بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فلايؤخره فان العبد ربما صلى الصلاة أو صام الصوم فيقال له : اعمل ماشئت بعدها فقد غفر ( الله ) لك (١).

بيان : قوله عليه‌السلام : « فان العبد » يعني أن العبادة التي توجب المغفرة التامة والقرب ( الكامل من جناب الحق تعالى مستورة على العبد لايدري أيها هي فكلماهم بعبادة فعليه إمضاؤها قبل أن تفوته فلعلها تكون هي تلك ) العبادة ، كماروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنن لربكم في أيام دهركم نفحات ، ألا فتعرضوا لها ، والصلاة والصوم منصوبان بالمصدرية للنوع أي نوعا من الصلوة ونوعا من الصوم ، وفي بعض النسخ مكان الصوم « اليوم » فهو منصوب على الظرفية « فيقال له » القائل هوالله كما سيأتي أو الملائكة « بعدها » الضمير راجع إلى الصلاة على المثال أو إلى كل منهما بتأويل العبادة ، وفي قوله : « اعمل ماشئت » إشكال فانه ظاهرا أمر بالقبيح ، والجواب أنه معلوم أنه ليس الامر هنا على حقيقته بل الغرض بيان أن الاعمال السيئة لاتضرك بحيث تحرمك عن دخول الجنة ، بأن وفقت لعدم الاصرار على الكبيرة أو صرت قابلا للعفو والمغفرة ، فيغفر الله لك.

فان قيل : هذا إغراء بالقبيح قلت : الاغراء بالقبيح إنما يكون إذاعلم العبد صدور مثل ذلك العمل عنه ، وأنه أي عمل هو ، وهومستور عنه ، وقد يقال : إن المعنى أنك لاتحاسب على مامضى ، فقد غفرلك ، فبعد ذلك استأنف العمل إما للجنة فستوجبها وإما للنار ، فتستحقها كقوله اعمل ما شئت فانك ملاقيه.

وهذا الخبر منقول في طرق العامة ، وقال القرطبي : الامر في قوله « اعمل ماشئت » أمر إكرام كمافي قوله تعالى « ادخلوها بسلام آمنين » (٢) وإخبار عن الرجل بأنه قد غفر له ماتقدم من ذنبه ، ومحفوظ في الاتي ، وقال الابي : يريد بأمر الاكرام أنه ليس إباحة لان يفعل مايشاء.

٣١ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم عن أبي جميلة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : افتتحوا نهاركم بخير ، وأملوا

___________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٤٢ (٢) الحجر : ٦٤.

٢٢١

على حفظتكم في أوله وفي آخره خيرا يغفرلكم مابين ذلك إن شاء الله (١).

بيان : هو حث على فعل الطاعات في أول النهار ، وافتتاح النهار بالادعية والاذكار والتلاوة وسائر الاقوال الحسنة ، فإن ملائكة النهار يكتبونها في أول صحيفة أعمالهم ، فكأنه يملي عليهم ، وكذا في آخر النهار فان الاملاء هو أن تلقي شيئا على غيرك ليكتب ، وأصله الاملال ، ويدل على أن فعل ذلك يوجب غفران مابينهما من الذنوب ، ولذا وردت عن أئمتنا عليهم‌السلام أذكار وأدعية كثيرة للصباح والمساء ، والتقييد بالمشية للتبرك أو لعدم الاغترار.

٣٢ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أبي يقول : إذا هممت بخير فبادر ، فانك لاتدري مايحدث (٢).

بيان : « فانك لاتدري مايحدث » أي كموت أوهرم أو مرض أو سهو أونسيان أو وسوسة شيطان أو مانع من الموانع التي لاتعد ولاتحصى.

٣٣ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله يحب من الخيرمايعجل (٣).

بيان : يدل على استحباب تعجيل الخيرات ، كما قال تعالى : « وسارعوا إلى مغفرة من ربكم » (٤) وقال سبحانه « اولئك يسارعون في الخيرات » (٥) ويدل على استحباب المبادرة إلى الصلوات في أوائل أوقاتها وكذا سائر العبادات.

٣٤ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان عن بشربن يسار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قال : إذا أردت شيئا من الخير فلاتؤخره فان العبد يصوم اليوم الحار يريد ماعندالله فيعتقه الله به من النار ، ولايستقل ما

___________________

(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ١٤٢.

(٤) آل عمران : ١٣٣.

(٥) المؤمنون : ٦١.

٢٢٢

يتقرب به إلى الله عزوجل ، ولو بشق تمرة (١).

بيان : « ولوبشق تمرة » أي نصفها فانه قد يحفظ به النفس عن الجوع المهلك ، وقد يعلل به اليتيم ، ولانه إذا اجتمع منه كثير يصير قوتا لشخص ، قال في النهاية : فيه اتقوا النار ولوبشق تمرة فانها تقع من الجائع موقعها من الشبعان قيل : أراد شق التمرة أي نصفها لايتبين له كبير موقع من الجايع ، إذاتناوله كما لايتبين على شبع الشبعان إذا أكله ، فلا تعجزوا أن تتصدقوا به ، وقيل : لانه يسأل هذا شق تمرة ، ( وذا شق تمرة ) وثالثا ورابعا فيجتمع له مايسد به جوعته.

٣٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من هم بخير فليعجله ولايؤخره ، فان العبد ربما عمل العمل فيقول الله تبارك وتعالى : قد غفرت لك ولا أكتب عليك شيئا أبدا ، ومن هم بسيئة فلا يعملها فانه ربما عمل العبد السيئة فيراه الرب سبحانه فيقول : لاوعزتي وجلالي لا أغفرلك بعدها أبدا (٢).

ايضاح : قوله تعالى « قد غفرت لك » الظاهر أن هذا من باب التفضل وذلك العمل يصير سببا لاستحقاق هذا الفضل ، ويحتمل أن يكون مبنيا على التكفير فان الحسنات يذهبن السيئات ، ويكون هذا العمل مكفرا لما بعده أيضا أو يحفظه الله فيما يأتي عن الكبائر كما مر ، وأما قوله « لا أغفر لك بعدها أبدا » فهوإما لخروجه بذلك عن استحقاق الغفران ، فيعاقب على جميع معاصيه بعد ذلك ، أو لاستحقاقه للخذلان ، فيتسلط عليه الشيطان فيخرجه من الايمان ، أو هو مبني على الحبط ، فيحبط هذا العمل مايأتي به من الطاعات بعده ، أعاذنا الله وسائر المؤمنين من ذلك والله المستعان.

٣٦ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا هممت بشئ من الخير فلاتؤخره ، فان الله عزوجل ربما اطلع

___________________

(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٢.

٢٢٣

على العبد وهوعلى شئ من الطاعة ، فيقول : وعزتي وجلالي لا اعذبك بعدها أبدا ، وإذا هممت بسيئة فلاتعملها فانه ربما اطلع الله على العبد وهوعلى شئ من المعصية فيقول : وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا (١).

بيان : في المصباح : أطلعت زيدا على كذا ، مثال أعلمته وزنا ومعنى ، فاطلع على افتعل ، أي أشرف عليه وعلم به.

٣٧ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمدبن عبدالجبار ، عن ابن فضال عن أبي جميلة ، عن محمدبن حمران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذاهم أحدكم بخير أوصلة ، فان عن يمينه وشماله شيطانين فيبادر لايكفاه عن ذلك (٢).

تبيان : « بخير » أي إيصال نفع إلى الغير أو الاعم منه ومن سائر الاعمال الصالحة التي ينتفع بها في الاخرة « أوصلة » أي صلة رحم من الوالدين والاقارب أو الاعم منهم ومن المؤمنين ، فيكون تخصيصا بعد التعميم أو المراد بالخير مايصل نفعه إلى نفسه ، وبالصلة مايصل إلى الغير.

« فان عن يمينه وشماله » قد يقال : صاحب اليمين يضله من جهة الطاعة و صاحب الشمال يضله من جهة المعصية.

واعلم أن النفوس البشرية نافرة عن العبادات لمافيها من المشقة الثقيلة عليها ، ومن صلة الارحام والمبرات لما فيها من صرف المال المحبوب لها ، فاذا هم أحدهم بشئ من ذلك مما يوجب وصوله إلى مقام الزلفى وتشرفه بالسعادة العظمى فليبادر إلى إمضائه وليعجل إلى اقتنائه فان الشيطان أبدا في مكمن ينتهض الفرصة لنفثه في نفسه الامارة بالسوء ، ويتحرى الحيلة مرة بعد اخرى في منعها عن الارادات الصحيحة الموجبة لسعادتها ، وأمرها بالقبائح المورثة لشقاوتها ، ويجلب عليها خيله ( ورجله من جميع الجهات ليسد عليها طرق الوصول إلى الخيرات وهي مع ذلك قابلة ) (٣) لتلك الوساوس ، ومائلة بالطبع إلى هذه الخسايس

___________________

(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ١٤٣.

(٣) زيادة من المرآت.

٢٢٤

فربما يتمكن منها الشيطان غاية التمكن حتى يصرفها عن تلك الارادة ، ويكفها عن هذه السعادة ، وهي مجربة مشاهدة في أكثر الناس إلا من عصمه الله « لايكفاه » أي لايمنعاه.

٣٨ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : من هم بشئ من الخير فليعجله ، فان كل شئ فيه تأخير فان للشيطان فيه نظرة (١).

بيان : « فان للشيطان فيه نظرة » بسكون الظاء أي فكرة لاحداث حيلة يكف بها العبد عن الاتيان بالخير ، أو بكسرها يعني مهلة يتفكر فيها لذلك أو بالتحريك بمعنى الحكم أو بمعنى الفكر أو بمعنى الانتظار والكل مناسب ، قال في القاموس نظره كضربه وسمعدو إليه نظرا ومنظرا تأمله بعينه ، وبينهم حكم ، والنظر محركة الفكر في الشئ تقدره وتقيسه ، والانتظار والحكم بين القوم والاعانة والفعل كنصر والنظرة كفرحة التأخير في الامر والنظرة الهيئة (٢).

٣٩ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن محمدبن الحسين ، عن علي بن أسباط ، عن العلا ، عن محمدبن مسلم قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : إن الله ثقل الخير على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة ، وإن الله خفف الشر على أهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة (٣).

تبيين : « ثقل الخير على أهل الدنيا » أي على جميع المكلفين في الدنيا بأن جعل ماكلفهم به مخالفا لمشتهيات طباعهم وإن كان المقربون لقوة عقولهم وكثرة علومهم ورياضاتهم غلبوا على أهوائهم ، وصار عليهم خفيفا ، بل يلتذون به ، أو المراد بأهل الدنيا الراغبون فيها والطالبون مع ذلك للاخرة ، فهم يزجرون أنفسهم على ترك الشهوات ، فالحسنات عليهم ثقيلة والشرور عليهم خفيفة.

___________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٤٣.

(٢) القاموس ج ٢ ص ١٤٤.

(٣) الكافى ج ٢ ص ١٤٣.

٢٢٥

والثقل والخفة في الموازين إشارة إلى قوله تعالى « فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فامه هاوية » (١).

واعلم أنه لا خلاف في حقية الميزان ، وقد نطق به صريح القرآن في مواضع لكن اختلف المتكلمون من الخاصة والعامة في معناه ، فمنهم من حمله على المجاز ، وأن المراد من الموازين هي التعديل بين الاعمال والجزاء عليها ووضع كل جزاء في موضعه ، وإيصال كل ذي حق إلى حقه ، ذهب إليه الشيخ المفيد قدس الله روحه ، وجماعة من العامة ، والاكثرون منا ومنهم حملوه على الحقيقة وقالوا : إن الله ينصب ميزانا له لسان وكفتان ، يوم القيامة ، فتوزن به أعمال العباد والحسنات والسيئات.

واختلفوا في كيفية الوزن لان الاعمال أعراض لاتجوز عليها الاعادة ولايكون لها وزن ولاتقوم بأنفسها ، فقيل : توزن صحائف الاعمال وقيل : تظهر علامات للحسنات ، وعلامات للسيئات في الكفتين فتراها الناس ، وقيل : تظهر للحسنات صور حسنة ، وللسيئات صور سيئة ، وهو مروى عن ابن عباس ، و قيل : بتجسم الاعمال في تلك النشأة ، وقالوا بجواز تبدل الحقائق في النشأتين كمافي النوم واليقظة.

وقيل : توزن نفس المؤمن والكافر فعن عبيد بن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الجثة فلايزن جناح بعوضة ، وقيل : الميزان واحد والجمع باعتبار أنواع الاعمال والاشخاص ، وقيل : الموازين متعددة بحسب ذلك ، وقد ورد في الاخبار أن الائمة عليهم‌السلام هم الموازين القسط ، فيمكن حملها على أنهم الحاضرون عندها والحاكمون عليها ، وعدم صرف ألفاظ القرآن عن حقائقها بدون حجة قاطعة أولى.

فعلى القول بظاهر الميزان نسبة الخفة والثقل إلى الموازين باعتبار كفة

___________________

(١) القارعة : ٦.

٢٢٦

الحسنات ، فالمراد بمن خفت موازينه من خفت كفة حسناته بسبب ثقل كفة سيئاته.

قال الطبرسي ـ ره ـ في قوله تعالى « فأما من ثقلت موازينه » الخ : قد ذكر سبحانه الحسنات في الموضعين ، ولم يذكروزن السيئات لان الوزن عبارة عن القدر والخطر ، والسيئة لاخطر لها ولاقدر ، وإنما الخطر والقدر للحسنات فكان المعنى فأما من عظم قدره عندالله لكثرة حسناته ، ومن خفت قدره عندالله لخفة حسناته انتهى (١).

وأما ماورد في الخبر من نسبة الخفة إلى الشر فيمكن أن يكون الاسناد على المجاز ، فان الشر لما كان علة لخفة كفة الحسنات ، نسبت الخفة إليها أو لانه يصير سببا لخفة قد رصاحبه ومذلته ، ولايبعد القول بوحدة كفة الميزان في القيامة ، فتوضع فيها الحسنات والسيئات معا ، فتخف بسبب السيئات وتثقل بسبب الحسنات ، فتكون لوقوفها منازل من الاعتدال والثقل والخفة ، كماذهب إليه بعض المحدثين ، فالايات والاخبار تعتدل على ظواهرها ، والله يعلم حقائق كلامه وكلام حججه وهم عليهم‌السلام.

___________________

(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٣٢.

٢٢٧

(٦٧)

* ( باب ) *

* « ( ترك العجب والاعتراف بالتقصير ) » *

الايات : فاطر : أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء (١).

١ ـ ب : ذكر الحسن بن الجهم أنه سمع الرضا عليه‌السلام يقول إن رجلا كان في بني إسرائيل عبدالله تبارك وتعالى أربعين سنة ، فلم يقبل منه فقال لنفسه ما اتيت إلا منك ، ولا أكديت إلا لك ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : ذمك نفسك أفضل من عبادة أربعين سنة (٣).

٢ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني ، عن عدة من أصحابه عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن البرقي ، عن الحذاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله عزوجل : لايتكل العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي ، فانهم لواجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي ، فيما يطلبون من كرامتي ، والنعيم في جناتي ، ورفيع الدرجات العلى في جواري ، ولكن برحمتي فليثقوا ، و فضلي فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا ، فان رحمتي عند ذلك تدركهم وبمني ابلغهم رضواني ، والبسهم عفوي ، فاني أنا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت (٢).

٣ ـ ما : بهذا الاسناد ، عن الكليني ، عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : عليك بالجد

___________________

(١) فاطر : ٨.

(٢) كذا في الاصل والاكداء كناية عن الحرمان في الطلب يقال : أكدى الرجل : أخفق ولم يظفر بحاجته ، وفى المصدر ط النجف موافق لنسخة الكافى الرقم ١٥ (٣) قرب الاسناد ص ٢٣١ وفى ط ١٧٤.

(٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢١٥.

٢٢٨

ولاتخرجن نفسك عن حد التقصير في عبادة الله وطاعته ، فان الله تعالى لايعبد حق عبادته (١).

٤ ـ سن : في رواية عبدالرحمن بن أبي نجران قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : الرجل يعمل العمل وهوخائف مشفق ، ثم يعمل شيئا من البر فيدخله شبه العجب ، لما عمل ، قال عليه‌السلام : فهوفي حاله الاولى أحسن حالامنه في هذه الحال (٢).

٥ ـ سن : ابن سنان ، عن العلا ، عن خالد الصيقل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله فوض الامر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات وسبع أرضين فلما رأى أن الاشياء قد انقادت له ، قال : من مثلي فأرسل الله عليه نويرة من النار قلت : وما النويرة؟ قال : نار مثل الانملة ، فاستقبلها بجميع ماخلق فيحك لذلك حتى وصلت إلى نفسه لما أن دخله العجب (٣).

٦ ـ م : قال محمدبن علي الباقر عليهما‌السلام : دخل محمدبن علي ـ بن مسلم بن شهاب الزهري على علي بن الحسين زين العابدين عليهما‌السلام وهوكئيب حزين ، فقال له زين العابدين : مابالك مهموما مغموما؟ قال : يا ابن رسول الله هموم وغموم تتوالى علي لما امتحنت به من جهة حساد نعمتي ، والطامعين في ، وممن أرجوه وممن أحسنت إليه فيخلف ظني ، فقال له علي بن الحسين زين العابدين عليهما‌السلام : احفظ لسانك تملك به إخوانك قال الزهري : يا ابن رسول الله إني احسن إليهم بما يبدر من كلامي ، قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : هيهات هيهات إياك وأن تعجب من نفسك بذلك ، وإياك أن تتكلم بما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وإن كان عندك اعتذاره ، فليس كل من تسمعه نكرا يمكنك لان توسعه عذرا.

ثم قال : يازهري من لم يكن عقله أكمل مافيه ، كان هلاكه من أيسر

___________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢١٥.

(٢) المحاسن ص ١٢٢ في حديث.

(٣) المحاسن ص ١٢٣.

٢٢٩

مافيه ، ثم قال : يازهري وماعليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك ، وتجعل صغيرهم بمنزلة ولدك ، وتجعل تربك منهم بمنزلة أخيك ، فأي هؤلاء تحب أن تظلم؟ وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه؟ وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره.

وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك فضلا على أحد من أهل القبلة فانظر إن كان أكبر منك ، فقل : قد سبقني بالايمان والعمل الصالح فهوخير مني ، وإن كان أصغر منك فقل : قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهوخير مني وإن كان تربك فقل : أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره ، فمالي أدع يقيني بشكي ، وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجلونك فقل : هذا فضل أخذوا به ، وإن رأيت منهم جفاء وانقباضا عنك ، فقل : هذا لذنب أحدثته ، فانك إن فعلت ذلك سهل الله عليك عيشك ، وكثر أصدقاؤك ، وقل أعداؤك ، وفرحت بمايكون من برهم ، ولم تأسف على مايكون من جفائهم.

واعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره فائضا عليهم ، وكان عنهم مستغنيا متعففا ، وأكرم الناس بعده عليهم من كان عنهم متعففا وإن كان إليهم محتاجا ، فانما أهل الدنيا يعشقون الاموال ، فمن لم يزاحمهم فيما يعشقونه كرم عليهم ، ومن لم يزاحمهم فيها ومكنهم منها أو من بعضها كان أعز وأكرم (١).

٦ ـ ين : النضر ، عن محمدبن سنان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن عالما أتى عابدا فقال له : كيف صلاتك؟ فقال : تسألني عن صلاتي وأنا أعبدالله منذكذا وكذا؟ فقال : كيف بكاؤك؟ فقال : إني لابكي حتى تجري دموعي فقال له العالم : فان ضحكك وأنت تخاف الله أفضل من بكائك وأنت مدل على الله ، إن المدل بعمله لايصعد من عمله شئ.

٧ ـ ين : النضر ، عن محمدبن سنان ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال داود النبي عليه‌السلام : لاعبدن الله اليوم عبادة ولاقرأن

___________________

(١) تفسير الامام ص ١٢ في ط وص ٩ في ط.

٢٣٠

قراءة لم أفعل مثلها قط ، فدخل محرابه ففعل ، فلما فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب ، فقال له : ياداود أعجبك اليوم مافعلت من عبادتك وقراءتك؟ فقال : نعم ، فقال : لايعجبنك فاني اسبح الله في كل ليلة ألف تسبيحة يتشعب لي مع كل تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة ، وإني لاكون في قعر الماء فيصوت الطير في الهواء فأحسبه جائعا فأطفو له على الماء ليأكلني ومالي ذنب.

٨ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن العبد ليذنب الذنب فيندم عليه ، ثم يعمل العمل فيسره ذلك ، فيتراخى عن حاله تلك ، ولان يكون على حاله تلك خيرله مما دخل فيه.

٩ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن الثمالي ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : إن من عبادي من يسألني الشئ من طاعتي لاحبه فأصرف ذلك عنه لكيلا يعجبه عمله.

١٠ ـ ين : الوشاء ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن أيوب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يارب ماسألتك شيئا من الدنيا قط وداخله شئ فأقبلت إليه سحابة حتى نادته : يا أيوب من وفقك لذلك؟ قال : أنت يارب.

١١ ـ نهج : قال عليه‌السلام : لاوحدة أوحش من العجب (١).

١٢ ـ عدة الداعى : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : واعلموا عبادالله أن المؤمن لايصبح ولايمسي إلا ونفسه ظنون عنده ، فلايزال زاريا عليها ومستزيدا لها فكونوا كالسابقين قبلكم ، والماضين أمامكم ، قوضوا من الدنيا تقويض الراحل وطووها طي المنازل (٢).

١٣ ـ كتاب الغارات : لابراهيم بن محمد الثقفي باسناده عن الاصبغ بن نباتة قال : خطب علي عليه‌السلام فحمدالله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه ، ثم قال :

___________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٦٨.

(٢) عدة الداعى ص ١٧٥.

٢٣١

أما بعد فاني اوصيكم بتقوى الله الذي بطاعته ينفع أولياءه ، وبمعصيته يضر أعداءه وإنه ليس لهالك هلك من يعذره في تعمد ضلالة حسبها هدى ، ولاترك حق حسبه ضلالة ، وإن أحق مايتعاهد الراعي من رعيته أن يتعاهدهم بالذي لله عليهم في وظائف دينهم.

وإنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به ، وأن ننهاكم عما نهاكم الله عنه وأن نقيم أمر الله في قريب الناس وبعيدهم لانبالي بمن جاء الحق عليه ، وقد علمت أن أقوى مايتمنون في دينهم الاماني ، ويقولون : نحن نصلي مع المصلين ونجاهد مع المجاهدين ، ونهجر الهجرة ، ونقتل العدو ، وكل ذلك يفعله أقوام.

ليس الايمان بالتحلي ولابالتمني ، الصلاة لها وقت فرضه رسول الله ، لاتصلح إلابه ، فوقت صلاة الفجر حين تزايل المرء ليله ، ويحرم على الصائم طعامه وشرابه ووقت صلاة الظهر إذاكان القيظ حين يكون ظلك مثلك ، وإذاكان الشتاء حين تزول الشمس من الفلك ، وذلك حين تكون على حاجبك الايمن مع شروط الله في الركوع والسجود ، ووقت العصر والشمس بيضاء نقية ، قد رما يسلك الرجل على الجمل الثقيل فرسخين قبل غروبها ، ووقت صلاة المغرب إذاغربت الشمس وأفطر الصائم ، ووقت صلاة العشاء الاخرة حين غسق الليل وتذهب حمرة الافق إلى ثلث الليل ، فمن نام عند ذلك فلا أنا م الله عينه ، فهذه مواقيت الصلاة ، « إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا » (١).

ويقول الرجل : هاجرت ولم يهاجر ، إنما المهاجرون الذين يهجرون السيئات ولم يأتوا بها ، ويقول الرجل : جاهدت ولم يجاهد ، إنما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو ، وقد يقاتل أقوام فيحبون القتال ، لايريدون إلا الذكر والاجر وإن الرجل ليقاتل بطبعه من الشجاعة فيحمي من يعرف ومن لايعرف ، ويجبن بطبيعته من الجبن فيسلم أباه وامه إلى العدو ، وإنما المثال

___________________

(١) النساء : ١٠٢.

٢٣٢

حتف من الحتوف ، وكل امرئ على ماقاتل عليه ، وإن الكلب ليقاتل دون أهله.

والصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب ، والزكاة التي فرضها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله طيبة بها نفسك لاتسنوا عليها سنيها ، فافهموا ماتوعظون ، فان الحريب من حرب دينه ، والسعيد من وعظ بغيره ، ألا وقد وعظتكم فنصحتكم ، ولا حجة لكم على الله ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (١).

١٤ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار عن الفضل بن يونس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قال أكثر من أن تقول : اللهم لاتجعلني من المعارين ، ولاتخرجني من التقصير ، قلت : أما المعارون فقد عرفت أن الرجل يعار الدين ، ثم يخرج منه ، فمامعنى لاتخرجني من التقصير؟ فقال : كل عمد تريد به الله عزوجل فكن فيه مقصرا عند نفسك ، فان الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون ، إلا من عصمه الله عزوجل (٢).

بيان : قوله عليه‌السلام : « من المعارين » قال السيد الداماد قدس الله روحه : المعاري من يركب الفرس عريانا ، قال في القاموس : اعرورى سار في الارض وحده وقبيحا أتاه ، وفرسا ركبه عريانا ونحن نعاري نركب الخيل أعراء ، والمعنى بالمعاري ههنا المتعبدون الذين يتعبدون لاعلى أسبغ الوجوه ، والطائعون الذين يلتزمون الطاعات ، ولكن لاعلى قصيا المراتب بل على ضرب من التقصير كالذين يركبون الخيل ولكن أعراء ، بلغنا الله تعالى أقصى المدى في طاعته انتهى.

ولعله ـ ره ـ غفل عن هذا الخبر وغيره مما سيأتي في باب المعارين فانها صريحة في أنه مأخوذ من العارية.

« إلا من عصمه الله » أي من الانبياء والاوصياء عليهم‌السلام فانهم لايقصرون في

___________________

(١) الحديث كثير التصحيف نقل في نسخة الاصل وهكذا نسخة الكمبانى من دون تصحيح ، فصححناه بحسب الامكان.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٧٣.

٢٣٣

شرائط الطاعة بحسب الامكان وإن كانوا أيضا يعدون أنفسهم مقصرين إظهارا للعجز والنقصان ، ولمايرون أعمالهم قاصرة في جنب ما أنعم الله عليهم من الفضل والاحسان وقيل : إلا من عصمه الله من التقصير بالاعتراف بالتقصير.

١٥ ـ كا : عن محمدبن يحيى (١) ، عن أحمدبن محمد ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن الجهم قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : إن رجلا في بني إسرائيل عبدالله أربعين سنة ، ثم قرب قربانا فلم يقبل منه ، فقال لنفسه : وما اتيت إلا منك ، وما الذنب (٢) إلا لك ، قال : فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : ذمك نفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة (٣).

بيان : القربان بالضم مايتقرب به إلى الله من هدي أوغيره ، وكانت علامة القبول في بني إسرائيل أن تجئ نارمن السماء فتحرقه ، وقال في المغرب : يقال : « من هنا اتيت » أي من هنا دخل البلاء عليك « فأوحى الله » يحتمل أن يكون ذلك الرجل نبيا ويحتمل أن يكون الوحي بتوسط نبي في ذلك الزمان ، مع أنه لم يثبت امتناع نزول الوحي على غير الانبياء كما أن ظاهر الاية نزول الوحي على ام موسى عليه‌السلام.

قال الطبرسي رحمه‌الله : في قوله تعالى : « وأوحينا إلى ام موسى » (٤) أي ألهمناها ، وقذفنافي قلبها ، وليس بوحي نبوة عن قتادة وغيره ، وقيل : أتاها جبرئيل بذلك عن مقاتل ، وقيل : كان هذا الوحي رؤيا منام عبر عنها من تثق به من علماء بني إسرائيل عن الجبائي (٥).

___________________

(١) كذا في الاصل ، وفى المصدر : عنه عن ابن فضال ، والظاهر بقرينة الحديث السابق عليه : عدة من أصحابنا ، عن أحمدبن أبي عبدالله ، عن ابن فضال.

(٢) مرتحت الرقم ١ : « وما أكديت » وهو الصواب.

(٣) الكافى ج ٢ ص ٧٣.

(٤) القصص : ٧.

(٥) مجمع البيان ج ٧ ص ٢٤٠.

٢٣٤

١٦ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : قال لبعض ولده : يابني عليك بالجد لاتخرجن نفسك عن حد التقصير في عبادة الله عزوجل وطاعته ، فان الله لايعبد حق عبادته (١).

بيان : « لاتخرجن نفسك » الخ أي عد نفسك مقصرا في طاعة الله ، وإن بذلت الجهد فيها ، فان الله لايمكن أن يعبد حق عبادته كما قال سيدالبشر صلى‌الله‌عليه‌وآله : ماعبدناك حق عبادتك.

١٧ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن بعض العراقيين ، عن محمدبن المثنى الحضرمي ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر قال : قال لي أبوجعفر عليه‌السلام : ياجابر لا أخرجك الله من النقص ولا التقصير (٢).

بيان : « لا أخرجك الله » أي وفقك الله لان تعد عبادتك ناقصة ونفسك مقصرة أبدا.

___________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ٧٢.

٢٣٥

(٦٨)

* ( باب ) *

* ( أن الله يحفظ بصلاح الرجل أولاده وجيرانه ) *

الايات : الكهف : وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزلهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك (١).

١ ـ شى : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام قالا : يحفظ الاطفال بصلاح آبائهم كما حفظ الله الغلامين بصلاح أبويهما (٢).

٢ ـ شى : عن محمدبن عمرو الكوفي ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله يحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة ، وإن الغلامين كان بينهما وبين أبيهما سبعمائه سنة (٣).

٣ ـ شى : عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : إن الله ليفلح بفلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فلايزالون في حفظ الله لكرامته على الله ، ثم ذكر الغلامين ، فقال : « وكان أبوهما صالحا » ألم تر أن الله شكر صلاح أبويهما لهما (٤).

٤ ـ شى : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفربن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله وإن كان أهله أهل سوء ، ثم قرأ هذه الاية إلى آخرها « وكان أبوهما صالحا » (٥).

___________________

(١) الكهف : ٨٢.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٣٨.

(٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٣٩.

(٤) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٣٧.

(٥) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٣٩.

٢٣٦

(٦٩)

* ( باب ) *

* ( أن الله لايعاقب أحدا بفعل غيره (١) ) *

الايات : فاطر : ولاتزر وازرة وزراخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لايحمل منه شئ ولوكان ذاقربى ـ إلى قوله تعالى : ومن تزكى فانما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير (٢).

___________________

(١) هذا الباب بعنوانه مع الايتين المنقولتين مكتوب في نسخة الاصل وبعده بياض وفى أعلى الصفحة مكتوب تذكرة « لابد أن يكتب أخبار هذا الباب انشاء الله » وأما في نسخة الكمبانى فقد أسقطوا الباب ، لاجل نقصانه مع ذكر عنوانه في فهرس الابواب (٢) فاطر : ١٨ ، قال الطبرسى : ( ولاتزر وازرة وزراخرى ) أى لاتحمل نفس حاملة حمل نفس اخرى ، أى لايؤاخذ أحد بذنب غيره ، وانما يؤاخذكل بما يقترفه من الاثام ( وان تدع مثقلة إلى حملها ) أى وان تدع نفس مثقلة بالاثام غيرها إلى أن يتحمل عنها شيئا من اثمها ( لايحمل منه شئ ) أى لايحمل غيرها شيئا من ذلك الحمل ( ولوكان ذاقربى أى ولوكان المدعو إلى التحمل ذاقربة منها وأقرب الناس اليها ماحمل عنها شيئا فكل نفس بما كسبت رهينة ، قال ابن عباس يقول الاب والام يابنى! احمل عنى فيقول : حسبى ماعلى.

وقال : ( من تزكى ) أى فعل الطاعات وقام بمايجب عليه من الزكاة وغيرها من الواجبات وقيل : تطهر من الاثام ( فانما يتزكى لنفسه ) لان جزاء ذلك يصل اليه دون غيره ( والى الله المصير ) أى مرجع الخلق كلهم إلى حيث لايملك الحكم الا الله سبحانه فيجازى كلا على قدر عمله.

وقال على بن ابراهيم : وقوله : « ولا تزر وازرة وزراخرى » يعنى لايحمل ذنب أحد على أحد ، الامن يأمربه ـ يعنى بالذنب ـ فيحمله الامر والمأمور.

٢٣٧

الزمر : ولا تزر وازرة وزر اخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون (١).

___________________

(١) الزمر : ٧ ، وفى القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على أن الله عزوجل لايعاقب أحدا بفعل غيره منها :

البقرة : تلك أمة قدخلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولاتسألون عما كانوا يعملون (١٣٤).

وقال تعالى : قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون (١٣٩).

وقال سبحانه : لايكلف الله نفسا الاوسعها لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت (٢٨٦).

النساء : من يكسب اثما فانما يكسب على نفسه (١١٠).

الانعام : ولاتكسب كل نفس الاعليها ولا تزر وازرة وزراخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بماكنتم فيه تختلفون (١٦٤).

أسرى : من اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولاتزر وازرة وزر اخرى وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا (١٥).

لقمان : واخشوا يوما لايجزى والد عن ولده ولامولود هوجاز عن والده شيئا (٣٣).

سبأ : قل لاتسئلون عما أجرمنا ولانسئل عما تعملون (٢٥).

النجم : أم لم ينبأ بمافى صحف موسى * وابراهيم الذى وفى * ألا تزر وازرة وزر اخرى * وأن ليس للانسان الاماسعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الاوفى (٣٦ ـ ٤١).

إلى غير ذلك من الايات الكريمة ، وانما نقلنا بعضها ولعلها كانت أهمها.

ومن الاخبار التى تناسب عنوان الباب وظفرنا عليها على العجالة :

ل ـ أحمدبن محمد بن الهيثم العجلى وأحمدبن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السنانى والحسين بن ابراهيم بن هشام المكتب وعبدالله بن محمد الصائغ وعلى بن عبدالله

٢٣٨

___________________

الوراق رضي‌الله‌عنهم قالوا حدثنا أبوالعباس أحمدبن يحيى بن زكريا القطان قال : حدثنا بكربن عبدالله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثنا ابن معاوية عن الاعمش عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال ، فيما وصف لى من شرائع الدين ان الله لايكلف نفسا الاوسعها ولايكلفها فوق طاقتها وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لاخلق تكوين ، والله خالق كل شئ ولايقول بالجبر ولا بالتفويض ولايأخذ الله عزوجل البرئ بالسقيم ولايعذب الله عزوجل الاطفال بذنوب الاباء فانه قال في محكم كتابه « ولا تزر وازرة وزراخرى » وقال الله عزوجل : « وأن ليس للانسان الاماسعى * وأن سعيه سوف يرى » ولله عزوجل ان يعفو ويتفضل وليس له أن يظلم الخبر ( الخصال ج ٢ ص ١٥٤ ).

يد ، ن : الطالقانى ، عن أحمدبن على الانصارى ، عن الهروى قال : سمعت أبا الحسن على بن موسى بن جعفر عليهم‌السلام يقول : من قال بالجبر فلاتعطوه من الزكاة ولاتقبلوا له شهادة ، ان الله تبارك وتعالى لايكلف الله نفسا الا وسعها ، ولايحملها فوق طاقتها ولاتكسب كل نفس الاعليها ، ولاتزر وازرة وزر اخرى ( التوحيد ص ٣٧١ ، عيون الاخبار ج ١ ص ١٤٤ ).

ن : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل ، عن الرضا عليه‌السلام فيما كتب للمأمون من محض الاسلام : ان الله تبارك وتعالى لايكلف نفسا الاوسعها ، وان افعال العباد مخلوقة لله تعالى خلق تقدير لاخلق تكوين ، والله خالق كل شئ ولانقول بالجبر والتفويض ولايأخذ الله البرئ بالسقيم ، ولايعذب الله تعالى الاطفال بذنوب الاباء ولاتزر وازرة وزراخرى ، وأن ليس للانسان الاماسعى ، الخبر ( عيون الاخبار ج ٢ ص ١٢٥ ).

ن ـ ع ـ حدثنا أحمدبن زياد بن جعفر الهمدانى قال : حدثنا على بن ابراهيم عن عبدالله بن صالح قال : قلت لابى الحسن الرضا عليه‌السلام : ماتقول : في حديث يروى عن الصادق عليه‌السلام أنه اذا خرج القائم قتل ذرارى قتلة الحسين عليه‌السلام بفعال آبائها فقال عليه‌السلام : هوكذلك ، فقلت : فقول الله عزوجل : « ولا تزر وازرة وزر اخرى » مامعناه؟

فقال : صدق الله في جميع أقواله لكن ذرارى قتلة الحسين يرضون أفعال أبائهم

٢٣٩

___________________

ويفتخرون بها ، ومن رضى شيئا كان كمن أتاه ، ولو أن رجلا قتل في المشرق فرضى بقتله رجل في المغرب ، لكان الراضى عندالله شريك القاتل ، وانما يقتلهم القائم اذاخرج لرضاهم بفعل آبائهم ، الخبر.

راجع علل الشرايع ج ١ ص ٢١٩ ، عيون الاخبار ج ١ ص ٢٧٣.

نهج : أيها الناس انما يجمع الناس الرضا والسخط وانما عقرناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا ، فقال سبحانه : « فعقروها فأصبحوا نادمين » فماكان الا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة في الارض الخوارة ( الرقم ١٩٩ من الخطب ).

أقول : السكة المحماة : حديدة الفدان اذا حميت بالنار ، والارض الخوارة : السهلة اللينة ، فالسكة اذاكانت محماة فهى أسرع غورا واثارة للارض اذاكانت خوارة وانماقال الله تعالى : « فعقروها فأصبحوا نادمين » فان قتل الناقة كانت بتوطئة من رؤسائهم ومشايخهم فبعثوا واحدا من الاشرار فعقرها ، فالجناية تنسب إلى المشايخ والرؤساء اولا ثم تنسب إلى أتباعهم وأفراد صفوفهم ، حيث انهم بأجمعهم صفوا قبال صالح النبى صلى الله عليه وناقته ، فخرج واحد منهم وحمل على الناقة فعقرها ، وبذلك حق القتال معهم فقاتلهم الله وليس قتاله الاكما قاتل قوم لوط أوقوم شعيب أو قوم صالح ولايعلم جنود ربك الاهو.

ولذلك كان على بن أبى طالب عليه‌السلام لايبدء بقتال أهل البغى الا أن يبدؤ ا هم بالقتال كما فعل ذلك في جمل وصفين وغير ذلك من الموارد.

روى ثقة الاسلام الكلينى في الكافى ج ٥ ص ٨٣ عن عبدالرحمن بن جندب ، عن أبيه أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يأمر في كل موطن لقينا فيه عدونا فيقول : لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤكم فانكم بحمدالله على حجة ، وترككم اياهم حتى يبدؤكم حجة لكم اخرى الخبر.

وفى الدر المنثور : أخرج أحمد والترمذى وصححه والنسائى وابن ماجه عن عمرو ابن الاحوص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع : ألا لايجنى جان الا.

٢٤٠