بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بيان : الرقى جمع الرقية وهي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة والكراهة فيه بمعنى الحرمة إن كان من قبيل السحر كقوله تعالى « وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ » وفي الطعام على الكراهة وقد مر الكلام في نفخ موضع السجود.

٣ الخصال ، في الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام أقروا الحار حتى يبرد فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قرب إليه طعام فقال أقروه حتى يبرد ويمكن أكله ما كان الله عز وجل ليطعمنا النار والبركة في البارد (١).

المحاسن ، عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام وذكر مثله قال ورواه بعض أصحابنا عن الأصم عن حريز عن محمد بن مسلم مثله (٢).

بيان في المصباح أمكنني الأمر سهل وتيسر.

٤ ـ العيون ، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : أتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بطعام فأدخل إصبعه فيه فإذا هو حار قال دعوه حتى يبرد فإنه أعظم بركة وإن الله تبارك وتعالى لم يطعمنا النار (٣).

الصحيفة ، عنه عليه‌السلام مثله (٤).

٥ ـ العلل ، عن علي بن حاتم عن محمد بن جعفر بن الحسين عن محمد بن عيسى بن زياد عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة عن بكار بن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن الرجل ينفخ في القدح قال لا بأس وإنما يكره ذلك إذا كان معه غيره كراهة أن يعافه وعن الرجل ينفخ في الطعام قال أليس إنما يريد برده قال نعم [ قال ] لا بأس.

قال الصدوق رحمه‌الله الذي أفتي به وأعتمده هو أنه لا يجوز النفخ في الطعام والشراب سواء كان الرجل وحده أو مع غيره ولا أعرف هذه العلة إلا في هذا الخبر. (٥)

__________________

(١) الخصال ٦١٣.

(٢) المحاسن ٤٠٦.

(٣) عيون الأخبار ٢ : ٤٠.

(٤) صحيفة الرضا ١٥.

(٥) علل الشرائع ٢ : ٢٠٥.

٤٠١

بيان : عدم البأس لا ينافي الكراهة ويمكن أن يكون إذا كان معه غيره أشد كراهة والمشهور الكراهة مطلقا وظاهر الصدوق الحرمة وإن كان عدم الجواز في عبارة القدماء ليس بصريح فيها.

٦ ـ المحاسن ، عن بعضهم رفعه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله السخون بركة (١).

بيان كأن السخون بالضم وهو الحار وهو محمول على الحرارة المعتدلة وما ورد في ذمه محمول على ما إذا كان شديد الحرارة ويحتمل أن يكون المراد نوعا من المرق قال في القاموس السخن بالضم الحار سخن مثله سخونة وسخنة وسخنا بضمهن وسخانة وسخنا محركة والسخون مرق يسخن.

٧ ـ المحاسن ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن جعفر بن محمد بن حكيم عن مرازم قال : بعث إلينا أبو عبد الله عليه‌السلام بطعام سخن فقال كلوا قبل أن يبرد فإنه أطيب (٢).

٨ ـ ومنه ، عن ابن القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال : أتي النبي بطعام حار فقال إن الله لم يطعمنا الحار أقروه حتى يبرد فتركه حتى برد (٣).

٩ ـ ومنه ، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أتي بطعام حار جدا فقال ما كان الله ليطعمنا النار أقروه حتى يمكن فإنه طعام ممحوق للشيطان فيه نصيب (٤).

١٠ ـ ومنه ، عن أبيه عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : الحار غير ذي بركة وللشيطان فيه نصيب (٥).

١١ ـ ومنه ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ومحمد بن حكيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الطعام الحار غير ذي بركة (٦).

١٢ ـ ومنه ، عن بعض أصحابنا عن صالح بن عبد الله عن محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كل طعام ذي حرارة غير ذي بركة (٧).

__________________

(١ ـ ٧) المحاسن ٤٠٦ ـ ٤٠٧.

٤٠٢

١٣ ـ ومنه ، عن محمد بن علي عن عائذ بن حبيب بياع الهروي قال : كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فأتينا بثريد فمددنا أيدينا إليه فإذا هو حار فقال أبو عبد الله عليه‌السلام نهينا عن أكل النار كفوا فإن البركة في برده (١).

١٤ ـ ومنه ، عن ابن محبوب عن يعقوب عن سليمان بن خالد قال : حضرت عشاء أبي عبد الله عليه‌السلام في الصيف فأتي بخوان عليه خبز وأتي بجفنة ثريد ولحم فقال هلم إلى هذا الطعام فدنوت فوضع يده فيها فرفعها وهو يقول أستجير بالله من النار أعوذ بالله من النار هذا لا نقوى عليه فكيف النار قال فكان يكرر ذلك حتى أمكن الطعام فأكل وأكلنا (٢).

ومنه عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن سليمان بن محمد بن راشد قال : حضرت عشاء جعفر بن محمد عليه‌السلام في الصيف فأتي بجفنة فيها ثريد ولحم يفور فوضع يده فوجدها حارة ثم رفعها ثم ذكر مثله (٣).

١٥ ـ الدعائم ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن الطعام الحار وقال هو غير ذي بركة وأتي بطعام حار فقال ما كان الله تبارك وتعالى ليطعمنا النار أقروه حتى يمكن فإن الطعام الحار جدا ممحوق البركة وللشيطان فيه شركة وفيه إذا أمكن خصال تنمو فيه البركة ويشبع صاحبه ويأمن فيه الموت (٤).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه رخص في النفخ في الطعام والشراب وقال إنما يكره ذلك لمن كان معه غيره كيلا يعافه (٥).

١٥

باب

(أنواع الأواني وغسل الإناء)

١ ـ الخصال ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن محمد بن عيسى اليقطيني عن محمد بن إسحاق عن محمد بن مروان عن

__________________

(١ ـ ٣) المحاسن ٤٠٧.

(٤ ـ ٥) دعائم الإسلام ٢ : ١١٧ ـ ١١٨.

٤٠٣

أبي عبد الله عليه‌السلام قال : غسل الإناء وكسح الفناء مجلبة للرزق (١).

دعوات الراوندي ، عنه عليه‌السلام مثله.

٢ ـ قرب الإسناد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد البزنطي عن الرضا عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تغسلوا رءوسكم بطين مصر ولا تأكلوا في فخارها فإنه يورث الذلة ويذهب الغيرة قلنا له قد قال ذلك رسول الله قال نعم (٢).

٣ ـ العيون ، عن تميم بن عبد الله بن تميم القرشي عن أبيه عن أحمد بن علي الأنصاري عن عبد الله بن صالح الهروي عن الرضا عليه‌السلام أنه خرج إلى المأمون فلما خرج من نيسابور بلغ قرب القرية الحمراء إلى أن قال فلما دخل سناباد استند إلى الجبل الذي تنحت منه القدور فقال اللهم انفع به وبارك فيما يجعل وفيما ينحت منه فنحت له قدور من الجبل وقال لا يطبخ ما آكله إلا فيها وكان عليه‌السلام خفيف الأكل قليل الطعم فاهتدى الناس إليه ذلك اليوم وظهرت بركة دعائه فيه الحديث (٣).

٤ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي عن عبد الرحمن الأسدي عن عمرو بن أبي المقدام قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وهو يشرب في قدح من خزف (٤).

٥ ـ دعوات الراوندي ، عن بزيع بن عمر بن بزيع قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وهو يأكل خلا وزيتا في قصعة سوداء مكتوب في وسطها « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » الخبر (٥).

بيان : يدل على جواز نقش القرآن بل الأسماء والدعاء بطريق أولى في الظروف التي يؤكل فيها.

__________________

(١) الخصال ٥٤.

(٢) قرب الإسناد ٢٢١ في حديث.

(٣) عيون الأخبار ٢ : ١٣٦.

(٤) المحاسن : ٥٨٣.

(٥) دعوات الراوندي لم يطبع ، ترى الحديث في الكافي ٦ : ٢٩٨.

٤٠٤

١٦

باب

(لعق الأصابع ولحس الصحفة)

١ ـ الخصال ، في الأربعمائة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا أكل أحدكم طعاما فمص أصابعه التي يأكل بها قال الله عز وجل بارك الله فيك (١).

المحاسن ، عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٢).

٣ ـ ومنه ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلعق أصابعه إذا أكل (٣).

٤ ـ ومنه ، عن ابن فضال وجعفر عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه في فيه فمصها (٤).

٥ ـ ومنه ، عن محمد بن علي عن الحكم بن مسكين عن عمرو بن شمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إني لألعق أصابعي حتى أرى أن خادمي يقول ما أشره مولاي (٥).

بيان : الشره غلبة الحرص.

٦ ـ المحاسن ، عن ابن فضال عن أبي المغراء عن أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كره أن يمسح الرجل يده بالمنديل وفيها شيء من الطعام تعظيما للطعام حتى يمصها أو يكون إلى جنبه صبي فيمصها (٦).

العياشي ، عن أبي أسامة مثله (٧).

٧ ـ المحاسن ، عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن عن عمرو بن جميع عن أبي

__________________

(١) الخصال : ٦١٣.

(٢ ـ ٦) المحاسن : ٤٤٣.

(٧) تفسير العياشي : ٢ : ٢٧٣ في حديث.

٤٠٥

عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلطع القصعة قال ومن لطع قصعة فكأنما تصدق بمثلها (١).

٨ ـ ومنه ، عن محمد بن علي عن الحكم بن مسكين عن عمرو بن شمر قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إني لألعق أصابعي حتى أرى أن خادمي سيقول ما أشره مولاي ثم قال تدري لم ذاك فقلت لا فقال إن قوما كانوا على نهر الثرثار فكانوا قد جمعوا من طعامهم شبه السبائك ينجون به صبيانهم فمر رجل متوكئ على عصا فإذا امرأة أخذت سبيكة من تلك السبائك تنجي بها صبيها فقال لها اتقي الله فإن هذا لا يحل فقالت كأنك تهددني بالفقر أما ما جرى الثرثار فإني لا أخاف الفقر فأجرى الله الثرثار أضعف ما كان عليه وحبس منهم بركة السماء فاحتاجوا إلى الذي كانوا ينجون به صبيانهم فقسموه بينهم بالوزن قال ثم إن الله عز وجل رحمهم فرد عليهم ما كانوا عليه (٢).

٩ ـ المكارم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلحس الصحفة ويقول آخر الصحفة أعظم الطعام بركة وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها فإن بقي فيها شيء عاوده فلعقها حتى تتنظف ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها واحدة واحدة ويقول لا يدرى في أي الأصابع البركة (٣).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام من لعق قصعة صلت عليه الملائكة ودعت له بالسعة في الرزق ويكتب له حسنات مضاعفة (٤).

١٠ ـ الدعائم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يلعق الصحفة ويقول آخر الصحفة أعظمها بركة وإن الذين يلعقون الصحاف تصلي عليهم الملائكة وتدعو لهم بالسعة في الرزق وللذي يلعق الصحفة حسنة مضاعفة وكان إذا أكل لعق أصابعه حتى يسمع لها مصيص

__________________

(١) المحاسن : ٤٤٣.

(٢) المحاسن ٥٨٧ ومثله في ص ٥٨٨ بسند آخر ، وقد مر.

(٣) مكارم الأخلاق : ٣١.

(٤) المصدر نفسه ص ١٦٩.

٤٠٦

وحكى ذلك جعفر عليه‌السلام وقال كان أبي يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيها شيء من الطعام تعظيما له إلا أن يمصها أو يكون إلى جانبه صبي فيعطيه إياها يمصها فهذا من أولياء الله تواضع لله وتعظيم لرزقه ومخالفة لأفعال الجبارين من خلقه (١).

أقول : قد مر وسيأتي بعض الأخبار في ذلك في أبواب آداب الأكل.

١٧

باب

(جوامع آداب الأكل)

١ ـ المحاسن ، عن أبيه عن عبد الله بن الفضل النوفلي عن الفضل بن يونس الكاتب قال : أتاني أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام في حاجة للحسين بن يزيد فقلت إن طعامنا قد حضر فأحب أن تتغدى عندي قال نحن نأكل طعام الفجأة ثم نزل فجئته بغداء ووضعت منديلا على فخذيه فأخذه فنحاه ناحية ثم أكل ثم قال يا فضل كل مما في اللهوات والأشداق ولا تأكل ما بين أضعاف الأسنان.

قال وروى الفضل بن يونس في حديث أن أبا الحسن عليه‌السلام جلس في صدر المجلس وقال صاحب المجلس أحق بهذا المجلس إلا لرجل واحد وكانت لفضل دعوة يومئذ فقال أبو الحسن عليه‌السلام هات طعامك فإنهم يزعمون أنا لا نأكل طعام الفجأة فأتي بالطست فبدأ ثم قال أدرها عن يسارك ولا تحملها إلا مترعة ثم أتي بالمنديل ليلقي على ركبتيه فقال لا هذا فعل العجم ثم اتكأ على يساره بيده على الأرض وأكل بيمينه حتى إذا فرغ أتي بالخلال فقال يا فضل أدر لسانك في فيك فما تبع لسانك فكله إن شئت وما استكرهته بالخلال فالفظه (٢).

بيان قوله ولا تأكل ظاهره النهي عن أكل ما بين الأسنان مطلقا وإن أخرج باللسان وهو مخالف لسائر الأخبار ويمكن أن يحمل على ما يبقى بعد

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ : ١٢٠.

(٢) المحاسن : ٤٥٠ ـ ٤٥١.

٤٠٧

إمرار اللسان ثم الظاهر من كلام من تعرض لهذا الحكم من الأصحاب أنه يكره أكل ما أخرج بالخلال وربما يتوهم فيه التحريم للخباثة وهو في محل المنع مع أنك قد عرفت عدم قيام الدليل على تحريم الخبيث مطلقا بالمعنى الذي فهمه الأصحاب رضي‌الله‌عنهم قال الشهيد رحمه‌الله في الدروس ويستحب التخلل وقذف ما أخرجه الخلال بالكسر وابتلاع ما أخرجه اللسان انتهى.

وقد روى الكليني (١) رحمه‌الله في الموثق عن إسحاق بن جرير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن اللحم الذي يكون في الأسنان فقال أما ما كان في مقدم الفم فكله وأما ما كان في الأضراس فاطرحه.

وفي الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أما ما يكون على اللثة فكله وازدرده وما كان بين الأسنان فارم به وفي الموثق عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : يا فضل كل ما بقي في فيك مما أدرت عليه لسانك فكله وما استكن فأخرجته بالخلال فأنت فيه بالخيار إن شئت أكلته وإن شئت طرحته وفي المرفوع عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يزدردن أحدكم ما يتخلل به فإنه تكون منه الدبيلة.

فمقتضى الجمع بين الأخبار الكراهة وإن كان الأحوط عدم أكل ما يخرج بالخلال لا سيما إذا تغير ريحه فإن شائبة الخباثة فيه أكثر وستأتي أخبار فيه في باب الخلال.

وفي المصباح اللهاة اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى الفم والجمع لهي ولهيات مثل حصى وحصيات ولهوات أيضا على الأصل وقال الشدق جانب الفم بالفتح والكسر قاله الأزهري وجمع المفتوح شدوق مثل فلس وفلوس وجمع المكسور أشداق مثل حمل وأحمال قوله عليه‌السلام إلا لرجل واحد الظاهر أن المراد به الإمام وسيأتي مكانه رجل من بني هاشم ويدل الخبر على أن الاتكاء باليد ليس من الاتكاء المكروه كما مر.

__________________

(١) راجع الكافي ٦ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ باب رمى ما يدخل بين الأسنان.

٤٠٨

٢ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تدعوا آنيتكم بغير غطاء فإن الشيطان إذا لم تغط آنية بزق فيها وأخذ مما فيها ما شاء (١).

٣ ـ ومنه ، عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي عيينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخلت على أبي العباس وقد أخذ القوم المجلس فمد يده إلي والسفرة بين يديه موضوعة فأخذ بيدي فذهبت لأخطو إليه فوقعت رجلي على طرف السفرة فدخلني من ذلك ما شاء الله أن يدخلني إن الله تعالى يقول : « فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ » قوما والله يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويذكرون الله كثيرا (٢).

بيان يظهر من الخبر أن الضمير في قوله بها راجع إلى النعمة والمراد بالكفر ترك الشكر والاستخفاف بالنعمة ويأبى عنهما ظاهر سياق الآية حيث قال « أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها » الآية وقال الطبرسي فإن يكفر بها أي بالكتاب والنبوة والحكم « هؤُلاءِ » يعني الكفار الذين جحدوا نبوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الوقت « فَقَدْ وَكَّلْنا بِها » أي بمراعاة أمر النبوة وتعظيمها والأخذ بهدى الأنبياء واختلف في القوم فقيل هم الأنبياء الذين جرى ذكرهم آمنوا به صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل مبعثه وقيل الملائكة وقيل من آمن به من أصحابه وقيل هؤلاء كفار قريش والقوم أهل المدينة انتهى (٣).

وقد ورد في الأخبار أنهم العجم والموالي فاستشهاده عليه‌السلام يمكن أن يكون على سبيل التنظير وأن كفران النعمة المعنوية كما أنه سبب لزوالها فكذا كفران النعم الظاهرة يصير سببا له أو يكون المراد بالآية أعم منهما ويحتمل أن يكون في مصحفهم عليه‌السلام متصلا بآيات مناسبة لذلك.

__________________

(١) المحاسن : ٥٨٤.

(٢) المحاسن : ٥٨٨ في حديث ، والآية في الانعام : ٨٩.

(٣) مجمع البيان : ٢ : ٣٣١.

٤٠٩

قوله عليه‌السلام قوما هو بيان لقوما المذكور في الآية أو لهؤلاء أي مع هذه الصفات صاروا مستحقين للإبدال بسبب كفران النعمة والأول أظهر.

٤ ـ فقه الرضا ، نروي من كفران النعم أن يقول الرجل أكلت الطعام فضرني.

٥ ـ الطب : عن محمد بن يحيى عن محمد بن سنان عن ابن ظبيان عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام من أراد أن لا يضره طعام فلا يأكل حتى يجوع وتنقى المعدة فإذا أكل فليسم الله وليحسن المضغ وليمسك عن الطعام وهو يشتهيه ويحتاج إليه (١).

٦ ـ المكارم ، كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرا إذا جلس يأكل ما بين يديه ويجمع ركبتيه وقدميه كما يجلس المصلي في اثنتين إلا أن الركبة فوق الركبة والقدم على القدم ويقول صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا منذ بعثه الله عز وجل نبيا حتى قبضه الله تواضعا (٢).

٧ ـ ومنه ، كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يأكل الحار حتى يبرد يقول إن الله لم يطعمنا نارا إن الطعام الحار غير ذي بركة فأبردوه وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل سمى وأكل بثلاث أصابع ومما يليه ولا يتناول من بين يدي غيره ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون ويأكل بأصابعه الثلاث الإبهام والتي تليها والوسطى وربما استعان بالرابعة وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل بكفه كلها ولم يأكل بإصبعين يقول إن الأكل بإصبعين هو أكلة الشيطان (٣).

وروي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأكل على خوان قط حتى مات ولا أكل خبزا مرققا حتى مات (٤).

وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يأكل وحده مما يمكنه وقال ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا :

__________________

(١) طب الأئمة : ٦٠.

(٢) مكارم الأخلاق : ٢٧ و ٢٨.

(٣) مكارم الأخلاق : ٢٧ و ٢٨.

(٤) مكارم الأخلاق : ٢٨.

٤١٠

بلى قال من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده (١).

ومن طب الأئمة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : اذكروا الله عز وجل عند الطعام ولا تلغوا فيه فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها شكره وحمده وأحسنوا صحبة النعم قبل فراقها فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.

وقال عليه‌السلام إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد وليأكل على الأرض ولا يضع إحدى رجليه على الأخرى يتربع فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها.

وعن الصادق عليه‌السلام أطيلوا الجلوس على الموائد فإنهاساعة لاتحسب من أعماركم (٢).

توضيح خبزا مرققا كأن المراد به الخبز الذي يتكلف فيه ويجعل رقيقا ويدخل فيه السمن واللبن وغيرهما قال في النهاية فيه ما أكل مرققا حتى لقي الله هو الأرغفة الواسعة الرقيقة يقال رقيق ورقاق كطويل وطوال وقال صاحب فتح الباري أما الخبز المرقق قال عياض قوله مرققا أي ملينا محسنا كخبز الحواري وشبهه والترقيق التليين ولم يكن عندهم مناخل وقد يكون المرقق الرقيق الموسع وأغرب ابن التين فقال هو السميد ما يصنع منه من كعك وغيره وقال ابن الجوزي هو الخفيف وكأنه مأخوذ من الرقاق وهي الخشبة التي يرقق بها.

والرفد بالكسر الصلة والعطية والإعانة من أعماركم لعل المعنى من أعماركم التي تحاسبون عليها فإن الإنسان قد يموت في أثناء الأكل أو يكون مشروطا بشرائط لم تتحقق في ذلك الرجل.

٨ ـ المكارم ، عن عمر بن قيس قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وبين يديه خوان وهو يأكل فقلت له ما حد هذا الخوان فقال إذا وضعته فسم الله وإذا رفعته فاحمد الله وقم ما حول الخوان فهذا حده (٣).

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ٣١.

(٢) المصدر نفسه : ١٦٢.

(٣) المصدر : ١٦٣.

٤١١

بيان : القم الكنس وقم الرجل أكل ما على الخوان وتقمم تتبع الكناسات ذكرها الفيروزآبادي والمراد هنا تتبع ما سقط من الخوان.

٩ ـ دعوات الراوندي ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليها فتقسو قلوبكم.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا اجتمع للطعام أربع كمل أن يكون حلالا وأن تكثر عليه الأيدي وأن يفتتح ببسم الله ويختتم بحمد الله.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام ما اتخمت قط قيل له ولم قال ما رفعت لقمة إلى فمي إلا ذكرت اسم الله عليها.

وقال الصادق عليه‌السلام الاستلقاء بعد الشبع يسمن البدن ويمرئ الطعام ويسل الداء.

وروي أن الداء الدوي إدخال الطعام على الطعام وأكل أمير المؤمنين عليه‌السلام من تمر دقل ثم شرب عليه الماء وضرب يده على بطنه وقال من أدخل بطنه النار فأبعده الله ثم تمثل

وإنك مهما تعط بطنك سؤله

وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأكل في السوق دناءة.

توضيح إذابة الطعام هضمه بعض الهضم وكسر سورته قوله عليه‌السلام الاستلقاء يدل على استحباب الاستلقاء مطلقا وإن كان على الهيئة الآتية أفضل والداء الدوي على المبالغة من قولهم أرض دوية بالتخفيف أي ذات أدواء وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام قد أعيت أطباء هذا الداء الدوي وفي النهاية في حديث علي عليه‌السلام إلى مرعى وبي ومشرب دوي. أي فيه داء انتهى فهو بالتشديد.

١٠ ـ الدعائم ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه كان يأكل بالخمس الأصابع ويقول هكذا كان يأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس كما يأكل الجبارون.

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن يأكل أحد من ذروة الثريد وأمر أن يأكل

٤١٢

كل أحد مما يليه ورخص في الأكل من جوانب الطبق من التمر والرطب.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إذا أتيتم بالخبز واللحم فابدءوا بالخبز فسدوا به الجوع ثم كلوا اللحم.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه كره القيام عن الطعام وكان ربما دعا بعض عبيده فيقال هم يأكلون فيقول دعوهم حتى يفرغوا (١).

١١ ـ مجالس الصدوق : عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن عبد الله بن الصلت عن يونس بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمس لا أدعهن حتى الممات الأكل على الحضيض مع العبيد الخبر (٢).

١٢ ـ العلل ، والعيون ، عن المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن الوليد عن العباس بن هلال عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٣).

بيان على الحضيض أي على الأرض من غير خوان ويحتمل أن يكون أكابر العرب يرفعون موائدهم ليسهل عليهم الأكل قال في النهاية فيه أنه جاءته هدية فلم يجد لها موضعا يضعها عليه فقال ضعه بالحضيض فإنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد الحضيض قرار الأرض وأسفل الجبل.

١٣ ـ الخصال ، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال قال الحسن بن علي عليه‌السلام في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها أربع منها فرض وأربع منها سنة وأربع منها تأديب فأما الفرض فالمعرفة والرضا والتسمية والشكر وأما السنة فالوضوء قبل

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ : ١١٩ ـ ١٢٠.

(٢) أمالي الصدوق ٤٤ في حديث.

(٣) علل الشرائع ١ : ١٢٤ ، عيون الأخبار ٢ : ٨١.

٤١٣

الطعام والجلوس على الجانب الأيسر والأكل بثلاث أصابع ولعق الأصابع وأما التأديب فالأكل مما يليك وتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس (١).

الإقبال ، والمكارم ، ورسالة الآداب الدينية ، للفضل بن الحسن الطبرسي بإسنادهم إلى الحسن عليه‌السلام مثله (٢).

بيان الظاهر أن المراد بالمعرفة معرفة أنه من حلال كما في الخبر الآتي ويحتمل معرفة المنعم وأن هذه نعمة من الله أو الإيمان لأن نعم الدنيا على غير المؤمن حرام كما دلت عليه أخبار كثيرة والرضا أي بما قسم الله له من الرزق والشكر في أثناء الأكل وبعده والوضوء غسل اليدين كما مر والجلوس على جانب الأيسر كما في حال التشهد ليكون كجلسة العبد أو بنصب الرجل اليمنى كما يستفاد من بعض الأخبار والأكل بثلاث أصابع كأنه أقل مراتب الفضل بأن لا يكون بإصبعين لما مر فالزائد أيضا مستحب أو أفضل ويدل عليه ما رواه الكليني (٣) رحمه‌الله بإسناده عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان يجلس جلسة العبد ويضع يده على الأرض ويأكل بثلاث أصابع وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأكل هكذا ليس كما يفعل الجبارون أحدهم يأكل بإصبعيه وعن علي بن محمد رفعه قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يستاك عرضا ويأكل هرتا وقال الهرت أن يأكل بأصابعه جميعا ويحتمل أن يكون الأكل بالثلاث سنة والأقل مكروها والأكثر مستحبا لا يبلغ حد السنة ويكون اختيار أمير المؤمنين عليه‌السلام ذلك لبيان الجواز والأول أظهر.

قال في الدروس يستحب الأكل بجميع الأصابع وروي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأكل بثلاث أصابع ويكره الأكل بإصبعين ويستحب مص الأصابع والأكل مما يليه وأن لا يتناول من قدام غيره شيئا انتهى والعامة اقتصروا على الثلاث وجوزوا

__________________

(١) الخصال ٤٨٥.

(٢) اقبال الاعمال ١١٢ ـ ١١٣ ، مكارم الأخلاق ١٦٣.

(٣) الكافي ٦ : ٢٩٧.

٤١٤

ضم الرابعة والخامسة لعذر بأن يكون طعاما لا يمكن أكله بثلاث ثم الظاهر أن المراد بالفريضة ما هو أعم من الواجب والسنة الأكيدة وبالسنة المستحب الذي واظب عليه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وبالتأديب المستحب الذي ليس بتلك المنزلة ويحتمل أن يكون أمرا إرشاديا للفوائد الدنيوية كالأمر بأكل بعض الأغذية والأدوية لبعض المنافع والأول أظهر وعلى التقادير المراد بالوجوب ما هو أعم من المصطلح.

١٤ ـ الخصال ، في وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي اثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن يتعلمها في المائدة أربع منها فريضة وأربع منها سنة وأربع منها أدب فأما الفريضة فالمعرفة بما يأكل والتسمية والشكر والرضا وأما السنة فالجلوس على الرجل اليسرى والأكل بثلاث أصابع وأن يأكل ما يليه ومص الأصابع وأما الأدب فتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس وغسل اليدين (١).

١٥ ـ ومنه ، عن علي بن أحمد بن موسى عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن عثمان بن عبيد عن هدبة بن خالد القيسي عن مبارك بن فضالة عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام للحسن ابنه عليه‌السلام يا بني ألا أعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب فقال بلى يا أمير المؤمنين قال لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه وجود المضغ وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب (٢).

١٦ ـ العيون ، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكلتم الثريد فكلوا من جوانبه فإن الذروة فيها البركة (٣).

١٧ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن والده عن محمد بن علي بن حشيش عن إبراهيم

__________________

(١) الخصال ٤٨٥.

(٢) المصدر ٢٢٨.

(٣) عيون الأخبار ٢ : ٣٤.

٤١٥

ابن أحمد الدينوري عن عبد الله بن حمدان عن أبي سعيد الأشج عن عقبة بن خالد عن موسى بن محمد بن إبراهيم التميمي عن أبيه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم فإنه أروح لأقدامكم (١).

الفردوس ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله وزاد في آخره وإنها سنة جميلة

١٨ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن والده عن جماعة عن أبي المفضل عن علي بن محمد بن الحسن النخعي عن جده سليم بن إبراهيم بن عبيد عن نصر بن مزاحم المنقري عن إبراهيم بن الزبرقان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عليه‌السلام في قوله تعالى « وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ » يقول فضلنا بني آدم على سائر الخلق « وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ » يقول على الرطب واليابس « وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ » يقول من طيبات الثمار كلها « وَفَضَّلْناهُمْ » يقول ليس من دابة ولا طائر إلا هي تأكل وتشرب بفيها لا ترفع بيدها إلى فيها طعاما ولا شرابا غير ابن آدم فإنه يرفع إلى فيه بيده طعامه فهذا من التفضيل (٢).

بيان كأن مراده بالرطب واليابس الحيوان والسفينة وقد مر تفسير الآية.

١٩ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن والده عن جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن الحسن بن هارون عن يحيى بن السري الضرير عن محمد بن حازم أبي معاوية الضرير قال : دخلت على هارون الرشيد قيل لي وكانت بين يديه المائدة فسألني عن تفسير هذه الآية « وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ » الآية فقلت يا أمير المؤمنين قد تأولها جدك عبد الله بن العباس أخبرني الحجاج بن إبراهيم الخوزي عن ميمون بن مهران عن ابن عباس في هذه الآية « وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ » قال كل دابة تأكل بفيها إلا ابن آدم فإنه يأكل بالأصابع قال أبو معاوية فبلغني أنه رمى بملعقة كانت بيده من فضة وتناول من الطعام بإصبعه (٣).

__________________

(١) أمالي الطوسي ١ : ٣١٨.

(٢) المصدر ٢ : ١٠٣ و ١٠٤ والآية في أسرى ٧٠.

(٣) المصدر ٢ : ١٠٣ و ١٠٤ والآية في أسرى ٧٠.

٤١٦

٢٠ ـ ومنه ، عن أبيه عن جماعة عن أبي المفضل عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن حجاج بن تميم بن ميمون بن مهران عن ابن عباس في قوله عز وجل « وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ » إلى قوله « تَفْضِيلاً » قال ليس من دابة إلا وهي تأكل بفيها إلا ابن آدم فإنه يأكل بيده (١).

٢١ ـ الخصال ، في الأربعمائة قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد ولا يضعن أحدكم إحدى رجليه على الأخرى ويربع فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها (٢).

وقال عليه‌السلام ليجلس أحدكم على طعامه جلسة العبد وليأكل على الأرض (٣).

٢٢ ـ المحاسن ، عن القاسم بن يحيى عن جده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٤).

بيان جلسة العبد الجثو على الركبتين وقال بعض علماء العامة بعد بيان كراهة الاتكاء فالمستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى انتهى قوله عليه‌السلام وليأكل على الأرض أي حال كونه جالسا على الأرض من غير بساط ووسادة أو حال كون الطعام على الأرض من غير خوان أو هما معا.

٢٣ ـ ومنه ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي إسماعيل السراج عن خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي قال حدثني أبو لبيد البحراني عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه أتاه رجل بمكة فقال له يا محمد بن علي أنت الذي تزعم أنه ليس شيء إلا وله حد فقال أبو جعفر نعم أنا أقول ليس شيء مما خلق الله صغيرا وكبيرا إلا وقد جعل الله له حدا إذا جوز به ذلك الحد فقد تعدي حد الله فيه فقال فما حد مائدتك هذه قال تذكر اسم الله حين توضع وتحمد الله حين ترفع وتقم ما تحتها قال :

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ١٠٤.

(٢) الخصال : ٦١٩.

(٣) الخصال : ٦٢٢.

(٤) المحاسن : ٤٤٢.

٤١٧

فما حد كوزك هذا قال لا تشرب من موضع أذنه ولا من موضع كسره فإنه مقعد الشيطان وإذا وضعته على فيك فاذكر اسم الله وإذا رفعته عن فيك فاحمد الله وتنفس فيه ثلاثة أنفاس فإن النفس الواحد يكره (١).

٢٤ ـ ومنه ، عن أبيه عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الطعام إذا جمع أربعا فقد تم إذا كان من حلال وكثرت الأيدي عليه وبسم الله في أوله والحمد لله في آخره ورواه النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٢٥ ـ ومنه ، عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سأله عمرو بن عبيد وواصل وبشير الرحال عن حد الطعام فقال يأكل الإنسان مما بين يديه ولا يتناول من قدام الآخر شيئا (٣).

٢٦ ـ ومنه ، عن جعفر عن ابن القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل أحدكم فليأكل مما يليه (٤).

٢٧ ـ ومنه ، عن ابن فضال عن ابن القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل مع قوم طعاما كان أول من يضع يده وآخر من يرفعها ليأكل القوم (٥).

٢٨ ـ ومنه ، عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبي سلمة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن أبي أتاه عبد الله بن علي بن الحسين يستأذن لعمرو بن عبيد وواصل مولى هبيرة وبشير الرحال فأذن لهم فدخلوا عليه فجلسوا فقالوا يا با جعفر إن لكل شيء حدا ينتهي إليه فقال أبو جعفر عليه‌السلام نعم إن لكل شيء حدا ينتهي إليه ما من شيء إلا وله حد قال فأتي بالخوان فوضع فقالوا فيما بينهم قد والله استمكنا من أبي جعفر فقالوا يا با جعفر هذا الخوان من الشيء قال :

__________________

(١) المحاسن : ٢٧٤.

(٢) المحاسن : ٣٩٨.

(٣) المحاسن : ٤٤٨.

(٤) المحاسن : ٤٤٨.

(٥) المحاسن : ٤٤٨.

٤١٨

نعم قالوا فما حده قال حده إذا وضع الرجل يده قال بسم الله وإذا رفعها قال الحمد لله ويأكل كل إنسان من بين يديه ولا يتناول من قدام الآخر قال ودعا أبو جعفر عليه‌السلام بماء يشربون فقالوا يا با جعفر هذا الكوز من الشيء قال نعم قالوا فما حده قال أن يشرب من شفته الوسطى ويذكر اسم الله عليه ولا يشرب من أذن الكوز فإنه مشرب الشيطان ويقول الحمد لله الذي سقاني عذبا فراتا ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبي (١).

٢٩ ـ ومنه ، عن النوفلي بإسناده قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اخلعوا نعالكم عند الطعام فإنه سنة جميلة وأروح للقدمين (٢).

٣٠ ـ ومنه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عمن ذكره قال : رأيت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام إذا تغدى استلقى على قفاه وألقى رجله اليمنى على اليسرى (٣).

بيان : قال في الدروس يستحب الاستلقاء بعد الطعام على قفاه ووضع رجله اليمنى على اليسرى وما رواه العامة بخلاف ذلك من الخلاف.

٣١ ـ المحاسن ، عن علي بن الحكم عن أبي المغراء عن ابن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل أكل العبد ويجلس جلوس العبد ويعلم أنه عبد (٤).

بيان ويعلم أنه عبد أي يعمل بمقتضى العبودية وهذه مرتبة عظيمة من مراتب الكمال ولذا وصف الله تعالى خلص أنبيائه وأصفيائه بالعبودية كما قال سبحانه « سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ عَبْداً مِنْ عِبادِنا » وأمثاله كثيرة.

٣٢ ـ المحاسن ، عن أبيه عن البزنطي عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله يأكل أكل العبد ويجلس جلسة العبد وكان يأكل على الحضيض وينام على الحضيض (٥).

بيان قد عرفت أن الأكل على الحضيض الأكل على الأرض بلا خوان أو

__________________

(١) المحاسن : ٤٤٨ ـ ٤٤٩.

(٢) المحاسن : ٤٤٨ ـ ٤٤٩.

(٣) المحاسن : ٤٤٨ ـ ٤٤٩.

(٤) المحاسن : ٤٥٦ ـ ٤٥٧.

(٥) المحاسن : ٤٥٦ ـ ٤٥٧.

٤١٩

بلا بساط تحته أيضا والنوم على الحضيض النوم على الأرض بلا فرش بل بلا بساط أيضا.

٣٣ ـ المحاسن ، عن صفوان عن ابن مسكان عن الحسن الصيقل قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول مرت امرأة بذية برسول الله وهو يأكل وهو جالس على الحضيض فقالت يا محمد والله إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويحك أي عبد أعبد مني قالت فناولني لقمة من طعامك فناولها فقالت لا والله إلا التي في فمك فأخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللقمة من فمه فناولها فأكلتها قال أبو عبد الله عليه‌السلام فما أصابها داء حتى فارقت الدنيا روحها (١).

٣٤ ـ كتاب الزهد ، للحسين بن سعيد عن ابن سنان عن ابن مسكان مثله.

بيان البذاء بالمد الفحش في القول وفلان بذي اللسان ذكره في النهاية وقد يستدل بهذا الحديث على جواز أكل ما خرج من فم الغير ويشكل بأن احتمال الاختصاص هنا قوي وقد كانوا يستعجلون أكل دمه وبوله صلى‌الله‌عليه‌وآله تبركا مع أنه لا شائبة من الخباثة هاهنا وهي العمدة في حكمهم بالتحريم.

٣٥ ـ المحاسن ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى الحسن بن علي عليه‌السلام قال : اثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل أن يتعلمها على الطعام أربعة منها فريضة وأربعة منها سنة وأربعة منها أدب فأما الفريضة فالمعرفة والتسمية والشكر والرضا وأما السنة فالجلوس على الرجل اليسرى والأكل بثلاث أصابع وأن يأكل مما يليه ومص الأصابع وأما الأدب فغسل اليدين وتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه القوم (٢).

بيان الجلوس على الرجل اليسرى يحتمل ثلاثة أوجه الأول كهيئة التشهد والثاني نصب الرجل اليمنى وبسط اليسرى كما فهمه بعض العامة الثالث بسط اليسرى وجعل الركبة والفخذ اليسريين على اليمنى كما اختاره بعضهم أيضا في الصلاة

__________________

(١) المحاسن : ٤٥٧ وقد مضى ص ٣١٠ فراجع.

(٢) المحاسن : ٤٥٩.

٤٢٠