا هذه الطائفة المنكرة لتقليد السلف ، الذامة لأهلها الخ ..» (٢).

وقال المقريزي : «ولي بمصر القاهرة أربعة قضاة ، وهم شافعي ، ومالكي ، وحنفي ، وحنبلي ؛ فاستمر ذلك من سنة خمس وستين وست مئة ، حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب أهل الإسلام سوى هذه المذاهب الأربعة ، وعقيدة الأشعري ، وعملت لأهلها المدارس ، والخوانك ، والزوايا ، والربط في سائر ممالك الإسلام ، وعودي من تمذهب بغيرها ، وأنكر عليه ، ولم يول قاض ، ولا قبلت شهادة أحد ، ولا قدم للخطابة والإمامة والتدريس أحد ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب ، وأفتى فقهاء هذه الأمصار في طول هذه المدة بوجوب اتباع هذه المذاهب ، وتحريم ما عداها ، والعمل على هذا إلى اليوم» (٣).

__________________

(١) راجع : دائرة معارف القرن العشرين لوجدي ج ٣ ص ٢٢٣.

(٢) قواعد في علوم الحديث ص ٤٦٢.

(٣) الخطط والآثار للمقريزي ج ٢ ص ٣٣٤.

٢٥٢

وقد ذكر ابن الفوطي ما يدل على أن رسم التمذهب بالمذاهب الأربعة في بغداد ، والمنع من ذكر آراء غيرهم قد كان قبل هذا التاريخ بحوالي عشرين سنة أو أكثر ، فراجع كلامه حول افتتاح المدرسة المستنصرية ، ثم رسم تعليم المذاهب الأربعة فيها ، والمنع مما عداها (١).

وقد كان ابن الصلاح المتوفى سنة ٦٤٣ ه‍. قد أفتى بحرمة الخروج على تقليد الأئمة الأربعة ، مستدلا له بإجماع المحققين (٢).

تكريس المذاهب بالأموال :

ونقل البعض : أن العباسيين في بغداد طلبوا من أهل المذاهب أموالا ، فلم يستطع الشيعة تأمين المال المطلوب ، لكن الحنفية ، والمالكية ، والحنبلية ، والشافعية قد دفعوا المال المطلوب لأجل اتساع حالهم ، وتيسر المال لديهم ، وكان ذلك في زمن الشريف المرتضى المتوفى سنة ٤٣٦ ه‍. فآل ذلك إلى تكريس المذاهب في الأربعة ، واتفقوا على بطلان ما عداها ، وجوزوا الاجتهاد في المذهب ، ولم يجوزوا الاجتهاد عن المذهب (٣).

وقد فصل ابن قيم الجوزية أقوال القائلين بانسداد باب الاجتهاد ، وزمان ذلك الانسداد ، وقولهم : لا يجوز الاختيار بعد الماءتين ، وناقش تلك الأقوال ، فراجع (٤).

__________________

(١) تاريخ حصر الاجتهاد ص ١٠٥ ـ ١٠٧.

(٢) المصدر السابق ص ١٠٨.

(٣) راجع : رياض العلماء ج ٤ ص ٣٣ و ٣٤.

(٤) أعلام الموقعين ج ٢ ص ٢٧٥ ـ ٢٧٨. والاجتهاد في الإسلام ص ٢١٨ ـ ٢٤٦.

٢٥٣

التمهيد للتقليد :

وقد لاحظنا : أنهم ، وهم يحكمون على من مارس الاجتهاد ، ولم يقلد من يحبون ، أو من استشعر من نفسه أنه يصلح لاستنباط الأحكام ، بالمروق من الدين ، وخلع ربقة الإسلام من عنقه ، حسبما تقدم عن التهانوي ، قد مهدوا لسد باب الاجتهاد ، ولكن بذكاء حينما ناقشوا أولا مسألة خلو العصر من المجتهد ، فلما جوزوه ، انتقلوا إلى القول بأن الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم.

فقد «حكى الزركشي في البحر عن الأكثرين : أنه يجوز خلو العصر من المجتهد ، وبه جزم صاحب المحصول.

قال الرافعي : الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم.

قال الزركشي : ولعله أخذه من كلام الإمام الرازي ، أو من قول الغزالي في الوسيط : قد خلا العصر من المجتهد المستقل» (١).

وقد ناقشهم الشوكاني ، وأبطل هذا الزعم منهم ، فراجع كلامه (٢).

ويقول نص آخر : «قد استدل بما صرح به الإمام حجة الإسلام قدس سره ، والرافعي ، والقفال بأنه وقع في زماننا هذا الخلو» (أي من المجتهد).

إلى أن قال : «من الناس من حكم بوجوب الخلو من بعد العلامة النسفي ، واختتم الاجتهاد به. وعنوا الاجتهاد في المذهب».

أما الاجتهاد المطلق ، فقالوا : «اختتم بالأئمة الأربعة ، حتى أوجبوا

__________________

(١) إرشاد الفحول ص ٢٥٣.

(٢) إرشاد الفحول ص ٢٥٣ و ٢٥٤.

٢٥٤

تقليد واحد من هؤلاء على الأمة» (١).

ومهما يكن من أمر ، فإن سد باب الاجتهاد إنما هو لدى فريق معين غير الشيعة ، أما شيعة الأئمة الاثني عشر «عليهم السلام» ، وأتباعهم ، فهم في غنى عن كل هذا ، فهم يفتحون باب الاجتهاد على مصراعيه ، ويمارسونه بصورة مطردة على مر التاريخ ، وإلى يومنا هذا ، وهذه نعمة كبرى ، هي نعمة العلم والفهم حباهم الله بها ، وحرم الآخرون أنفسهم منها ، وقديما قيل : على نفسها جنت براقش.

مع تبريرات وجدي :

أما محمد فريد وجدي فقد اعتبر : أن السبب في دعوى انسداد باب الاجتهاد ، هو ما طرأ على المسلمين من جمود اجتماعي ، وقصور عن فهم أسرار الشريعة ، فستروا ذلك بالدعوى المذكورة ، والحقيقة أنه مفتوح بنص الكتاب والسنة إلى يوم القيامة. (٢) لكن ملاحظتنا التي نريد تسجيلها هنا هي :

أولا : لماذا قصرت أفهام المسلمين عن فهم أسرار الشريعة؟!

وهل دعوى هذا القصور صحيحة من أساسها؟!

ثانيا : ما فائدة فتح باب الاجتهاد ، مع وجود ذلك القصور عن الفهم؟!

وماذا يفيد فتح باب لا يجرؤ أحد على الولوج فيه ، أو لا يستطيع الولوج أصلا؟!.

__________________

(١) فواتح الرحموت ج ٢ ص ٣٩٩ والاجتهاد في الإسلام ص ٢١٩.

(٢) دائرة معارف القرن العشرين ج ٣ ص ١٩٧.

٢٥٥

لا اجتهاد عند الفريسيين في اليهود :

وقد كنا نحب أن نعرف : إن كان ثمة ارتباط بين ما يقال عن سد باب الإجتهاد لدى هؤلاء ، وبين ما يقوله الفريسيون من اليهود ، من أنه لا اجتهاد (١).

٣١ ـ التقديس الأعمى حتى للحديث المكذوب :

أما بالنسبة لما تناقلوه على أنه حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقد حاولوا إضفاء هالة من التقديس الأعمى عليه ، وكأنه نفس كلامه الصادر عنه «صلى الله عليه وآله» مع أن أكثره محض اختلاق ، وتزوير.

وقد قدست كتب بأكملها على هذا الأساس ، فراجع ما يذكرونه عن صحيح البخاري ، وموطأ مالك ، وسنن أبي داود ، وغير ذلك.

بل لقد حرصوا على المنع من مناقشة الحديث ، حتى ولو خالف العقل ، والوجدان ، وضرورة العقل ، والتاريخ القطعي ؛ لأن السماح بالمناقشة فيه لسوف يبرر المناقشة ثم التشكيك في أمور هي أكثر أهمية وحساسية بالنسبة إليهم.

وقد تصدى الحكام لمواجهة ذلك بصورة قوية وصارمة وحازمة ، لا سيما وأن ذلك قد مكنهم من توجيه الناس حيثما يريدون ، وكيفما يشاؤون ، من خلال حفنة من وعاظ السلاطين ، لا يتورعون عن الإختلاق والإفتراء ، حتى على الله ورسوله ، دونما مانع من دين ، أو رادع من وجدان.

وقد روى بعض هؤلاء المرتزقة عن النبي «صلى الله عليه وآله» محاجة

__________________

(١) راجع : مقارنة الأديان (اليهودية) ص ٢٢٣.

٢٥٦

جرت بين آدم وموسى «عليهما السلام» ؛ فحج آدم موسى!! فاعترض البعض بأنه : متى اجتمع آدم وموسى؟ فتدخل الخليفة ودعا بالنطع والسيف ليقتل ذلك المعترض المستفهم ، بحجة أنه زنديق يكذب بحديث رسول الله «صلى الله عليه وآله»!! (١).

بل لقد كان الاتهام بالزندقة هو الوسيلة الميسورة للتخلص حتى ممن لا يرى الصلاة خلف الخليفة العاتي والمتجبر (٢).

٣٢ ـ أصح الكتب بعد القرآن :

وقد يعترض البعض : بأن في البخاري ، ومسلم ، وغيرهما من كتب الصحاح أحاديث كثيرة تضمنت ما يخالف الحقائق الثابتة ، وصريح العقل والوجدان.

فجاء الرد : أن البخاري أجلّ كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله (٣).

وما قرئ في كربة إلا فرجت ، ولا ركب به في مركب فغرقت. ويستسقى بقراءته الغمام ، وأجمع على قبوله ، وصحة ما فيه أهل الإسلام (٤).

__________________

(١) راجع : تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٧ و ٨ والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٢١٥ والبصائر والذخائر ج ١ ص ٨١ وتاريخ الخلفاء ص ٢٨٥.

(٢) البداية والنهاية ج ١٠ ص ١٥٣.

(٣) إرشاد الساري ج ١ ص ٢٩.

(٤) إرشاد الساري ج ١ ص ٢٩. وراجع : تدريب الراوي ج ١ ص ٩٦ وفتح الباري (المقدمة) ص ١١ وتذكرة السامع والمتكلم ص ١٢٧ (هامش) عن مفتاح السعادة ص ١٢٧ وقال : إن السلف والخلف قد أطبقوا على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى.

٢٥٧

وقال أبو نصر السجزى : «أجمع أهل العلم والفقهاء ، وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق : أن جميع ما في كتاب البخاري ، مما روي عن النبي «صلى الله عليه وآله» قد صح عنه ، ورسول الله «صلى الله عليه وآله» قاله ، لا شك فيه ، لا يحنث ، والمرأة بحالها في حبالته» (١).

وقالوا : أصح كتب بعد كتاب الله الصحيحان : البخاري ، ومسلم (٢).

بل قال البعض : «اتفق علماء الشرق والغرب على أنه ليس بعد كتاب الله أصح من صحيحي البخاري ومسلم» (٣).

وعن سنن أبي داود يقول ابن الأعرابي : «لو أن رجلا لم يكن معه من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله ، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة» (٤).

٣٣ ـ هذا الإجماع ظن لا يخطئ :

ولعلك تقول : إجماع الأمة على صحة ما في الصحيحين لا يمنع من كون بعض ما فيهما خطأ ، لأن حجية الخبر وإن كانت قطعية ، ولكن ذلك لا

__________________

(١) علوم الحديث ، لابن الصلاح ص ٢٢.

(٢) راجع : فتح الباري (المقدمة) ص ٨ وتدريب الراوي ج ١ ص ٩١ وعلوم الحديث لابن الصلاح ص ١٤ والخلاصة في أصول الحديث ص ٣٦ وعلوم الحديث ومصطلحه ص ٣٩٦ و ٣٩٩ والغدير ج ٩ ص ٣٥ عن شرح صحيح مسلم للنووي.

(٣) عمدة القاري ج ١ ص ٥.

(٤) راجع : تذكرة السامع والمتكلم (هامش) ص ١٢٨ عن تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٣ ص ٢١٠.

٢٥٨

يمنع من كون مضمونه مظنونا ، لكنه من الظن الذي هو حجة ، والظن الحجة قد يخطئ الواقع أيضا.

فيأتيك الرد : «ظن المعصوم عن الخطأ لا يخطئ ، والأمة في إجماعها معصومة عن الخطأ» (١).

وحول تلقي الأمة للصحيحين بالقبول قال ابن كثير : «لأن الأمة معصومة عن الخطأ ، فما ظنت صحته ، ووجب عليها العمل به ، لا بد أن يكون صحيحا في نفس الأمر ، وهذا جيد» (٢).

رواية الصحاح عن الخوارج والمبتدعة :

وتسجل إدانة لكتب الصحاح خصوصا البخاري ومسلم ، وهي روايتهم عن الخوارج ، والمبتدعة ، حتى إن البخاري ومسلما ، وسائر أصحاب الصحاح قد رووا عن الخوارج والمبتدعة ، مثل عمران بن حطان ، وهو من أكبر الدعاة إلى البدعة (٣) ، فإنه مادح ابن ملجم على قتله وصي النبي «صلى الله عليه وآله» عليا «عليه السلام».

ورووا عن كثيرين آخرين من مبغضي علي «عليه السلام» وشانئيه ، مثل :

بهز بن أسد ، وعبد الله بن سالم ، وحصين بن نمير ، وعكرمة ، وقيس بن أبي حازم ، والوليد بن كثير ، وعروة بن الزبير ، وإسحاق بن سويد ، وحريز

__________________

(١) علوم الحديث لابن الصلاح ص ٢٤ وشرح صحيح مسلم للنووي (مطبوع بهامش إرشاد الساري) ج ١ ص ٢٨.

(٢) الباعث الحثيث ص ٣٥.

(٣) الباعث الحثيث ص ١٠٠.

٢٥٩

بن عثمان ، وأزهر بن عبيد الله ، وزياد بن أبيه ، وميمون بن مهران ، وأسد بن وداعة ، ومحمد بن هارون ، ونعيم بن أبي هند ، ودحيم ، وعبد المغيث الحنبلي ، وخالد بن مسلمة (١) وعلي بن الجهم (٢) ، ومحمد بن زياد ، وعبد الله بن شقيق ، والمغيرة بن عبد الله (٣) ، وعشرات غيرهم.

وكل هؤلاء ، ومن هو على شاكلتهم ، قد حكموا لهم بالوثاقة ، ورووا عنهم ، وعظموهم ، ووصفوهم بكل جميل ، مع معروفيتهم بالنصب والبغض لعلي «عليه السلام» ، وآله الأطهار (٤).

الرواية عن الرافضة والشيعة :

ومن جهة ثانية ، فقد روى أصحاب الصحاح أيضا لبعض الشيعة والرافضة (٥) وقد ذكر الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه طائفة كبيرة من الشيعة ، أو المتهمين بالتشيع ، ممن روى لهم أصحاب الصحاح ، فراجع.

__________________

(١) راجع في جميع ما تقدم : الغدير ج ٥ ص ٢٩٣ ـ ٢٩٥ وج ٧ ص ٢٧٣ ومقدمة فتح الباري ص ٤٦٠ و ٤٦١ والكفاية في علم الرواية ص ١٢٥.

(٢) راجع : البداية والنهاية ج ١١ ص ٤ والغدير ج ٥ ص ٢٤٤.

(٣) راجع : الغدير ج ١١ ص ٨٧ وج ٣ ص ١٢٣ وج ٦ ص ١٤٣ و ١٤٤.

(٤) راجع : فتح الباري (المقدمة) ص ٤٦٠ و ٤٦١ وتدريب الراوي ج ١ ص ٣٢٨ ـ ٣٢٩.

(٥) راجع : مقدمة فتح الباري ص ٤٦٠ و ٤٦١ وراجع : الكفاية في علم الرواية ص ١٢٥.

٢٦٠