إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ١

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي

إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ١

المؤلف:

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: ٥٥٥
الجزء ١ الجزء ٢

تزوّجها ، فلمّا قال ذلك أبوها طلّقها.

فهذه إحدى وعشرون امرأة.

ومات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عشر ، واحدة منهنّ لم يدخل بها. وقيل : عن تسع : عائشة ، وحفصة ، واُمّ سلمة ، واُمّ حبيبة ، وزينب بنت جحش ، وميمونة ، وصفيّة ، وجويرية ، وسودة. وكانت سودة قد وهبت ليلتها لعائشة حين أراد طلاقها وقالت : لا رغبة لي في الرجال وإنّما اُريد أن اُحشر في أزواجك (١).

__________________

(١) انظر : المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٥٩ ، سيرة ابن هشام ٤ : ٢٩٣ ، الوفا بأحوال المصطفى ٢ : ٦٤٥ ، تاريخ الطبري ٣ : ١٦٠ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٠٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ٧ : ٢٨٢ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٠٠ | ٢٠.

٢٨١

(الفصل الثاني)

في ذكر أعمامه وعمّاته صلوات الله عليه وآله

كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسعة أعمام هم بنو عبد المطّلب : الحارث ، والزبير ، وأبو طالب ، وحمزة ، والغيداق ، وضرار ، والمقوّم ، وأبو لهب واسمه عبدالعزّى ، والعبّاس. ولم يعقب منهم إلاّ أربعة : الحارث ، وأبو طالب ، والعبّاس ، وأبو لهب(١).

فأمّا الحارث فهو أكبر ولد عبد المطّلب وبه كان يكنّى ، وشهد معه حفر زمزم(٢) ، وولده : أبو سفيان ، والمغيرة ، ونوفل ، وربيعة ، وعبد شمس(٣).

أما أبو سفيان فأسلم عام الفتح ولم يعقب(٤).

وأمّا نوفل فكان أسنّ من حمزة والعبّاس ، وأسلم أيّام الخندق وله عقب(٥).

وأمّا عبد شمس فسمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبدالله

__________________

(١) الخصال : ٤٥٢ | ٥٩ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٨ ، العدد القوية : ١٣٦ ، جمهرة النسب للكلبي : ١٠١ و ١٠٦ ، سيرة ابن هشام ١ : ١١٣ ، جمهرة أنساب العرب : ١٤ السيرة النبوية لابن كثير ١ : ١٠٢ و ١٨٤.

(٢) جمهرة النسب للكلبي : ١٠٤ ، سيرة ابن كثير ١ : ١٦٨ و ١٧٠ ، البداية والنهاية ٢ : ٢٤٦.

(٣) جمهرة النسب للكلبي : ١٤٣ ، جمهرة انساب العرب : ٧٠ ، فيهما أبو سفيان وهو المغيرة بدل أبو سفيان والمغيرة.

(٤) الطبقات الكبرى ٤ : ٤٩ ، وفيه : وقد انقرض ولد أبي سفيان بن الحارث فلم يبق منهم أحد بدل ولم يعقب.

(٥) الطبقات الكبرى ٤ : ٤٤ و ٤٦.

٢٨٢

وعقبه بالشام (١).

وأمّا أبو طالب عمّ النبيّ فكان مع أبيه عبدالله ابني اُمّ واُمّهما فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم (٢) واسمه عبد مناف (٣) له أربعة أولادذكور : طالب ، وعقيل ، وجعفر ، وعليّ ، ومن الاناث : اُمّ هانىء واسمها فاختة ، وجمانة ، اُمّهم جميعاً فاطمة بنت أسد.

وكان عقيل أسنّ من جعفر بعشر سنين ، وأعقبوا إلاّ طالباً(٤) وتوفّي قبل أن يهاجر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاث سنين ، ولم يزل رسول الله ممنوعاً من الأذى بمكّة موقى حتّى توفّي أبو طالب عليه‌السلام ، فنبت به مكة ، ولم تستقرّ له بها دعوة (٥) حتى جاءه جبرئيل عليه‌السلام فقال : «إنّ الله تعالى يقرؤك السلام ويقول لك : اُخرج من مكّة فقد مات ناصرك» (٦).

ولمّا قُبض أبو طالب أتى عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعلمه بموته ، فقال له : «امض يا عليّ فتولّ غسله وتكفينه وتحنيطه ، فإذا رفعته على سريره فأعلمني» ففعل ذلك ، فلمّا رفعه على السرير اعترضه النبيّ وقال : « وصلتك رحم ، وجزيت خيراً يا عمّ ، فلقد ربيت وكفّلت صغيراً ، ووازرت ونصرت كبيراً » ثمّ أقبل على الناس وقال : « أما والله لأشفعنّ لعمّي

__________________

(١) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٠|٢.

(٢) سيرة ابن هشام ١ : ١٨٩ و ١١٤ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٣٩ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ : ٢٤١ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٠ | ٢.

(٣) سيرة ابن هشام ١ : ١١٣ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٣٩ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ : ١٠٢ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٠ | ٢.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٠٤ ، الطبقات الكبرى ١ : ١٢١ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦١.

(٥) عيون الأثر : ١٣٠ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦١.

(٦) الكافي ١ : ٣٧٣ | ٣١ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦١.

٢٨٣

شفاعة يعجب لها أهل الثقلين» (١).

وأمّا العباس فكان يكنّى أبا الفضل ، وكانت له السقاية وزمزم ، وأسلم يوم بدر ، واستقبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عام الفتح بالأبواء ، وكان معه حين فتح مكة ، وبه ختمت الهجرة. ومات بالمدينة في أيّام عثمان وقد كفّ بصره ، وكان له من الولد تسعة ذكور وثلاث إناث : عبدالله ، وعبيدالله ، والفضل ، وقثم ، ومعبد ، وعبدالرحمن ، واُمّ حبيب ، اُمّهم لبابة بنت الفضل بن الحارث الهلاليّة اُخت ميمونة بنت الحارث زوجة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتمّام ، وكثير ، والحارث ، وآمنة ، وصفيّة ، لاُمّهات أولاد شتّى (٢).

وأمّا أبو لهب فولده : عتبة ، وعتيبة ، ومعتّب ، واُمّهم اُمّ جميل بنت حرب اُخت أبي سفيان حمّالة الحطب (٣).

وكانت عمّاته صلوات الله عليه وآله ستّاً من اُمّهات شتّى وهنّ : اُميمة ، واُمّ حكيمة ، وبرّة ، وعاتكة ، وصفيّة ، وأروى (٤).

وكانت اُميمة عند جحش بن رئاب الأسدي ، وكانت اُمّ حكيمة ـ وهي البيضاء ـ عند كرز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، وكانت برّة عند عبد الأسد بن هلال المخزومي فولدت له أبا سلمة الذي كان زوج اُمّ سلمة ،

__________________

(١) إيمان أبي طالب لابن معد : ٢٩٨ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٤ : ٧٦ ، تذكرة الخواص : ١٩ ، قطعة منه في : دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٣٤٩ ، البداية والنهاية ٣ : ١٢٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦١.

(٢) المعارف لابن قتيبة : ٧٢ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦١.

(٣) المعارف لابن قتيبة : ٧٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦١.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٨ ، العدد القوية : ١٣٧ ، سيرة ابن هشام ١ : ١١٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٧٠ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٦ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ : ١٨٤ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦١.

٢٨٤

وكانت عاتكة عند أبي اُمّية بن المغيرة المخزوميّ ، وكانت صفيّة عند الحارث بن حرب بن اُمّية ، ثمّ خلف عليها العوّام بن خوليد فولدت له الزبير ، وكانت أروى عند عمير بن عبد العزّى بن قصيّ. لم يسلم منهنّ غير صفيّة (١). وقيل : أسلم منهنّ ثلاث : صفيّة ، وأروى ، وعاتكة (٢).

__________________

(١) المعارف لابن قتيبة : ٧٧ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٢.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٩ ، العدد القوية : ١٣٧ | ذيل حديث ٤٨ ، مستدرك الحاكم ٤ : ٥٠ و ٥٢ و ٥٤ ، ولم يرد فيه عاتكة ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٢.

٢٨٥

(الفصل الثالث)

في ذكر قراباته من جهة اُمّه

من الرضاعة صلوات الله عليه وآله

لم يكن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرابة من جهة اُمّه إلاّ من الرضاعة ، فإنّ اُمّه آمنة بنت وهب لم يكن لها أخ ولا اُخت فيكون خالاً له أو خالة ، إلاّ أنّ بني زهرة يقولون : نحن أخواله ، لأنّ آمنة منهم(١) ، ولم يكن لأبويه عبدالله وآمنة ولد غيره فيكون له أخ أو اُخت من النسب(٢) ، وكان له خالة من الرضاعة يقال لها : سلمى ، وهي اُخت حليمة بنت أبي ذؤيب. وله أخوان من الرضاعة : عبدالله بن الحارث ، واُنيسة بنت الحارث ، اُبوهما الحارث بن عبد العزّى بن سعد بن بكر بن هوازن ، فهما أخواه من الرضاعة (٣).

__________________

(١) المعارف لابن قتيبة : ٧٧ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٢.

(٢) المعارف لابن قتيبة : ٧١ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٢.

(٣) انظر : سيرة ابن هشام ١ : ١٧٠ ، الطبقات الكبرى ١ : ١١٠ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ : ٢٢٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٢.

٢٨٦

(الفصل الرابع)

في ذكر مواليه ومولياته وجواريه

أمّا مواليه : فزيد بن حارثة ، وكان لخديجة اشتراه لها حكيم بن حزام بسوق عكاظ بأربعمائة درهم فوهبته لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن تزوّجها ، فأعتقه فزوّجه اُمّ أيمن ، فولدت له اُسامة ، وتبنّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان يدعى زيدا ابن رسول الله ، حتّى أنزل الله تعالى(ادعُوهُم لآبائهِم)(١).

وأبو رافع : واسمه أسلم ، وكان للعبّاس فوهبة له ، فلمّا أسلم العبّاس بشر أبو رافع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإسلامه فأعتقه ، وزوجه سلمى مولاته ، فولدت له عبيدالله بن أبي رافع ، فلم يزل كاتباً لعليّ عليه‌السلام أيام خلافته.

وسفينة : واسمه رباح ، اشتراه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعتقه.

وثوبان : يكنّى أبا عبدالله من حمير ، أصابه سبي فاشتراه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعتقه.

وبشار : وكان عبداً نوبيّاً ، أعتقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقتله العرنيون الذين أغاروا على لقاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وشقران : واسمه صالح.

وأبو كبشة : واسمه سليمان.

__________________

(١) الأحزاب ٣٣ : ٥.

٢٨٧

وأبو ضميرة : أعتقه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتب له كتاباً فهو في يد ولده.

ومدعم أصابه سهم في وادي القرى فمات.

وأبو مويهبة ، وأنيسة ، وفضالة ، وطهمان ، وأبو أيمن ، وأبو هند ، وأنجشة وهو الذي قال فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رويدك يا أنجشة ، رفقاً بالقوارير»(١) وصالح ، وأبو سلمى ، وأبو عسيب ، وعبيد ، وأفلح ، وريفع ، وأبو لقيط ، وأبو رافع الأصغر ، ويسار الأكبر ، وكركرة أهداه هوذة بن عليّ الحنفيّ إلى النبيّ فأعتقه ، ورباح ، وأبو لبابة ، وأبو اليسر وله عقب(٢).

وأمّا مولياته : فإنّ المقوقس ـ صاحب الاِسكندريّة ـ أهدى إليه جاريتين : إحداهما مارية القبطيّة ، ولدت له إبراهيم وماتت بعده بخمس سنين ، سنة ستّة عشر ، ووهب الاُخرى لحسّان بن ثابت(٣).

واُمّ أيمن حاضنة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانت سوداء ورثها

__________________

(١) ذكر ابن الأثير في نهايته (٤ : ٣٩) : وفي حديث انجشة ، في رواية البراء بن مالك «رويدك ، وفقاً بالقوارير» أراد النساء ، شبههن بالقوارير من الزجاج ، لأنه يسرع إليها الكسر ، وكان أنجشة يحدو ونشد القريض والرجز ، فلم يأمن أن يصيبهن ، أو يقع في قلوبهن حداؤه ، فأمره بالكف عن ذلك. وفي المثل : الغناء رقية الزنا.

وقيل : أراد أن الابل إذا سمعت الحداء اسرعت في المشي واشتدت فأزعجت الراكب واتعبته ، فنهاه عن ذلك ، لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة.

وواحدة القوارير : قارورة ، سمّيت بها لاستقرار الشراب فيها.

(٢) انظر : التعريف لابن قتيبة : ٨٥ ، وتأريخ اليعقوبي ٢ : ٨٧ ، وتأريخ الطبري ٣ : ١٦٩ ، والبداية والنهاية ٥ : ٣١١ ، والسيرة النبوية لابن كثير ٤ : ١١٦ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار٢٢ : ٢٦٢.

(٣) تأريخ الطبري ٣ : ١٧٢ ، مستدرك الحاكم ٤ : ٣٨ ، الاستيعاب ١ : ٤٦ و ٤ : ٣٢٩ و ٤١٠ ، البداية والنهاية ٥ : ٣٠٣ و ٣٢٩ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ : ٦٠٠ و ٦٤٨ ، ونقله المجلسيفي بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٣.

٢٨٨

عن اُمّه ، وكان اسمها بركة ، فأعتقها وزوّجها عبيد الخزرجيّ بمكّة فولدت له أيمن ، فمات زوجها ، فزوّجها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من زيد فولدت له اُسامة ، أسود يشبهها ، فاُسامة وأيمن أخوان لاَمّ(١).

وريحانة بنت شمعون ، غنمها من بني قريظة(٢).

وأما خدمه من الأحرار : فأنس بن مالك ، وهند وأسماء (ابنتا خارجة الأسلميّتان) (٣) (٤).

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٤ : ٦٣ ، سيرة ابن كثير ٤ : ٦٤١ ، البداية والنهاية ٥ : ٣٢٥ ، إلاّ ان في الأخيرين الحبشي بدل الخزرجي ، الاصابة ٤ : ٤٣٢ | ١١٤٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٣.

(٢) تاريخ الطبري ٣ : ١٦٧ ، مستدرك الحاكم ٤ : ٤١ ، الاستيعاب ٤ : ٣٠٩ ، سيرة ابن كثير ٤ : ٦٠٤ ، البداية والنهاية ٥ : ٣٠٥ و ٣٢٨ ، الاصابة ٤ : ٣٠٩ | ٤٤٦ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٣.

(٣) كذا في نسخنا ، وفي نسخة المجلسي رحمه‌الله ، إلا أن الصواب ابنا حارثة الاسلميان كما تذكرهما جميع المصادر الرجالية والتاريخية ، فراجع.

(٤) مستدرك الحاكم ٣ : ٥٢٩ و ٥٧٣ ، الاستيعاب ١ : ٧١ و ٩٧ ، سيرة ابن كثير ٤ | ٦٥٣ و ٦٥٥ ، البداية والنهاية ٥ : ٣٣١ ، الاصابة ١ : ٣٩|١٣٧ و ٧١ | ٢٧٧ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٢ : ٢٦٣.

٢٨٩

(الباب السادس)

في ذكر السيّدة الزهراء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

وسلّم ، وتاريخ مولدها ، ومبلغ عمرها ، ووقت وفاتها ، ونبذ من

مناقبها وخصالها

وهو ثلاثة فصول :

٢٩٠

(الفصل الأول)

في ذكر مولدها وأسمائها وألقابها عليها السلام

الأظهر في روايات أصحابنا أنّها ولدت سنة خمس من المبعث بمكّة في العشرين من جمادى الأخرة ، وأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبض ولها ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر(١).

وروي عن جابر بن يزيد قال : سئل الباقر عليه‌السلام : كم عاشت فاطمة عليها‌السلام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : «أربعة أشهر ، وتوفّيت ولها ثلاث وعشرون سنة»(٢).

وهذا قريب ممّا روته العامّة أنّها ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم(٣) ، فتكون بعد المبعث بسنة.

وذكر الاُستاذ أبو سعيد الواعظ في كتاب «شرف النبيّ» : أنّ جميع أولاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولدوا قبل الإسلام ، إلاّ فاطمة وإبراهيم فإنّهما ولدا في الإسلام(٤).

وروي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «لفاطمة عليها‌السلام تسعة أسماء عند الله عزّ وجل : فاطمة ، والصدّيقة ، والمباركة ، والطاهرة ، والزكية ،

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٨١ ، تاريخ الأئمة (ضمن مجموعة نفيسة) : ٦ ، روضة الواعظين : ١٤٣ ، تاج المواليد (ضمن مجموعة نفيسة) : ١٢ ، كشف الغمة ١ : ٤٤٩.

(٢) نحوه في مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٥٧.

(٣) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦١ و ١٦٣ ، الاستيعاب ٤ : ٣٧٤ ، مقتل الخوارزمي : ٨٣ ، الاصابة ٤ : ٣٧٧.

(٤)شرف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم...

٢٩١

والراضية ، والمرضيّة ، والمحدّثة ، والزهراء»(١).

وفي مسند الرضا عليه‌السلام : أنّ النبيّ قال : «إنّما سمّيت ابنتي فاطمة لأنّ الله سبحانه فطمها وفطم من أحبّها من النار»(٢).

وسمّاها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، البتول أيضاً(٣) ، وقال لعائشة : «يا حميراء ، إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميّين ، ولا تعتلّ كما تعتلّون»(٤)

ومعناه ما جاء في الحديث الآخر : أنّ فاطمة عليها‌السلام لم تر دماً في حيض ولا نفاس. وقد روت العامّة أيضاً ، عن أنس بن مالك ، عن اُمّ سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري أنّها قالت : لم تر فاطمة عليها‌السلام دماً قطّ في حيض ولا نفاس(٥).

وكانت يصب عليها من ماء الجنة ، وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا اُسري به دخل الجنّة وأكل من فاكهة الجنّة وشرب من ماء الجنّة فنزل من ليلته فوقع على خديجة فحملت بفاطمة فكان حمل فاطمة من ماء

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٤٧٤ | ١٨ ، الخصال ٢ : ٤١٤ | ٣ ، دلائل الامامة : ١٠ ، تاج المواليد : (ضمن مجموعة نفيسة) : ٢٠.

(٢) صحيفة الاِمام الرضا عليه‌السلام : ٨٩ | ٢٢ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ٤٦ | ١٧٤ ، معاني الأخبار : ٦٤ | ١٤ ، علل الشرائع : ١٧٨ | ١ ، أمالي الطوسي ١ : ٣٠٠ ، بشارة المصطفى : ١٨٤ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٠٣ ، مناقب ابن المغازلي : ٦٥ | ٩٢ ، مقتل الخوارزمي : ٥١ ، ذخائر العقبى : ٢٦ ، فرائد السمطين ٢ : ٥٧ | ٣٨٤ ، الفردوس بمأثور الخطاب ١ : ٣٤٦ | ١٣٨٥.

(٣) معاني الأخبار : ٦٤ | ١٧ ، علل الشرائع : ١٨١ | ١ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٣٠.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٣٠ ، المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٠ | ١٠٠٠ ، مقتل الخوارزمي : ٦٤.

(٥) مناقب ابن المغازلي : ٣٦٩ | ٤١٦ ، ذخائر العقبى : ٤٤ ، وفيهما نحوه.

٢٩٢

الجنة.

ورواه أيضاً ابن عباس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم(١).

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ٣٥٧ | ٤٠٦ ، مناقب الخوارزمي : ٦٤ ، ذخائر العقبى : ٣٦.

٢٩٣

(الفصل الثاني)

في ذكر ما يوجب الدلالة على عصمتها

وبعض الآيات المثبتة عن مكانها من الله ، ومنزلتها

ونبذ من الأخبار الدالة على فضلها وعلو رتبتها

من أوكد الدلائل على عصمتها عليها‌السلام قوله سبحانه : (إنَّما يُريدُ الله لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البَيت وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً) (١) ووجه الدلالة : أنّ الاُمة اتّفقت [ على ] أنّ المراد بأهل البيت في الآية هم أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووردت الرواية من طريق الخاصّ والعامّ أنّها مختصّة بعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلّلهم بعباء خيبريّة ثمّ قال : «اللهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» فقالت اُمّ سلمة : يا رسول الله وأنا من أهل بيتك؟ فقال عليه وآله السلام لها : «إنّك على خير»(٢).

ولا تخلو الاِرادة في الآية إمّا أن تكون إرادة محضة لم يتبعها الفعل ، أو إرادة وقع الفعل عندها ، والأوّل باطلٌ ، لأنّ ذلك لا تخصيص فيه لأهل البيت ، بل هو عام في جميع المكلّفين ، ولا مدح في الاِرادة المجردة ،

__________________

(١) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

(٢) تفسير فرات الكوفي : ١٢٣ ، تفسير العياشي ١ : ٢٥٠ ، تفسير القمي ٢ : ١٩٣ ، أمالي الطوسي ١ : ٢٦٩ ، فضائل ابن شاذان : ٩٥ ، سنن الترمذي ٥ : ٣٥١ | ٣٢٠٥ و ٦٦٣ | ٣٧٨٧ ، مسند أحمد ٦ : ٢٩٢ و ٣٠٤ ، فضائل أحمد : ٧٩ | ١١٨ و ١٠٠ | ١٥١ ، تفسير الطبري ٢٢ : ٦ و ٧ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٤١٦ ، تاريخ بغداد ٩ : ١٢٦ | ٤٧٤٣ و ١٠٠ : ٢٧٨ | ٥٣٩٦ ، مناقب ابن المغازلي : ٣٠٣ | ٣٤٧ ، اُسد الغابة ٢ : ١٢ ، و ٤ : ٢٩ ، كفاية الطالب : ٣٧١ ، ذخائر العقبى : ٢١.

٢٩٤

وأجمعت الاُمّة على أنّ الآية فيها تفضيل لأهل البيت وإبانة لهم عمّن سواهم ، فثبت الوجه الثاني ، وفي ثبوته ما يقتضي عصمة من عني بالآية ، وأنّ شيئاً من القبائح لا يجوز أن يقع منهم ، على أنّ غير من سمّيناه لاشكّ أنّه غير مقطوع على عصمته ، والآية موجبة للعصمة ، فثبت أنّها فيمن ذكرناهم لبطلان تعلّقها بغيرهم.

وممّا يدلّ أيضاً على عصمتها عليها‌السلام : قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها : «إنّها بضعة منّي يؤذيني ما آذاها»(١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من آذى فاطمة فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله عزّ وجل»(٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها»(٣).

ولو كانت ممّن يقارف الذنوب لم يكن من يؤذيها مؤذياً له على كلّ حال ، بل يكون متى فعل المستحق من ذمّها ، أو إقامة الحدّ ـ إن كان الفعل يقتضيه ـ سارّاً له عليه‌السلام.

__________________

(١) صحيح مسلم ٤ : ١٩٠٣ | ٩ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٩٨ | ٣٨٦٩ ، مسند أحمد ٤ : ٥ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٩ ، تذكرة الخواص : ٢٧٩ ، ونحوه في : صحيح البخاري ٥ : ٢٦ ، مصابيح السنة للبغوي ٤ : ١٨٥ | ٤٧٩٩.

(٢) تفسير القمي ٢ : ١٩٦ ، علل الشرائع : ١٨٦ ، دلائل الامامة للطبري : ٤٥ ، كشف الغمة ١ : ٤٦٦.

(٣) صحيفة الاِمام الرضا عليه‌السلام : ٩٠ | ٢٣ ، أمالي الصدوق : ٣١٣ | ١ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٤٦ | ١٧٦ ، معاني الأخبار : ٣٠٣ | ذيل الحديث ٢ ، أمالي المفيد : ٩٤ | ٤ ، أمالي الطوسي ٢ : ٤١ ، دلائل الاِمامة : ٥٢ ، بشارة المصطفى : ٢٠٨ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٢٥ ، المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠١ | ١٠٠١ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤ ، مقتل الخوارزمي : ٥٢ ، اُسد الغابة ٥ : ٥٢٢ ، كفاية الطالب : ٣٦٤ ، ذخائر العقبى : ٣٩ ، ميزان الاعتدال ١ : ٥٣٥ | ٢٠٠٢ ، تهذيب التهذيب ٤ : ٤٦٩.

٢٩٥

ومّما روي من الآيات الدالّة على محلّها من الله عزّ وجلّ ما رواه الخاصّ والعامّ عن ميمونة أنّها قالت : وجدت فاطمة عليها‌السلام نائمة والرحى تدور فأخبرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فقال : «إنّ الله علم ضعف أمته فاوحى إلى الرحى أن تدور فدارت»(١).

ومن الأخبار المنبئة عن فضلها وتميّزها عمّن سواها ما روته العامّة عن عائشة قالت : ما رأيت رجلاً أحبّ إلى رسول الله من عليّ ، ولا امرأة أحبّ إلى رسول الله من امرأته(٢).

ورووا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : «سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت : أنا أحب إليك أم فاطمة؟ فقال : فاطمة أحب إليّ منك ، وأنت أعز عليّ منها»(٣).

ورووا عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حسبك من نساء العالمين ـ وفي رواية اُخرى : خير نساء العالمين ـ : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خوليد ، وفاطمة بنت محمّد»(٤)

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٣٧ ، مقتل الخوارزمي : ٦٨ ، ونحوه في : الخرائج والجرائح ٢ : ٥٣١|٧ ، وذخائر العقبى : ٩٨.

(٢) سنن الترمذي ٥ : ٧٠١ | ٣٨٧٤ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤ و ١٥٧ ، تاريخ بغداد ١١ : ٤٣٠ ، اُسد الغابة ٥ : ٥٢٢ ، ذخائر العقبى : ٣٥.

(٣) فضائل أحمد : ١٣٤ | ١٩٨ ، خصائص النسائي : ١٥٥ | ١٤٦ ، تذكرة الخواص : ٢٧٦ ، اُسد الغابة ٥ : ٥٢٢ ، ذخائر العقبى : ٣٥.

(٤) صحيح الترمذي ٥ : ٣٠٧ | ٣٨٧٨ ، المصنف للصنعاني ١١ : ٤٣٠ | ٢٠٩١٩ ، مسند أحمد ٣ | ١٣٥ ، المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٢ | ١٠٠٣ و ١٠٠٤ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧ و ١٥٨ ، ووافقه الذهبي في ذيل المستدرك ، تاريخ بغداد ٧ : ٨٤ | ٣٦٣٦ و ٩ : ٤٠٤ | ٥٠٠٨ ، مصابيح السنة للبغوي ٤ : ٢٠٢ | ٤٨٥٠ ، اُسد الغابة ٥ : ٤٣٧ ، ذخائر العقبى : ٤٣.

٢٩٦

وعن ابن عبّاس قال : أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم(١).

وروي عن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «أنا الشجرة ، وفاطمة فرعها ، وعليّ لقاحها ، والحسن والحسين ثمرها ، وشيعتنا ورقها ، الشجرة أصلها في جنّة عدن ، والفرع والثمر والورق في الجنّة»(٢).

ورووا عن عائشة : أنّ فاطمة عليها‌السلام كانت إذا دخلت على رسول الله قام لها من مجلسه وقبّل رأسها وأجلسها مجلسه(٣).

ورووا عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم في تفسير القرآن ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنّه قال : «بلغنا عن آبائنا أنّهم قالوا : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكثر تقبيل فم فاطمة سيّدة نساء العالمين عليها‌السلام إلى أن قالت عائشة : يا رسول الله أراك كثيراً ما تقبّل فم فاطمة ، وتدخل لسانك في فيها؟! قال : نعم يا عائشة ، أنّه لمّا اُسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنّة فأدناني من شجرة طوبى وناولني من ثمارها تفّاحة فأكلتها فصارت نطفة في ظهري ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فكلّما اشتقت إلى الجنّة قبّلتها وأدخلت لساني في فيها

__________________

(١) مسند أحمد ١ : ٢٩٣ و ٣١٦ و ٣٢٢ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٨٥ ، اُسد الغابة ٥ : ٤٣٧ ، جمع الجوامع ١ : ١٣١.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٠ ، مقتل الخوارزمي : ٦١ ، ودون ذيله في امالي الطوسي ١ : ١٨.

(٣) الذرية الطاهرة للدولابي ١٤٠ | ١٧٥ ، أمالي الطوسي ٢ : ١٤٠ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٣٣ ، سنن أبي داود ٤ : ٣٥٥|٥٢١٧ ، صحيح الترمذي ٥ : ٧٠٠ | ٣٨٧٢ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤ و ١٦٠ و ٤ : ١٧٢ ، سنن البيهقي ٧ : ١٠١ ، ذخائر العقبى : ٤٠ و ٤١.

٢٩٧

فأجد منها ريح الجنّة ، وأجد منها رائحة شجرة طوبى ، فهي إنسيّة سماويّة» (١).

وما رواه أصحابنا رضي الله عنهم من لأخبار الدالّة على خصوصيّتها من بين أولاد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشرف المنزلة ، وبينبونتها عن جميع نساء العالمين بعلّو الدرجة فأكثر من أن يحصر ، فلنقنتصر على ما ذكرناه.

وكان ممّا تممّ الله تعالى به شرف أمير المؤمنين عليه‌السلام في الدنيا وكرامته في الآخرة أن خصّه بتزويجها إيّاه ، كريمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحبّ الخلق إليه ، وقرّة عينه ، وسيدة نساء العالمين.

فممّا روي في ذلك ما صحّ عن أنس بن مالك قال : بينما النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس إذ جاء عليّ عليه‌السلام فقال : «يا عليّ ما جاء بك؟».

قال : «جئت اُسلّم عليك».

قال : «هذا جبرئيل يخبرني أنّ الله تعالى زوّجك فاطمة ، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ألف ملك ، وأوحى الله تعالى إلى شجرة طوبى أن : اُنثري عليهم الدرّ والياقوت ، فنثرت عليهم الدر والياقوت فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدر والياقوت ، وهنّ يتهادينه بينهنّ إلى يوم القيامة» (٢).

وعن ابن عبّاس قال : لمّا كانت الليلة التي زفّت بها فاطمة إلى عليّ عليهما‌السلام كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمامها ، وجبرئيل عن

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ١ : ٣٦٥ باختصار ، فرائد السمطين ٢ : ٥١ | ٣٨١ باختلاف يسير.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٤٦ ، ونحوه في مناقب ابن المغازلي : ٣٤٣ | ٣٩٥.

٢٩٨

يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك من خلفها ، يسبّحون الله ويقدّسونه(١).

وافتخر أمير المؤمين عليه‌السلام بتزويجها في مقام بعد مقام :

روى أبو إسحاق الثقفي بإسناده ، عن حكيم بن جبير ، عن الهجريّ ، عن عمّه قال : سمعت عليّاً عليه‌السلام يقول : «لأقولنّ قولاً لم يقله أحدٌ بعدي إلاّ كذّاب ، أنا عبدالله ، وأخو رسوله ، وريث نبيّ الرحمة ، وتزوّجت سيّدة نساء الاُمّة ، وأنا خير الوصيّين»(٢)

والأخبار في هذا النحو كثيرة ، وروى الثقفي بإسناده عن بريدة قال : لمّا كان ليلة البناء بفاطمة عليها‌السلام قال لعليّ : «لا تحدث شيئاً حتّى تلقاني» فاتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بماء ـ أوقال : دعا بماء ـ فتوضّأ ثمّ أفرغه على عليّ عليه‌السلام ثمّ قال : «اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في شبليهما»(٣).

وروى بإسناده عن شرحبيل بن أبي سعيد قال : لمّا كان صبيحة عرس فاطمة جاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعسّ فيه لبن فقال لفاطمة :

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٥٤ ، كشف الغمة ١ : ٣٥٣ ، تاريخ بغداد ٥ : ٦ | ٢٣٥٤ ، مناقب الخوارزمي : ٣٤١ | ٣٦٢ ، ذخائر العقبى : ٣٢ ، فرائد السمطين ١ : ٩٦ | ٦٥.

(٢) أمالي الطوسي ١ : ٨٣ دون ذكر «وأنا خير الوصيين» ، كشف الغمة ١ : ٤٧٣ باختلاف يسير ، وقطعة منه في المصحف لابن أبي شيبة ١ : ٦٢ | ١٢١٢٨ ، وخصائص النسائي ٨٥ | ٦٧ وتاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الاِمام علي عليه‌السلام ـ ١ : ١٣٤ | ١٦٤ ، وفرائد السمطين ١ : ٢٢٧ | ١٧٧.

(٣) الذرية الطاهرة للدولابي : ٩٦ ذيل حديث ٨٧ ، كشف الغمة ١ : ٣٦٥ ، المعجم الكبير للطبراني ٢ | ٢٠ ذيل حديث ١١٥٣ ، إلا أنه فيه «أبنائهما» بدل «شبليهما» ، واُسد الغابة ٦ : ٢٢٢ وفيه «نسلهما» بدل «شبليهما» ، ونقله الهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ | ٢٠٩ عن البزار بدون إختلاف ، وذكر ذيله ابن شهر آشوب في المناقب ٣ : ٣٥٥.

٢٩٩

« اشربي فداك أبوك » وقال لعليّ عليه‌السلام : «اشرب فداك ابن عمّك» (١).

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٥٦ ، كشف الغمة ١ : ٤٧٣.

٣٠٠