إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ١

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي

إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ١

المؤلف:

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: ٥٥٥
الجزء ١ الجزء ٢
٤١

(الباب الاَول)

في ذكر نسبه ومولده

وذكر أسمائه ومدة حياته ووقت وفاته

يشتمل على ثلاثة فصول :

٤٢

(الفصل الاَول)

في ذكر مولده ونسبه إلى آدم عليه السلام ووقت وفاته

ولد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة عند طلوع الشمس السابع عشر من شهر ربيع الاَول من عام الفيل(١).

(وفي رواية العامّة : ولد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الاثنين ، ثمّ اختلفوا فمن قائل يقول لليلتين من شهر ربيع الاَوّل(٢) ، ومن قائل يقول : لعشر ليال خلون منه(٣) ، وذلك لاَربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر مضت من ملك كسرى)(٤) أنوشيروان بن قباد وهو قاتل مزدك والزنادقة ومبيرهم(٥)وهو الذي عنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما يزعمون : ولدت في زمان الملك العادل الصالح(٦). ولثمان سنين وثمانية

__________________

(١) مساّر الشيعة : ٢٩ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مصباح المتهجد : ٧٣٢ ، قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦ |٣٩٣ ، مناقب ابن شهرآشوب ١ : ١٧٢ ، روضة الواعظين : ٧٠ ، اقبال الاَعمال : ٦٠٣ ، العدد القوية : ١١٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥ ، وفي بعض المصادر : طلوع الفجر بدل طلوع الشمس.

(٢) الطبقات الكبرى ١ : ١٠١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٧ ، صفة الصفوة ١ : ٥٢ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥.

(٣) الطبقات الكبرى ١ : ١٠٠ ، صفة الصفوة ١ : ٥٢ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩|٢٥.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ق» ، وفي نسخة «ط» إلى آخر المقطع ، واثبتناه من نسخة «م» ونسخة المجلسي.

(٥) مبيرهم : مهلكهم. «لسان العرب ٤ : ٨٦».

(٦) قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦| ذيل الحديث ٣٩٣ قطعة منه ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥.

٤٣

أشهر من ملك عمرو بن هند ملك العرب(١).

وكنيته : أبو القاسم.

وروى أنس بن مالك قال : لمّا ولد إبراهيم ابن النبيّ من مارية أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : «السلام عليك أبا إبراهيم» ، أو : «يا أبا إبراهيم»(٢)

ونسبه : محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قصي ـ واسمه زيد ـ ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(٣).

وروي عنه عليه‌السلام أنّه قال : «إذا بلغ نسبي عدنان فأمسكوا»(٤).

وروي عن اُمّ سلمة زوج النبيّ عليه‌السلام قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «معد بن عدنان بن اُدد بن زيد بن ثرا بن أعراق الثرى ، قالت اُمّ سلمة : زيد هميسع وثرانبت وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيم عليه‌السلام؛ قالت : ثمّ قرأ رسول الله وصلّى الله عليه

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب ١ : ١٧٢ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٢) الطبقات الكبرى ١ : ١٣٥ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٦٠٤ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٦٤ الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٠٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٣) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٤ ، سيرة ابن هشام ١ : ١ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٥ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٧١ ، مروج الذهب ٣ : ٥|١٤٤٢ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٩ ، الاستيعاب ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٤) قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦|٣٩٤ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٦ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

٤٤

وآله وسلّم : (وَعاداً وثَمَودَ وأصْحابَ الرَّسِّ وَقُروناً بَينَ ذلِك كَثيراً ) (١) لا يعلمهم إلاّ الله» (٢).

وذكر الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضوان الله عليه : عدنان بن أدّ بن اُدد بن يامين بن يشجب بن منحر بن صابوغ بن الهميسع (٣).

وفي رواية اُخرى : عدنان بن اُدد بن زيد بن يقدد بن يقدم الهميسع بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليه‌السلام (٤).

وقيل : الاَصحّ الذي اعتمد عليه أكثر النسّاب وأصحاب التواريخ : أنّ عدنان هو اُدّ بن اُدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما‌السلام ابن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن ارغوا بن فالغ بن عابر(٥) وهو هود عليه‌السلام ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه‌السلام بن لمك بن متّوشلخ بن أخنوخ (٦) وهو إدريس عليه‌السلام (ابن يارد) (٧) بن (مهلائيل) (٨) يارد بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

__________________

(١) الفرقان ٢٥ : : ٣٨.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٨ـ ١٧٩ ، وذكر صدره الطبري في تاريخه ٢ : ٢٧١ ، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٦ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٣) نقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، الطبقات الكبرى١ : ٥٧ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٧٤ ، وباختلاف يسير في الاَخرين ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٥) في نسخة «ط» : غابر.

(٦) في نسخة «م» زيادة : ويقال : اُخنوخ.

(٧) ليس في نسختي «ط ، ق».

(٨) في نسخة «ط» : مهلائل.

٤٥

عليه‌السلام أبي البشر(١).

واُمّه : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب.

وأرضعته حتّى شبّ حليمة بنت عبدالله بن الحارث بن شجنة السعديّة من بني سعد بن بكر بن هوازن ، وكانت ثويبة مولاة أبي لهب بن عبد المطّلب أرضعته أيضاً بلبن ابنها مسروح وذلك قبل أن تقدم حليمة ، وتوفيّت ثويبةمسلمة سنة سبع من الهجرة ، ومات ابنها قبلها ، وكانت قد أرضعت ثويبة قبله حمزة بن عبد المطلب عمّه ، فلذلك قال رسول الله عليه‌السلام لابنة حمزة : «إنّها ابنة أخي من الرضاعة» وكان حمزة أسنّ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأربع سنين(٢).

وأمّا جدّته اُمّ أبيه عبدالله : فهي فاطمة بنت عمر [و] بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

واُمّ عبدالمطلب : سلمى بنت عمرو من بني النجّار.

واُمّ هاشم : عاتكة بنت مرّة بن هلال من بني سليم.

واُمّ قصي وزهرة : فاطمة بنت سعد من أزد السراة (٣).

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، مروج الذهب ٣ : ٥|١٤٤٢ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٢) انظر : المقنعة : ٤٥٦ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ و ١٧٣ ، سيرة ابن هشام ١ : ١٦٤ ، و ١٦٥ و ١٦٩ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٩ و ١٠٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٠ ، مروج الذهب ٣ : ١٣ | ١٤٥٩ ، دلائل النبوة للاصبهاني ١ : ١٩٦ و ١٩٧ | ٩٥ و ٩٦ ، صفة الصفوة ١ : ٥٦ و ٦١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

(٣) انظر : سيرة ابن هشام ١ : ١٠٩ ، و ١١١ و ١١٤ ، الطبقات الكبرى ١ : ٦٢ و ٦٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١١ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٥٤ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٠

=

٤٦

وصدع صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالرسالة يوم السابع والعشرين من رجب وله يومئذ أربعون سنة.

وقبض صلوات الله عليه وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشر من الهجرة ، وهو ابن ثلاث وستّين سنة(١).

__________________

=

و ١٦ و ١٨ و ٣٣ ، البداية والنهاية ٢ : ٢١٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

(١) انظر : الكافي ٤ : ١٤٩|٢ ، المقنعة : ٤٥٦ ، الارشاد ١ : ١٨٩ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مصباح المتهجد : ٧٣٢ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٧٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

٤٧

(الفصل الثاني)

في ذكر أسمائه صلوات الله عليه وشرف أصله ونسبه

وأمّا أسماؤه وصفاته صلوات الله عليه وآله :

فمنها : ما جاء به التنزيل وهو :

الرسول ، النبيّ ، الاُمي : في قوله : (الّذين يتّبعون الرّسول النبيّ الامي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التَّوراة والاِِنجيل)(١).

والمزّمل والمدّثّر : في قوله تعالى : (يا أيّها المُزّمّل)(٢)(يا أيّها المدّثّرُ)(٣).

والنذير المبين : في قوله تعالى : (قُل اِنّي اَنا النَّذيرُ المُبينُ)(٤)

وأحمد : في قوله تعالى : (وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يأتي مِنْ بَعدي اسمُه أحمد)(٥).

ومحمّد : في قوله تعالى : (محمّد رَسولُ اللهِ)(٦).

والمصطفى : في قوله تعالى : (اللهُ يَصطفي مِنَ الملائكةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاس)(٧).

__________________

(١) الاَعراف ٧ : ١٥٧.

(٢) المزمل ٧٣ : ١.

(٣) المدثر ٧٤ : ١.

(٤) الحجر ١٥ : ٨٩.

(٥) الصف ٦١ : ٦.

(٦) الفتح ٤٨ : ٢٩.

(٧) الحج ٢٢ : ٧٥.

٤٨

والكريم : في قوله تعالى : (إنّهُ لقَولُ رسولٍ كَريمٍ)(١).

وسمّاه سبحانه نوراً : في قوله : (قَد جاءَكُم مِنَ اللهِ نورٌ وكِتابٌ مُبينٌ)(٢).

ونعمة : في قوله تعالى : (يَعرِفُونَ نِعمَةَ اللهِ ثُمّ ينكرُونَها)(٣).

ورحمة : في قوله تعالى : (وَما اَرسلنَكَ إلاّ رَحمةً لِلعالَمينَ)(٤).

وعبداً : في قوله تعالى : (نَزَّل الفُرقان على عَبِدِه)(٥).

ورؤوفاً رحيماً : في قوله : (بالمُؤمنينَ رَؤفٌ رَحيمٌ)(٦).

وشاهداً ، ومبشراً ، ونذيراً ، وداعياً : في قوله تعالى : (اِنّا اَرسلناكَ شَاهداً ومَبُشَراً ونَذيراً * وَداعياً اِلى الله باذِنِه وَسِراجاً مُنيراً)(٧).

وسمّاه منذراً : في قوله تعالى : (انما أنت منذر)(٨).

وسماه عبدالله : في قوله تعالى : ( وَانّه لمّا قام عَبدُ الله يَدعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدا )(٩).

وسمّاه مذكرّاً : في قوله تعالى : (اِنّما اَنتَ مُذكِّر)(١٠).

وسمّاه طه ، ويس.

__________________

(١) التكوير ٨١ : ١٩.

(٢) المائدة ٥ : ١٥.

(٣) النحل ١٦ : ٨٣.

(٤) الاَنبياء ٢١ : ١٠٧.

(٥) الفرقان ٢٥ : ١.

(٦) التوبة ٩ : ١٢٨.

(٧) الاَحزاب ٣٣ : ٤٥ ـ ٤٦.

(٨) الرعد ١٣ : ٧.

(٩) الجن ٧٢ : ١٩.

(١٠) الغاشية ٨٨ : ٢١.

٤٩

ومنها : ما جاءت به الاَخبار : ذكر محمّد بن إسماعيل البخاري في الصحيح عن جبير عن مطعم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إنّ لي أسماء : أنا محمّد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد»(١).

وقيل : أن الماحي الذي يمحى به سيّئات من اتّبعه.

وفي خبر آخر : المقفّي ، ونبيّ التوبة ، ونبيّ الملحمة ، والخاتم ، والغيث ، والمتوكّل(٢).

وأسماؤه في كتب الله السالفة كثيرة منها : مؤذ مؤذ بالعبرانيّة في التوراة ، وفارق في الزّبور(٣).

وروى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوّة : بإسناده عن الاَعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله عزّ وجل قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً ، وذلك قوله في : (وَاَصحابُ اليمين)(٤) (وَاَصحابُ الشّمالِ)(٥) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين. ثمّ جعل

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ : ٢٢٥ ، وكذا في : الموطأ ٢ : ١٠٠٤ ، سنن الدارمي٢ : ٢١٧ : صحيح مسلم ٤ : ١٨٢٨ | ٢٣٥٤ ، مسند أحمد ٤ : ٨٠ ، صحيح الترمذي ٥ : ١٣٥ | ٢٨٤٠ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٥٢ ، ونقله المجلسي في بحار الانوار ١٦ : ١١٤ | ٤٣.

(٢) مسند أحمد ٤ : ٤٠٤ ، صفة الصفوة ١ : ٥٥ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٠٤ ، البداية والنهاية ٢ : ٢٥٢ بزيادة ونقصان ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١١٤|٤٣.

(٣) أنظر : مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١١٤ | ٤٣.

(٤) الواقعة ٥٦ : ٢٧.

(٥) الواقعة ٥٦ : ٤١.

٥٠

القسمين أثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله : (فَاَصحابُ الميمنة)(١) (وَاَصحابُ المَشئمَة)(٢)(السّابقونَ السّابِقُون ) (٣) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ، ثمّ جعل الاَثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله : (وَجَعلناكُم شُعُوباً وَقَبائِلَ)(٤) الآية ، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً وذلك قوله عزّ وجل : (اِنّما يُريدُ الله ليُذهبَ عَنكُم الرّجس اَهلَ البَيتِ وَيُطّرِكُم تَطهِيراً)(٥) فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب»(٦).

وروى الشيخ أبو عبدالله الحافظ بإسناده ، عن سفيان بن عيينة أنه قال : أحسن بيت قالته العرب قول أبي طالب للنبّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وشقّ له من اسمه كي يُجلّهُ

فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمد(٧)

وقال غيره : إنّ هذا البيت لحسّان بن ثابت في قطعة له أوّلها :

ألم تر أنّ الله أرسل عبده

ببرهانه والله أعلى وأمجد(٨)

ومن صفاته التي جاءت في الحديث : راكب الجمل ، وآكل الذراع ، ومحرّم الميتة ، وقابل الهديّة ، وخاتم النبوّة ، وحامل الهراوة ، ورسول

__________________

(١) الواقعة ٥٦ : ٨.

(٢) الواقعة ٥٦ : ٩.

(٣) الواقعة ٥٦ : ١٠.

(٤) الحجرات ٤٩ : ١٣.

(٥) الاَحزاب ٣٣ : ٣٣.

(٦) دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٠ ، نقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٧) رواره عنه البيهقي في دلائله ١ : ١٦١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٨) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٦٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

٥١

الرحمة.

ويقال : إنّ كنيته في التوراة أبو الاَرامل ، واسمه صاحب الملحمة(١).

وروي أنّه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا الاَول والآخر ، أوّل في النبوّة وآخر في البعثة» (٢).

__________________

(١) انظر : مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٤ ، وكشف الغمة ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٢) كشف الغمة ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

٥٢

(الفصل الثالث)

في ذكر مدة حياته صلى الله عليه وآله وسلّم

عاش صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثاً وستين سنة ، منها مع أبيه سنتين وأربعة أشهر ، ومع جدّه عبدالمطلب ثمان سنين ، ثمّ كفّله عمّه أبو طالب بعد وفاة جدّه عبدالمطّلب فكان يكرمه ويحميه وينصره أيّام حياته(١).

وذكر محمّد بن إسحقاق بن يسار : أنّ أباه عبدالله مات واُمّه حبلى ، وقيل أيضاً : إنّه مات والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن سبعة أشهر(٢)

وذكر ابن إسحقاق قال : قدمت آمنة بنت وهب اُمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به على أخواله من بني عديّ بن النجّار بالمدينة ثمّ رجعت به حتّى إذا كانت بالاَبواء هلكت بها ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن ستّ سنين(٣).

وروي عن بريدة قال : انتهى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله فجعل يحرّك رأسه كالمخاطب ثمّ بكى ، فقيل : ما يبكيك يا رسول الله؟ قال : «هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربّي في أن أزور قبرها فأذن لي فأدركتني رقّتها فبكيت» فما رأيته ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة (٤).

__________________

(١) أنظر : كشف الغمة ١ : ١٦ ، والطبقات الكبرى ١ : ١١٩ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ١٣ و ١٤ ، ومروج الذهب ٣ : ١٤ | ١٤٦٠ ، ودلائل النبوة للاصبهاني ١ : ٢٠٩ | ١٠٣ و ١٠٤ ، ودلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٨ ، وصفة الصفوة ١ : ٦٥.

(٢) انظر : دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٣) سيرة ابن اسحقاق : ٦٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٨.

(٤) الطبقات الكبرى ١ : ١١٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٩.

٥٣

وفي خبر آخر : «استأذنت ربي في زيارة قبر اُمّي فأذن لي ، فزوروا القبور تذكّركم الموت» رواه مسلم في الصحيح(١).

وتزوّج بخديجة بنت خوليد وهو ابن خمس وعشرين سنة. وتوفّي عمّه أبو طالب وله ستّ وأربعون سنة وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوماً. وتوفّيت خديجة بعده بثلاثة أيّام ، وسمّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك العام عام الحزن(٢).

وروى هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما زالت قريش كاعّة(٣)عنّي حتّى مات أبو طالب»(٤)(٥)‌.

وأقام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكّة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة ، ثمّ هاجر منها إلى المدينة بعد أن استتر في الغار ثلاثة أيّام وقيل : ستّة أيّام ، ودخل المدينة يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الاَول وبقي بها عشر سنين.

ثمّ قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الاَثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة(٦).

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٧١ | ٩٧٦.

(٢) انظر : كشف الغمة ١ : ١٦ ، وسيرة ابن هشام ١ : ١٩٨ ، والطبقات الكبرى ١ : ١٣٢ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٠ ، ومروج الذهب ٣ : ١٥ | ١٤٦١ ، وصفة الصفوة ١ : ٧٤ ، والكامل في التاريخ ٢ : ٣٩.

(٣) كاعّة : خائفة وجبانة.

(٤) لم ترد الرواية في نسخة «ط».

(٥) كشف الغمة ١ : ١٦ ، دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٣٥٠.

(٦) انظر : الكافي ١ : ٣٤٦ ، كشف الغمة ١ : ١٦ ، وسيرة ابن هشام ٢ : ١٣٠ ، وصحيح البخاري ٥ : ٧٣ ، وصحيح مسلم ٤ : ١٨٢٦ | ٢٣٥١ ، وتاريخ الطبري ٢ : ٣٧٩ ، ومروج الذهب ٣ : ١٨|١٤٦٧ ، وصفة الصفوة ١ : ١١٧ و ١٢٩ ، والكامل في التاريخ ٢ : ١٠٤

=

٥٤

واختلف أهل بيته وأصحابه في موضع دفنه فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «إنّ الله تعالى لم يقبض روح نبيّه إلاّ في أطهر البقاع فينبغي أن يدفن هناك». فأخذوا بقوله ودفنوه في حجرته التي قبض فيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم(١).

__________________

=و ١٠٦ و ١٠٧.

(١) روضة الواعظين : ٧١ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ٢٤٠ ، كشف الغمة ١ : ١٩.

٥٥

(الباب الثاني)

في ذكر آياته الباهرات

ومعجزاته الخارقة للعادات

وهذه الآيات : قسمان أحدهما : ما ظهر قبل مبعثه. والآخر : ما ظهر بعد ذلك.

فأمّا ما ظهر قبل الدعوة والمبعث : فمن ذلك ما استفاض في الحديث : أنّ اُمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما وضعته رأت نواراً أضاءت له قصور الشام.

وحدّثت هي : أنّها اُتيت حين حملت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل لها : إنّك حملت بسيد هذه الاُمة فإذا وقع على الاَرض فقولي :

اُعيذه بالواحد

شرّ كلّ حاسد

فإنّ آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بُصرى من أرض الشام ، فإذا وقع فسمّيه محمّداً ، فإنّ اسمه في التوراة أحمد ، يحمده أهل السماء والاَرض ، واسمه في الاِنجيل أحمد ، يحمده أهل السماء والاَرض ، واسمه في الفرقان محمّد. قالت : فسمّيته بذلك(١).

____________

(١) انظر : كشف الغمة ١ : ٢٠ ، وسيرة ابن هشام ١ : ١٦٦ ، وتاريخ الطبري ٢ : ١٥٦ ، ودلائل

=

٥٦

وروى أبو اُمامة قال : قيل : يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال : «دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت اُمّي أنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام»(١).

ومن ذلك : ما رواه الاُستاذ أبو سعد الواعظ الزاهد الخركوشي(٢)بإسناده عن مخزوم بن أبي المخزومي ، عن أبيه وقد أتت عليه مائة وخمسون سنة قال : لمّا كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ارتجس(٣) أيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة ، وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة ، ورأى المؤبذان (٤) أنّ إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادها.

__________________

=النبوة للبيهقي ١ : ٨٢ و ٨٣ ، والكامل في التاريخ ١ : ٤٥٨.

(١) مسند الطيالسي : ١٥٥|١١٤٠ ، الطبقات الكبرى ١ : ١٠٢ ، مسند أحمد ٥ : ٢٦٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٦٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ٨٤.

(٢) الخركوشي : هو أبو سعد عبدالملك بن محمّد النيشابوري الحافظ الواعظ صاحب كتاب «شرف المصطفى». قال عنه السمعاني في الانساب : الخركوشي بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وضم الكاف وفي آخرها الشين ، هذه النسبة إلى خركوش وهي سكة بنيسابور كبيرة كان بها جماعة من المشاهير مثل أبي سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم الخركوشي ، الزاهد الواعظ ، أحد المشهورين بأعمال البر والخير ، وكان عالماً زاهداً فاضلاً ، رحل إلى العراق والحجاز وديار مصر ، وأدرك العلماء والشيوخ ، وصنّف التصانيف المفيدة ـ إلى أن قال ـ : وجاور حرم الله مكة ، ثم عاد إلى وطنه نيشابور ، ولزم منزله ، وبذل النفس والمال للمستورين من الغرباء والفقراء المنقطعين منهم ، وبنى داراً للمرضى بعد أن خربت الدور القديمة لهم ، ووكَّل جماعة من أصحابه لتمريضهم وحمل مياههم ، وكانت وفاته في سنة ٤٠٦ هـ بنيشابور.

انظر : الكنى والاَلقاب ٢ : ١٨٣ ، الانساب ٥ : ٩٣.

(٣) ارتجس : اضطرب وتحرك حركة سُمع لها صوت «لسان العرب ٦ : ٩٥».

(٤) المؤبذان (بضم الميم وفتح الباء) : فقيه الفرس وحاكم المجوس. «القاموس المحيط ١ : ٣٦٠».

٥٧

فلمّا أصبح كسرى راعه ذلك وأفزعه وتصبّر عليه تشجّعاً ، ثمّ رأى أن لا يدّخر ذلك عن وزرائه ومرازبته(١) ، فجمعهم وأخبرهم بما هاله ، فبينا هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس ، فقال المؤبذان : وأنا رأيت رؤيا ، وقصّ عليه رؤياه في الاِبل ، فقال : أيّ شيء يكون هذا يا مؤبذان ، قال : حدث يكون من ناحية العرب.

فكتب كسرى عند ذلك إلى ملك العرب النعمان بن المنذر :

أمّا بعد : فوجّه إليّ برجل عالم بما اُريد أن أسأله عنه.

فوجّه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغسّاني ، فلمّا قدم عليه أخبره بما رأى ، فقال : علم ذلك عند خال يسكن مشارق الشام ، يقال له : سطيح ، قال : فاذهب إليه فسله وائتني بتأويل ما عنده.

فنهض عبد المسيح حتّى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت ، فسلّم فلم يحر جواباً ، فأنشأ عبد المسيح أبياتاً فيها ما أراده منه ، ففتح سطيح عينيه ثمّ قال : عبد المسيح على جمل مسيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح ، بعثك ملك بني ساسان : لارتجاس الاَيوان ، وخمود النيران ، ورؤيا المؤبذان ، رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.

يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، وظهر صاحب الهراوة ، وفاض وادي السماوة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ، فليس الشام لسطيح شاماً ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات ، وكلّ ما هو آت آت ، ثمّ قضى سطيح مكانه.

__________________

(١) المرزبة : كمرحلة ، رئاسة الفُرس ، وهو مرزبانهم أي أميرهم ورئيسهم. «انظر : القاموس المحيط ١ : ٧٣».

٥٨

فنهض عبد المسيح وقدم على كسرى وأخبره بما قال سطيح ، فقال : إلى أن يملك منّا أربعة عشر ملكاً كانت اُمور ، فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى أمارة عثمان (١).

ومن ذلك : ما رواه عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن رجاله قال : كان بمكّة يهوديّ يقال له يوسف ، فلمّا رأى النجوم تقذف وتتحرّك ليلة ولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : هذا نبيّ قد ولد في هذه الليلة ، لاَنّا نجد في كتبنا أنه إذا ولد آخر الاَنبياء رجمت الشاطين وحجبوا عن السماء.

فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال : هل ولد فيكم الليلة مولود؟

قالوا : قد ولد لعبدالله بن عبد المطّلب ابنٌ في هذه الليلة.

قال : فاعرضوه عليّ.

فمشوا إلى باب آمنة ، فقالوا لها : اخرجي ابنك ، فأخرجته في قماطه ، فنظر في عينه ، وكشف عن كتفيه فرأى شامة سوداء وعليها شعيرات ، فلمّا نظر إليه اليهوديّ وقع إلى الاَرض مغشيّاً عليه ، فتعجّبت منه قريش وضحكوا منه ، فقال : أتضحكون يا معشر قريش هذا نبيّ السيف ليبيرنّكم ، وذهب النبوة عن بني إسرائيل إلى آخر الاَبد ، وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهودي (٢).

ومن ذلك : بشارة موسى بن عمران عليه‌السلام به في التوراة ، فلقد حدّثني من أثق به قال : مكتوب في خروج النبي من ولد إسماعيل ، وصفته

__________________

(١) كمال الدين : ١٩١|٣٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٨ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٦٦ ـ ١٦٨ ، دلائل النبوة للاصبهاني ١ : ١٧٤ ـ ١٧٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٢٦ ـ ١٢٩ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٧ ـ ١٠٠ ، وفيها باختلاف يسير.

(٢) تفسير القمي ١ : ٣٧٣ و ٣٧٤ ، كمال الدين : ٩٧ ، وفيه باختلاف يسير.

٥٩

هذه الاَلفاظ : لاشموعيل شمعشخوا هني بيراخت اُوثو هربيث ، اُتو هربتي واُتو بمادماد شينم آسور نسيئم وأنا تيتو الكوى كادل.

وتفسيره : إسماعيل قبلت صلاته ، وباركت فيه ، وأنميته ، وكثّرت عدده بولد له اسمه محمّد ، يكون اثنين وتسعين في الحساب ، ساُخرج اثنا عشر إماماً ملكاً من نسله ، واُعطيه قوماً كثير العدد.

ومن ذلك : ما أخبر به الثقة أنه قرأ في الاِنجيل ـ ذكره الشيخ أبو جعفر ابن بابويه رحمه‌الله في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ـ : «إنّي أنا الله الدائم الذي لا أزول ، صدّقوا النبيّ الاُميّ صاحب الجمل والمدرعة والتاج ـ وهي العمامة ـ والنعلين والهراوة ـ وهي القضيب ـ الاَكحل العينين ، الصلت (١) الجبين ، الواضح الخدّين ، الاَقنى(٢) الاَنف ، المفلّج(٣) الثنايا ، كأنّ عنقه إبريق فضّة ، كأنّ الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من صدره إلى سرّته ، ليس على بطنه وصدره شعر ، أسمر اللون ، دقيق المسربة (٤) ، شثن الكفّ والقدم ، إذا التفت التفت جميعاً ، وإذا مشى كأنّما ينقلع من صخر وينحدر من صبب ، وإذا جاء مع القوم بذّهم ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ ، وريح المسك تنفح منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيّب الريح ، نكّاح للنساء ، ذو النسل القليل ، إنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنّة ، لا صخب فيه ولا نصب ، يكفّلها في آخر الزمان كما كفّل زكريّا اُمّك ، له فرخان مستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الاِسلام وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيّامه

__________________

(١) الصلت : الواضح. «لسان العرب ٢ : ٥٣».

(٢) القنا : احديداب في الاَنف ، يقال رجل أقنى الاَنف وامرأة قنواء. «الصحاح ـ قنا ـ ٦ : ٢٤٦٩».

(٣) المفلّج : الفلج في الأسنان : تباعد ما بين الثنايا والرباعيات. «العين ٦ : ١٢٧».

(٤) المسربة : شعرات تنبت في وسط الصدر إلى أصل السرة. «العين ٧ : ٢٤٩».

٦٠