بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : ضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني مم ضحكت؟ قالوا : بلى يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عجبت للمرء المسلم أنه ليس من قضاء يقضيه الله عزوجل له إلا كان خيرا له في عاقبة أمره (١).

٣٣ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن يعقوب بن محمد البصري ، عن ابن عمارة ، عن علي بن أبي الزعزاع ، عن أبي ثابت الخزري ، عن عبدالكريم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جاع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جوعا شديدا فأتى الكعبة فتعلق بأستارها فقال : رب محمد لاتجع محمدا أكثر مما أجعته قال : فهبط جبرئيل عليه‌السلام ومعه لوزة فقال : يامحمد إن الله جل جلاله يقرأ عليك السلام ، فقال : ياجبرئيل الله السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام فقال : إن الله يأمرك أن تفك عن هذه اللوزة ، ففك عنها فاذا فيها ورقة خضراء نضرة ، مكتوبة عليها : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدت محمدا بعلي ، ونصرته به ، ما أنصف الله من نفسه من اتهم الله في قضائه ، واستبطأه في رزقه (٢).

٣٤ ـ مع : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن الحسن بن علي رفعه إلى عمروبن جميع رفعه إلى علي عليه‌السلام في قول الله عزوجل « وكان تحته كنزلهما » (٣) قال : كان ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله عجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح؟ عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن؟ عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها (٤).

٣٥ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن عبدالرحمن بن حماد ، عن

___________________

(١) أمالى الصدوق ص ٣٢٦.

(٢) أمالى الصدوق ص ٣٣٠.

(٣) الكهف : ٨١.

(٤) معانى الاخبار ص ٢٠٠.

١٤١

عمربن مصعب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : العبد بين ثلاثة ، بلاء ، و قضاء ، ونعمة ، فعليه في البلاء من الله الصبر فريضة ، وعليه في القضاء من الله التسليم فريضة ، وعليه في النعمة من الله عزوجل الشكر فريضة (١).

سن : عبدالرحمن مثله (٢).

٣٦ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالحميد بن أبي العلا قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن الشرك أخفى من دبيب النمل ، وقال منه تحويل الخاتم ليذكر الحاجة وشبه هذا (٣).

٣٧ ـ فس : « ولاتقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله » (٤).

أخبره أنه إنما حبس الوحي أربعين صباحا لانه قال لقريش : غدا اخبركم بجواب مسائلكم ، ولم يستثن ، فقال الله « ولاتقولن لشئ » الاية (٥).

٣٨ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن أحمدبن محمد ، عن ابن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام لماصعد موسى إلى الطور فناجى ربه قال : رب أرني خزائنك ، قال : ياموسى إن خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له كن فيكون.

وقال : قال : يارب أي خلق أبغض إليك؟ قال الذي يتهمني ، قال : ومن خلقك من يتهمك؟ قال : نعم الذي يستخيرني فاخير له ، والذي أقضي القضاء له وهوخيرله فيتهمني.

٣٩ ـ ك : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده أحمد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران وغيره ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : خرج

___________________

(١) الخصال ج ١ ص ٤٣.

(٢) المحاسن ص ٦.

(٣) معانى الاخبار ص ٣٧٩.

(٤) الكهف : ٢٣.

(٥) تفسير القمى ص ٣٩٥.

١٤٢

أبوجعفر محمدبن علي الباقر عليهما‌السلام بالمدينة فتصحر واتكى على جدار من جدرانها مفكرا إذ أقبل إليه رجل فقال : يا أبا جعفر علام حزنك؟ أعلى الدنيا فرزق الله حاضر يشترك فيه البر والفاجر ، أم على الاخرة فوعد صادق يحكم فيه ملك قادر.

قال أبوجعفر عليه‌السلام : ماعلى هذا أحزن إنما حزني على فتنة ابن الزبير ، فقال له الرجل : فهل رأيت أحدا خاف الله فلم ينجه؟ أم هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه؟ وهل رأيت أحدا استخار الله فلم يخرله؟ قال أبوجعفر عليه‌السلام : فولى الرجل وقال هو ذاك ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام هذا هو الخضر عليه‌السلام.

قال الصدوق : جاء هذا الحديث هكذا ، وقدروي في حديث آخر أن ذلك كان مع علي بن الحسين عليه‌السلام (١).

٤٠ ـ صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله عزوجل : مامن مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماوات والارض من دونه ( فان سألني لم اعطه ، وإن دعاني لم اجبه ، ومامن مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والارض برزقه ) ، فان سألني أعطيته وإن دعاني أجبته ، وإن استغفرلي غفرت له (٢).

٤١ ـ صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال الحسين عليه‌السلام : روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : يقول الله تعالى : لاقطعن أمل كل مؤمن أمل دوني الاناس ، ولالبسنه ثوب مذلة بين الناس ، ولانحينه من وصلي ، ولابعدنه من قربي ، من ذا الذي رجاني لقضاء حوائجه فقطعت به دونها (٣).

٤٢ ـ ضا : أروي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ، وسئل عن حد التوكل ماهو؟ قال : لاتخاف سواه.

وأروي أن الغنى والعز يجولان فاذا ظفرا بمواضع التوكل أوطنا.

وأروي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : التوكل على الله عزوجل درجات منها

___________________

(١) كمال الدين ج ٢ ص ٥٨ راجع الرقم ١ فيماسبق.

(٢) صحيفة الرضا عليه‌السلام ص ٢ والسافط أضفناه من المصدر.

(٣) لم نجده في المصدر.

١٤٣

أن تثق به في امورك كلها ، فما فعله بك كنت عنه راضيا.

وروي أن الله عزوجل أوحى إلى داود عليه‌السلام ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثم يكيده أهل السماوات والارض وما فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن ، وما اعتصم عبد من عبيدي بأحد من خلقي دوني عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات من يديه وأسخت الارض من تحته ، ولم ابال بأي الوادي هلك.

وأروي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : يقول الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي وارتفاعي في علوي لايؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت غناه في قلبه وهمه في آخرته ، وكففت عليه ضيعته ، وضمنت السماوات والارض رزقه ، وكنت له من وراء حاجته ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، وعزتي وجلالي وارتفاعي في علومكاني لايؤثر عبد هواه على هواي إلا قطعت رجاه ، ولم أرزقه منها إلا ما قدرت له.

وأروي أن بعض العلماء كان يقول : سبحان من لوكانت الدنيا خيرا كلها أهلك فيها من أحب ، سبحان من لوكانت الدنيا شرا كلها نجامنها من أراد.

وروي كن لما لاترجو أرجى منك لماترجو ، فان موسى بن عمران عليه‌السلام خرج يقتبس نارا لاهله فكلمه الله ورجع نبيا وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان ، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا مؤمنين.

وروي لاتقل لشئ قد مضى : لوكان غيره.

روي عن العالم عليه‌السلام قال : إذا شاء الله فيعطينا وإذا أحب أن يكره رضينا.

وأروي أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله.

وروي رأس طاعة الله الصبر والرضا.

وروي ما قضى الله على عبده قضاء فرضي به إلا جعل الخير فيه.

وروي أن الله تبارك وتعالى أوحي إلى موسى بن عمران عليه‌السلام ياموسى!

١٤٤

ماخلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن وإني إنما أبتليه لماهو خير له ، واعافيه لماهو خير له ، فليصبر على بلاي ، وليشكر نعماي ، وليرض بقضاي ، أكتبه من الصديقين عندي.

وأروي عن العالم عليه‌السلام : المؤمن تعرض كل خير ، لوقرض بالمقاريض كان خيراله.

وإن ملك مابين المشرق والمغرب كان خيرا له وروي : من اعطي الدين فقد اعطي.

وروي أن الله تبارك وتعالى يعطي الدنيا من يحب ، ومن لايحب ، ولا يعطي الدين إلا من يحبه.

وفي خبر آخر : لايعطي الله الدين إلا أهل خاصته وصفوته من خلقه.

وروي إذا طلبت شيئا من الدنيا فزوي عنك ، فاذكر ما خصك الله به من دينه ، وماصرفه عنك بغيره ، فان ذلك أحرى أن تسخونفسك عما فاتك من الدنيا.

وروي أن الله تبارك وتعالى أوحلى إلى داود عليه‌السلام : فلانة بنت فلانة معك في الجنة في درجتك فسار إليها فسألها عن عملها ، فخبرته فوجده مثل أعمال سائر الناس فسألها عن نيتها ، فقالت : ماكنت في حالة فنقلني منها إلى غيرها إلا كنت بالحالة التي نقلني إليها أسر مني بالحالة التي كنت فيها ، فقال : حسن ظنك بالله جل وعز.

وأروي عن العالم أنه قال : والله ما اعطي مؤمن قط خير الدنيا والاخرة إلا بحسن ظنه بالله عزوجل ، ورجائه منه ، وحسن خلقه ، والكف عن اغتياب المؤمنين ، وأيم الله لايعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلا أن يسوء الظن بالله ، وتقصيره من رجائه لله ، وسوء خلقه ، ومن اغتيابه للمؤمنين ، والله لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظنه به ، لان الله عزوجل كريم يستحي أن يخلف ظن عبده ورجائه ، فأحسنوا الظن بالله وارغبوا إليه وقد قال الله عزوجل : « الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء » (١)

___________________

(١) الفتح : ٦.

١٤٥

وروي أن داود عليه‌السلام قال : يارب ما آمن بك من عرفك فلم يحسن الظن بك.

وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى الناز فيلتفت فيقول : يارب لم يكن هذا ظني بك فيقول : ماكان ظنك بي؟ قال : كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي ، و تسكنني جنتك ، فيقول الله عزوجل : ياملائكتي وعزتي وجلالي وجودي و كرمي وارتفاعي في علوي ماظن بي عبدي خيرا ساعة قط ولوظن بي ساعة خيرا ماروعته بالنار ، أجيزوا له كذبه ، وأدخلوه الجنة.

ثم قال العالم عليه‌السلام : قال الله عزوجل : ألا لايتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي ، فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عباداتهم كنه عبادتي فيما يظنونه (١) عندي من كرامتي ، ولكن برحمتي فليثقوا ، ومن فضلي فليرجوا ، وإلى حسن الظن ( بي ) فليطمئنوا ، فان رحمتي عتد ذلك تدركهم ومنتي تبلغهم ، ورضواني ومغفرتي يلبسهم ، فاني أنا الله الرحمن الرحيم ، وبذلك سميت.

وأروي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : إن الله أوحى إلى موسى بن عمران أن ( يحبس ) في الحبس رجلين من بني إسرائيل فحبسهما ثم أمره باطلاقهما ، قال : فنظر إلى أحدهما فاذا هو مثل الهدبة ، فقال له : ما الذي بلغ بك ما أرى منك؟ قال : الخوف عن الله ، ونظر إلى الاخر لم يتشعب منه شئ فقال له : أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد وقد رأيت بلغ الامر بصاحبك وأنت لم تتغير؟ فقال له الرجل : إنه كان ظني بالله جميلا حسنا ، فقال : يارب قد سمعت مقالة عبديك فأيهما أفضل؟ قال : صاحب الظن الحسن أفضل.

وأروي عن العالم أن الله الوحى إلى موسى بن عمران عليه‌السلام : ياموسى قل لبني إسرائيل أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء يجدني عنده (٢).

___________________

(١) فيما يطلبونه خ.

(٢) قد مر بعض هذه الاخبار عن المصدر في المجلد ٧٠ باب الخوف والرجاء ص ٣٨٩.

١٤٦

٤٢ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : التوكل كأس مختوم يختم الله عزوجل فلا يشرب بها ولايفض ختامها إلا المتوكل كماقال الله تعالى : « وعلى الله فليتوكل المتوكلون » (١) وقال الله عزوجل : « وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين » (٢) جعل التوكل مفتاح الايمان ، والايمان قفل التوكل ، وحقيقة التوكل الايثار وأصل الايثار تقديم الشئ بحقه ، ولاينفك المتوكل في توكله من إثبات أحد الايثارين ، فان آثر معلول التوكل وهوالكون ، حجب به ، وإن آثر ( المعلل ) علة التوكل وهوالباري سبحانه بقي معه.

فان أردت أن تكون متوكلا لامتعللا فكبر على روحك خمس تكبيرات وودع أمانيك كلها ، وداع الموت والحياة.

وأدنى حد التوكل أن لاتسابق مقدورك بالهمة ، ولاتطالع مقسومك ، ولا تستشرف معدومك ، فينتقض بأحدها عقد إيمانك ، وأنت لاتشعر.

وإن عزمت أن تقف على بعض شعار المتوكلين حقا فاعتصم بمعرفة هذه الحكاية وهي أنه روي أن بعض المتوكلين قدم على بعض الائمة ، فقال له : اعطف علي بجواب مسألة في التوكل ، والامام كان يعرف الرجل بحسن التوكل ، ونفيس الورع ، وأشرف على صدقه فيما سأل عنه ، من قبل إبدائه إياه ، فقال له : قف مكانك وأنظرني ساعة ، ففعل فبينما هو مطرق لجوابه إذا اجتاز بهما فقير ، فأدخل الامام عليه‌السلام يده في جيبه وأخرج شيئا فناوله للفقير ، ثم أقبل على السائل فقال : هات وسل عما بدالك فقال السائل : أيها الامام كنت أعرفك قادرا متمكنا من جواب مسألتي قبل أن استنظرتني فما شأنك في إبطائك عني؟ فقال الامام : لتعتبر المعنى مني قبل كلامي ، إذا لم أكن أراني ساهيا بسري وربي مطلع عليه أن أتكلم بعلم التوكل ، وفي جيبي دانق ، ثم لم يحل لي ذلك إلا بعد إيتائه (٣) ثم

___________________

(١) ابراهيم : ١١.

(٢) المائدة : ٢٣.

(٣) في المصدر : ايثاره.

١٤٧

ليعلم به ( فافهم ).

فشهق السائل فحلف أن لايأوي عمرانا ولايأنس بشرا ماعاش (١).

٤٣ ـ شا : أبومحمد الحسن بن محمدبن يحيى ، عن جده ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن المغيرة ، عن أبي حفص الاعشى ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكيت عليه ، فاذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي ، ثم قال : ياعلي بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا حزنك؟ فر زق الله حاضر للبر والفاجر ، فقلت : ماعلى هذا أحزن ، وإنه لكما تقول ، قال : فعلى الاخرة فهووعد صادق يحكم فيه ملك قاهر فعلى م خوفك؟ قلت : الخوف من فتنة ابن الزبير.

قال : فضحك ثم قال : ياعلي بن الحسين هل رأيت أحدا قط توكل على الله فلم يكفه؟ قلت : لا ، قال : ياعلي بن الحسين هل رأيت أحدا قط خاف الله فلم ينجه؟ قلت : لا ، قال : ياعلي بن الحسين هل رأيت أحدا قط سأل الله فلم يعطه؟ قلت : لا ، ثم نظرت إليه فاذا ليس قد امي أحد (٢).

جا : أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن علي بن الحكم ، عن أبي حفص الاعشى ومحمد بن سنان ، عن رجل من بني أسد جميعا ، عن الثمالي مثله (٣).

٤٤ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : المفوض أمره إلى الله في راحة الابد والعيش الدائم الرغد ، والمفوض حقا هوالعالي ، عن كل همة دون الله ، كقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام نظما :

رضيت بما قسم الله لي

وفوضت أمري إلى خالقي

كما أحسن الله فيما مضى

كذلك يحسن فيما بقي

___________________

(١) مصباح الشريعة ٥١.

(٢) ارشاد المفيد ص ٢٤١ ـ ٢٤٢.

(٣) مجالس المفيد ص ١٢٧.

١٤٨

وقال الله عزوجل في المؤمن من آل فرعون : « وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد * فوقيه الله سيئات مامكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب » (١).

والتفويض خمسة أحرف لكل حرف منها حكم فمن أتى بأحكامه فقد أتى به : التاء من ترك التدبير والدنيا ، والفاء من فناء كل همة غير الله ، والواو من وفاء العهد وتصديق الوعد ، والياء من اليأس من نفسك ، واليقين بربك ، والضاد من الضمير الصافي لله ، والضرورة إليه.

والمفوض لايصبح إلا سالما من جميع الافات ، ولايمسي إلا معافا بدينه (٢).

٤٥ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : صفة الرضا أن يرضى المحبوب والمكروه ، والرضا ( شعاع نور المعرفد ، والراضي فان عن جميع اختياره والراضي حقيقة هوالمرضي عنه ، والرضا اسم يجتمع فيه معاني العبودية وتفسير الرضا ) سرور القلب سمعت أبي محمد الباقر عليه‌السلام يقول : تعلق القلب بالموجود شرك وبالمفقود كفر ، وهما خارجان عن سنة الرضا وأعجب ممن يدعى العبودية لله كيف ينازعه في مقدوراته ، حاشا الراضين العارفين عن ذلك (٣).

٤٦ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا فلا تفعلوا كما فعلت بنوإسرائيل ، ولا تسخطوا نعم الله ، ولاتقترحوا على الله ، وإذا ابتلي أحدكم في رزقه أو معيشته بمالايحب فلاينجذن شيئا يسأله لعل في ذلك حتفه وهلاكه ، ولكن ليقل اللهم بجاه محمد وآله الطيبين إن كان ما كرهته من أمري هذا خيرا لي ( وأفضل في ديني فصبرني عليه وقوني على احتماله ونشطنى للنهوض بثقل أعبائه ، وإن كان خلاف ذلك خيرا ) فجد علي به ورضني بقضائك على كل حال ، فلك الحمد فانك إذا قلت ذلك قدر الله ويسرلك ماهوخير (٤).

٤٧ ـ شى : عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قال : قال الله

___________________

(١) المؤمن : ٤٤ ـ ٤٥ (٢) مصباح الشريعة ص ٥٩.

(٣) مصباح الشريعة ص ٦١ (٤) تفسير الامام ١٢٥ ، والنجذ الالحاح.

١٤٩

ليوسف : ألست الذي حببتك إلى أبيك ، وفضلتك على الناس بالحسن ، أولست الذي سقت إليك السيارة وأنقذتك وأخرجتك من الجب؟ أولست الذي صرفت عنك كيد النسوة؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك ( عني ) أوتدعو مخلوقا دوني ، فالبث لماقلت في السجن بضع سنين (١).

٤٨ ـ شى : عن عبدالله بن عبدالرحمن عمن ذكره عنه قال لما قال للفتى : « اذكرني عند ربك » (٢) أتاه جبرئيل عليه‌السلام فضربه برجله حتى كشط له عن الارض السابعة ، فقال له : يايوسف انظر ماذا ترى؟ قال : أرى حجرا صغيرا ففلق الحجر فقال ماذا ترى؟ قال أرى دودة صغيرة قال فمن رازقها؟ قال : الله ، قال : فان ربك يقول لم أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الارض السابعة ، أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى : « اذكرني عند ربك » لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين قال فبكايوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان قال فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما ويسكت يوما وكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالا (٣).

٤٩ ـ شى : عن مالك بن عطية ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : في قوله : « ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون » (٤) قال : هوقول الرجل لولافلان لهلكت ، و لولا فلان لاصبت كذا وكذا ، ولولا فلان لضاع عيالي ألا ترى أنه قد جعل شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟ قال قلت : فيقول : لولا أن الله من علي بفلان لهلكت قال : نعم لابأس بهذا (٥).

أقول : قد مر مثله بأسانيد في باب أنواع الكفر (٦).

٥٠ ـ شى : عن البزنطى عن الرضا عليه‌السلام قال : عجبا لمن عقل عن الله كيف

__________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٧٧.

(٢) يوسف : ٤٢.

(٣) المصدر ج ٢ ص ١٧٧.

(٤) يوسف : ١٠٦.

(٥) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٠٠.

(٦) بل سيجئ في باب الكفر ولوازمه تحت الرقم ٢٥.

١٥٠

يستبطئ الله في رزقه؟ وكيف لم يصطبر على قضائه (١).

٥١ ـ جع : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لوأنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كمايرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام من وثق بالله أراه السرور ومن توكل عليه كفاه الامور.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله.

وقال الباقر عليه‌السلام من توكل على الله لايغلب ومن اعتصم بالله لايهزم (٢).

٥٢ ـ محص : عن سعيد بن الحسن قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : ما ابالي أصبحت فقيرا أو مريضا أو غنيا لان الله يقول لا أفعل بالمؤمن إلاماهو خيرله.

٥٣ ـ محص : عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن من عبادي المؤمنين لعبادا لايصلح لهم أمر دينهم إلا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم فيصلح لهم عليه أمردين عبادي وإن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجد لي الليالي ، فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرا مني له وإبقاء عليه ، فينام حتى يصبح فيقرأه وهو ماقت لنفسه ، زار عليها ، ولو اخلي بينه وبين مايريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله ، فيأتيه من ذلك مافيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه ، عند حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك ، وهويظن أنه يتقرب إلى.

فلايتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي ، فانهم لواجتهدوا و أتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي ، والنعيم في جناتي ، ولكن برحمتي فليثقوا ، ولفضلي فليرجوا ، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا ، فان رحمتي عند ذلك تداركهم ، ومني

___________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٣٩ ، في آية الكهف : ٨٣.

(٢) جامع الاخبار ص ١٣٧.

١٥١

يبلغهم رضواني ، ومغفرتي يلبسهم عفوي ، فاني أنا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت.

٥٤ ـ محص : عن محمدبن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عجبا للمؤمن لايقضي الله عليه قضاء إلاكان خيرا له سره أو ساءه ، إن ابتلاه كان كفارة لذنبه ، وإن أعطاه وأكرمه كان قدحباه.

٥٥ ـ محص : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كم من نعمة لله على عبده في غير أمله وكم من مؤمل أملا الخيار في غيره ، وكم من ساع من حتفه وهومبطئ عن حظه.

٥٦ ـ محص : عن زراره قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول في قضاء الله كل خير للمؤمن.

عن طريف ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن العبد الولي لله يدعوفي الامر ينوبه فيقول الله للملك الموكل بذلك الامر : ( اقض لعبدي حاجته ولاتعجل فاني أشتهي أن أسمع نداءه وصوته ، وإن العبد العدو لله ليدعو الله في الامر ينوبه فيقال : للملك الموكل به ) (١) اقض حاجته وعجلها ، فاني ابغض أن أسمع نداءه وصوته قال : فيقول الناس : ما اعطي هذا حاجته وحرم هذا ، إلا لكرامة هذا على الله وهوان هذا عليه.

٥٧ ـ محص : عن محمدبن سنان ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : من اغتم كان للغم أهلا فينبغي للمؤمن أن يكون بالله وبما صنع راضيا.

٥٨ ـ محص : عن أبي خليفة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ماقضى الله لمؤمن قضاء فرضي به إلا جعل الله له الخيرة فيما يقضي.

٥٩ ـ محص : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله بعدله وحكمته وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا عن الله وجعل الهم والحزن في الشك ، فارضوا عن الله وسلموا الامره.

٦٠ ـ محص : عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين.

___________________

(١) مابين العلامتين أضفناه من الكافى ج ٢ ص ٤٩٠ ، وقدكان في الاصل بياض.

١٥٢

وقال عليه‌السلام : من صبر ورضي عن الله فيما قضى عليه فيما أحب أوكره لم يقض الله عليه فيما أحب أوكره إلا ماهو خير له.

٦١ ـ محص : عن سليمان الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : رفع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( قوم ) في بعض غزواته فقال : من القوم؟ قالوا : مؤمنون يارسول الله قال : مابلغ من إيمانكم؟ قالوا : الصبر عند البلاء ( والشكر عند الرخاء والرضا بالقضاء ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حلماء علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء ، إن كنتم كما تصفون ) (١) فلاتبنوا مالاتسكنون ، ولاتجمعوا ما لاتأكلون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون (٢).

٦٢ ـ محص : عن علي بن سويد ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « ومن يتوكل على الله فهو حسبه » (٣) فقال : التوكل على الله درجات ، فمنها أن تثق به في امورك كلها فما فعل بك كنت عنه راضيا تعلم أنه لم يؤتك إلا خيرا وفضلا وتعلم أن الحكم في ذلك له ، فتوكلت على الله بتفويض ذلك إليه ووثقت به فيها وفي غيرها.

مشكوة الانوار : عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام مثله (٤).

٦٣ ـ محص : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أحق من خلق الله بالتسليم لما قضى الله من عرف الله ومن رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وعظم عليه أجره ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط الله أجره.

___________________

(١) مابين العلامتين أضفناه من نسخة المشكاة ص ٣٤.

(٢) وفى الكافى : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض أسفاره اذلقيه ركب فقالوا : السلام عليك يارسول ، فقال : ما أنتم؟ فقالوا : نحن مؤمنون يارسول الله قال : فما حقيقة ايمانكم؟ قالوا : الرضا بقضاء الله ، والتفويض إلى الله ، والتسليم لامر الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء ، فان كنتم صادقين فلاتبنوا مالاتسكنون ولاتجمعوا مالاتأكلون ، واتقوا الله الذى اليه ترجعون.

(٣) الطلاق : ٣.

(٤) مشكاة : الانوار ١٦ مع اختلاف.

١٥٣

مشكوة الانوار : نقلا من كتاب المحاسن مثله (١).

٦٤ ـ محص : عن صفوان الجمال ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : ينبغي لمن عقل عن الله أن لايستبطئه ( في رزقه ) ولايتهمه في قضائه.

٦٥ ـ محص : عن ميمون القداح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال علي صلوات الله عليه : ما احب أن لي بالرضا في موضع القضاء حمر النعم.

٦٦ ـ نوادر الراوندى : باسناده ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من توكل وقنع ورضي كفي المطلب (٢).

٦٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالله بن محمدبن عبيد بن ياسين عن أبيه ، عن جده ياسين بن محمد ، عن أبيه محمدبن عجلان قال : أصابتني فاقة شديدة وإضاقة ولاصديق لمضيق ، ولزمني دين ثقيل ، وغريم يلح باقتضائه فتوجهت نحودار الحسن بن زيد وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني وبينه وشعر بذلك من حالي محمدبن عبدالله بن علي بن الحسين وكانت بينى وبينه ، قديم معرفة.

فلقينى في الطريق فأخذ بيدي وقال لي : قد بلغني ما أنت بسبيله ، فمن تؤمل لكشف مانزل بك؟ قلت : الحسن بن زيد ، فقال : إذا لاتقضى حاجتك ، ولاتسعف بطلبتك ، فعليك بمن يقدر على ذلك وهو أجود الاجودين ، فالتمس ماتؤمله من قبله ، فاني سمعت ابن عمي جعفر بن محمديحدث ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

أوحى الله عزوجل إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه : وعزتي وجلالي لاقطعن أمل كل مؤمل غيري بالاياس ولاكسونه ثوب المذلة في النار ، ولابعدنه من فرجي وفضلي أيؤمل عبدي في الشدائد غيري والشدائد بيدي ، أو يرجوسواي وأنا الغني الجواد ، بيدي مفاتيح الابواب وهي مغلقة ، وبابي مفتوح لمن دعاني ألم يعلم أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري ، فما لي أراه بأمله معرضا

___________________

(١) مشكاة الانوار ص ١٧.

(٢) نوادر الراوندى ص ١٦.

١٥٤

عني ، قد أعطيته بجودي وكرمي مالم يسألني فأعرض عني ولم يسألني ، وسأل في نائبته غيري وأنا الله أبتدي بالعطية قبل المسألة ، أفاسأل فلا اجيب؟ كلا أوليس الجود والكرم لي؟ أوليس الدنيا والاخرة بيدي؟ فلو أن أهل سبع سموات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كل واحد منهم مسألته مانقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، وكيف ينقص ملك أنا قيمه فيابؤسا لمن عصاني ولم يراقبني.

فقلت له : يا ابن رسول الله أعد علي هذا الحديث فأعاده ثلاثا فقلت لاوالله لاسألت أحدا بعد هذا حاجة ، فما لبثت أن جاءني الله برزق وفضل من عنده (١).

٦٨ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمدبن محمدبن الحسين بن إسحاق ( العلوي عن إسحاق ) ابن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، عن أبيه جعفربن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يقول الله عزوجل : مامن مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت به أسباب السماوات وأسباب الارض من دونه ، فان سألني لم اعطه وإن دعائى لم اجبه ، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السموات و الارض رزقه ، فان دعاني أجبته وإن سألني أعطيته ، وإن استغفرني غفرت له (٢).

٦٩ ـ الدرة الباهرة : قال : على بن الحسين عليهما‌السلام : ما استغنى أحد بالله ( إلا ) افتقر الناس إليه.

وقال عليه‌السلام : من عتب على الزمان طال معتبته.

وقال الجواد عليه‌السلام : كيف يضيع من الله كافله ، وكيف ينجو من الله طالبه ومن انقطع إلى غير الله وكله الله إليه.

٧٠ ـ بيان التنزيل لابن شهر آشوب : قال : أمر نمرود بجمع الحطب في سواد الكوفة عند نهر كوثا (٣) من قرية قطنانا وأو قدالنار فعجزوا عن رمي إبراهيم فعمل

___________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٩٦.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٩٨.

(٣) قيل هى كوثاربى على وزن طوبى هدى كان قرية من قرى الكوفة كما ذكره المؤرخون والذى ذكر اللغويون هوكوثى قال الجزرى : كوثى العراق هى سرة السواد.

١٥٥

لهم إبليس المنجنيق فرمي به ، فتلقاه جبرئيل في الهواء فقال : هل لك من حاجة؟ فقال : أما إليك فلا ، حسبي الله ونعم الوكيل ، فاستقبله ميكائيل فقال : إن أردت أخمدت النارفان خزائن الامطار والمياه بيدي ، فقال : لا اريد ، وأتاه ملك الريح ، فقال : لوشئت طيرت النار ، قال : لا اريد ، فقال جبرئيل : فاسأل الله فقال : حسبي من سؤالي علمه بحالي.

٧١ ـ دعوات الراوندى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث من كن فيه جمع الله له خير الدنيا والاخرة : الرضا بالقضاء ، والصبر عند البلاء ، والدعاء عند الشدة والرخاء.

وقال الصادق عليه‌السلام : رأس كل طاعة الله الرضا بماصنع الله إلى العبد فيما أحب وفيما كره.

٧٢ ـ نهج : اغض على القذى وإلا لم ترض أبدا (١).

٧٣ ـ كنز الكراجكى : قال لقمان لابنه : يابني ثق بالله عزوجل ثم سل في الناس هل من أحد وثق بالله فلم ينجه؟ يابني توكل على الله ثم سل في الناس من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه؟ يابني أحسن الظن بالله ثم سل في الناس من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به.

٧٤ ـ عدة الداعى : سئل الصادق عليه‌السلام عن حد التوكل ، فقال : أن لاتخاف مع الله شيئا.

وقال الصادق عليه‌السلام : من أراد أن يعرف كيف منزلته عند الله فليعرف كيف منزلة الله عنده ، فان الله ينزل العبد مثل ماينزل العبد الله من نفسه (٢).

___________________

وبها ولد ابراهيم الخليل عليه‌السلام وقال ياقوت : وكوثى العراق كوثيان : أحدهما الطريق والاخر كوثى ربى وبها مشهد ابراهيم الخليل عليه‌السلام وبها مولده ، وهما من أرض بابل وبها طرح ابراهيم في النار.

وقال الفيروزآبادى : والقطقطانة بضمهما موضع بالكوفة كانت سجن النعمان بن المنذر.

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٣.

(٢) عدة الداعى ص ١٠٦.

١٥٦

٧٥ ـ مشكوة الانوار : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الغنى والعز يجولان فاذا ظفرا بموضع التوكل أوطناه.

وعنه عليه‌السلام قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه‌السلام إنه ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثم تكيده السماوات والارض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن ، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات من بين يديه وأسخت الارض من تحته ، ولم ابال في أي وادتهالك (١).

وعنه عليه‌السلام قال : لم يكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لشئ قد مضى : لو كان غيره.

وعنه عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « إن الله وملائكته يصلون على النبى » (٢) الاية قال : أثنوا عليه وسلموا عليه ، قلت : فكيف علم الرسول أنها كذلك؟ قال : كشف له الغطاء قلت : فبأي شئ علم المؤمن أنه مؤمن؟ قال : بالتسليم لله ، والرضا فيما ورد عليه من وراء سخط (٣).

ومنه : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الايمان له أركان أربعة : التوكل على الله وتفويض الامر إلى الله ، والرضا بقضاء الله ، والتسليم لامر الله.

وعن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله جل ثناؤه : « فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك » (٤) الاية قال : التسليم والرضا والقنوع بقضائه.

ومنه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بعث الله نبيا إلى قوم وأمر أن يقاتلهم فشكى إلى الله الضعف فقال : اختر القتال أوالنار ، قال : يارب لاطاقة لي بالنار فأوحى الله إليه أن النصر يأتيك في سنتك هذه ، فقال ذلك النبي عليه‌السلام : لاصحابه

___________________

(١) مشكاة الانوار ص ١٦.

(٢) الاحزاب : ٥٦.

(٣) مشكاة الانوار ص ١٧.

(٤) النساء : ٦٥.

١٥٧

إن الله عزوجل قد أمرني بقتال بني فلان ، فقلت : لاطاقة لنا بقتالهم ، فقال : اختر النار أو القتال ، قالوا : بلى لاطاقة لنابالنار ، فقال : إن الله قد أوحى أن النصر يأتيني في سنتي هذه قالوا : تفعل ونفعل وتكون ونكون (١).

قال : وبعث الله نبيا آخر إلى قوم ( وأمره أن يقاتلهم ) فكشى إلى الله الضعف فأوحى الله عزوجل أن النصر يأتيك بعد خمسة عشرة سنة ، فقال لاصحابه : إن الله عزوجل أمرني بقتال بني فلان فشكوت إليه الضعف فقالوا : لاحول ولا قوة إلا بالله فقال لهم : إن الله قد أوحى إلي أن النصر يأتيني بعد خمسة عشرة سنة فقالوا : ماشاء الله لاقوة إلا بالله ، قال : فأتاهم الله بالنصر في سنتهم تلك لتفويضهم إلى الله وقولهم ماشاء الله لاحول ولاقوة إلا بالله.

ومنه عن أبي عبدالله عليه‌السلام : ومن التوكل أن لاتخاف مع الله غيره (٢).

ومنه نقلا من كتاب المحاسن عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله.

وعنه عليه‌السلام قال : رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحب العبد أوكره ، ولايرضى عبد عن الله فيما أحب أو كره إلاكان خيرا له فيما أحب أو كره.

وعنه عليه‌السلام قال : ماقضى الله لمؤمن قضاء قرضي به إلا جعل الخيرة له فيما قضى (٣).

وعن الباقر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله جل ثناؤه يقول : وعزتي وجلالي ماخلقت من خلقي خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن ولذلك سميته باسمي مؤمنا لاحرمه مابين المشرق والمغرب وهي خيرة له مني ، وإني لاملكه مابين المشرق والمغرب وهي خيرة له مني ، فليرض بقضائي وليصبر

___________________

(١) مشكاة الانوار ص ١٩.

(٢) مشكاة الانوار ص ٢٠.

(٣) مشكاة الانوار ص ٢١.

١٥٨

على بلائي وليشكر نعمائي أكتبه يامحمد من الصديقين عندي.

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لقي الحسن بن علي عبدالله بن جعفر عليهما‌السلام فقال : ياعبدالله كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمه ويحقر منزلته والحاكم عليه الله ، فأنا الضامن لمن لايهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له.

وعنه عليه‌السلام قال : الروح والراحة في الرضا واليقين ، والهم والحزن في الشك والسخط.

وقال عليه‌السلام : اجري القلم في محبة الله فمن أصفاه الله بالرضا فقد أكرمه ، ومن ابتلاه بالسخط فقد أهانه ، والرضا والسخط خلقان من خلق الله والله يزيد في الخلق مايشاء.

وعن أبي الحسن الاول : ينبغي لمن عقل عن الله أن لايستبطئه في رزقه ، ولا يتهمه في قضائه.

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قضاء الحوائج إلى الله عزوجل وأسبابها إلى العباد فمن قضيت له حاجة فليقبلها عن الله بالرضا والصبر.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنما يجمع الناس بالرضا والسخط ، فمن رضي أمرا فقد دخل عليه ومن سخط فقد خرج منه.

وعن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : الصبر والرضا عن الله رأس طاعة الله ومن صبر ورضي عن الله فيما قضى عليه مما أحب أوكره ( لم يقض الله له فيما أحب أوكره ) إلا ماهو خير له ، ودخل بعض أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام في مرضه الذي توفي فيه إليه ، وقد ذبل فلم يبق إلا رأسه ، فبكى ، فقال : لاي شئ تبكي؟ فقال : لا أبكي وأنا أراك على هذه الحال؟ قال : لاتفعل فان المؤمن تعرض كل خير إن قطع أعضاؤه كان خيرا له ، وإن ملك مابين المشرق والمغرب كان خيرا له (٢).

٧٦ ـ المؤمن : عن زرارة قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : في قضاء الله

___________________

(١) مشكوة الانوار ص ٣٣.

(٢) مشكوة الانوار : ٣٤.

١٥٩

عزوجل كل خير للمؤمن.

وعن الصادق عليه‌السلام إن المسلم لايقضي الله عزوجل له قضاء إلاكان خيرا له ، وإن ملك مشارق الارض ومغاربها كان خيرا له ، ثم تلاهذه الاية « فوقاه الله سيئات مامكروا » (١) ثم قال : أم والله لقد سلطوا عليه وقتلوه فأما ماوقاه الله فوقاه أن يفتنوه في دينه.

وعن الصادق عليه‌السلام إنه قال : لويعلم المؤمن ماله في المصائب من الاجر لتمنى أن يقرض بالمقاريض.

٧٧ ـ المؤمن : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : فيما أوحى الله إلى موسى يا موسى ماخلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن ، وإني أنا أبتليه بماهو خير له واعطيه لماهو خير له ، وأزوي عنه لما هوخير له ، وأنا أعلم بما يصلح عليه فليصبر على بلائي وليرض بقضائي ، وليشكر نعمائي ، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضاي وأطاع أمري.

(٦٤)

* ( باب ) *

* ( الاجتهاد والحث على العمل ) *

الايات : البقرة : يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون (٢).

وقال تعالى : فمن تبع هداي فلاخوف عليهم ولاهم يحزنون (٣).

وقال تعالى : سنزيد المحسنين (٤).

___________________

(١) سورة المؤمن : ٤٤ و ٤٥.

(٢) البقرة : ٢١.

(٣) البقرة : ٣٨.

(٤) البقرة : ٥٨.

١٦٠