بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

العقل يجزم بعدم مساواة من أعقب كثيرا من الطاعة بقليل من المعصية ، مع من اكتفى بالفضل بينهما حسب ، وعدم مساواة من أعقب أحدهما بمايساوي الاخر ، مع من لم يفعل شيئا.

ثم إنه يمكن أن يسقط العقاب المتقدم عند الطاعة المتأخرة على سبيل العفو وهوإسقاط الله تعالى مايستحقه على العبد من العقوبة ، وهوالظاهر من مذاهب أصحابنا رضي‌الله‌عنهم وأما الثواب فلايتصور فيه ذلك ، ويمكن أن يكون الوعد بالثواب على الطاعة المتقدمة أو استحقاقه مشروطا بعدم معاقبة المعصية لها ، كما يشترط ثواب الايمان والطاعات بالموافاة على الايمان ، بأن يموت مؤمنا عند كثير من أصحابنا.

لكن ذلك الاشتراط ليس بعام لجميع المعاصي بل مخصوص بمقتضى النصوص ببعضها ، وليس كل ماورد بطلان الطاعة بسببه مما يقطع باشتراط الثواب به ، لان كلا منها أخبار آحاد لاتفيد القطع نعم ربما حصل القطع بأن شيئا من تلك المعاصي يشترط استمرار انتفائه لاستحقاق الثواب ، أو هو شرط في الوعد به ، والفرق بين هذا وبين الاحباط ظاهر من وجوه :

الاول أن إبطال الثواب في الاحباط من حيث التضاد عقلا بين الاستحقاقين وههنا من جهة اشتراطه شرعا بنفي المعصية.

الثاني أن المنافاة هناك بين الاستحقاقين ، فلو لم يحصل استحقاق العقاب لانتفاء شرطه ، لم يحصل الاحباط ، وههنا بنفس المعصية بنتفي الثواب أو استحقاقه إن ثبت وكان مستمرا ، وإن توقف أصل الاستحقاق على استمرار النفي لم يحصل أصلا وإنما يحصل في موضع الحصول بالموت.

ولايختلف الحال باستحقاق العقاب على ( تلك ) المعصية ، لاستجماع شرائطه وعدمه لفقد شئ منه ، كمنع الله تعالى لطفا معلوما عن المكلف ، وكمالو أعلم الله تعالى المكلف أنه يغفرله ويعفو عن جميع معاصيه ، فكان مغريا له بالقبيح ، وكما لولم يقع فعل القبيح ولا الاخلال بالواجب عن المكلف على سبيل إيثاره على فعل الواجب

٢٠١

والامتناع من القبيح ، بل وقع لاعلى وجه الايثار ، فان العاصي في جميع هذه الصور يستحق ذما ولايستحق عقابا عند أبي هاشم ومن يحذوحذوه وعلى تقدير الاشتراط باستمرار انتفاء المعصية ينتفي استحقاق الثواب ، وعلى تقدير الاحباط لاينتفي.

الثالث أن التوبة على مذهب الاحباط يمنع من الاحباط ، وعلى ماذكرنا لايمنع من الاحباط ، نعم لوكان الشرط استمرار انتفاء المعصية ، أو الموافاة بالتوبة من المعصية ، دون استمرار انتفائها فقط ، منع من الاحباط كمذهب القائلين به.

الرابع (١) أن هذا يجري في مذهب النافين للاستحقاق دون الاحباط ، وهذا الذي ذكرناه وإن لم يكن مذهبا صريحا لاصحابنا إلا أن من يذهب إلى الموافاة لابدله من تجويزه ، وبه يجمع بين نفي الاحباط كما تقتضيه الادلة بزعمهم وبين الايات وكثير من الروايات الدالة على أن بعضا من المعاصي يبطل الاعمال السابقة ، ويمكن القول بمثل هذا في المعاصي بأن يكون استحقاق العقاب عليها أو استمرار مشروطا بعدم بعض الطاعات في المستقبل ، فيأول مايتضمن شبه هذا المعنى من الروايات به ، لكن عدم استحقاق العقاب بتعمد معصية الله تعالى وتوقفه على أمر منتظر بعيد ، وكذلك انقطاع استمراره ، وفي العفو مندوحة عنه ، والكلام فيه كالكلام في التوبة ، وهوظاهر النصوص ، وفي كلام الشارح العلامة قدس سره في شرح التجريد عند قول المصنف ره : وهومشروط بالموافاة الخ مايدل على أن في المعتزلة من يقول باشتراط الطاعات بالمعاصي المتأخرة ، وبالعكس وظاهره أنه حمل كلام المصنف على هذا المعنى ، فيكون قائلا بالموافاة في الطاعات باشتراطه بانتفاء الذنب في المستقبل ، وفي المعاصي باشتراطه بعدم الطاعة الصالحة للتكفير في المستقبل ، إلا أني لم أقف على قائل به من أصحابنا صريحا وكلام التجريد ليس بصريح إلا في الموافاة بالايمان.

الرابع (٢) أن العفو مطلقا ، سواء كانت المعصية مماتاب المكلف منها أولا وسواء كانت صغيرة مكفرة أو كبيرة ، غير واقع بالسمع عند جميع المعتزلة وذهب بعضهم

___________________

(١) يعنى الرابع من الوجوه (٢) يعنى الرابع من المقاصد.

٢٠٢

وهم البغداديون منهم إلى أنه قبيح عقلا والسمع أكده ، والبصريون إلى جوازه عقلا وإنما المانع منه السمع ، فمزيل العقاب عندهم منحصر في أمرين أحدهما التوبة والثاني التكفير بالثواب ، وذلك عند من قال بأن التوبة إنما تسقط العقاب لكونه ندما على المعصية ، وأما عند من قال إنه يسقط لكثرة الثواب ، فالمزيل منحصر في أمر واحد هو الاحباط ، فتوهم غير هذا باطل ، ودعوى الاتفاق على العفو من الصغائر عند اجتناب الكبائر ومن الذنوب مطلقا عند التوبة كماوقع من الشارح الجديد للتجريد ، مضمحل عند التحقيق ، كماذكره بعض الافاضل.

قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى « إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » نمط ما تستحقونه من العقاب ، في كل وقت على صغائر كم ونجعلها كأن لم تكن لزيادة الثواب المستحق على اجتنابكم الكبائر ، وصبركم عنها ، على عقاب السيئات ، وأما إسقاط التوبة للعقاب ففيه ثلاث مذاهب :

الاول أنها تسقطه على سبيل الوجوب عند اجتماع شرائطها ، لكونها ندما على المعصية ، كما أن الندم على الطاعة يحبطها لكونه ندما عليها ، مع قطع النظر عن استتباعها الثواب والعقاب.

الثاني أنها تسقطه على سبيل الوجوب ، لالكونها ندما عليها ، بل لاستتباعها ثوابا كثيرا.

الثالث أنها لاتسقطه ، وإنما يسقط العقاب عندها ، لانها على سبيل العفو دون الاستحقاق ، وهذه المذاهب مشهورة مسطورة في كتب الكلام.

وأقول : بهذا التفصيل الذي ذكر ارتفع التشنيع واللوم عن محققي أصحابنا رضوان الله عليهم ، بمخالفتهم للايات المتضافرة ، والروايات المتواترة ، وأن الاحباط والتكفير بالمعنى الذي هو المتنازع فيه بين أصحابنا وبين المعتزلة ، نفيهما لاينافي شيئا من ذلك.

وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لانه من مهمات المسائل الكلامية ، و من تعرض لتحقيقه لم يستوف حقه والله الموفق.

٢٠٣

٧ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حمادبن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث : عين سهرت في سبيل الله ، وعين فاضت من خشية الله ، وعين غضت من محارم الله (١).

بيان : « في سبيل الله » أي في الجهاد ، أو الاعم منه ومن السفر إلى الحج و الزيارات ، أو الاعم منها ومن السهر للعبادة ، ومطالعة العلوم الدينية ، وهذا أظهر ، وإسناد الفيض إلى العين مجاز ، يقال فاض الماء والدمع يفيص فيضا كثر حتى سال و « غضت » على بناء المفعول يقال غض طرفه أي كسره ، وأطرق لم يفتح عينه.

٨ ـ كا : عن علي ، عن محمدبن عيسى ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي ـ عبدالله عليه‌السلام قال فيما : ناجى الله عزوجل به موسى عليه‌السلام : ياموسى ماتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عن محارمي ، فاني ابيحهم جنات عدن لا اشرك معهم أحدا (٢).

بيان : « جنات عدن » قال الراغب : إي استقرار وثبات وعدن بمكان كذا استقر ، ومنه المعدن لمستقر الجواهر.

٩ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أشد مافرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا ثم قال : لا أعني سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وإن كان منه ، ولكن ذكر الله عند ما أحل وحرم ، فان كان طاعة عمل بها ، وإن كان معصية تركها (٣).

توضيح : « مافرض الله » أي قرره أعم من الواجب والندب ، ويحتمل الوجوب « وإن كان » أي هذا الذكر اللساني « منه » أي من مطلق الذكر الشديد الذكر عند الطاعة والمعصية ، والذكر اللساني هين بالنسبة إليه ، والحاصل أن الله سبحانه أمر بالذكر ومدجه في مواضع كثيرة من الذكر الحكيم لقوله سبحانه « و

___________________

(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ٨٠.

٢٠٤

اذكروا الله ذكرا كثيرا » (١) وقوله « واذكر ربك في نفسك تضرعاو خيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال » (٢) وقوله تعالى « الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم » (٣).

وأصل الذكر التذكر بالقلب ، ومنه « واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم » (٤) أي تذكروا ثم يطلق على الذكر اللساني حقيقة أو من باب تسمية الدال باسم المدلول ، ثم كثر استعماله فيه لظهوره حتى صار هو السابق إلى الفهم ، فنص عليه‌السلام على إرادة الاول دون الثاني فقط ، دفعا لتوهم تخصيصه بالثاني ، وإشارة إلى أكمل أفراده.

وقال بعضهم : ذكر اللسان مع خلو القلب عنه ، لايخلو من فائدة ، لانه بمنعه من التكلم باللغو ، ويجعل لسانه معتادا بالخير ، وقد يلقي الشيطان إليه أن حركة اللسان بدون توجه القلب عبث ينبغي تركه ، فاللائق بحال الذاكر حينئذ أن يحضر قلبه رغما للشيطان ، ولولم يحضره فاللائق به أن لايترك ذكر اللسان رغما لانفه أيضا وأن يجيبه بأن اللسان آلة للذكر كالقلب ، ولايترك أحدهما بترك الاخر فان لكل عضو عبادة.

ثم اعلم أن الذكر القلبي من أعظم بواعث المحبة ( والمحبة ) أرفع منازل المقربين رزقنا الله إياها وسائر المؤمنين.

١٠ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ترك معصية الله مخافة الله تبارك وتعالى أرضاه الله يوم القيامة (٥).

___________________

(١) الاحزاب : ٤١.

(٢) الاعراف : ٢٠٥.

(٣) آل عمران : ١٩١.

(٤) البقرة : ٤٧.

(٥) الكافى ج ٢ ص ٨١.

٢٠٥

بيان : يمكن تعميم المعصية ليشمل ترك الطاعة أيضا وعدم مايرضيه به لتفخيمه إيماء إلى أن عقل البشر لايصل إلى كنه حقيقته ، كما قال سبحانه « ورضوان من الله أكبر » (١).

أقول : قد أثبتنا بعض الاخبار في باب الاستعداد للموت.

١١ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاتزال امتي بخير ماتحابوا وتهادوا وأدوا الامانة ، و اجتنبوا الحرام ، وقروا الضيف ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، فاذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين (٢).

١٢ ـ ما : المفيد ، عن المظفربن محمد البلخي ، عن محمدبن همام ، عن حميد ابن زياد ، عن إبراهيم بن عبيد بن حنان ، عن الربيع بن سلمان ، عن السكوني عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اعمل بفرائض الله تكن من أتقى الناس ، وارض بقسم الله تكن من أغنى الناس ، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس ، وأحسن مجاورة من يجاورك تكن مؤمنا ، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما (٣).

لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني مثله (٤).

١٣ ـ لى : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعبد الناس من أقام الفرائض ، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (٥).

١٤ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن ابن معروف ، عن أبي شعيب

___________________

(١) براءة : ٧٢.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٨١.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٢٠.

(٤) أمالى الصدوق ص ١٢١.

(٥) أمالى الصدوق ص ١٤.

٢٠٦

يرفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أورع الناس من وقف عند الشبهة ، أعبد الناس من أقام الفرايض ، أزهد الناس من ترك الحرام ، أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (١).

أقول : قدمضى بعض الاخبار في باب اليقين.

١٥ ـ ع : علي بن حاتم ، عن أحمدبن علي العبدي ، عن الحسن بن إبراهيم الهاشمي ، عن إسحاق بن إبراهيم الديري ، عن عبدالرزاق بن همام ، عن معمر عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال حبيبي جبرئيل : إن مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة ، الايمان أصلها ، والصلاة عروقها ، والزكاة ماؤها والصوم سعفها ، وحسن الخلق ورقها ، والكف عن المحارم ثمرها ، فلاتكمل شجرة إلا بالثمر ، كذلك الايمان لايكمل إلا بالكف عن المحارم (٢).

١٦ ـ ثو : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن محمدبن سنان ، عن المفضل قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : روي عن المغيرة أنه قال : إذا عرف الرجل ربه ليس عليه وراء ذلك شئ ، قال : ماله لعنه الله أليس كلما ازداد بالله معرفة فهو أطوع له ، أفيطيع الله عزوجل من لايعرفه؟ إن الله عز وجل أمر محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بأمر وأمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله المؤمنين بأمر ، فهم عاملون به إلى أن يجئ نهيه ، والامر والنهي عند المؤمن سواء.

قال : ثم قال : لاينظر الله عزوجل إلى عبد ولايزكيه إذا ترك فريضة من فرائض الله ، أو ارتكب كبيرة من الكبائر ، قال : قلت : لاينظر الله إليه؟ قال نعم ، قد أشرك بالله ، قال : قلت : أشرك؟ قال : نعم إن الله عزوجل أمره بأمر وأمره إبليس بأمر فترك ما أمر الله عزوجل به وصار إلى ما أمر إبليس فهذا مع إبليس في الدرك السابع من النار (٣).

___________________

(١) الخصال ج ١ ص ١١.

(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢٣٧.

(٣) ثواب الاعمال ص ٢٢٠.

٢٠٧

١٧ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : حدثني أبي ، عن أبيه عليهما‌السلام أن رجلا من أهل الكوفة كتب إلى أبي الحسين بن علي عليهما‌السلام : ياسيدي أخبرني بخير الدنيا والاخرة فكتب صلوات الله عليه :

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فان من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله امور الناس ، ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام (١).

١٨ ـ ين : عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : اصبر (٢) ومالم يأت منها فلست تعرفه ، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها وكأنك قد أعطيت.

١٩ ـ نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من شئ أحب إلى الله تعالى من الايمان به ، والعمل الصالح ، وترك ما أمر به أن يتركه.

٢٠ ـ نهج : قال عليه‌السلام : لاعبادة كأداء الفرائض (٣).

___________________

(١) الاختصاص : ٢٥٥.

(٢) كذا ، ولعله سقط منه نحو هذا ( على ما أتاك من المصائب ولاتجزع لما لم يأتك فان مالم يأت ).

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٦٨.

٢٠٨

(٦٦)

( باب )

* (الاقتصاد في العبادة والمداومة عليها ، وفعل الخير وتعجيله وفضل التوسط في جميع الامور واستواء العمل) *

الايات : البقرة : فاستبقوا الخيرات (١).

آل عمران : ويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين (٢).

وقال : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم (٣).

المائدة : واستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (٤).

طه : وعجلت إليك رب لترضى (٥).

الانبياء : إنهم كانوا يسارعون في الخيرات (٦).

المؤمنون : اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون (٧).

١ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الاحوال عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا إن لكل عبادة شرة ، ثم تصير إلى فترة ، فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن خالف سنتي فقد ضل ، وكان عمله في تباب أما إني اصلي وأنام

___________________

(١) البقرة : ١٤٨.

(٢) آل عمران : ١١٤.

(٣) آل عمران : ١٣٣.

(٤) المائدة : ٤٨.

(٥) طه : ٨٤.

(٦) الانبياء : ٩٠.

(٧) المؤمنون : ٦١.

٢٠٩

وأصوم وافطر وأضحك وأبكي ، فمن رغب من منهاجي وسنتي فليس مني وقال : كفى بالموت موعظة ، وكفى باليقين غنى ، وكفى بالعبادة شغلا (١).

تبيين : « إن لكل عبادة شرة » الشرة بكسر الشين وتشديد الراء شدة الرغبة ، قال في النهاية : فيه إن لهذا القرآن شرة ، ثم إن للناس عنه فترة : الشرة النشاط والرغبة ، ومنه الحديث الاخر : لكل عابد شرة ، وقال في حديث ابن مسعود : إنه مرض فبكى فقال : إنما أبكي لانه أصابني على حال فترة ، ولم يصبني على حال اجتهاد ، أي في حال سكون وتقليل من العبادات والمجاهدات انتهى.

« إلى سنتي » أي منتهيا إليها أو « إلى » بمعنى « مع » أي لاتدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع كالرياضات المبتدعة للمتصوفة ، بل يعمل بالسنن والتطوعات الواردة في السنة ويحتمل أن يكون المراد بانتهاء الشرة أن يكون ترك الشرة بالاقتصاد ، والاكتفاء بالسنن ، وترك بعض التطوعات لابترك السنن أيضا ويؤيده الخبر الاتي.

« في تباب » أي تباب العمل أو صاحبه والتباب الخسران والهلاك ، وفي بعض النسخ « في تبار » بالراء وهوأيضا الهلاك.

« كفى بالموت موعظة » الباء زائدة ، والموعظة مايتغظ الانسان به ، ويصير سببا لانزجار النفس عن الخطايا ، والميل إلى الدنيا ، والركون إليها ، وأعظمها الموت ، إذ العاقل إذا تفكر فيه وفي غمراته ومايعقبه من أحوال البرزخ والقيامة وأهوالها ، ومافعله بأهل الدنيا من قطع أيديهم عنها وإخراجهم منها طوعا أو كرها فجاءة من غير اطلاع منهم على وقت نزوله ، وكيفية حلوله ، هانت عنده الدنيا ، ومافيها ، وشرع في التهيئة له إن أعطاه الله تعالى بصيرة في ذلك.

« وكفى باليقين غنى » أي كفى اليقين بأن الله رازق العباد ، وأنه يوسع على من يشاء ، ويقتر على من يشاء ، بحسب المصالح ، سببا لغنى النفس ، وعدم

___________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٨٥.

٢١٠

الحرص ، وترك التوسل بالمخلوقين ، وهو من فروع اليقين بالقضاء والقدر ، وقد مرفي باب اليقين أنه يطلق غالبا عليه.

« وكفى بالعبادة شغلا » كأن المقصود أن النفس يطلب شغلا ليشغل به فاذا شغلها المرؤ بالعبادة تحيط بجميع أوقاته ، فلايكون له فراغ يصرفه في الملاهي وإذا لم يشتغل بالعبادة يدعوه الفراغ إلى البط واللهو ، وصرف العمر في المعاصي والملاهي ، والامور الباطلة ، كسماع القصص الكاذبة وأمثالها ، والغرض الترغيب في العبادة ، وبيان عمدة ثمراتها.

والظاهر أن هذه الفقرات الاخيرة مواعظ اخر لا ارتباط لها بما تقدمها وقد يتكلف بجعلها مربوطة بها ، بأن المراد بالاولى كفى الموت موعظة في عدم مخالفة السنة ، وكفى اليقين غنى لئلا ، يطلب الدنيا بالرئاء ، وارتكاب البدع وكفت العبادة المقررة الشرعية شغلا فلايلزم الاشتغال بالبدع.

٢ ـ كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، عن الحجال ، عن ثعلبة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لكل أحد شرة ، ولكل شرة فترة ، فطوبى لمن كانت فترته إلى خير (١).

بيان : الحاصل أن لكل أحد شوقا ونشاطافي العبادة ، في أول الامر ، ثم يعرض له فترة وسكون فمن كانت فترته بالاكتفاء بالسنن ، وترك البدع أو ترك التطوعات الزائدة فطوبى له ، ومن كانت فترته بترك السنن أيضا أو بترك الطاعات رأسا وارتكاب المعاصي أو بالاقتصار على البدع ، فويل له.

وقد روي عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : ما من أحد إلا وله شرة وفترة فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى ، وهو يؤيد ماذكرنا.

٣ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمدبن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذا الدين متين

___________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٨٦.

٢١١

فأوغلوا فيه برفق ، ولاتكرهوا عبادة الله إلى عباد الله ، فتكونوا كالراكب المنبت الذي لاسفرا قطع ، ولاظهرا أبقى.

وبالاسناد ، عن ابن سنان ، عن مقرن ، عن محمدبن سوقه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (١).

بيان : قال في النهاية المتين الشديد القوي وقال : فيه إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، الايغال السير الشديد يقال : أوغل القوم وتوغلوا إذا أمعنوا في سيرهم ، والوغول الدخول في الشئ وقد وعل يغل وغولا ، يريد سرفيه برفق وابلغ الغاية القصوى منه بالرفق ، لاعلى سبيل التهافت والخرق ، ولا تحمل نفسك ولاتكلفها مالاتطيقه فتعجز ، وتترك الدين والعمل.

وقال : فيه فان المنبت لا أرضا قطع ولاظهرا أبقى ، يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته : قد أنبت من البت القطع ، وهو مطاوع بت يقال : بته وأبته يريد أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده ، لم يقض وطره ، وقد أعطب ظهره انتهى.

« ولاتكرهوا عبادة الله » كأن المعنى أنكم إذا أفرطتم في الطاعات ، يريد الناس متابعتكم في ذلك فيشق عليهم ، فيكرهون عبادة الله ويفعلونها من غير رغبة وشوق ، ويحتمل أن يكون أوغلوا في فعل أنفسهم ، ولاتكرهوا في دعوة الغير أي لاتحملوا على الناس في تعليمهم وهدايتهم فوق سعتهم ، ومايشق عليهم ، كما مرفي حديث الرجل الذي هدى النصراني في باب درجات الايمان (٢).

ويحتمل أن يكون عباد الله شاملا لانفسهم أيضا ، ويمكن أن يكون الايغال هنا متعديا أي أدخلوا الناس فيه ، برفق ليوافق الفقرة الثانية ، قال في القاموس : وغل في الشئ يغل وغولا : دخل وتوارى ، أو بعد وذهب وأوغل في البلاد والعلم ذهب وبالغ وأبعد كتوغل ، وكل داخل مستعجلا موغل ، وقد أوغلته الحاجة.

___________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٨٦.

(٢) راجع ج ٦٩ ص ١٦١.

٢١٢

٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ومحمدبن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البخترى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لاتكرهوا إلى أنفسكم العبادة (١).

بيان : حاصله النهي عن الافراط في التطوعات ، بحيث يكرهها النفس ولا تكون فيها راغبا ناشطا.

٥ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمدبن إسماعيل ، عن حنان ابن سدير قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل إذا أحب عبدا فعمل ( عملا ) قليلا جزاه بالقليل الكثير ، ولم يتعاظمه أن يجزي بالقليل الكثير له (٢).

بيان : في القاموس تعاظمه عظم عليه ، وكأن في أكثر هذه الاخبار إشارة إلى أن السعي في زيادة كيفية العمل أحسن من السعي في زيادة كميته ، وأن السعي في تصحيح العقايد والاخلاق أهم من السعي في كثرة الاعمال.

٦ ـ كا : عن العدة ، عن أحمدبن محمد ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن جهم عن منصور ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : مربي أبي وأنا بالطواف وأنا حدث ، وقد اجتهدت في العبادة ، فرآني وأنا أتصاب عرقا فقال لي ياجعفر يابني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ورضي عنه باليسير (٣).

بيان : « إذا أحب عبدا » أي بحسن العقائد والاخلاق ، ورعاية الشرايط في الاعمال التي منها التقوى.

٧ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، وغيره عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اجتهدت في العبادة وأنا شاب فقال لي أبي : يابني دون ما أراك تصنع فان الله عزوجل إذا أحب عبدا رضي عنه باليسير (٤).

بيان : « دون ما أراك تصنع » دون منصوب بفعل مقدر أي اصنع دون ذلك.

٨ ـ كا : عن حميدبن زياد ، عن الخشاب ، عن ابن بقاح ، عن معاذبن

___________________

(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ٨٦.

(٤) الكافى ج ٢ ص ٨٧.

٢١٣

ثابت ، عن عمروبن جميع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياعلي إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولاتبغض إلى نفسك عبادة ربك ، إن المنبت يعني المفرط لاظهرا أبقى ولا أرضا قطع ، فاعمل عمل من يرجوأن يموت هرما واحذر حذر من يتخوف أن يموت غدا (١).

بيان : « فاعمل عمل من يرجوا أن يموت هرما » أي تأن وارفق ولاتستعجل فان من يرجو البقاء طويلا لايسارع في الفعل كثيرا أو أن من يرجو ذلك لايتعب نفسه ، بل يداري بدنه ، ولاينهكه بكثرة الصيام والسهر وأمثالهما ، واحذر عن المنهيات كحذر من يخاف أن يموت غدا قيل : ولعل السر فيه أن العبادات أعمال وفيها تعب الاركان ، وشغل عما سواها ، فأمر فيها بالرفق والاقتصاد كيلا تكل بها الجوارح ، ولاتبغضها النفس ، ولاتفوت بسببها حق من الحقوق.

فأما الحذر عن المعاصي والمنهيات فهوترك وإطراح ، ليس فيه كثير كد ولاملالة ، ولاشغل عن شئ ، فيترك ترك من يخاف أن يموت غدا على معصية الله تعالى ، وقيل : الفرق أن فعل الطاعات نفل وفضل ، وترك المخالفات حتم وفرض.

٩ ـ ما : في وصية أمير المؤمنين صلوات الله عليه عند وفاته : واقتصد يابني في معيشتك ، واقتصد في عبادتك ، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه (٢).

١٠ ـ ع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن محمدبن عيسى ، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عندالله من العمل الكثير على غير يقين (٣).

١١ ـ ع : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ألا وقولوا خيرا تعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله (٤).

___________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٨٧.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٦.

(٣) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٤٦.

(٤) علل الشرائع ج ١ ص ٢٣٦.

٢١٤

ما : بأسانيد كثيرة مثله (١).

١٢ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن يعقوب بن زياد ، عن إسماعيل بن محمدبن إسحاق بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده إسحاق ، عن أخيه موسى عن أبيه عليهما‌السلام قال : أحسن من الصدق قائله وخير من الخير فاعله (٢).

١٣ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحجال ، عن العلا ، عن محمد قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : إن الخير ثقل على أهل الدنيا على قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة ، وإن الشر خف على أهل الدنيا على قدر خفته في موازينهم (٣).

١٤ ـ لى : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ابن عثمان ، عن بشار بن بشار ، عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : إذا أردت شيئا من الخير فلاتؤخره ، فان العبد ليصوم اليوم الحار يريد به ماعندالله عزوجل فيعتقه الله من النار ، ويتصدق بالصدقة يريد بها وجه الله فيعتقه الله من النار (٤).

١٥ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لكل شئ ثمرة وثمرة المعروف تعجيله.

وقال عليه‌السلام : بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه بغيره (٥).

١٦ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه‌السلام عند وفاته : إذا عرض شئ من أمر الاخرة فابدأ به ، وإذا عرض شئ من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه (٦).

١٧ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : داوم على تخليص المفترضات والسنن فانهما الاصل فمن أصابهما وأداهما بحقهما فقد أصاب الكل ، فان خير العبادات

___________________

(١) راجع أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٢٠.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٠٩.

(٣) الخصال ج ١ ص ١٢.

(٤) أمالى الصدوق ص ٢٢٠.

(٥) الخصال ج ٢ ص ١٦١.

(٦) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٦.

٢١٥

أقربها بالامن ، وأخلصها من الافات وأدومها وإن قل ، فان سلم لك فرضك وسنتك فأنت أنت ، واحذر أن تطأ بساط مليكك إلا بالذلة والافتقار ، والخشية والتعظيم ، وأخلص حركاتك من الرياء وسرك من القساوة ، فان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : المصلي يناجي ربه فاستحي أن يطلع على سرك العالم بنجواك ومايخفي ضميرك وكن بحيث رآك لما أراد منك ، ودعاك إليه.

وكان السلف لايزالون من وقت الفرض إلى وقت الفرض في إصلاح الفرضين جميعا ، وفي هذا الزمان للفضائل على الفرايض ، كيف يكون بدون بلاروح.

قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : عجبت لطالب فضيلة تارك فريضة ، وليس ذلك إلا لحرمان معرفة الامر ، وتعظيمه ، وترك رؤية مشيته بما أهلهم لامره واختارهم له (١).

١٨ ـ سر : عن حريز ، عن زرارة قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل ، فتعجل الخير أبدا ما استطعت ، وأحب الاعمال إلى الله تعالى مادام عليه العبد ، وإن قل.

١٩ ـ شى : عن الحلبي ، عن بعض أصحابنا عنه قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام لابي ـ عبدالله عليه‌السلام : يابني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما قال : وكيف ذلك يا أبه قال : مثل قول الله : « ولاتجهر بصلوتك ولاتخافت بها » ( لاتجهر بصلاتك سيئة ، ولاتخافت بها ) سيئة « وابتغ بين ذلك سبيلا » ( حسنة ) (٢) ومثل قوله : « ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط » (٣) ومثل قوله : « والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا » فأسرفوا سيئة وأقتروا سيئة « وكان بين ذلك قواما » (٤) حسنة ، فعليك بالحسنة

___________________

(١) مصباح الشريعة ص ١٩.

(٢) أسرى : ١١٠.

(٣) أسرى : ٢٩.

(٤) الفرقان : ٦٧.

٢١٦

بين السيئتين (١).

٢٠ ـ جا : أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : إذا هممت بخير فلاتؤخره فان الله تبارك وتعالى ربما اطلع على عبده وهوعلى الشئ من طاعته فيقول : وعزتي وجلالي لا اعذبك بعدها ، وإذا هممت بمعصية فلاتفعلها فان الله تبارك وتعالى ربما اطلع على العبدو هو على شئ من معاصيه ، فيقول : وعزتي وجلالي لا أغفرلك أبدا (٢).

٢١ ـ جا : بهذا الاسناد ، عن ابن مهزيار ، عن ابن حديد ، عن علي بن النعمان ، عن حمزة بن حمران قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : إذاهم أحدكم بخير فلايؤخره ، فان العبد ربما صلى الصلاة وصام الصوم فيقال له : اعمل ما شئت بعدها فقد غفرلك أبدا (٣).

٢٢ ـ نهج : قال عليه‌السلام : فاعل الخير خير منه ، وفاعل الشر شرمنه (٤) وقال عليه‌السلام : لايرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا (٥).

وقال عليه‌السلام : إضاعة الفرصة غصة (٦).

وقال عليه‌السلام : إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، فان القلب إذا اكره عمي (٧).

___________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٩.

(٢) مجالس المفيد ص ١٢٧.

(٣) مجالس المفيد ص ١٢٨.

(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥١.

(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥٧.

(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٧٠.

(٧) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٨.

٢١٧

وقال عليه‌السلام : أفضل الاعمال ما أكرهت نفسك عليه (١).

وقال عليه‌السلام : قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول منه (٢).

وقال عليه‌السلام : إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها (٣).

وقال عليه‌السلام : قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه (٤).

٢٣ ـ المجازاة النبوية : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولاتبغض إلى نفسك عبادة الله فان المنبت لا أرضا قطع ولاظهرا أبقى.

بيان : قال السيد وصف الدين بالمتانة مجاز ، والمراد أنه صعب الظهر شديد الاسرمأخوذ من متن الانسان ، وهو ما اشتد من لحم منكبيه ، وإنما وصفه عليه‌السلام بذلك لمشقة القيام بشرائطه والاداء لوظائفه فأمر عليه‌السلام أن يدخل الانسان أبوابه مترفقا ويرقا هضابه متدرجا ليستمر على تجشم متاعبه ، ويمرن على امتطاء مصاعبه.

وشبه عليه‌السلام العابد الذي يحسر منته ، ويستنفد طاقته بالمنبت وهوالذي يغذالسير ويكد الظهر منقطعا من رفقته ومتفردا عن صحابته فتحسر مطيته ولا يقطع شقته ، وهذا من أحسن التمثيلات وأوقع التشبيهات وممايقوي أن المراد بهذا الخبر ما كشفنا عن حقيقته ، الخبر الاخر عنه عليه‌السلام وهوفيما رواه بريدة ابن الحصيب الاسلمي قال : قال عليه‌السلام : عليكم هديا قاصدا فانه من يثابر هذا الدين يغلبه (٥).

٢٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إذاكان الرجل على عمل فليدم عليه سنة ثم يتحول عنه إن شاء إلى غيره ، وذلك أن ليلة القدر يكون فيها في عامه ذلك ماشاء الله

___________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٩.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ سص ٢١٣.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢١٣.

(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٩ (٥) المجازات النبويه ١٦٧.

٢١٨

أن يكون (١).

بيان : « ثم يتحول عنه إن شاء إلى غيره » من الطاعات لا أن يتركه بغير عوض « يكون » خبر أن و « فيها » خبر « يكون » والضمير راجع إلى الليلة ، وقوله « ماشاء الله أن يكون » اسم « يكون » وقوله « في عامه » متعلق بيكون أو حال عن الليلة.

والحاصل أنه إذا داوم سنة يصادف ليلة القدر التي فيها ماشاء الله كونه من البركات والخيرات والمضاعفات ، فيصير له هذا العمل مضاعفا مقبولا ، ويحتمل أن يكون الكون بمعنى التقدير أو يقدر مضاف في ماشاء الله.

فالمعنى : لما كان تقدير الامور في ليلة القدر فاذا صادفها يصير سببا لتقدير الامور العظيمة له ، وكون العمل في اليوم لاينافي ذلك فانه قد ورد أن يومها مثل الليلة في الفضل ، وقيل : المستتر في تكون لليلة القدر ، وضمير فيها للسنة وفي عامة بتشديد الميم متعلق بتكون أو بقوله فيها ، والمراد بالعامة المجموع والمشار إليه بذلك مصدر فليدم فالمراد زمان الدوام ، وماشاء الله بدل بعض للعامة والحاصل أنه يكون فيه ليلة القدر سواء وقع أوله أو وسطه أو آخره ، وماذكرنا أظهر.

٢٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أحب الاعمال إلى الله عزوجل ماداوم عليه العبد وإن قل (٢).

بيان : يدل على أن العمل القليل الذي يداوم عليه ، خير من عمل كثير يفارقه ويتركه ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قليل من عمل مدوم عليه خير من عمل كثير مملول منه أي يمل منه.

٢٦ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار ، عن نجبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما

___________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٨٢.

(٢) المصدر نفسه.

٢١٩

من شئ أحب إلى الله عزوجل من عمل يداوم عليه وإن قل (١).

٢٧ ـ كا : بالاسناد المتقدم ، عن فضالة ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول إني لاحب أن اداوم على العمل وإن قل (٢).

٢٨ ـ كا : وبالاسناد ، عن فضالة ، عن العلا ، عن محمدبن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام يقول : إني لاحب أن أقدم على ربي وعملي مستو (٣).

بيان : « وعملي مستو » كأن المراد بالاستواء الاشتراك في الكمال ، وعدم النقص ، فلاينافي ماروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من استوى يوماه فهو مغبون ، ويمكن أن يكون المراد الاستواء في الترقي ، فان من كان كل يوم منه أزيد من السابق فعمله مستو للاشتراك في هذا المعنى ، أو يكون المراد بأحدهما الكيفية وبالاخر الكمية.

٢٩ ـ كا : عن العدة ، عن أحمدبن محمد ، عن محمدبن إسماعيل عن جعفربن بشير ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام ، إياك أن تفرض على نفسك فريضة ، فتفارقها اثني عشرهلا لا (٤).

توضيح : « أن تفرض على نفسك » أي تقرر عليها أمرا من الطاعات لا على سبيل النذر ، فانه لايجوز مفارقته بعد السنة أيضا ، ويحتمل شموله للنذر القلبي أيضا فان الوفاء به مستحب أيضا.

٣٠ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن النعمان قال : حدثني حمزة بن حمران قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : إذاهم أحدكم بخير

___________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ٨٢.

(٣ و ٤) الكافى ج ٢ ص ٨٣.

٢٢٠