الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-172-6
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٢٦

وأما عبد الله بن عمرو بن العاص ، فإنه قد أحرج معاوية في صفين بحديث قتل الفئة الباغية لعمار.

وبحديث : إنه سيكون ملك من قحطان.

فقال معاوية لأبيه ، عمرو : ألا تغني عنا مجنونك؟ (١).

شواهد أخرى :

ومن الشواهد على أن الحكام كانوا يواجهون كل من روى حديثا يضر بحكومتهم وسياساتهم بصرامة وقسوة ما ذكروه عن الخليفة المهدي العباسي ، من أنه أمر بقتل رجل لروايته حديثا رأى المهدي أنه يضر في حكمه وسلطانه ، ثم لما عرف أن ذلك الراوي إنما يرويه عن الأعمش ، قال : «ويلي عليه ، لو عرفت مكان قبره لأخرجته ، فأحرقته بالنار» (٢).

وسأل سعيد بن سفيان القاري عثمان بن عفان عن مسألة ، فقال : فهل سألت أحدا قبلي؟!

فقلت : لا.

__________________

(١) راجع : أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ٣١٢ ـ ٣١٣ وراجع :

٣١٧ والجزء الأول (قسم سيرة النبي «صلى الله عليه وآله») ص ١٦٨ وراجع ص ١٦٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ ص ٢٥٣ ط صادر ونقله المحمودي في تعليقاته على أنساب الأشراف عن ابن أبي شيبة. وراجع : تذكرة الخواص ص ٩٣ والفتوح لابن أعثم ج ٣ ص ٢٦٨. وراجع : تاريخ الأمم والملوك ج ٥ ص ٤١ ط دار المعارف. والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص ١٥٠.

(٢) روضة العقلاء لابن حبان ص ١٥٩.

١٠١

قال : لئن استفتيت أحدا قبلي ، فأفتاك غير الذي أفتيتك به ضربت عنقه إلخ .. (١).

أضف إلى ما تقدم : أن معاوية الذي كان يتعامل بالربا ، قد حاول أن يمنع عبادة بن الصامت من رواية حديث عن النبي «صلى الله عليه وآله» حول تحريم الربا ، فلم يفلح (٢).

كما أنهم قد منعوا أبا ذر من الفتيا ـ منعه عثمان ـ فلم يمتنع (٣) ، فواجهوه بأنواع كثيرة من الأذى ، والمحن والبلايا ، حتى مات غريبا مظلوما في الربذة ، منفاه (٤).

وقد تقدم عن قريب أن أبا موسى الأشعري يطلب من الناس أن يتركوا ما كان يحدثهم به مما سمعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، ويأخذوا بما أحدثه لهم عمر. فراجع.

وخلاصة الأمر :

إن الحكام إنما كانوا يسمحون بالفتوى لأشخاص بأعيانهم ، ويمنعون

__________________

(١) تهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٥٤ وحياة الصحابة ج ٢ ص ٣٩٠ ـ ٣٩١ عنه.

(٢) تهذيب تاريخ دمشق ج ٧ ص ٢١٥ والغدير ج ١٠ ص ١٨٥ عنه وفي الغدير نصوص أخرى للقضية عن موطأ مالك ، وصحيح مسلم وسنن البيهقي والجامع لأحكام القرآن ، وشرح النهج للمعتزلي وسنن النسائي ، واختلاف الحديث للشافعي ، ومسند أحمد وغير ذلك فليراجعه طالب ذلك.

(٣) راجع : حلية الأولياء ج ١ ص ١٦٠ وصحيح البخاري ج ١ ص ١٥ ـ ط سنة ١٣٠٩.

(٤) راجع كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ١ ص ١١١ ـ ١٤١.

١٠٢

من عداهم من ذلك ، إلا إذا اطمأنوا إلى أنه من مستوى يؤهله لأن ينسجم في ما يفتي به ويرويه مع مقاصد الحكم وأهدافه. كما كان الحال بالنسبة لأبي هريرة. وحتى لو سمحوا للبعض بممارسة دوره الفتوائي ، فإن ذلك يبقى مرهونا بهذا الانسجام ، فإذا ما أخل به أحيانا ، ولو عن غير قصد ، فإنه يمنع من الحديث ، ولو بلغ إلى درجة الإضرار فإنه يهدد بالقتل ، والضرب ، بل وينفى إلى أبغض البلاد إليه. كما كان الحال بالنسبة لعبد الله بن عمرو بن العاص ، وابن عمر ، وأبي ذر ، حسبما ألمحنا إليه.

لا بد من أساليب أخرى :

ثم إن الحكام قد رأوا : أن كل ذلك لا يكفي لإشباع رغبة الناس في التعرف على الدين ، وعلى عقائده ومفاهيمه ، وأحكامه.

ولسوف تبقى لدى الناس الرغبة والاهتمام بنيل معارفه والتعرف على ما فيه من شرائع وأحكام ، ومن سيرة وتاريخ ، وعقائد وسياسات وغيرها.

وقد أصبح الاهتمام بذلك محسوسا وملموسا ، فلابد من معالجة الأمر ، بحكمة وروية وحنكة.

وقد كان من الواضح : أن مجرد إعطاء الفتاوى لا يكفي ، فقد كان ثمة حاجة إلى تثقيف الناس في مجالات وشؤون ومناحي مختلفة : تاريخية ، وسياسية ، وتربوية ، وعقيدية وغيرها.

فاتجهوا إلى اعتماد أساليب أخرى ، رأوا أنها قادرة على حل هذا المشكل ، وتساعدهم على الخروج من هذا المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه.

ونذكر هنا بعضا من مفردات هذه الأساليب التي اعتمدوها لسد الخلل ورأب الصدع ، فنقول :

١٠٣

تشجيع الشعر والشعراء :

إن من الواضح : أن الشعر العربي له تأثير السحر على روح وعقل وعواطف الإنسان العربي ، الذي ينجذب إليه ، ويقبل بكل مشاعره وأحاسيسه عليه.

ومن الواضح : أن هذا الأمر أيضا يجعل الشعر قادرا على القيام بدور فاعل وقوي في مجال الاستئثار بقسط من الاهتمام لدى فريق كبير من الناس.

فلماذا إذن لا يعطى للشعر هذا الدور ، ليخفف من الأعباء التي أصبحت ترهق كاهل الحكم في هذا الاتجاه؟!

ولأجل ذلك نجد : أن المبادرة لتنشيط الاتجاه الأدبي ، والاهتمام بالشعر ، قد جاءت من قبل نفس الخليفة الذي تبنى السياسات التي أشرنا إليها تجاه الحديث والقرآن ، ونفذها بدقة ، ورسّخها بحزم ، وحافظ عليها بقوة.

فأمر بكتابة الشعر ، والاحتفاظ به ، فدونوا ذلك عندهم ، وكانت الأنصار تجدده إذا خافت بلاه (١).

بل لقد روى لنا مالك في موطئه ، في أواخر كتاب الصلاة : أنه بلغه أن عمر بن الخطاب بنى رحبة في ناحية المسجد ، تسمى «البطيحاء» وقال : «من كان يريد أن يلغط ، أو ينشد شعرا ، أو يرفع صوته ، فليخرج إلى هذه الرحبة» (٢).

وحاول أن يكتب شعر الشعراء ، فكتب إلى المغيرة بن شعبة بالكوفة ،

__________________

(١) الأغاني ط ساسي ج ٤ ص ٥ و ٦.

(٢) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٠٠.

١٠٤

يطلب منه أن يجمع الشعراء ، ويستنشدهم ما قالوا من الشعر في الجاهلية ، والإسلام ، ويكتب بذلك إليه (١).

وقال عمر بن الخطاب أيضا : تعلموا الشعر ، فإن فيه محاسن تبتغى ، ومساوئ تتقى (٢).

ثم أكدت ذلك عائشة أم المؤمنين ، حيث قالت : «عليكم بالشعر ، فإنه يعرب ألسنتكم» (٣).

ولسنا ندري إن كانت ترى : أن القرآن وحده لم يكن يكفي لإعراب ألسنتهم؟

أو أن عمر كان يرى : أن ما في القرآن لا يكفي الناس فيما يبتغونه من محاسن.

تعلم الأنساب :

ورغم أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد قال عن علم الأنساب ـ حسبما روي عنه ـ : «إنه علم لا يضر من جهله ، ولا ينفع من علمه» ، وكذا روي عنه بالنسبة لعلم العربية ، والأشعار ، وأيام الناس (٤).

__________________

(١) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٥٥ عن الخطط للمقريزي ج ٤ ص ١٤٣. وكنز العمال ج ٣ ص ٨٥٠ ط مؤسسة الرسالة.

(٢) زهرة الآداب ج ١ ص ٥٨.

(٣) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٠٠.

(٤) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٠١ و ٣٠٢ و ٢٣٠ عن إحياء العلوم وغيره. وراجع : الأنساب للسمعاني ج ١ ص ٩.

١٠٥

إننا رغم ذلك نجد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد رتب إعطاء الجند على أساس قبلي ، يرتكز على ملاحظة أنساب الناس ، وانتماءاتهم العرقية (١).

ثم هو يخطط البصرة والكوفة على أساس قبلي أيضا.

وكان يحث على تعلم الأنساب ، مضمنا كلامه ما يتوافق مع التوجهات المقبولة والمعقولة ، فيقول : «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم» (٢).

والملفت للنظر هنا : أن هذه العبارة نفسها قد نسبت إلى النبي «صلى الله عليه وآله» (٣).

وربما يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك ، فاستعان عمر بن الخطاب بهذا القول لتنفيذ سياساته في التمييز العنصري ، وإجرائها ، ولم يعد الأمر يقتصر على صلة الرحم ، كما هو المفروض.

ومهما يكن من أمر ، فإن معاوية أيضا قد اختار دغفل بن حنظلة السدوسي ، ليعلم ولده يزيد (لعنه الله) علم الأنساب (٤) لا علم الفقه ، ولا القرآن ، ولا أحكام الدين.

أما الهدف من نسبة كلمة عمر إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فربما

__________________

(١) راجع كتابنا : سلمان الفارسي في مواجهة التحدي.

(٢) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٠٢ والأنساب للسمعاني ج ١ ص ١١ ، وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ١٦٦ عنه.

(٣) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٠١ و ٢٣١.

(٤) الاستيعاب ، وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ١٦٨.

١٠٦

يكون هو إعطاؤها حيوية وفاعلية ، لتجد طريقها إلى وعي الناس ، وإلى حياتهم العملية بيسر وسهولة.

وقد دافع البعض عن سياسة عمر في توجيه الناس نحو تعلم الأنساب ، معتبرا أنه لا بد من معرفة نسب النبي «صلى الله عليه وآله» ، وقريش ، لأن الخلافة لا تجوز إلا في قريش ، وإلا لادّعاها من لا تحل له ، هذا بالإضافة إلى ما يترتب على ذلك من أحكام الزواج والمواريث (١).

أسرار الأعذار :

هكذا يتمكن هؤلاء الذين لم يقفوا على حقيقة وأبعاد وأسرار سياسة الخليفة ، أو أنهم يتجاهلونها عن سابق عمد وإصرار ـ هكذا يتمكنون من اختلاق الأعذار ، التي ربما لا يتمكن الكثير من السذج والبسطاء من اكتشاف خطلها وزيفها في الوقت المناسب!!

على أننا لا نجد أنفسنا مبالغين إذا قلنا : إن أمثال هؤلاء المتمحلين لمثل هذه الأعذار الواهية إنما يريدون إصابة عصفورين بحجر واحد.

فهم في نفس الوقت الذي يبعدون فيه أذهان الناس عن معرفة الحقيقة التي يخشون من ظهورها للناس ، فيما يرتبط بسياسات حكام يحترمونهم ، يستهدفون طمس حديث وسنة النبي «صلى الله عليه وآله» ، بالإضافة إلى سياسات لهم تجاه القرآن أيضا.

فإنهم يكونون قد أعطوا أمورا ثبت زيفها وخطلها صفة الواقعية ، بحيث تبدو كأنها من الأمور المسلمة ، التي لا مجال للشك والشبهة فيها.

__________________

(١) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ١٦٧.

١٠٧

وذلك حينما يفترضون أن أمر الإمامة لم يحسم ، وأنه ليس موقوفا على النص ، وإنما هي شائعة في جميع بطون قريش.

وأن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يعيّن الإمام والخليفة بعده ، باسمه وصفته ، وحسبه ونسبه ، ولم يبايعه المسلمون في غدير خم ، وليس ثمة تعدّ على أحد في هذا الأمر ، ولا اغتصاب لحق قرره الله ورسوله في موارد ومناسبات كثيرة ، وبطرق وأساليب مختلفة ومتنوعة.

فلا بد من تعلم الأنساب ، حتى إذا اغتصب أمر هذه الأمة ، وتغلب متغلب فلا بد من متابعته وإطاعته ، بعد التحقق من نسبه القرشي ، مهما كان جبارا وعاتيا ، وظالما وجانيا ..

هكذا زينت لهم شياطينهم ، وابتكرته لهم نفوسهم الماكرة ، وأهواؤهم الداعرة ، وسيلقون غدا جزاءهم الأوفى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

البديل الأكثر نجاحا والأمثل :

أما البديل الذي كان أكثر نجاحا في تحقيق ما يصبو إليه الحكام ، فقد كان هو : «علوم أهل الكتاب».

وحيث إن هذا البديل قد كان أبعد أثرا ، وأكثر انتشارا ، فلا بد لنا من أن نورد بعض التفصيلات التي ربما تكون ضرورية لتكوين نظرة واقعية عن حقيقة ما جرى.

فنقول :

١٠٨

نظرة العرب إلى أهل الكتاب :

إننا كتمهيد لما نريد أن نقوله نذكر : أن العرب قبل الإسلام كانوا صفر اليدين من العلوم والمعارف ، كما هو ظاهر لا يخفى ، وسيأتي التصريح به من أمير المؤمنين «عليه السلام» ومن غيره.

وكانوا يعتمدون في معارفهم ولا سيما فيما يرتبط بالنبوات ، والأنبياء وتواريخهم ، وتواريخ الأمم ، على أهل الكتاب بصورة رئيسية ، وكانوا مبهورين بالأحبار والرهبان بصورة قوية وظاهرة ، ويعتبرونهم أهم مصدر للمعرفة لهم.

بل هم ينظرون إليهم نظر التلميذ إلى معلمه بكل ما لهذه الكلمة من معنى.

وقد رأينا : أن قريشا ترسل رسولا إلى أحبار يهود المدينة ، للسؤال عن أمر النبي «صلى الله عليه وآله» ، باعتبار أنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم من علم الأنبياء ما ليس عند قريش (١).

ويقول ابن عباس : «إنما كان هذا الحي من الأنصار ـ وهم أهل وثن ـ مع هذا الحي من يهود ـ وهم أهل كتاب ـ وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم ؛ فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم» (٢).

__________________

(١) سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٤٩ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٢٦١ وراجع : الإسرائيليات في كتب التفسير ص ١٠٩ وراجع : الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٢ عن ابن إسحاق ، وابن جرير.

(٢) تفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٧١ ـ ٧٢ والإسرائيليات في كتب التفسير ص ١٠٨ عنه.

١٠٩

وسيأتي : أنهم كانوا يستشيرون أهل الكتاب في أمر الدخول في الإسلام ، ويعملون بمشورتهم أيضا.

الإسلام يرفض هيمنة أهل الكتاب :

وقد حاول القرآن ونبي الإسلام تخليص العرب من هيمنة أهل الكتاب ، بالاستناد إلى ما من شأنه أن يزعزع الثقة بما يقدمونه من معلومات ، على اعتبار أنها لا تستند إلى أساس ، بل هي محض افتراءات ومختلقات من عند أنفسهم. وهذا الأمر وحده يكفي لعدم الثقة بهم ، وبكل ما يأتون به.

فقد قال تعالى عنهم : إنهم (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ)(١).

وإنهم : (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً)(٢).

وإنهم رغم أنهم يعرفون النبي «صلى الله عليه وآله» كما يعرفون أبناءهم ، ويجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، فإنهم ينكرون ذلك بالكلية ، وذلك حسدا من عند أنفسهم. كما يستفاد من بعض الآيات القرآنية الشريفة.

وقد تحدث الله سبحانه عن صفات اليهود ، ومكرهم وغشهم ، وغير ذلك .. ما من شأنه تقويض الثقة بهم ، في كثير من الآيات والمواضع

__________________

(١) الآية ٤٦ من سورة النساء وراجع أيضا : الآية ٧٥ من سورة البقرة والآية ١٣ من سورة المائدة والآية ٤١ من سورة النساء.

(٢) الآية ٧٩ من سورة البقرة.

١١٠

القرآنية. واستقصاء ذلك يحتاج إلى توفر تام ، وجهد مستقل.

ومن جانب آخر ، فإننا نجد إصرارا أكيدا من الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» على إبعاد أصحابه عن الأخذ من أهل الكتاب ، وعن سؤالهم عن شيء من أمور الدين. فنهى «صلى الله عليه وآله» عن قراءة كتب أهل الكتاب (١).

وقال لأصحابه : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، فإنهم لن يهدوكم ، وقد أضلوا أنفسهم (٢).

وقد اتضح لكل أحد : أنه «صلى الله عليه وآله» كان يحب مخالفتهم في كثير من الأشياء (٣) ، حتى قالت اليهود : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه (٤).

__________________

(١) أسد الغابة ج ١ ص ٢٣٥.

(٢) المصنف للصنعاني ج ١٠ ص ٣١٢ وج ٦ ص ١١٠ وفي ١١٢ عن ابن مسعود وكذا في ج ١ ص ٢١٣ وكشف الأستار ج ١ ص ٧٩ ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٧٤ و ١٧٣.

وراجع : غريب الحديث لابن سلام ج ٤ ص ٤٨ وفتح الباري ج ١٣ ص ٢٨١ عن احمد والبزار وابن أبي شيبة وحول كراهة النبي لهم أن يسألوا أهل الكتاب راجع :

الإسرائيليات في كتب التفسير ص ٨٦ وكنز العمال ج ١ ص ٣٤٢ و ٤٤٢.

(٣) راجع : صحيح البخاري ج ٢ ص ١٩٥ في موضعين ، والمصنف للصنعاني ج ١١ ص ١٥٤ وستأتي بقية المصادر في الجزء الخامس من هذا الكتاب حين الحديث حول صيام يوم عاشوراء.

(٤) سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٥٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥ ومسند أبي عوانة ج ١ ص ٣١٢ والمدخل لابن الحاج ج ٢ ص ٤٨.

١١١

وقد استأذن عبد الله بن سلام النبي «صلى الله عليه وآله» بأن يقيم على السبت ، وأن يقرأ من التوراة في صلاته ، فلم يأذن له (١).

وسيأتي أنه لم يطع النبي «صلى الله عليه وآله» في ذلك أيضا.

مدارس «ماسكة» :

وقد كان من المفروض : أن يستجيب المسلمون لإرادة الله ورسوله هذه ، لا سيما مع التعليل والتوضيح الذي يذكره القرآن ونبي الإسلام لهذا المنع ، كقوله «صلى الله عليه وآله» : «لن يهدوكم ، وقد أضلوا أنفسهم».

أو قوله : «إنهم يحرفون الكلم عن مواضعه» وغير ذلك.

ولكن الأمر الذي يثير عجبنا هو أننا نجد : أن بعض مشاهير الصحابة يستمر على التعلم من أهل الكتاب.

وكان بعضهم ـ كالخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـ يقصدهم إلى مدارسهم في المدينة ، وتسمى «ماسكة».

وكان هو أكثر الصحابة إتيانا لهم. وزعموا أنهم يحبونه لأجل ذلك (٢).

__________________

(١) راجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٣٠.

(٢) راجع حول ذلك : جامع بيان العلم ج ٢ ص ١٢٣ ـ ١٢٤ وكنز العمال عن كلامه وعن الشعبي وعن قتادة والسدي ج ٢ ص ٢٢٨ والدر المنثور ج ١ ص ٩٠ عن ابن جرير ، ومصنف ابن أبي شيبة ، ومسند إسحاق بن راهويه ، وابن أبي حاتم. والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص ١٠٧ و ١٠٨. وكون اسم مدارس اليهود (فاشلة) مذكور في مصادر أخرى.

١١٢

الإصرار إلى حد الاغضاب :

وقد جاء عمر بن الخطاب إلى الرسول «صلى الله عليه وآله» بترجمة للتوراة ، وجعل يتلوها على النبي «صلى الله عليه وآله» ، ووجه النبي «صلى الله عليه وآله» يتمعّر ـ أي يتقبّض ـ وقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله» :

«أمتهوّكون أنتم؟! لقد جئتكم بها نقية بيضاء ، والله ، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» (١).

__________________

(١) للحديث ألفاظ مختلفة وله مصادر كثيرة ، فراجع على سبيل المثال : المصنف للصنعاني ج ١٠ ص ١١٣ وج ٦ ص ١١٢ وج ١١ ص ١١١ وتقييد العلم ص ٥٢ وفي هامشه عن مصادر أخرى وجامع بيان العلم ج ٢ ص ٥٢ ـ ٥٣ وراجع ص ٥٠ والفائق ج ٤ ص ١١٦ ومسند أحمد ج ٣ ص ٣٨٧ و ٤٧٠ ـ ٤٧١ وج ٤ ص ٢٦٦ وغريب الحديث ج ٤ ص ٤٨ ـ ٤٩ وج ٣ ص ٢٨ و ٢٩ والبداية والنهاية ج ٢ ص ١٣٣ وقال : تفرد به أحمد وإسناده على شرط مسلم ولسان الميزان ج ٢ ص ٤٠٨ وكنز العمال ج ١ ص ٢٣٣ و ٢٣٤ عن عدة مصادر والبحار ج ٧٣ ص ٣٤٧ وج ٢ ص ٩٩ ط مؤسسة الوفاء ، والدعوات للراوندي ص ١٧٠ وأسد الغابة ج ٣ ص ١٢٦ ـ ١٢٧ وج ١ ص ٢٣٥ والنهاية في اللغة ج ٥ ص ٢٨٢ وميزان الاعتدال ج ١ ص ٦٦٦ ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٨٢ و ١٧٤ و ١٧٣ وسنن الدارمي ج ١ ص ١١٥ و ١١٦ والمقدمة لابن خلدون ص ٤٣٦ والضعفاء الكبير ج ٢ ص ٢١ وصفة الصفوة ج ١ ص ١٨٤ واليهود واليهودية ص ١٤ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٢٣٠ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٢٩ وراجع : كشف الأستار ج ١ ص ٧٩ وفتح الباري ج ١٣ ص ٢٨١ عن أحمد ، وابن أبي شيبة ، والبزار والإسرائيليات في كتب التفسير ص ٨٦ وأضواء على السنة المحمدية ص ١٦٢ والقصاص والمذكرين ص ١٠ وأصول السرخسي ج ٢ ص ١٥٢.

١١٣

وهكذا فعلت حفصة ـ حسبما يروى ـ مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وهكذا أيضا كان موقفه «صلى الله عليه وآله» منها (١).

ولم يكتف «صلى الله عليه وآله» بالقول وبالتغيظ على من يأخذ من أهل الكتاب ، بل باشر إتلاف ما كتبوه عنهم بنفسه.

فقد روي أن عمر بن الخطاب جاء إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بشيء كتبه عن أحد اليهود ، فجعل «صلى الله عليه وآله» يتتبعه رسما رسما ، يمحوه بريقه ، وهو يقول : «لا تتبعوا هؤلاء ؛ فإنهم قد هوكوا وتهوكوا ، حتى محا آخره حرفا حرفا» (٢).

كل ذلك لم ينفع :

ولكن ما يؤسف له هو أنه رغم صراحة القرآن ، ورغم جهود النبي «صلى الله عليه وآله» لمنع الناس من الأخذ من أهل الكتاب ، فقد استمر كثيرون على الأخذ عنهم.

والتلمّذ على أيدي من أظهر الإسلام منهم ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.

وقد شجعتهم السلطات على رواية أساطيرهم بأساليب وطرق مختلفة. كما سنرى.

__________________

(١) المصنف للصنعاني ج ١١ ص ١١٠ وج ٦ ص ١١٣ و ١١٤.

(٢) حلية الأولياء ج ٥ ص ١٣٦ وكنز العمال ج ١ ص ٣٣٤.

١١٤

عود على بدء :

وبعد ما تقدم نقول :

إنهم حين منعوا الناس من السؤال عن معاني القرآن ، ورواية حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وكتابته ، وواجهتهم مشكلة إيجاد البديل ، ورأوا : أن الحل الأفضل هو توجيه الناس إلى ما عند أهل الكتاب ، فإن ذلك ينسجم مع الخلفيات التي كانت لدى الكثيرين ، ويدفع الآخرين للتعرف على ما عند هؤلاء الناس من عجائب وغرائب ، ثم هو يخفف من حدة الضغوطات التي يتعرضون لها فيما يرتبط باهتمام الناس بالمعارف الدينية.

وتبقى مشكلة الفتوى ، وهي مشكلة سهلة الحل ، وقد وجدوا لها التدبير المناسب والمعقول بنظرهم ، كما سنرى. أما كيف وجهوا الناس نحو علوم أهل الكتاب ، فذلك هو الأمر المهم والحساس ، الذي لا بد لنا هنا من الإشارة إلى بعض فصوله وشواهده ، فنقول :

المرسوم العام :

لقد كان لا بد لهم بادئ ذي بدء من إعطاء رواية الإسرائيليات جوازا شرعيا ، مستندا إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، ليقبله الناس ، وليكون حجة على من يريد أن يعترض ، فكان أن أصدروا مرسوما عاما ، منسوبا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول : «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج». كما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري (١).

__________________

(١) راجع : صحيح البخاري ط سنة ١٣٠٩ ه‍. ج ٢ ص ١٦٥ والمصنف للصنعاني ج ٦ ص ١٠٩ و ١١٠ وج ١٠ ص ٣١٠ و ٣١١ و ٣١٢ هوامشه والجامع الصحيح ـ ـ ج ٥ ص ٤٠ وسنن أبي داود ج ٣ ص ٣٢٢ وسنن الدارمي ج ١ ص ١٣٦ ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٦ و ١٣ و ٥٦ وج ٢ ص ٢١٤ و ١٥٩ و ٢٠٢ و ٤٧٤ و ٥٠٢ ومشكل الآثار ج ١ ص ٤٠ و ٤١ وذكر أخبار أصبهان ج ١ ص ١٤٩ وكشف الأستار عن مسند البزار ج ١ ص ١٠٩ والأسرار المرفوعة ص ٩ والمجروحون ج ١ ص ٦ ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٥١ والمعجم الصغير ج ١ ص ١٦٦ وكنز العمال ج ١٠ ص ١٢٩ و ١٣٥ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٢٤ و ٢٢٥ و ٢٢٦ والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص ٩٠ و ٩١ و ٩٢ و ١٠٠ و ١٠٣ و ١٠٥ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٤ و ٢٢١ والبداية والنهاية ج ١ ص ٦ وج ٢ ص ١٣٢ و ١٣٣ وتقييد العلم ص ٣٠ و ٣١ و ٣٤ وشرف أصحاب الحديث ص ١٥ و ١٤.

١١٥

وبذلك يكونون قد سمحوا لأهل الكتاب بأن ينشروا أساطيرهم ، ويشيعوا أباطيلهم ، وذلك بصورة شرعية ، ورسمية ، ولا يمكن الاعتراض عليها ، لا سيما وأنهم قد دعموا ذلك بمزاعم أخرى من قبيل ما زعموه من أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يحدثهم عن بني إسرائيل عامة ليله ، حتى يصبح (١).

وقولهم : إنه «صلى الله عليه وآله» قد أمر عبد الله بن سلام بقراءة القرآن والتوراة ، هذا ليلة ، وهذا ليلة (٢).

__________________

(١) راجع : سنن أبي داود ج ٣ ص ٣٢٢ ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٩١ وج ٨ ص ٢٦٤ ومشكل الآثار ج ١ ص ٤١ ومسند أحمد ج ٤ ص ٤٤٤ وص ٤٣٧ والبداية والنهاية ج ٢ ص ١٣٢ و ١٣٣ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٣٨ و ٣٤٥ عن أبي داود وابن خزيمة ، وأحمد ، والطبراني ، والهيثمي.

(٢) راجع : ذكر أخبار أصبهان ج ١ ص ٨٤.

١١٦

أصل الحديث :

والظاهر هو أن حديث : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ليس كذبا كله ، بل هو ـ فيما نظن ـ تحريف للكلمة المأثورة عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» : حدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. حسبما رواه أبو هريرة!! وأبو سعيد الخدري ، وأنس .. (١).

والأولان بالإضافة إلى ابن عمرو بن العاص هم الذين ينسب إليهم ذلك الحديث المحرف.

إلا أن يكون المراد من الحديث : حدثوا بما حدثتكم به من مخازي وانحرافات بني إسرائيل ولا حرج ، ويكون هؤلاء الناس قد أساؤوا فهم هذا الحديث ، واستفادوا منه لتنفيذ سياساتهم ومآربهم.

خطوة أخرى على الطريق :

وبعد هذا التمهيد ، فقد كان من الطبيعي أن نتوقع منهم التقدم خطوة أخرى باتجاه إعطاء امتيازات لأهل الكتاب ، فقد سمح الخليفة الثاني لكعب الأحبار بأن يقرأ التوراة آناء الليل والنهار (٢).

__________________

(١) كنز العمال ج ١٠ ص ١٢٨ و ١٣٥ و ١٣٦ عن أحمد ومسلم ، وأبي داود ، وابن عساكر ، وصحيح مسلم ج ٨ ص ٢٢٩ والمصنف للصنعاني ج ١١ ص ٢٦٠ وتقييد العلم ص ٣١ و ٣٣ و ٣٤ و ٣٥ و ٧٨.

(٢) راجع : غريب الحديث ج ٤ ص ٢٦٢ وجامع بيان العلم ج ٢ ص ٥٣ والفصل في الملل والأهواء والنحل ج ١ ص ٢١٧ والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص ٩٦ والفائق للزمخشري ج ٢ ص ٢٣٦.

١١٧

إفتراض لا يجدي :

ونريد أن نفترض مسبقا ، وقبل الدخول في تفاصيل القضايا :

أن حديث : «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ، قد قاله رسول الله «صلى الله عليه وآله» حقيقة ، وبلا ريب.

ولكن هذا الافتراض لا يجدي ، ولا يثبت به الرخصة بالأخذ عن أهل الكتاب ، والركون إليهم ، ورواية أباطيلهم ، وأساطيرهم.

إذ إن هذا التعبير إنما يفيد جواز نقل ما وصل إليهم من أخبار بني إسرائيل الثابتة والمعلوم صحتها ، مما أخبرهم الله ونبيه به.

حيث كانوا يتوهمون عدم جواز روايتها وتداولها ، فورد الترخيص لهم بذلك. لا أن يأخذوا عن علماء أهل الكتاب ما يصدرونه لهم من غث وسمين ، وصحيح وسقيم.

شيوع الأخذ عن أهل الكتاب :

ومهما يكن من أمر ، فإن الناس كانوا يأخذون من كعب الأحبار ، الذي كان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية (١) وعن وهب بن منبه ، وعبد الله بن سلام ، وغيرهم من علماء وأحبار أهل الكتاب ، الذين أظهروا الإسلام.

قال الكتاني : «وأخذ كثير من علية الصحابة عن كعب الحبر معروف» (٢).

__________________

(١) راجع : سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٤٨٩ والبداية والنهاية ج ١ ص ١٨.

(٢) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٢٧.

١١٨

ولكي لا نكون قد أهملنا الإشارة إلى بعض هؤلاء الذين أخذوا عن أهل الكتاب ، فإننا نكتفي بتقديم نموذج بسيط جدا من أسماء هؤلاء ، مع إلماحة في الهامش إلى نموذج من المصادر أيضا ، التي نجد فيها ما يؤيد أخذ من ذكرنا أسماءهم عن علماء اليهود والنصارى.

فراجع ما يؤثر في هذا المجال عن : أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ، وأبي هريرة ، وعمر بن الخطاب ، وابنه عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعطاء بن يسار ، وعوف بن مالك ، وسعيد بن المسيب ، وزرارة بن أوفى ، وروح بن زنباغ ، وعطاء بن يزيد ، وشهر بن حوشب ، وعبد الله بن وهب ، وعبد الله بن مغفل ، وعبد الله بن الحرث ، وأنس ، وعبد الله بن حنظلة ، وأبي الدرداء ، ومقاتل بن سليمان ، بل لقد نسب ذلك إلى ابن عباس أيضا (١).

__________________

(١) راجع في ذلك كلا أو بعضا : الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص ١١٠ و ١١٧ و ١٦٠ و ١٦١ و ١٢٦ و ١٥٤ و ١٦٨ وفجر الإسلام ص ٢٠١ و ١٦٠ وأضواء على السنة المحمدية ص ١١٠ و ١٢٥ ـ ١٢٦ و ١٧٢ و ١٧٣ ، ودائرة المعارف الإسلامية ج ١ ص ٢٠ وج ١١ ص ٥٨٢ ـ ٥٨٣ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ١٧ وتهذيب التهذيب ج ٨ ص ٤٣٩ وج ١ ص ٥١١ ـ ٥١٢ وجامع البيان ج ١٧ ص ١٠ ومجلة المنار ، الجزء الأول ، المجلد ٢٦ ص ٦١٥ و ٧٨٣ ، والموطأ (مطبوع مع تنوير الحوالك) ج ١ ص ١٣١ ـ ١٣٢ ومنحة المعبود ج ١ ص ١٤٠ والزهد والرقائق ص ٤٣٤ و ٥٣٤ وربيع الأبرار ج ١ ص ٥٥٩ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٢١٧ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٢٦ و ٣٢٧ واختصار علوم الحديث (مع الباعث الحثيث) ص ١٩٦ وميزان الاعتدال ج ٤ ص ١٧٣ ترجمة مقاتل.

١١٩

هذا إلى جانب عشرات بل مئات آخرين ، فراجع تراجم علماء أهل الكتاب ، وانظر من روى عنهم ليتضح لك ذلك بصورة جلية (١).

الإرجاعات الصريحة :

وقد كان بعض الصحابة المتأثرون بأهل الكتاب يوصون بأخذ العلم عنهم.

فقد روي : أنه حينما حضرت معاذا الوفاة أوصاهم : أن يلتمسوا العلم عند أربعة وهم : سلمان ، وابن مسعود ، وأبو الدرداء ، وعبد الله بن سلام ، الذي كان يهوديا فأسلم (٢).

وأوضح من ذلك وأصرح : ما روي من أن رجلا سأل ابن عمر عن مسألة ، وعنده رجل من اليهود ، يقال له : يوسف ، فقال : سل يوسف ، فإن الله يقول : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٣).

زاملتا عبد الله بن عمرو بن العاص :

وفي سياق الحديث عن الأخذ عن أهل الكتاب بعد أن ترخص الناس بذلك ، وبدأ أحبارهم وعلماؤهم في نشر أساطيرهم بجد ونشاط ، نلاحظ : أن بعض الصحابة يكاد يكون متخصصا في النقل عنهم ، وفي نشر أباطيلهم وأساطيرهم.

__________________

(١) راجع تراجمهم في تهذيب التهذيب للعسقلاني ، وسير أعلام النبلاء للذهبي ، وميزان الاعتدال ، ولسان الميزان ، وتهذيب الكمال ، وغير ذلك.

(٢) راجع : التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٢٦ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٦ ص ٢٠٥. والإيضاح ص ٤٥٦.

(٣) الآية ٤٣ من سورة النحل.

١٢٠