بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

من معصيتك فإنك إن فعلت ذلك أمنت وعثه وغائلته.

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا وضعت المائدة بين يديه قال اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعمة الجنة وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا وضع يده في الطعام قال بسم الله بارك لنا فيما رزقتنا وعليك خلفه.

وعن الباقر عليه‌السلام قال : كان سليمان إذا رفع يده من الطعام يقول اللهم أكثرت وأطيبت فزد وأشبعت وأرويت فهنئه.

وعن الصادق عليه‌السلام أنه أكل فقال الحمد لله الذي أطعمنا في جائعين وسقانا في ظمآنين وكسانا في عارين وهدانا في ضالين وحملنا في راجلين وآوانا في ضاحين وأخدمنا في عانين وفضلنا على كثير من العالمين.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رفعت المائدة فقل : « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » اللهم اجعلها نعمة مشكورة.

ومن كتاب النجاة الدعاء عند الطعام الحمد لله الذي « يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ » و « يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ » ويستغني ويفتقر إليه اللهم لك الحمد على ما رزقتنا من طعام وإدام في يسر وعافية من غير كد مني ولا مشقة بسم الله خير الأسماء رب الأرض والسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء « وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » اللهم أسعدني في مطعمي هذا بخيرة وأعذني من شره وأمتعني بنفعه وسلمني من ضره والدعاء عند الفراغ منه الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني وسقاني فأرواني وصانني وحماني الحمد لله الذي عرفني البركة واليمن بما أصبته وتركته منه اللهم اجعله هنيئا مريئا لا وبيا ولا دويا وأبقني بعده سويا قائما بشكرك محافظا على طاعتك وارزقني رزقا دارا وأعشني عيشا قارا واجعلني ناسكا بارا واجعل ما يتلقاني في المعاد مبهجا سارا برحمتك يا أرحم الراحمين (١).

توضيح : في القاموس الوعك أذى الحمى أو وجعها ومغثها في البدن وألم من شدة التعب وفي المصباح الوعث الطريق الشاق المسلك ثم استعير لكل أمر شاق

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ١٦٥ ـ ١٦٦.

٣٨١

من تعب وإثم وغير ذلك وفساد الأمر واختلاطه وقال الغائلة الفساد والشر وفي القاموس سعد يومنا كنفع يمن والسعادة خلاف الشقاوة وقد سعد كعلم وعني فهو سعيد ومسعود وأسعده الله فهو مسعود ولا يقال مسعد وأسعده أعانه وقال أمتعه الله بكذا أبقاه وأنشأه إلى أن ينتهي شبابه كمتعه وبماله تمتع والتمتيع التطويل والتعمير.

بما أصبته أي أكلته وفي النهاية كل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيء وأصله بالهمزة وقد يخفف وقال فيه مريئا يقال مرأني الطعام وأمرأني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا وقال الوباء بالقصر والمد والهمز الطاعون والمرض العام وقد أوبأت الأرض فهي موبئة ووبئت فهي وبيئة وقد يترك الهمز وقال في حديث علي إلى مرعى وبي ومشرب دوي أي فيه داء وهو منسوب إلى دوى من دوي بالكسر يدوي انتهى.

أقول في أكثر النسخ هنا ترك الهمز في الجميع وفي بعض النسخ في هنيئا ووبيئا الهمز والسوي المستوي الخلقة والصحيح من المرض كقوله تعالى « أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا » أي من غير علة من خرس وغيره قوله عليه‌السلام رزقا دارا أي يتجدد شيئا فشيئا من قولهم در اللبن إذا زاد وكثر جريانه من الضرع وأعشني العيش الحياة يقال أعاشه وعيشه والعيش القار فيه ثلاثة وجوه :

الأول أن يكون مستقرا دائما غير منقطع الثاني أن يكون واصلا إلى حال قراري في بلدي فلا احتاج في تحصيله إلى السفر والانتقال من بلد إلى بلد الثالث أن يراد به العيش في السرور والابتهاج أي قارا لعيني وكأن في بعض الوجوه الأنسب أن يراد بالعيش ما يتعيش به والناسك العابد والبار المتوسع في الخير والإحسان لا سيما إلى الوالدين والأقارب وذوي الحقوق وبهج كمنع وأبهج أفرح وسر والابتهاج السرور.

٤٨ ـ الكشي : عن محمد بن قولويه عن محمد بن بندار عن البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر عن عباد بن بشير عن ثوير بن أبي فاختة قال : دخلت مع عمر بن ذر القاضي على

٣٨٢

أبي جعفر عليه‌السلام فدعا بالطعام فقال الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا ينتهي إليه حتى إن لهذا الخوان حدا ينتهي إليه فقال ابن ذر وما حده قال إذا وضع ذكر اسم الله وإذا رفع حمد الله (١).

٤٩ ـ نوادر الراوندي ، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل عند القوم قال أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة الأخيار فمضت السنة هكذا (٢).

٦ وكان الصادق عليه‌السلام إذا قدم إليه الطعام يقول بسم الله وبالله وهذا من فضل الله وبركة رسول الله وآل رسول الله اللهم كما أشبعتنا فأشبع كل مؤمن ومؤمنة وبارك لنا في طعامنا وشرابنا وأجسادنا وأموالنا (٣).

بيان روى في الكافي (٤) الخبر الأول عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله إذا طعم عند أهل بيت قال لهم « طعم عندكم » إلى « الأخيار ».

وأقول يحتمل الدعاء والإخبار لتطييب قلب صاحب البيت والأخير أظهر.

٥٠ ـ الدعائم ، عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما من رجل يجمع عياله ثم يضع طعامه فيسمي ويسمون الله في أول طعامهم ويحمدونه عز وجل في آخره فترفع المائدة حتى يغفر لهم.

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : إذا سمي الله على أول الطعام وحمد على آخره وغسلت الأيدي قبله وبعده وكثرت الأيدي عليه وكان من الحلال فقد تمت بركته.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : إذا وضع الطعام فسموا فإن الشيطان

__________________

(١) رجال الكشي ٣١٩ في حديث.

(٢) نوادر الراوندي ٣٥ ، الى قوله [ الأخيار ].

(٣) لم نجده في المصدر المطبوع.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩٤.

٣٨٣

يقول لأصحابه اخرجوا فليس لكم فيه نصيب ومن لم يسم على طعامه كان للشيطان معه فيه نصيب ومن قال إذا أصبح أبتدئ في يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي ببسم الله أجزأه على ما نسي من طعام أو شراب (١).

٥١ ـ الفردوس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكلت طعاما أو شربت شرابا فقل بسم الله وبالله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء يا حي يا قيوم لم يصبك منه داء ولو كان فيه سم.

٥٢ ـ كنز الفوائد للكراجكي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن أبا حنيفة أكل معه فلما رفع الصادق عليه‌السلام يده عن أكله قال « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » اللهم إن هذا منك ومن رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أبو حنيفة يا أبا عبد الله أجعلت مع الله شريكا فقال له ويلك إن الله يقول في كتابه « وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ » ويقول في موضع آخر « وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ » فقال أبو حنيفة والله لكأني ما قرأتهما قط (٢).

٥٣ ـ المكارم ، من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : أكثروا ذكر الله على الطعام ولا تطغوا فإنها نعمة من نعم الله ورزق من رزقه يجب عليكم فيه شكره وحمده أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها من رضي من الله باليسير من الرزق رضي‌الله‌عنه بالقليل من العمل الخبر (٣).

١٢

باب

(منع الأكل باليسار ومتكئا وعلى الجنابة وماشيا)

١ ـ الخصال : عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ : ١١٨ ـ ١١٧.

(٢) كنز الفوائد ١٩٦ في حديث والآيتان في سورة براءة ٧٤ و ٥٩.

(٣) مكارم الأخلاق : ١٧٠.

٣٨٤

علي الكوفي عن محمد بن زياد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي حمزة الثمالي عن ثور بن سعيد بن علاقة عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : الأكل على الجنابة يورث الفقر الخبر (١).

٢ ـ مجالس الصدوق ، والخصال ، في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن الأكل على الجنابة وقال إنه يورث الفقر ونهى أن يأكل الإنسان بشماله وأن يأكل وهو متكئ (٢).

٣ ـ قرب الإسناد ، عن محمد بن الحسين عن أحمد بن الحسن الميثمي عن الحسين بن أبي العرندس قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام بمنى وعليه نقبة ورداء وهو متكئ على جواليق سود متكئ على يمينه فأتاه غلام أسود بصحفة فيها رطب فجعل يتناول بيساره فيأكل وهو متكئ على يمينه فحدثت رجلا من أصحابنا قال فقال لي أنت رأيته يأكل بيساره قال قلت نعم قال أما والله لحدثني سليمان بن خالد أنه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول صاحب هذا الأمر كلتا يديه يمين (٣).

بيان : في القاموس النقبة بالضم ثوب كالإزار تجعل له حجزة مطيفة من غير نيفق وقال نيفق السراويل الموضع المتسع منه انتهى وقال صاحب الجامع يكره الأكل بالشمال والشرب والتناول بها وروي أن كلتا يدي الإمام يمين.

٤ ـ المحاسن ، عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة قال : سأل بشير الدهان أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر فقال هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل متكئا على يمينه أو على يساره فقال ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل متكئا على يساره ولكن يجلس جلسة العبد تواضعا لله (٤).

__________________

(١) الخصال : ٥٠٥.

(٢) أمالي الصدوق : ٢٥٣ في حديث طويل ورواه في الفقيه ٤ : ٢ ـ ١١ واما في الخصال فلم يورد فيه مناهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٣) قرب الإسناد ١٧٣.

(٤) المحاسن : ٤٥٧.

٣٨٥

٥ ـ ومنه ، عن الوشاء عن أبان الأحمر عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا منذ بعثه الله حتى قبض وكان يأكل أكل العبد ويجلس جلسة العبد قلت ولم ذاك قال تواضعا لله (١).

بيان أكل العبد الأكل على الأرض من غير خوان وجلسة العبد الجثو على الركبتين كما سيأتي إن شاء الله.

٦ ـ المحاسن ، عن أبيه عن صفوان عن معاوية بن وهب عن أبي أسامة قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو يأكل وهو متكئ فجلس وهو فرغ وهو يقول صلى الله على رسول الله ما كان أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا منذ بعثه الله حتى قبضه الله إليه تواضعا لله (٢).

٧ ـ مجالس الشيخ : عن الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن فضال عن علي بن عقبة عن سعيد بن عمرو الجعفي عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام ذات يوم وهو يأكل متكئا وقد كان يبلغنا أن ذلك مكروه فجعلت أنظر إليه فدعاني إلى طعامه فلما فرغ قال يا أبا محمد لعلك ترى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأته عين وهو يأكل متكئا منذ بعثه الله إلى أن قبضه ثم قال يا با محمد لعلك ترى أنه شبع من خبز بر لا والله ما شبع من خبز بر ثلاثة أيام متوالية إلى أن قبضه الله الخبر (٣).

٨ ـ المحاسن ، عن الحسن بن يوسف عن أخيه عن علي عن أبيه عن كليب قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا قط ولا نحن (٤).

٩ ـ ومنه ، عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يأكل متكئا قال لا ولا منبطحا (٥).

١٠ ـ ومنه ، (٦) عن أبيه عن زرعة عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) المحاسن : ٤٥٧ ـ ٤٥٨.

(٢) المحاسن : ٤٥٧ ـ ٤٥٨.

(٣) أمالي الطوسي : ٢ : ٣٠٣.

(٤) المحاسن : ٤٥٨.

(٥) المحاسن : ٤٥٨.

(٦) المحاسن : ٤٥٨.

٣٨٦

قال : سألته عن الرجل يأكل متكئا قال لا ولا منبطحا على بطنه.

١١ ـ ومنه ، عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن عمرو بن أبي سعيد قال : أخبرني أبي أنه رأى أبا عبد الله عليه‌السلام متربعا قال ورأيت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو يأكل وهو متكئ قال وقال ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متكئ قط (١).

بيان يحتمل أن يكون ما فعله عليه‌السلام غير ما نفى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فعله كما سيأتي تحقيقه لكنه بعيد والأظهر أنه إما لبيان الجواز أو للتقية والحذر عن مخالفة العرف الشائع للمصلحة كما يدل عليه الخبر الآتي.

١٢ ـ ومنه ، عن صفوان عن معلى أبي عثمان عن معلى بن خنيس قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متكئ منذ بعثه الله حتى قبضه كان يكره أن يتشبه بالملوك ونحن لا نستطيع أن نفعل (٢).

١٣ ـ ومنه ، عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يأكل بشماله أو يشرب بها قال لا يأكل بشماله ولا يشرب بشماله ولا يناول بها شيئا قال ورواه أبي عن زرعة عن سماعة (٣).

١٤ ـ ومنه ، عن أبيه عن النضر عن القاسم بن سويد عن جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كره أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب أو يتناول بها (٤).

١٥ ـ ومنه ، عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تأكل باليسرى وأنت تستطيع (٥).

١٦ ـ ومنه ، عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان قال : أكل أبو عبد الله عليه‌السلام بيساره وتناول بها (٦).

بيان محمول على العلة والعذر أو بيان الجواز.

١٧ ـ المحاسن ، عن أبيه عمن حدثه عن عبد الرحمن العزرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال علي عليه‌السلام لا بأس أن يأكل الرجل وهو يمشي وكان رسول الله

__________________

(١ ـ ٢) المحاسن : ٤٥٨.

(٣ ـ ٦) المحاسن : ٤٥٥ ـ ٤٥٦.

٣٨٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله يفعله (١).

١٨ ـ ومنه ، عن النوفلي بإسناده قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الغداة ومعه كسرة قد غمسها في اللبن وهو يأكل ويمشي وبلال يقيم الصلاة فصلى بالناس (٢).

١٩ ـ ومنه ، عن بعض أصحابنا عن ابن أخت الأوزاعي عن مسعدة بن اليسع عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال علي عليه‌السلام لا بأس بأن يأكل الرجل وهو يمشي (٣).

٢٠ ـ ومنه ، عن ابن محبوب عن محمد بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تأكل وأنت ماش إلا أن تضطر إلى ذلك (٤).

المكارم ، من طب الأئمة عنه عليه‌السلام مثله (٥).

٢١ ـ الخرائج ، روي أن جرهدا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين يديه طبق فأدنى جرهدا ليأكل فأهوى بيده الشمال وكانت يده اليمنى مصابة فقال كل باليمين فقال إنها مصابة فنفث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها فما اشتكاها بعد (٦).

٢٢ ـ ومنه ، قال روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبصر رجلا يأكل بشماله فقال كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لا استطعت قال فما وصلت إلى فيه من بعد كلما رفع اللقمة إلى فيه ذهبت في شق آخر (٧).

٢٣ ـ كتاب الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير عن حماد بن عيسى قال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يأكل متكئا ثم ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ما أكل متكئا حتى مات.

٢٤ ـ دعوات الراوندي ، قال الصادق عليه‌السلام لا تأكل متكئا وإن كنت منبطحا هو شر من الاتكاء وروي ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا إلا مرة ثم جلس فقال اللهم إني عبدك ورسولك.

__________________

(١ ـ ٤) المحاسن : ٤٥٨ ـ ٤٥٩.

(٥) مكارم الأخلاق : ١٦٨.

(٦) لا يوجد في مختار الخرائج وتراه في المناقب : ١ : ١١٨.

(٧) تراه في المناقب : ١ : ٨١ وما بين العلامتين ساقط من النسخ.

٣٨٨

٢٥ ـ الدعائم ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن الأكل متكئا وكان إذا أكل صلى‌الله‌عليه‌وآله استوفز على إحدى رجليه واطمأن بالأخرى ويقول أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد (١).

بيان : في القاموس الوفز ويحرك العجلة واستوفز في قعدته انتصب فيها غير مطمئن أو وضع ركبتيه ورفع أليتيه أو استقل على رجليه ولما يستو قائما وقد تهيأ للوثوب.

٢٦ ـ الدعائم ، عن علي عليه‌السلام أنه قال : لا تأكل متكئا كما يأكل الجبارون ولا تربع.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا منذ بعثه الله عز وجل حتى قبضه.

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن يأكل أحد بشماله أو يشرب بشماله أو يمشي في نعل واحدة وكان يستحب اليمين في كل شيء وكان ينهى عن ثلاث أكلات أن يأكل أحد بشماله أو مستلقيا على قفاه أو منبطحا على بطنه.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : لا يأكل الرجل بشماله ولا يشرب بها ولا يناول بها إلا من علة (٢).

٢٧ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد ولا يضعن إحدى رجليه على الأخرى ولا يتربع فإنها جلسة يبغضها الله عز وجل ويمقت صاحبها (٣).

الخصال ، في الأربعمائة مثله (٤)

__________________

(١) دعائم الإسلام : ٢ : ١١٨.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ١١٩ وما بين العلامتين ساقط من ط الكمباني.

(٣) الكافي : ٦ : ٢٧٢.

(٤) الخصال : ٦١٩.

٣٨٩

تحف العقول ، عنه عليه‌السلام مثله.

٢٨ ـ الفردوس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله.

وعنه عليه‌السلام قال : إذا أخذ فليأخذ بيمينه وإذا أعطى عطاء فليعط بيمينه فإن الشيطان يأخذ بشماله ويعطي بشماله.

بيان قال في فتح الباري نقل الطيبي أن معنى قوله إن الشيطان يأكل بشماله أي يحمل أولياءه من الإنس على ذلك ليضاد به عباد الله الصالحين قال الطيبي وتحريره لا تأكلوا بالشمال فإن فعلتم كنتم من أولياء الشيطان فإن الشيطان يحمل أولياءه على ذلك انتهى وفيه عدول عن الظاهر والأولى حمل الخبر على ظاهره وأن الشيطان يأكل حقيقة والعقل لا يحيل ذلك وقد ثبت الخبر به فلا يحتاج إلى تأويله وحكى القرطبي ذلك احتمالا ثم قال والقدرة صالحة ثم ذكر من صحيح مسلم (١) أن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه قال وهذا عبارة عن تناوله وقيل معناه استحسانه رفع البركة من ذلك الطعام قال القرطبي وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الشيطان يأكل بشماله ظاهره أن من فعل ذلك يشبه بالشيطان وأبعد وتعسف من أعاد الضمير في شماله إلى الأكل.

تذييل وتفصيل اعلم أنه يستفاد من تلك الأخبار أحكام.

الأول كراهة الأكل متكئا ولا خلاف فيه ظاهرا وله معان.

الأول الاتكاء باليد وظاهر الأخبار عدم كراهته بل استحبابه كما روى الكليني (٢) رحمه‌الله بإسناده عن الفضيل بن يسار قال : كان عباد البصري عند أبي عبد الله عليه‌السلام يأكل فوضع أبو عبد الله عليه‌السلام يده على الأرض فقال له عباد أصلحك الله أما تعلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ذا فرفع يده فأكل ثم أعادها أيضا فقال له أيضا فرفعها ثم أكل فأعادها فقال له عباد أيضا فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام لا

__________________

(١) راجع صحيح مسلم كتاب الاشربة بالرقم ١٠٢ ص ١٥٩٧ ، ط محمد فؤاد.

(٢) الكافي : ٦ : ٢٧١.

٣٩٠

والله ما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن هذا قط.

لكن ظاهر أكثر الأصحاب شمول الكراهة لهذا أيضا قال في الدروس يكره الأكل متكئا والرواية بفعل الصادق ذلك لبيان الجواز ولهذا قال ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا قط وروى الفضيل بن يسار جواز الاتكاء على اليد عن الصادق عليه‌السلام وإن رسول الله لم ينه عنه مع أنه في رواية أخرى لم يفعله والجمع بينهما أنه لم ينه عنه لفظا وإن كان يتركه فعلا انتهى وأقول يمكن الجمع بحمل الاتكاء المنهي على أحد المعاني الآتية.

الثاني الجلوس متمكنا على البساط من غير ميل إلى جانب كما هو ظاهر بعض اللغويين فإن الأكل كذلك دأب الملوك والمتكبرين.

الثالث إسناد الظهر إلى الوسائد ومثلها ويفهم هذا من كثير من إطلاقات الأخبار كما أنه ورد في الأخبار كثيرا أنه عليه‌السلام كان متكئا فاستوى جالسا (١) ويبعد من آدابهم الاضطجاع على أحد الشقين بمحضر الناس بل الظاهر أنه كان مسندا ظهره إلى وسادة فاستوى جالسا كما هو الشائع عند الاهتمام ببيان أمر أو عند عروض غضب.

الرابع الاضطجاع على أحد الشقين.

الخامس الأعم من الرابع والأول كما هو ظاهر أكثر الأصحاب.

السادس الأعم مما سوى الأول وهو الأظهر في الجمع بين الأخبار فيكون المستحب الإقبال على نعمة الله والإكباب عليها من غير تكبر واستغناء ولا ينافيه الاتكاء باليد.

قال في النهاية فيه لا آكل متكئا المتكئ في العربية كل ما استوى قاعدا على وطاء متمكنا والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه والتاء فيه بدل من الواو وأصله من الوكاء وهو ما يشد به الكيس وغيره

__________________

(١) وعندي أن المراد بالاتكاء هذا وضع المرفقة ( الوسادة ) على الفخذ والاتكاء عليها لا الاتكاء الى الوسادة بالظهر ، كما هو صريح غير واحد من الاخبار.

٣٩١

كأنه أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته ومعنى الحديث أني إذا أكلت لم أقعد متكئا فعل من يريد الاستكثار منه ولكن آكل بلغة فيكون قعودي له مستوفزا ومن حمل الاتكاء على الميل إلى أحد الشقين تأوله على مذهب الطب فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنيئا وربما تأذى به ومنه الحديث الآخر هذا الأبيض المتكئ المرتفق يريد الجالس المتمكن في جلوسه.

وقال الفيروزآبادي توكأ عليه تحمل واعتمد كأوكأ وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما أنا فلا آكل متكئا أي جالسا جلوس المتمكن المتربع ونحوه من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل بل كان جلوسه للأكل مستوفزا مقعيا غير متربع وليس المراد الميل على شق كما يظنه عوام الطلبة.

وقال في المصباح اتكأ جلس متمكنا وفي التنزيل « وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ » أي يجلسون وقال « وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً » أي مجلسا يجلس عليه قال ابن الأثير والعامة لا تعرف الاتكاء إلا الميل في القعود معتمدا على أحد الشقين وهو يستعمل في المعنيين جميعا يقال اتكأ إذا أسند ظهره أو جنبه إلى شيء معتمدا عليه وكل من اعتمد على شيء فقد اتكأ عليه وقال السرقسطي اتكأته أعطيته ما يتكئ عليه أي يجلس عليه وضربته حتى اتكأته أي سقط على جانبه انتهى.

وقال البيضاوي في قوله تعالى « وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً » ما يتكئن عليه من الوسائد وقيل طعاما أو مجلس طعام فإنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب تترفا ولذلك نهى عنه.

وقال ابن حجر اختلف في صفة الاتكاء فقيل أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان وقيل أن يميل على أحد شقيه وقيل أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض قال الخطابي تحسب العامة أن المتكئ هو الآكل على أحد شقيه وليس كذلك بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته قال ومعنى قوله عليه‌السلام إني لا آكل متكئا أني لا أقعد متكئا على الوطاء عند الأكل فعل من يستكثر من الطعام فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد فلذلك أقعد مستوفزا وفي حديث أنس أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله

٣٩٢

أكل تمرا وهو مقع وفي رواية وهو مستوفز والمراد الجلوس على وركه غير متمكن وأخرج ابن عدي بسند ضعيف زجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل.

قال مالك هو نوع من الاتكاء قلت أشار مالك إلى كراهة كل ما يعد الأكل فيه متكئا ولا يختص بصفة بعينها وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتكاء بأنه الميل إلى أحد الشقين ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك واختلف السلف في حكم الأكل متكئا فزعم ابن القاضي أن ذلك من الخصائص النبوية وتعقبه البيهقي فقال قد يكره لغيره أيضا لأنه من فعل المتعظمين وعادة ملوك العجم انتهى.

وقال في المسالك يكره الأكل متكئا على أحد جانبيه وكذا يكره مستلقيا بل يجلس متوركا على الأيسر وما رواه الفضيل محمول على هذا الوجه أو على بيان جوازه وإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينه عنه نهي تحريم أو نحو ذلك انتهى وكذا تدل على كراهة الأكل منبطحا على الوجه وقال الشيخ في النهاية ولا ينبغي أن يقعد الإنسان متكئا في حال الأكل بل ينبغي أن يقعد على رجله انتهى.

وأقول هذا يدل على أنه فسر الاتكاء بما لا ينافي الاتكاء على اليد وقال صاحب الجامع ولا بأس بالجلوس على المائدة متربعا والأكل والشرب ماشيا ومتكئا والقعود أفضل.

الثاني كراهة الأكل باليسار واستحباب كونه باليمين وكذا سائر الأعمال إلا ما يتعلق بالفرج من الاستنجاء ونحو ذلك قال في الدروس ويكره الأكل باليسار والشرب وأن يتناول بها شيئا إلا مع الضرورة وقال في المسالك ويستحب أن يأكل بيده اليمنى مع الاختيار ويكره الأكل باليسار وكذا الشرب وغيرهما من الأعمال مع الاختيار ولو كان له مانع في اليمين فلا بأس باليسار.

الثالث كراهة الأكل ماشيا وقال في الدروس يكره الأكل ماشيا وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك مرة في كسرة مغموسة بلبن لبيان جوازه أو لضرورة انتهى وقال الشيخ في النهاية ولا بأس بالأكل والشرب ماشيا واجتنابه أفضل انتهى ولا يخفى

٣٩٣

أن روايات الجواز أكثر وظاهر الكليني رحمه‌الله عدم الكراهة حيث اكتفى بروايات الجواز ولم يرو المنع.

الرابع كراهة الأكل متربعا وقال الوالد رحمه‌الله التربع يطلق على ثلاثة معان الأول أن يجلس على القدمين والأليتين وهو المستحب في صلاة القاعد في حال قراءته الثاني الجلوس المعروف بالمربع الثالث أن يجلس هكذا ويضع إحدى رجليه على الأخرى والأكل على الحالة الأولى لا بأس به وعلى الثانية خلاف المستحب وعلى الثالث مكروه.

وأقول الظاهر أن الأولى خلاف المستحب والأخيران مكروهان إذ التربع يشملهما مع أن ظاهر رواية الخصال والتحف المغايرة أو الأعمية.

وقال في الدروس وكذا يكره التربع حالة الأكل وفي كل حال ويستحب أن يجلس على رجله اليسرى وفي القاموس تربع في جلوسه خلاف جثا وأقعى.

الخامس كراهة الأكل على الجنابة وظاهر الصدوق في الفقيه التحريم ويظهر من بعض الأخبار زوال الكراهة أو تخفيفها بغسل اليد وأن الوضوء أفضل ومن بعضها بغسل اليد والمضمضة وغسل الوجه ومن بعضها بغسل اليدين مع المضمضة والجمع بالتخيير متجه وأكثر الأصحاب أضافوا إلى المضمضة الاستنشاق ولم أره إلا في فقه الرضا وقد مر تفصيله في كتاب الطهارة مع سائر الأخبار الواردة في ذلك.

١٣

باب

(الملح وفضل الافتتاح والاختتام به)

١ ـ الشهاب ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيد إدامكم الملح وقال عليه‌السلام لا يصلح الطعام إلا بالملح.

٢ ـ المحاسن ، عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن عن رجل عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن في الملح شفاء من سبعين نوعا من أنواع الأوجاع ثم

٣٩٤

قال لو يعلم الناس ما في الملح ما تداووا إلا به (١).

٣ ـ ومنه ، عن أبيه عن عمرو بن إبراهيم وخلف بن حماد عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لدغت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عقرب فنفضها وقال لعنك الله فما يسلم عنك مؤمن ولا كافر ثم دعا بملح فوضعه على موضع اللدغة ثم عصره بإبهامه حتى ذاب ثم قال لو يعلم الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى ترياق (٢).

بيان في القاموس الدراق مشددة والدرياق والدرياقة بكسرهما ويفتحان الترياق والخمر وقال الترياق بالكسر دواء مركب اخترعه ماغنيس وتممه أندروماخس القديم بزيادة لحم الأفاعي فيه وبها كمل الغرض وهو مسميه بهذا لأنه نافع من لدغ الهوام السبعية وهي باليونانية ترياء نافع من الأدوية المشروبة السمية وهي باليونانية قاءا ممدودة ثم خفف وعرب وهو طفل إلى ستة أشهر ثم مترعرع إلى عشر سنين في البلاد الحارة وعشرين في غيرها ثم يقف عشر فيها وعشرين في غيرها ثم يموت ويصير كبعض المعاجين انتهى.

ويدل على أنه نافع لدفع السموم وأما على حله فلا وإن كان يوهمه.

٤ ـ المحاسن ، عن محمد بن عيسى عن عبيد الله الدهقان عن درست عن عمر بن أذينة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لدغت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عقرب وهو يصلي بالناس فأخذ النعل فضربها ثم قال بعد ما انصرف لعنك الله فما تدعين برا ولا فاجرا إلا آذيتيه قال ثم دعا بملح جريش فدلك به موضع اللدغة ثم قال لو علم الناس ما احتاجوا معه إلى ترياق ولا إلى غيره معه (٣).

بيان يدل على إمكان لدغ الموذيات الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام وكان هذا أحد معاني بغض بعض الحيوانات لهم عليه‌السلام ويدل على استحباب قتل الموذيات وأنه ليس فعلا كثيرا لا يجوز فعله في الصلاة وعلى جواز لعنها إذا كانت موذية وعلى مرجوحية لعنها في الصلاة والجريش هو الذي لم ينعم دقه.

٥ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم

__________________

(١) المحاسن ٥٩٠.

(٢) المحاسن ٥٩٠.

(٣) المحاسن ٥٩٠.

٣٩٥

عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن العقرب لدغت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لعنك الله فما تبالين مؤمنا آذيت أم كافرا ثم دعا بملح فدلكه ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام لو يعلم الناس ما في الملح ما بغوا معه ترياقا (١).

بيان : يدل على كون العقرب مؤنثا سماعيا ويطلق على الذكر والأنثى وقد يقال للأنثى عقربة ويقال لدغته العقرب والحية وكمنع وهو ملدوغ ولديغ ويقال لسعته أيضا وأما اللذع بالذال المعجمة والعين المهملة فتصحيف ويستعمل في إيلام الحب القلب وإيلام النار الشيء وفي الكافي (٢) فدلكه فهدأت أي سكنت وبغيته أبغيه طلبته كأبغيته.

٦ ـ المحاسن ، عن القاسم بن يحيى عن جده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ابدءوا بالملح في أول طعامكم فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب قال وروى بعض أصحابنا عن الأصم عن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣).

٧ ـ ومنه ، عن بكر بن صالح عن الجعفري عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال : لم يخصب خوان لا ملح عليه وأصح للبدن أن يبدأ به في الطعام (٤).

بيان : في المصباح الخصب وزان حمل النماء والبركة وهو خلاف الجدب وهو اسم من أخصب المكان بالألف فهو مخصب وفي لغة خصب كتعب فهو خصيب وأخصب الله الموضع إذا أنبت فيه العشب يعني الكلأ انتهى وقوله أصح خبر وأن يبدأ بتأويل المصدر مبتدأ.

٨ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي عن أحمد بن الحسن الميثمي عن مسكين بن عمار عن فضيل الرسان عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى بن عمران عليه‌السلام مر قومك يفتتحوا بالملح ويختتموا به وإلا فلا يلوموا إلا أنفسهم (٥).

__________________

(١) المحاسن ٥٩٢.

(٢) الكافي ٦ : ٣٢٧.

(٣) المحاسن ٥٩٢.

(٤) المحاسن ٥٩٢.

(٥) المحاسن ٥٩٢ ـ ٥٩٣.

٣٩٦

٩ ـ ومنه ، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من افتتح طعاما بالملح وختم بالملح دفع عنه سبعون داء (١).

١٠ ـ ومنه ، عن القاسم بن يحيى عن جده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من ابتدأ طعامه بالملح ذهب عنه سبعون داء لا يعلمه إلا الله (٢).

١١ ـ ومنه ، عن بعض أصحابنا عن الأصم عن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال علي عليه‌السلام من بدأ بالملح أذهب الله عنه سبعين داء ما يعلم العباد ما هو (٣).

١٢ ـ ومنه ، عن أبي القاسم ويعقوب بن يزيد والنهيكي عبد الله بن محمد عن زياد بن مروان القندي عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من افتتح طعامه بالملح دفع أو رفع عنه اثنان وسبعون داء قال ورواه النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام ورواه أبي عن أبي البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤).

١٣ ـ الخصال ، في الأربعمائة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ابدءوا بالملح في أول طعامكم فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب ومن ابتدأ طعامه بالملح ذهب عنه سبعون داء وما لا يعلمه إلا الله (٥).

١٤ ـ العيون ، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام عليك بالملح فإنه شفاء من سبعين داء أدناها الجذام والبرص والجنون (٦).

صحيفة الرضا ، عنه عليه‌السلام مثله (٧).

١٥ ـ العيون ، بتلك الأسانيد قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بدأ بالملح أذهب الله عنه سبعين داء أقله الجذام (٨).

الصحيفة ، عنه عليه‌السلام مثله (٩).

__________________

(١ ـ ٤) المحاسن : ٥٩٣.

(٥) الخصال ٦٢٤.

(٦ و ٨) عيون الأخبار ٢ : ٤٢.

(٧ و ٩) صحيفة الرضا ٢٨.

٣٩٧

١٦ ـ المحاسن ، عن أبان بن عبد الملك عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنا لنبدأ بالخل عندنا كما تبدءون بالملح عندكم وإن الخل ليشد العقل (١).

١٧ ـ ومنه ، عن محمد بن علي أن رجلا كان عند أبي الحسن الرضا عليه‌السلام بخراسان فقدمت إليه مائدة عليها خل وملح فافتتح بالخل فقال الرجل جعلت فداك إنكم أمرتمونا أن نفتتح بالملح فقال هذا مثل هذا يعني الخل يشد الذهن ويزيد في العقل (٢).

١٨ ـ ومنه ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي افتتح بالملح واختم به فإنه من افتتح بالملح وختم به عوفي من اثنين وسبعين نوعا من أنواع البلاء منها الجنون والجذام والبرص (٣).

١٩ ـ ومنه ، عن علي بن الحكم عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي افتتح طعامك بالملح واختمه بالملح فإن من افتتح طعامه بالملح وختمه بالملح دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أيسرها الجذام (٤).

٢٠ ـ ومنه ، عن أبيه عمن ذكره عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليه‌السلام قال : كان فيما أوصى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام أن قال يا علي افتتح طعامك بالملح فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق والأضراس ووجع البطن وروى بعضهم كل الملح إذا أكلت واختم به (٥).

٢١ ـ ومنه ، عن بعض من رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران أن ابدأ بالملح واختم بالملح فإن في

__________________

(١) المحاسن : ٤٨٥.

(٢) المحاسن : ٤٨٧.

(٣) المحاسن : ٥٩٣.

(٤) المحاسن : ٥٩٣.

(٥) المحاسن : ٥٩٣.

٣٩٨

الملح دواء من سبعين داء أهونها الجذام والبرص ووجع الحلق والأضراس ووجع البطن (١).

٢٢ ـ ومنه ، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام من ذر على أول لقمة من طعامه الملح ذهب عنه بنمش الوجه (٢).

بيان : في القاموس النمش محركة نقطة بيض وسود أو بقع تقع في الجلد تخالف لونه.

٢٣ ـ المحاسن ، عن محمد بن أحمد عن ابن أبي محمود عن أبيه رفعه قال قال أبو عبد الله من ذر الملح على أول لقمة يأكلها فقد استقبل الغنى (٣).

٢٤ ـ المكارم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنا نبدأ بالملح ونختم بالخل (٤).

٢٥ ـ دعوات الراوندي ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله وملائكته يصلون على خوان عليه ملح وخل.

٢٦ الدعائم ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من افتتح طعامه بالملح وختم به عوفي من اثنين وسبعين داء منها الجذام والبرص (٥).

٢٧ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي عن ابن أسباط عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال لنا أبو الحسن الرضا أي الإدام أجزأ فقال بعضنا اللحم وقال بعضنا الزيت وقال بعضنا السمن فقال لا بل الملح لقد خرجنا إلى نزهة لنا ونسي الغلمان الملح فما انتفعنا بشيء حتى انصرفنا (٦).

الكافي ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي محمود مثله (٧) إلا أن فيه أحرى إلى قوله فقال عليه‌السلام لا بل الملح إلى قوله ونسي بعض

__________________

(١) المحاسن : ٥٩٣ ـ ٥٩٤.

(٢) المحاسن : ٥٩٣ ـ ٥٩٤.

(٣) المحاسن : ٥٩٣ ـ ٥٩٤.

(٤) مكارم الأخلاق : ١٦٤.

(٥) دعائم الإسلام ٢ : ١١٤.

(٦) المحاسن : ٥٩٢.

(٧) الكافي : ٦ : ٣٢٦.

٣٩٩

الغلمان فذبحوا لنا شاة من أسمن ما يكون فما انتفعنا.

المكارم ، سأل الرضا عليه‌السلام أصحابه وذكر مثله وفيه فقال لا هو الملح (١).

بيان أي الإدام أجزأ في أكثر نسخ المحاسن أجزأ بمعنى أكفى فإنه يمكن الاكتفاء به دون غيره كما يومئ إليه التعليل المذكور في آخر الخبر وفي بعض نسخ الكافي والمحاسن أمرأ أي أحسن عاقبة وأكثر لذة كما يشعر به التعليل أيضا وفي بعض نسخ الكافي والمكارم أحرى بالحاء والراء المهملتين أي أحرى بالافتتاح به وكان النسخة الأولى أي المعجمتين أظهرها وأحسنها وقال في المصباح النزهة قال ابن السكيت في فصل ما تضعه العامة في غير موضعه خرجنا نتنزه إذا خرجوا إلى البساتين وإنما التنزه التباعد من المياه والأرياف ومنه فلان يتنزه عن الأقذار أي يباعد نفسه عنها وقال ابن قتيبة ذهب أهل العلم في قول الناس خرجوا يتنزهون إلى البساتين أنه غلط وهو عندي ليس بغلط لأن البساتين في كل بلد إنما تكون خارج البلد فإذا أراد أحد أن يأتيها فقد أراد البعد عن المنازل والبيوت ثم كثر هذا حتى استعملت النزهة في الخضر والجنان.

١٤

باب

(النهي عن أكل الطعام الحار والنفخ فيه)

١ ـ مجالس الصدوق ، في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن ينفخ في طعام أو في شراب (٢).

٢ ـ الخصال ، عن أحمد بن محمد بن الهيثم عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن الحسين بن مصعب قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام يكره النفخ في الرقى والطعام وموضع السجود (٣).

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ٢١٧ وفيه اي الادام أجود.

(٢) أمالي الصدوق ٢٥٥ وبعده : أو ينفخ في موضع السجود.

(٣) الخصال ١٥٨.

٤٠٠