بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ » (١) والحاطب بالنمام لقولهم لمن نم ووشى إنه يحطب عليه وفسروا قوله « حَمَّالَةَ الْحَطَبِ » (٢) بالنميمة وطول اليد بصنائع المعروف لقولهم فلان أطول يدا من فلان ويعبر الرمي بالحجارة والسهم بالقذف لقولهم رمى فلانا بفاحشة قال الله تعالى « وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ » (٣) وغسل اليد باليأس عما يؤمل (٤) لقولهم غسلت يدي عنك والتأويل بالأسامي كمن رأى من يسمى راشدا يعبر بالرشد وسالما بالسلامة وروي عن أنس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا في دار عقبة بن رافع فأتينا برطب ابن طاب فأولت الرفعة لنا في الدنيا والعافية في الآخرة وأن ديننا قد طاب وقال ابن سيرين نوى التمر نية السفر وقد يعبر السفرجل بالسفر إذا لم يكن في الرؤيا ما يدل على المرض والسوسن بالسوء لأن أوله سوء إذا عدل به مما ينسب إليه في التأويل.

والتأويل بالمعنى كالأترج يعبر بالنفاق لمخالفة باطنه ظاهره إذا لم يكن في الرؤيا ما يدل على المال وكالورد والنرجس بقلة البقاء إن عدل به عما نسب إليه لسرعة ذهابه والآس بالبقاء لأنه يدوم روي أن امرأة بالأهواز رأت كأن زوجها ناولها نرجسا وناول ضرتها آسا فقال المعبر يطلقك ويتمسك بضرتك أما سمعت قول الشاعر :

ليس للنرجس عهد

إنما العهد للآس.

وأما التأويل بالضد فكما أن الخوف يعبر بالأمن لقوله « وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً » (٥) والأمن بالخوف والبكاء بالفرح إذا لم يكن معه رنة والضحك بالحزن إلا أن يكون تبسما والطاعون بالحرب والحرب بالطاعون والعجلة بالندم والندم بالعجلة والعشق بالجنون والجنون بالعشق والنكاح بالتجارة والتجارة بالنكاح والحجامة بكتبة الصك والصك بالحجامة والتحول عن المنزل بالسفر

__________________

(١) فاطر : ٤٣.

(٢) المسد : ٤.

(٣) النور : ٤.

(٤) يأمل ( خ ).

(٥) النور : ٥٥.

٢٢١

والسفر بالتحول عن المنزل ومن هنا أن العطش خير من الري والفقر من الغنى والمضروب والمجروح والمقذوف أحسن حالا من الفاعل.

وقد يتغير بالزيادة والنقصان كالبكاء إنه فرح وإن كان معه صوت ورنة فمصيبة وفي الضحك إنه حزن فإن كان تبسما فصالح وفي الجوز مال مكنون فإن سمعت له قعقعة فهو خصومة والدهن في الرأس زينة فإن سال عن الوجه فهو غم والزعفران ثناء حسن فإن ظهر له لون فهو مرض أو هم والمريض يخرج من منزله ولا يتكلم فهو موته فإن تكلم برأ والفأر نساء فإن اختلفت ألوانها إلى البيض والسود فهي الأيام والليالي والسمك نساء فإذا عرف عددها فإن كثر فغنيمة.

وقد يتغير التأويل عن أصله باختلاف حال الرائي كالغل في النوم مكروه وهو في حق الرجل الصالح قبض اليد عن الشر وقال ابن سيرين نقول في الرجل يخطب على المنبر يصيب سلطانا فإن لم يكن من أهله يصلب وسأل رجل ابن سيرين عن الأذان فقال الحج وسأله آخر فأول بقطع السرقة وقال رأيت الأول في سيماء حسنة فتأولت « وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ » (١) ولم أرض هيئة الثاني فأولت « ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ » (٢).

وقد يرى فيصيبه عين ما رأى حقيقة من ولاية أو حج أو قدوم غائب أو خير أو نكبة وقد رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عام الفتح فكان كذلك قال تعالى « لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا » (٣) وروى الزهري عن ابن خزيمة بن ثابت عن عمه أن خزيمة رأى أنه سجد على جبهة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره فاضطجع له وقال صدق رؤياك فسجد على جبهته وقد يرى في المنام الشيء فيكون لولده أو قريبه أو سميه فقد أري [ رأى ] النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله متابعة أبي جهل معه فكان لابنه عكرمة فلما أسلم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله هو هذا ورأى لأسيد بن العاص ولاية مكة فكان لابنه عتاب ولاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة وروى البخاري بإسناده عن ابن سيرين عن قيس بن عباد قال كنت جالسا في مسجد المدينة في ناس فيهم بعض أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخل

__________________

(١) الحج : ٢٧.

(٢) يوسف : ٧٠.

(٣) الفتح : ٢٧.

٢٢٢

رجل على (١) وجهه أثر الخشوع فقال بعض القوم هذا رجل من أهل الجنة فصلى ركعتين تجوز فيهما ثم خرج وتبعته فقلت له إنك حين دخلت المسجد قالوا هذا من أهل الجنة قال والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم وسأحدثك بم ذاك رأيت رؤيا على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقصصتها عليه رأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها في وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء وأعلاه عروة فقيل لي ارقه قلت لا أستطيع فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت بالعروة فقيل استمسك فاستيقظت وإنها لفي يدي فقصصتها على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال تلك الروضة الإسلام وذلك العمود عمود الإسلام وتلك العروة العروة الوثقى فأنت على الإسلام حتى تموت والرجل عبد الله بن سلام.

قال في النهاية : في الحديث تجوزوا في الصلاة أي خففوها وأسرعوا بها وقيل إنه من الجواز القطع والسير وقال المنصف بكسر الميم الخادم وقد يفتح.

وقال في شرح السنة : من رأى في النوم أنه قد صعد السماء فدخلها نال شرفا وذكرا ونال الشهادة فإن رأى نفسه فيها لا يدري متى صعد إليها فهو شرف معجل وشهادة مؤجلة والشمس ملك عظيم ومن رأى فيها من تغير أو كسوف فهو حدث بالملك من هم أو مرض أو نحوه والقمر وزير الملك في التأويل والزهرة امرأته وعطارد كاتبه والمريخ صاحب حربه وزحل صاحب عذابه والمشتري صاحب ماله وسائر النجوم العظام أشراف الناس وإنما يكون القمر وزيرا ما رئي في السماء فإن رآه عنده أو في حجره أو في بيته تزوج زوجا يغلب ضوؤه رجلا كان أو امرأة وكانت الشمس في تأويل رؤيا يوسف أباه والقمر أمه أو خالته والكواكب الأحد عشر إخوته كما قال تعالى « وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ » الآية (٢) وكان رؤياه في صباه فظهر تأويلها بعد أربعين سنة ويقال بعد ثمانين سنة.

وروي أن ابن سيرين رأى في المنام كأن الجوزاء تقدمت الثريا فأخذ في

__________________

(١) في ( خ ).

(٢) يوسف : ١٠٠.

٢٢٣

الوصية وقال يموت الحسن وأموت بعده وهو أشرف مني وسأل رجل ابن سيرين فقال رأيت كأني أطير بين السماء والأرض فقال أنت رجل كثير المنى وقالوا من رأى القيامة قد قامت في موضع فإن العدل يبسط في ذلك المكان فإن كانوا مظلومين نصروا وإن كانوا ظالمين انتقم منهم لأنه العدل ويوم القيامة يوم الفصل والعدل قال تعالى « وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ » (١) ومن رأى دخل الجنة فهو البشرى من الله بالجنة فإن أكل شيئا من ثمارها أو أصابها فهو خير يناله في دينه ودنياه وعلم ينتفع به فإن أعطاها غيره ينتفع بعلمه غيره ودخول جهنم إنذار للعاصي ليتوب فإن رأى أنه تناول شيئا من طعامها أو شرابها فهو خلاف أعمال البر منه أو علم يصير عليه وبالا والغسل والوضوء بالماء البارد توبة وشفاء من المرض وخروج من الحبس وقضاء للدين وأمن من الخوف غير أن الغسل أقوى من الوضوء قال تعالى لأيوب عليه‌السلام : « هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ » (٢) فلما اغتسل خرج من المكاره والغسل والوضوء بالماء المسخن هم أو مرض والأذان حج لقوله تعالى « وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ » (٣) وربما كان سلطانا في الدين وقوة والصلاة في النوم استقامة الرأي في الدين والسنة إذا كانت إلى الكعبة والإمامة رئاسة وولاية إن استقامت قبلته وتمت صلاته والركوع توبة لقوله تعالى « خَرَّ راكِعاً وَأَنابَ » (٤) والسجود قربة لقوله تعالى « وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ » (٥) وإن صلى منحرفا عن سمت القبلة شرقا أو غربا فانحراف عن السنة فإن جعلها وراء ظهره فهو نبذه الإسلام لقوله تعالى « فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ » (٦) فإن رأى أنه لا يعرف القبلة فهو حيرة منه في الدين ومن رأى نفسه فوق الكعبة فلا دين له والكعبة الإمام العادل فمن أم الكعبة فقد أم الإمام والمسجد الجامع هو السلطان ومن رأى نفسه بالكعبة أو يأتي بشيء من المناسك فهو صلاح في دينه بقدر عمله ودخول الحرم أمن لقوله « وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً » (٧)

__________________

(١) الأنبياء : ٤٧.

(٢) ص : ٤٢.

(٣) الحج : ٢٧.

(٤) ص : ٢٤.

(٥) العلق : ٢٠.

(٦) آل عمران : ١٨٥.

(٧) آل عمران : ٩١.

٢٢٤

والأضحية فك الرقبة فمن ضحى وكان عبدا أعتق وإن كان أسيرا نجا أو خائفا أمن أو مديونا قضى دينه أو مريضا شفاه الله أو صرورة حج.

وقال : من رأى في المنام أنه تزوج امرأة عاينها أو عرفها أو نسبت إليه أصاب سلطانا وإن تزوج امرأة لم يعاينها ولم يعرفها ولم تنسب إليه إلا أنه يسمي عروسا فهو موته أو يقتل إنسانا ومن طلق امرأة عزل عن سلطنته ومن تزوج امرأة ميتة ظفر بأمر ميت ومن رأى أنه نكح امرأة من محارمها يصل رحمها ومن أصاب زانية أصاب دنيا حراما فإن رآه رجل من الصالحين أصاب علما فإن رأت امرأة أنها تزوجت أصابت خيرا فإن رأت أن زانيا نكحها فهو نقصان مالها وتشتت أمرها.

وروى البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت مهيعة فتأولتها أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة وهي الجحفة.

وقال أصحاب التعبير الرجل المعروف في النوم هو ذلك الرجل أو سميه أو نظيره والمجهول إن كان شابا فهو عدو وإن كان شيخا فهو جدة والمرأة العجوزة المجهولة هي الدنيا فإن كانت ذات هيئة وسمت حسن كانت حلالا وإن كانت على غير سمت الإسلام كانت دنيا حراما وإن كانت شعثة قبيحة فلا دين ولا دنيا والمرأة سنة والجارية خير والصبي هم والمرأة الزانية هي الدنيا لطالب الدنيا وعلم لأهل الصلاح والعلم والخصيان هم الملائكة إذا رآهم في سمت حسن وسأل رجل ابن سيرين فقال رأيت في النوم صبيا في حجري يصيح فقال اتق الله ولا تضرب بالعود.

فأما الأعضاء : فرأس الرجل رئيسه والوجه جاهه والشيب وقاره وطول الشعر هم إلا أن يكون ممن يلبس السلاح (١) فهو له زينة وحلق الرأس كفارة الذنوب إن كان في حرم أو أيام موسم وإن كان مديونا أو في كرب ففرج وإن لم يكن

__________________

(١) الصلاح ( خ ).

٢٢٥

شيئا منها فهو هتك أو عزل رئيسه وطول اللحية فوق القدر دين أو هم وخضاب الرأس واللحية تغطية أمر وشعر الشارب والإبط زيادة مكروهه (١) ونقصانه محمود والأذن امرأة الرجل وابنته والسمع والبصر دينه والصوت صيته في الناس وما حدث عن شيء منه كان ذلك فيما ينسب إليه والعين دين فإن رأى أنه أعمى ضل عن الإسلام وإن رأى أنه أعور ذهب نصف دينه أو أصاب إثما عظيما والرمد حدث في الدين وأشفار العين وقاية الدين وكذا الاكتحال والجبهة والأنف من الجاه والفم مفتاح أمره وخاتمته والقلب القائم بأمره ومدبره واللسان ترجمانه والمبلغ عنه وقد يكون حجته وقطعه انقطاع حجته في المنازعة وقد يكون اللسان ذكره قال تعالى « وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ » (٢) وقطع اللسان للنساء محمود يدل على الستر والحياء والأسنان أهل البيت والقرابات لتقاربها وتلاصقها والثنايا أقربهم والأبعد منها أبعدهم والعليا رجال القرابة والسفلى نساؤها وما حدث فيها من حسن أو فساد أو كلال ففي القرابة فإن رأى أن أسنانه سقطت فصارت في يده تكثر نساء أهله فإن سقطت وذهبت فهو موتهم قبله والعنق موضع الأمانة والدين وضعفه عجز عن احتمال الأمانة والدين والعضد أخ أو ولد قد أدرك واليد أخ وقطعها موته وقد يؤول طول اليد بصنائع المعروف وإذا نسبت اليد إلى الأخ كانت الأصابع أولادا لأخ وإذا انفردت الأصابع عن ذكر اليد فهي الصلوات الخمس ونقصانها حدث في الصلاة فالإبهام الصبح والسبابة الظهر والوسطى العصر والبنصر المغرب والخنصر العشاء والصدر حلم الرجل واحتماله والثدي البنت والبطن والأمعاء مال وولد فإن رأى ظهور شيء من أمعائه من جوفه فهو ظهور ماله والكبد كنز وفي الحديث يخرج الأرض أفلاذ كبدها أي كنوزها وكذلك الدماغ والمخ والأضلاع النساء لأن المرأة خلقت من ضلع والظهر سند الرجل وقوته ومن المملوك سيده و

__________________

(١) في بعض النسخ « زيادته مكروهة ».

(٢) الشعراء : ٨٤.

٢٢٦

الصلب القوة وقد يكون الولد لأن الولد يخرج منه والذكر ذكره وقد يكون ولده والخصيتان الأعداء فإن رأى قطعهما ظفر به أعداؤه فإن (١) عظمتا كان منيعا وقد يكون انقطاع الخصيتين انقطاع إناث الولد والفخذ عشيرة الرجل وقومه والركبة موضع كده ونصبه في المعيشة والقروح والبثر والجراح والورم في البدن والجنون والجذام كلها مال والبرص مال وكسوة وروي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سأل عن ورقة فقالت خديجة إنه قد صدقك ولكن مات قبل أن تظهر فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأيته (٢) في المنام وعليه ثياب بيض ولو كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذلك.

قال المعبرون : القميص على الرجل دينه على لسان صاحب الشرع وقد يعبر القميص بشأنه في مكسبه ومعيشته وما رأى في قميصه صفاقة أو خرق أو وسخ فهو صلاح معيشته أو فساده والسراويل جارية أعجمية والإزار امرأة وأفضل الثياب ما كان جديدا صفيقا واسعا والبياض في الثياب جمال في الدين والدنيا والحمرة في الثياب صالحة للنساء وتكره للرجال إلا أن تكون في ملحفة أو إزار أو فراش فهو حينئذ سرور وفرح والصفرة في الثياب مرض والخضرة حياة في الدين لأنها لباس أهل الجنة والسواد سود (٣) وسلطان لمن يلبس السواد في اليقظة ولمن لا يلبسها مكروه والصوف مال كثير والبرد من القطن يجمع خير الدين والدنيا وأجود البرود الحبرة فإن كان البرد من إبريشم فهو مال حرام وفساد من الدين والقطن والكتان والشعر والوبر كلها مال والعمامة ولاية والفراش امرأة حرة أو أمة والوسائد والمرافق والمقادم والمناديل خدم والسرير سلطان إذا كان ممن يصلح لذلك وإلا فهو شهرة.

ويقال : المرأة فضيحة والستور على الأبواب هم وحزن والنعل امرأة وخمار

__________________

(١) وإن ( خ ).

(٢) في أكثر النسخ « اريته ».

(٣) سودد ( خ ).

٢٢٧

المرأة زوجها فإن لم يكن لها زوج فوليها.

وروي عن أم العلا الأنصارية قالت رأيت في النوم لعثمان بن مظعون رضي‌الله‌عنه بعد موته عينا تجري فقصصتها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ذاك علمه (١).

وقال أصحاب التعبير : الساقية التي لا يغرق في مثلها حياة طيبة والبحر الملك الأعظم فإن استقى منه ماء أصاب من الملك مالا والنهر رجل يقدر (٢) عظمته والماء الصافي إذا شرب خير وحياة طيبة وإن كان كدرا أصابه مرض وشرب الماء المسخن ودخول الحمام هم ومرض والماء الراكد أضعف في التأويل من الجاري والمطر غياث ورحمة إن كان عاما وإن كان خاصا في موضع فهو أوجاع يكون (٣) في ذلك الموضع والطين والوحل والماء الكدر هم وحزن والسيل عدو يتسلط والثلج والبرد والجليد هم وعذاب إلا أن يكون الثلج قليلا في موضعه وحينه فيكون خصبا لأهل ذلك الموضع والسباحة احتباس أمر والمشي على الماء قوة نفس ومن غمره الماء أصابه هم غالب والغرق فيه إذا لم يمت غرق في أمر الدنيا وانفجار العيون من الدار والحائط وحيث ينكر انفجارها هم وحزن ومصيبة بقدر قوة العين والخمر مال حرام فإن سكر منها أصاب معه سلطانا والسكر من غير الشراب خوف ومن اعتصر خمرا خدم السلطان وأخصب وجرت على يده أمور عظام قال تعالى « إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً » (٤) فأوله يوسف بأنه يسقي ربه خمرا وشرب اللبن فطرة وهو يكون مالا حلالاوقد ورد في الخبر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أول اللبن بالعلم وروي أن امرأة رأت في المنام أنها كانت تحلب حية فسألت ابن سيرين فقال هذه يدخل عليها أهل الأهواء.

اللبن فطرة والحية عدو وليست من الفطرة في شيء والأشجار رجال أحوالهم

__________________

(١) في بعض النسخ « عمله » وهو أظهر.

(٢) في بعض النسخ « بقدر ».

(٣) كذا.

(٤) يوسف : ٣٦.

٢٢٨

كأحوال الشجر في الطبع والنفع وطيب الريح فمن رأى شجرا أو أصاب شيئا من ثمره أصاب من رجل في مثل حال ذلك الشجر والنخل رجل شريف والتمر مال وشجر الجوز رجل أعجمي شحيح والجوز نفسه مال مكنون وشجرة السدر رجل شريف وشجرة الزيتون رجل مبارك نفاع وثمر الزيتون هم وحزن والكرم والبستان امرأة والعنب الأبيض في وقته غضارة الدنيا وخيرها وفي غير وقته مال يناله قبل وقته الذي يرجوه والأشجار العظام التي لا ثمر لها كالدلب والصنوبر إن رأى فهو رجل ضخم بعيد الصوت قليل الخير والمال والشجرة ذات الشوك رجل صعب المرام والصفر من الثمار مثل المشمش والكمثرى والزعرور الأصفر ونحوها أمراض والحامض منها هم وحزن والحبوب كلها مال والحشيش مال والزرع عمله في دينه أو دنياه والثوم والبصل والجزر والشلجم هم وحزن والرياحين كلها بكاء وحزن إلا ما يرى منها ثابتا في موضعه من غير أن يمسه وهو يجد ريحه.

وروى البخاري وغيره من المخالفين بإسنادهم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض لها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين ورأيت أيضا فيها بقرا والله (١) خير فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد وثواب الصدق الذي أتانا الله بعد يوم بدر.

قال في النهاية : وهل إلى الشيء بالفتح يهل بالكسر وهلا بالسكون إذا ذهب وهمه إليه انتهى وضبطه النووي بالتحريك وقال الوهل بالتحريك معناه الوهم والاعتقاد وسائر اللغويين على الأول.

ورووا أيضا عن جابر في خبر غزوة أحد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقرا تنحر فأولت الدرع الحصينة بالمدينة والبقر بقرة والله

__________________

(١) كذا في جميع النسخ ، ولعله سقط منه شيء.

٢٢٩

خير. وأولوا ذبح البقرة بالمسلمين الذين استشهدوا يوم أحد.

قال ابن حجر هذه اللفظة الأخيرة هي بفتح الموحدة وسكون القاف مصدر بقره بقرا ومنهم من ضبطها بفتح النون والفاء.

وقال أهل التعبير السيف سلطان في المنام وإن رآه قد رفعه فوق رأسه نال سلطانا مشهورا وإن لم يكن ممن ينبغي له فهو ولد وكذلك كل من أعطي سكينا أو رمحا أو قوسا ليس معه سلاح فهو ولد وإن كان معه سلاح فهو سلطان وما حدث في السيف من انكسار أو ثلمة أو كدورة فهو حدث فيما ينسب السيف إليه وإن رأى أنه سل سيفا من غمد ولدت امرأته غلاما فإن انكسر السيف في الغمد مات الولد فإن انكسر الغمد دون السيف ماتت الأم وسلم الولد والرمي عن القوس نفوذ كتبه في السلطان (١) بالأمر والنهي وانكسار القوس مصيبة والبقر سنون فإن كانت سمانا كانت مخاصب وإن كانت عجافا كانت مجادب كما في تأويل يوسف عليه‌السلام ومن ركب ثورا أصاب مالا من عمل السلطان أو استمكن من عامل وإن رأى ثورا من العوامل ذبح وقسم لحمه فهو موت عامل وقسمة تركته فإن كان من غير العوامل كان رجلا ضخما والبعير رجل ضخم والناقة امرأة وما رأى أنه راكب بعير مجهول سافر وإن نزل عنه مرض وإن دخل جماعة من الإبل أرضا دخلها عدو وربما كان أوجاعا ومن رأى أنه يرعى غنما سودا فهو أناس من أناس العرب وإن كانت بيضا فمن العجم وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : رأيت غنما كثيرة سودا دخل فيها غنم كثير بيض قالوا فما أولته يا رسول الله قال العجم يشاركونكم في دينكم وأنسابكم والذي نفسي بيده لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجال من العجم فأسعدهم به فارس.

والكبش رجل ضخم والنعجة امرأة شريفة والعنز يجري مجرى النعجة إذا كان في الرؤيا ما يدل على المرأة إلا أن العنز دون النعجة في الشرف والحسب وقد يجري مجرى النعجة (٢) في كونها سنة مخصبة إن كانت سمينة ومجدبة إن كانت عجافا

__________________

(١) في بعض النسخ : فى سلطانه.

(٢) البقر ( ظ ).

٢٣٠

والفرس عز وسلطان والأنثى امرأة شريفة والبغل سفر والحمار جد الرجل الذي يسعى به فمن رأى أنه ذبح حماره ليأكل من لحمه أصاب مالا يجده والفيل سلطان أعجمي فإن ركبه في أرض حرب كانت الدبرة على أصحاب الفيل قال تعالى « أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ » ومن أصاب حمار وحش أو وعلا وصغيره (١) أنه يريد أكله يصيب غنيمة ومن رأى أنه راكب حمار وحش يصرفه كيف شاء فهو راكب معصية أو يفارق رأي الجماعة والأسد عدو قاهر والخنزير رجل دني شديد الشوكة والضبع امرأة قبيحة سوء والدب عدو دني أحمق والذئب سلطان غشوم أو لص ضعيف كذاب والثعلب كثير الاختلاف فمن رأى أنه ينازعه خاصم ذا قرابة وإن طلب ثعلبا أصابه وجع وإن طلبه ثعلب أصابه فزع ومن رأى ثعلبا يهرب منه فهو عزيمة يراوغه ومن أصاب ثعلبا أصاب امرأة يحبها حبا ضعيفا وابن آوى كالثعلب وأضعف والسنور لص وابن عرس في معناه وأضعف والكلب عدو دني غير مبالغ في العداوة والقرد عدو ملعون والحية عدو مكاتم للعداوة والعقرب عدو ضعيف لا تجاوز عداوته لسانه وكذلك سائر الهوام أعداء على منازلهم وذو السم أبلغ والنسر والعقاب سلطان قوي والحدأة ملك خامل الذكر شديد الشوكة والبازي سلطان غشوم والصقر قريب منه والغراب إنسان فاسق كذوب والعقعق إنسان لا عهد له ولا حفاظ ولا دين والطاوس الذكر ملك أعجمي والأنثى امرأة حسناء أعجمية والحمامة امرأة أو خادمة والفاختة امرأة غير آلفة والدجاج خدم والديك رجل أعجمي من نسل الملوك.

قال عمر : رأيت أن ديكا نقر بي نقرتين فأولت أن رجلا من العجم سيقتلني فقتله أبو لؤلؤة والعصفور رجل صخاب (٢) دني والبلبل غلام صغير والببغاء ولد يناغي والخفاش عابد مجتهد والزرزور صاحب أسفار والهدهد كاتب يتعاطى دقيق العلم ولا دين له والثناء عليه قبيح لنتن ريحه والزنابير والذباب سفلة الناس وغوغاؤهم

__________________

(١) ضميره ( خ ).

(٢) الصخاب : الشديد الصياح.

٢٣١

والنحلة إنسان كسوب عظيم الخطر والبركة وطير الماء أفضل الطير في التأويل لأنها أكثرها ريشا وأقلها غائلة ولها سلطانان في البر والماء والسمك الطري الكبار إذا كثر عددها مال وغنيمة وصغارها هموم كالصبيان ومن أصاب سمكة طرية أو سمكتين أصاب امرأة أو امرأتين فإن أصاب في بطنها لؤلؤة أصاب منها غلاما والضفدع إنسان عابد مجتهد فإن كثر من الضفادع فعذاب والجراد جند والجنود إذا دخلوا موضعا فهو خراب وروى مسلم والبخاري في صحيحيهما بإسنادهما عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نحن الآخرون السابقون بينا أنا نائم إذ أوتيت خزائن الأرض فوضع في يدي سواران من ذهب فكبرا علي وأهماني فأوحي إلي أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما الكذابين الذين أنا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة وفي رواية الترمذي قال : رأيت في المنام كأن في يدي سوارين فأولتهما كاذبين يخرجان من بعدي يقال لأحدهما مسيلمة صاحب اليمامة والعبسي صاحب صنعاء.

وقال علماء التعبير : من رأى عليه سوارين من ذهب أصابه ضيق في ذات يده ومن الفضة خير من الذهب فإن رأى عليه خلخالا من ذهب أو فضة أصابه حبس أو خوف أو قيد وليس يصلح للرجال في المنام من الحلي إلا القلادة والتاج والعقد والقرط والخاتم وللنساء كله زينة والقلادة ولاية وأمانة واللؤلؤ المنظوم كلام الله أو من كلام البر وإن كان منثورا فهو ولد وغلمان وربما كان اللؤلؤ جارية أو امرأة والقرط زينة وجمال والخاتم إذا كان معروف الصياغة والنقش سلطان صاحبه فإن أعطي خاتما فتختم به ملك شيئا وربما كان الخاتم امرأة ومالا أو ولدا.

وفص الخاتم وجه ما يعبر الخاتم به وإن كان الخاتم من ذهب كان ما نسب إليه حراما فإن رأى حلقته انكسرت وسقطت وبقي الفص ذهب سلطانه وبقي الذكر والجمال ومن رأى أنه أصاب ذهبا يصيبه غرم ويذهب ماله فإن كان الذهب معمولا من إناء أو نحوه كان أضعف في التأويل والدراهم مختلفة التأويل على اختلاف الطبائع فمنهم من يراها في المنام فيصيبها في اليقظة ومنهم من يعبرها بالكلام فإن كانت بيضا فهي كلام حسن وإن كانت ردية فكلام سوء ومنهم من

٢٣٢

لا يوافقه شيء منهما والدراهم في الجملة خير من الدنانير فقد يكون الدينار الواحد والدرهم الواحد يكون ولدا صغيرا.

انتهى ما أخرجناه من كتبهم المعتبرة عندهم ولا يعتمد على أكثرها لابتنائها على مناسبات خفية وأوهام ردية والأخبار التي رووها أكثرها غير ثابتة وقد جرت التجربة في كثير منها على خلاف ما ذكروه فكثيرا ما رأينا ماء صافيا فأصبنا علما ودخلنا بستانا أخضر فأصبنا معرفة ووجدنا الحية دنيا كما شبه أمير المؤمنين عليه‌السلام الدنيا بها فإنها لين لمسها وفي جوفها السم الناقع يهوي إليها الصبي الجاهل ويهرب منها الفطن العاقل وكثيرا ما ترى العذرة في المنام يقع على الإنسان أو يتلوث يده بها فيصيب مالا وسقوط الأسنان العليا لموت أقارب الأب والسفلى لأقارب الأم وكسر الظهر لفوت الأخ. كما قال سيد الشهداء عليه‌السلام حين استشهد العباس قدس الله روحه الآن انكسر ظهري. وكثيرا ما يرى الإنسان أنه يدخل الحمام فيوفق لزيارة أحد الأئمة عليهم‌السلام فإنها موجبة لتطهير الأرواح عن لوث الخطايا والذنوب كالحمام لتطهير الأجساد وتناثر النجوم لكثرة فوت العلماء ولذا سموا ابتداء الغيبة الكبرى سنة تناثر النجوم لفوت كثير من أكابر العلماء فيها كالكليني وعلي بن بابويه والسمري آخر السفراء وغيرهم رضي‌الله‌عنهم.

ثم إنها تختلف كثيرا باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان ولذا كان هذا العلم من معجزات الأنبياء والأولياء (١) عليهم‌السلام وليس لغيرهم من ذلك إلا حظ يسير « لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ».

وأما أضغاث الأحلام الناشئة من الأغذية الردية والأخلاط البدنية فهي كثيرة معلومة بالتجارب ولقد أتى رجل والدي قدس‌سره فزعا مهموما وقال رأيت الليلة أسدا أبيض في عنقه حية سوداء يحملان علي ويريدان قتلي فقال والدي رحمه‌الله لعلك أكلت البارحة طعام الأقط مع رب الرمان قال نعم قال لا بأس عليك الطعامان المؤذيان صورا لك في المنام وأمثال ذلك كثيرة جربها كل إنسان من نفسه والله ولي التوفيق.

__________________

(١) في بعض النسخ : الأوصياء.

٢٣٣

٤٥

(باب آخر)

(في رؤية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوصيائه عليهم‌السلام وسائر الأنبياء والأولياء في المنام)

١ ـ العيون والمجالس للصدوق : عن محمد بن إبراهيم الطالقاني عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال له رجل من أهل خراسان يا ابن رسول الله رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام كأنه يقول لي كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بعضي (١) واستحفظتم وديعتي وغيب في ترابكم (٢) نجمي فقال له الرضا عليه‌السلام أنا المدفون في أرضكم وأنا بضعة من نبيكم وأنا الوديعة والنجم ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ومن كنا شفعاءه يوم القيامة نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والإنس.

ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه عليهما‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال من رآني (٣) في منامه فقد رآني (٤) لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة (٥).

تبيان : يدل الخبر على عدم تمثل الشيطان في المنام بصورة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة بل بصورة شيعتهم أيضا ولعله محمول على خلص شيعتهم كسلمان وأبي ذر والمقداد وأضرابهم وقد روى المخالفون أيضا مثله بأسانيد عن ابن (٦) عمر وأبي

__________________

(١) في المجالس : بضعتى.

(٢) في بعض النسخ وفي المصدرين : ثراكم.

(٣) في العيون : زارنى.

(٤) في العيون : زارنى.

(٥) العيون : ج ٢ ، ص ٢٥٧. الأمالي : ٣٩.

(٦) في أكثر النسخ : أبى عمر.

٢٣٤

هريرة وابن مسعود وجابر وأبي سعيد وأبي قتادة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله برواية أبي داود والبخاري ومسلم والترمذي بألفاظ مختلفة منها من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ومنها من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ومنها من رآني في النوم فقد رآني فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي وفي رواية أن يتشبه بي ومنها من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتراءى بي.

وقال في النهاية الحق ضد الباطل ومنه الحديث من رآني فقد رأى الحق أي رؤيا صادقة ليست من أضغاث الأحلام وقيل فقد رآني حقيقة غير مشتبه انتهى.

واعلم أن العلماء اختلفوا في أن المراد رؤيتهم عليهم‌السلام في صورهم الأصلية أو بأي صورة كانت ولا يخفى أن ظاهر حديث الرضا عليه‌السلام التعميم لأن الرائي لم يكن رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسأله عليه‌السلام في أي صورة رأيته وحمله على أنه عليه‌السلام علم أنه رآه بصورته الأصلية بعيد عن السياق فإن من رأى أحدا من الأئمة عليهم‌السلام في المنام لم يحصل له علم في المنام بأنه رآه ويقال في العرف واللغة إنه رآهم وإن رأى الشخص الواحد بصور مختلفة فيقال رآه بصورة فلان ولا يعدون هذا الكلام من المتناقض.

والعامة أيضا اختلفوا في ذلك فمنهم من قال المراد رؤيته صلى‌الله‌عليه‌وآله بصورته الأصلية وأيدوه عن ابن سيرين أنه إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال صف لي الذي رأيته فإن وصف له صفة لا يعرفها قال لم تره وبعضهم قال بالتعميم وأيده بما رووه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من رآني في المنام فقد رآني فإني أرى في كل صورة.

وقال القرطبي : اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء قال وهذا قول يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن لا يراه رائيان في آن

٢٣٥

واحد في مكانين وأن يحيا (١) الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبونه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره عن جسده فلا يبقى فيه منه شيء ويزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره وهذه جهالات لا يلتزمها من له أدنى مسكة من العقل (٢) وقالت طائفة معناه أن من رآه على صورته التي كان عليها ويلزم منه أن من رآه على غير صفته أن يكون رؤياه من الأضغاث ومن المعلوم أنه يرى في النوم على حالة تخالف حاله في الدنيا من الأحوال اللائقة وتقع تلك الرؤيا حقا كما لو رأى امتلاء دارا (٣) [ دار ] بجسمه مثلا فإنه يدل على امتلاء تلك الدار بالخير ولو تمكن الشيطان من التمثل بشيء مما كان عليه أو ينسب إليه لعارض عموم قوله فإن الشيطان لا يتمثل بي فالأولى تنزه رؤياه وكذا رؤيا شيء منه أو مما ينسب إليه عن ذلك فهو أبلغ في الحرمة وأليق بالعصمة كما عصم من الشيطان في يقظته قال والصحيح في تأويل هذا الحديث أن مقصوده أن رؤيته في كل حالة ليست باطلة ولا أضغاث أحلام بل هي حق في نفسها ولو رأى على غير صورته فتصور تلك الصورة ليس من الشيطان بل هو من قبل الله قال وهذا قول القاضي أبي بكر وغيره ويؤيده قوله فقد رأى الحق أي رأى الحق الذي قصد إعلام الرائي فيه فإن كانت على ظاهرها وإلا سعى في تأويلها ولا يهمل أمرها لأنها إما بشرى بخير أو إنذار من شر وإما تنبيه على حكم ينفع له في دينه أو دنياه.

وقال الغزالي : لا يريد أنه رأى بل رأى مثالا صار آلة يتأدى بها معنى في نفسي إليه وصار واسطة بيني وبينه في تعريف الحق إياه بل البدن في اليقظة أيضا ليس إلا آلة النفس والحق أن ما يراه حقيقة روحه المقدس صلى‌الله‌عليه‌وآله ويعلم الرائي كونه صلى‌الله‌عليه‌وآله بخلق علم لا غير.

__________________

(١) في أكثر النسخ : يجىء.

(٢) عقل ( خ ).

(٣) دار ( ظ ).

٢٣٦

وقال الكرماني في شرح البخاري فقد رآني أي رؤيته ليست أضغاث أحلام ولا تخييلات الشيطان كما روي فقد رأى الحق ثم الرؤية بخلق الله لا يشترط فيها مواجهة ولا مقابلة فإن قيل كثيرا ما يرى على خلاف صفته ويراه شخصان في حالة في مكانين قلت ذلك ظن الرائي أنه كذلك وقد يظن الظان بعض الخيالات مرئيا لكونه مرتبطا بما يراه عادة فذاته الشريفة هي مرئية قطعا لا خيال فيه ولا ظن فإن قلت الجزاء هو الشرط قلت أراد لازمه أي فليستبشر فإنه رآني وقال الطيبي اتحاد الشرط والجزاء يدل على المبالغة أي رأى حقيقتي على كمالها قال وقال القاضي لعله مقيد بما رآه على صفته فإن خالف كان رؤيا تأويل رؤيا حقيقة وهو ضعيف انتهى كلماتهم الواهية.

والظاهر أنها ليست رؤية بالحقيقة وإنما هو بحصول الصورة في الحس المشترك أو غيره بقدرة الله تعالى والغرض من هذه العبارة بيان حقيقة الرؤيا وأنها من الله لا من الشيطان وهذا المعنى هو الشائع في مثل هذه العبارة كأن يقول رجل من أراد أن يراني فلير فلانا أو من رأى فلانا فقد رآني أو من وصل فلانا فقد وصلني فإن كل هذه محمولة على التجوز والمبالغة ولم يرد بها معناها حقيقة.

وأما التأويل الذي ذكره المفيد قدس الله روحه فيما نقلنا عنه في الباب السابق فلا يخفى بعده مع أنه غير محتمل في خبر الرضا عليه‌السلام أصلا بل في بعض ألفاظ الروايات العامية أيضا.

بقي الكلام في أنه هل يكون حجة في الأحكام الشرعية فيه إشكال فإنه قد ورد بأسانيد صحيحة عن الصادق عليه‌السلام في حديث الأذان أن دين الله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم. ويمكن أن يقال المراد أنه لا يثبت أصل شرعية الأحكام بالنوم بل إنما هي بالوحي الجلي ومع ذلك ينبغي أن يخص بنوم غير الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام لما مر أن نومهم بمنزلة الوحي لكن هذه الأخبار ليست بصريحة في وجوب العمل به إذ لعله مع العلم بكونه منهم عليهم‌السلام لم يجب العمل به إذ مناط الأحكام الشرعية العلوم الظاهرة كما أن النبي والأئمة عليهم‌السلام كانوا يعرفون كفر

٢٣٧

المنافقين وفسق الفاسقين ونجاسة أكثر الأشياء لكن الظاهر أنهم لم يكونوا مأمورين بالعمل بهذا العلم بل كانوا يستندون في تلك الأحكام إلى الأمور الظاهرة من المشاهدة وسماع البينة مع أن الظاهر أن هذا من مسائل الأصول ولا بد فيه من العلم ولا يثبت بأخبار الآحاد المفيدة للظن وأيضا ما يرى في المنام قد يحتاج إلى تعبير وتأويل فلعل ما رآه مما له تعبير وهو لا يعرفه وإن لم يكن من قبيل الأضغاث.

ولقد سأل السيد مهنا بن سنان العلامة الحلي قدس الله روحه ما يقول سيدنا فيمن رأى في منامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو بعض الأئمة عليهم‌السلام وهو يأمره بشيء وينهاه عن شيء هل يجب عليه امتثال ما أمره به أو اجتناب ما نهاه عنه أم لا يجب ذلك مع ما صح عن سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال من رآني في منامه فقد رآني فإن الشيطان لم يتمثل بي وغير ذلك من الأحاديث.

وما قولكم لو كان ما أمر به أو نهى عنه على خلاف ما في أيدي الناس من ظاهر الشريعة هل بين الحالين فرق أم لا أفتنا في ذلك مبينا جعل الله كل صعب عليك هينا.

فأجاب نور الله ضريحه أما ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير إليه وأما ما يوافق الظاهر فالأولى المتابعة من غير وجوب لأن رؤيته عليه‌السلام لا يعطي وجوب الاتباع في المنام انتهى.

وقال البغوي في شرح السنة رؤية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام حق وكذلك جميع الأنبياء والملائكة وكذلك الشمس والقمر والنجوم المضيئة والسحاب الذي فيه الغيث ومن رأى نزول الملائكة بمكان فهو نصرة لأهله إن كانوا في كرب وجدب وكذلك رؤية الأنبياء ومن رأى ملكا يكلمه ببر أو عظة أو بصلة أو يبشره فهو شرف في الدنيا وشهادة في العاقبة ورؤية الأنبياء كالملائكة إلا في الشهادة لأن الأنبياء كانوا يخالطون الناس كما قال « إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ » (١) الآية وقال في

__________________

(١) الأعراف : ٢٠٦.

٢٣٨

الشهداء « وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ » (١) ورؤية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في مكان سعة لأهله إن كانوا في ضيق ونصرة إن كانوا في ظلم وكذلك الصحابة والتابعين لهم بإحسان ورؤية أهل الدين بركة وخير على قدر منازلهم في الدين ومن رأى النبي كثيرا في المنام لم يزل خفيف الحال مقلا في دنيا (٢) من غير حاجة فادحة ولا خذلان قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه ورؤية الإمام إصابة خير وشرف.

٢ ـ قرب الإسناد : عن معاوية بن حكيم عن الحسن بن علي بن بنت إلياس قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام بخراسان رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والتزمته (٣).

٣ ـ وبهذا الإسناد عنه عليه‌السلام قال : قال لي ابتداء إن أبي كان عندي البارحة قلت أبوك قال أبي قلت أبوك قال في المنام إن جعفرا كان يجيء إلى أبي فيقول يا بني افعل كذا يا بني افعل كذا قال فدخلت عليه بعد ذلك فقال لي يا حسن إن منامنا ويقظتنا واحدة (٤).

٤ ـ الكافي : عن محمد بن يحيى (٥) عن محمد بن الحسين عن علي بن النعمان عن سويد القلا [ القلاء ] عن بشير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له إني رأيت في المنام أني قلت لك إن القتال مع غير الإمام المفترض الطاعة حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير فقلت لي نعم هو كذلك فقال أبو عبد الله عليه‌السلام هو كذلك (٦).

٥ ـ تفسير الفرات : عن سعيد بن عمر القرشي عن الحسين بن عمر الجعفري عن أبيه قال : كنت أدمن الحج فأمر على علي بن الحسين عليه‌السلام فأسلم عليه فدخلت (٧)

__________________

(١) الحديد : ١٩.

(٢) دنياه ( ظ ).

(٣) قرب الإسناد : ٢٠٣. وفيه : رايت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هاهنا والتزمته.

(٤) المصدر : ٢٠٢.

(٥) في الكافي : محمد بن الحسن الطاطرى ، عمن ذكره ، عن علي بن النعمان ، عن سويد القلانسى ـ الخ ـ.

(٦) الكافي : ج ٥ ، ص ٢٣. وفيه : هو كذلك ، هو كذلك.

(٧) في المصدر : ففى بعض حججى غدا علينا علي بن الحسين (ع) ووجهه مشرق فقال : جاءنى رسول الله ...

٢٣٩

في بعض حججي عليه فقال رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ليلتي هذه حتى أخذ بيدي فأدخلني الجنة فزوجني حوراء فواقعتها فعلقت فصاح بي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا علي بن الحسين سم المولود منها زيدا قال فما قمنا (١) من ذلك المجلس حتى أرسل المختار بن أبي عبيد هدية إلى علي بن الحسين عليهما‌السلام شراها بثلاثين ألفا فلما رأينا إشعافه بها تفرقنا من المجلس فلما كان من قابل حججت ومررت على علي بن الحسين لأسلم عليه فخرج بزيد على كتفه الأيسر وله ثلاثة أشهر وهو يتلو هذه الآية ويومئ بيده إلى زيد وهو يقول « هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا ».

٦ ـ مجالس الصدوق : عن محمد بن بكران النقاش عن أحمد بن محمد البرد الهمداني عن المنذر بن محمد عن أحمد بن رشيد عن عمه سعيد بن خثيم عن أبي حمزة الثمالي قال : حججت فأتيت علي بن الحسين عليهما‌السلام فقال يا حمزة ألا أحدثك عن رؤيا رأيتها رأيت كأني أدخلت الجنة فأوتيت بحوراء لم أر أحسن منها فبينا أنا متكئ على أريكتي إذ سمعت قائلا يقول يا علي بن الحسين ليهنئك زيد ليهنئك زيد قال أبو حمزة ثم حججت بعده فأتيت علي بن الحسين فقرعت الباب ففتح لي ودخلت فإذا هو حامل زيدا على يده أو قال حاملا غلاما على يده فقال لي يا أبا حمزة « هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا » (٢)

٧ ـ كتاب سليم بن قيس : قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لعبد الله بن عمر ما قال لك أبوك حين دعانا رجلا رجلا فقال أما أدنى شهادتي فإنه قال إن بايعوا أصلع بني هاشم حملهم على المحجة البيضاء وأقامهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم ثم قال يا ابن عمر فما قلت أنت عند ذلك قال قلت له فما يمنعك أن تستخلفه قال فما رد عليك قال ورد علي شيئا أكتمه قال علي عليه‌السلام فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبرني به ليلة مات أبوك في منامي ومن رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد رآه في اليقظة قال فما أخبرك قال أنشدك الله يا ابن عمر لئن حدثتك لتصدقن؟

__________________

(١) في المصدر : .

(٢) الأمالي : ٢٠٢.

٢٤٠