بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

٢٨

*(باب)*

*«(الدين الذي لا يقبل الله أعمال العباد إلا به)»*

الآيات البقرة « قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ » (١)

أقول قد مر تفسيرها في الباب الأول (٢).

١ ـ ك‍ ، لي : ابن موسى والوراق معا عن الصوفي عن الروياني عن عبد العظيم الحسني قال : دخلت على سيدي علي بن محمد ع فلما بصر بي قال لي مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقا قال فقلت له يا ابن رسول الله إني أريد أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عز وجل فقال هات يا أبا القاسم فقلت إني أقول إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء خارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور وخالق الأعراض والجواهر ورب كل شيء ومالكه وجاعله ومحدثه وإن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين فلا نبي بعده إلى

______________________

(١) البقرة : ١٣٦ ـ ١٣٧.

(٢) راجع ج ٦٧ ص ٢٠ ـ ٢١.

١

يوم القيامة ، وإن شريعته خاتمة الشرائع ، فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة ، وأقول : إن الامام والخليفة وولي الامر بعده أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي.

فقال عليه‌السلام : ومن بعد الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده ، قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي؟ قال : لانه لايرى شخصه ولايحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، قال : فقلت : أقررت وأقول : إن وليهم ولي الله ، وعدوهم عدوالله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله ، وأقول : إن المعراج حق والمسألة في القبر حق ، وإن الجنة حق ، و النار حق والصراط حق والميزان حق وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور : وأقول : إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة و الصوم والحج والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال علي بن محمد عليهما‌السلام : يا با القاسم ، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة (١).

بيان : حد الابطال هو أن لاتثبت له صفة ، وحد التشبيه أن تثبت له على وجه يتضمن التشبيه بالمخلوقين ، كما مر تحقيقه في كتاب التوحيد.

٢ ـ ما : عن المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفى قال : دخل رجل على أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة ، فقال له أبوجعفر عليه‌السلام : هذه صحيفة مخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل ، فقال : رحمك الله هذا الذي اريد فقال أبوجعفر عليه‌السلام : اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وتقر بما جاء من عندالله ، والولاية لنا أهل البيت ، والبراءة من عدونا ، والتسليم والتواضع والطمأنينة ، وانتظار أمرنا فان

____________________

(١) كمال الدين ط اسلامية ج ٢ ص ٥١ أمالى الصدوق : ٢٠٤.

٢

لنادولة إن شاءالله جاءبها (١).

كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أبان مثله (٢).

بيان : في الكافي « مخاصم سائل » أي مناظر مجادل وما قيل : إنه اسم ، بعيد « اشهد » بصيغة الامر وفي الكافي شهادة « وتقر » أي وأن تقر وعلى ما في الامالى يحتمل الحالية ، وفي الكافي « والتسليم لنا والورع والتواضع » وليس فيه و الطمأنينة ، ولعل المراد بها اطمينان القلب وعدم الاضطراب عند الفتن وبالتواضع التواضع لله ولاوليائه أوالاعم « وانتظار أمرنا » وفي الكافي « قائمنا » وهذا يتضمن الاقرار بوجوده وحياته وظهوره وعدم الشك فيه ، والتسليم لغيبته ، وعدم الاعتراض فيها ، والصبر على ما يلقى من الاذى فيها ، والتمسك بما في يده من آثارهم والرجوع إلى رواة أخبارهم عليهم‌السلام وفي الكافي إذا شاء وهو أظهر.

٣ ـ ما : عن المفيد ، عن الحسين بن أحمد بن أبي المغيرة ، عن حيدر بن محمد عن محمد بن عمر الكشي ، عن جعفر بن أحمد ، عن أيوب بن نوح ، عن نوح بن دراج ، عن إبراهيم المخارقي قال : وصفت لابي عبدالله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ديني فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الله ، وأن عليا إمام عدل بعده ثم الحسن والحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن على ثم أنت ، فقال : رحمك الله. ثم قال : اتقوا الله! اتقوا الله! اتقوا الله! عليكم بالورع ، وصدق الحديث ، وأداء الامانة ، وعفة البطن والفرج : تكونوا معنا في الرفيق الاعلى (٣).

٤ ـ مع : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن حمزة ومحمد ابني حمران قالا : اجتمعنا عند أبي عبدالله عليه‌السلام في جماعة من أجلة مواليه ، وفينا حمران بن أعين فخضنا في المناظرة ، وحمران ساكت ، فقال له

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٨٢.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٢٣ ، وفيه : صحيفة مخاصم يسأل عن الدين.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ : ٢٢٦.

٣

أبوعبدالله عليه‌السلام : مالك لاتتكلم يا حمران؟ فقال : يا سيدى آليت على نفسي (١) أن لا أتكلم في مجلس تكون فيه فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : إني قد أذنت لك في الكلام فتكلم ، فقال حمران : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا خارج من الحدين حد التعطيل وحد التشبيه وأن الحق القول بين القولين ، لاجبر ولاتفويض ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وأشهد أن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث بعد الموت حق وأشهد أن عليا حجة الله على خلقه لايسع الناس جهله ، وأن حسنا بعده ، وأن الحسين من بعده ، ثم على بن الحسين ثم محمد بن علي ثم أنت يا سيدي من بعدهم ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : الترتر حمران [ ثم قال : يا حمران ] مد المطمر بينك وبين العالم ، قلت : يا سيدي وما المطمر؟ فقال : أنتم تسمونه خيط البناء ، فمن خالفك على هذا الامر فهو زنديق فقال حمران : وإن كان علويا فاطميا؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام وإن كان محمديا علويا فاطميا (٢).

بيان : « فخضنا » أي شرعنا ودخلنا ، وفي القاموس : التر بالضم الخيط يقدربه البناء وقال « المطمار » خيط للبناء يقدربه كالمطمر انتهى ، وهذا الخبر ينفي الواسطة بين الايمان والكفر ، فمن لم يكن إماميا صحيح العقيدة فهو كافر.

٥ ـ سن : عن علي بن الحكم ، عن حسين بن سيف ، عن معاذ بن مسلم قال : أدخلت عمر أخي على أبي عبدالله عليه‌السلام فقلت له : هذا عمر أخي وهو يريد أن يسمع منك شيئا فقال له : سل ماشئت ، فقال : أسألك عن الذي لايقبل الله من العباد غيره ولايعذرهم على جهله ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والصلوات الخمس ، وصيام شهر رمضان ، والغسل من الجنابة ، وحج البيت ، والاقرار بماجاء من عندالله جملة ، والايتام بأئمة الحق من آل محمد ، فقال عمر : سمهم لي أصلحك الله ، فقال : علي أميرالمؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد

____________________

(١) أي حكمت عليها وألزمتها.

(٢) معانى الاخبار ص ٢١٢.

٤

ابن علي والخير يعطيه الله من يشاء.

فقال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لاخرنا مايجري لاولنا ، ولمحمد وعلي فضلهما ، قال له : فأنت؟ قال : هذا الامر يجري كما يجري الليل والنهار قال : فأنت؟ قال : هذا الامر يجري كما يجري حد الزاني والسارق ، قال : فأنت جعلت فداك؟ قال : القرآن ، نزل في أقوام وهي تجري في الناس إلى يوم القيامة قال : قلت : جعلت فداك أنت ، لتزيدني على أمر (١).

٦ ـ شى : عن هشام بن عجلان قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أسألك عن شئ لا أسأل عنه أحدا بعدك أسألك عن الايمان الذي لايسع الناس جهله ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، والاقرار بماجاء من عندالله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان والولاية لنا والبراءة من عدونا وتكون مع الصديقين (٢).

بيان : « وتكون مع الصديقين » أي إذا فعلت جميع ذلك تكون الاخرة مع الصديقين كما قال تعالى : « اولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين » (٣) أو المعنى : ومن الايمان الكون معهم ومتابعتهم كما قال تعالى : « وكونوا مع الصادقين » (٤).

٧ ـ كش : عن جعفر بن أحمد بن أيوب ، عن صفوان ، عن عمرو بن حريث ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دخلت عليه وهو في منزل أخيه عبدالله بن محمد فقلت له : جعلت فداك ماحق لك جعلت فداك ما حق لك إلى هذا المنزل ، قال : طلب النزهة ، قال : قلت : جعلت فداك ألا أقص عليك ديني الذي أدين [ الله ] به قال : بلى يا عمرو قلت : إني أدين الله بشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا والولاية لعلي بن أبي طالب

____________________

(١) المحاسن ص ٢٨٨. وفيه : هذا الامر يجرى لاخرنا كما يجرى لاولنا.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ١١٧.

(٣) النساء : ٦٩.

(٤) براءة : ١٢٠.

٥

أميرالمؤمنين بعد رسول الله ، والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي من بعده وأنتم أئمتي ، عليه أحيى وعليه أموت ، وأدين الله به ، قال : يا عمرو! هذا والله ديني ودين آبائي الذي ندين الله به ، في السر و العلانية ، فاتق الله وكف لسانك إلا من خير ، ولاتقل : إني هديت نفسي ، بل هداك الله ، فاشكر ما أنعم الله عليك ، ولاتكن ممن إذا أقبل طعن في عينيه وإذا أدبر طعن في قفاه ، ولا تحمل الناس على كاهلك ، فانه يوشك إن حملت الناس على كاهلك أن يصدعوا شعب كاهلك (١).

كا : عن علي ، عن أبيه ، وأبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار جميعا عن صفوان مثله (٢).

بيان : في القاموس : التنزه التباعد والاسم النزهة بالضم ، ومكان نزه ككتف ونزيه وأرض نزهة بكسر الزاي ونزيهة بعيدة عن الريف ، وغمق المياه ، وذبان القرى وومد البحار وفساد الهواء ، نزه ككرم وضرب نزاهة ونزاهية ، والرحل تباعد عن كل مكروه فهو نزيه ، واستعمال التنزه في الخروج إلى البساتين والخضر والرياض غلط قبيح ، وهو بنزهة من الماء بالضم ببعد (٣).

وأقول : كفى باستعماله عليه‌السلام في هذا المعنى شاهدا على صحته وفصاحته وإن أمكن حمله على بعض المعاني التي ذكرها مع أنهم عليهم‌السلام قد كانوا يتكلمون بعرف المخاطبين ومصطلحاتهم تقريبا إلى أفهامهم وقال في المصباح : قال ابن السكيت في فصل ماتضعه العامة في غير موضعه خرجنا نتنزه إذا خرجوا إلى البساتين ، وإنما

____________________

(١) رجال الكشى ص ٣٥٦.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٢٣. مع اختلاف يسير.

(٣) القاموس ج ٤ : ٢٩٤. والريف : أرض فيها زرع وخصب ، وقيل : حيث تكون الخضر والمياه ، وغمق البحار : نداه يعنى رطوبة الهواء ، وذبان جمع ذباب وهى في القرى لقذارة أرضها وهوائها أكثر منها في المدن ، وومد البحار : نداها في صميم الحر تقع على الناس ليلا.

٦

التنزه التباعد من المياه والارياف وقال ابن قتيبة : ذهب أهل العلم في قول الناس خرجوا يتنزهون إلى البساتين أنه غلط ، وهو عندي ليس بغلط لان البساتين في كل بلد إنما تكون خارج البلد ، فاذا أراد أحد أن يأتيها فقد أراد البعد عن المنازل والبيوت ، ثم كثر هذا حتى استعملت النزهة في الخضر والجنان.

قوله « أدين به » في الكافي : « أدين الله به » أي أعبدالله واطيعه بتلك العقائد والاعمال ، وفي الكافي « لمحمد بن علي ولك من بعده وأنك أئمتي » قوله عليه‌السلام : « في السر والعلانية » أي بالقلب واللسان والجوارح ، أوفي الخلوة والمجامع مع عدم التقية « وكف لسانك » تخصيص كف اللسان بالذكر بعد الامر بالتقوى مطلقا لكون أكثر الشرور منه ، وفيه إشعار بالتقية أيضا « ولا تقل إني هديت نفسي » أي لاتفسد دينك بالعجب ، واعلم أن الهداية من الله كما قال تعالى « قل لاتمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان » (١) وفي الكافي « بل الله هداك فأدشكر ما أنعم الله عزوجل به عليك » « ولا تكن ممن إذا أقبل » أي كن من الاخيار ليمدحك الناس في وجهك وقفاك ولاتكن من الاشرار الذين يذمهم الناس في حضورهم وغيبتهم ، أو أمر بالتقية من المخالفين ، أو بحسن المعاشرة مطلقا « ولا تحمل الناس على كاهلك » أي لاتسلط الناس على نفسك بترك التقية ، أولا تحملهم على نفسك بكثرة المداهنة والمداراة معهم ، بحيث تتضرر بذلك ، كأن يضمن لهم أو يتحمل عنهم ما لايطيق أو يطمعهم في أن يحكم بخلاف الحق أو يوافقهم فيما لايحل ، و هذا أفيد وإن كان الاول أظهر ، في القاموس : الكاهل كصاحب الحارك أو مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق ، وهو الثلث الاعلى وفيه ست فقر ، أو ما بين الكتفين أو موصل العنق في الصلب ، وقال : الصدع الشق في شئ صلب ، وقال : الشعب بالتحريك بعد مابين المنكبين.

٨ ـ كش : عن جعفر بن أحمد ، عن جعفر بن بشير ، عن أبي سلمة الجمال قال : دخل خالد البجلي على أبي عبدالله عليه‌السلام وأنا عنده فقال له : جعلت فداك إني

____________________

(١) الحجرات : ١٨.

٧

اريد أن أصف لك ديني الذي أدين الله به ، وقد قال له قبل ذلك : إني اريد أن أسألك ، فقال له : سلني ، فوالله لاتسألني عن شئ إلا حدثتك به على حده لا أكتمه ، قال : إن أول ما أبدي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، ليس إله غيره ، قال : فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : كذلك ربنا ليس معه إله غيره ، ثم قال : وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، قال : فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : كذلك محمد عبدالله مقر له بالعبودية ورسوله إلى خلقه ، ثم قال : وأشهد أن عليا كان له من الطاعة المفروضة على العباد مثل ما كان لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على الناس ، فقال : كذلك كان على عليه‌السلام ، قال : وأشهد أنه كان للحسن بن علي عليه‌السلام من الطاعة الواجبة على الخلق مثل ما كان لمحمد وعلى صلوات الله عليهما ، قال : فقال : كذلك كان الحسن قال : وأشهد أنه كان للحسين من الطاعة الواجبة على الخلق بعد الحسن ما كان لمحمد وعلي والحسن ، قال : فكذلك كان الحسين ، قال : وأشهد أن علي بن لحسين كان له من الطاعة الواجبة على جميع الخلق كما كان للحسين عليه‌السلام قال : فكذلك كان علي بن الحسين ، قال : وأشهد أن محمد بن علي عليه‌السلام كان له من الطاعة الواجبة على الخلق مثل ما كان لعلي بن الحسين ، قال : فقال : كذلك كان محمد بن علي قال : وأشهد أنك أورثك الله ذلك كله ، قال : فقال أبوعبدالله : حسبك اسكت الان ، فقد قلت حقا ، فسكت. فحمدالله وأثنى عليه ، ثم قال : ما بعث الله نبيا له عقب وذرية إلا أجرى لاخرهم مثل ما أجرى لاولهم ، وإنا نحن ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أجرى لاخرنا مثل ما أجرى لاولنا ، ونحن على منهاج نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله لنا مثل ماله من الطاعة الواجبة (١).

٩ ـ كش : عن جعفر بن أحمد بن الحسين ، عن داود ، عن يوسف قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أصف لك ديني الذي أدين الله به؟ فان أكن على حق فثبتني وإن أكن على غير الحق فردني إلى الحق قال : هات ، قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا كان إمامي

____________________

(١) رجال الكشى ص ٣٥٩.

٨

وأن الحسن كان إمامي ، وأن الحسين كان إمامي ، وأن علي بن الحسين كان إمامي ، وأن محمد بن علي كان إمامي ، وأنت جعلت فداك على منهاج آبائك قال : فقال عند ذلك مرارا : رحمك الله ثم قال : هذا والله دين الله ودين ملائكته وديني ودين آبائي الذي لايقبل الله غيره (١).

١٠ ـ كش : عن جعفر وفضالة ، عن أبان ، عن الحسن بن زياد العطار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : إني اريد أن اعرض عليك ديني وإن كنت في حسناتي ممن قد فرغ من هذا ، قال : فآته ، قال : قلت : إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله واقر بما جاء به من عندالله فقال لي مثل ما قلت ، وأن عليا إمامي فرض الله طاعته ، من عرفه كان مؤمنا ومن جهله كان ضالا ، ومن رد عليه كان كافرا. ثم وصفت الائمة عليهم‌السلام حتى انتهيت إليه فقال : ما الذي تريد؟ أتريد أن أتولاك على هذا؟ فاني أتولاك على هذا (٢)

بيان : « وإن كنت في حسناتي » أي بسبب أفعالي الحسنة ومتابعتي إياكم فيها واطميناني بها محسوبا ممن فرغ من تصحيح اصول عقائده ، وفرغ منها ، و الظاهر أنه كان « حسباني » أي ظني.

١١ ـ كتاب صفات الشيعة : للصدوق رحمه‌الله باسناده ، عن محمد بن عمارة عن أبيه قال قال الصادق عليه‌السلام : ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء : المعراج ، و المسألة في القبر ، وخلق الجنة والنار ، والشفاعة.

وعن ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل ، عن الرضا عليه‌السلام قال من أقر بتوحيد الله ونفي التشبيه عنه ، ونزهه عما لايليق به ، وأقر أن له الحول والقوة والارادة والمشية ، والخلق والامر ، والقضاء والقدر ، وأن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لاخلق تكوين ، وشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن عليا والائمة بعده حجج الله ، ووالى أولياءهم وعادى أعداءهم واجتنب الكبائر ، وأقر بالرجعة

____________________

(١) رجال الكشى ص ٣٦٠.

(٢) رجال الكشى ص ٣٦١ وفيه في حسباني :.

٩

والمتعتين ، وآمن بالمعراج ، والمسألة في القبر ، والحوض والشفاعة ، وخلق الجنة والنار ، والصراط والميزان ، والبعث والنشور ، والجزاء والحساب ، فهو مؤمن حقا ، وهو من شيعتنا أهل البيت (١).

١٢ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن محمد بن عبدالرحمان بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إنكم لاتكونون صالحين حتى تعرفوا ، ولاتعرفون حتى تصدقوا ، ولاتصدقون حتى تسلموا أبوابا أربعة لايصلح أولها إلا بآخرها ، ضل أصحاب الثلاثة ، وتاهوا فيها بعيدا إن الله تبارك وتعالى لايقبل إلا العمل الصالح ولايتقبل إلا بالوفاء بالشروط والعهود ومن وفى لله بشروطه ، واستكمل ما وصف في عهده ، نال مما عنده ، واستكمل وعده ، إن الله عزوجل أخبر العباد بطرق الهدى ، وشرع لهم فيها المنار ، و أخبرهم كيف يسلكون ، فقال : « وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى » وقال : « إنما يتقبل الله من المتقين » (٢) فمن اتقى عزوجل فيما أمره لقي الله عزوجل مؤمنا بما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا فظنوا أنهم آمنوا وأشركوا من حيث لايعلمون ، إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى ، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله ، وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الاقرار بما نزل من عندالله « خذوا زينتكم عند كل مسجد » (٣) والتمسوا البيوت التي « أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه » فانه قد خبركم أنهم « رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكرالله ـ عز وجل ـ وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار » (٤).

إن الله قد استخلص الرسل لامره ، ثم استخلصهم مصدقين لذلك في نذره

____________________

(١) صفات الشيعة ص ١٨٩.

(٢) طه : ٨٢ ، والمائدة : ٣٧ على الترتيب.

(٣) الاعراف : ٣١.

(٤) النور : ٣٦ و ٣٧

١٠

فقال « وإن من امة إلا خلافيها نذير » (١) تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل إن الله عزوجل يقول : « فانها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور » (٢) وكيف يهتدي من لم يبصر ، وكيف يبصر من لم ينذر. اتبعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقروا بما أنزل الله عزوجل ، واتبعوا آثار الهدى فانها علامات الامانة والتقى ، واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن ، اقتصوا الطريق بالتماس المنار ، والتمسوا من وراء الحجب الاثار تستكملوا أمر دينكم ، وتؤمنوا بالله ربكم (٣).

بيان : قد مضى الخبر في كتاب الامامة (٤) وشرحناه هناك ونوضح هنا بعض التوضيح « حتى تعرفوا » قيل أي إمام الزمان « حتى تصدقوا » أي الامام وتعده صادقا فيما يقول : « حتى تسلموا أبوابا أربعة » قد مضى الكلام في الابواب مفصلا وقال المحدث الاسترابادي رحمه‌الله : إشارة إلى الاقرار بالله ، والاقرار برسوله والاقراربماجاء به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والاقراربتراجمة ماجاءبه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله. والتيه التحير والذهاب عن الطريق القصد ، يقال : تاه في الارض إذا ذهب متحيرا كما في القاموس : « إن الله أخبر العباد » تفصيل لما أجمل عليه‌السلام سابقا وبيان للابواب و الشروط والعهود المذكورة « والمنار » جمع منارة على غير قياس يعني موضع النور ومحله.

وقيل : كنى بالمنار عن الائمة فانها صيغة جمع على ما صرح به ابن الاثير في نهايته ، وبتقوى الله فيما أمره عن الاهتداء إلى الامام والاقتداء به ، وباتيان أبوابها عن الدخول في المعرفة من جهة الامام عليه‌السلام انتهى.

« واستكمل وعده » أي استحق وعده كاملا كما قال تعالى « أوفوا بعهدي » « اوف بعهدكم » (٥) « مات قوم » فيما مضى « فات قوم » وهو أظهر أي فاتوا عنا ، ولم ـ

____________________

(١) فاطر ٢٨

(٢) الحج : ٤٦.

(٣) الكافى ج ٢ : ٤٨.

(٤) مضى شطر منه في ج ٢٣ ص ٩٦ من هذه الطبعة.

(٥) البقرة : ٤٠.

١١

يبايعونا أو ماتوا فالثاني تأكيد « من أتى البيوت » أي بيوت الايمان والعلم والحكمة « من أبوابها » وهم الائمة إشارة إلى تأويل قوله تعالى « وأتوا البيوت من أبوابها » (١).

« وصل الله » إشارة إلى قوله تعالى « وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » (٢) وقوله : « أطيعوا الله ورسوله » (٣) وقوله « ومن يطع الرسول فقد أطاع الله » (٤) « خذوا زينتكم » إما بيان لما نزل ، أو استيناف ، وأول عليه‌السلام الزينة بمعرفة الامام والمسجد بمطلق العبادة ، والبيوت ببيوت أهل العصمة سلام الله عليهم ، والرجال بهم عليهم‌السلام والمراد بعدم إلهائهم التجارة والبيع عن ذكرالله أنهم يجمعون بين ذين وذاك لا أنهم يتركونهما رأسا كما ورد النص عليه في خبر آخر.

قوله عليه‌السلام : « ثم استخلصهم » الضمير راجع إلى ولاة الامر ، و « ذلك » إشارة إلى الامر ، أي استخلص واصطفى الاوصياء حال كونهم مصدقين لامر الرسالة في النذر ، وهم الرسل فقوله « في نذره » متعلق بقوله : « مصدقين » ويحتمل أن يكون « في نذره » أيضا حالا أي حال كونهم مندرجين في النذر ، ويمكن أن يكون ضمير استخلصهم راجعا إلى الرسل أي ثم بعد إرسال الرسل ، استخلصهم وأمرهم بأن يصدقوا أمر الخلافة في النذر بعدهم ، وهم الاوصياء عليهم‌السلام وقيل : « ثم » للتراخي في الرتبة ، دون الزمان ، يعني وقع ذلك الاستخلاص لهم حال كونهم مصدقين لذلك الاستخلاص في سائر نذره أيضا بمعنى تصديق كل منهم لذلك في الباقين واستشهد على استمرارهم في الانذار بقوله تعالى « وإن من امة إلا خلافيها نذير » ثم بين وجوب النذير ووجوب معرفته بتوقف الاهتداء على الابصار ، وتوقف الابصار على الانذار ، وتوقف الانذار على وجوب النذير ومعرفته ، وأشار بآثار الهدى إلى الائمة عليهم‌السلام.

وفي بعض النسخ « ابتغوا آثار الهدى » بتقديم الموحدة على المثناة والغين المعجمة ونبه بقوله « لو أنكر رجل عيسى عليه‌السلام » على وجوب الايمان بهم جميعا من غير تخلف

____________________

(١) البقرة : ١٨٢.

(٢) النساء : ٥٩.

(٣) الانفال : ٢٠.

(٤) النساء. ٨٠.

١٢

عن أحد منهم ، ثم كرر الوصية بالاقتداء بهم معللا بأنهم منار طريق الله ، وأمر بالتماس آثارهم إن لم يتيسر الوصول إليهم.

١٣ ـ محص : عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال الله عزوجل افترضت على عبادي عشرة فرائض إذا عرفوها أسكنتهم ملكوتي ، وأبحتهم جناني أولها معرفتي ، والثانية معرفة رسولي إلى خلقي والاقرار به والتصديق له ، والثالثة معرفة أوليائي وأنهم الحجج على خلقي ، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني ، وهم العلم فيما بيني وبين خلقي ، ومن أنكرهم أصليته ناري ، وضاعفت عليه عذابي ، والرابعة معرفة الاشخاص الذين اقيموا من ضياء قدسي ، وهم قوام قسطي ، والخامسة معرفة القوام بفضلهم والتصديق لهم ، والسادسة معرفة عدوي إبليس وما كان من ذاته وأعوانه ، والسابعة قبول أمري والتصديق لرسلي ، والثامنة كتمان سري وسر أوليائي ، والتاسعة تعظيم أهل صفوتي والقبول عنهم ، والرد إليهم فيما اختلفتم فيه ، حتى يخرج الشرح منهم ، والعاشرة أن يكون هو وأخوه في الدين والدنيا شرعا سواء ، فاذا كانوا كذلك أدخلتهم ملكوتي ، وآمنتهم من الفزع الاكبر وكانوا عندي في عليين.

بيان : كأن الفرق بين الثالثة والرابعة أن الاولى في الحجج الموجودين وقت الخطاب كعلي والسبطين عليهم‌السلام والثانية في الائمة بعدهم ، أو الاولى في سائر الانبياء والاوصياء ، والثانية في أئمتنا عليهم‌السلام.

١٤ ـ دعوات الراوندى : عن أبي الجارود قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : إني امرؤ ضرير البصر ، كبير السن ، والشقة فيما بيني وبينكم بيعدة ، وأنا اريد أمرا أدين الله به وأحتج به وأتمسك به ، وابلغه من خلفت ، قال : فأعجب بقولي واستوى جالسا فقال : كيف قلت يا أبا الجارود؟ رد علي ، قال : فرددت عليه ، فقال : نعم يا أبا الجارود : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت

١٣

وولاية ولينا وعداوة عدونا ، والتسليم لامرنا ، وانتظار قائمنا ، والورع والاجتهاد.

١٥ ـ كا : بإسناده عن أبي الجارود قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : يا ابن رسول الله هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاتي إياكم؟ قال : فقال : نعم ، قال : فقلت : فاني أسألك مسألة تجيبني فيها فاني مكفوف البصر ، قليل المشي لا أستطيع زيارتكم كل حين ، قال : هات حاجتك! قلت : أخبرني بدينك الذي تدين الله عزوجل به أنت وأهل بيتك ، لادين الله عزوجل به ، قال : إن كنت أقصرت الخطبة ، فقد أعظمت المسألة ، والله لاعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عزوجل به : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والاقرار بماجاء من عندالله ، والولاية لوينا ، والبراءة من عدونا والتسليم لامرنا وانتظار قائمنا ، والاجتهاد والورع (١).

بيان : « أقصرت الخطبة » الظاهر أن الخطبة بضم الخاء أي ما يتقدم من الكلام المناسب قبل إظهار المطلوب ، وكأنه عليه‌السلام عد خطبته قصيرة مع طولها إعظاما للمسألة وإيذانا بأن هذا المقصود الجليل يستدعي أطول من ذلك من الخطبة وقيل : إقصاره إياها اكتفاؤه بالاستفهام من غير بيان وإعلام ، ومنهم من قرأ الخطبة بالكسر مستعارة من خطبة النساء وهو تكلف قال في النهاية في الحديث إن أعرابيا جاءه فقال : علمني عملا يدخلني الجنة ، فقال : لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أي جئت بالخطبة قصيرة وبالمسألة عريضة ، يعني قللت الخطبة وأعظمت المسألة.

« والتسليم لامرنا » أي الرضا قلبا بما يصدر عنهم قولا وفعلا من اختيارهم المهادنة أو القتال أو الظهور أو الغيبة وسائر مايصدر عنهم مما تعجز العقول عن إدراكه ، والافهام عن استنباط علته كما قال تعالى : « فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما » (٢)

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٢١.

(٢) النساء : ٦٥.

١٤

والاجتهاد بذل الجهد في الطاعات ، والورع الاجتناب عن المعاصي ، بل الشبهات والمكروهات.

١٦ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعته يسأل أبا عبدالله عليه‌السلام فقال له : جعلت فداك أخبرني عن الدين الذي افترض الله عزوجل على العباد مالايسعهم جهله ، ولا يقبل منهم غيره ماهو؟ فقال : أعد علي فأعاد عليه ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا ، وصوم شهر رمضان ، ثم سكت قليلا ثم قال : والولاية مرتين ثم قال : هذا الذي فرض الله عزوجل على العباد لايسأل الرب العباد يوم القيامة فيقول : ألا زدتني على ما افترضت عليكم ، ولكن من زاد زاده الله ، إن رسول الله سن سننا حسنة جميلة ينبغي للناس الاخذ بها (١).

توضيح : قوله « مالا يسعهم » عطف بيان للدين أو مبتدأ و « ماهو » خبره قوله « أعد علي » كأن الامر بالاعادة لسماع الحاضرين وإقبالهم إليه ، أولاظهار حسن الكلام والتلذذ بسماعه ، وكأنه يدخل في شهادة التوحيد ما يتعلق بمعرفة الله من صفات ذاته وصفات فعله ، وفي شهادة الرسالة ما يتعلق بمعرفة الانبياء وصفاتهم ، و كذا الاقرار بالمعاد داخل في الاولى أو في الثانية ، لاخبار النبي بذلك ، و « إقام الصلاة » حذفت التاء للاختصار ، وقيل المراد باقامتها إدامتها ، وقيل : فعلها على ماينبغي ، وقيل : فعلها في أفضل أوقاتها ، وقيل : جاء على عرف القرآن في التعبير من فعل الصلاة بلفظ الاقامة دون أخواتها ، وذلك لما اختصت به من كثرة ما يتوقف عليه من الشرايط والفرائض والسنن والفضائل ، وإقامتها إدامة فعلها مستوفاة جميع ذلك.

أقول : ويمكن أن تكون ذكر الاقامة لتشبيه الصلاة من الايمان بمنزلة العمود من الفسطاط ، كما ورد في الخبر ، وإنما لم يذكر الجهاد لانه لايجب

____________________

(١) الكافى ج ٢ : ٢٢.

١٥

إلا مع الامام ، فهو تابع للولاية مندرج تحتها ، أو لعدم تحقق شرط وجوبه في ذلك الزمان ، قوله : « مرتين » أي كرر الولاية تأكيدا. قوله عليه‌السلام : « هذا الذي فرض الله على العباد » أي علم فرضها ضرورة من الدين « فيقول ألا زدتني » ألا بالتشديد حرف تحضيض وإذا دخل على الماضي يكون للتعيير والتنديم ، وكأن المعنى أنه لايسأل عن شئ سوى هذه من جنسها ، كما أنه من أتى بالصلوات الخمس لايسأل الله عن النوافل ، ومن أتى بالزكاة الواجبة لايسأل عن الصدقات المستحبة وهكذا.

٢٩

*(باب)*

*«أدنى مايكون به العبد مؤمنا وأدنى مايخرجه عنه» *

١ ـ مع : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن جعفر الكناسي قال : قلت لابي ـ عبدالله عليه‌السلام : ما أدنى مايكون به العبد مؤمنا؟ قال : يشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا عبده ورسوله ، ويقر بالطاعة ، ويعرف إمام زمانه ، فاذا فعل ذلك فهو مؤمن (١).

٢ ـ مع : بالاسناد المتقدم ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن ابن مسكان ، عن أبي الربيع قال : قلت : ما أدنى مايخرج به الرجل من الايمان؟ قال القرأي يراه مخالفا للحق فيقيم عليه (٢).

بيان : « الرأي يراه » أي في اصول الدين أو الاعم عمدا أو الاعم مع تقصير وعلى كل تقدير يحمل الايمان على معنى من المعاني المتقدمة.

٣ ـ كتاب سليم بن قيس : قال أتى أميرالمؤمنين عليه‌السلام رجل فقال له : يا أميرالمؤمنين ما أدنى مايكون به الرجل مؤمنا؟ وأدنى مايكون به كافرا؟ و

____________________

(١ و ٢) معانى الاخبار : ٣٩٣.

١٦

وأدنى مايكون به ضالا قال : سألت فاسمع الجواب ، أدنى مايكون به مؤمنا أن يعرفه الله نفسه فيقر له بالربوبية والوحدانية ، وأن يعرفه نبيه فيقر له بالنبوة وبالبلاغة ، وأن يعرفه حجته في أرضه وشاهده على خلقه فيقر له بالطاعة ، قال : يا أميرالمؤمنين وإن جهل جميع الاشياء غير ما وصفت؟ قال : نعم ، إذا أمر أطاع وإذا نهى انتهى ، وأدنى ما يكون به كافرا أن يتدين بشئ فيزعم أن الله أمره به ما نهى الله عنه ، ثم ينصبه فيتبرأ ويتولى ، ويزعم أنه يعبدالله الذي أمره به (١) وأدنى مايكون به ضالا أن لايعرف حجة الله في أرضه وشاهده على خلقه ، الذي أمرالله بطاعته وفرض ولايته ، قال : يا أميرالمؤمنين سمهم لي ، قال : الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه. فقال : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » (٢) قال : أوضحهم لي ، قال : الذين قال رسول الله في آخر خطبة خطبها ثم قبض من يومه إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وأهل بيتي فان اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين إصبعي ، فتمسكوا بهما لاتضلوا ، ولاتقدموهم فتهلكوا ، ولاتخلفوا عنهم فتفرقوا ولاتعلموهم فهم أعلم منكم (٣).

كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم مثله (٤) بأدنى تغيير.

____________________

(١) زاد في الكافى بعده : وانما يعبد الشيطان.

(٢) النساء : ٥٩.

(٣) كتاب سليم : ٨٦.

(٤) الكافى ج ٢ ص ٤١٤.

١٧

٣٠

*(باب)*

*«ان العمل جزء الايمان ، وأن الايمان مبثوث على الجوارح»*

الايات : البقرة : وما كان الله ليضيع إيمانكم وقال تعالى : ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر و الملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى إلى قوله : اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون (١).

آل عمران : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين (٢).

فاطر : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (٣).

تفسير : « وما كان الله ليضيع إيمانكم » أي صلاتكم كما سيأتي واستدل به على أن العمل جزء الايمان ، وقال البيضاوي : أي ثباتكم على الايمان وقيل : إيمانكم بالقبلة المنسوخة أو صلاتكم إليها ، لما روي أنه عليه‌السلام لما وجه إلى الكعبة قالوا : كيف بمن مات يا رسول الله قبل التحويل من إخواننا؟ فنزلت (٤) « ولكن البر من آمن » أي بر من آمن ، أو المراد بالبر البار ، ومقابلة الايمان بالاعمال تدل على المغايرة ، وآخرها حيث قال : « اولئك الذين صدقوا » أي في دعوى الايمان أو فيما التزموه وتمسكوا به ، يومئ إلى الجزئية أو الاشتراط ، والايات الدالة على الطرفين كثيرة مفرقة على الابواب وسنتكلم عليها إنشاءالله. وقوله

____________________

(١) البقرة : ١٤٣ و ١٧٦.

(٢) آل عمران : ٩٧.

(٣) فاطر : ١٠.

(٤) تفسير البيضاوى ص ٤٤.

١٨

سبحانه « ومن كفر » يدل على دخول الاعمال في الايمان ، حيث عد ترك الحج كفرا ، وإن أوله بعضهم بحمله على جحد فرض الحج أو حمل الكفر على كفران النعمة ، فان ترك المأمور به كفران لنعمة الامر.

« إليه يصعد الكلم الطيب » قيل : المراد به العقائد الحقة ، وقيل : كلمة التوحيد وقيل : كل قول حسن ، والصعود كناية عن القبول من صاحبه والاثابة عليه « والعمل الصالح يرفعه » يحتمل وجهين أحدهما إرجاع المرفوع إلى العمل ، والمنصوب إلى الكلم أي العمل الصالح يوجب رفع العقائد وصحتها أو كمالها وقبولها ، و ثانيهما العكس أي العقائد الحقه شرائط لصحة الاعمال ، وعلى الوجه الاول يناسب الباب ، وقد يقال : المرفوع راجع إلى الله والمنصوب إلى العمل.

١ ـ كنز الكراجكى : عن أحمد بن محمد بن شاذان ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن زياد ، عن المفضل بن عمر ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ملعون ملعون من قال : الايمان قول بلاعمل.

٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد ابن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قيل لاميرالمؤمنين : من شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مؤمنا؟ قال : فأين فرائض الله قال : وسمعته يقول : كان على عليه‌السلام يقول : لو كان الايمان كلاما لم ينزل فيه صوم ولاصلاة ولا حلال ولا حرام ، قال : وقلت لابي جعفر عليه‌السلام : إن عندنا قوما يقولون : إذا شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو مؤمن ، قال : فلم يضربون الحدود؟ ولم يقطع أيديهم؟ وما خلق الله عزوجل خلقا أكرم على الله عزوجل من مؤمن لان الملائكة خدام المؤمنين ، وإن جوار الله للمؤمنين ، وإن الجنة للمؤمنين وإن الحوار العين للمؤمنين ، ثم قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافرا (١)

بيان : قوله عليه‌السلام « فأين فرائض الله » أقول حاصله أن الايمان الذي هو سبب لرفع الدرجات ، والتخلص من العقوبات في الدنيا والاخرة ، ليس محض العقائد

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٣.

١٩

وإلا لم يفرض الله الفرائض ، ولم يتوعد على المعاصي ، وأيضا ماورد في الايات و الاخبار من كرامة المؤمنين ، ودرجاتهم ومنازلهم ، ينافي إجراء الحدود عليهم ، و إذلالهم وإهانتهم ، فلابد من خروجهم عن الايمان حين استحقاقهم تلك العقوبات قوله « فما بال من جحد » لعل المعنى أنه لو كان الايمان محض التكلم بالشهادتين أو الاعتقاد بهما كما تزعمون ، لم يكن جحد الفرائض موجبا للكفر ، مع أنكم توافقوننا في ذلك ، لورود الاخبار فيه ، فلم لاتقولون بعدم إيمان تاركي الفرائض و مرتكبي الكبائر أيضا مع ورود الاخبار الكثيرة فيها أيضا ، وقيل : المراد بجحد الفرائض تركها عمدا من غير عذر ، فانه يؤذن بالاستخفاف والجحد.

قال الشهيد الثاني رفع الله درجته في بيان حقيقة الكفر : عرفه جماعة بأنه عدم الايمان عما من شأنه أن يكون مؤمنا ، سواء كان ذلك العدم بضد أولا بضد فبالضد كأن يعتقد عدم الاصول التي بمعرفتها يتحقق الايمان ، أو عدم شئ منها وبغير الضد كالخالي من الاعتقادين أي اعتقاد ما به يتحقق الايمان ، واعتقاد عدمه ، وذلك كالشاك أو الخالي بالكلية كالذي لم يقرع سمعه شئ من الامور التي يتحقق الايمان بها ، ويمكن إدخال الشاك في القسم الاول إذ الضد يخطر بباله ، وإلا لما صار شاكا.

واعترض عليه بأن الكفر قد يتحقق مع التصديق بالاصول المعتبرة في الايمان كما إذا ألقى إنسان المصحف في القاذورات عامدا أو وطئه كذلك ، أو ترك الاقرار باللسان جحدا وحينئذ فينتقض حد الايمان منعا وحد الكفر جمعا.

واجيب تارة بأنا لا نسلم بقاء الصديق لفاعل ذلك. ولو سلمنا يجوز أن يكون الشارع جعل وقوع شئ من ذلك علامة وأمارة على تكذيب فاعل ذلك ، و عدم تصديقه ، فيحكم بكفره عند صدور ذلك منه ، وهذا كما جعل الاقرار باللسان علامة على الحكم بالايمان ، مع أنه قد يكون كافرا في نفس الامر ، وتارة بأنه يجوز أن يكون الشارع حكم بكفره ظاهرا عند صدور شئ من ذلك حسما لمادة جرأة المكلفين على انتهاك حرماته ، وتعدي حدوده ، وإن كان التصديق في نفس

٢٠