بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نهى رسول الله عن الاستشفاء بالحمات وهي العيون الحارة التي تكون في الجبال التي توجد فيها روائح الكبريت فإنها من فوح جهنم (١).

توضيح قال في النهاية الحمة عين ماء حار يستشفي بها المرضى وقال من فوح جهنم أي شدة غليانها وحرها ويروى بالياء بمعناه.

٥ ـ الكافي ، عن العدة عن سهل عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن نوحا عليه‌السلام لما كان في أيام الطوفان دعا المياه كلها فأجابته إلا [ ماء ] الكبريت والماء المر فلعنهما (٢).

ومنه عن العدة عن سهل عن محمد بن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبي يكره أن يتداوى بالماء المر وبماء الكبريت وكان يقول إن نوحا عليه‌السلام لما كان الطوفان دعا المياه فأجابته كلها إلا الماء المر وماء الكبريت فدعا عليهما ولعنهما (٣).

بيان قال أبو الصلاح في الكافي يكره شرب الماء الملح والكبريتي والمتغير اللون أو الطعم أو الرائحة بغير النجاسات.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠.

(٢) الكافي ٦ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠.

(٣) الكافي ٦ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠.

٤٨١

أبواب

(الأشربة والأواني المحرمة)

باب

(الأنبذة والمسكرات)

١ ـ الإحتجاج ، سئل علي بن الحسين عليه‌السلام عن النبيذ فقال قد شربه قوم وحرمه قوم صالحون فكان شهادة الذين دفعوا بشهادتهم شهواتهم أولى أن تقبل من الذين جروا بشهادتهم شهواتهم (١).

٢ ـ غيبة الشيخ ، عن جماعة عن ابن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما عن الكليني عن إسحاق بن يعقوب أنه خرج إليه من الناحية المقدسة على يدي محمد بن عثمان العمري وأما الفقاع فشربه حرام ولا بأس بالشلماب (٢).

إكمال الدين ، عن محمد بن محمد بن عصام عن الكليني مثله (٣).

بيان الشلماب كأنه ماء الشلجم وفي الإكمال بالسلمان ولم أعرف له معنى.

٣ ـ الإحتجاج ، قال : كتب محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى القائم عليه‌السلام يتخذ عندنا رب الجوز لوجع الحلق والبحبحة يؤخذ الجوز الرطب من قبل أن ينعقد ويدق دقا ناعما ويعصر ماؤه ويصفى ويطبخ على النصف ويترك يوما وليلة ثم ينصب على النار ويلقى على كل ستة أرطال منه رطل عسل ويغلى وينزع رغوته ويسحق من النوشادر والشب اليماني من كل نصف مثقال ويداف بذلك الماء ويلقى فيه درهم زعفران مسحوق ويغلى وتؤخذ رغوته ويطبخ حتى يصير مثل العسل سخينا

__________________

(١) احتجاج الطبرسي ١٧٢.

(٢) غيبة الشيخ الطوسي ١٨٨ ، وقد مر في ج ٧٩ ص ١٦٦ مع شرح في الذيل.

(٣) اكمال الدين ٤٨٤ وفيه : الشلماب وفي ط السلماب وفي بعضها سلمك.

٤٨٢

ثم ينزل عن النار ويبرد ويشرب منه فهل يجوز شربه أم لا فأجاب عليه‌السلام إذا كان كثيره يسكر أو يغير فقليله وكثيره حرام وإن كان لا يسكر فهو حلال (١).

٤ ـ قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن المسلم العارف يدخل بيت أخيه فيسقيه النبيذ أو الشراب لا يعرفه هل يصلح له شربه من غير أن يسأله عنه قال إذا كان مسلما عارفا فاشرب ما أتاك به إلا أن تنكره (٢).

كتاب المسائل ، بإسناده عن علي بن جعفر مثله.

٥ ـ الخصال ، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن الشطرنج والنرد قال لا تقربهما قلت فالغناء قال لا خير فيه لا تفعلوا قلت فالنبيذ قال نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن كل مسكر وكل مسكر حرام قلت فالظروف التي تصنع فيها قال نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير قلت وما ذاك قال الدباء القرع والمزفت الدنان والحنتم جرار الأردن والنقير خشبة كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها وقيل إن الحنتم الجرار الخضر (٣).

معاني الأخبار ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن ابن محبوب مثله.

بيان قد مر شرحه وحكمه في كتاب الطهارة.

٦ ـ العلل ، والعيون ، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان قال سمعت الرضا عليه‌السلام يقول حرم الله الخمر لما فيها من الفساد ومن تغييرها عقول شاربيها

__________________

(١) الاحتجاج ٢٧٦.

(٢) قرب الإسناد ١٥٦ ، كتاب المسائل ج ١٠ ص ٢٧٤ من البحار.

(٣) الخصال ١ : ١٢٠ ط حجر ، ومثله في معاني الأخبار ٢٢٤.

٤٨٣

وحملها إياهم على إنكار الله عز وجل والفرية عليه وعلى رسله وسائر ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف والزنا وقلة الاحتجاز من شيء من الحرام فبذلك قضينا على كل مسكر من الأشربة أنه حرام محرم لأنه يأتي من عاقبتها ما يأتي من عاقبة الخمر فليجتنب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتولانا وينتحل مودتنا كل شراب مسكر فإنه لا عصمة بيننا وبين شاربيها (١).

٧ ـ العيون ، عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون من دين أهل البيت عليهم‌السلام تحريم الخمر قليلها وكثيرها وتحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره وما أسكر كثيره فقليله حرام والمضطر لا يشرب الخمر لأنها تقتله (٢).

٨ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن أبيه عن هلال بن محمد الحفار عن إسماعيل بن علي الخزاعي عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة وأبي سلمة معا عن عائشة قالت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أسكر كثيره فالجرعة منه خمر (٣).

٩ ـ ومنه ، عن أبيه عن علي بن أحمد عن أحمد بن محمد القطان عن إسماعيل بن محمد القاضي عن علي بن إبراهيم عن السري بن عامر عن النعمان بن بشير عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا أيها الناس إن من العنب خمرا وإن من الزبيب خمرا وإن من التمر خمرا وإن من الشعير خمرا ألا أيها الناس أنهاكم عن كل مسكر.

١٠ ـ قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الكحل يصلح أن يعجن بالنبيذ قال لا (٤).

١١ ـ ثواب الأعمال ، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن الصادق عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أدخل عرقا من

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ١٦١ ، عيون الأخبار ٢ : ٩٨.

(٢) عيون الأخبار ٢ : ١٢٦.

(٣) أمالي الطوسي ج ١ ص ٣٨٨ والحديث الذي بعده ص ٣٩٠.

(٤) قرب الإسناد ١٦٤ ط نجف.

٤٨٤

عروقه شيئا مما يسكر كثيره عذب الله عز وجل ذلك العرق بستين وثلاثمائة نوع من العذاب (١).

١٢ ـ ومنه ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن أبي محمد الأنصاري عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الخبثي فقال الخبثي حرام وشاربه كشارب الخمر (٢).

بيان الخبثي في بعض النسخ كذلك ولم أجد له معنى وفي بعضها الحثى بالحاء المهملة والثاء المثلثة وفي بعضها بالتاء المثناة وفي القاموس الحثى كالثرى قشور التمر وقال الحتي كغني سويق المقل ومتاع الزبيل أو عرقه وثفل التمر وقشوره انتهى ولعل المراد به النبيذ المتخذ من قشور التمر وشبهها (٣).

١٣ ـ البصائر ، عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله المؤمن عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله أدب نبيه حتى إذا أقامه على ما أراد قال له « وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ » فلما فعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زكاه الله فقال « إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ » فلما زكاه فوض إليه دينه فقال « ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » فحرم الله الخمر وحرم رسول الله كل مسكر فأجاز الله ذلك كله وإن الله أنزل الصلاة وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقت أوقاتها فأجاز الله ذلك له (٤).

ومنه عن عبد الله بن محمد الحجال عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن ابن سنان عن إسحاق مثله.

ومنه عن محمد بن عيسى عن النضر عن عبد الله بن سليمان أو عن رجل عن عبد الله عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

ومنه عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن عذافر عن عبد الله بن

__________________

(١ و ٢) ثواب الأعمال : ٢٩٢ و ٢٩٣.

(٣) بل هو « الخنثى » يعنى الخمر أو النبيذ الذي يكسر بالماء فيلين ويكسر حدته فلا يسكر.

(٤) بصائر الدرجات ٣٧٨ والآيات في الأعراف ١٩٩ ، القلم ٤ ، الحشر ٧.

٤٨٥

سنان عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

ومنه عن إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن رجل من إخواننا عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

ومنه عن إبراهيم بن هاشم عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

أقول تمام تلك الأخبار في باب التفويض (١).

١٤ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام وعن أبي عمر العجمي قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام يا با عمر تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شيء إلا في شرب النبيذ والمسح على الخفين (٢).

١٥ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام اعلم أن كل صنف من صنوف الأشربة التي لا يغير العقل شرب الكثير منها لا بأس به سوى الفقاع فإنه منصوص عليه لغير هذه العلة وكل شراب يتغير العقل منه كثيره وقليله حرام أعاذنا الله وإياكم منها (٣).

١٦ ـ العياشي ، عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام قال : السكر من الكبائر (٤).

١٧ ـ الكشي ، وجدت في كتاب محمد بن نعيم الشاذاني بخطه حدثني جعفر بن محمد المدائني عن موسى بن القاسم البجلي عن حنان بن سدير عن أبي نجران قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن لي قرابة يحبكم إلا أنه يشرب هذا النبيذ قال حنان وأبو نجران هو الذي يشرب النبيذ غير أنه كنى عن نفسه قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فهل كان يسكر فقال قلت إي والله جعلت فداك إنه ليسكر فقال فيترك الصلاة قال ربما قال

__________________

(١) بصائر الدرجات ٣٧٨ ـ ٣٨٣ راجع ج ٢٥ : ٣٢٨ ـ ٣٥٠ من البحار.

(٢) المحاسن ٢٥٩.

(٣) كتاب التكليف للشلمغانى المعروف بفقه الرضا ٣٤.

(٤) تفسير العياشي ١ : ٢٣٨.

٤٨٦

للجارية صليت البارحة فربما قالت نعم قد صليت ثلاث مرات وربما قال للجارية صليت البارحة العتمة فتقول لا والله ما صليت ولقد أيقظناك وجهدنا بك فأمسك أبو عبد الله عليه‌السلام يده على جبهته طويلا ثم نحى يده ثم قال له قل له يتركه فإن زلت به قدم فإن له قدما ثابتا بمودتنا أهل البيت (١).

١٨ ـ دلائل الطبري ، عن القاضي أبي الفرج المعافى عن إسحاق بن محمد بن علي عن أحمد بن الحسن المقري عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى عن عمي أبيه الحسين وعلي ابني موسى عن أبيهما عن أبيه جعفر بن محمد عن آبائه عن فاطمة عليهم‌السلام قالت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا حبيبة أبيها كل مسكر حرام وكل مسكر خمر (٢).

١٩ ـ الهداية ، وكل ما أسكر فقليله وكثيره حرام (٣).

٢٠ ـ الخصال ، عن ستة من مشايخه عن أحمد بن يحيى عن زكريا عن بكر بن عبد الله عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : الشراب كل ما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام (٤).

٢١ ـ تفسير علي بن إبراهيم ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ » الآية أما الخمر فكل مسكر من الشراب خمر إذا أخمر فهو خمر وما أسكر كثيره فقليله حرام وكثيره حرام وذلك أن أبا بكر شرب قبل أن يحرم الخمر فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر فسمعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال اللهم أمسك على لسانه فأمسك على لسانه فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر فأنزل الله تحريمها بعد ذلك.

وإنما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر والتمر فلما نزل تحريمها خرج رسول الله فقعد في المسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها

__________________

(١) رجال الكشي ٣٢٠.

(٢) دلائل الطبري ٣.

(٣) الهداية ٧٦.

(٤) الخصال ٦٠٩ ط صدوق.

٤٨٧

فأكفأها كلها ثم قال هذه كلها خمر وقد حرمها الله وكان أكثر شيء أكفي يومئذ من الأشربة الفضيخ ولا أعلم أكفئ يومئذ من خمر العنب شيء إلا إناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعا فأما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شيء وحرم الله الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشراءها والانتفاع بها وسمي المسجد الذي قعد فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم أكفيت الأشربة مسجد الفضيخ من يومئذ لأنه أكثر شيء أكفي من الأشربة الفضيخ (١).

٢٢ ـ كتاب زيد النرسي ، عن علي بن زيد قال : حضرت أبا عبد الله عليه‌السلام ورجل يسأله عن شارب الخمر أتقبل له صلاة فقال أبو عبد الله عليه‌السلام لا تقبل صلاة شارب المسكر أربعين يوما إلا أن يتوب قال له الرجل فإن مات من يومه وساعته قال تقبل توبته وصلاته إذا تاب وهو يعقل فأما أن يكون في سكره فما يعبأ بتوبته.

٢٣ ـ ومنه ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما زالت الخمر في علم الله وعند الله حرام [ حراما ] وإنه لا يبعث الله نبيا ولا يرسل رسولا إلا ويجعل في شريعته تحريم الخمر ولا حرم الله حراما فأحله من بعد إلا للمضطر ولا أحل الله حلالا ثم حرمه.

بيان لعل الحكمان الأخيران مختصان بالمأكولات والمشروبات فلا ينافي النسخ في غيرها ويحمل أيضا على ما إذا حكم فيه بالحلية لا ما كان حلالا قبل ورود النهي بالإباحة الأصلية وبالجملة إبقاؤهما على العموم ينافي ظاهرا كثيرا من الآيات والأخبار الدالة على النسخ في الأحكام.

٢٤ ـ ثواب الأعمال ، في حديث طويل مشتمل على عقوبات كثير من المناهي أسنده إلى أبي هريرة وابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في آخر خطبة خطبها من شرب الخمر في الدنيا سقاه الله عز وجل من سم الأساود ومن سم العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الإناء قبل أن يشربها فإذا شربها تفسخ لحمه وجلده كالجيفة يتأذى

__________________

(١) تفسير القمي ١٦٧ في حديث طويل تراه في ج ٧٩ ص ١٣١ ـ ١٣٣.

٤٨٨

به أهل الجمع حتى يؤمر به إلى النار وشاربها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها سواء في عارها وإثمها ألا ومن سقاها يهوديا أو نصرانيا أو صابئيا أو من كان من الناس فعليه كوزر من شربها ألا ومن باعها أو اشتراها لغيره لم يقبل الله عز وجل منه صلاة ولا صياما ولا حجا ولا اعتمارا حتى يتوب منها.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألا وإن الله عز وجل حرم الخمر بعينها والمسكر من كل شراب ألا وكل مسكر حرام (١).

٢٥ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام روي أن من سقى صبيا جرعة من مسكر سقاه الله من طينة الخبال حتى يأتي بعذر مما أتى ولن يأتي أبدا يفعل به ذلك مغفورا له أو معذبا (٢).

٢٦ ـ العياشي ، عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله أمر نوحا أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين فحمل النحل [ النخل ] والعجوة فكانا زوجا فلما نضب الماء أمر الله نوحا أن يغرس الحبلة وهي الكرم فأتاه إبليس ومنعه عن غرسها وأبى نوح إلا أن يغرسها وأبى إبليس أن يدعه يغرسها وقال ليست لك ولا لأصحابك إنما هي لي ولأصحابي فتنازعا ما شاء الله ثم إنهما اصطلحا على أن جعل نوح لإبليس ثلثيها ولنوح ثلثها وقد أنزل الله لنبيه في كتابه ما قد قرأتموه « وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً » فكان المسلمون يشربون بذلك ثم أنزل الله آية التحريم « إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ » إلى « مُنْتَهُونَ » يا سعيد فهذه التحريم وهي نسخت الآية الأخرى (٣).

٢٧ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين

__________________

(١) ثواب الأعمال ٣٣٦.

(٢) كتاب التكليف لابن أبي العزاقر الشلمغانى ٣٨.

(٣) تفسير العياشي ٢ : ٢٦٢ والآيات في النحل ٧٦ ، المائدة ٩٠.

٤٨٩

عليه‌السلام من سقى صبيا مسكرا وهو لا يعقل حبسه الله عز وجل في طينة خبال حتى يأتي مما صنع بمخرج (١).

٢٨ ـ الإحتجاج ، سأل زنديق أبا عبد الله عليه‌السلام لم حرم الله الخمر ولا لذة أفضل منها قال حرمها لأنها أم الخبائث ورأس كل شر يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه ولا يترك معصية إلا ركبها ولا يترك حرمة إلا انتهكها ولا رحما ماسة إلا قطعها ولا فاحشة إلا أتاها والسكران زمامه بيد الشيطان إن أمره أن يسجد للأوثان سجد وينقاد حيثما قاده (٢).

٢٩ ـ المقنع ، اعلم أن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينها وحرم رسول الله عليه‌السلام كل شراب مسكر ولعن بائعها ومشتريها وآكل ثمنها وساقيها وشاربها.

ولها خمسة أسامي العصير وهو من الكرم والنقيع وهو من الزبيب والبتع وهو من العسل والمزر وهو من الحنطة والنبيذ وهو من التمر واعلم أن الخمر مفتاح كل شر واعلم أن شارب الخمر كعابد وثن وإذا شربها حبست صلاته أربعين يوما فإن تاب في الأربعين لم تقبل توبته وإن مات فيها دخل النار وكلما أسكر كثيره فقليله حرام ولا تجالس شارب الخمر فإن اللعنة إذا نزلت عمتهم في المجلس ولا تأكل على مائدة يشرب عليها خمر (٣).

٣٠ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام اعلم يرحمك الله أن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينها وحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كل شراب مسكر وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله الخمر حرام بعينها والمسكر من كل شراب فما أسكر كثيره فقليله حرام ولها خمسة أسامي فالعصير من الكرم وهي الخمرة الملعونة والنقيع من الزبيب والبتع من العسل والمزر من

__________________

(١) الخصال ٢ : ١٦٩ ص ٥ ط حجر.

(٢) الاحتجاج : ١٩٠ ـ ١٩١ في حديث طويل تراه في البحار ١٠ : ١٦٤ ـ ١٨٨.

(٣) المقنع : ١٥٢ ـ ١٥٣.

٤٩٠

الشعير وغيره والنبيذ من التمر.

وإياك أن تزوج شارب الخمر فإن زوجته فكأنما قدت إلى الزنا ولا تصدقه إذا حدثك ولا تقبل شهادته ولا تأمنه على شيء من مالك فإن ائتمنته فليس لك على الله ضمان ولا تؤاكله ولا تصاحبه ولا تضحك في وجهه ولا تصافحه ولا تعانقه وإن مرض فلا تعده وإن مات فلا تشيع جنازته ولا تصل في بيت فيه خمر محصرة في آنية ولا تأكل في مائدة يشرب عليها بعدك خمر ولا تجالس شارب الخمر ولا تسلم عليه إذا جزت به فإن سلم عليك فلا ترد عليه‌السلام بالمساء والصباح ولا تجتمع معه في مجلس فإن اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس.

وإن الله تعالى حرم الخمر لما فيها من الفساد وبطلان العقول في الحقائق وذهاب الحياء من الوجه وإن الرجل إذا سكر فربما وقع على أمه أو قتل النفس التي حرم الله ويفسد أمواله ويذهب بالدين ويسيء المعاشرة ويوقع العربدة وهو يورث مع ذلك الداء الدفين فمن شرب الخمر في دار الدنيا سقاه الله من طينة خبال وهي صديد أهل النار وروي أن من سقى صبيا جرعة من مسكر سقاه الله من طينة الخبال حتى يأتي بعذر مما أتى وإنه لا يأتي به أبدا يفعل به ذلك مغفورا له أو معذبا وعلى شارب كل مسكر مثل ما على شارب الخمر من الحد (١).

٣١ ـ كتاب الزهد ، للحسين بن سعيد عن الحسين بن علي الكلبي عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرجل أبلغ من لقيت من المسلمين عني السلام وأعلمهم أن الصفيرا [ الصغيراء ] عليهم حرام يعني النبيذ وهو الخمر وكل مسكر عليهم حرام.

بيان لم أجد الصفيرا بهذا المعنى في اللغة ولعل فيه تصحيفا ولا يبعد أن يكون بالغين تصغير الصغرى كما ورد أنها خمر استصغرها الناس أو يكون تصحيف الغبيراء قال في النهاية فيه إياكم والغبيراء فإنها خمر العالم الغبيراء ضرب من الشراب تتخذه الحبش من الذرة وتسمى السكركة وقال ثعلب هي خمر تعمل من

__________________

(١) كتاب التكليف ٣٨.

٤٩١

الغبيراء هذا الثمر المعروف أي هي مثل الخمر الذي تعارفها جميع الناس ولا فصل بينها في التحريم.

٣٢ كتاب المسائل ، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الدواء هل يصلح بالنبيذ قال لا إلى أن قال وسألته عن الكحل يصلح أن يعجن بالنبيذ قال لا (١).

٣٣ ـ قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الطعام يوضع على سفرة أو خوان قد أصابه الخمر أيؤكل عليه قال إن كان الخوان يابسا فلا بأس (٢).

٣٤ ـ العيون ، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان قال سمعت الرضا عليه‌السلام يقول لما حمل رأس الحسين بن علي عليه‌السلام إلى الشام أمر يزيد لعنه الله فوضع ونصبت عليه مائدة فأقبل هو وأصحابه يأكلون ويشربون الفقاع فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طست تحت سريره وبسط عليه رقعة الشطرنج وجلس يزيد لعنه الله يلعب بالشطرنج إلى أن قال ويشرب الفقاع فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقاع والشطرنج ومن نظر إلى الفقاع وإلى الشطرنج فليذكر الحسين عليه‌السلام وليلعن يزيد وآل زياد عليه وعليهم لعنة الله يمح الله عز وجل بذلك ذنوبه ولو كانت بعدد النجوم (٣).

٣٥ ـ كتاب المسائل ، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن النضوح يجعل فيه النبيذ أيصلح للمرأة أن تصلي وهو على رأسها قال لا حتى تغتسل منه (٤).

٣٦ ـ قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر مثله.

__________________

(١) البحار ١٠ : ٢٥٥ و ٢٦٩ ط الحروفية.

(٢) قرب الإسناد ١٥٥.

(٣) عيون الأخبار ٢ : ٢٣.

(٤) بحار الأنوار ١٠ : ٢٦٩. ومثله في قرب الإسناد ١٣٣.

٤٩٢

٤٠ ـ الدعائم ، شرب المياه التي خلقها الله جل ذكره لا صنعة فيها للآدميين ما لم تخالطها نجاسة أو ما يحرم شربها من أجله مباح ذلك بإجماع في ما علمناه وكذلك شرب لبن كل شيء يؤكل لحمه من الدواب والصيد والأنعام فحلال شربه وما لا يحل أكل لحمه فلا يجوز شرب لبنه إلا لمضطر وما خلط به الماء من لبن أو عسل أو ما يحل أكله وشربه من تمر أو زبيب وغير ذلك من المحللات فشربه حلال ما لم يتغير بالغليان والنشيش وكل ما استخرج من عصير العنب والتمر والزبيب وطبخ قبل أن ينش حتى يصير له قوام العسل فهو حلال شربه صرفا وشوبا بالماء ما لم يغل وأكله وبيعه وشراؤه والانتفاع به وقد روينا عن علي عليه‌السلام أنه كان يروق الطلاء (١) وهو ما طبخ من عصير العنب حتى يصير له قوام كما وصفناه.

وعن أبي جعفر عليه‌السلام أنه سئل عن شرب العصير فقال لا بأس بشربه من الإناء الطاهر غير الضاري اشربه يوما وليلة ما لم يسكر كثيره فإذا أسكر كثيره فقليله حرام لا تشربوا خزيا طويلا فبعد ساعة أو بعد ليلة تذهب لذة الخمر وتبقى آثامه فاتقوا الله وحاسبوا أنفسكم فإنما كان شيعة علي عليه‌السلام يعرفون بالورع والاجتهاد والمحافظة ومجانبة الضغائن والمحبة لأولياء الله.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : لا بأس بشرب العصير سلافة قبل أن يختمر ما لم يسكر.

وعن علي عليه‌السلام قال : كنا ننقع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زبيبا أو تمرا في مطهرة في الماء لنخليه له فإذا كان اليوم واليومين شربه فإذا تغير أمر به فهريق.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : الحلال من النبيذ أن تنبذه وتشربه من يومه ومن الغد فإذا تغير فلا تشربه ونحن نشربه حلوا قبل أن يغلي.

وقال عليه‌السلام كانت سقاية زمزم فيها ملوحة فكانوا يطرحون فيها تمرا ليعذب ماؤها (٢).

__________________

(١) يرزق ظ.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ١٢٧ ـ ١٢٨.

٤٩٣

بيان في النهاية ضري بالشيء يضرى وضراوة فهو ضار إذا اعتاده ويقال ضري الكلب وأضراه صاحبه أي عوده وأغراه وبه يجمع على ضوار ومنه حديث علي عليه‌السلام أنه نهى عن الشرب من الإناء الضاري هو الذي ضري بالخمر وعودها فإذا جعل فيه العصير صار مسكرا وقال ثعلب الإناء الضاري هاهنا هو السائل أي أنه ينغص الشرب على شاربه وقال الجوهري السلاف ما سال من عصير العنب قبل أن يعصر ويسمى الخمر سلافا وسلافة كل شيء عصرته وأوله.

٤١ ـ الدعائم ، روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الخمر حرام ولعن الله الخمر بعينها وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه.

وعن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : مدمن الخمر يلقى الله حين يلقاه كعابد وثن ومن شرب منها شربة لم يقبل الله منه صلاة أربعين ليلة.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : حرمت الجنة على ثلاثة مدمن الخمر وعابد وثن وعدو آل محمد ومن شرب الخمر فمات بعد ما شربها بأربعين يوما لقي الله كعابد وثن.

وعن علي عليه‌السلام أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لا أحل مسكرا كثيره وقليله حرام.

وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كل مسكر حرام قيل له أعنك قال لا بل قاله رسول الله قيل كله قال نعم الجرعة منه حرام.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المسكر من كل شراب وما حرمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد حرمه الله وكل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام فقال له رجل من أهل الكوفة أصلحك الله إن فقهاء بلدنا يقولون إنما حرم المسكر فقال يا شيخ ما أدري ما يقول فقهاء بلدك حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ما أسكر

٤٩٤

كثيره فقليله حرام.

وعنه عليه‌السلام أنه قال : التقية ديني ودين آبائي في كل شيء إلا في تحريم المسكر وخلع الخفين عند الوضوء والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : ليس مني من استخف بالصلاة ليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض لا والله.

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : لا توادوا من يستحل المسكر فإن شاربه مع تحريمه أيسر من هالك يستحله أو يحله وإن لم يشربه فكفى بتحليله إياه براءة وردا بما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورضى بالطواغيت.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : من شرب مسكرا فأذهب عقله خرج منه روح الإيمان.

وعن الحسن بن علي عليه‌السلام أنه كتب إلى معاوية كتابا يقرعه فيه ويبكته بأمور صنع كان فيه ثم وليت ابنك وهو غلام يشرب الشراب ويلهو بالكلاب فخنت أمانتك وأخزيت رعيتك ولم تؤد نصيحة ربك فكيف تولي على أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من يشرب المسكر وشارب المسكر من الفاسقين وشارب المسكر من الأشرار وليس شارب المسكر بأمين على درهم فكيف على الأمة فعن قليل ترد على عملك حين تطوى صحائف الاستغفار وذكر باقي الكلام.

وعن علي بن الحسين عليه‌السلام أنه قال : الخمر من خمسة أشياء من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل يعني بعد العنب وكل مسكر خمر وإنما اشتق اسم الخمر من التخمير وهو التغطية له ليدفأ فيغتلي.

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن يعالج بالخمر والمسكر وأن يسقى الأطفال والبهائم وقال الإثم على من سقاها.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : لا يتداوى بالخمر ولا المسكر ولا تمتشط النساء به فقد أخبرني أبي عن أبيه عن جده أن عليا عليه‌السلام قال إن الله لم يجعل في رجس حرمه شفاء.

٤٩٥

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه سئل عن شرب الفقاع فقال للسائل كيف هو فأخبره قال حرام فلا تشربه.

وعنه عليه‌السلام أنه سئل عن الأواني الضارية فقال إن الله لم يحرم النبيذ من جهة الظروف لكنه حرم قليل المسكر وكثيره (١).

تذييل يشتمل على فائدتين :

الأولى تحريم الخمر موضع وفاق بين المسلمين وهو من ضروريات الدين حتى يقتل مستحله ولا خلاف بيننا في تحريم كل ما أسكر وستأتي الأخبار الكثيرة في ذلك في أبواب الكبائر والحدود (٢) والمعتبر في التحريم إسكار كثيره فيحرم قليله ولا خلاف أيضا في تحريم الفقاع وذكر الأكثر أنه حرام وإن لم يسكر لورود النصوص بتحريمه من غير تقييد وظاهر الشهيد الثاني رحمه‌الله أنه أيضا موضع وفاق لكن صدق الفقاع على غير المسكر غير معلوم وظاهر التعليلات الواردة في الأخبار أن تحريمه باعتبار الإسكار وقد مضى فيما أخرجنا عن فقه الرضا عليه‌السلام ما يدل على المشهور.

وقال في المسالك الحكم معلق على ما يطلق عليه اسم الفقاع عرفا مع الجهل بأصله أو وجود خاصية وهي النشيش وهو المعبر عنه في بعض الأخبار بالغليان ولو أطلق الفقاع على شراب يعلم حله قطعا كالأقسام الذي طال مكثه ولم يبلغ هذا الحد لم يحرم قطعا وفي صحيحة علي بن يقطين عن الكاظم عليه‌السلام قال : سألته عن شرب الفقاع الذي يعمل في السوق ويباع ولا أدري كيف عمل ولا متى عمل أيحل أن أشربه قال لا أحبه (٣) وهذه الرواية تشعر بكراهة المجهول انتهى.

وقال ابن إدريس رحمه‌الله في السرائر كل ما أسكر كثيره فالقليل منه حرام لا يجوز استعماله بالشرب والتصرف فيه بالبيع والهبة وينجس ما يحصل فيه خمرا

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ : ١٣١ ـ ١٣٤.

(٢) راجع ج ٧٩ من هذه الطبعة الحديثة.

(٣) راجع التهذيب ٩ : ١٢٦.

٤٩٦

كان أو نبيذا أو بتعا بكسر الباء المنقطة من تحتها بنقطة واحدة وتسكين التاء المنقطة من فوقها بنقطتين والعين غير المعجمة وهو شراب يتخذ من العسل أو نقيعا وهو شراب يتخذ من الزبيب أو مزرا بكسر الميم وتسكين الزاء المعجمة وبعدها الراء غير المعجمة وهو شراب يتخذ من الذرة وغير ذلك من المسكرات وحكم الفقاع عند أصحابنا حكم الخمر على السواء في أنه حرام شربه وبيعه والتصرف فيه ولا يجوز شرب الفضيخ بالفاء والضاد المعجمة والياء المنقطة من تحتها نقطتين والخاء المعجمة وهو ما عمل من تمر وبسر ويقال هو أسرع إدراكا.

وكذلك كل ما عمل من لونين حتى نش وتغير وأسكر كثيره فالقليل منه حرام والحد في قليله وكثيره واحد كالخمر وإن لم يسكر منها شاربها لأن النبيذ اسم مشترك لما حل شربه من الماء المنبوذ فيه ثمر النخل وغيره قبل حلول الشدة فيه وهو أيضا واقع على ما دخلته الشدة في ذلك أو ينبذ على عكر والعكر بقية الخمر في الإناء كالخميرة عندهم ينبذون عليه فمهما ورد في الأحاديث في تحليل النبيذ فهو في الحال الأولى ومهما ورد من التحريم له فهو في الحال الثانية التي يتغير فيها ويحرم بما حله من الشدة والسكر والعكر وضراوة الآنية بالخميرة وغليانه وغير ذلك من أسباب تحريمه.

ولا أختار أن ينبذ الشراب الحلال إلا في أسقية الأديم التي تملأ ثم يوكئ رءوسها فإنه قد قيل إن الشدة حين يبتدئ بالنبيذ لسوء الأسقية وأنه إن لحقه منه شيء أخرجه إلى الحموضة في الرواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأما الحنتم بالحاء غير المعجمة والنون والتاء المنقطة من فوقها بنقطتين وهي الجرة الخضراء هكذا ذكره الجوهري وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه الحنتم الجرة الصغيرة والدباء بضم الدال وتشديد الباء والنقيرة والمزفت.

قال محمد بن إدريس رحمه‌الله المزفت من الأرزن هكذا ذكره الجاحظ في كتاب الحيوان والقطران من الصنوبر فقد روي أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن ينبذ في هذه الأواني وقال انبذوا في الأدم فإنه يدلى ويعلق وكل هذا المنهي عنه لأجل

٤٩٧

الظروف فإنها تكون في الأرض فتسرع الشدة إليها ثم أباح هذا كله بما روي عن أبي بريدة عن أبيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهن نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن زيارتها تذكرة ونهيتكم عن الأشربة أن تشربوا إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها بعد ثلاث فكلوا واستمتعوا (١).

فإن نبذ في شيء من تلك الظروف فلا يشرب إلا ما وقع اليقين بأنه لم تحله شدة ظاهرة ولا خفية ولا يكون ذلك إلا بسرعة شرب ما ينبذ فيه فأما الدباء فإنه القرع والنقير خشبة تنقر وتحوط كالبرنية والمقير ما قير بالزفت بكسر الزاي انتهى.

وقال في النهاية فيه أنه سئل عن البتع فقال كل مسكر حرام البتع بسكون التاء نبيذ العسل وهو خمر أهل اليمن وقد تحرك التاء كقمع وقمع وقال فيه إن نفرا من اليمن سألوه فقالوا إن بها شرابا يقال له المزر فقال كل مسكر حرام المزر بالكسر نبيذ يتخذ من الذرة وقيل من الشعير أو الحنطة وفيه وأظنه عن طاوس المزرة الواحدة تحرم أي المصة الواحدة والمزر والتمزر الذوق شيئا بعد شيء وقال قد تكرر في الحديث ذكر النبيذ وهو ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك يقال نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا فصرف من مفعول إلى فعيل وانتبذته اتخذته نبيذا سواء كان مسكرا أو غير مسكر فإنه يقال له نبيذ ويقال للخمر المعتصر من العنب نبيذ كما يقال للنبيذ خمر.

الثانية المشهور بين الأصحاب جواز سقي الدواب المسكرات بل سائر المحرمات للأصل وعدم التكليف وحكم القاضي بتحريمه كما مر لكنهم قالوا بكراهته لرواية أبي بصير ورواية غياث (٢) والمعروف عندهم أنه يحرم سقي الأطفال المسكر لرواية عجلان (٣) وغيرها قال في الدروس ولا يجوز أن يسقى الطفل شيئا

__________________

(١) راجع صحيح مسلم كتاب الاشربة الباب ٦ مجمع الزوائد ٥ : ٦٥.

(٢ ـ ٣) راجع الكافي : ٦ : ٣٩٧ و ٤٣٠.

٤٩٨

من المسكر وأما البهيمة فالمشهور الكراهة وسوى القاضي بينهما في التحريم ورواية أبي بصير تدل على الكراهية في البهيمة وفي رواية عجلان من سقى مولودا مسكرا سقاه الله من الحميم انتهى.

وقال في المختلف قال الشيخ في النهاية يكره أن يسقى شيء من الدواب الخمر والمسكر وكذا قال ابن إدريس وقال ابن البراج لا يجوز أن يسقى شيء من البهائم والأطفال شيئا من الخمر والمسكر والمعتمد قول الشيخ لنا الأصل عدم التحريم إذ لا تكليف على الدواب والبهائم فلا تحريم يتعلق بها ولا بصاحبها حيث لم يشربها وإنما كان مكروها لما رواه أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن البهيمة البقرة وغيرها تسقى أو تطعم ما لا يحل للمسلم أن يأكله ويشربه أيكره ذلك قال نعم يكره ذلك.

٢

باب

(النهي عن الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر)

١ ـ مجالس الصدوق ، في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر (١).

٢ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لا تجلسوا على مائدة تشرب عليها الخمر فإن العبد لا يدري متى يؤخذ (٢).

٣ ـ الفقيه ، قال الصادق عليه‌السلام لا تجالسوا شراب الخمر فإن اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس (٣).

__________________

(١) أمالي الصدوق ٢٥٤.

(٢) الخصال ٦١٩.

(٣) فقيه من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤١.

٤٩٩

بيان : المعروف من مذهب الأصحاب تحريم الأكل على مائدة يشرب عليها شيء من المسكرات أو الفقاع قال في المسالك يدل على تحريم الأكل على مائدة يشرب عليها الخمرقول الصادق عليه‌السلام في رواية هارون بن الجهم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر وفي رواية أخرى ملعون من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها الخمرو روى جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر (١) والرواية الأولى تضمنت تحريم الجلوس عليها سواء أكل أم لا والأخيرة دلت على تحريم الأكل منها سواء كان جالسا أم لا والاعتماد على الأولى لصحتها وعداه العلامة إلى الاجتماع على الفساد واللهو.

وقال ابن إدريس لا يجوز الأكل من طعام يعصى الله به أو عليه ولم نقف على مأخذه والقياس باطل وطريق الحكم مختلف وعلل بأن القيام يستلزم النهي عن المنكر من حيث إنه إعراض عن فاعله وإعانة له فيجب لذلك ويحرم تركه بالمقام عليها وفيه نظر لأن النهي عن المنكر إنما يجب بشرائط من جملتها تجويز التأثير ومقتضى الروايات تحريم الجلوس والأكل حينئذ وإن لم ينته عن المنكر ولم يجوز تأثيره وأيضا فالنهي عن المنكر لا يتقيد بالقيام بل بحسب مراتبه المعلومة على التدريج وإذا لم يكن القيام من مراتبه لا يجب فعله وأما إلحاق الفقاع بالخمر فإنه وإن لم يرد عليه نص بخصوصه لكن ورد أنه بمنزلة الخمر فإنه خمر مجهول وأنه خمر استصغره الناس فجاز إلحاقه به في هذا الحكم.

وقال المحقق الأردبيلي رحمه‌الله هل يحرم الطعام الذي كان عليها أو الجلوس حرام أكل أم لا أو الأكل جلس أم لا صريح الصحيحة الثانية أن الجلوس حرام ويمكن فهم تحريم الأكل أيضا ويؤيده التصريح في الثالثة وأما تحريم أصل الطعام فلا يعلم فيكون كالأكل في آنية الذهب والفضة يكون الأكل حراما لا المأكول أيضا فتأمل ولكن ما دام في تلك المائدة ويحتمل بعيدا مطلقا.

__________________

(١) راجع الكافي ٦ : ٢٦٨ المحاسن ٥٨٤ ـ ٥٨٥.

٥٠٠