الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٧
العقل يجزم بعدم مساواة من أعقب كثيرا من الطاعة بقليل من المعصية ، مع من اكتفى بالفضل بينهما حسب ، وعدم مساواة من أعقب أحدهما بمايساوي الاخر ، مع من لم يفعل شيئا.
ثم إنه يمكن أن يسقط العقاب المتقدم عند الطاعة المتأخرة على سبيل العفو وهوإسقاط الله تعالى مايستحقه على العبد من العقوبة ، وهوالظاهر من مذاهب أصحابنا رضياللهعنهم وأما الثواب فلايتصور فيه ذلك ، ويمكن أن يكون الوعد بالثواب على الطاعة المتقدمة أو استحقاقه مشروطا بعدم معاقبة المعصية لها ، كما يشترط ثواب الايمان والطاعات بالموافاة على الايمان ، بأن يموت مؤمنا عند كثير من أصحابنا.
لكن ذلك الاشتراط ليس بعام لجميع المعاصي بل مخصوص بمقتضى النصوص ببعضها ، وليس كل ماورد بطلان الطاعة بسببه مما يقطع باشتراط الثواب به ، لان كلا منها أخبار آحاد لاتفيد القطع نعم ربما حصل القطع بأن شيئا من تلك المعاصي يشترط استمرار انتفائه لاستحقاق الثواب ، أو هو شرط في الوعد به ، والفرق بين هذا وبين الاحباط ظاهر من وجوه :
الاول أن إبطال الثواب في الاحباط من حيث التضاد عقلا بين الاستحقاقين وههنا من جهة اشتراطه شرعا بنفي المعصية.
الثاني أن المنافاة هناك بين الاستحقاقين ، فلو لم يحصل استحقاق العقاب لانتفاء شرطه ، لم يحصل الاحباط ، وههنا بنفس المعصية بنتفي الثواب أو استحقاقه إن ثبت وكان مستمرا ، وإن توقف أصل الاستحقاق على استمرار النفي لم يحصل أصلا وإنما يحصل في موضع الحصول بالموت.
ولايختلف الحال باستحقاق العقاب على ( تلك ) المعصية ، لاستجماع شرائطه وعدمه لفقد شئ منه ، كمنع الله تعالى لطفا معلوما عن المكلف ، وكمالو أعلم الله تعالى المكلف أنه يغفرله ويعفو عن جميع معاصيه ، فكان مغريا له بالقبيح ، وكما لولم يقع فعل القبيح ولا الاخلال بالواجب عن المكلف على سبيل إيثاره على فعل الواجب
والامتناع من القبيح ، بل وقع لاعلى وجه الايثار ، فان العاصي في جميع هذه الصور يستحق ذما ولايستحق عقابا عند أبي هاشم ومن يحذوحذوه وعلى تقدير الاشتراط باستمرار انتفاء المعصية ينتفي استحقاق الثواب ، وعلى تقدير الاحباط لاينتفي.
الثالث أن التوبة على مذهب الاحباط يمنع من الاحباط ، وعلى ماذكرنا لايمنع من الاحباط ، نعم لوكان الشرط استمرار انتفاء المعصية ، أو الموافاة بالتوبة من المعصية ، دون استمرار انتفائها فقط ، منع من الاحباط كمذهب القائلين به.
الرابع (١) أن هذا يجري في مذهب النافين للاستحقاق دون الاحباط ، وهذا الذي ذكرناه وإن لم يكن مذهبا صريحا لاصحابنا إلا أن من يذهب إلى الموافاة لابدله من تجويزه ، وبه يجمع بين نفي الاحباط كما تقتضيه الادلة بزعمهم وبين الايات وكثير من الروايات الدالة على أن بعضا من المعاصي يبطل الاعمال السابقة ، ويمكن القول بمثل هذا في المعاصي بأن يكون استحقاق العقاب عليها أو استمرار مشروطا بعدم بعض الطاعات في المستقبل ، فيأول مايتضمن شبه هذا المعنى من الروايات به ، لكن عدم استحقاق العقاب بتعمد معصية الله تعالى وتوقفه على أمر منتظر بعيد ، وكذلك انقطاع استمراره ، وفي العفو مندوحة عنه ، والكلام فيه كالكلام في التوبة ، وهوظاهر النصوص ، وفي كلام الشارح العلامة قدس سره في شرح التجريد عند قول المصنف ره : وهومشروط بالموافاة الخ مايدل على أن في المعتزلة من يقول باشتراط الطاعات بالمعاصي المتأخرة ، وبالعكس وظاهره أنه حمل كلام المصنف على هذا المعنى ، فيكون قائلا بالموافاة في الطاعات باشتراطه بانتفاء الذنب في المستقبل ، وفي المعاصي باشتراطه بعدم الطاعة الصالحة للتكفير في المستقبل ، إلا أني لم أقف على قائل به من أصحابنا صريحا وكلام التجريد ليس بصريح إلا في الموافاة بالايمان.
الرابع (٢) أن العفو مطلقا ، سواء كانت المعصية مماتاب المكلف منها أولا وسواء كانت صغيرة مكفرة أو كبيرة ، غير واقع بالسمع عند جميع المعتزلة وذهب بعضهم
___________________
(١) يعنى الرابع من الوجوه (٢) يعنى الرابع من المقاصد.
وهم البغداديون منهم إلى أنه قبيح عقلا والسمع أكده ، والبصريون إلى جوازه عقلا وإنما المانع منه السمع ، فمزيل العقاب عندهم منحصر في أمرين أحدهما التوبة والثاني التكفير بالثواب ، وذلك عند من قال بأن التوبة إنما تسقط العقاب لكونه ندما على المعصية ، وأما عند من قال إنه يسقط لكثرة الثواب ، فالمزيل منحصر في أمر واحد هو الاحباط ، فتوهم غير هذا باطل ، ودعوى الاتفاق على العفو من الصغائر عند اجتناب الكبائر ومن الذنوب مطلقا عند التوبة كماوقع من الشارح الجديد للتجريد ، مضمحل عند التحقيق ، كماذكره بعض الافاضل.
قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى « إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » نمط ما تستحقونه من العقاب ، في كل وقت على صغائر كم ونجعلها كأن لم تكن لزيادة الثواب المستحق على اجتنابكم الكبائر ، وصبركم عنها ، على عقاب السيئات ، وأما إسقاط التوبة للعقاب ففيه ثلاث مذاهب :
الاول أنها تسقطه على سبيل الوجوب عند اجتماع شرائطها ، لكونها ندما على المعصية ، كما أن الندم على الطاعة يحبطها لكونه ندما عليها ، مع قطع النظر عن استتباعها الثواب والعقاب.
الثاني أنها تسقطه على سبيل الوجوب ، لالكونها ندما عليها ، بل لاستتباعها ثوابا كثيرا.
الثالث أنها لاتسقطه ، وإنما يسقط العقاب عندها ، لانها على سبيل العفو دون الاستحقاق ، وهذه المذاهب مشهورة مسطورة في كتب الكلام.
وأقول : بهذا التفصيل الذي ذكر ارتفع التشنيع واللوم عن محققي أصحابنا رضوان الله عليهم ، بمخالفتهم للايات المتضافرة ، والروايات المتواترة ، وأن الاحباط والتكفير بالمعنى الذي هو المتنازع فيه بين أصحابنا وبين المعتزلة ، نفيهما لاينافي شيئا من ذلك.
وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لانه من مهمات المسائل الكلامية ، و من تعرض لتحقيقه لم يستوف حقه والله الموفق.
٧ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حمادبن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث : عين سهرت في سبيل الله ، وعين فاضت من خشية الله ، وعين غضت من محارم الله (١).
بيان : « في سبيل الله » أي في الجهاد ، أو الاعم منه ومن السفر إلى الحج و الزيارات ، أو الاعم منها ومن السهر للعبادة ، ومطالعة العلوم الدينية ، وهذا أظهر ، وإسناد الفيض إلى العين مجاز ، يقال فاض الماء والدمع يفيص فيضا كثر حتى سال و « غضت » على بناء المفعول يقال غض طرفه أي كسره ، وأطرق لم يفتح عينه.
٨ ـ كا : عن علي ، عن محمدبن عيسى ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي ـ عبدالله عليهالسلام قال فيما : ناجى الله عزوجل به موسى عليهالسلام : ياموسى ماتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عن محارمي ، فاني ابيحهم جنات عدن لا اشرك معهم أحدا (٢).
بيان : « جنات عدن » قال الراغب : إي استقرار وثبات وعدن بمكان كذا استقر ، ومنه المعدن لمستقر الجواهر.
٩ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من أشد مافرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا ثم قال : لا أعني سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وإن كان منه ، ولكن ذكر الله عند ما أحل وحرم ، فان كان طاعة عمل بها ، وإن كان معصية تركها (٣).
توضيح : « مافرض الله » أي قرره أعم من الواجب والندب ، ويحتمل الوجوب « وإن كان » أي هذا الذكر اللساني « منه » أي من مطلق الذكر الشديد الذكر عند الطاعة والمعصية ، والذكر اللساني هين بالنسبة إليه ، والحاصل أن الله سبحانه أمر بالذكر ومدجه في مواضع كثيرة من الذكر الحكيم لقوله سبحانه « و
___________________
(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ٨٠.
اذكروا الله ذكرا كثيرا » (١) وقوله « واذكر ربك في نفسك تضرعاو خيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال » (٢) وقوله تعالى « الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم » (٣).
وأصل الذكر التذكر بالقلب ، ومنه « واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم » (٤) أي تذكروا ثم يطلق على الذكر اللساني حقيقة أو من باب تسمية الدال باسم المدلول ، ثم كثر استعماله فيه لظهوره حتى صار هو السابق إلى الفهم ، فنص عليهالسلام على إرادة الاول دون الثاني فقط ، دفعا لتوهم تخصيصه بالثاني ، وإشارة إلى أكمل أفراده.
وقال بعضهم : ذكر اللسان مع خلو القلب عنه ، لايخلو من فائدة ، لانه بمنعه من التكلم باللغو ، ويجعل لسانه معتادا بالخير ، وقد يلقي الشيطان إليه أن حركة اللسان بدون توجه القلب عبث ينبغي تركه ، فاللائق بحال الذاكر حينئذ أن يحضر قلبه رغما للشيطان ، ولولم يحضره فاللائق به أن لايترك ذكر اللسان رغما لانفه أيضا وأن يجيبه بأن اللسان آلة للذكر كالقلب ، ولايترك أحدهما بترك الاخر فان لكل عضو عبادة.
ثم اعلم أن الذكر القلبي من أعظم بواعث المحبة ( والمحبة ) أرفع منازل المقربين رزقنا الله إياها وسائر المؤمنين.
١٠ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من ترك معصية الله مخافة الله تبارك وتعالى أرضاه الله يوم القيامة (٥).
___________________
(١) الاحزاب : ٤١.
(٢) الاعراف : ٢٠٥.
(٣) آل عمران : ١٩١.
(٤) البقرة : ٤٧.
(٥) الكافى ج ٢ ص ٨١.
بيان : يمكن تعميم المعصية ليشمل ترك الطاعة أيضا وعدم مايرضيه به لتفخيمه إيماء إلى أن عقل البشر لايصل إلى كنه حقيقته ، كما قال سبحانه « ورضوان من الله أكبر » (١).
أقول : قد أثبتنا بعض الاخبار في باب الاستعداد للموت.
١١ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لاتزال امتي بخير ماتحابوا وتهادوا وأدوا الامانة ، و اجتنبوا الحرام ، وقروا الضيف ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، فاذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين (٢).
١٢ ـ ما : المفيد ، عن المظفربن محمد البلخي ، عن محمدبن همام ، عن حميد ابن زياد ، عن إبراهيم بن عبيد بن حنان ، عن الربيع بن سلمان ، عن السكوني عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اعمل بفرائض الله تكن من أتقى الناس ، وارض بقسم الله تكن من أغنى الناس ، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس ، وأحسن مجاورة من يجاورك تكن مؤمنا ، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما (٣).
لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني مثله (٤).
١٣ ـ لى : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أعبد الناس من أقام الفرائض ، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (٥).
١٤ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن ابن معروف ، عن أبي شعيب
___________________
(١) براءة : ٧٢.
(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٨١.
(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٢٠.
(٤) أمالى الصدوق ص ١٢١.
(٥) أمالى الصدوق ص ١٤.
يرفعه إلى أبي عبدالله عليهالسلام قال : أورع الناس من وقف عند الشبهة ، أعبد الناس من أقام الفرايض ، أزهد الناس من ترك الحرام ، أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (١).
أقول : قدمضى بعض الاخبار في باب اليقين.
١٥ ـ ع : علي بن حاتم ، عن أحمدبن علي العبدي ، عن الحسن بن إبراهيم الهاشمي ، عن إسحاق بن إبراهيم الديري ، عن عبدالرزاق بن همام ، عن معمر عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قال حبيبي جبرئيل : إن مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة ، الايمان أصلها ، والصلاة عروقها ، والزكاة ماؤها والصوم سعفها ، وحسن الخلق ورقها ، والكف عن المحارم ثمرها ، فلاتكمل شجرة إلا بالثمر ، كذلك الايمان لايكمل إلا بالكف عن المحارم (٢).
١٦ ـ ثو : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن محمدبن سنان ، عن المفضل قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : روي عن المغيرة أنه قال : إذا عرف الرجل ربه ليس عليه وراء ذلك شئ ، قال : ماله لعنه الله أليس كلما ازداد بالله معرفة فهو أطوع له ، أفيطيع الله عزوجل من لايعرفه؟ إن الله عز وجل أمر محمدا صلىاللهعليهوآله بأمر وأمر محمد صلىاللهعليهوآله المؤمنين بأمر ، فهم عاملون به إلى أن يجئ نهيه ، والامر والنهي عند المؤمن سواء.
قال : ثم قال : لاينظر الله عزوجل إلى عبد ولايزكيه إذا ترك فريضة من فرائض الله ، أو ارتكب كبيرة من الكبائر ، قال : قلت : لاينظر الله إليه؟ قال نعم ، قد أشرك بالله ، قال : قلت : أشرك؟ قال : نعم إن الله عزوجل أمره بأمر وأمره إبليس بأمر فترك ما أمر الله عزوجل به وصار إلى ما أمر إبليس فهذا مع إبليس في الدرك السابع من النار (٣).
___________________
(١) الخصال ج ١ ص ١١.
(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢٣٧.
(٣) ثواب الاعمال ص ٢٢٠.
١٧ ـ ختص : قال الصادق عليهالسلام : حدثني أبي ، عن أبيه عليهماالسلام أن رجلا من أهل الكوفة كتب إلى أبي الحسين بن علي عليهماالسلام : ياسيدي أخبرني بخير الدنيا والاخرة فكتب صلوات الله عليه :
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فان من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله امور الناس ، ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام (١).
١٨ ـ ين : عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سمعت أباعبدالله عليهالسلام يقول : اصبر (٢) ومالم يأت منها فلست تعرفه ، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها وكأنك قد أعطيت.
١٩ ـ نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما من شئ أحب إلى الله تعالى من الايمان به ، والعمل الصالح ، وترك ما أمر به أن يتركه.
٢٠ ـ نهج : قال عليهالسلام : لاعبادة كأداء الفرائض (٣).
___________________
(١) الاختصاص : ٢٥٥.
(٢) كذا ، ولعله سقط منه نحو هذا ( على ما أتاك من المصائب ولاتجزع لما لم يأتك فان مالم يأت ).
(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٦٨.
(٦٦)
( باب )
* (الاقتصاد في العبادة والمداومة عليها ، وفعل الخير وتعجيله وفضل التوسط في جميع الامور واستواء العمل) *
الايات : البقرة : فاستبقوا الخيرات (١).
آل عمران : ويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين (٢).
وقال : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم (٣).
المائدة : واستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (٤).
طه : وعجلت إليك رب لترضى (٥).
الانبياء : إنهم كانوا يسارعون في الخيرات (٦).
المؤمنون : اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون (٧).
١ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الاحوال عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ألا إن لكل عبادة شرة ، ثم تصير إلى فترة ، فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن خالف سنتي فقد ضل ، وكان عمله في تباب أما إني اصلي وأنام
___________________
(١) البقرة : ١٤٨.
(٢) آل عمران : ١١٤.
(٣) آل عمران : ١٣٣.
(٤) المائدة : ٤٨.
(٥) طه : ٨٤.
(٦) الانبياء : ٩٠.
(٧) المؤمنون : ٦١.
وأصوم وافطر وأضحك وأبكي ، فمن رغب من منهاجي وسنتي فليس مني وقال : كفى بالموت موعظة ، وكفى باليقين غنى ، وكفى بالعبادة شغلا (١).
تبيين : « إن لكل عبادة شرة » الشرة بكسر الشين وتشديد الراء شدة الرغبة ، قال في النهاية : فيه إن لهذا القرآن شرة ، ثم إن للناس عنه فترة : الشرة النشاط والرغبة ، ومنه الحديث الاخر : لكل عابد شرة ، وقال في حديث ابن مسعود : إنه مرض فبكى فقال : إنما أبكي لانه أصابني على حال فترة ، ولم يصبني على حال اجتهاد ، أي في حال سكون وتقليل من العبادات والمجاهدات انتهى.
« إلى سنتي » أي منتهيا إليها أو « إلى » بمعنى « مع » أي لاتدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع كالرياضات المبتدعة للمتصوفة ، بل يعمل بالسنن والتطوعات الواردة في السنة ويحتمل أن يكون المراد بانتهاء الشرة أن يكون ترك الشرة بالاقتصاد ، والاكتفاء بالسنن ، وترك بعض التطوعات لابترك السنن أيضا ويؤيده الخبر الاتي.
« في تباب » أي تباب العمل أو صاحبه والتباب الخسران والهلاك ، وفي بعض النسخ « في تبار » بالراء وهوأيضا الهلاك.
« كفى بالموت موعظة » الباء زائدة ، والموعظة مايتغظ الانسان به ، ويصير سببا لانزجار النفس عن الخطايا ، والميل إلى الدنيا ، والركون إليها ، وأعظمها الموت ، إذ العاقل إذا تفكر فيه وفي غمراته ومايعقبه من أحوال البرزخ والقيامة وأهوالها ، ومافعله بأهل الدنيا من قطع أيديهم عنها وإخراجهم منها طوعا أو كرها فجاءة من غير اطلاع منهم على وقت نزوله ، وكيفية حلوله ، هانت عنده الدنيا ، ومافيها ، وشرع في التهيئة له إن أعطاه الله تعالى بصيرة في ذلك.
« وكفى باليقين غنى » أي كفى اليقين بأن الله رازق العباد ، وأنه يوسع على من يشاء ، ويقتر على من يشاء ، بحسب المصالح ، سببا لغنى النفس ، وعدم
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٨٥.
الحرص ، وترك التوسل بالمخلوقين ، وهو من فروع اليقين بالقضاء والقدر ، وقد مرفي باب اليقين أنه يطلق غالبا عليه.
« وكفى بالعبادة شغلا » كأن المقصود أن النفس يطلب شغلا ليشغل به فاذا شغلها المرؤ بالعبادة تحيط بجميع أوقاته ، فلايكون له فراغ يصرفه في الملاهي وإذا لم يشتغل بالعبادة يدعوه الفراغ إلى البط واللهو ، وصرف العمر في المعاصي والملاهي ، والامور الباطلة ، كسماع القصص الكاذبة وأمثالها ، والغرض الترغيب في العبادة ، وبيان عمدة ثمراتها.
والظاهر أن هذه الفقرات الاخيرة مواعظ اخر لا ارتباط لها بما تقدمها وقد يتكلف بجعلها مربوطة بها ، بأن المراد بالاولى كفى الموت موعظة في عدم مخالفة السنة ، وكفى اليقين غنى لئلا ، يطلب الدنيا بالرئاء ، وارتكاب البدع وكفت العبادة المقررة الشرعية شغلا فلايلزم الاشتغال بالبدع.
٢ ـ كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، عن الحجال ، عن ثعلبة قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : لكل أحد شرة ، ولكل شرة فترة ، فطوبى لمن كانت فترته إلى خير (١).
بيان : الحاصل أن لكل أحد شوقا ونشاطافي العبادة ، في أول الامر ، ثم يعرض له فترة وسكون فمن كانت فترته بالاكتفاء بالسنن ، وترك البدع أو ترك التطوعات الزائدة فطوبى له ، ومن كانت فترته بترك السنن أيضا أو بترك الطاعات رأسا وارتكاب المعاصي أو بالاقتصار على البدع ، فويل له.
وقد روي عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : ما من أحد إلا وله شرة وفترة فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى ، وهو يؤيد ماذكرنا.
٣ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمدبن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن هذا الدين متين
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٨٦.
فأوغلوا فيه برفق ، ولاتكرهوا عبادة الله إلى عباد الله ، فتكونوا كالراكب المنبت الذي لاسفرا قطع ، ولاظهرا أبقى.
وبالاسناد ، عن ابن سنان ، عن مقرن ، عن محمدبن سوقه ، عن أبي جعفر عليهالسلام مثله (١).
بيان : قال في النهاية المتين الشديد القوي وقال : فيه إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، الايغال السير الشديد يقال : أوغل القوم وتوغلوا إذا أمعنوا في سيرهم ، والوغول الدخول في الشئ وقد وعل يغل وغولا ، يريد سرفيه برفق وابلغ الغاية القصوى منه بالرفق ، لاعلى سبيل التهافت والخرق ، ولا تحمل نفسك ولاتكلفها مالاتطيقه فتعجز ، وتترك الدين والعمل.
وقال : فيه فان المنبت لا أرضا قطع ولاظهرا أبقى ، يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته : قد أنبت من البت القطع ، وهو مطاوع بت يقال : بته وأبته يريد أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده ، لم يقض وطره ، وقد أعطب ظهره انتهى.
« ولاتكرهوا عبادة الله » كأن المعنى أنكم إذا أفرطتم في الطاعات ، يريد الناس متابعتكم في ذلك فيشق عليهم ، فيكرهون عبادة الله ويفعلونها من غير رغبة وشوق ، ويحتمل أن يكون أوغلوا في فعل أنفسهم ، ولاتكرهوا في دعوة الغير أي لاتحملوا على الناس في تعليمهم وهدايتهم فوق سعتهم ، ومايشق عليهم ، كما مرفي حديث الرجل الذي هدى النصراني في باب درجات الايمان (٢).
ويحتمل أن يكون عباد الله شاملا لانفسهم أيضا ، ويمكن أن يكون الايغال هنا متعديا أي أدخلوا الناس فيه ، برفق ليوافق الفقرة الثانية ، قال في القاموس : وغل في الشئ يغل وغولا : دخل وتوارى ، أو بعد وذهب وأوغل في البلاد والعلم ذهب وبالغ وأبعد كتوغل ، وكل داخل مستعجلا موغل ، وقد أوغلته الحاجة.
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٨٦.
(٢) راجع ج ٦٩ ص ١٦١.
٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ومحمدبن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البخترى ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لاتكرهوا إلى أنفسكم العبادة (١).
بيان : حاصله النهي عن الافراط في التطوعات ، بحيث يكرهها النفس ولا تكون فيها راغبا ناشطا.
٥ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمدبن إسماعيل ، عن حنان ابن سدير قال : سمعت أباعبدالله عليهالسلام يقول : إن الله عزوجل إذا أحب عبدا فعمل ( عملا ) قليلا جزاه بالقليل الكثير ، ولم يتعاظمه أن يجزي بالقليل الكثير له (٢).
بيان : في القاموس تعاظمه عظم عليه ، وكأن في أكثر هذه الاخبار إشارة إلى أن السعي في زيادة كيفية العمل أحسن من السعي في زيادة كميته ، وأن السعي في تصحيح العقايد والاخلاق أهم من السعي في كثرة الاعمال.
٦ ـ كا : عن العدة ، عن أحمدبن محمد ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن جهم عن منصور ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : مربي أبي وأنا بالطواف وأنا حدث ، وقد اجتهدت في العبادة ، فرآني وأنا أتصاب عرقا فقال لي ياجعفر يابني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ورضي عنه باليسير (٣).
بيان : « إذا أحب عبدا » أي بحسن العقائد والاخلاق ، ورعاية الشرايط في الاعمال التي منها التقوى.
٧ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، وغيره عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : اجتهدت في العبادة وأنا شاب فقال لي أبي : يابني دون ما أراك تصنع فان الله عزوجل إذا أحب عبدا رضي عنه باليسير (٤).
بيان : « دون ما أراك تصنع » دون منصوب بفعل مقدر أي اصنع دون ذلك.
٨ ـ كا : عن حميدبن زياد ، عن الخشاب ، عن ابن بقاح ، عن معاذبن
___________________
(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ٨٦.
(٤) الكافى ج ٢ ص ٨٧.
ثابت ، عن عمروبن جميع ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ياعلي إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولاتبغض إلى نفسك عبادة ربك ، إن المنبت يعني المفرط لاظهرا أبقى ولا أرضا قطع ، فاعمل عمل من يرجوأن يموت هرما واحذر حذر من يتخوف أن يموت غدا (١).
بيان : « فاعمل عمل من يرجوا أن يموت هرما » أي تأن وارفق ولاتستعجل فان من يرجو البقاء طويلا لايسارع في الفعل كثيرا أو أن من يرجو ذلك لايتعب نفسه ، بل يداري بدنه ، ولاينهكه بكثرة الصيام والسهر وأمثالهما ، واحذر عن المنهيات كحذر من يخاف أن يموت غدا قيل : ولعل السر فيه أن العبادات أعمال وفيها تعب الاركان ، وشغل عما سواها ، فأمر فيها بالرفق والاقتصاد كيلا تكل بها الجوارح ، ولاتبغضها النفس ، ولاتفوت بسببها حق من الحقوق.
فأما الحذر عن المعاصي والمنهيات فهوترك وإطراح ، ليس فيه كثير كد ولاملالة ، ولاشغل عن شئ ، فيترك ترك من يخاف أن يموت غدا على معصية الله تعالى ، وقيل : الفرق أن فعل الطاعات نفل وفضل ، وترك المخالفات حتم وفرض.
٩ ـ ما : في وصية أمير المؤمنين صلوات الله عليه عند وفاته : واقتصد يابني في معيشتك ، واقتصد في عبادتك ، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه (٢).
١٠ ـ ع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن محمدبن عيسى ، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عندالله من العمل الكثير على غير يقين (٣).
١١ ـ ع : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ألا وقولوا خيرا تعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله (٤).
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٨٧.
(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٦.
(٣) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٤٦.
(٤) علل الشرائع ج ١ ص ٢٣٦.
ما : بأسانيد كثيرة مثله (١).
١٢ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن يعقوب بن زياد ، عن إسماعيل بن محمدبن إسحاق بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده إسحاق ، عن أخيه موسى عن أبيه عليهماالسلام قال : أحسن من الصدق قائله وخير من الخير فاعله (٢).
١٣ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحجال ، عن العلا ، عن محمد قال : سمعت أباجعفر عليهالسلام يقول : إن الخير ثقل على أهل الدنيا على قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة ، وإن الشر خف على أهل الدنيا على قدر خفته في موازينهم (٣).
١٤ ـ لى : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ابن عثمان ، عن بشار بن بشار ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام قال : إذا أردت شيئا من الخير فلاتؤخره ، فان العبد ليصوم اليوم الحار يريد به ماعندالله عزوجل فيعتقه الله من النار ، ويتصدق بالصدقة يريد بها وجه الله فيعتقه الله من النار (٤).
١٥ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لكل شئ ثمرة وثمرة المعروف تعجيله.
وقال عليهالسلام : بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه بغيره (٥).
١٦ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليهالسلام عند وفاته : إذا عرض شئ من أمر الاخرة فابدأ به ، وإذا عرض شئ من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه (٦).
١٧ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : داوم على تخليص المفترضات والسنن فانهما الاصل فمن أصابهما وأداهما بحقهما فقد أصاب الكل ، فان خير العبادات
___________________
(١) راجع أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٢٠.
(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٠٩.
(٣) الخصال ج ١ ص ١٢.
(٤) أمالى الصدوق ص ٢٢٠.
(٥) الخصال ج ٢ ص ١٦١.
(٦) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٦.
أقربها بالامن ، وأخلصها من الافات وأدومها وإن قل ، فان سلم لك فرضك وسنتك فأنت أنت ، واحذر أن تطأ بساط مليكك إلا بالذلة والافتقار ، والخشية والتعظيم ، وأخلص حركاتك من الرياء وسرك من القساوة ، فان النبي صلىاللهعليهوآله قال : المصلي يناجي ربه فاستحي أن يطلع على سرك العالم بنجواك ومايخفي ضميرك وكن بحيث رآك لما أراد منك ، ودعاك إليه.
وكان السلف لايزالون من وقت الفرض إلى وقت الفرض في إصلاح الفرضين جميعا ، وفي هذا الزمان للفضائل على الفرايض ، كيف يكون بدون بلاروح.
قال علي بن الحسين عليهماالسلام : عجبت لطالب فضيلة تارك فريضة ، وليس ذلك إلا لحرمان معرفة الامر ، وتعظيمه ، وترك رؤية مشيته بما أهلهم لامره واختارهم له (١).
١٨ ـ سر : عن حريز ، عن زرارة قال : قال أبوجعفر عليهالسلام : اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل ، فتعجل الخير أبدا ما استطعت ، وأحب الاعمال إلى الله تعالى مادام عليه العبد ، وإن قل.
١٩ ـ شى : عن الحلبي ، عن بعض أصحابنا عنه قال : قال أبوجعفر عليهالسلام لابي ـ عبدالله عليهالسلام : يابني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما قال : وكيف ذلك يا أبه قال : مثل قول الله : « ولاتجهر بصلوتك ولاتخافت بها » ( لاتجهر بصلاتك سيئة ، ولاتخافت بها ) سيئة « وابتغ بين ذلك سبيلا » ( حسنة ) (٢) ومثل قوله : « ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط » (٣) ومثل قوله : « والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا » فأسرفوا سيئة وأقتروا سيئة « وكان بين ذلك قواما » (٤) حسنة ، فعليك بالحسنة
___________________
(١) مصباح الشريعة ص ١٩.
(٢) أسرى : ١١٠.
(٣) أسرى : ٢٩.
(٤) الفرقان : ٦٧.
بين السيئتين (١).
٢٠ ـ جا : أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام أنه قال : إذا هممت بخير فلاتؤخره فان الله تبارك وتعالى ربما اطلع على عبده وهوعلى الشئ من طاعته فيقول : وعزتي وجلالي لا اعذبك بعدها ، وإذا هممت بمعصية فلاتفعلها فان الله تبارك وتعالى ربما اطلع على العبدو هو على شئ من معاصيه ، فيقول : وعزتي وجلالي لا أغفرلك أبدا (٢).
٢١ ـ جا : بهذا الاسناد ، عن ابن مهزيار ، عن ابن حديد ، عن علي بن النعمان ، عن حمزة بن حمران قال : سمعت أباعبدالله عليهالسلام يقول : إذاهم أحدكم بخير فلايؤخره ، فان العبد ربما صلى الصلاة وصام الصوم فيقال له : اعمل ما شئت بعدها فقد غفرلك أبدا (٣).
٢٢ ـ نهج : قال عليهالسلام : فاعل الخير خير منه ، وفاعل الشر شرمنه (٤) وقال عليهالسلام : لايرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا (٥).
وقال عليهالسلام : إضاعة الفرصة غصة (٦).
وقال عليهالسلام : إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، فان القلب إذا اكره عمي (٧).
___________________
(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٩.
(٢) مجالس المفيد ص ١٢٧.
(٣) مجالس المفيد ص ١٢٨.
(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥١.
(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥٧.
(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٧٠.
(٧) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٨.
وقال عليهالسلام : أفضل الاعمال ما أكرهت نفسك عليه (١).
وقال عليهالسلام : قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول منه (٢).
وقال عليهالسلام : إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها (٣).
وقال عليهالسلام : قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه (٤).
٢٣ ـ المجازاة النبوية : قال صلىاللهعليهوآله : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولاتبغض إلى نفسك عبادة الله فان المنبت لا أرضا قطع ولاظهرا أبقى.
بيان : قال السيد وصف الدين بالمتانة مجاز ، والمراد أنه صعب الظهر شديد الاسرمأخوذ من متن الانسان ، وهو ما اشتد من لحم منكبيه ، وإنما وصفه عليهالسلام بذلك لمشقة القيام بشرائطه والاداء لوظائفه فأمر عليهالسلام أن يدخل الانسان أبوابه مترفقا ويرقا هضابه متدرجا ليستمر على تجشم متاعبه ، ويمرن على امتطاء مصاعبه.
وشبه عليهالسلام العابد الذي يحسر منته ، ويستنفد طاقته بالمنبت وهوالذي يغذالسير ويكد الظهر منقطعا من رفقته ومتفردا عن صحابته فتحسر مطيته ولا يقطع شقته ، وهذا من أحسن التمثيلات وأوقع التشبيهات وممايقوي أن المراد بهذا الخبر ما كشفنا عن حقيقته ، الخبر الاخر عنه عليهالسلام وهوفيما رواه بريدة ابن الحصيب الاسلمي قال : قال عليهالسلام : عليكم هديا قاصدا فانه من يثابر هذا الدين يغلبه (٥).
٢٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : إذاكان الرجل على عمل فليدم عليه سنة ثم يتحول عنه إن شاء إلى غيره ، وذلك أن ليلة القدر يكون فيها في عامه ذلك ماشاء الله
___________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٩.
(٢) نهج البلاغة ج ٢ سص ٢١٣.
(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢١٣.
(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٩ (٥) المجازات النبويه ١٦٧.
أن يكون (١).
بيان : « ثم يتحول عنه إن شاء إلى غيره » من الطاعات لا أن يتركه بغير عوض « يكون » خبر أن و « فيها » خبر « يكون » والضمير راجع إلى الليلة ، وقوله « ماشاء الله أن يكون » اسم « يكون » وقوله « في عامه » متعلق بيكون أو حال عن الليلة.
والحاصل أنه إذا داوم سنة يصادف ليلة القدر التي فيها ماشاء الله كونه من البركات والخيرات والمضاعفات ، فيصير له هذا العمل مضاعفا مقبولا ، ويحتمل أن يكون الكون بمعنى التقدير أو يقدر مضاف في ماشاء الله.
فالمعنى : لما كان تقدير الامور في ليلة القدر فاذا صادفها يصير سببا لتقدير الامور العظيمة له ، وكون العمل في اليوم لاينافي ذلك فانه قد ورد أن يومها مثل الليلة في الفضل ، وقيل : المستتر في تكون لليلة القدر ، وضمير فيها للسنة وفي عامة بتشديد الميم متعلق بتكون أو بقوله فيها ، والمراد بالعامة المجموع والمشار إليه بذلك مصدر فليدم فالمراد زمان الدوام ، وماشاء الله بدل بعض للعامة والحاصل أنه يكون فيه ليلة القدر سواء وقع أوله أو وسطه أو آخره ، وماذكرنا أظهر.
٢٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أحب الاعمال إلى الله عزوجل ماداوم عليه العبد وإن قل (٢).
بيان : يدل على أن العمل القليل الذي يداوم عليه ، خير من عمل كثير يفارقه ويتركه ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : قليل من عمل مدوم عليه خير من عمل كثير مملول منه أي يمل منه.
٢٦ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار ، عن نجبة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ما
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٨٢.
(٢) المصدر نفسه.
من شئ أحب إلى الله عزوجل من عمل يداوم عليه وإن قل (١).
٢٧ ـ كا : بالاسناد المتقدم ، عن فضالة ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول إني لاحب أن اداوم على العمل وإن قل (٢).
٢٨ ـ كا : وبالاسناد ، عن فضالة ، عن العلا ، عن محمدبن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان علي بن الحسين عليهالسلام يقول : إني لاحب أن أقدم على ربي وعملي مستو (٣).
بيان : « وعملي مستو » كأن المراد بالاستواء الاشتراك في الكمال ، وعدم النقص ، فلاينافي ماروي عن النبي صلىاللهعليهوآله من استوى يوماه فهو مغبون ، ويمكن أن يكون المراد الاستواء في الترقي ، فان من كان كل يوم منه أزيد من السابق فعمله مستو للاشتراك في هذا المعنى ، أو يكون المراد بأحدهما الكيفية وبالاخر الكمية.
٢٩ ـ كا : عن العدة ، عن أحمدبن محمد ، عن محمدبن إسماعيل عن جعفربن بشير ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام ، إياك أن تفرض على نفسك فريضة ، فتفارقها اثني عشرهلا لا (٤).
توضيح : « أن تفرض على نفسك » أي تقرر عليها أمرا من الطاعات لا على سبيل النذر ، فانه لايجوز مفارقته بعد السنة أيضا ، ويحتمل شموله للنذر القلبي أيضا فان الوفاء به مستحب أيضا.
٣٠ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن النعمان قال : حدثني حمزة بن حمران قال : سمعت أباعبدالله عليهالسلام يقول : إذاهم أحدكم بخير
___________________
(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ٨٢.
(٣ و ٤) الكافى ج ٢ ص ٨٣.