بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٣٤ ـ لى (١) مع (٢) ما : في خبر الشيخ الشامي قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ياشيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فر اقها ، ومن كان غده شر يوميه فمحروم ، ومن لم يبال مارزئ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له (٣).

٣٥ ـ لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : مامن يوم يمر على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم : يا ابن آدم أنا يوم جديد ، وأنا عليك شهيد ، فقل في خيرا واعمل في خيرا أشهد لك به يوم القيامة فانك لن تراني بعد ه أبدا (٤).

٣٦ ـ ل (٥) لى : ابن المغيرة ، عن جده ، عن جده ، عن السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة ، من كانت الاخرة همه كفاه الله همه من الدنيا ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ومن أصلح فيما بينه وبين الله عزوجل أصلح الله له فيما بينه وبين الناس (٦).

٣٧ ـ ثو : أبي ، عن محمدبن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن علي بن مهزيار ، عمن رواه ، عن الحارث بن الاحوال صاحب الطاق ، عن جميل ابن صالح قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لايغرك الناس من نفسك فان الامر يصل إليك من دونهم ولاتقطع النهار بكذا وكذا ، فان معك من يحفظ عليك ، ولم

___________________

(١) أمالى الصدوق : ٢٣٧.

(٢) معانى الاخبار : ١٩٨.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٤٩.

(٤) أمالى الصدوق : ٦٦.

(٥) الخصال ج ١ ص ٦٤.

(٦) أمالى الصدوق ٢٢.

١٨١

أرشيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة للذنب القديم ولاتصغر شيئا من الخير فانك تراه غدا حيث يسرك ولاتصغر شيئا من الشر فانك تراه غدا حيث يسوؤك إن الله عزوجل يقول « إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين » (١).

٣٨ ـ سن : أبي ، عن الحسن ، عن معاوية ، عن أبيه ، قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : ماناصح لله عبد مسلم في نفسه فأعطى الحق منها وأخذ الحق لها إلا اعطي خصلتين : رزق من الله يقنع به ، ورضى عن الله ينجيه (٢).

٣٩ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمدبن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عمربن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال في التوراة مكتوب : ابن آدم تفرغ لعبادتي أملا قلبك خوفا مني وإلا تفرغ لعبادتي أملا قلبك شغلا بالدنيا ثم لا أسد فاقتك ، وأكلك إلى طلبها.

٤٠ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن الثمالي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن بلغ قومك إنه ليس من عبد منهم آمره بطاعتي فيعطيني إلاكان حقا علي أن اعينه على طاعتي فان سألني أعطيته وإن دعاني أجبته ، وإن اعتصم بي عصمته ، وإن استكفاني كفيته وإن توكل علي حفظته ، وإن كاده جميع خلقي كدت دونه.

٤١ ـ ف : عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام قال : من اتقى الله يتقى ، ومن أطاع الله يطاع ، ومن أطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين ومن أسخط الخالق فقمن أن يحل به سخط المخلوقين (٣).

___________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٢٠ ، والاية في هود ١١٤ ، وروى مثله الشيخ المفيد في مجالسه ص ١١٦ باسناده عن على بن مهزيار عن فضالة بن أيوب عن عبدالله بن زيدعن ابن ابى يعفور عنه عليه‌السلام.

(٢) المحاسن : ٢٨.

(٣) تحف العقول ٤٨٢ في ط و ٥١٠ في ط.

١٨٢

٤٢ ـ سن : ابن محبوب ، عن العلا ، عن محمد قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : اتقوا الله واستعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد في طاعة الله ، فان أشد مايكون أحدكم اغتباطا ماهو عليه لوقدصار في حد الاخرة وانقطعت الدنيا عنه ، فاذاكان في ذلك الحد عرف أنه قد استقبل النعيم والكرامة من الله ، والبشرى بالجنة ، وأمن ممن كان يخاف وأيقن أن الذي كان عليه هوالحق ، وإن من خالف دينه على باطل هالك (١).

٤٣ ـ سن : أبي ، عن ابن سنان ، عن محمدبن حكيم ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : اعلموا أنه لايصغر ماضريوم القيامة ولايصغر ما ينفع يوم القيامة فكونوا فيما أخبركم الله كمن عاين (٢).

٤٤ ـ م : قوله عزوجل « وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لاتعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذوي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون » (٣).

قال الامام عليه‌السلام قال الله تعالى لبني إسرائيل اذكروا « إذا أخذنا ميثاق بني ـ إسرائيل » عهدهم المؤكد عليهم « لاتعبدون إلا الله » أي لاتشبهوه بخلقه ولا تجوروه في حكمه ، ولاتعلموا مايراد به وجهه تريدون به وجه غيره « وبالوالدين إحسانا » وأخذنا ميثاقهم بأن يعملوا بوالديهم إحسانا مكافاة عن إنعامهما عليهم وإحسانهما إليهم واحتمال المكروه الغليظ لترفيههما وتوديعهما « وذوي القربى » قرابات الوالدين بأن يحسنوا إليهم لكرامة الوالدين « واليتامى » وأن يحسنوا إلى اليتامى الذين فقدوا آباءهم الكافلين لهم امورهم ، السائقين لهم غذاءهم وقوتهم ، المصلحين لهم معاشهم.

___________________

(١) المحاسن : ١٧٧.

(٢) المحاسن : ٢٤٩.

(٣) البقرة : ٨٣.

١٨٣

« وقولوا للناس » الذين لامؤنة لكم عليهم « حسنا » عاملوهم بخلق جميل « وأقيموا الصلوات » الخمس وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآله الطيبين عند أحوال غضبكم ورضاكم ، وشدتكم ورخاكم وهمومكم المعلقة لقلوبكم « ثم توليتم » أيها اليهود عن الوفاء بمانقل إليكم من العهد الذي أداه أسلافكم إليكم « وأنتم معرضون » عن ذلك العهد تاركين له غافلين عنه.

قال الامام عليه‌السلام : أماقوله تعالى : « لاتعبدون إلا الله » فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من شغلته عبادة الله عن مسألته أعطاه الله أفضل مايعطي السائلين وقال علي عليه‌السلام : قال الله تعالى من فوق عرشه : ياعبادي اعبدوني فيما أمرتكم ولا تعلموني مايصلحكم ، فاني أعلم به ولا أبخل عليكم بمصالحكم ، وقالت فاطمة عليها‌السلام : من أصعد إلى الله خالص عبادته ، أهبط الله إليه أفضل مصلحته ، وقال الحسن بن علي عليهما‌السلام : من عبدالله عبدالله له كل شي ، وقال الحسين بن علي عليهما‌السلام : من عبدالله حق عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايته (١).

٤٥ ـ شى : عن إبراهيم الكرخي قال : إني عند أبي عبدالله عليه‌السلام إذدخل عليه رجل من المدينة فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : من أين جئت؟ ثم قال له : جئت من ههنا وههنا لغير معاش تطلبه ولالعمل آخرة ، انظربماذا تقطع يومك وليلتك واعلم أن معك ملكا كريما موكلا بك يحفظ عليك ماتفعل ، ويطلع على سرك الذي تخفيه من الناس ، فاستحي ولاتحقرن سيئة فانها ستسوؤك يوما ، ولاتحقرن حسنة وإن صغرت عندك ، وقلت في عينك ، فانها ستسرك يوما.

واعلم أنه ليس شئ أضر عاقبة ولا أسرع ندامة من الخطيئة ، وإنه ليس شئ أشد طلبا ولا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة ، أما إنها لتدرك العظيم القديم المنسي عند عامله ، فيجد به ويسقط ، ويذهب به بعد إساءته وذلك قول الله : « إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين » (٢).

___________________

(١) تفسير الامام ص ١٣١ ط تبريز وص ١٥١ في ط آخر.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٦٣ والاية في هود : ١١٤.

١٨٤

٤٦ ـ جا : أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن ابن حديد ، عن علي بن النعمان رفعه قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : ويح من غلبت واحدته عشرته (١).

وكان أبوعبدالله عليه‌السلام يقول : المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة.

وكان علي بن الحسين عليه‌السلام يقول : أظهر اليأس من الناس ، فان ذلك من الغنا وأقل طلب الحوائج إليهم فان ذلك فقر حاضر ، وإياك وما يعتذر منه ، وصل صلاة مودع وإن استطعت أن تكون اليوم خيرا منك أمس ، وغدا خيرا منك اليوم فافعل (٢).

أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار عن علي بن النعمان ، عن داود بن فرقد قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : إن العمل الصالح يذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له ثم قرأ « وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلانفسهم يمهدون » (٣).

٤٧ ـ بشا : محمدبن شهريا الخازن ، عن شيخ الطائفة ومحمدبن محمد بن ميمون المعدل معا ، عن الحسن بن إسماعيل البزاز وجماعة ، عن أبي المفضل الشيباني عن جعفربن محمد العلوي ، عن محمد بن عبدالمنعم الصيداوي ، عن حسين بن شداد الجعفي ، عن شداد بن رشيد ، عن عمروبن عبدالله بن هند الجملي ، عن أبي عبدالله جعفربن محمد عليهما‌السلام أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه‌السلام أتت جابربن عبدالله الانصاري فقالت له : ياصاحب رسول الله إن لنا عليكم حقوقا وإن من حقنا عليكم أن إذ رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه ، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين عليه‌السلام قد انخرم أنفه وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه إدآبا منه لنفسه في العبادة.

فأتى جابربن عبدالله باب علي بن الحسين عليهما‌السلام وبالباب أبوجعفر محمد بن

___________________

(١) كناية عن السيئة والحسنة فان الحسنة بعشرة والسيئة بواحدة.

(٢) مجالس المفيد ص ١١٦ و ١١٧.

(٣) مجالس المفيد ص ١٢٢ ، ومضمون الاية في الروم : ٤٤.

١٨٥

علي عليهما‌السلام في اغيلمة من بني هاشم وقد اجتمعوا هناك فنظر جابربن عبدالله إليه مقبلا فقال : هذه مشية رسول الله وسجيته فمن أنت ياغلام؟ فقال : أنا محمدبن علي بن الحسين ، فبكى جابر وقال : أنت والله الباقر عن العلم حقا ادن مني بأبي أنت فدنا منه فحل جابر أزراره ثم وضع يده على صدره فقبله ، وجعل عليه خده وجهه ، وقال : اقرئك عن جدك رسول الله السلام وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت ، وقال لي : يوشك أن تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمدبن علي يبقر العلم بقرا وقال : إنك تبقى حتى تعمى ، ويكشف لك عن بصرك ، ثم قال له : ائذن لي على أبيك علي بن الحسين عليهما‌السلام.

فدخل أبوجعفر إلى أبيه عليهما‌السلام وأخبره الخبر وقال : إن شيخا بالباب وقد فعل بي كيت كيت ، فقال : يابنى ذاك جابربن عبدالله ، ثم قال : من بين ولدان أهلك قال لك ماقاله وفعل بك مافعله؟ قال : نعم ، قال : إنا لله. إنه لم يقصدك فيه بسوء ولقد أشاط بدمك ثم أذن لجا برفدخل عليه فوجده في محرابه قد أنضته العبادة فنهض علي وسأله عن حاله سؤالا حثيثا ثم أجلسه فأقبل جابر عليه يقول له يا ابن رسول الله ماهذا الجهد الذي كلفته نفسك أما علمت أن الله إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم وخلق النار لمن أبغضكم ( وعاداكم ).

فقال له علي بن الحسين عليهما‌السلام : ياصاحب رسول الله أما علمت أن جدي رسول الله قد غفر الله ماتقدم من ذنبه وماتأخر ، فلم يدع الاجتهاد ، وقد تعبد بأبي هو وامي حتى انتفخ الساق وورم القدم ، فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وماتأخر؟ فقال : أفلا أكون عبدا شكورا.

فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين عليهما‌السلام وأنه ليس يغني فيه قول من يستميله من الجهد والتعب إلى القصد ، قال له يا ابن رسول الله البقاء على نفسك ، فانك من اسرة بهم يستدفع البلاء ، ويكشف اللاواء ، وبهم يستمطر السماء ، فقال : ياجابر لا أزال على منهاج آبائي صلوات الله عليهم حتى ألقاهم فأقبل جابر على من حضر وقال : والله مارئي من أولاد الانبياء مثل علي بن الحسين صلوات الله عليهما إلا يوسف

١٨٦

ابن يعقوب والله لذرية علي بن الحسين أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب إن منه لمن يملا الارض عدلا كما ملئت جورا (١).

٤٨ ـ بشا : الحسن بن الحسين بن بابويه ، عن عمه محمدبن الحسن ، عن أبيه عن عمه أبي جعفر بن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير عن صفوان عن خيثمة الجعفي قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام وأنا اريد الشخوص فقال : أبلغ موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله وأن يعود غنيهم فقيرهم ، وقويهم ضعيفهم ، وأن يعود صحيحهم مريضهم ، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم ، وإن لقاء بعضهم بعضا حياة لامرنا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا.

ياخيثمة إنا لانغني عنكم من الله شيئا إلا بالعمل ، إن ولايتنا لاتنال إلا بالودع ، وإن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره (٢).

٤٩ ـ ين : علي بن النعمان ، عن ابن فرقد قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة ، فيسهل لصاحبه كما يبعث الرجل غلاما فيفرش له ، ثم قرأ « أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلانفسهم يمهدون » (٣).

٥٠ ـ ما : الحسين بن إبراهيم ، عن محمدبن وهبان ، عن محمدبن إسماعيل ابن حيان الوراق ، في دكانه بسكة الموالي ، عن محمدبن الحسين بن حفص الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن خلاد أبى علي قال : قال لنا جعفربن محمد عليه‌السلام وهو يوصينا : اتقوا الله وأحسنوا الركوع والسجود ، وكونوا أطوع عبادالله فانكم لن تنالوا ولاتينا إلا بالورع ، ولن تنالوا ماعندالله تعالى إلا بالعمل ، وإن

___________________

(١) بشارة المصطفى : ٧٩ وقد صححناه على نسخة الامالى ج ٢ ص ٢٣٩.

(٢) بشارة المصطفى : ١٦٠.

(٣) راجع الروم : ٤٤.

١٨٧

أشد الناس حسرة يوم القيامة لمن وصف عدلا وخالفه إلى غيره.

٥١ ـ من كتاب صفات الشيعة : للصدوق رحمه‌الله : عن ابن المتوكل عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة قام على الصفا فقال يابني هاشم يابني عبدالمطلب إني رسول الله إليكم وإني شفيق عليكم لاتقولوا إن محمدا منافوالله ما أوليائي منكم ولامن غيركم إلا المتقون ألا فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم ، ويأتي الناس يحملون الاخرة ، ألا وإني قد أعذرت فيما بيني وبينكم ، وفيما بين الله عزوجل وبينكم ، وإن لي عملي ولكم عملكم (١).

٥٢ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالله بن محمد بن عبيد بن ياسين عن أبي الحسن الثالث ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن من الغرة بالله أن يصر العبد على المعصية ، ويتمنى على الله المغفرة (٢).

٥٣ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن رجاء بن يحيى ، عن يعقوب بن السكيت النحوي ، عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إياكم والايكال (٣) بالمنى فانها من بضائع العجزة ، قال : وأنشدني ابن السكيت :

إذا مارمى بي الهم في ضيق مذهب

رمت بي المنى عنه إلى مذهب رحب (٤)

٥٤ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمدبن أحمد بن محمدبن هلال ، عن محمدبن يحيى بن ضريس ، عن عيسى بن عبدالله العلوي ، عن أبيه ، عن خاله جعفر ابن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وعظني جبرئيل فقال : يامحمد

___________________

(١) صفات الشيعه الرقم ٨ ص ٤٧ في ط.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٩٣.

(٣) في المصدر المطبوع الالطاط بالمنى وفى الاصل « الالفاظ » وكلاهما تصحيف.

(٤) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٩٣.

١٨٨

أحبب من شئت فانك مفارقه ، واعمل ماشئت فانك ملاقيه (١).

٥٥ ـ نهج : قال عليه‌السلام : من أبطأبه عمله لم يسرع به حسبه (٢).

وقال عليه‌السلام : إن أولى الناس بالانبياء أعلمهم بماجاؤا به ، ثم تلا عليه‌السلام : « إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا » (٣) الاية ثم قال عليه‌السلام : إن ولي محمدبن أطاع الله ، وإن بعدت لحمته ، وإن عدو محمدمن عصى الله وإن قربت قرابته (٤).

بيان : في أكثر النسخ أعلمهم ، والاصوب أعملهم كما يدل عليه التتمة إلا أن يقال العلم الكامل لايكون إلا مع العمل.

٥٦ ـ نهج : قال عليه‌السلام : شتان بين عملين : عمل تذهب لذته ، وتبقى تبعته وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره (٥).

وقال عليه‌السلام : عليكم بطاعة من لاتعذرون بجهالته (٦).

وقال عليه‌السلام : من تذكر بعد السفر استعد (٧).

وقال عليه‌السلام : إن الله سبحانه جعل الطاعة غنيمة الاكياس عند تفريط العجزة (٨).

وقال عليه‌السلام : احذر أن يراك الله عند معصيته ويفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين ، وإذا قويت فاقو على طاعة الله ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله (٩).

___________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٠٣.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٧ ، وفيه نسبه بدل حسبه.

(٣) آل عمران : ٦٨.

(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٦٣ ، واللحمة : النسب.

(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٧٠.

(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٣.

(٧) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢١٣.

(٨) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٢٣.

(٩) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٣٧.

١٨٩

وقال عليه‌السلام : الركون إلى الدنيا مع ماتعاين منها جهل ، والتقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب عليه غبن ، والطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار عجز (١).

وقال عليه‌السلام : افعلوا الخير ولاتحقروا منه شيئا فان صغيره كبير وقليله كثير ولايقولن أحدكم إن أحدا أولى بفعل الخير مني فيكون والله كذلك ، إن للخير والشر أهلا فما تركتموه منهما ( كفاكموه أهله ) (٢).

وقال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة : اعملوا رحمكم الله على أعلام بينة فالطريق نهج يدعو إلى دار السلام ، وأنتم في دار مستعتب على مهل وفراغ والصحف منشورة ، والاقلام جارية ، والابدان صحيحة ، والالسن مطلقة ، والتوبة مسموعة ، والاعمال مقبولة (٣).

وقال عليه‌السلام : العمل العمل ، ثم النهاية النهاية ، والاستقامة الاستقامة ، ثم الصبر الصبر ، والورع الورع ، إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، وإن لكم علما فاهتدوا بعلمكم ، وإن للاسلام غاية فانتهوا إلى غايته ، واخرجما إلى الله مما افترض عليكم من حقه وبين لكم من وظائفه ، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة عنكم ، ألا وإن القدر السابق قد وقع ، والقضاء الماضي قد تورد ، وإني متكلم بعدة الله وحجته قال الله تعالى : « إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون » (٤) وقد قلتم ربنا الله فاستقيموا على كتابه ، وعلى منهاج أمره ، وعلى الطريقة الصالحة

___________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٣٧.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ يص ٢٤٤ ، ومابين العلامتين أضفناه من المصدر ، والمعنى قيل : ماتركتموه من الخير يقوم أهله بفعله بدلكم ، وما تركتموه من الشريأتى به أهله بدلاعنكم ، فلاتختاروا أن تكونوا للشر أهلا ، ولا أن يكون عنكم في الخير بدلا (٣) نهج البلاغة ج ١ ص ٢٠١.

(٤) فصلت : ٣٠.

١٩٠

من عبادته ، ثم لاتمرقوا منها ، ولاتبتدعوا فيها ، ولاتخالفوا عنها ، فان أهل المروق منقطع بهم عندالله يوم القيامة الخطبة (١).

وقال عليه‌السلام في بعض خطبه : فاعملوا وأنتم في نفس البقاء ، والصحف منشورة والتوبة مبسوطة ، والمدبر يدعى ، والمسئ يرجى ، قبل أن يخمد العمل ، وينقطع المهل ، وتنقضي المدة ، ويسد باب التوبة ، وتصعد الملائكة ، فأخذ امرؤمن نفسه لنفسه ، وأخذ من حي لميت ، ومن فان لباق ، ومن ذاهب لدائم ، امرؤ خاف الله وهومعمر إلى أجله ، ومنظور إلى عمله ، امرؤ ألجم نفسه بلجامها ، وزمها بزمامها فأمسكها بلجامها من معاصي الله ، وقادها بزمامها إلى طاعة الله (٢).

٥٧ ـ كتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي رفعه عن بعض أصحاب علي عليه‌السلام أنه قيل له : كم تتصدق ألا تمسك؟ قال : إي والله لو أعلم أن الله قبل مني فرضا واحدا لامسكت ، ولكني والله ما أدري أقبل الله مني شيئا أم لا.

٥٨ ـ عدة الداعى : حدثنا أبوحازم عبدالغفار بن الحسن قال قدم إبراهيم بن أدهم الكوفة وأنا معه ، وذلك على عهد المنصور ، وقدمها أبوعبدالله جعفر بن محمدبن علي العلوي فخرج جعفربن محمد صلوات الله عليهما يريد الرجوع إلى المدينة فشيعه العلماء وأهل الفضل من أهل الكوفة ، وكان فيمن شيعه الثوري وإبراهيم ابن أدهم فتقدم المشيعون فإذاهم بأسد على الطريق فقال لهم إبراهيم بن أدهم : قفوا حتى يأتي جعفر فنظر مايصنع؟

فجاء جعفر فذكروا له حال الاسد فأقبل أبوعبدالله عليه‌السلام حتى دنا من الاسد فأخذ باذنه حتى نحاه عن الطريق ثم أقبل عليهم فقال : أما إن الناس لوأطاعوا الله حق طاعته لحملوا عليه أثقالهم.

وروى داود بن فرقد عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن العمل الصالح ليمهد لصاحبه في الجنة كما يرسل الرجل غلاما بفراشه فيفرش له ، ثم قرأ « ومن عمل

___________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٣٤٦.

(٢) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٩٣.

١٩١

صالحا فلانفسهم يمهدون » (١).

٥٩ ـ نهج : ومن كلام له عند تلاوته « يا أيها الانسان ماغرك بربك الكريم » (٢).

أدحض (٣) مسؤل حجة ، وأقطع مغتر معذرة ، لقد أبرح جهالة بنفسه (٤) يا أيها الانسان ماغرك بربك؟ وماجرأك على ذنبك؟ وما آنسك بهلكة نفسك؟ أما من دائك بلول؟ (٥) أم ليس من نومتك يقظة؟ أما ترحم من نفسك ماترحم من غيرها؟ فلربما ترى الضاحي لحر الشمس فتظله أو ترى المبتلى بألم يمض جسده فتبكي رحمة له؟ فما صبرك على دائك؟ وجلدك على مصائبك؟ وعزاك من البكاء على نفسك؟ وهي أعز الانفس عليك؟ وكيف لايوقظك خوف بيات نقمة (٦) وقد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته؟

فتداو من داء الفترة في قلبك بعزيمة ، ومن كرى الغفلة في ناظرك بيقظة وكن لله مطيعا ، وبذكره آنسا ، وتمثل في حال توليك عنه إقباله عليك ، يدعوك إلى عفوه ، ويتغمدك بفضله وأنت متول عنه إلى غيره.

فتعالى من قوي ما أكرمه ( وأحلمه ) وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته وأنت في كنف ستره مقيم ، وفي سعة فضله متقلب ، فلم يمنعك فضله ولم يهتك عنك ستره بل لم تخل من لطفه مطرف عين ، في نعمة يحدثها لك أو سيئة يسترها عليك أو بلية يصرفها عنك فما ظنك به لوأطعته.

___________________

(١) عدة الداعى : ٦٧ ، والاية في سورة الروم : ٤٤.

(٢) الانفطار : ٦.

(٣) يقال : دحضت الحجة : بطلت ، وأدحض خبر مبتدأ محذوف وهو المغتر بربه الكريم.

(٤) يعنى أعجب بنفسه.

(٥) البلول : الشفاء وحسن الحال بعد الهزال والمرض.

(٦) وذلك لان نقمة الله تنزل حين الغفلة والامن.

١٩٢

وأيم الله لوأن هذه الصفة كانت في متفقين في القوة ، متوازنين في القدرة ، لكنت أول حاكم على نفسك بذميم الاخلاق ، ومساوي الاعمال وحقا أقول : ما الدنيا غرتك ، ولكن بها اغتررت ، ولقد كاشفتك بالعظات وآذنتك على سواء ، ولهي بما تعدك من نزول البلاء بجسمك والنقص في قوتك أصدق وأوفى من أن تكذبك أو تغرك ولرب ناصح لها عندك متهم وصادق من خبرها مكذب.

ولئن تعرفتها في الديار الخاوية ، والربوع الخالية ، لتجدنها من حسن تذكيرك وبلاغ موعظتك بمحلة الشفيق عليك والشحيح بك ، ولنعم دار من لم يرض بها دارا ومحل من لم يوطنها محلا ، وإن السعداء بالدنيا غدا هم الهاربون منها اليوم.

إذا رجفت الراجفة وحقت بجلائلها القيامة ولحق بكل منسك أهله ، وبكل معبود عبدته ، وبكل مطاع أهل طاعته فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء ولاهمس قدم في الارض إلا بحقه فكم حجة يوم ذاك داحضة ، وعلائق عذر منقطعة ، فتحر من أمرك مايقوم به عذرك ، وتبثت به حجتك ، وخذ مايبقى لك ممالاتبقى له ، وتيسر لسفرك وشم برق النجاة ، وارحل مطايا التشمير (١).

___________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٧٦.

١٩٣

(٦٥)

* ( باب ) *

* ( اداء الفرايض واجتناب المحارم ) *

الايات : آل عمران : أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأويه جهنم وبئس المصير (١).

النساء : ومن يطع اله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين (٢).

وقال : ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (٣).

الحجر : واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (٤).

النحل : ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (٥).

الانبياء : وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة وكانوا لناعابدين (٦).

___________________

(١) آل عمران : ١٦٢.

(٢) النساء : ١٣ و ١٤.

(٣) النساء ٦٩ و ٧٠.

(٤) الحجر : ٩٩.

(٥) النحل : ٣٦.

(٦) الانبياء : ٧٣.

١٩٤

الحج : يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون (١).

١ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، وعلي ، عن أبيه ، جميعا عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : من عمل بما افترض الله عليه فهو ( من ) خير الناس (٢).

بيان : « فهو من خير الناس » ليس « من » في بعض النسخ فالخيرية إضافية بالنسبة إلى من يأتي بالمستحبات ويترك بعض الفرائض.

٢ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حمادبن عيسى ، عن الحسين بن المختار عن عبدالله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : في قول الله عزوجل « اصبروا وصابروا ورابطوا » (٣) قال : اصبروا على الفرائض (٤).

٣ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن ابن أبي نجران ، عن حمادبن عيسى ، عن أبي السفاتج عن أبي عبدالله عليه‌السلام : في قول الله عزوجل « اصبروا وصابروا ورابطوا » قال : اصبروا على الفرائض ، وصابروا على المصائب ، ورابطوا على الائمة عليهم‌السلام ، وفي رواية ابن محبوب ، عن أبي السفاتج وزاد فيه : واتقوا الله ربكم فيما افترض عليكم (٥).

بيان : « اصبروا » قال الطبرسي ـ ره ـ : اختلف في معناها على وجوه أحدها أن المعنى اصبروا على دينكم أي اثبتوا عليه « وصابروا » الكفار ورابطوهم في سبيل الله فالمعنى اصبروا على طاعة الله سبحانه وعن معاصيه ، وقاتلوا العدو وصابروا على قتالهم في الحق كما يصبرون على قتالكم في الباطل لان الرباط هو المرابطة فيكون بين اثنين يعني أعدوا لهم من الخيل مايعدونه لكم.

وثانيها أن المراد اصبروا على دينكم ، وصابروا وعدي إياكم ، ورابطوا

___________________

(١) الحج : ٧٧.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٨١.

(٣) آل عمران : ٢٠٠.

(٤ و ٥) الكافى ج ٢ ص ٨١.

١٩٥

عدوي وعدوكم.

وثالثها أن المراد اصبروا على الجهاد ، وقيل إن معنى رابطوا : رابطوا الصلوات ومعناه انتظروها واحدة بعد واحدة لان المرابطة لم تكن حينئذروي ذلك عن علي عليه‌السلام وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه سئل من أفضل الاعمال فقال : إسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الاقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ، وروي عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : معناه اصبروا على المصائب وصابروا على عدوكم ورابطوا عدوكم ، وهوقريب من الاول انتهى (١).

« على الفرايض » يحتمل شمولها لترك المحرمات أيضا « وصابروا على المصائب » لعل صيغة المفاعلة على هذا الوجه للمبالغة لان مايكون بين الاثنين يكون الاهتمام فيه أشد أولان فيه معارضة النفس والشيطان ، وكذا قوله « رابطوا » يحتمل الوجهين لان المراد به ربط النفس على طاعتهم ، وانقيادهم وانتظار فرجهم مع أن في ذلك معارضة لعدوهم « فيما افترض عليكم » من فعل الواجبات وترك المحرمات.

٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس (٢).

٥ ـ كا : عن العدة ، عن أحمدبن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال الله تبارك وتعالى : ماتحبب إلي عبدي بأحب مما افترضت عليه (٣).

بيان : التحبب جلب المحبة أو إظهارها ، والاول أنسب ، ولولم تكن الفرائض أحب إليه تعالى لما افترضه.

٦ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أباعبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « وقدمنا

___________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٥٦٢.

(٢ و ٣) الكافى ج ٢ ص ٨٢.

١٩٦

إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا » (١) قال : أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي ولكن كانوا إذا عرض لهم حرام لم يدعوه (٢).

تبيين : « وقدمنا » أي عمدنا وقصدنا « إلى ماعملوا من عمل » كقرى الضيف ، وصلة الرحم ، وإغاثة الملهوف ، وغيرها « فجعلناه هباء منثورا » فلم يبق له أثر ، والهباء غباريرى في شعاع الشمس الطالع من الكوة من الهبوة وهو الغبار « والقباطي » بالفتح جمع القبطية بالكسر ثياب بيض دقاق من كتان تتخذ بمصر ، وقد يضم لانهم يغيرون في النسبة.

وفي المصباح القبطي بالضم ثوب من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط على غير قياس فرقا بين الانسان والثوب وثياب قبطية أيضا بالضم ، والجمع قباطي انتهى.

وفيه دلالة على حبط الطاعات بالفسوق وخصه بعض المفسرين بالكفر ولا كلام فيه ، ولنذكرهنا مجملا من معاني الحبط والتكفير ، والاختلافات الواردة فيه :

اعلم أن الاحباط في عرف المتكلمين عبارة عن إبطال الحسنة بعدم ترتب مايتوقع منها عليها ، ويقابله التكفير وهو إسقاط السيئة بعدم جريان مقتضاها عليها فهوفي المعصية نقيض الاحباط في الطاعة والحبط والتكفير وإطلاقهما بهذين اللفظين ربما يساوقهما كثير من الايات والاخبار ، وقد اشتهر بين المتكلمين أن الوعيدية من المعتزلة وغيرهم يقولون : بالاحباط والتكفير ، دون من سواهم من الاشاعرة وغيرهم ، وهذا على إطلاقه غير صحيح ، فان أصل الاحباط والتكفير مما لايمكن إنكاره لاحد من المسلمين كما ظهر مما تلونا عليك ، فلابد أن يحرر مقصود كل طائفة ليتبين ماهو الحق فنقول : لاخلاف بين من يعتد به من أهل الاسلام في أن كل مؤمن صالح يدخل الجنة خالدا فيها حقيقة ، وكل كافر يدخل النار خالدا فيها كذلك ، وأما المؤمن الذي خلط عملا صالحا بعمل غير صالح ، فاختلفوا فيه فذهب بعض المرجئة إلى أن الايمان يحبط الزلات ، فلا عقاب على زلة مع الايمان

___________________

(١) الفرقان : ٢٣.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٨١.

١٩٧

كما لاثواب لطاعة مع الكفر ، وذهب الاخرون إلى ثبوت الثواب والعقاب في حقه.

أما المعتزلة فبعنوان الاستحقاق المعلوم عقلا باعتبار الحسن والقبح العقليين وشرعا باعتبار الايات الدالة عليه من الوعد والوعيد.

وأما الاشاعرة فبعنوان الانتفاء (١) يقولون : إنه لايجب على الله شئ ، فلا يستحق المكلف ثوابا منه تعالى فان أثابه فبفضله ، وإن عاقبه فبعدله ، بل له إثابة العاصي وعقاب المطيع أيضا.

وبالجملة قول : المعتزلة في المؤمن الخارج من الدنيا بغير توبة عن كبيرة ارتكبها أنه استحق الخلود في النار ، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار أما مطلق الاستحقاق فلما عرفت ، وأما خصوص الخلود فللعمومات المتأولة عند غيرهم بتخصيصها بالكفار أو بحمل الخلود على المكث الطويل كقوله تعالى : « ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدا فيها » (٢) وقوله : « ومن يتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها » (٣) فلهذا حكموا بأن كبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات فان الخلود الموعود مستلزم لذلك ، هذا قول جمهورهم في أصل الاحباط.

ثم إن الجبائيين أباعلى وابنه أباهاشم منهم على مانقل عنهما الامدي ذهبا إلى اشتراط الكثرة في المحبط ، بمعنى أن من زادت معاصيه على طاعته أحبطت معاصيه طاعاته ، وبالعكس ، لكنهما اختلفا فقال أبوعلى : ينحبط الناقص برمته من غير أن ينتقص من الزائد شئ وقال أبوهاشم : بل ينتقص من الزايد أيضا بقدره يبقي الباقي.

إذا عرفت هذا فاعلم أن ماذكره أكثر أصحابنا من نفي الاحباط والتكفير مع ورود الايات الكثيرة ، والاخبار المستفيضة ، بل المتواترة بالمعنى في كل منهما ، مما يقضي منه العجب مع أنه ليس لهم على ذلك إلا شبه ضعيفة مذكورة

___________________

(١) في مرآت العقول ج ٢ ص ٩٧ « الانفاق ».

(٢) الجن : ٢٣.

(٣) النساء : ١٤.

١٩٨

في كتب الكلام ، كالتجريد وغيره ، لكن بعد التأمل والتحقيق يظهر أن الذي ينفونه منهما لاينافي ظواهر الايات والاخبار ، كثيرا ، بل يرجع إلى مناقشة لفظية.

لانهم قائلون بأن التوبة ترفع العقاب ، وأن الموت على الكفر تبطل ثواب جميع الاعمال ، لكن الاكثر يقولون : ليس هذا بالاحباط ، بل باشتراط الموافاة على الايمان في استحقاق الثواب على القول بالاستحقاق ، وفي الوعد بالثواب على القول بعدم الاستحقاق ، وكذا يمكنهم القول بأحد الامرين في المعاصي التي وردت أنها حابطة لبعض الحسنات ، من غير قول بالحبط ، بأن يكون الاستحقاق أو الوعد مشروطا بعدم صدور تلك المعصية.

وأما التوبة والاعمال المكفرة فلاحاجة إلى ارتكاب أمثال ذلك فيها ، إذ في تجويز التفضل والعفو ، كما هو مذهبنا غنى عنها ، وأيضا لانقول باذهاب كل معصية كل طاعة وبالعكس كماذهب إليه المعتزلة ، بل نتبع في ذلك النصوص الواردة في ذلك ، فكل معصية وردت في الكتاب أو في الاثار الصحيحة أنها ذاهبة أو منقصة لثواب جميع الحسنات أو بعضها نقول به وبالعكس ، تابعين للنص في جميع ذلك.

ومن أصحابنا من لم يقل بالموافاة ، ولابالاحباط ، بل يقول : كل من الايمان والكفر يتحقق بتحقق شروطه المقارنة ، وليس شئ من استحقاق الثواب والعقاب مشروطا بشرط متأخر ، بل إن تحقق الايمان تحقق استحقاق الثواب وإن تحقق الكفر تحقق معه استحقاق العقاب ، فان كفر بعد الايمان كان كفره اللاحق كاشفا عن أنه لم يكن مؤمنا سابقا ولم يكن مستحقا للثواب عليه وإطلاق المؤمن عليه بمحض اللفظ ، وبحسب الظاهر ، وإن آمن أحد بعد الكفر زال كفره الاصلي بالايمان اللاحق ، وسقط استحقاقه العقاب لعفو الله تعالى لابالاحباط ولا لعدم الموافاة ، كمايقول الاخرون.

وتفصيل هذا المطلب وتنقيحه يحتاج إلى إيراد مقاصد الاول : أن النافين للحسن والقبح ، لايثبتون استحقاقشئ من الثواب والعقاب بشئ من الاعمال ، بل

١٩٩

المالك للعباد عندهم قادر على الثواب والعقاب ، ومالك للتصرف فيهم كيف شاء وليس من شأن فعله في خلقه استحقاق الذم ، بل ولا المدح ، وكلاهما اصطلاح ومواضعة من الشارع.

وأما المثبتون لهما فلاكلام عندهم في استحقاق العقاب ، نعم ربما قيل : بعدم استقلال العقل فيه ، ضرورة أو نظرا ، وأما الثواب فعند بعضهم مما يستحقه العبد بطاعته ، وإليه يذهب جماعة من أصحابنا ويحتجون لذلك بأن إلزام المشقة بدون التزام نفع في مقابله قبيح ، وربما يوجه عليه أن التزام النفع في مقابله إنما يلزم لولم تسبق النعم عليه ، بما يحسن إلزام المشقة بازائها ، والفرق بين النفع المستقبل والنعمة الماضية تحكم ، وربما كفى في إلزام المشقة حسن العمل الشاق ولم يحتج في حسن الالزام إلى أزيد منه ، ولهذا ذهب بعض أصحابنا وغيرهم إلى أن الثواب تفضل ووعد منه تعالى بدون استحقاق للعبد وهوالظاهر من كلام أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم ، ويدل عليه كثير من الاخبار والادعية.

الثاني أن الثواب والعقاب هل يجب دوامهما أم لا ، فذهب المعتزلة إلى الاول وطريقه العقل عندهم ، والصحيح عند أصحابنا أنه لايجب عقلا.

وأما شرعا فالثواب دائم وكذا عقاب الكفر إجماعا من المسلمين إلا ما نقل من شذاذ من المتصوفين الذين لايعدون من المسلمين.

وأما عقاب المعاصي فمنقطع : ويكفي هنا عدم وجدان طريق عقلي إلى دوامهما وفي عبارة التجريد في هذا المطلب تناقض يحتاج إلى تكلف تام في دفعه.

الثالث أن الاحباط بالمعنى الذي ذكرناه من إفناء كل من الاستحقاقين للاخر أو المتأخر للمتقدم باطل عند أصحابنا ، ومذهب أبي علي وهو بقاء المتأخر وفناء المتقدم مناف للنصوص الكثيرة المتضمنة لعدم تضييع العمل ، وأما مذهب أبي هاشم فلا ينافي ظواهر النصوص لانه إذا أفنى المتقدم المتأخر أيضا فليس بضايع ولامما لم يره العامل ، لكن الظاهر أن ماذهب إليه من إبطاله له من جهة المنافاة بينهما ، فليس بصحيح إذ لا منافاة عقلا بين الثواب والعقاب واستحقاقهما ، بل يكاد

٢٠٠