الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-172-6
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٢٦

الأمصار ، ودخلت أقطار كثيرة أو أظهرت الدخول في الإسلام ، تحت وطأة الفتوحات ، التي قامت بها السلطة الحاكمة آنذاك؟

وكان أن تضخمت الحالة السكانية ، واتسعت رقعة العالم الإسلامي ، في فترة قصيرة جدا ، وبسرعة هائلة.

لقد كان من الطبيعي : أن يأخذ هؤلاء الوافدون جديدا على الإسلام ثقافتهم الدينية من الناس الذين التقوا بهم ، وعاشوا معهم ، أو تحت سلطتهم وهيمنتهم.

فإذا كان هؤلاء ضائعين ، جاهلين بأحكام الشريعة ، وبحقائق الدين ، فما ظنك بالتابعين لهم والآخذين عنهم؟ فإنهم سوف لا يأخذون عنهم إلا ثمرات ذلك الجهل ، وآثار ذلك الضياع.

نصوص وشواهد :

ومن الشواهد على هول ما حدث : أننا نقرأ عن عدد من الصحابة وغيرهم : أنهم قد تنبهوا للمأساة ، وعبروا عنها بأنحاء مختلفة.

ونذكر من ذلك هنا النصوص التالية :

١ ـ قد تقدم قول أمير المؤمنين «عليه السلام» : لم يبق من الإسلام إلا اسمه ، ومن الدين إلا رسمه.

٢ ـ روى الإمام مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه ، أنه قال : «ما أعرف شيئا مما أدركت الناس عليه إلا النداء بالصلاة» (١).

__________________

(١) الموطأ (المطبوع مع تنوير الحوالك) ج ١ ص ٩٣ وجامع بيان العلم ج ٢ ص ٢٤٤.

١٦١

قال الزرقاني ، والباجي : «يريد الصحابة ، وأن الأذان باق على ما كان عليه ، ولم يدخله تغيير ، ولا تبديل ، بخلاف الصلاة ، فقد أخرت عن أوقاتها ، وسائر الأفعال دخلها التغيير الخ ..» (١).

٣ ـ أخرج الشافعي من طريق وهب بن كيسان ، قال : رأيت ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، ثم قال : «كل سنن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد غيرت ، حتى الصلاة» (٢).

٤ ـ يقول الزهري : دخلنا على أنس بن مالك بدمشق ، وهو وحده يبكي ، قلت : ما يبكيك؟!

قال : «لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة ، وقد ضيعت» (٣).

٥ ـ وقال الحسن البصري : «لو خرج عليكم أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما عرفوا منكم إلا قبلتكم» (٤).

ونقول : حتى القبلة قد غيرت ، وجعلوها إلى بيت المقدس ، حيث الصخرة قبلة اليهود ، كما تقدم في الفصل الأول من هذا الكتاب.

٦ ـ وقال أبو الدرداء : «والله لا أعرف فيهم من أمر محمد «صلى الله

__________________

(١) شرح الموطأ للزرقاني ج ١ ص ٢٢١ وتنوير الحوالك ج ١ ص ٩٣ ـ ٩٤ عن الباجي.

(٢) كتاب الأم للشافعي ج ١ ص ٢٠٨ والغدير ج ٨ ص ١٦٦ عنه.

(٣) جامع بيان العلم ج ٢ ص ٢٤٤ وراجع المصادر التالية : ضحى الإسلام ج ١ ص ٣٦٥ والجامع الصحيح ج ٤ ص ٦٣٢ والزهد والرقائق ص ٣١ وفي هامشه عن طبقات ابن سعد ترجمة أنس ، وعن الترمذي ، وعن البخاري ج ١ ص ١٤١.

(٤) جامع بيان العلم ج ٢ ص ٢٤٤.

١٦٢

عليه وآله» شيئا إلا أنهم يصلون جميعا» (١).

٧ ـ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ؛ أنه قال : «لو أن رجلين من أوائل هذه الأمة خلوا بمصحفيهما في بعض هذه الأودية ، لأتيا الناس اليوم ولا يعرفان شيئا مما كانا عليه» (٢).

وعن الإمام الصادق «عليه السلام» ـ وقد ذكرت هذه الأهواء عنده ـ فقال : «لا والله ، ما هم على شيء مما جاء به رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلا استقبال الكعبة فقط» (٣).

٨ ـ وحينما صلى عمران بن حصين خلف علي «عليه السلام» أخذ بيد مطرف بن عبد الله ، وقال : لقد صلى صلاة محمد ، ولقد ذكرني صلاة محمد.

وكذلك قال أبو موسى حينما صلى خلف علي «عليه السلام» (٤).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ج ٦ ص ٢٤٤.

(٢) الزهد والرقائق ص ٦١.

(٣) البحار ج ٦٨ ص ٩١ وقصار الجمل ج ١ ص ٣٦٦.

(٤) راجع : أنساب الأشراف ج ٢ ص ١٨٠ ط الأعلمي وسنن البيهقي ج ٢ ص ٦٨ وكنز العمال ج ٨ ص ١٤٣ عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة والمصنف للصنعاني ج ٢ ص ٦٣ ومسند أبي عوانة ج ٢ ص ١٠٥ ومسند أحمد ج ٤ ص ٤٢٨ و ٤٢٩ و ٤٤١ و ٤٤٤ و ٤٠٠ و ٤١٥ و ٣٩٢ في موضعين و ٤٣٢ والغدير ج ١٠ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ وكشف الأستار عن مسند البزار ج ١ ص ٢٦٠ والبحر الزخار ج ٢ ص ٢٥٤. وعن المصادر التالية : صحيح البخاري ج ٢ ص ٢٠٩ وصحيح مسلم ج ١ ص ٢٩٥ وسنن النسائي ج ١ ص ١٦٤ وسنن أبي داود ج ٥ ص ٨٤ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٢٩٦ وفتح الباري ج ٢ ص ٢٠٩ والمصنف لابن أبي شيبة ج ١ ص ٢٤١.

١٦٣

الهاشميون في زمن السجاد :

٩ ـ وأخيرا ، فقد ذكروا : أن الناس والهاشميين في زمن السجاد «عليه السلام» إلى أن مضت سبع سنين من إمامة الباقر «عليه السلام» كانوا لا يعرفون كيف يصلون ، ولا كيف يحجون (١).

فإذا كانت الصلاة التي هي عمود الدين ، والركن الأعظم في الإسلام ، ويؤديها كل مسلم خمس مرات يوميا ، كان لا يعرف حدودها وأحكامها حتى بعض من هم أقرب الناس إلى مهبط الوحي والتنزيل ، الذين يفترض فيهم أن يكونوا أعرف من كل أحد بالشريعة وأحكام الدين! ، فكيف تكون حالة غيرهم من أبناء الأمة ، الذين هم أبعد عن مصدر العلم والمعرفة ، وما هو مدى اطلاعهم على أحكام الشريعة يا ترى؟!.

وإذا كانت أوضح الواضحات قد أصبحت مجهولة إلى هذا الحد ، فما هو مدى معرفة الناس ، وبالأخص البعيدين منهم عن مصدر العلم والمعرفة ، بالأحكام الأخرى ، التي يقل الابتلاء بها ، والتعرض لها ، والسؤال عنها؟!

لا مبالغة ولا تهويل :

وقد يظن القارئ : أننا نبالغ في تصويرنا لحقيقة ما تمخضت عنه تلك السياسة الخبيثة تجاه حديث الرسول «صلى الله عليه وآله» ، وتجاه القرآن والإسلام.

وقد يظن مثل ذلك بالنسبة للأقوال الآنفة الذكر التي تقرر : أنه لم يبق

__________________

(١) كشف القناع عن حجية الإجماع ص ٦٧.

١٦٤

من الإسلام إلا اسمه ، ومن الدين إلا رسمه.

أو لم يبق إلا الأذان بالصلاة ، أو أن صلاة النبي «صلى الله عليه وآله» أصبحت منسية حتى من قبل صحابته «صلى الله عليه وآله» ، حتى ذكرهم بها علي أمير المؤمنين «عليه السلام» .. إلى آخر ما قدمناه.

ولكننا نأسف حين نقول للقارئ : إن هذه هي الحقيقة ، كل الحقيقة ، وليس فيها أي مبالغة ، أو تضخيم.

ومن أجل التأكيد على ما سبق نورد للقارئ بعض الشواهد والوقائع لتكون دليلا ملموسا على ما نقول ، مع التزامنا القوي في أن لا نذكر شيئا من تلك الشواهد الكثيرة والمتضافرة على جهل الخلفاء ـ باستثناء علي «عليه السلام» ـ بأحكام شرعية هي من أبده البديهيات ، وأوضح الواضحات ؛ لأننا نخاف أن توجه إلينا أصابع الاتهام بالتعصب على هذا أو ذاك ، وبإرادة تسجيل إدانة لهم من موقع التحامل المذهبي عليهم.

مع أننا نطمئن القارئ الكريم بأن العلامة الأميني رحمه الله ، قد أغنانا في كتابه القيم «الغدير» عن ذلك ، لأنه حشد فيه من الوقائع والشواهد على ذلك الشيء الكثير ، والكثير جدا ، عن مصادر بالغة الكثرة والوثاقة لدى من يتولونهم ، ويدافعون عنهم بكل حيلة ووسيلة.

فضائح لا تطاق :

والشواهد التي نريد أن نوردها هنا ، وتصل إلى حد الفضيحة ، هي التالية :

١ ـ يقول ابن عباس لأهل البصرة ، وهو على المنبر : أخرجوا صدقة صومكم. فلم يفهم الناس مراده ؛ فطلب أن يقوم من كان من أهل المدينة حاضرا بتوضيح

١٦٥

ذلك للناس ؛ «فإنهم لا يعلمون من زكاة الفطرة الواجبة شيئا» (١).

كان هذا هو حال البصرة ، التي مصّرت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، فإن أهلها لا يفهمون حتى لغة الشريعة ، ولم يعرفوا عن زكاة الفطرة شيئا ، رغم أن من المفروض أن يكون ذلك من البديهيات ، فما ظنك بعد هذا بأولئك الذين تفتح بلادهم ، ويعلنون إسلامهم ، وهم عشرات الألوف ، وليس لديهم من يعلمهم ، ولا من يدلهم ويرشدهم؟

وقد كانت لا تزال تضاف إلى الممالك الإسلامية مناطق واسعة ، وبلاد شاسعة ، مملوءة بالسكان ، دون أن يتصدى لتعليمهم وتثقيفهم أحد من الناس.

٢ ـ وقد كان جيش بأكمله من هؤلاء الفاتحين للبلاد ، والمفترض أنهم هم حملة الإسلام إلى سائر الأمم التي تخضع لهم ، وتقبل ببسط سلطتهم ـ إن هذا الجيش ـ لم يكن فيه أحد يعرف : أن الوضوء على من أحدث ، حتى بعث قائدهم ، أبو موسى الأشعري من ينادي فيهم بذلك (٢).

مع أن أمر الوضوء من أوضح الواضحات ، ويمارسه كل أحد كل يوم عدة مرات.

فإذا كان هؤلاء يجهلون ذلك ، فما ظنك بالناس الذين يفترض فيهم أن يأخذوا أحكام دينهم وعباداتهم من هؤلاء الجهلة بالذات ، وهم المعلمون والأساتذة ، والمربون لهم؟!!.

__________________

(١) الإحكام في أصول الأحكام ج ٢ ص ١٣١.

(٢) حياة الصحابة ج ١ ص ٥٠٥ عن كنز العمال ج ٥ ص ١١٤ وعن معاني الآثار للطحاوي ج ١ ص ٢٧.

١٦٦

٣ ـ لقد أشار الخليفة الثاني إلى أن الناس كانوا يعرفون جهل كبار الصحابة بأحكام الربا ، فهو يقول :

«إنكم تزعمون : أنّا لا نعلم أحكام الربا. ولأن أكون أعلمها أحب إلي من أن يكون لي مثل مصر ، وكورها» (١).

٤ ـ كما أن ابن مسعود لم يكن يدري : أن صرف الفضة بالفضة لا يصلح إلا مثلا بمثل (٢).

٥ ـ وأنكر معاوية أيضا : أن يكون ذلك من الربا (٣).

ونقول :

إنه إذا كان الصحابة ، حتى الخليفة الثاني ومعاوية ، وحتى ابن مسعود المشهور بعلمه وفضله ، لا يدرون ذلك ، فما حال غيرهم من سائر الناس ، فضلا عن أولئك الذين لم يروا النبي «صلى الله عليه وآله» ولا عاشوا معه ، بل سمعوا باسمه ، لا أكثر ولا أقل؟!.

٦ ـ لقد شكا أهل الكوفة إلى عمر ، سعد بن أبي وقاص : أنه لا يحسن يصلي (٤).

__________________

(١) المصنف للصنعاني ج ٨ ص ٢٦ والسنن الكبرى ج ٣ ص ٢٣.

(٢) راجع : المصنف للصنعاني ج ٨ ص ١٢٣ و ١٢٤ والسنن الكبرى ج ٥ ص ٢٨٢ ، ومجمع الزوائد ج ٤ ص ١١٦.

(٣) المصنف للصنعاني ج ٨ ص ٣٤ والسنن الكبرى ج ٥ ص ٢٨٢ و ٢٧٧ و ٢٧٦ وعن صحيح مسلم ج ٢ ص ٢٥ و ٥٢.

(٤) سيأتي ذلك مع مصادره في غزوة أحد.

١٦٧

٧ ـ إن ابن عمر لا يحسن أن يطلق امرأته ، حيث طلقها ثلاثا في طهر كان واقعها فيه ، فاستحمقوه لأجل ذلك (١).

٨ ـ إن ابن مسعود قد أفتى رجلا في الكوفة بجواز أن يتزوج أم زوجته التي طلقها قبل الدخول ، ففعل ذلك ، وبعد أن ولدت له أم زوجته ثلاثة أولاد ، وعاد ابن مسعود إلى المدينة ، وسأل عن هذه المسألة ، فأخبروه بعدم جواز ذلك ، فعاد إلى الكوفة ، وأمر ذلك الرجل بفراق تلك المرأة ، بعد كل ما حصل (٢).

كما أن مسروقا ومعاوية كانا لا يعرفان حكم هذه المسألة أيضا (٣).

٩ ـ إنهم إنما كانوا يعرفون قراءة رسول الله «صلى الله عليه وآله» في صلاته ؛ باضطراب لحيته (٤).

__________________

(١) راجع : صحيح مسلم ج ٤ ص ١٨١ وراجع ص ١٧٩ و ١٨٢ والغدير ج ١٠ ص ٣٩ وراجع : مسند أحمد ج ٢ ص ٥١ و ٦١ و ٦٤ و ٧٤ و ٨٠ و ١٢٨ و ١٤٥ وعن صحيح البخاري ج ٨ ص ٧٦ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٥ ص ٣٤ وعن الكامل في التاريخ ج ٣ ص ٢٧ وعن الصواعق المحرقة ص ٦٢ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٥٤ وصححه كل ذلك في الغدير.

(٢) راجع : المصنف للصنعاني ج ٦ ص ٢٧٣ و ٢٧٤ والسنن الكبرى ج ٧ ص ١٥٩.

(٣) راجع : المصنف ج ٦ ص ٢٧٤ و ٢٧٥.

(٤) صحيح البخاري ج ١ ص ٩٠ و ٩٣ ط سنة ١٣٠٩ ه‍. ومسند أحمد ج ٥ ص ١٠٩ و ١١٢ ، والسنن الكبرى ج ٢ ص ٣٧ و ٥٤ عن الصحيحين ، والبحر الزخار ج ٢ ص ٢٤٧ وجواهر الأخبار والآثار (مطبوع بهامش البحر الزخار) ج ٢ ص ٢٤٧ عن أبي داود والترمذي ، والانتصار ، والنسائي ، والبخاري.

١٦٨

١٠ ـ لقد أفتى عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو (١) : أن ماء البحر لا يجزي من وضوء ولا جنابة.

وقريب من هذا روي عن سعيد بن المسيب (٢) وروي مثل ذلك عن أبي هريرة أيضا (٣).

ومما يضحك الثكلى :

هذا ، وقد ذكر لنا الزبير بن بكار وغيره نموذجا مخجلا ، يضحك حتى الثكلى من خطب عدد من سادة القبائل (٤) ، ممن كان الخلفاء يولونهم أمور الناس في عنفوان الدولة الأموية. وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى الانحطاط الفكري الذي كان يهيمن على طبقة الرؤساء وأصحاب النفوذ آنئذ ، فكيف يمكننا أن نتصور حالة سائر الناس ممن كانوا لا يملكون إمكانيات حتى الحصول على لقمة العيش ، والاحتفاظ برمق الحياة؟

قال الزبير بن بكار : «شكا عبد الله بن عامر إلى زياد بن أبيه ـ وهو كاتبه

__________________

(١) راجع : المصنف للصنعاني ج ١ ص ٩٣ والمغنى لابن قدامة ج ١ ص ٨ والشرح الكبير بهامشه ج ١ ص ٧ وراجع : تحفة الأحوذي ج ١ ص ٢٣١ ط دار الفكر ، والخلاف ط جماعة المدرسين ج ١ ص ٥١ والمحلى ج ١ ص ٢٢١ ونيل الأوطار ج ١ ص ٢٠ والجامع لأحكام القرآن ج ١٣ ص ٥٣ وعن المصنف لابن أبي شيبة ج ١ ص ٨٨.

(٢) راجع : الخلاف ج ١ ص ٥١ وتحفة الأحوذي ج ١ ص ٢٣١ ونيل الأوطار ج ١ ص ٢٠.

(٣) نيل الأوطار ج ١ ص ٢٠ والمحلى ج ١ ص ٢٢١ وتحفة الأحوذي ج ١ ص ٢٣١.

(٤) الموفقيات ص ٢٠٣ ـ ٢٠٥ وراجع : جمهرة خطب العرب ج ٣ ص ٣٥٥.

١٦٩

على العراق ـ الحصر على المنبر ، فقال : أما إنك لو سمعت كلام غيرك في ذلك الموقف استكثرت ما يكون منك.

قال : فكيف أسمع ذاك.؟!

قال : رح يوم الجمعة وكن من المقصورة بالقرب حتى أسمعك خطب الناس.

فلما كان يوم الجمعة قال زياد : إن الأمير سهر البارحة فليس يمكنه الخروج إلى الصلاة.

والتفت إلى رجل من سادة بني تميم ، فقال له : قم فاخطب ، وصلّ بالناس.

فلما أوفى على ذروة المنبر قال : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أشهر.

قالوا : قبحك الله ، جل ثناؤه يقول : في ستة أيام.

وتقول أنت : في ستة أشهر.

فنزل والتفت إلى شريف لربيعة ، فقال له : قم فاخطب.

فلما ارتقى المنبر ضرب بطرفه ، فوقع على جار له كان يخاصمه في حد بينهما.

فقال : الحمد لله. وارتج عليه.

فقال لجاره : أما بعد فإن نزلت إليك يا أصلع لأفعلن بك ، ولأفعلن.

فأنزلوه. فالتفت إلى رئيس من رؤساء الأزد ، فقال له : انهض فأقم للناس صلاتهم ، فلما تسنم المنبر قال : الحمد لله ، ولم يدر ما يقول بعد ذلك ،

١٧٠

فقال : أيها الناس ، قد والله هممت أن لا أحضر اليوم ، فقالت لي امرأتي : أنشدتك بالله إن تركت فضل الصلاة في المسجد يوم الجمعة ، فأطعتها ، فوقفت هذا الموقف الذي ترون. فاشهدوا جميعا أنها طالق.

فأنزلوه إنزالا عنيفا. وأرسل زياد إلى عبد الله بن عامر ، أنه ليس أحد يقيم صلاتهم ، ولا بد أن تحمل على نفسك. فخرج فخطب فتبين فضله في الناس على سائر الناس (١).

التركة الموروثة :

أما بالنسبة إلى حجم التركة التي ورثها الناس عن سلفهم الصالح (على حد تعبيرهم) فقد ادعوا : أنه قد وصل إليهم من حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ من غير طريق أهل البيت «عليهم السلام» ـ نزر قليل ، لا يتناسب مع الحاجات التي تواجه الناس ، ولا تتوافق مع هذا التراث الضخم جدا ، الذي سطره علماؤهم عبر القرون المتمادية ، فهم يقولون :

١ ـ إن حديث النبي «صلى الله عليه وآله» أربعة آلاف حديث (٢).

٢ ـ عن أحمد بن حنبل : «الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي «صلى الله عليه وآله» ينبغي أن تكون ألفا وماءتين» (٣).

__________________

(١) الأخبار الموفقيات ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ح ١١٩.

(٢) علوم الحديث لابن الصلاح ص ٣٦٧ والباعث الحثيث ص ٨٥ والسنة قبل التدوين عن فتح المغيث ج ٤ ص ٣٩ وعن تلقيح فهوم أهل الآثار.

(٣) إرشاد الفحول ص ٢٥١.

١٧١

٣ ـ لكن نصا آخر يقول : إنه لم يصل إلى الأمة سوى خمس مئة حديث في أصول الأحكام ، ومثلها في أصول السنة (١).

ثم إنهم يقولون : إن هذا الواصل لم يصح منه عندهم إلا أقل القليل ، حيث قد بلغت رواية أبي حنيفة سبعة عشر حديثا فقط.

أما مالك ، فإنما صح عنده ما في كتاب الموطأ ، «وغايتها ثلاث مئة حديث ، أو نحوها» (٢).

فمن أين إذن جاءت هذه الآلاف المؤلفة من الأحاديث التي وصفوها بالثبوت والصحة ، فملأت صحيحي البخاري ومسلم ، ومستدرك الحاكم ، وباقي الصحاح الست ، وصحيح ابن حبان ، وصحيح أبي عوانة. وغير ذلك كثير؟

هذا فضلا عن غيرها من مئات الألوف بل الملايين من الأحاديث التي يزعم حفاظ الحديث أنها عندهم.

بل إن أحمد بن حنبل الذي يقول ما قدمناه هو نفسه قد ألف المسند الذي يضم أربعين ألف حديث ، منها عشرة آلاف مكررة (٣).

ويزعمون : أنه ليس فيه حديث موضوع عدا ثلاثة أو أربعة أحاديث تكلموا فيها. بل لا يتأتى الحكم بكون واحد منها موضوعا إلا الفرد النادر ،

__________________

(١) مناقب الشافعي ج ١ ص ٤١٩ وعن الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص ٢٤٣.

(٢) المقدمة لابن خلدون ص ٤٤٤ وأضواء على السنة المحمدية ص ٣٨٨.

(٣) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٣٦.

١٧٢

مع الاهتمام القوي في دفع ذلك (١).

نعم ، من أين جاءت هذه الأحاديث والروايات ، إن ذلك لمريب حقا ، وإنه أيضا لغريب وعجيب!!

نظرية التطور عند أهل الحديث :

قد ظهر مما تقدم : أن الأحاديث التي كان قد بلغ تداولها إلى درجة الصفر أو كاد ، قد بدأت بعد السماح للناس بالرواية ، بعد عشرات السنين تظهر عليها أعراض التضخم المطرد بصورة غير طبيعية ، وبدون أية ضابطة أو رابطة ، إذ إن مراجعة جامعة لكتب تراجم الحفاظ وأهل الحديث ، ومن يسمونهم بالفقهاء مثل تذكرة الحفاظ للذهبي (٢) وغيره تعطينا أمرين :

أحدهما : أنها تعظم وتفخم وتخلع مختلف الألفاظ الدالة على الحفظ والعلم ، والتبحر على أشخاص كثيرين ، بل تصف بعضهم بأنه وحيد في مصره أو في عصره.

ثم يظهر : أنه إنما كان يحفظ ثلاث مئة حديث ، أو لم يثبت لديه سوى سبعة عشر حديثا ، أو لا يعرف أنه يحرم الزواج بأم الزوجة ، أو ما إلى ذلك مما ألمحنا إليه.

__________________

(١) راجع : تعجيل المنفعة برجال الأربعة ص ٦. وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٣٧ عنه. والقول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد ، لابن حجر العسقلاني. وذيل القول المسدد للمدراسي.

(٢) شرف أصحاب الحديث ص ١١٥ وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة لعبد الجبار ص ١٩٣.

١٧٣

الثاني : إن ملاحظة طبقات الحفاظ تعطينا تدرجا ملفتا للنظر في حجم الأحاديث ، فنجد أن طبقة كبيرة في الصدر الأول يوصف الحفاظ منها بأن عنده ثلاثون أو ستون حديثا ، أو مئة أو عشرة أحاديث ، أو مئتا حديث ، ونحو ذلك.

ثم إذا تقدم الزمان قليلا ، يترقى العدد ليتراوح بين الألف والألفين والثلاثة والخمسة ، ونحو ذلك. ثم في فترة لاحقة يترقى العدد إلى بضع عشرات : عشرين ألفا ، ثلاثين .. وهكذا.

ثم تأتي فترة فتصل فيها الأعداد إلى مئة ألف أو مئتين أو ثلاث مئة ،

ثم يقفز العدد إلى الست والسبع مئة ، وإلى المليون حديث ، وأكثر من ذلك حتى ليفوز بعضهم مثل شعبة بلقب أمير المؤمنين في الحديث (١).

ولا ننسى هنا : أن نستشهد لهذا الذي ذكرناه بالمفارقة التالية :

في حين نجد : أن القاضي عبد الجبار يصرح : بأن أحاديث التجسيم والتشبيه من أخبار الآحاد (٢).

وأن أحمد بن حنبل قد قال : إن بعض أهل الحديث أخبره : أن يحيى بن صالح (المتوفى سنة ٢٢٢ ه‍.) (٣) قال : «لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث ، يعني هذه التي في الرؤية».

__________________

(١) راجع : الباعث الحثيث ص ١٨٦ و ١٨٧.

(٢) فضل الاعتزال ، وطبقات المعتزلة ص ١٩٣ و ١٥٨.

(٣) راجع : سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٥٦ والتاريخ الكبير ج ٨ ص ٢٨٢ وتهذيب التهذيب ج ١١ ص ٢٣٠.

١٧٤

ثم قال أحمد : «كأنه نزع إلى رأي جهم» (١).

فيحيى بن صالح الذي يروي له البخاري ، وأصحاب الصحاح الست سوى النسائي (٢) يريد أن يقول : إن الاعتقاد برؤية الله قائم على عشرة أحاديث فقط.

بل صرح بعضهم : بأن أخبار الرؤية لا تزيد على ثمانية أحاديث (٣).

ولكننا بعد حوالي نصف قرن من الزمن نجد ابن خزيمة الذي يصفونه بأنه «إمام الأئمة» يؤلف كتابا بعنوان «التوحيد وإثبات صفات الرب» يبلغ عدد صفحاته حوالي أربع مئة صفحة ، قد شحنه بأحاديث التجسيم ، وأحاديث الرؤية من أوله إلى آخره ، وفيه الكثير مما يدل على أن لله تعالى يدا ، ورجلا ، وعينا ، وإصبعا ، وساقا و .. و .. الخ .. تعالى الله عما يقوله الجاهلون والمبطلون علوا كبيرا.

فمن أين جاءت هذه الأحاديث؟

وكيف ومتى لفقت واخترعت؟!

لا ندري ، غير أننا وجدنا الإمام الشافعي ينقل عن القاضي أبي يوسف ، الذي عاش في أواخر القرن الثاني قوله : «والرواية تزداد كثرة ،

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٤٥٥ والعلل ومعرفة الرجال ج ١ ص ١٨٧ وتهذيب التهذيب ج ١١ ص ٢٣٠ والضعفاء الكبير للعقيلي ج ٤ ص ٤٠٨ وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ٤٠٨.

(٢) راجع : مقدمة فتح الباري ص ٤٥٢ وتهذيب التهذيب ج ١١ ص ٢٢٩.

(٣) المغني للقاضي عبد الجبار ج ٤ ص ٢٢٨ وص ٢٢٥ و ٢٣٥ و ٢٣٣.

١٧٥

ويخرج منها ما لا يعرف ، ولا يعرفه أهل الفقه ، ولا يوافق الكتاب ولا السنة» (١).

وذلك يفسر لنا العديد من الظواهر الأخرى الملفتة للنظر ، مما سنشير إلى بعض منه فيما يلي من مطالب.

الوضع والوضاعون :

وبعد ما تقدم ، فإننا سوف لن نفاجأ إذا سمعناهم يحكمون على ١٢ أو ١٤ أو ٣٥ ألف حديث ، بل على مئات الألوف من الأحاديث بالكذب والوضع والاختلاق ؛ وكثير من هذا المختلق والموضوع قد جاء لأهداف مختلفة ، ومنها : لإرضاء الملوك وتأييد سلطانهم ، وتحقيق أهدافهم ومآربهم (٢).

وقد ذكر العلامة الأميني في كتابه الغدير ج ٥ ص ٢٨٨ ـ ٢٩٠ قائمة بالموضوعات بلغت ٤٠٨٦٨٤ حديثا فراجع.

وحتى تلك الأحاديث التي سكتوا عنها أو حكموا بصحتها ، وهي

__________________

(١) الأم للشافعي ج ٧ ص ٣٠٨.

(٢) راجع : على سبيل المثال التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٠٨ والكفاية في علم الرواية ص ٤٣١ وراجع : المجروحون ج ١ ص ١٥٦ و ١٨٥ و ١٥٥ و ١٤٢ و ٩٦ و ٦٣ وص ٦٥ حول وضع الحديث للملوك. وراجع : الباعث الحثيث ص ٨٤ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٣٢ و ٣٣ ولسان الميزان ج ٣ ص ٤٠٥ وج ٥ ص ٢٢٨ والفوائد المجموعة ص ٤٢٦ و ٤٢٧ وأي كتاب يتحدث عن الموضوعات في الأخبار والآثار مثل اللآلئ المصنوعة للسيوطي ، والأسرار المرفوعة للشوكاني والموضوعات للفتني ، وغير ذلك.

١٧٦

تعد بعشرات الألوف والملايين (١) ، وقد زخرت بها كتب صحاحهم ومجاميعهم الحديثية ، فإنها تصبح موضع شك وريب ، بل إننا لنطمئن لعدم صحة الكثير منها ، من الأساس.

الحاجة أم الاختراع :

وبعد ، فإذا كان كبار الصحابة ، وابن مسعود لا يعرفون أحكام الربا ، وابن عمر لا يعرف كيف يطلق امرأته ، وجيش بأكمله لا يعرف أن الوضوء على من أحدث إلى آخر ما تقدم.

فإن من الطبيعي : أن يرى الناس في من يدعي أنه يحفظ ثلاثين أو أربعين حديثا ، أو مئة أو ماءتي حديث ، أو عرف بعض الأحكام عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» : أنه أعلم العلماء ، وأفقه الفقهاء في عصره ، أو في مصره ، أو بلده.

وأن يصبح هو الملاذ والمرجع والموئل لهم فيما ينوبهم من أمور دينهم. ويتلمّذون عليه ، ويأخذون عنه أحكامهم ، وشريعة نبيهم ، كما يظهر جليا من مراجعة كتب التراجم والرجال ، التي تمثل التيار العام لبعض الفئات ، التي كانت تنسجم مع سياسات الحكام ، وترتبط بها بنحو أو بآخر.

ومن جهة أخرى ؛ فإن هذا العالم الجليل!! إذا وجد نفسه في موقع

__________________

(١) راجع على سبيل المثال : التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٨ و ٤٠٧ والكنى والألقاب ج ١ ص ٤١٤ ولسان الميزان ج ٣ ص ٤٠٥ وتذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٦٤١ و ٤٣٠ وج ١ ص ٢٥٤ و ٢٧٦ وهذا الكتاب مملوء بهذه الأرقام العالية والمخيفة ، فليراجعه طالب ذلك.

١٧٧

كهذا ، وواجه الواقع ، واحتاج إلى المزيد مما ليس عنده منه أثارة من علم ، فلسوف يبحث عما يلبي له حاجته ، ويوصله إلى بغيته ، وأين؟ وأنى له أن يجد ذلك؟ إلا عند أناس ، أخذ على نفسه (أو أخذ الحكام عليه وعلى الناس) : أن لا يتصلوا بهم ، ولا يأخذوا شيئا عنهم ، وهم أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة عليهم الصلاة والسلام.

فلا غرو بعد هذا إذا رأينا هذا الرجل الجليل يبادر إلى ما هو أسهل وأيسر ، فيضيف من عند نفسه ، وعلى حسابه الخاص ما شاءت له قريحته ، وسمحت له به همته ، حيث لا رقيب عليه ولا حسيب ، ولا مانع من ضمير ، ولا رادع من وجدان.

الفقه والفقهاء :

أما بالنسبة إلى فقه الفقهاء ، ومذاهب العلماء ، فقد أصبح من المفهوم :

أن وراء الأكمة ما وراءها ، حين نرى أن فقه أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وغيرهم يتسع ويتضخم ، ويزيد ويتورم ، حتى تضيق عنه المجلدات الكثيرة وآلاف الصفحات ، مع ما نراه من استنادهم إلى المئات والألوف من الروايات التي كانت تلك حالها ، وذاك مآلها!!

فاقرأ واعجب ، فما عشت أراك الدهر عجبا!!

أما ما يستندون إليه ، ويعتمدون عليه في غير الفقه ، فذلك حدّث عنه ولا حرج ؛ وهو يصل إلى الألوف الكثيرة ، كما يظهر من تتبع مختلف المواضع والمواقع.

١٧٨

يعترفون .. ثم يتهمون :

ومن الطريف أن نذكر هنا :

أنهم في حين يعترفون بأنهم قد وضعوا أحاديث في فضائل أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، ردا على من ينتقص منهم (١).

ويعترفون أيضا : بأنه عند ما كثر سب الصحابة (وهو أمر لم يحصل ، وما حصل هو مجرد التعريف ببعض ما ارتكبه أشخاص منهم ، تحبهم الهيئة الحاكمة ، أو ممن كانوا أحد أركانها ، ردا على الغلو الحاصل فيهم ، حتى لتعتبر أقوالهم سنة ، وما إلى ذلك) فقد وضعت أحاديث في فضل الصحابة جميعا ، أو في فضل جمع منهم (٢).

إنهم مع أنهم يعترفون بهذا ، لكنهم يتهمون بعض الشيعة بوضع أحاديث في فضل علي ، والطعن في معاوية (٣).

مع أن عليا في غنى عن ذلك ، ولا يمكن لأحد أن يضع أكثر مما قاله رسول الله «صلى الله عليه وآله» في حقه ، مما ثبت بالآثار الصحيحة والمتواترة ، والتي تفوق حد الإحصاء.

كما أنه يكفي معاوية التعريف بما ثبتت روايته عن رسول الله «صلى الله

__________________

(١) راجع : اللآلي المصنوعة ج ١ ص ٢٨٦ و ٣١٥ ـ ٣١٦ و ٤١٧ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٢ عنه وعن تنزيه الشريعة ج ١ ص ٣٧٢ وج ٢ ص ٤.

(٢) اللآلي المصنوعة ج ١ ص ٤٢٨ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٢ عنه.

(٣) اللآلي المصنوعة ج ١ ص ٣٢٣ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٢ عنه وعن ابن تيمية في المنتقى من منهاج الاعتدال ص ٣١٣.

١٧٩

عليه وآله» في حقه مما لا يجهله أحد ، حتى إن النسائي قد نال شرف الشهادة حينما أظهر حديثا واحدا منها (١) ، فكيف لو أراد إظهار كل ما يعرفه ، مما رواه عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» في حقه؟!

التجني على العراقيين :

وقد كان العراق موطنا لعلي «عليه السلام» مدة خلافته ، وقد ناصر العراقيون عليا ، ورأوا ورووا بعض فضائله «عليه السلام».

وقاتلوا الناكثين والمارقين والقاسطين معه ، فعاداهم الناس ، واتهموهم بالكذب والوضع لأجل ذلك ، وفرضوا عليهم حصارا ثقافيا وإعلاميا.

ولعل أول من بادر إلى اتهامهم بذلك هو أم المؤمنين عائشة (٢) التي لقيت على أيديهم في حرب الجمل شر هزيمة.

واتهمهم بذلك أيضا عبد الله بن عمرو بن العاص الذي لقي منهم الأمرين في حرب صفين (٣).

__________________

(١) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج ١ ص ١٢١ وراجع : وفيات الأعيان ج ١ ص ٧٧ ط بيروت والبداية والنهاية ج ١١ ص ١٢٤ ومرآة الجنان ج ٢ ص ٢٤١ وتذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٧٠٠ وراجع ص ٦٩٩ وشذرات الذهب ج ٢ ص ٢٤٠ وراجع : سير أعلام النبلاء ج ١٤ ص ١٣٢ وتهذيب الكمال ج ١ ص ٣٣٩ وتهذيب التهذيب ج ١ ص ٣٨ والمنتظم ج ٦ ص ١٣١.

(٢) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٤ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ١ ص ٧٠.

(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ط صادر ج ٤ ص ٢٦٧.

١٨٠