مرآة العقول - ج ٢٠

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ٢٠

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٤

عز وجل صاننا عن الصدقة وهي أوساخ أيدي الناس فنكره أن نشرك فيما فضلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل الله لنا فقام الخارجي وهو يقول تالله ما رأيت رجلا مثله قط ردني والله أقبح رد وما خرج من قول صاحبه.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون عمن يروي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن علي بن الحسين عليه‌السلام تزوج سرية كانت للحسن بن علي عليه‌السلام فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فكتب إليه في ذلك كتابا أنك صرت بعل الإماء فكتب إليه علي بن الحسين عليه‌السلام أن الله رفع بالإسلام الخسيسة وأتم به الناقصة فأكرم به من اللؤم فلا لؤم على مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنكح عبده ونكح أمته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( رحمه‌الله ) : أي أنت كفو للإسلام ظاهرا ، وللحسب الذي لك في قومك وبالنظر إليهم ، لا بالنظر إلينا ، ولم يذكر كفوه للتقية.

قوله عليه‌السلام : « فنكره » يحتمل وجوها :

الأول ـ أن يكون موافقا لما ذهب إليه السيد (ره) من حرمة الصدقة على أولاد بنات بني هاشم ، أي لا نفعل ذلك فيحصل ولد فيحرم عليه الصدقة ، فيصير شريكنا مع أنه من جهة الأب لم يجعل الله له ما جعل لنا.

الثاني ـ أن يكون المراد بما فضلنا الله الولد ، أي لا نحب أن نشرك في أولاد بناتنا من ليست له تلك الفضيلة ، فيحرم أولادنا بسببه منها.

الثالث ـ أن يكون المراد بما فضل الله الخمس ، وبمن لم يجعل الله له إما الزوج أو الولد ، أي ينفق الزوجة من الخمس على الولد والزوج ، ويرثان منها ذلك ، مع أنه ليس حقهما أصالة وإن جاز أن يصل إليهما بواسطة ، وعلى التقادير المراد بيان وجه مرجوحية لهذا الفعل ، ولا ينافي الإباحة التي اعترف بها من قول هشام ، والحاصل أن ذلك جائز ولكن يكره لتلك العلة. والمراد بصاحبه هشام بن الحكم.

الحديث السادس : مرسل.

٤١

فلما انتهى الكتاب إلى عبد الملك قال لمن عنده خبروني عن رجل إذا أتى ما يضع الناس لم يزده إلا شرفا قالوا ذاك أمير المؤمنين قال لا والله ما هو ذاك قالوا ما نعرف إلا أمير المؤمنين قال فلا والله ما هو بأمير المؤمنين ولكنه علي بن الحسين عليه‌السلام.

( باب )

( تزويج أم كلثوم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحماد ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في تزويج أم كلثوم فقال إن ذلك فرج غصبناه.

٢ ـ محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما خطب إليه قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب في تزويج أم كلثوم

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : حسن.

أقول : هذان الخبران لا يدلان على وقوع تزويج أم كلثوم رضي الله عنها من الملعون المنافق ضرورة وتقية ، وورد في بعض الأخبار ما ينافيه.

مثل ما رواه القطب الراوندي من الصفار بإسناده إلى عمر بن أذينة ، قال : قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن الناس يحتجون علينا ويقولون : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام زوج فلانا ابنته أم كلثوم وكان متمكنا فجلس ، وقال : أيقولون ذلك؟ إن قوما يزعمون ذلك لا يهتدون إلى سواء السبيل ، سبحان الله ما كان يقدر أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يحول بينه وبينها فينقذها ، كذبوا ولم يكن ما قالوا ، إن فلانا خطب إلى علي عليه‌السلام بنته أم كلثوم فأبى علي ، فقال للعباس : والله لئن لم تزوجني لأنتزعن منك السقاية وزمزم ، فأتى العباس عليا فكلمه فأبى عليه فألح العباس فلما رأى أمير المؤمنين مشقة كلام الرجل على العباس ، وأنه سيفعل بالسقاية ما قال ، أرسل أمير المؤمنين إلى جنية من أهل نجران يهودية يقال لها سحيقة بنت جريرية فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم ، وبعث بها

٤٢

له أمير المؤمنين إنها صبية قال فلقي العباس فقال له ما لي أبي بأس قال وما ذاك قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى الرجل فلم تزل عنده حتى أنه استراب بها يوما ، فقال : ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم ، ثم أراد أن يظهر ذلك للناس فقتل ، وحوت الميراث وانصرفت إلى نجران وأظهر أمير المؤمنين عليه‌السلام أم كلثوم. ولا تنافي بينها وبين سائر الأخبار لأنها قصة مخفية اطلعوا عليها خواصهم ، ولم يكن يهتم به ، لا لاحتجاج على المخالفين بل ربما كانوا يحترزون عن إظهار أمثال تلك الأمور لأكثر الشيعة أيضا لئلا تقبله عقولهم ، ولئلا يغلوا فيهم. فالمعنى غصبناه ظاهرا وبزعم الناس إن صحت تلك القصة.

وقال الشيخ المفيد « قدس روحه ) في جواب المسائل السروية : إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليه‌السلام بنته من عمر لم يثبت ، وطريقته من الزبير بن بكار ، ولم يكن موثوقا به في النقل ، وكان متهما فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين عليه‌السلام وغير مأمون ، والحديث مختلف فتارة يروى أن أمير المؤمنين عليه‌السلام تولى العقد له على ابنته ، وتارة يروى عن العباس أنه تولى ذلك عنه ، وتارة يروى أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد عن عمر وتهديد لبني هاشم ، وتارة يروى أنه كان عن اختيار وإيثار ، ثم إن بعض الرواة يذكر أن عمر أولدها ولدا سماه زيدا ، وبعضهم يقولون إن لزيد بن عمر عقبا ، ومنهم من يقول : إنه قتل ولا عقب له ، ومنهم من يقول : إنه وأمه قتلا ، ومنهم من يقول : إن أمه بقيت بعده ، ومنهم من يقول : إن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم ، ومنهم من يقول : مهرها أربعة آلاف درهم ، ومنهم من يقول : كان مهرها خمسمائة درهم ، وهذا الاختلاف مما يبطل الحديث ، ثم إنه لو صح لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أحدهما : أن النكاح إنما هو على ظاهر الإسلام الذي هو الشهادتان والصلاة إلى الكعبة ، والإقرار بجملة الشريعة ، وإن كان الأفضل مناكحة من يعتقد الإيمان ، ويكره مناكحة من ضم إلى ظاهر الإسلام ضلالا يخرجه عن الإيمان ، إلا أن الضرورة

٤٣

خطبت إلى ابن أخيك فردني أما والله لأعورن زمزم ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها و

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متى قادت إلى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الإسلام زالت الكراهة من ذلك وأمير المؤمنين عليه‌السلام كان مضطرا إلى مناكحة الرجل ، لأنه تهدده وتواعده فلم يأمنه على نفسه وشيعته ، فأجابه إلى ذلك ضرورة ، كما أن الضرورة يشرع إظهار كلمة الكفر ، وليس ذلك بأعجب من قول لوط « هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ » فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته ، وهم كفار ضلال قد أذن الله تعالى في هلاكهم ، وقد زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام ، أحدهما عتبة بن أبي لهب ، والآخر أبو العاص بن الربيع ، فلما بعث صلى‌الله‌عليه‌وآله فرق بينهما وبين ابنتيه.

وقال السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه في كتاب الشافي : فأما الحنفية فلم تكن سبية على الحقيقة ولم يستجبها عليه‌السلام بالسبي ، لأنها بالإسلام قد صارت حرة مالكة أمرها فأخرجها من يد من استرقها ثم عقد عليها عقد النكاح ، وفي أصحابنا من يذهب إلى أن الظالمين متى غلبوا على الدار وقهروا ولم يتمكن المؤمن من الخروج من أحكامهم ، جاز له أن يطأ سبيهم ، ويجري أحكامهم مع الغلبة والقهر مجرى أحكام المجبين فيها يرجع إلى المحكوم عليه ، وإن كان فيما يرجع إلى الحاكم معاقبا آثما ، وأما تزويجه بنته فلم يكن ذلك عن اختيار ، ثم ذكر رحمة الله عليه الأخبار السابقة الدالة على الاضطرار ، ثم قال : على أنه لو لم يجر ما ذكرنا فيه لم يمتنع أن يجوز له عليه‌السلام لأنه كان على ظاهر الإسلام والتمسك بشرائعه وإظهار الإسلام ، وهذا حكم يرجع إلى الشرع فيه ، وليس مما يخاطره العقول ، وقد كان يجوز في العقول أن يبيحنا الله تعالى مناكحة المرتدين على اختلاف ردتهم ، وكان يجوز أيضا أن يبيحنا أن ننكح اليهود والنصارى كما أباحنا عند أكثر المسلمين أن ننكح فيهم ، وهذا إذا كان في العقول سائغا فالمرجع في تحليله وتحريمه إلى الشريعة ، وفعل أمير المؤمنين عليه‌السلام حجة عندنا في الشرع ، فلنا أن نجعل ما فعله

٤٤

لأقيمن عليه شاهدين بأنه سرق ولأقطعن يمينه فأتاه العباس فأخبره وسأله أن يجعل الأمر إليه فجعله إليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أصلا في جواز مناكحة من ذكروه ، وليس لهم أن يلزموا على ذلك مناكحة اليهود والنصارى وعباد الأوثان ، لأنهم إن سألوا عن جوازه في العقل فهو جائز ، وإن سألوا عنه في الشرع فالإجماع يحظره ويمنع منه. انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول : بعد إنكار عمر النص الجلي وظهور نصبه وعداوته لأهل البيت عليهم‌السلام يشكل القول بجواز مناكحته من غير ضرورة ولا تقية ، إلا أن يقال بجواز مناكحة كل مرتد عن الإسلام ، ولم يقل به أحد من أصحابنا ، ولعل الفاضلين إنما ذكرا ذلك استظهارا على الخصم ، وكذا إنكار المفيد (ره) أصل الواقعة إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم ، وإلا فبعد ورود تلك الأخبار وما سيأتي بأسانيد أن عليا عليه‌السلام لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته وغير ذلك مما أوردته في كتاب بحار الأنوار إنكار ذلك عجيب ، والأصل في الجواب هو أن ذلك وقع على سبيل التقية والاضطرار ، ولا استبعاد في ذلك ، فإن كثيرا من المحرمات تنقلب عند الضرورة أحكامها ، وتصير من الواجبات. على أنه قد ثبتت بالأخبار أن أمير المؤمنين وسائر الأئمة عليهم‌السلام كانوا قد أخبرهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بما يجري عليهم من الظلم ، وبما يجب عليهم فعله عند ذلك ، فقد أباح الله تعالى خصوص ذلك بنص الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا مما يسكن استبعاد الأوهام ، والله يعلم حقائق أحكامه وحججه عليهم‌السلام.

٤٥

( باب آخر منه )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسين بن بشار الواسطي قال كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام أسأله عن النكاح فكتب إلي من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوجوه « إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب آخر منه

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وظاهره وجوب إجابة المؤمن الصالح وعدم رعاية الأحساب والأنساب ، قال في النافع : إذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته ولو كان أخفض نسبا فإن منعه الولي كان عاصيا.

وقال السيد في شرحه : هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ، ومستنده صحيحة علي بن مهزيار وإبراهيم بن محمد الهمداني ، ويمكن أن يناقش في دلالة الأمر هنا على الوجوب ، فإن الظاهر للسياق كونه للإباحة ، ولا ينافي ذلك قوله عليه‌السلام : « إِلاَّ تَفْعَلُوهُ » إلخ ، إذ الظاهر أن المراد منه أنه إذا حصل الامتناع من الإجابة لكون الخاطب حقيرا في نسبه لا لغيره من الأغراض يترتب على ذلك الفساد والفتنة من نحو التفاخر والمباهاة ، وما يترتب عليهما من الأفعال القبيحة.

وقال ابن إدريس : وجه الحديث في ذلك أنه عاصيا إذا رده ولم يزوجه لما هو عليه من الفقر ، واعتقاده أن ذلك ليس بكفو في الشرع ، فأما إن رده لا لذلك ، بل لغرض غيره من مصالح دنياه فلا حرج عليه ، ولا يكون عاصيا. انتهى. ولو لم يتعلق الحكم بالولي بأن كانت المخطوبة ثيبا أو بكرا لا أب لها ففي وجوب الإجابة عليها إن قلنا بوجوبها على الولي نظر.

٤٦

٢ ـ سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن علي بن مهزيار قال كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر عليه‌السلام في أمر بناته وأنه لا يجد أحدا مثله فكتب إليه أبو جعفر عليه‌السلام فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وأنك لا تجد أحدا مثلك فلا تنظر في ذلك رحمك الله فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه « إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ ».

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد الهمذاني قال كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام في التزويج فأتاني كتابه بخطه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه « إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « إِلاَّ تَفْعَلُوهُ » قال الله تعالى في سورة الأنفال « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ » (١).

وقال الطبرسي (ره) في قوله تعالى « بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » أي هؤلاء بعضهم أولى ببعض في النصرة ، وإن لم يكن بينهم قرابة من أقربائهم من الكفار وقيل : في التوارث عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي.

وقيل في التناصر والتعاون والموالاة في الدين عن الأصم ، وقيل : في نفوذ أمان بعضهم على بعض. وقال في قوله تعالى : « إِلاَّ تَفْعَلُوهُ » أي إلا تفعلوا ما أمرتم به في الآية الأولى والثانية من التناصر والتعاون والتبرؤ من الكفار « تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ » على المؤمنين الذين لم يهاجروا ، ويريد بالفتنة هنا المحنة

__________________

(١) سورة الأنفال الآية ـ ٧١ و ٧٢.

٤٧

( باب الكفو )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن رجل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالميل إلى الضلال ، وبالفساد الكبير ضعف الإيمان ، وقيل : إن الفتنة هي الكفر ، لأن المسلمين إذا والوهم تجرءوا على المسلمين ودعوهم إلى الكفر ، وهذا يوجب التبرؤ منهم ، والفساد الكبير سفك الدماء ، عن الحسن ، وقيل : معناه وإن لم تعلقوا التوارث بالهجرة أدى إلى فتنة في الأرض باختلاف الكلمة ، وفساد كبير بتقوية الخارج عن الجماعة ، عن ابن عباس وابن زيد. انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون الغرض الاستشهاد بالآية ، فإن التناكح أيضا من الموالاة المأمور بها في الآية وهو داخل فيها ، ويحتمل أن يكون تضمينا ولم يكن المقصود الاستشهاد بها ، ويحتمل أن يكون المراد بالفتنة التنازع والعداوة ، والفساد الكبير الوقوع في الزنا أو العكس ، والله يعلم.

باب الكفو

الحديث الأول : مرسل.

ويدل على اشتراط العفة وعدم كونه زانيا واليسار ، ولعل المراد القدرة على النفقة كما فهمه الأصحاب ، ويظهر من الأخبار السابقة واللاحقة أنه يعتبر في الكفاءة الدين ، بأن لا يكون من أهل العقائد التي تخرجه من الإيمان ، واحتمال دخول الأعمال فيه بعيد ، والأمانة وهي عدم الخيانة في الأموال ، ويحتمل العدالة كما ورد لا تصل إلا خلف من تثق بدينه وأمانته ، والخلق الحسن بأن لا يكون سيئ الخلق ، وأن لا يكون شارب الخمر ، فإطلاق الأصحاب وجوب تزويج المؤمن القادر على النفقة لا يخلو من ضعف. والله يعلم.

٤٨

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الكفو أن يكون عفيفا وعنده يسار.

( باب )

( كراهية أن ينكح شارب الخمر )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد رفعه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شارب الخمر لا يزوج إذا خطب.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب الخمر بعد ما حرمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب كراهية أن ينكح شارب الخمر

الحديث الأول : مرفوع.

ويدل على المنع من تزويج شارب الخمر ، وحمل في المشهور على الكراهة ، وقال بعض العامة : المعتبر في الكفاءة ستة : الدين والحرية والنسب واليسار والحرفة والسلامة من العيوب الأربعة ، فقال بعضهم : يحتمل أن يريد بالدين الإسلام مع السلامة من الفسق ، بأن كان مثلها في الصلاح أو دونها ، ويحتمل أن يريد به الصلاح حتى لو كان دونها فيه لم تحصل الكفاءة ، وبالنسب أن يكون الزوج معلوم النسب في حق من هي معلومة النسب ، لا أن يكونا متساويين في الشرف ، ولا أن يكونا من قبيلة واحدة.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

٤٩

( باب )

( مناكحة النصاب والشكاك )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الحميد الطائي ، عن زرارة بن أعين قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أتزوج بمرجئة أو حرورية قال لا عليك بالبله من النساء قال زرارة فقلت والله ما هي إلا مؤمنة أو كافرة فقال أبو عبد الله عليه‌السلام وأين أهل ثنوى الله عز وجل قول الله عز وجل أصدق من قولك « إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً » (١).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب مناكحة النصاب والشكاك

الحديث الأول : ضعيف.

ولا خلاف في عدم جواز تزويج الناصبي والناصبية ، واختلف في غيرهم من أهل الخلاف ، فذهب الأكثر إلى اعتبار الإيمان في جانب الزوج دون الزوجة وادعى بعضهم الإجماع عليه ، وذهب ابن حمزة والمحقق إلى الاكتفاء بالإسلام مطلقا وأطلق ابن إدريس في موضع من السرائر أن المؤمن ليس له أن تزوج مخالفة له في الاعتقاد ، والأول أظهر في الجمع بين الأخبار.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ثنوى الله » أي استثناه الله وفي التهذيب والاستبصار هنا تصحيفات وما في الكتاب هو الصواب.

__________________

(١) سورة النساء : ٩٨.

٥٠

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير، عن ربعي، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال له الفضيل أتزوج الناصبة قال لا ولا كرامة قلت جعلت فداك والله إني لأقول لك هذا ولو جاءني ببيت ملآن دراهم ما فعلت.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم فإن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه.

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن علي بن يعقوب ، عن مروان بن مسلم ، عن الحسين بن موسى الحناط ، عن الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن لامرأتي أختا عارفة على رأينا وليس على رأينا بالبصرة إلا قليل فأزوجها ممن لا يرى رأيها قال لا ولا نعمة [ ولا كرامة ] إن الله عز وجل يقول « فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ » (١).

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام إني أخشى أن لا يحل لي أن أتزوج من لم يكن على أمري فقال ما يمنعك من البله من النساء قلت وما البله قال هن المستضعفات من اللاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : مجهول كالصحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

الحديث السادس : مجهول.

الحديث السابع : حسن.

الحديث الثامن : صحيح.

__________________

(١) سورة الممتحنة : ١٠.

٥١

سنان قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الناصب الذي قد عرف نصبه وعداوته هل نزوجه المؤمنة وهو قادر على رده وهو لا يعلم برده قال لا يزوج المؤمن الناصبة ولا يتزوج الناصب المؤمنة ولا يتزوج المستضعف مؤمنة.

٩ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن حمران بن أعين قال كان بعض أهله يريد التزويج فلم يجد امرأة مسلمة موافقة فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال أين أنت من البله الذين لا يعرفون شيئا.

١٠ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن حسن بن علي الوشاء ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له أصلحك الله إني أخاف أن لا يحل لي أن أتزوج يعني ممن لم يكن على أمره قال وما يمنعك من البله من النساء وقال هن المستضعفات اللاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه.

١١ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن نكاح الناصب فقال لا والله ما يحل قال فضيل ثم سألته مرة أخرى فقلت جعلت فداك ما تقول في نكاحهم قال والمرأة عارفة قلت عارفة قال إن العارفة لا توضع إلا عند عارف.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت ما تقول في مناكحة الناس فإني قد بلغت ما ترى وما تزوجت قط قال وما يمنعك من ذلك قلت ما يمنعني إلا أني أخشى أن لا يكون يحل لي مناكحتهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله : « هل نزوجه » في بعض النسخ على صيغة الغيبة أي هل يزوجه الولي؟ ويحتمل أن يكون فاعله الضمير الراجع إلى الموصول فيقرأ « قد عرف » على البناء للفاعل.

الحديث التاسع : حسن أو موثق.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الحادي عشر : كالموثق.

الحديث الثاني عشر : موثق.

٥٢

فما تأمرني قال كيف تصنع وأنت شاب أتصبر قلت أتخذ الجواري قال فهات الآن فبم تستحل الجواري أخبرني فقلت إن الأمة ليست بمنزلة الحرة إن رابتني الأمة بشيء بعتها أو اعتزلتها قال حدثني فبم تستحلها قال فلم يكن عندي جواب قلت جعلت فداك أخبرني ما ترى أتزوج قال ما أبالي أن تفعل قال قلت أرأيت قولك ما أبالي أن تفعل فإن ذلك على وجهين تقول لست أبالي أن تأثم أنت من غير أن آمرك فما تأمرني أفعل ذلك عن أمرك قال فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد تزوج وكان من امرأة نوح وامرأة لوط ما قص الله عز وجل وقد قال الله تعالى « ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما » (١) فقلت إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لست في ذلك مثل منزلته إنما هي تحت يديه وهي مقرة بحكمه مظهرة دينه أما والله ما عنى بذلك إلا في قول الله عز وجل فخانتاهما ما عنى بذلك إلا وقد زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلانا قلت أصلحك الله فما تأمرني أنطلق فأتزوج بأمرك فقال إن كنت فاعلا فعليك بالبلهاء من النساء قلت وما البلهاء قال ذوات الخدور العفائف فقلت من هو على دين سالم أبي حفص فقال لا فقلت من هو على دين ربيعة الرأي قال لا ولكن العواتق اللاتي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « أما والله » لعل قوله « قول » هنا سقط من النساخ أو هو مقدر أي قال عليه‌السلام : « أما والله أخبرني ما عنى بذلك » ويفسره قوله « إلا في قول الله فَخانَتاهُما » ثم كرر عليه‌السلام فقال : ما عنى بتلك الخيانة فمع ظهور تلك الخيانة كيف كانتا مقرتين ألا وقد زوج صلى‌الله‌عليه‌وآله عثمان مع ظهور حاله ، ويحتمل أن يكون من تتمة كلام زرارة فيكون إلا في الأول بالتشديد أي ما أراد كونهما مقرين بحكمها وما أظهر ذلك إلا في قول « فَخانَتاهُما » فإن الخيانة هي فعل ما ينافي مصلحة الشخص خفية ، ثم قال على سبيل الاستفهام : ما عنا بذلك؟ ثم قال : زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عثمان لكونه ظاهرا مقرا بحكمه ، فكذا تزوجهما لكونهما مقرين بحكمه ، ولا يخفى بعده ، والأظهر أن يقرأ « إلا » بالتخفيف في الموضعين ليكون من كلامه عليه‌السلام كما ذكرنا أولا ، ويؤيده أنه مر هذا الخبر في الأصول بتغيير في السند هكذا : « إنما هي تحت

__________________

(١) سورة التحريم : ١٠.

٥٣

لا ينصبن ولا يعرفن ما تعرفون.

١٣ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال كانت تحته امرأة من ثقيف وله منها ابن يقال له إبراهيم فدخلت عليها مولاة لثقيف فقالت لها من زوجك هذا قالت محمد بن علي قالت فإن لذلك أصحابا بالكوفة قوم يشتمون السلف ويقولون قال فخلى سبيلها قال فرأيته بعد ذلك قد استبان عليه وتضعضع من جسمه شيء قال فقلت له قد استبان عليك فراقها قال وقد رأيت ذاك قال قلت نعم.

١٤ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال دخل رجل على علي بن الحسين عليه‌السلام فقال إن امرأتك الشيبانية خارجية تشتم عليا عليه‌السلام فإن سرك أن أسمعك منها ذاك أسمعتك قال نعم قال فإذا كان غدا حين تريد أن تخرج كما كنت تخرج فعد فاكمن في جانب الدار قال فلما كان من الغد كمن في جانب الدار فجاء الرجل فكلمها فتبين منها ذلك فخلى سبيلها وكانت تعجبه.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يده مقرة بدينه قال : فقال لي : ما ترى من الخيانة في قول الله عز وجل : « فَخانَتاهُما » ما يعني بذلك إلا فاحشة ، وقد زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلانا ».

وقال الجوهري : الخدر : الستر. وقال الجزري : العاتق : الشابة أول ما تدرك وقيل : هي التي لم تبن من والديها ولم تزوج وقد أدركت وشبت ، وتجمع على العتق والعواتق.

الحديث الثالث عشر : موثق.

الحديث الرابع عشر : موثق.

قال في مصباح اللغة : كمن كمونا من باب قعد : توارى واستخفض.

الحديث الخامس عشر : حسن.

٥٤

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال نكاحهما أحب إلي من نكاح الناصبية وما أحب للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا النصرانية مخافة أن يتهود ولده أو يتنصر.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال تزوج اليهودية والنصرانية أفضل أو قال خير من تزوج الناصب والناصبية.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه أتاه قوم من أهل خراسان من وراء النهر فقال لهم تصافحون أهل بلادكم وتناكحونهم أما إنكم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام وإذا ناكحتموهم انهتك الحجاب بينكم وبين الله عز وجل.

( باب )

( من كره مناكحته من الأكراد والسودان وغيرهم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إياكم ونكاح الزنج فإنه خلق مشوه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع عشر : حسن.

باب من كره مناكحته من الأكراد والسودان وغيرهم

الحديث الأول : صحيح على الظاهر.

وفي مصباح اللغة : الشوه : قبح الخلقة وهو مصدر من باب تعب ، ورجل أشوه قبيح المنظر ، وامرأة شوهاء.

٥٥

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن إسماعيل بن محمد المكي ، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسين بن خالد عمن ذكره ، عن أبي الربيع الشامي قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام لا تشتر من السودان أحدا فإن كان لا بد فمن النوبة فإنهم من الذين قال الله عز وجل : « وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ » (١) أما إنهم سيذكرون ذلك الحظ وسيخرج مع القائم عليه‌السلام منا عصابة منهم ولا تنكحوا من الأكراد أحدا فإنهم جنس من الجن كشف عنهم الغطاء.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن جعفر ، عن عمرو بن سعيد ، عن محمد بن عبد الله الهاشمي ، عن أحمد بن يوسف ، عن علي بن داود الحداد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا تناكحوا الزنج والخزر فإن لهم أرحاما تدل على غير الوفاء قال والهند والسند والقند ليس فيهم نجيب يعني القندهار.

( باب )

( نكاح ولد الزنى )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن محمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الثاني : مرسل.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

باب نكاح ولد الزنا

الحديث الأول : حسن.

قال الجوهري : الزنا يمد ويقصر. والمراد بالخبيثة المتولدة من الزنا كما فهمه المصنف ، وإن كانت يحتمل الزانية كما هو ظاهر الآية ، والمشهور كراهة نكاح ولد الزنا وذهب ابن إدريس إلى التحريم ، لأنها عنده بحكم الكافر ، قال في المختلف : المخلوقة من ماء الزاني محرمة عليه.

__________________

(١) سورة المائدة : ١٤.

٥٦

بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألته عن الخبيثة أتزوجها قال لا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام في الرجل يشتري الجارية أو يتزوجها لغير رشدة ويتخذها لنفسه فقال إن لم يخف العيب على ولده فلا بأس.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ولد الزنا ينكح قال نعم ولا يطلب ولدها.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الخبيثة يتزوجها الرجل قال لا وقال إن كان له أمة وطئها ولا يتخذها أم ولده.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سئل عن الرجل يكون له الخادم ولد زنى عليه جناح أن يطأها قال لا وإن تنزه عن ذلك فهو أحب إلي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الشيخ في الخلاف والمبسوط : لأنها بنت المزني بها ، ولأنها بنته لغة ، وقال ابن إدريس بالتحريم لا من هذه الحيثية ، بل من حيث إن بنت الزنا كافرة ولا يحل للمسلم نكاحها.

الحديث الثاني : حسن.

يقال : هذا ولد رشدة إذا كان النكاح صحيحا كما يقال : في ضده : ولد زنية بالكسر فيهما ذكره الجوهري.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : حسن.

٥٧

( باب )

( كراهية تزويج الحمقاء والمجنونة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إياكم وتزويج الحمقاء فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال زوجوا الأحمق ولا تزوجوا الحمقاء فإن الأحمق ينجب والحمقاء لا تنجب.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سأله بعض أصحابنا عن الرجل المسلم تعجبه المرأة الحسناء أيصلح له أن يتزوجها وهي مجنونة قال لا ولكن إن كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس بأن يطأها ولا يطلب ولدها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب كراهية تزويج الحمقاء والمجنونة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني : مرسل.

الحديث الثالث : صحيح.

٥٨

( باب )

( الزاني والزانية )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً » (١) قال هن نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا شهروا وعرفوا به والناس اليوم بذلك المنزل فمن أقيم عليه حد الزنا أو متهم بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً » فقال كن نسوة مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا قد عرفوا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب الزاني والزانية

الحديث الأول : ضعيف.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله تعالى : « الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً » ، قال الطبرسي (ره) (٢) : اختلف في تفسيره على وجوه أحدها أن يكون المراد بالنكاح العقد ، ونزلت الآية على سبب وهو أن رجلا من المسلمين استأذن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في أن يتزوج أم مهزول وهي امرأة كانت تسافح ولها راية على بابها تعرف بها فنزلت الآية فيها ، عن عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد وقتادة والزهري ، والمراد بالآية النهي وإن كان ظاهره الخبر ، ويؤيده ما روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، ثم روى مضمون تلك الروايات ، وقال : وثانيها : أن النكاح هاهنا الجماع والمعنى أنهما اشتركا في الزنا فهي مثله ، عن الضحاك وابن زيد وسعيد بن جبير

__________________

(١) سورة النور : ٣.

(٢) المجمع ج ٧ ص ١٢٤.

٥٩

بذلك والناس اليوم بتلك المنزلة فمن أقيم عليه حد الزنا أو شهر به لم ينبغ لأحد أن يناكحه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي إحدى الروايتين عن ابن عباس ، فيكون نظير قوله تعالى : « الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ » (١) ، في أنه خرج مخرج الأعم.

وثالثها : أن هذا الحكم كان في كل زان وزانية ، ثم نسخ بقوله « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ » (٢) الآية ، عن سعيد بن المسيب وجماعة.

ورابعها : أن المراد به العقد ، وذلك الحكم ثابت فيمن زنى بامرأة ، فإنه لا يجوز له أن يتزوج بها ، وروي ذلك عن جماعة من الصحابة ، وإنما قرن الله سبحانه بين الزاني والمشرك تعظيما لأمر الزنا وتفخيما لشأنه ، ولا يجوز أن تكون هذه الآية خبرا لأنا نجد الزاني يتزوج غير زانية ، ولكن المراد هنا الحكم في كل زان أو النهي سواء كان المراد بالنكاح الوطء أو العقد ، وحقيقة النكاح في اللغة الوطء ، « وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » أي حرم نكاح الزانيات ، أو حرم الزنا على المؤمنين ، فلا يتزوج بهن ، أو لا يطأهن إلا زان أو مشرك. انتهى.

ويحتمل أن يكون المعنى أن نكاح الزانية لا يليق إلا بالزاني والمشرك ، ولا يليق بالمؤمنين أهل العفة ، ولعله أنسب بسياق الآية فلا تدل على الحرمة وأنه زان على الحقيقة.

واعلم أن الأصحاب اختلفوا في هذا الحكم ، والمشهور الكراهة ، قال في المختلف : يكره العقد على الفاجرة ، وإن كان الزاني هو العاقد إذا لم يزن بها في حرمة عقد وعدة وإن لم يتب ، وليس ذلك محظورا أجازه الشيخ في الخلاف والاستبصار ، وبه قال ابن إدريس ، وقال المفيد : فإن فجر بها وهي غير ذات بعل ثم تاب من ذلك وأراد أن ينكحها بعقد صحيح ، جاز له ذلك بعد أن يظهر منها هي التوبة أيضا وإلا فلا.

وقال الشيخ في النهاية : إذا فجر بامرأة غير ذات بعل فلا يجوز له العقد عليها ما دامت مصرة على مثل ذلك الفعل ، فإن ظهر له منها التوبة جاز له العقد

__________________

(١) سورة النور : ٢٥.

(٢) سورة النور : ٣١.

٦٠