بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

حتى يعرفوا به ، فيقال : هؤلاء المتحابون في الله (١).

بيان : « المتحابين في الله » أي الذين يحب كل منهم الاخرين لمحض رضا الله ، وكونهم من أحباء الله لا للاغراض الفانية والاغراض الباطلة ويكون أضاء لازما ومتعديا يقال أضاء الشئ وأضاءه غيره ذكره في المصباح.

١٦ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن فضيل بن يسار قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الحب والبغض أمن الايمان هو؟ فقال : وهل الايمان إلا الحب والبغض؟ ثم تلا هذه الاية « حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون » (٢).

سن : عن أبيه ، عن حماد مثله (٣).

تبيان : « عن الحب والبغض » أي حب الائمة عليهم‌السلام وبغض أعدائهم أو الاعم منهما ومن حب المؤمنين والطاعة ، وبغض المخالفين والمعصية ، والغرض من السؤال إما استعلام أن الاعتقاد بامامة الائمة عليهم‌السلام ومحبتهم ، والتبري عن أعدائهم هل هما من أجزاء الايمان واصول الدين كما هو مذهب الامامية؟ أو من فروع الدين والواجبات الخارجة عن حقيقة الايمان كما ذهب إليه المخالفون ، أو استبانة أن حب أولياء الله وبغض أعدائه هل هما من الامور الاختيارية التي يقع التكليف بها؟ أوهما من فعل الله تعالى وليس للعبد فيه اختيار؟ فلا يكونان مما كلف الله به والاول أظهر.

فأجاب عليه‌السلام على الاستفهام الانكاري بأن مدار الايمان على الحب والبغض لان الاعتقاد بالشئ لاينفك عن حبه ، وإنكاره عن بغضه ، أو عمدة الايمان ولاية الائمة عليهم‌السلام والبراءة من أعدائهم إذ بهما يتم الايمان ، وبدونها لاينفع شئ من العقائد والاعمال كما مر مفصلا ، فكأن الايمان منحصر فيهما ، أو لما كانا

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٢٥.

(٢) الحجرات : ٧ ، راجع الكافى ج ٢ ص ١٢٥.

(٣) المحاسن ص ٢٦٢.

٢٤١

أصل الايمان وعمدته كيف لم يكونا مكلفا به؟ وكيف لم تكن مباديهما بالاختيار؟

والاستشهاد بالاية على الاول ظاهر ، وعلى الثاني فلانه لما حصر الله تعالى الرشد والصلاح فيهما ، فلو لم يكونا اختياريين لزم الجبر ، والتكليف بما لا يطاق وهما منفيان بالدلائل العقلية والنقلية.

وأما الاية فقال الطبرسي رحمه‌الله : « ولكن الله حبب إليكم الايمان » أي جعله أحب الاديان إليكم بأن أقام الادلة على صحته ، وبما وعد من الثواب عليه « وزينه في قلوبكم » بالالطاف الداعية إليه « وكره إليكم الكفر » بما وصف من العقاب عليه ، وبوجوه الالطاف الصارفة عنه « والفسوق » أي الخروج عن الطاعة إلى المعاصي « والعصيان » أي جميع المعاصي وقيل : الفسوق الكذب ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام « اولئك هم الراشدون » يعني الذين وصفهم بالايمان وزينه في قلوبهم ، هم المهتدون إلى معالي الامور ، وقيل : هم الذين أصابوا الرشد واهتدوا إلى الجنة انتهى (١).

ويحتمل أن يكون المراد بالكفر الاخلال بالعقائد الايمانية وبالفسوق الكبائر وبالعصيان الصغائر أو الاعم ، أو بالكفر ترك الايمان ظاهرا وباطنا ، وبالفسوق النفاق ، وبالعصيان جميع المعاصي.

وقد ورد في أخبار كثيرة قد مر بعضها أن الايمان أميرالمؤمنين وولايته والكفر والفسوق والعصيان الاول والثاني والثالث (٢) فيؤيد المعنى الاول الذي ذكرنا في صدر الكلام.

١٧ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي الحسن علي بن يحيى فيما أعلم ، عن عمرو بن مدرك الطائي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاصحابه : أي عرى الايمان أوثق؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم وقال بعضهم : الصلاة ، وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصيام ، وقال بعضهم : الحج

____________________

(١) مجمع البيان ج ٩ ص ١٣٣.

(٢) راجع ج ٢٣ ص ٣٨٠ من هذه الطبعة الحديثة.

٢٤٢

والعمرة ، وقال بعضهم : الجهاد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل ماقلتم فضل وليس به ولكن أوثق عرى الايمان الحب في الله ، والبغض في الله ، وتوالي أولياء الله ، والتبري من أعداء الله (١).

سن : عن اليقطيني ، عن أبي الحسن علي بن يحيى فيما أعلم مثله (٢).

مع : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني ، عن علي بن يحيى ، عن علي بن مروك الطائي ، عن أبي عبدالله عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وذكر مثله (٣).

بيان : الغرض من السؤال امتحان فهم القوم ، وشدة اهتمامهم باستعلام ما هو الحق في ذلك ، والعمل به ، وكان اختيار كل منهم فعلا وذكره على سبيل الاحتمال أو الاستفهام ، ولم يكن حكما منهم بأنه كذلك فانه حينئذ يكون قولا بغير علم وفتوى بالباطل ، فهذا حرام ، فكيف يقررهم صلى‌الله‌عليه‌وآله به ويحثهم عليه؟ « وليس به » ضمير « ليس » للفضل المذكور ، وضمير « به » للاوثق ، أو ضمير « ليس » لكل من المذكورات ، وضمير « به » للذي أراد صلى‌الله‌عليه‌وآله « وتوالي أولياء الله » الاعتقاد بامامة الذين جعلهم الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم « وأعداء الله » أضدادهم وغاصبوا خلافتهم ، أو الاعم منهم ومن سائر المخالفين والكفار.

١٨ ـ سن : عن محمد بن علي ، عن محمد بن جبلة الاحمسي ، عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المتحابون في الله يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء ، في ظل عرضه عن يمينه ، وكلتا يديه يمين ، وجوههم أشد بياضا من الثلج ، وأضوء من الشمس الطالعة ، يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٢٥.

(٢) المحاسن ص ٢٦٤.

(٣) معانى الاخبار ص ٣٩٨ ولعل مافى سند الحديث « على بن مروك الطائى » تصحيف « عمرو بن مدرك الطائى ».

٢٤٣

وكل نبي مرسل ، يقول الناس : من هؤلاء؟ فيقال : هؤلاء المتحابون في الله (١).

كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن عمر بن جبلة مثله (٢).

بيان : « على أرض زبرجدة » الاضافة كخاتم حديد « في ظل عرضه » قال في النهاية أي في ظل رحمته ، وقال النووي (٣) قيل : الظل عبارة عن الراحة والنعيم ، نحو هو في عيش ظليل ، والمراد ظل الكرامة لاظل الشمس لانها وسائر العالم تحت العرش ، وقال الابي : (٤) ومن جواب شيخنا أنه يحتمل جعل جزء من العرش حائلا تحت فلك الشمس وقال عياض (٥) ظاهره أنه سبحانه يظلهم حقيقة من حر الشمس ، ووهج الموقف ، وأنفاس الخلائق ، وهو تأويل أكثرهم وقال بعضهم : هو كناية عن كنهم وجعلهم في كنفه وستره ، ومنه قولهم : السلطان ظل الله ، وقولهم فلان في ظل فلان أي في كنفه وعزه انتهى.

وظاهر الاخبار والايات أن العرش يوضع يوم القيامة في الموقف ، وأن له

____________________

(١) المحاسن ص ٢٦٤.

(٢) الكافى ج ٢ ص ١٢٦.

(٣) هو أبوزكريا محيى الدين يحيى بن شرف الدمشقى الشافعى ، والنووى منسوب إلى نوى بليدة قرب دمشق ، قيل وهى منزل أيوب عليه‌السلام كان محققا مدققا حافظا للحديث عارفا بأنواعه له كتاب المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج.

(٤) هو عزالدين الحسن بن أبى طالب اليوسفى المعروف بالفاضل الابى قال في الكنى والالقاب : عالم فاضل محقق فقيه قوى الفقاهة شارح نافع وتلميذ المحقق ، شهرته دون فضله ، وعلمه أكثر من ذكره ونقله ، وكتابه كشف الرموز كتاب حسن مشتمل على فوائد كثيرة وتنبيهات جيدة وله مع شيخه مباحثات ومخالفات في كثير من المواضع ، فرغ من تأليف كتابه سنة ٦٧٢.

(٥) هو أبوالفضل بن موسى بن عياض المالكى الاندلسى الاصل ، كان امام وقته في الحديث وعلومه ، وصنف التصانيف منها مشارق الانوار في تفسير غريب الحديث المختص بالصحاح الثلاثة : الموطأ ، صحيح البخارى وصحيح مسلم. توفى بمراكش ٥٤٤.

٢٤٤

يمينا وشمالا ، فيمكن أن يكون المقربون في يمينه ، ومن دونهم في شماله ، وكلاهما يمين مبارك يأمن من استقر فيهما ، وقيل يحتمل أن يراد به الرحمة ولها أفراد متفاوتة ، فأقواهما يمين وأدونهما يسار ، وكلاهما مبارك ينجي من أهوال القيامة.

وقال في النهاية فيه « وكلتا يديه يمين » أي أن يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال لانقص في واحدة منهما ، لان الشمال ينقص عن اليمين ، وكل ماجاء في القرآن والحديث من إضافة اليد والايدي واليمين وغير ذلك من أسماء الجوارح إلى الله تعالى فانما هو على سبيل المجاز والاستعارة ، والله تعالى منزه عن التشبيه والتجسيم انتهى.

وفي الكافي « أشد بياضا وأضوأ » وكأنه سقط قوله « من الثلج » من النساخ « يغبطهم » تقول غبطهم كضرب غبطا إذا تمنى مثل ما ناله من غير أن يريد زواله لما أعجبه من حسنه ، وكأن المعنى أن الملك والنبي مع جلالة قدرهما ، وعظم نعمتهما يعجبهما هذه المنزلة ويعدانها عظيمة ، فلا يستلزم كون منزلته دون منزلتهما وربما يقرأ « يغبطهم » على بناء التفعيل أي يعدانهم ذوي غبطة وحسن حال ، أو مغبوطين للناس.

١٩ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن نضر بن سويد ، عن هشام ابن سالم ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : إذا جمع الله عزوجل الاولين والاخرين ، قال مناد فنادى يسمع الناس فيقول : أين المتحابون في الله؟ قال : فيقوم عنق من الناس فيقال لهم : اذهبوا إلى الجنة بغير حساب قال فتلقاهم الملائكة فيقولون : إلى أين؟ فيقولون : إلى الجنة بغير حساب ، قال : فيقولون : فأي ضرب (١) أنتم من الناس؟ فيقولون : نحن المتحابون في الله قال : فيقولون : وأي شئ كانت أعمالكم؟ قالوا : كنا نحب في الله ، ونبغض في الله قال : فيقولون : نعم أجر العاملين (٢).

____________________

(١) فأى حزب خ ل.

(٢) الكافى ج ٢ ص ١٢٦.

٢٤٥

سن : عن أبيه ، عن النضر مثله (١).

بيان « يسمع الناس » على بناء الافعال حال عن فاعل « فنادى » وفي المحاسن « ينادي بصوت يسمع » « فتلقاهم » على بناء المجرد أوعلى بناء التفعل بحذف إحدى التائين أي تستقبلهم « وأي شئ كانت أعمالكم » أي منصوب بخبرية كانت أي أية مرتبة بلغ تحابكم؟ وأي شئ فعلتم حتى سميتم بهذا الاسم؟ وقيل هو استبعاد لكون محض التحاب سبب هذه المنزلة ، وفي المحاسن « قالوا وأي شئ » قوله « نعم أجر العالمين » المخصوص بالمدح محذوف أي أجركم وما أعطاكم ربكم.

٢٠ ـ كا : عن العدة ، عن علي بن حسان ، عمن ذكره ، عن داود بن فرقد عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ثلاث من علامات المؤمن : علمه بالله ، ومن يحب ، ومن يبغض « ٢ ».

بيان : « علمه بالله » أي بذاته وصفاته بقدر وسعه وطاقته « ومن يحب ومن يبغض » أي من يحبه الله من الانبياء والاوصياء عليهم‌السلام وأتباعهم ، ومن يبغضه الله من الكفار وأهل الضلال ، أو الضمير في الفعلين راجع إلى المؤمن أي علمه بمن يجب أن يحبه ويجب أن يبغضه وكأنه أظهر.

٢١ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحفص ابن البختري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الرجل ليحبكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله الله الجنة بحبكم وإن الرجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله الله ببغضكم النار (٣).

بيان : قوله عليه‌السلام « إن الرجل ليحبكم » أقول يحتمل وجوها الاول أن يكون المراد بهم المستضعفين من المخالفين ، فانهم يحبون الشيعة ولايعرفون مذهبهم ، ويحتمل دخولهم الجنة بذلك ، الثاني أن يكون المراد بهم المستضعفين

____________________

(١) المحاسن ص ٢٦٤.

(٢ و ٣) الكافى ج ٢ ص ١٢٦.

٢٤٦

من الشيعة فانهم يحبون علماء الشيعة وصلحاءهم ، ولكن لم يصلوا إلى ماهم عليه من العقائد الحقة والاعمال الصالحة ، فيدخلون بذلك الجنة ومنهم من يبغض العلماء والصلحاء فيدخلون بذلك النار ، فان كان بغضهم للعلم والصلاح فهم كفرة ، وإلا فهم فسقة ، كما ورد : كن عالما أو متعلما أو محبا للعلماء ولا تكن رابعا فتهلك الثالث أن يكون المراد بما أنتم عليه : الصلاح والورع ، دون التشيع كما ذكره بعض المحققين ، الرابع أن يكون المراد بما أنتم عليه : المعصية ، كما روي أن حفصا كان يلعب بالشطرنج (١).

فالمراد أن من أحبكم لظاهر إيمانكم وتشيعكم مع عدم علمه بالمعاصي التي أنتم عليه فبذلك يدخل الجنة ، ومن أبغضكم لكونكم مؤمنين ولم يعلم فسقكم ليبغضكم لذلك فهو من أهل النار ، لان بغض المؤمن لايمانه كفر.

٢٢ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن العرزمي ، عن أبيه ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظر إلى قلبك فان كان يحب أهل طاعة الله عزوجل ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك وإذا كان (٢) يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحب (٣).

سن : عن العرزمي ، عن أبيه ، عن جابر مثله (٤).

ع : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن العرزمي

____________________

(١) قال النجاشى في رجاله ص ١٠٣ : حفص بن البخترى ـ ضبطه ابن داود بفتح الباء وسكون الخاء المعجمة ـ مولى بغدادى أصله كوفى ثقة ، روى عن أبى عبدالله وأبى الحسن عليهما‌السلام ذكره أبوالعباس ، وإنما كان بينه وبين آل أعين نبوة فغمزوا عليه بلعب الشطرنج.

(٢) في المصدر المطبوع وهكذا في نسخة المحاسن والعلل : وان كان.

(٣) الكافى ج ٢ ص ١٢٦.

(٤) المحاسن ص ٢٦٣.

٢٤٧

مثله (١).

بيان : « يحب أهل طاعة الله » أي سواء وصل منهم ضرر إلى دنياه أولم يصل « ويبغض أهل معصيته » سواء وصل منهم إليه نفع أولم يصل « وإذا كان يبغض أهل طاعة الله » لضرر دنيوي « ويحب أهل معصيته » لنفع دنيوي. وقيل. أصل المحبة الميل ، وهو على الله سبحانه محال ، فمحبة الله للعبد رحمته وهدايته إلى بساط قربه ورضاه عنه ، وإرادته إيصال الخير إليه وفعله له فعل المحب ، وبغضه سلب رحمته عنه وطرده عن مقام قربه ووكوله إلى نفسه ، وكون « المرء مع من أحب » لايستلزم أن يكون مثله في الدرجات أو في الدركات ، فان دخوله مع محبوبه في الجنة أوفي النار يكفي لصدق ذلك.

٢٣ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبي علي الواسطي ، عن الحسين ابن أبان ، عمن ذكره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو أن رجلا أحب رجلا لله لاثابه الله على حبه إياه ، وإن كان المحبوب في علم الله من أهل النار ، ولو أن رجلا أبغض رجلا لله ، لاثابه الله على بغضه إياه ، وإن كان المبغض في علم الله من أهل الجنة (٢).

سن : عن أبي علي الواسطي مثله (٣).

ما : عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن صالح بن فيض بن فياض ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن أبان ، عن بعض أصحابنا عنه عليه‌السلام مثله إلا أنه في الموضعين « وإن كان في علم الله » بدون ذكر المحبوب والمبغض (٤).

بيان : قوله عليه‌السلام « لاثابه الله » أقول هذا إذا لم يكن مقصرا في ذلك ، ولم يكن مستندا إلى ضلالته وجهالته ، كالذين يحبون أئمة الضلالة ويزعمون أن

____________________

(١) علل الشرائع ج ١ ص ١١٢.

(٢) الكافى ج ٢ ص ١٢٧.

(٣) المحاسن ص ٢٦٥.

(٤) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٣٤ ، وفى هذه النسخة من المصدر المطبوع سقطت.

٢٤٨

ذلك لله ، فان ذلك لمحض تقصيرهم عن تتبع الدلائل واتكالهم على متابعة الاباء وتقليد الكبراء ، واستحسان الاهواء ، بل هو كمن أحب منافقا يظهر الايمان والاعمال الصالحة ، وفي باطنه منافق فاسق ، فهو يحبه لايمانه وصلاحه لله وهو مثاب بذلك ، وكذا الثاني فان أكثر المخالفين يبغضون الشيعة ويزعمون أنه لله ، وهم مقصرون في ذلك كما عرفت.

وأما من رأى شيعة يتقي من المخالفين ويظهر عقائدهم وأعمالهم ولم يرولا سمع منه مايدل على تشيعه فان أبغضه ولعنه فهو في ذلك مثاب مأجور ، وإن كان من أبغضه من أهل الجنة ومثابا عندالله بتقيته ، أو كأحد من علماء الشيعة زعم عقيدة من العقائد كفرا ، أو عملا من الاعمال فسقا وأبغض المتصف بأحدهما لله ولم يكن أحدهما مقصرا في بذل الجهد في تحقيق تلك المسألة ، فهما مثابان وهما من أهل الجنة إن لم يكن أحدهما ضروريا للدين.

٢٤ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ابن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بشير الكناسي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قد يكون حب في الله ورسوله ، وحب في الدنيا ، فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله وماكان في الدنيا فليس بشئ (١).

سن : عن أبيه ، عن النضر مثله (٢).

بيان : « قد يكون حب في الله ورسوله » أي لهما كحب الانبياء والائمة صلوات الله عليهم وحب العلماء والسادات والصلحاء والاخوان من المؤمنين لعلمهم وسيادتهم وصلاحهم وإيمانهم ، ولامره تعالى ورسوله بحبهم « وحب في الدنيا » كحب الناس لبذل مال وتحصيله ، أو لنيل جاه وغرض من الاغراض الدنيوية « فليس بشئ » أي فأقل مراتبه أنه لاينفع في الاخرة ، بل ربما أضر إذا كان لتحصيل الاموال المحرمة ، والمناصب الباطلة ، أو لفسقهم ، أو للعشق الباطل

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٢٧.

(٢) المحاسن ص ٢٦٥.

٢٤٩

وأمثال ذلك.

٢٥ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ابن مهران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن المسلمين يلتقيان فأفضلهما أشدهما حبا لصاحبه (١).

بيان : « فأفضلهما » أي عندالله وأكثرهما ثوابا « أشدهما حبا لصاحبه » في الله كما مر.

٢٦ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن البزنطي وابن فضال ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما التقى مؤمنان قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لاخيه (٢).

٢٧ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن محمد بن عمران السبيعي ، عن عبدالله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كل من لم يحب على الدين ، ولم يبغض على الدين ، فلا دين له (٣).

بيان : « كل من لم يحب على الدين » إن كان المراد أنه لم يكن شئ من حبه وبغضه في الدين فقوله « فلا دين له » على الحقيقة لانه لم يحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام أيضا لله ولا أبغض أعداءهم لله ، وإن كان المراد غالب حبه وبغضه أو حب أهل زمانه ، أولم يكن جميع حبه وبغضه للدين فالمعنى لادين له كاملا.

٢٨ ـ سن : عن بعض أصحابنا ، عن صالح بن بشير الدهان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام إن الرجل ليحب ولي الله وما يعلم ما يقول. فيدخله الله الجنة وإن الرجل ليبغض ولي الله وما يعلم ما يقول فيموت ويدخل النار (٤).

كتاب الغايات : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم لاصحابه : أخبروني بأوثق عرى الاسلام؟ فقالوا : يا رسول الله الصلاة قال : إن الصلاة ، قالوا : يا رسول الله الزكاة ، قال : إن الزكاة ، قالوا يا رسول الله الجهاد

____________________

(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ١٢٧.

(٤) المحاسن ص ٢٦٥.

٢٥٠

قال : إن الجهاد قال : فقالوا : يا رسول الله فأخبرنا قال : الحب في الله والبغض في الله (١).

بيان : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « إن الصلاة » أي ليس الصلاة كذلك ، أو لها فضل لكن ليست كذلك ، ويحتمل كون إن نافية لكنه بعيد.

٣٠ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : المحب في الله محب الله ، والمحبوب في الله حبيب الله لانهما لايتحابان إلا في الله قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المرء مع من أحب فمن أحب عبدا في الله فانما أحب الله ، ولايحب الله تعالى إلا من أحبه الله ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل الناس بعد النبيين في الدنيا والاخرة المحبون لله المتحابون فيه ، وكل حب معلول يورث بعدا فيه عداوة إلا هذين ، وهما من عين واحدة يزيدان أبدا ولاينقصان قال الله عزوجل « الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين » (٢) لان أهل الحب التبري عن سوى المحبوب.

وقال أميرالمؤمنين : إن أطيب شئ في الجنة وألذه حب الله ، والحب [ في ا ] لله والحمدلله قال الله عزوجل « وآخر دعويهم أن الحمدلله رب العالمين » وذلك أنهم إذا عاينوا ما في الجنة من النعيم هاجت المحبة في قلوبهم ، فينادون عند ذلك : أن الحمدلله رب العالمين (٣).

٣١ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : معاشر الناس أحبوا موالينا مع حبكم لالنا هذا زيد بن حارثة وابنه اسامة بن زيد من خواص موالينا فأحبوهما فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا لينفعكم حبهما ، قالوا : وكيف ينفعنا حبهما؟ قال : إنهما يأتيان يوم القيامة عليا عليه‌السلام بخلق عظيم أكثر من ربيعة ومضر بعدد كل واحد منهما فيقولان : يا أخا رسول الله هؤلاء أحبونا بحب محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبحبك ، فيكتب لهم علي عليه‌السلام جوازا على الصراط ، فيعبرون عليه ويردون الجنة سالمين ، وذلك أن أحدا لايدخل الجنة من سائر امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا بجواز من علي عليه‌السلام.

____________________

(١) مخطوط. (٢) الزخرف : ٦٧.

(٣) مصباح الشريعة : ٦٥ ، والاية في يونس : ١٠.

٢٥١

فان أردتم الجواز على الصراط سالمين ، ودخول الجنان غانمين ، فأحبوا بعد حب محمد وآله عليهم‌السلام مواليه ، ثم إن أردتم أن يعظم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عندالله تعالى منازلكم فأحبوا شيعة محمد وعلي وجدوا في قضاء حوائج إخوانكم المؤمنين ، فان الله تعالى إذا أدخلكم معاشر شيعتنا ومحبينا الجنان ، نادى مناديه في تلك الجنان قد دخلتم عبادي الجنة برحمتي ، فتقاسموها على قدر حبكم لشيعة محمد وعلي وقضائكم لحقوق إخوانكم المؤمنين ، فأيهم كان أشد للشيعة حبا ولحقوق إخوانهم المؤمنين أشد قضاء ، كانت درجاته في الجنان أعلا حتى أن فيهم من يكون أرفع من الاخر بمسير خمسمائة سنة ترابيع قصور وجنان.

بيان : كأن المراد بالتراييع المربعات فانها أحسن الاشكال.

٣٢ ـ جع : عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن حول العرش منابر من نور ، عليها قوم لباسهم ووجوههم نور ، ليسوا بأنبياء ، يغبطهم الانبياء والشهداء قالوا : يا رسول الله حل لنا قال : هم المتحابون في الله ، والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أن عبدين تحابا في الله أحدهما بالمشرق ، والاخر بالمغرب لجمع الله بينهما يوم القيامة ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل الاعمال الحب في الله والبغض في الله ، وقال عليه‌السلام علامة حب الله حب ذكر الله ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحب في الله فريضة ، والبغض في الله فريضة (١).

بيان : « حل لنا » أي بين من حل العقدة ، استعير لحل الاشكال ، قال في الاساس : من المجاز فلان حلال للعقد كاف للمهمات.

دعوات الراوندى : روي أن الله تعالى قال لموسى عليه‌السلام هل عملت لي عملا : ؟ قال : صليت لك ، وصمت وتصدقت وذكرت لك ، قال الله تبارك وتعالى ، وأما الصلاة فلك برهان (٢) والصوم جنة ، والصدقة ظل ، والذكر

____________________

(١) جامع الاخبار ص ١٤٩.

(٢) « لك برهان : أى دليل على اسلامك » هذه العبارة في نسخة الكمبانى ص ٢٨٤ قبل سطرين ، ذيل البيان السابق ، وهو سهو.

٢٥٢

نور ، فأي عمل عملت لي؟ قال موسى عليه‌السلام : دلني على العمل الذي هو لك ، قال : ياموسى هل واليت لي واليا ، وهل عاديت لي عدوا قط؟ فعلم موسى أن أفضل الاعمال الحب في الله ، والبغض في الله.

وإليه أشار الرضا عليه‌السلام بمكتوبه : كن محبا لال محمد وإن كنت فاسقا ، ومحبا لمحبيهم وإن كانوا فاسقين.

ومن شجون الحديث أن هذا المكتوب هو الان عند بعض أهل كرمند قرية من نواحينا إلى اصفهان ماهي ورفعته (١) أن رجلا من أهلها كان جمالا لمولانا أبي الحسن عليه‌السلام عند توجهه إلى خراسان ، فلما أراد الانصراف قال له : يا ابن رسول الله شر فني بشئ من خطك أتبرك به ، وكان الرجل من العامة فأعطاه ذلك المكتوب.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله (٢).

٣٤ ـ جع : أوحى الله إلى موسى عليه‌السلام هل علمت لي عملا إلى قوله والبغض في الله (٣).

بيان : في القاموس : الشجن الغصن المشتبك ، والحديث ذو شجون : فنون وأغراض ، قوله ماهي أي ماهي من إصفهان لكنها في تلك الناحية ، وفي القاموس راوند موضع بنواحي إصفهان.

وأقول : قد مر كثير من أخبار الباب في باب صفات المؤمن ، وصفات الشيعة وكتب الامامة وسيأتي في سائر الابواب.

____________________

(١) ورايته خ ل.

(٢) دعوات الراوندى مخطوط.

(٣) جامع الاخبار ص ١٤٩.

٢٥٣

٣٧

*(باب)*

*«(صفات خيار العباد واولياء الله ، وفيه ذكر بعض الكرامات التى رويت عن الصالحين)»*

الايات : يونس : ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون (١).

الحج : الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلوة وآتوا الزكوة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور (٢).

المؤمنون : إن الذينهم من خشية ربهم مشفقون * والذينهم بآيات ربهم يؤمنون * والذينهم بربهم لايشركون * والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون (٣).

النور : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال * رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكرالله وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب (٤).

الفرقان : وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا * وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما * والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما * والذين لايدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون ومن يفعل

____________________

(١) يونس : ٦٨.

(٢) الحج : ٤١.

(٣) المؤمنون : ٥٧ ـ ٦١.

(٤) النور : ٣٦ و ٣٨.

٢٥٤

ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما * ومن تاب وعمل صالحا فانه يتوب إلى الله متابا * والذين لايشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما * والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا * والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما * اولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما (١).

السجدة : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحيوة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ماتدعون نزلا من غفور رحيم * ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين (٢).

الاحقاف : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون * اولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون * ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين * اولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون (٣).

الذاريات : إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتيهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالاسحارهم

____________________

(١) الفرقان : ٦٣ ـ ٧٦.

(٢) فصلت : ٢٩ ـ ٣٣.

(٣) الاحقاف : ١٢ ـ ١٦.

٢٥٥

يستغفرون * وفي أموالهم حق للسائل والمحروم (١).

المجادلة : لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حادالله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه اولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (٢).

الحاقة : فأما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الايام الخالية (٣).

المعارج : إلا المصلين * الذينهم على صلوتهم دائمون * والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم * والذين يصدقون بيوم الدين * والذينهم من عذاب ربهم مشفقون * إن عذاب ربهم غير مأمون * والذينهم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون * والذينهم لاماناتهم وعهدهم راعون * والذينهم بشهاداتهم قائمون * والذينهم على صلوتهم يحافظون * اولئك في جنات مكرمون (٤).

الدهر : إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عبادالله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقيهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ـ إلى

____________________

(١) الذاريات : ١٥ ـ ١٩.

(٢) المجادلة : ٢٢.

(٣) الحاقة : ١٩ ـ ٢٤.

(٤) المعارج : ٢٣ ـ ٣٥.

٢٥٦

قوله تعالى ـ إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا (١).

العصر : والعصر إن الانسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.

تفسير : « ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم » (٢) قال المفسرون أي في القيامة من العقاب « ولاهم يحزنون » أي لايخافون ، وأقول : يمكن أن يكون المراد أعم من الدنيا والآخرة ، فإنهم لرضاهم بقضاء الله ، وعدم تعلقهم بالدنيا وما فيها لاخوف عليهم للحوق مكروه ، ولاهم يحزنون لفوات مأمول.

وقال الطبرسي رحمه‌الله : اختلف في أولياء الله ، فقيل : هم قوم ذكرهم الله بماهم عليه من سيماء الخير والاخبات عن ابن عباس ، وقيل : هم المتحابون في الله ذكر ذلك في خبر مرفوع ، وقيل : هم « الذين آمنوا وكانوا يتقون » قد بينهم في الاية التي بعدها ، وقيل : إنهم الذين أدوا فرائض الله ، وأخذوا بسنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتورعوا عن محارم الله ، وزهدوا في عاجل هذه الدنيا ، ورغبوا فيما عندالله واكتسبوا الطيب من رزق الله لمعايشهم ، لايريدون به التفاخر والتكاثر ، ثم أنفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبة ، فاولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا ويثابون على ماقدموا منه لاخرتهم ، وهو المروي عن علي بن الحسين عليهما‌السلام وقيل : هم الذين توالت أفعالهم على موافقة الحق (٣).

وقال رحمه‌الله في قوله تعالى : « الذين إن مكناهم في الارض » أي أعطيناهم ما به يصح الفعل منهم وسلطناهم في الارض ، أدوا الصلاة بحقوقها ، وأعطوا ما افترض الله عليهم من الزكاة « وأمروا بالمعروف » وهو الحق لانه تعرف صحته « ونهوا عن المنكر » وهو الباطل لانه لايمكن معرفة صحته ، ويدل على وجوبهما وقال أبوجعفر عليه‌السلام : نحن هم والله « ولله عاقبة الامور » أي يبطل كل ملك سوى

____________________

(١) الدهر : ٥ ـ ٢٢.

(٢) يونس : ٦٨.

(٣) مجمع البيان ج ٥ ص ١٢٠.

٢٥٧

ملكه ، فتصير الامور إليه بلامانع ولامنازع (١).

وقال في قوله : « إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون » (٢) أي من عذاب ربهم خائفون ، فيفعلون ما أمرهم به ، وينتهون عما نهاهم عنه « والذين هم بآيات ربهم يؤمنون » أي بآيات الله وحججه من القرآن وغيره يصدقون.

أقول : وفي الاخبار أن الايات هم الائمة عليهم‌السلام (٣).

« والذينهم بربهم لايشركون » من الشرك الجلي والخفي « والذين يؤتون ما آتوا » أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة ، أو أعمال البر كلها كما قال علي بن إبراهيم رحمه‌الله : من العبادة والطاعة ، ويؤيده قراءة « يأتون ما أتوا » في الشواذ (٤) « وقلوبهم وجلة » أي خائفة ، قال الحسن : المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، والمنافق جمع إساءة وامتنانا ، وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : خائفة أن لاتقبل منهم ، وفي رواية اخرى يؤتي ما آتى وهو خائف راج ، وقيل : إن في الكلام حذفا وإضمارا ، وتأويله قلوبهم وجلة أن لايقبل منهم ، لعلمهم « أنهم إلى ربهم راجعون » أي لانهم يوقنون بأنهم يرجعون إلى الله تعالى يخافون أن لايقبل منهم ، وإنما يخافون ذلك لانهم لايأمنون التفريط أو يخافون من أن مرجعهم إليه وهو يعلم مايخفى عليهم.

وقال الصادق عليه‌السلام : ما الذي أتوا؟ أتوا والله الطاعة مع المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شك ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في

____________________

(١) مجمع البيان ج ٧ ص ٨٨ ، سورة الحج الاية : ٤١.

(٢) المؤمنون : ٥٧ ومانقله فيما يلى مأخوذ من تفسير مجمع البيان ج ٧ ص ١١٠.

تفسير البيضاوى ص ٢٨٨ ، وغير ذلك.

(٣) راجع ج ٣٣ ص ٢٠٦ ـ ٢١١ ، من هذه الطبعة الحديثة باب أنهم عليهم‌السلام آيات الله وبيناته وكتابه.

(٤) في الشواذ قراءة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعائشة وابن عباس وقتادة والاعمش « يأتون ما أتوا » مقصورا ، كذا في المجمع.

٢٥٨

محبتنا وطاعتنا (١).

« اولئك يسارعون في الخيرات » معناه الذين جمعوا هذه الصفات هم الذين يبادرون إلى الطاعات ويسابقون إليها رغبة منهم فيها ، وعلما منهم بما ينالون بها من حسن الجزاء « وهم لها سابقون » أي وهم لاجل تلك الخيرات سابقون إلى الجنة أوهم إليها سابقون ، قال ابن عباس : يسابقون فيها أمثالهم من أهل البر والتقوى وروى علي بن إبراهيم ، عن الباقر عليه‌السلام قال : هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام لم يسبقه أحد (٢).

« في بيوت » (٣) أي كمشكوة في بعض بيوت أو توقد في بيوت « أذن الله » أي أمر أو قدر « أن ترفع » بالتعظيم « ويذكر فيها اسمه » بالتلاوة والذكر والدعاء ونزول الوحي وبيان الاحكام. عن الصادق عليه‌السلام هي بيوت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) وعن الباقر عليه‌السلام هي بيوت الانبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى ، وروى علي ابن إبراهيم عنه عليه‌السلام هي بيوت الانبياء وبيت علي عليه‌السلام منها « يسبح له فيها بالغدو والاصال » في الفقيه (٥) عن الصادق عليه‌السلام في هذه الاية قال : كانوا أصحاب تجارة فاذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة وهم أعظم أجرا ممن لايتجر ، وفي المجمع عنهما عليهما‌السلام مثله (٦) « يخافون يوما » مع ماهم عليه من الذكر والطاعة « تتقلب فيه القلوب والابصار » تضطرب وتتغير من الهول « ليجزيهم الله أحسن ماعملوا ويزيدهم من فضله » أشياء لم يعدهم على أعمالهم ولاتخطر ببالهم

____________________

(١) الكافى ج ٨ ص ٢٢٩.

(٢) تفسير القمى ص ٤٤٧.

(٣) النور : ٣٦.

(٤) الكافى ج ٨ ص ٣٣١.

(٥) فقيه من لايحضره الفقيه ج ٣ ص ١١٩ ط دارالكتب بالنجف.

(٦) مجمع البيان ج ٧ ص ١٤٤.

٢٥٩

« والله يرزق من يشاء بغير حساب » تقرير للزيادة ، وتنبيه على كمال القدرة ، ونفاذ المشية ، وسعة الاحسان.

« وعباد الرحمن » (١) أي عبيده الخلص الذين عملوا بلوازم العبودية « الذين يمشون على الارض هونا » أي بسكينة وتواضع ، وفي المجمع عن الصادق عليه‌السلام هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لايتكلف ولايتبختر (٢) وروى علي بن إبراهيم عن الباقر عليه‌السلام أنه قال في هذه الاية : الائمة عليهم‌السلام يمشون على الارض هونا خوفا من عدوهم (٣) وعن الكاظم عليه‌السلام أنه سئل عن هذه الاية فقال : هم الائمة يتقون في مشيهم (٤) وعن الباقر عليه‌السلام قال : هم الاوصياء مخافة من عدوهم (٥) « وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما » قيل : أي تسلما منكم ومتاركة لكم لاخير بيننا ولاشر ، أو سدادا من القول يسلمون فيه من الايذاء والاثم « والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما » أي في الصلاة ، وتخصيص البيتوتة لان العبادة بالليل أحمز وأبعد من الرئاء.

« والذين يقولون » إلى قوله « غراما » أي لازما ، ومنه الغريم لملازمته وهو إيذان بأنهم مع حسن مخالفتهم مع الخلق ، واجتهادهم في عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون إلى الله في صرفه عنهم لعدم اعتدادهم بأعمالهم ، ولا وثوقهم على استمرار أحوالهم « إنها ساءت مستقرا ومقاما » الجملتان تحتملان الحكاية والابتداء من الله « والذين إذا أنفقوا » الخ. قال علي بن إبراهيم : الاسراف الانفاق في المعصية في غير حق « ولم يقتروا » لم يبخلوا عن حق الله عزوجل والقوام العدل والانفاق فيما أمرالله به.

____________________

(١) الفرقان : ٦٣.

(٢) مجمع البيان ج ٧ ص ١٧٩.

(٣ و ٤) تفسير القمى ص ٤٦٧.

(٥) الكافى ج ١ ص ٤٢٧.

٢٦٠