مرآة العقول - ج ٢٠

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٠

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٤

حتى يعرف منه التوبة.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عز وجل : « الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً » (١) قال هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشهورين بالزنا فنهى الله عز وجل عن أولئك الرجال والنساء والناس اليوم على تلك المنزلة من شهر شيئا من ذلك أو أقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها أنها كانت زنت قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عليها ، وتعتبر توبتها بأن يدعوها إلى مثل ما كان منه ، فإن أجابت امتنع من العقد عليها وإن امتنعت عرف بذلك توبتها ، وتبعه ابن البراج وعد أبو الصلاح في المحرمات الزانية حتى يتوب وأطلق.

قوله عليه‌السلام : « لم ينبغ » استدل به على الكراهة ، وأورد عليه بأن لفظ لم ينبغ وإن كان ظاهرا في الكراهة ، لكن قوله تعالى : « وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » صريح في التحريم ، فيجب حمل لم ينبغ عليه ، ويمكن دفعه مع الصراحة ، وأن المشار إليه بذلك يحتمل كونه الزنا لا النكاح ، سلمنا أنه النكاح لكنه إنما يدل على تحريم نكاح المشهورة بالزنا ، كما تضمنته الرواية لا المطلق ، وبالجملة المسألة محل إشكال والاحتياط ظاهر.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : صحيح.

ويدل على جواز الفسخ بالزنا ، والمشهور ، أن المرأة لا ترد بالزنا ، وإن حدث فيه.

وقال الصدوق في المقنع : إذا زنت المرأة قبل دخول الزوج بها كان له ردها بذلك. وقال المفيد : ترد المحدودة في الفجور. وبه قال سلار وابن البراج وابن

__________________

(١) سورة النور : ٢.

٦١

إن شاء زوجها أن يأخذ الصداق من الذي زوجها ولها الصداق بما استحل من فرجها وإن شاء تركها.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سمعته يقول لا خير في ولد الزنا ولا في بشره ولا في شعره ولا في لحمه ولا في دمه ولا في شيء منه عجزت عنه السفينة وقد حمل فيها الكلب والخنزير.

٦ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان ، عن حكم بن حكيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عز وجل : « وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ » قال إنما ذلك في الجهر ثم قال لو أن إنسانا زنى ثم تاب تزوج حيث شاء.

( باب )

( الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يحل له أن يتزوج امرأة كان يفجر بها فقال إن آنس منها رشدا فنعم وإلا فليراودنها على الحرام فإن تابعته فهي عليه حرام وإن أبت فليتزوجها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجنيد وأبو الصلاح.

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : موثق.

قوله عليه‌السلام : « في الجهر » أي إذا كان مجاهرا بالزنا مشهورا بذلك.

باب الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها

الحديث الأول : موثق. وقد تقدم القول فيه في الباب السابق.

٦٢

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أيما رجل فجر بامرأة ثم بدا له أن يتزوجها حلالا قال أوله سفاح وآخره نكاح ومثله مثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها حراما ثم اشتراها بعد فكانت له حلالا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن رجل فجر بامرأة ثم بدا له أن يتزوجها فقال حلال أوله سفاح وآخره نكاح أوله حرام وآخره حلال.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن بعض أصحابنا ، عن عثمان بن عيسى ، عن إسحاق بن جرير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها هل يحل له ذلك قال نعم إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوجها وإنما يجوز له أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها.

( باب )

( نكاح الذمية )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : مرسل.

ويدل على اعتبار العدة من ماء الزنا وهو أحوط وإن لم يذكره الأكثر.

باب نكاح الذمية

الحديث الأول : صحيح.

وظاهره جواز تزويج الكتابية بالشرط المذكور مع الكراهة ، وأجمع علماؤنا كافة على أنه لا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية من أصناف الكفار ، واختلفوا

٦٣

وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية قال إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية فقلت له يكون له فيها الهوى فقال إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير واعلم أن عليه في دينه غضاضة.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة بن أعين قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال لا يصلح للمسلم أن ينكح يهودية ولا نصرانية وإنما يحل له منهن نكاح البله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الكتابية على أقوال :

الأول ـ التحريم مطلقا ، اختاره المرتضى والشيخ في أحد قوليه ، وهو أحد قولي المفيد وقواه ابن إدريس.

الثاني ـ جواز متعة اليهود والنصارى اختيارا ، والدوام اضطرارا ، ذهب إليه الشيخ في النهاية وابن حمزة وابن البراج.

الثالث ـ عدم جواز العقد بحال ، وجواز ملك اليمن ، وهو أحد أقوال الشيخ.

الرابع ـ جواز المتعة وملك اليمن لليهودية والنصرانية ، وتحريم الدوام وهو اختيار أبو الصلاح وسلار وأكثر المتأخرين.

الخامس ـ تحريم نكاحهن مطلقا اختيارا ، وتجويزه مطلقا اضطرارا ، وتجويز ملك اليمن ، اختاره ابن الجنيد.

السادس ـ التجويز مطلقا ، وهو اختيار ابن بابويه ، وابن أبي عقيل ، ويدل عليه قوله تعالى : « وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ » (١) وقوله تعالى « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ » (٢) وقال السيد (ره) في شرح النافع : ودعوى نسخها بقوله تعالى « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ » (٣) لم يثبت ، فإن النسخ لا يثبت بخبر الواحد خصوصا مع معارضته لما هو أصح منه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة النساء الآية ـ ٢٤.

(٢) سورة المائدة ـ الآية ـ ٥.

(٣) سورة الممتحنة ـ الآية ـ ١٠.

٦٤

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام أيتزوج المجوسية قال لا ولكن إن كانت له أمة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لا يتزوج اليهودية ولا النصرانية على المسلمة.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن اليهودية والنصرانية أيتزوجها الرجل على المسلمة قال لا ويتزوج المسلمة على اليهودية والنصرانية.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن جهم قال قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : صحيح.

ويدل على عدم جواز تزويجها على المسلمة ، وظاهره الجواز ابتداء.

وقال في الجامع : ولا يجوز تزويج أمة على حرة إلا برضاها ، فإن لم ترض وفعل فلها فسخ عقدها أو عقد الأمة ويبينان فلا طلاق ، فإن تزوج حرة على الأمة فللحرة فسخ عقد نفسها والرضا ، ومن أجاز من أصحابنا تزويج الكتابيات جعلهن كالإماء ، فلا يتزوج كتابية على حرة مسلمة ، فإن فعل ذلك الحكم ، وقال في المختلف : قال الصدوق : ولا يتزوج اليهودية والنصرانية على حرة متعة وغير متعة ، والوجه الكراهية ، ثم حمل أمثال هذه الرواية على الاستحباب والنكاح الدائم.

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : موثق.

قوله تعالى : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ » (١) قيل : المراد بالنكاح العقد ، وقيل :

هو الوطء ، والمشركات قيل : تعم أهل الكتاب وغيرهم ، فإن أهل الكتاب أيضا مشركون لقوله تعالى : « وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ »(٢)

__________________

(١) سورة البقرة ـ الآية ٢٢٢. (٢) سورة التوبة ـ الآية ـ ٣٠.

٦٥

لي أبو الحسن الرضا عليه‌السلام يا أبا محمد ما تقول في رجل يتزوج نصرانية على مسلمة قلت جعلت فداك وما قولي بين يديك قال لتقولن فإن ذلك يعلم به قولي قلت لا يجوز تزويج النصرانية على مسلمة ولا غير مسلمة قال ولم قلت لقول الله عز وجل : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ » قال فما تقول في هذه الآية : « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى قوله : « عَمَّا يُشْرِكُونَ » ولقوله تعالى : « هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » (١) ولا ريب في كراهة أهل الكتاب ذلك كالمشركين أو أشد ، ثم قيل : إن الآية منسوخة بما في المائدة من قوله « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ » (٢) فإنها ثابتة لم تنسخ ، روي ذلك عن ابن عباس وجماعة واختاره في الكشاف ، وقيل : إنها مخصوصة بغير الكتابيات ويؤيده أن التخصيص خير من النسخ على تقدير التنافي ، سيما والآية ليست بمرفوعة بالكلية ، وقيل : اسم المشركات لا تقع على أهل الكتاب ، وقد فصل الله سبحانه بينهما ، فقال : « لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ » (٣) و « ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ » (٤) وعطف أحدهما على الآخر فلا نسخ ولا تخصيص وفي مجمع البيان (٥) إن الآية على ظاهرها من تحريم نكاح كل كافرة ، كتابية كانت أو مشركة ، عن ابن عمرو بعض الزيدية ، وهو مذهبنا ، وقال (ره) في قوله تعالى : (٦) « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ » هم اليهود والنصارى ، واختلف في معناه ، فقيل : عن العفائف حرائر كن أو إماء حربيات كن أو ذميات عن مجاهد والحسن والشعبي وغيرهم ، وقيل : هن الحرائر ذميات كن أو حربيات.

وقال أصحابنا : لا يجوز عقد النكاح الدوام على الكتابية لقوله تعالى : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ » (٧) ولقوله تعالى : « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ » (٨) وأولوا هذه الآية بأن المراد بالمحصنات من الذين أوتوا الكتاب اللاتي أسلمن منهن ، والمراد بالمحصنات من المؤمنات اللاتي كن في الأصل مؤمنات ، بأن ولدن على

__________________

(١) سورة الصفّ الآية ـ ٩. (٢) سورة المائدة الآية ـ ٥. (٣) سورة البينة ـ ١.

(٤) سورة البقرة الآية ـ ١٠٥.

(٥ و ٦) المجمع ج ٢ ص ٣١٨.

(٧) البقرة : ٢٢١.

(٨) سورة الممتحنة : ١٠.

٦٦

« أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ » قلت فقوله : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ » نسخت هذه الآية فتبسم ثم سكت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإسلام ، وذلك أن قوما كانوا يتحرجون من العقد على من أسلمت عن كفر فبين الله سبحانه أنه لا حرج في ذلك فلهذا أفردهن بالذكر ، حكى ذلك أبو القاسم البلخي.

قالوا : ويجوز أن يكون مخصوصا أيضا بنكاح المتعة وملك اليمين ، فإن عندنا يجوز وطؤهن بكلا الوجهين ، على أنه قد روى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه منسوخ بقوله : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ » وبقوله : « وَلا تُمْسِكُوا » انتهى. وبعض أصحابنا يخص جواز نكاح الكتابيات بالمنقطع دون الدوام كما عرفت ، لأن الآية لا تدل إلا على إباحة نكاح المتعة ، بقوله تعالى : « إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ » (١) ولم يقل مهورهن ، وعوض المتعة يسمى أجرا كما في آية المتعة.

وقيل : فيه نظر أما أولا فلأن آية المائدة منسوخة بقوله تعالى : « وَلا تُمْسِكُوا » كما ورد في أخبارنا ، وتمنع كون المائدة آخر القرآن نزولا لعدم دلالة قاطعة ، وعلى تقديره جاز أن يكون أكثرها هو الأخير نزولا.

وأما ثانيا فلأنا نمنع دلالتها على المتعة ، فإن المهر يسمى أجرا كقوله تعالى : « عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ». ويجاب من الأول بأنها جزء من المائدة قطعا وتأخرها هو المشهور ، وفي أحكامها قرائن مع أصالة عدم النسخ ، وعن الثاني بأن اشتراط إيتاء المهر في المتعة دليل على إرادة المتعة لعدم اشتراط ذلك في صحة الدائم. وقال الطبرسي (ره) (٢) في قوله تعالى : « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ » أي لا تتمسكوا بنكاح الكافرات ، وأصل العصمة المنع ، وسمي النكاح عصمة لأن المنكوحة تكون في حبال الزوج وعصمته ، وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز العقد على الكافرة ، سواء كانت حربية أو ذمية وعلى كل حال لأنه عام في الكوافر. وليس لأحد أن يخص الآية بعابدة الوثن ، لنزولها بسببهن لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بالسبب.

قوله عليه‌السلام : « فتبسم » ظاهره التجويز والتحسين. واحتمال كونه لوهن

__________________

(١) سورة الممتحنة : ١٠.

(٢) المجمع ج : ٩ ص : ٢٧٤.

٦٧

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أحمد بن عمر ، عن درست الواسطي ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لا ينبغي نكاح أهل الكتاب قلت جعلت فداك وأين تحريمه قال قوله « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ».

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة بن أعين قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام ـ عن قول الله عز وجل : « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ » فقال هذه منسوخة بقوله : « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ».

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن أهل الكتاب وجميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها ولا يبيت معها ولكنه يأتيها بالنهار فأما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلامه في غاية الضعف.

الحديث السابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا ينبغي » ظاهره الكراهة ، وأما قوله : « وَلا تُمْسِكُوا » فيمكن أن يكون أعم من الحرمة والكراهة ، ويكون في الكتابية للكراهة ، وفي الوثنية للحرمة ، كما ذكره الوالد العلامة.

الحديث الثامن : حسن.

قوله عليه‌السلام : « منسوخة » يمكن أن يكون إباحتها منسوخة بالكراهة ، فإن النهي أعم منها ومن الحرمة ، كذا ذكره الوالد رحمه‌الله.

الحديث التاسع : مرسل.

وقال في المسالك : إذا أسلمت زوجة الكافر دونه فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، لعدم العدة ولا مهر ، وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة ، أي عدة الطلاق من حين إسلامها ، وإن انقضت وهو على كفره بانت ولا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج كتابيا أو وثنيا ، وفي الوثني موضع وفاق وفي الكتابي هو أصح القولين.

٦٨

المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدة فإن أسلمت المرأة ثم أسلم الرجل قبل انقضاء عدتها فهي امرأته وإن لم يسلم إلا بعد انقضاء العدة فقد بانت منه ولا سبيل له عليها وكذلك جميع من لا ذمة له ولا ينبغي للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لا ينبغي للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال الشيخ في النهاية وكتابي الأخبار وإن كان الزوج بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا ، غير أنه لا يمكن من الدخول عليها ليلا من الخلوة بها استنادا إلى رواية جميل ، والعجب أنه في الخلاف وافق الجماعة على انفساخ النكاح لخروجها من العدة ، محتجا بإجماع الفرقة ، واعلم أنه على قول الشيخ لا فرق بين قبل الدخول وبعده ، لتناول الأدلة للحالتين ، وربما يفهم من عبارة بعض الاختصاص بما بعد الدخول.

الحديث العاشر : مجهول.

وظاهره الكراهة إلا مع الضرورة كالخبر السابق.

قال الشيخ في النهاية : ولا يجوز للرجل المسلم أن يعقد على المشركات على اختلاف أصنافهن ، يهودية كانت أو نصرانية أو عابدة وثن ، فإن اضطر إلى العقد عليهن عقد على اليهودية والنصرانية ، وذلك جائز عند الضرورة ، ولا بأس أن يعقد على هذين الجنسين عقد المتعة مع الاختيار ، لكنه يمنعهن من شرب الخمور ولحم الخنزير وجميع المحرمات في شريعة الإسلام ، ولا بأس أن يطأ بملك اليمين اليهودية والنصرانية ، ويكره له وطؤ المجوسية بملك اليمين وعقد المتعة ، وليس ذلك بمحظور.

٦٩

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألت عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية فقال إن أهل الكتاب مماليك للإمام وذلك موسع منا عليكم خاصة فلا بأس أن يتزوج قلت فإنه يتزوج أمة قال لا لا يصلح أن يتزوج ثلاث إماء فإن تزوج عليهما حرة مسلمة ولم تعلم أن له امرأة نصرانية ويهودية ثم دخل بها فإن لها ما أخذت من المهر فإن شاءت أن تقيم بعد معه أقامت وإن شاءت تذهب إلى أهلها ذهبت وإذا حاضت ثلاثة حيض أو مرت لها ثلاثة أشهر حلت للأزواج قلت فإن طلق عليها اليهودية والنصرانية قبل أن تنقضي عدة المسلمة له عليها سبيل أن يردها إلى منزله قال نعم.

( باب )

( الحر يتزوج الأمة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الحادي عشر : حسن.

ويدل على جواز تزويج اليهودية والنصرانية ، وعلى أنه لا يجوز أن يتزوج أكثر من أمتين ، وهو المقطوع به في كلام الأكثر ، ونسب إلى ابن الجنيد وابن أبي عقيل عدم جواز تزويج أكثر من أمة واحدة ، محتجين بزوال خوف العنت ، وعلى أن حكم الكتابية في ذلك حكم الأمة ، وعلى أنه لا يصلح تزويج كتابتين وأمة ، وعلى أنه إذا تزوج الحرة المسلمة على النصرانية واليهودية ولم تعلم بذلك ثم علمت بعد الدخول فلها الخيار في فسخ عقد نفسها. وتعتد عدة الطلاق ، وعلى أنه إن طلق اليهودية والنصرانية قبل انقضاء عدة المسلمة ترجع إلى الزوجية ، وتبطل الفسخ ولم أر شيئا من تلك الأحكام في كلام الأصحاب إلا ما ذكرنا.

سابقا من الجامع من أن من جوز نكاح الكتابية جعلها في الأحكام كالأمة وظاهر الكليني العمل بها.

باب الحر يتزوج الأمة

الحديث الأول : موثق.

ويدل على اشتراط عقد الأمة بالضرورة ، وأجمع العلماء كافة على جواز نكاح

٧٠

أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الحر يتزوج الأمة قال لا بأس إذا اضطر إليها.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة ومن تزوج أمة على حرة فنكاحه باطل.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن نكاح الأمة قال يتزوج الحرة على الأمة ولا تتزوج الأمة على الحرة ونكاح الأمة على الحرة باطل وإن اجتمعت عندك حرة وأمة فللحرة يومان وللأمة يوم لا يصلح نكاح الأمة إلا بإذن مواليها.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن يحيى اللحام ، عن سماعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمة بالعقد مع عدم طول الحرة وخشية العنت ، واختلفوا في الجواز إذا انتفى أحد الأمرين ، فذهب أكثر المتأخرين إلى أنه غير جائز بل ادعى ابن أبي عقيل عليه الإجماع ، وذهب الشيخ في النهاية إلى الجواز على كراهة ، وتبعه ابن حمزة وابن إدريس وأكثر المتأخرين ، وظاهر الآية مع الأولين كما ستعرف.

الحديث الثاني : حسن.

ويدل على عدم جواز عقد الأمة على الحرة ، وأنه يقع باطلا ، والمشهور بين الأصحاب أنه لا يجوز إلا بإذن الحرة ، ولو بادر كان العقد باطلا. وقال الشيخ وابن البراج وابن حمزة بأن للحرة الخيرة بين إجازته وفسخه ، وقالوا : لها أن تفسخ عقد نفسها ، وذهب أكثر المتأخرين إلى عدم الخيار ، ويمكن أن يقال : لما كان الغالب على النساء عدم الإجازة حكم عليه‌السلام بالبطلان.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

ويدل على أنه يقسم للأمة نصف الحرة كما هو المشهور ، ونقل من المفيد أن الأمة لا قسمة لها مطلقا ، والأول أقوى ، وعلى أنه لا يجوز عقد الأمة إلا بإذن مواليها كما هو المذهب.

الحديث الرابع : موثق.

٧١

عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل تزوج امرأة حرة وله امرأة أمة ولم تعلم الحرة أن له امرأة أمة قال إن شاءت الحرة أن تقيم مع الأمة أقامت وإن شاءت ذهبت إلى أهلها قال قلت له فإن لم ترض بذلك وذهبت إلى أهلها أفله عليها سبيل إذا لم ترض بالمقام قال لا سبيل له عليها إذا لم ترض حين تعلم قلت فذهابها إلى أهلها هو طلاقها قال نعم إذا خرجت من منزله اعتدت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء ثم تزوج إن شاءت.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل للرجل أن يتزوج النصرانية على المسلمة والأمة على الحرة فقال لا تتزوج واحدة منهما على المسلمة وتتزوج المسلمة على الأمة والنصرانية وللمسلمة الثلثان وللأمة والنصرانية الثلث.

٦ ـ أبان ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألت عن الرجل يتزوج الأمة قال لا إلا أن يضطر إلى ذلك.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا ينبغي أن يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم إنما كان ذلك حيث قال الله عز وجل : « وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً » والطول المهر ومهر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويدل على ما هو المشهور بين الأصحاب من أنه لو أدخل الحرة على الأمة ولم تعلم بها كان للحرة الخيار في عقد نفسها. ونقل عن الشيخ في التبيان أنه حكم بتخيرها بين فسخ عقدها وفسخ عقد الأمة وهو ضعيف ، وعلى التقادير لا خلاف في جواز عقد الحرة على الأمة كما دلت عليه الأخبار.

الحديث الخامس : مجهول.

ويدل على أن النصرانية مثل الأمة في القسمة ، وعلى أنه يجوز نكاح النصرانية ، ويمكن حمله على ما إذا كانت عنده وأسلم.

الحديث السادس : مجهول.

الحديث السابع : مرسل.

قوله تعالى : « وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً » (١) أي قدرة ، وعنى أن ينكح

__________________

(١) سورة النساء الآية ـ ٢٥.

٧٢

الحرة اليوم مهر الأمة أو أقل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحصنات المؤمنات أي يتزوجها ، وظاهرها العقد ، ويحتمل الوطء كما قيل ، « فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ » أي فليتزوج منهن أي من جنس ما ملكتم فيريد إماء الغير ، فإن التزويج لا يمكن إلا بها ، ويحتمل أن يكون المعنى فإن لم تقدروا على نكاح المسلمة الحرة فخذوا الإماء سراري ، والنكاح حينئذ يحتمل المعنيين. « مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ » يعني الإماء المسلمات.

قال المحقق الأردبيلي (ره) : ظاهر الآية تدل على جواز نكاح المسلمة الحرة للحر والعبد ، لعموم « من » إلا أن يكون الخطاب للأحرار ، وعلى عدم وطئ الكافرة مطلقا كتابية وغير كتابية حرة أو أمة للعبد والحر ، لقيد المؤمنات في الموضعين ولكن بمفهوم الوصف وما ثبت حجيته فلا تعارض أدلة الحل ، ولا شك أنه أحوط ، وعلى جواز عقد الأمة مع عدم قدرة على الحرة على الاحتمال الأول حرا كان أو عبدا ، لعموم « من » وقيل : على عدم جواز أخذ الحر الأمة بالعقد مع القدرة على الحرة بمفهوم الشرط الذي ثبتت حجيته وفيه تأمل ، لاحتمال أن يكون المراد المعنى الثاني ، ولعدم صراحته في الشرط ، لأنه متضمن له ، والمفهوم يكون معتبرا إذا كان صريحا ، ولهذا قيد في بعض عبارة الأصوليين بمفهوم إن ، ولأن المفهوم إنما هو حجة إذا لم يظهر للقيد فائدة غير نفي الحكم عن المسكوت ، كما بين في موضعه من الأصول ، وهنا وجهه ظاهر وهو الترغيب والتحريص على النكاح ، وعدم الترك بوجه ولو كان بأمة ، وإفادة أن الحرة أولى ، فلا يترك إلى غيرها مهما أمكن وهو ظاهر ، فالمعنى إن أمكن الفرد الأعلى والأفضل وهو نكاح المسلمة الحرة فهو مقدم عقلا وشرعا على تقدير القدرة ، وإلا فالفرد الضعيف الغير الأولى وهو نكاح الإماء ، وهو جار في مفهوم الصفة المذكورة أيضا وسوق الآية مشعر بأن ليس المقصود ذلك ، فإن الظاهر أن المقصود هو الإرشاد لا الترتيب في الحكم والأمر والنهي ، ولهذا ما حملت على تعيين نكاح الحرة المسلمة مع القدرة ، وتعيين

٧٣

..........................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمة على تقدير العدم ، وأيضا لا شك في عموم « من » للحر والعبد ، وأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله يجوز نكاح الأمة للعبد مع القدرة على الحرة بغير خلاف على الظاهر ، ولو كان المفهوم هنا حجة لزم عدم الجواز له أيضا فتأمل.

وبالجملة هذا المفهوم لا يعارض عموم أدلة الجواز مثل « أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ » (١) فلا يخرج عنه إلا بدليل أقوى أو مثله ، ويؤيده « وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ » يعني ما أنتم مكلفون إلا بظاهر الحال ، فكل من يظهر الإيمان فهو مؤمن أو مؤمنة عندكم وحكموا به نكاحهما جائز ، ولستم مؤاخذين بما في نفس الأمر فإن ذلك لا يعلمه إلا الله ، فلا يمكن تكليفكم به ، « بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ » أي كل منكم من ولد آدم ، فلا تأبوا نكاح الإماء فإن المدار على الجنسية والإيمان ، وأنتم لا تفاضل بينكم إلا بالإيمان وهو أمر غير معلوم ولا يعمله إلا الله ، ويؤيد الجواز أيضا عموم قوله : « فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ » يعني تزوجوا من الفتيات المؤمنات بإذن أهلهن وأمر ساداتهن ، وفيها دلالة على عدم جواز العقد على الأمة بغير إذن مولاها مطلقا ، عقدا منقطعا أو دواما سيدا وسيدة ، فينبغي تأويل ما ورد في بعض الأخبار من جواز العقد المنقطع على أمة السيدة بغير إذنها مع عدم الصراحة ، وتمام تحقيقها في الفروع فراجعها ، ويؤيده أيضا « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى » الآية ، ويمكن فهم ملازمتها على عدم اعتبار إذن الأمة حيث شرط إذن أهل الإماء فقط « وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ » أي أعطوهن مهورهن ، ولعل المراد أهلهن فإنها مملوكة لهم ، « بِالْمَعْرُوفِ » ، بطريق يقتضيه عرف الشرع ، وهو ما وقع عليه التراضي والعقد أو مهر المثل إن لم يقع في العقد أو مهر المثل ، وعلى وجه حسن دون مماطلة وقبح ، « الْمُحْصَناتِ » أي تزوجوهن عفائف غير مسافحات زانيات « وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ » أي أخلاء في السر ، لأن الرجل كان يتخذ صديقة فزنا ، والمرأة يتخذ صديقا فيزني بها.

__________________

(١) النساء : ٢٥.

٧٤

..........................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وروى ابن عباس أنه كان قوم في الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ، ويستحلون ما خفي منه ، فنهى الله سبحانه عن الزنا سرا وجهرا ، فعلى هذا يكون قوله « وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ » غير زانيات جهرا ولا سرا كلها حالات ، لعل الفائدة الترغيب في المتصفة بهن لا عدم جواز غيرهن. وقال (ره) في قوله تعالى « لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ » : الإثم الذي يحصل بسبب الزنا لغلبة الشهوة ، وهو في الأصل انكسار العظم بعد الجبر ، فاستعير لكل مشقة ولا مشقة أعظم من الإثم ، وعليه أكثر المفسرين ، وقيل : معناه لمن خاف الحد بأن يهويها ويزني بها فيحد ، وقيل : معنى العنت الضرر الشديد في الدنيا والدين ، لغلبة الشهوة ، والأول أصح ، قاله في مجمع البيان. قيل : وهذه أيضا يدل على تحريم نكاح الإماء مع إمكان العقد على الحرة ، ولكن زيد له شرط آخر يحرمن بدونهما ، والجواز مشروط بهما ، عدم الإمكان ، وخوف العنت ، وهو قول بعض أصحابنا أيضا ، وقد عرفت عدم الدلالة على التحريم بالشرط الأول على ما ذكرناه هناك ومما يدل على الجواز ، ويؤيده قوله : « وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ » أي صبركم عن نكاح الإماء ، واحتمال الشدة بالصبر على العزوبة خير لكم من تزويجكم بها والصبر على ما يحصل لكم من معاشرتهن والعار وتحصيل الأولاد وما يلحقهم من العار بسببكم ، ومن جهة عدم صلاحهن البيت كما دل عليه ما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله « الحرائر صلاح البيت ، والأمة خراب البيت » فإن الظاهر أن المراد أن ترك التزويج بالإماء بدون الشرطين خير فيجوز حينئذ فعله وتركه ، إذ لو كان المراد بعد الشرطين لا ينبغي الترك ، ولا يكون راجحا ، بل يجب التزويج حينئذ كما قال الفقهاء : إنه يجب النكاح إذا خاف الوقوع في الزنا أو يحصل به ضرر لا يتحمل مثله ، ويستحب لو دعت نفسه ، بل قال الأكثر : إنه مستحب مطلقا فلا يكون ترك التزويج بالإماء مع عدم القدرة على الحرة وحصول الضرر أو خوف الوقوع في الزنا خيرا بل هو خير مع عدمهما ، بأن يتزوج

٧٥

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار وغيره ، عن يونس عنهم عليهم‌السلام قال لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوج الأمة إلا أن لا يجد حرة فكذلك لا ينبغي له أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب إلا في حال الضرورة حيث لا يجد مسلمة حرة ولا أمة.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا ينبغي للحر أن يتزوج الأمة وهو يقدر على الحرة ولا ينبغي أن يتزوج الأمة على الحرة ولا بأس أن يتزوج الحرة على الأمة فإن تزوج الحرة على الأمة فللحرة يومان وللأمة يوم.

( باب )

( نكاح الشغار )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أو ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال نهي عن نكاح المرأتين ليس لواحدة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالحرة لما تقدم ، وللترغيب على النكاح في الأخبار والآيات والإجماع ، ويبعد تخصيصها بالحرة مع عدم إمكانها والضرر أيضا وهو ظاهر ، ولهذا قال أكثر الفقهاء بالجواز مع الكراهة إلا مع الشرطين ، وبها يجمع بين الأدلة.

الحديث الثامن : مجهول.

الحديث التاسع : مجهول.

باب نكاح الشغار

قال الجوهري : الشغار ـ بكسر الشين ـ نكاح كان في الجاهلية ، وهو أن يقول الرجل لآخر : زوجني ابنتك وأختك على أن أزوجك أختي وابنتي على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى ، وقريب منه في القاموس : قيل : هو مأخوذ من الشغر ، وهو رفع إحدى الرجلين ، إما لأن النكاح يفضي إلى ذلك ، أو لأنه يتضمن رفع المهر ، أو من قولهم : شغر البلد ، إذا خلا من القاضي والسلطان ، يعني مخلوة من المهر ، وهذا النكاح باطل بإجماع العلماء.

الحديث الأول : مرسل.

٧٦

منهما صداق إلا بضع صاحبتها وقال لا يحل أن ينكح واحدة منهما إلا بصداق ونكاح المسلمين.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن غياث بن إبراهيم قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا جلب ولا جنب ولا شغار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « أو نكاح » لعله إشارة إلى مفوضة البضع ، ويحتمل أن يكون الترديد من الراوي.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « لا جلب » ، قال في النهاية : فيه « لا جلب ولا جنب » الجلب يكون في شيئين أحدهما في الزكاة ، وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعا ، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها فنهي عن ذلك ، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم.

الثاني ـ أن يكون في السباق ، وهو أن يتبع رجلا فرسه فيزجره ، ويجلب عليه ، ويصيح حثا له على الجري ، فنهي عن ذلك. والجنب ـ بالتحريك ـ في السباق أن يجنب فرسا إلى فرسه الذي يسابق عليه فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب وهو في الزكاة أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه أي تحضر ، فنهوا عن ذلك ، وقيل : هو أن يجنب رب المال بماله ، أي يبعد عن موضعه حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في اتباعه وطلبه. وقال فيه : إنه نهى عن نكاح الشغار وهو نكاح معروف في الجاهلية ، كان يقول الرجل للرجل شاغرني ، أي زوجني أختك وابنتك أو من تلي أمرها حتى أزوجك أختي أو ابنتي أو من إلى أمرها ، ولا بينهما مهر ، ويكون بضع أحدهما في مقابلة بضع الأخرى وقيل له شغار ، لارتفاع المهر بينهما من شغر الكلب إذا رفع أحد رجليه ليبول ، وقيل : الشغر : البعد ، وقيل : الاتساع.

٧٧

في الإسلام والشغار أن يزوج الرجل الرجل ابنته أو أخته ويتزوج هو ابنة المتزوج أو أخته ولا يكون بينهما مهر غير تزويج هذا من هذا وهذا من هذا.

٣ ـ علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن أبيه رفعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن نكاح الشغار وهي الممانحة وهو أن يقول الرجل للرجل زوجني ابنتك حتى أزوجك ابنتي على أن لا مهر بينهما.

( باب )

( الرجل يتزوج المرأة ويتزوج أم ولد أبيها )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يتزوج المرأة ويتزوج أم ولد أبيها فقال لا بأس بذلك فقلت له بلغنا عن أبيك أن علي بن الحسين عليه‌السلام تزوج ابنة الحسن بن علي عليه‌السلام وأم ولد الحسن وذلك أن رجلا من أصحابنا سألني أن أسألك عنها فقال ليس هكذا إنما تزوج علي بن الحسين عليه‌السلام ابنة الحسن وأم ولد ـ لعلي بن الحسين المقتول عندكم فكتب بذلك إلى عبد الملك بن مروان فعاب على علي بن الحسين عليه‌السلام فكتب إليه في ذلك فكتب إليه الجواب فلما قرأ الكتاب قال إن علي بن الحسين عليه‌السلام يضع نفسه وإن الله يرفعه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال في التحرير : إذا سابقا لم يجز أن يجنب أحدهما إلى فرسه فرسا آخر ولا راكبا عليه يحرضه على العدو ، ولا أن يصيح به وقت العد وفي سياقه.

الحديث الثالث : ضعيف. والممانحة من المنحة وهي العطاء.

باب الرجل يتزوج المرأة ويتزوج أم ولد أبيها

الحديث الأول : حسن. وعليه فتوى الأصحاب.

٧٨

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يتزوج المرأة ويتزوج أم ولد لأبيها قال لا بأس بذلك.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يهب لزوج ابنته الجارية وقد وطئها أيطؤها زوج ابنته قال لا بأس به.

٤ ـ عنه ، عن عمران بن موسى ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن الفضيل قال كنت عند الرضا عليه‌السلام فسأله صفوان عن رجل تزوج ابنة رجل وللرجل امرأة وأم ولد فمات أبو الجارية أيحل للرجل المتزوج امرأته وأم ولده قال لا بأس به.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن محمد بن أبي حمزة قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما تقول في رجل تزوج امرأة فأهدى لها أبوها جارية كان يطؤها أيحل لزوجها أن يطأها قال نعم.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ـ عن رجل تزوج أم ولد كانت لرجل فمات عنها سيدها وللميت ولد من غير أم ولده أرأيت إن أراد الذي تزوج أم الولد أن يتزوج ابنة سيدها الذي أعتقها فيجمع بينها وبين بنت سيدها الذي أعتقها قال لا بأس بذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : مجهول.

الحديث الخامس : صحيح.

الحديث السادس : موثق.

٧٩

( باب )

( فيما أحله الله عز وجل من النساء )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن نوح بن شعيب ومحمد بن الحسن قال سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له أليس الله حكيما قال بلى وهو أحكم الحاكمين قال فأخبرني عن قوله عز وجل : « فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً » (١) أليس هذا فرضا قال بلى قال فأخبرني عن قوله عز وجل : « وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ » (٢) أي حكيم يتكلم بهذا فلم يكن عنده جواب فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة قال نعم جعلت فداك لأمر أهمني إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شيء قال وما هي قال فأخبره بالقصة فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام أما قوله عز وجل : « فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً » يعني في النفقة وأما قوله : « وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ » يعني في المودة قال فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب وأخبره قال والله ما هذا من عندك.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن هشام بن الحكم قال إن الله تعالى أحل الفرج لعلل مقدرة العباد في القوة على المهر والقدرة على الإمساك فقال « فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ » وقال « وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب فيما أحله الله عز وجل من النساء

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : صحيح موقوف.

__________________

(١) النساء : ٣.

(٢) النساء ١٢٩.

٨٠