مرآة العقول - ج ١٦

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٣

عن داود بن الحصين ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال وهو بالحيرة في زمان أبي العباس إني دخلت عليه وقد شك الناس في الصوم وهو والله من شهر رمضان فسلمت عليه فقال يا أبا عبد الله أصمت اليوم فقلت لا والمائدة بين يديه قال فادن فكل قال فدنوت فأكلت قال وقلت الصوم معك والفطر معك فقال الرجل لأبي عبد الله عليه‌السلام تفطر يوما من شهر رمضان فقال إي والله أن أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي.

(باب)

(وجوه الصوم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال قال لي يوما يا زهري من أين جئت فقلت من المسجد قال فيم كنتم قلت تذاكرنا أمر الصوم فاجتمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شيء واجب إلا صوم شهر رمضان فقال يا زهري ليس كما قلتم الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان وعشرة أوجه منها صيامهن حرام وأربعة عشر منها صاحبها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر وصوم الإذن على ثلاثة أوجه وصوم التأديب وصوم الإباحة وصوم السفر والمرض قلت جعلت فداك فسرهن لي قال

______________________________________________________

باب وجوه الصوم

الحديث الأول : ضعيف. « والزهري » بضم الزاء وسكون الهاء نسبة إلى زهرة أحد أجداده ، واسمه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن حارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب وهو من علماء المخالفين وكان له رجوع إلى سيد الساجدين عليه‌السلام.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الإذن » أي الصوم الذي لا يصح إلا بإذن آخر.

قوله عليه‌السلام : « وصوم التأديب » شامل للتمرين والإمساك مستحبا.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الإباحة » أي صوم وقع فيه مفسد على بعض الوجوه

٢٤١

أما الواجبة فصيام شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار لقول الله تعالى : « الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا » إلى قوله « فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ » وصيام شهرين متتابعين فيمن أفطر يوما من شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطإ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عز وجل : « وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ » إلى قوله عز وجل : « فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » وصوم ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب قال الله عز وجل : « فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ » هذا لمن لا يجد الإطعام كل ذلك متتابع وليس بمتفرق وصيام أذى حلق الرأس واجب قال الله عز وجل : « فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ » فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثة أيام وصوم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي قال الله عز وجل : « فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ » وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عز وجل : « وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً » أوتدري كيف يكون عدل

______________________________________________________

ولم يفسد فكأنه أبيح فيه المفسد.

قوله عليه‌السلام : « لمن لا يجد الإطعام » (١) أي لم يجده ، أو لم يجد أخويه أيضا وهما العتق والكسوة وأما تركهما عليه‌السلام للظهور.

قوله عليه‌السلام : « في قتل الخطإ » إنما خص به لأنه المذكور صريحا في الآية للاحتجاج عليه بها ، ويحتمل أن يكون ذكره على المثال.

__________________

(١) اعلم : أنّ قوله عليه‌السلام : « لمن لا يجد الإطعام » يكون هذا بعد قوله عليه‌السلام « فى قتل الخطأ » ولعلّ الاشتباه يكون من النسّاخ.

٢٤٢

ذلك صياما يا زهري قال قلت لا أدري قال يقوم الصيد قيمة قيمة عدل ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب.

وأما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى وثلاثة أيام من أيام التشريق وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه أمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع قال ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه وإن كان من شعبان لم يضره فقلت وكيف يجزئ صوم تطوع عن فريضة فقال لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد بذلك لأجزأ عنه لأن الفرض إنما وقع على اليوم بعينه وصوم الوصال حرام وصوم الصمت حرام وصوم نذر

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « تفض » أي يفرق.

قوله عليه‌السلام : « وصوم النذر » لعل المراد ما يشمل العهد واليمين.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الاعتكاف واجب » المراد به إما الوجوب الشرطي بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدونه ، أو لكل ثالث كما سيأتي.

قوله عليه‌السلام : « أن ينفرد » الظاهر أن مراده عليه‌السلام ما أومأنا إليه في الحديث السادس من الباب السابق والراوي لم يتفطن لذلك وفهمه كما فهمه بعض الأصحاب كما أشرنا إليه سابقا فأجابه عليه‌السلام بما يظهر منه فساد وهمه.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الوصال » ذهب الشيخ في النهاية : وأكثر الأصحاب إلى أن صوم الوصال هو أن ينوي صوم يوم وليلة إلى السحر.

وذهب الشيخ في الاقتصاد وابن إدريس : إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما ، وإنما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزء من الصوم أما لو

٢٤٣

المعصية حرام وصوم الدهر حرام.

______________________________________________________

أخره الصائم بغير نية فإنه لا يحرم فيما قطع به الأصحاب ، والاحتياط يقتضي اجتناب ذلك ، وأما صوم الصمت فهو أن ينوي الصوم ساكتا وقد أجمع الأصحاب على تحريمه ، وظاهر الأصحاب أن الصوم على هذا الوجه يقع فاسدا.

وقال : بعض المحققين : يحتمل الصحة لتوجه النهي إلى الصمت المنوي ، ونيته وهو خارج عن حقيقة العبادة وفيه إشكال.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الدهر » حرمة صوم الدهر : إما لاشتماله على الأيام المحرمة إن كان المراد كل السنة ، وإن كان المراد ما سوى الأيام المحرمة فلعله إنما يحرم إذا صام على اعتقاداته سنة مؤكدة فإنه يتضمن الافتراء على الله تعالى.

ويمكن حمله على الكراهة ، أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضمون بين العامة.

قال : المطرزي : في المغرب وفي الحديث أنه عليه‌السلام سئل عن صوم الدهر فقال : لا صام ولا أفطر. قيل ، إنما دعا عليه لئلا يعتقد فرضيته ولئلا يعجز فيترك الإخلاص ، أو لئلا يرد صيام أيام السنة كلها فلا يفطر في الأيام المنهي عنها وقال : في موضع آخر من المغرب.

قوله عليه‌السلام : « لا صام من صام الأبد » يعني صوم الدهر فقال : لا صام ولا أفطر.

قيل : إنما دعا عليه لئلا يعتقد فرضيته ولئلا يعجز فيترك الإخلاص ، أو لئلا يسرد صيام أيام السنة كلها فلا يفطر الأيام المنهي عنها.

وقال : الجزري في النهاية (١) وفي الحديث « أنه سئل عمن يصوم الدهر ، فقال : لا صام ولا أفطر » أي لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى « فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى » (٢) وهو إحباط لا جره على صومه حيث خالف السنة.

وقيل : هو دعاء عليه كراهة لصنيعه.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٣ ص ٦١.

(٢) سورة القيامة : ٣١.

٢٤٤

وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس وصوم البيض وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان وصوم يوم عرفة وصوم يوم عاشوراء فكل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر.

وأما صوم الإذن فالمرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من نزل على قوم فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « وصوم البيض » أقول : إنما لم يعد عليه‌السلام صوم كل أيام البيض وجميع السنة واحدا كما عد شهر رمضان واحدا إذا لم يكن الثواب المقرر لكل يوم منها مشروطا بفعل الباقي بخلاف صوم شهر رمضان وغيره من الواجبات فإن بإفطار كل يوم منها ينقص ثواب الباقي وفي بعضها يفسد ولا ينفع فيما جعل له ثم إنها مع ذلك أيضا يصير المجموع ثلاثة عشر.

وفي الفقيه : فصوم يوم الجمعة والخميس والاثنين فيتم العدد وأما على ما في الكتاب فلعله عليه‌السلام أراد بعاشوراء : التاسع والعاشر كما روي صوم : والعاشوراء التاسع والعاشر.

وبعض الأفاضل جعل ما ذكره فيه خمسة من الأقسام بأن جعل صوم البيض واحدا وكذا صوم السنة وقال النكتة في ترك سائر الأقسام أنه عليه‌السلام لما ذكر عاشوراء غلب عليه الحزن فلذا ترك ذكر البقية ثم عد التسعة المتروكة هكذا الأول : الخميسان بينهما أربعاء ، الثاني : صوم يوم مولود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الثالث صوم يوم الغدير ، الرابع :

صوم يوم دحو الأرض ، الخامس : صوم أول يوم من ذي الحجة ، السادس : صوم المبعث ، السابع : صوم شعبان ، الثامن : صوم يوم المباهلة ، التاسع : صوم داود أو صوم أي يوم أراد على العموم ولا يخفى ما فيه ، وما في الفقيه هو الصواب ، وعلى ما في الكتاب ما ذكرنا وجه ظاهر.

ثم إنه لعل المراد بصوم العاشر بل التاسع أيضا : الإمساك حزنا لورود النهي

٢٤٥

وأما صوم التأديب فأن يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم تأديبا وليس بفرض وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله أمر بالإمساك بقية يومه وليس بفرض.

وأما صوم الإباحة لمن أكل أو شرب ناسيا أو قاء من غير تعمد فقد أباح الله له ذلك وأجزأ عنه صومه.

وأما صوم السفر والمرض فإن العامة قد اختلفت في ذلك فقال قوم يصوم وقال آخرون لا يصوم وقال قوم إن شاء صام وإن شاء أفطر وأما نحن فنقول يفطر في الحالين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء فإن الله عز وجل يقول : « فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ » فهذا تفسير الصيام

______________________________________________________

عن صومهما كثيرا ، والأظهر أنه محمول على التقية ، بل الظاهر أن صوم السنة والاثنين أيضا موافقان للعامة كما يظهر من بعض الأخبار مع أن الراوي أيضا عامي ، وروى الصدوق في كتاب علل الشرائع أن صوم الخميس والأربعاء نسخ صوم أيام البيض ولم يرد أيضا في أخبارنا إلا فيما فيه مظنة تقية (١).

قوله عليه‌السلام : « يؤخذ الصبي إذا راهق » قال : الجوهري : و « راهق الغلام فهو مراهق » إذا قارب الاحتلام.

وقال الفاضل الأسترآبادي : اشتهر بين المتأخرين خلاف من غير فصل ، وهو أن عبادات الصبي المميز تمرينية يعني صورتها صورة الصلاة والصوم مثلا وليست بعبادة أو عبادة فلو نوى النيابة عن ميت لبرئت ذمة الميت وجعله عليه‌السلام صوم الصبي قسيما للصوم الذي صاحبه بالخيار فيه صريح في أن صوم الصبي ليس بعبادة ويؤيد ذلك أن نظائره مطلوبة وليست بصوم بل صورتها صورة الصوم.

قوله عليه‌السلام : « وأما صوم الإباحة » أي صوم وقع فيه مفطر على وجه لم يفسد صومه وهو صوم قد أبيح له فيه شيء.

__________________

(١) علل الشرايع : ٣٨٠ طبع بيروت.

٢٤٦

(باب)

(أدب الصائم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وعدد أشياء غير هذا وقال لا يكون يوم صومك كيوم فطرك.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجابر بن عبد الله يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام وردا من ليله وعف بطنه وفرجه وكف لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر فقال جابر يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا جابر وما أشد هذه الشروط.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ثم قال قالت مريم : « إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ

______________________________________________________

باب أدب الصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « فليصم سمعك » أي عن المحرمات بل المكروهات أيضا بل عما لا فائدة فيه ولا ثواب له وكذا البواقي.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وردا » هو بالكسر ما يواظب عليه من عبادة وتلاوة وغيرهما.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « عف بطنه فرجه » أي من المحرمات والشبهات.

الحديث الثالث : مجهول.

٢٤٧

صَوْماً » أي صوما صمتا وفي نسخة أخرى أي صمتا فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا قال وسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امرأة تسب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بطعام فقال لها كلي فقالت إني صائمة فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب قال وقال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ودع المراء وأذى الخادم وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا صام أحدكم الثلاثة الأيام من الشهر فلا يجادلن أحدا ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والأيمان بالله فإن جهل عليه أحد فليتحمل

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « أي صوما (١) وصمتا » لعل الغرض عن ذكر الآية الاستشهاد بأن الصمت أمر مرغوب فيه ولهذا كان واجبا في الصوم في الأمم السابقة ، أو له مدخلية في الصوم في الجملة لعلمه عليه‌السلام بأن حسنه في الصوم باق في هذه الأمة وإن نسخ وجوبه ، أو بأن الصوم في اللغة لمطلق الكف والترك كما أطلق في الآية على ترك الكلام فلو أطلق في هذه الأمة على ترك جميع المحرمات والمكروهات لم يكن بعيدا عن إطلاق اللغة ، بل كان أوفق لها وهذا أظهر.

ولعل قوله وفي نسخة أخرى من كلام رواة الكافي ، ويحتمل على بعد أن يكون من كلام الكليني بأن يكون نسخ الأصل الذي أخذ الحديث منه مختلفا.

قوله عليه‌السلام : « ودع المراء » أي المجادلة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور ومعتمد عندي.

قوله عليه‌السلام : « فإن جهل » بكسر الهاء أي سفه وأذاه بلسانه واحتماله الصبر عليه وترك مكافأته.

__________________

(١) هكذا في الأصل : والظاهر أنّ الواو زائد كما في الكافي.

٢٤٨

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما من عبد صالح يشتم فيقول إني صائم سلام عليك لا أشتمك كما شتمتني إلا قال الرب تبارك وتعالى استجار عبدي بالصوم من شر عبدي فقد أجرته من النار.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا ينشد الشعر بليل ولا ينشد في شهر رمضان بليل ولا نهار فقال له إسماعيل يا أبتاه فإنه فينا قال وإن كان فينا.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن عبيد ، عن عبيد بن هارون قال حدثنا أبو يزيد ، عن حصين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء وأما الاستغفار فيمحى ذنوبكم.

______________________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله تعالى : « استجار عبدي » يحتمل أن يكون المراد بقوله : عبدي أولا بالمشتوم وبالثاني الشاتم ، أي استجار من شر سيئة مشاتمته ووبالها والعقوبة المترتبة عليها ، أو شر طول التشاجر واستمرار التشاتم بينهما ولما جعل الصوم مانعا عن معارضة طلبا لفضل الصوم فكأنه استجار بالصوم.

ويحتمل أن يكون المراد بالأول الشاتم وبالثاني المشتوم ، أي استجار الشاتم عن ضرر المشتوم بصوم المشتوم إذا كان صومه سببا لعدم المعارضة.

الحديث السادس : حسن. ويدل على مرجوحية الشعر في الليل مطلقا وفي شهر رمضان ليلا ونهارا وإن كان في مدح الأئمة عليهم‌السلام ولعله في مدحهم عليهم‌السلام يرجع إلى كونه أقل ثوابا من سائر الأوقات.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « عنكم البلاء » أي في جميع السنة لأن التقدير فيه.

٢٤٩

٨ ـ وبهذا الإسناد قال كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير فإذا أفطر قال اللهم إن شئت أن تفعل فعلت.

٩ ـ علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده إن مريم عليه‌السلام قالت : « إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً » أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا فإن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم قال قلت هلكنا قال ليس حيث تذهب إنما ذلك الكذب على الله عز وجل وعلى رسوله

______________________________________________________

الحديث الثامن : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أن تفعل » أي تغفر ذنوبي ، أو تقبل أعمالي ، أو تستجيب دعائي ، أو الجميع ، أي تفعل بي ما يناسب كرمك وسعة رحمتك.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور ، وربما يعد موثقا.

الحديث العاشر : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « إنما ذلك الكذب على الله » اختلف الأصحاب في فساد الصوم بالكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم‌السلام بعد اتفاقهم على أن غيره من أنواع الكذب لا يفسد الصوم وإن كان محرما.

فقال الشيخان والمرتضى في الانتصار : إنه مفسد للصوم ويجب به القضاء والكفارة.

وقال السيد في الجمل وابن إدريس : لا يفسد وهو الأقوى إذ الظاهر أن المراد بالإفطار في هذا الخبر : إبطال كمال الصوم كما يدل عليه ضمه إلى الوضوء

٢٥٠

وعلى الأئمة عليهم‌السلام.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن موسى ، عن غياث ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله كره لي ست خصال ثم كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي الرفث في الصوم.

______________________________________________________

وهو غير مبطل له قطعا.

فإن قلت : مطلق الكذب ينقص ثواب الصوم وكماله فلم خصه بهذا النوع.

قلت : لأن هذا النوع أشد تأثيرا في ذلك والله يعلم.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كره لي » المراد بالكراهة هنا ما يعم التحريم والكراهة بالمعنى المصطلح لأن في تلك الخصال ما ليس بحرام والمصنف أسقط سائر الخصال ورواه الصدوق في كتاب الخصال (١) هكذا العبث في الصلاة ، والرفث في الصوم ، والمن بعد الصدقة ، والإتيان المساجد جنبا ، والتطلع في الدور ، والضحك ، بين القبور.

قوله عليه‌السلام : « الرفث » هو بالتحريك الجماع والفحش وهنا يحتملهما ، وفي بعض النسخ بعده والجماع فالثاني أظهر وإن احتمل أن يكون العطف تفسيريا.

وقال في النهاية (٢) : قال الأزهري « الرفث » كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة انتهى ، فعلى هذا يكون بعض الأفراد محمولا على الحرمة وبعضها على الكراهة كما سيأتي.

__________________

(١) الخصال ص ٣٢٧ ح ١٩.

(٢) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٢٤١.

٢٥١

(باب)

(صوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله)

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قيل ما يفطر ثم أفطر حتى قيل ما يصوم ثم صام صوم داود عليه‌السلام يوما ويوما لا ثم قبض على صيام ثلاثة أيام في الشهر قال إنهن يعدلن صوم الشهر ويذهبن بوحر الصدر والوحر الوسوسة قال حماد فقلت وأي الأيام هي قال أول خميس في الشهر وأول أربعاء بعد العشر منه وآخر خميس فيه فقلت كيف صارت هذه الأيام التي تصام فقال إن من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيام فصام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الأيام المخوفة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أول ما بعث يصوم حتى يقال

______________________________________________________

باب صوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « يوما ويوما لا » أي يوما يصوم ويوما لا يصوم ، والجملة استينافية لبيان ما سبق.

قوله عليه‌السلام : « يعدلن من صوم الدهر » ربما يستدل به على رجحان صوم الدهر ولا يخفى ما فيه.

وقال في النهاية : في الحديث « الصوم يذهب وحر الصدر » هو بالتحريك غشه ووساوسه ، وقيل : الحقد والغيظ ، وقيل : العداوة. وقيل : أشد الغضب (١).

الحديث الثاني : حسن.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٥ ص ١٦٠.

٢٥٢

ما يفطر ويفطر حتى يقال ما يصوم ثم ترك ذلك وصام يوما وأفطر يوما وهو صوم داود عليه‌السلام ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الأيام الغر ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة أيام يوما خميسين بينهما أربعاء فقبض عليه وآله السلام وهو يعمل ذلك.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم حتى يقال لا يفطر ثم صام يوما وأفطر يوما ثم صام الإثنين والخميس ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر : الخميس في أول الشهر وأربعاء في وسط الشهر وخميس في آخر الشهر وكان يقول ذلك صوم الدهر وقد كان أبي عليه‌السلام يقول ما من أحد أبغض إلي من رجل يقال له كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يفعل كذا وكذا فيقول لا يعذبني الله على أن أجتهد في الصلاة كأنه يرى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ترك شيئا من الفضل عجزا عنه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك إلى شعبان كراهة أن يمنعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا كان شعبان صمن وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : شعبان شهري.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « الأيام الغر » أي أيام البيض ، وقال في النهاية : الغر جمع الأغر ، من الغرة : بياض الوجه ، ومنه « الحديث في صوم أيام الغر » أي البيض الليالي بالقمر ، وهي ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر (١).

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ما من أحد أبغض إلى » لعله محمول على ما إذا زاد بقصد السنة بأن أدخلها في السنة أو على قصد الزيادة على عمل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله واستقلال عمله لئلا ينافي ما ورد من الفضل في سائر أنواع الصيام والصلاة.

الحديث الرابع : حسن.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٣ ص ٣٥٤.

٢٥٣

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام هل صام أحد من آبائك شعبان قال خير آبائي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صامه.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل صام أحد من آبائك شعبان قط قال صامه خير آبائي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

فأما الذي جاء في صوم شعبان أنه سئل عليه‌السلام عنه فقال ما صامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أحد من آبائي قال ذلك لأن قوما قالوا إن صيامه فرض مثل صيام شهر رمضان ووجوبه مثل وجوب شهر رمضان وإن من أفطر يوما منه فعليه من الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان وإنما قول العالم عليه‌السلام ما صامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أحد من آبائي عليهم‌السلام أي ما صاموه فرضا واجبا تكذيبا لقول من زعم أنه فرض وإنما كانوا يصومونه سنة فيها فضل وليس على من لم يصمه شيء.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن أحمد بن صبيح ، عن عنبسة العابد قال

______________________________________________________

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : صحيح. والسند الآخر أيضا صحيح على الأقوى.

قوله « فأما الذي » هذا كلام المصنف رحمه‌الله وتوجيهه حسن والقوم الذين ذكرهم : هم أبو الخطاب وأصحابه على ما ذكره الشيخ (ره) في التهذيب ويمكن أن يكون محمولا على التقية أيضا لأن أكثر العامة لا يعدون صوم جميع شعبان من السنن وإن كانوا رووا أخبارا كثيرة في فضله ، ورووا عن عائشة أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصوم كله وأولوه بتأويلات ، وسؤال السائل في الخبرين السابقين ربما يومئ إليه.

الحديث السابع : موثق.

٢٥٤

قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على صوم شعبان ورمضان وثلاثة أيام في كل شهر أول خميس وأوسط أربعاء وآخر خميس وكان أبو جعفر وأبو عبد الله عليه‌السلام يصومان ذلك.

(باب)

(فضل صوم شعبان وصلته برمضان وصيام ثلاثة أيام في كل شهر)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن سلمة صاحب السابري ، عن أبي الصباح الكناني قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول صوم شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من الله والله.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن عمر بن أبان ، عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول صوم شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من الله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن الصلت ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة وعن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان علي بن الحسين عليه‌السلام يصل ما بين شعبان ورمضان ويقول صوم شهرين متتابعين توبة من الله.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « وأوسط أربعاء » أي أول أربعاء من العشر الأوسط ، ويمكن أن يكون السنة صوم خميس من العشر الأول وأربعاء من الوسط وخمسين من الآخر ويكون أول الخميسين في الأول وأول الأربعائين في الوسط وآخر الخمسين في الآخر أفضل كما يومئ إليه عموم بعض الأخبار ، ويمكن حمل المطلقات على المقيدات.

باب فضل صوم شعبان وصلته برمضان وصيام ثلاثة أيام في كل شهر

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : مختلف فيه.

الحديث الثالث : مجهول.

٢٥٥

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم شعبان ورمضان يصلهما وينهى الناس أن يصلوهما وكان يقول هما شهرا الله وهما كفارة لما قبلهما ولما بعدهما من الذنوب.

٥ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما تقول في الرجل يصوم شعبان وشهر رمضان فقال هما الشهران اللذان قال الله تبارك وتعالى : « شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ » قلت فلا يفصل بينهما قال إذا أفطر من الليل فهو فصل وإنما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا وصال في صيام يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار وقد يستحب للعبد أن لا يدع السحور.

______________________________________________________

الحديث الرابع : موثق وقد يعد ضعيفا.

قوله عليه‌السلام : « وينهى الناس » حمله الصدوق (ره) في الفقيه على الاستفهام الإنكاري ، وحمله الشيخ على الوصال المحرم على غيره صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن لا يفطر بين آخر شعبان وأول شهر رمضان ، ويمكن أن يقرأ على بناء الأفعال بمعنى الإعلام والإبلاغ.

ويحتمل أيضا أن يكون الناس بالرفع ليكون فاعل ينهى أي لم يكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن الوصل بل كان يفعله والناس أي العامة ينهون عنه افتراء عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله والأظهر الحمل على التقية.

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « هما الشهران » هذه الآية وردت ظاهرا في كفارة قتل الخطإ ولا خلاف في أنه لا يجزى هذان الشهران عنها.

ويحتمل أن يكون أولا كذلك ثم نسخ ، أو يكون المراد أنهما نظير هذين الشهرين في كون كل منهما كفارة من الذنوب ولا يبعد أن يكون في بطن الآية هذا أيضا مرادا.

قوله عليه‌السلام : « يستحب للعبد » قيل : معناه أنه يجب الإفطار بين يومين وقد

٢٥٦

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الصوم في الحضر فقال ثلاثة أيام في كل شهر : الخميس من جمعة والأربعاء من جمعة والخميس من جمعة أخرى وقال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام صيام شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدور وصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر إن الله عز وجل يقول : « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ».

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الصيام في الشهر كيف هو قال ثلاث في الشهر في كل عشر يوم إن الله تبارك وتعالى يقول : « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر.

______________________________________________________

يستحب أن يزيد العبد على ذلك بأن يتسحر في ليالي رمضان.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « من جمعة » أي أسبوع إطلاقا لاسم الجزء على الكل.

قوله عليه‌السلام : « ببلابل الصدر » قال في القاموس : « البلبلة » شدة الهم والوساوس كالبلبال والبلابل.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ثلاث في الشهر » قال الوالد العلامة : (ره) يظهر من الأخبار الكثيرة استحباب صيام ثلاثة أيام في كل شهر ، وفي كثير منها صيام كل يوم في عشر ، وفي أكثرها أربعاء بين الخميسين وفي بعضها العكس ، ويمكن حمل بعض الأخبار على التقية ولا شك أن الأربعاء بين الخميسين أفضل.

٢٥٧

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن الحسين بن مخارق أبي جنادة السلولي ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ، عن أبيه عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من صام شعبان كان له طهرا من كل زلة ووصمة وبادرة قال أبو حمزة قلت لأبي جعفر عليه‌السلام ما الوصمة قال اليمين في المعصية والنذر في المعصية قلت فما البادرة قال اليمين عند الغضب والتوبة منها الندم.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل ما جرت به السنة في التطوع من الصوم فقال ثلاثة أيام في كل شهر الخميس في أول الشهر والأربعاء في وسط الشهر والخميس في آخر الشهر قال قلت له هذا جميع ما جرت به السنة في الصوم فقال نعم.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز قال قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام ما جاء في الصوم في يوم الأربعاء فقال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إن الله عز وجل خلق النار يوم الأربعاء فأوجب صومه ليتعوذ به من النار.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الأحول ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء فقال أما الخميس فيوم تعرض فيه الأعمال وأما الأربعاء فيوم خلقت فيه النار وأما الصوم فجنة من النار.

______________________________________________________

الحديث الثامن : ضعيف. قال الفيروزآبادي : « الوصم » العار و « البادرة » ما يبدو من حدتك في الغضب من قول أو فعل.

الحديث التاسع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « جميع ما جرت به السنة » لعله محمول على السنة المؤكدة لئلا ينافي كون جميع الشعبان من السنة.

الحديث العاشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فأوجب صومه » أي ألزمه وأكده.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

٢٥٨

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال إنما يصام يوم الأربعاء لأنه لم تعذب أمة فيما مضى إلا في يوم الأربعاء وسط الشهر فيستحب أن يصام ذلك اليوم.

١٣ ـ الحسين بن محمد ، عن محمد بن عمران ، عن زياد القندي ، عن عبد الله بن سنان قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام إذا كان في أول الشهر خميسان فصم أولهما فإنه أفضل وإذا كان في آخر الشهر خميسان فصم آخرهما فإنه أفضل.

(باب)

(أنه يستحب السحور)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن السحور لمن أراد الصوم أواجب هو عليه فقال لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء وأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر نحب أن لا يترك في شهر رمضان.

______________________________________________________

الحديث الثاني عشر : موثق على الأظهر.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور. ومجهول على الأقوى. وفيه إشعار بالاجتزاء بالخميس الثاني من العشر الأول وبالخميس الأول من العشر الأخر.

باب في أنه يستحب السحور

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عن السحور » قال في النهاية : فيه ذكر « السحور » مكررا وهو بالفتح اسم ما يتسحر به وبالضم المصدر والفعل نفسه. وأكثر ما يروى بالفتح.

وقيل : إن الصواب بالضم لأنه بالفتح الطعام والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام (١).

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٤٤٧.

٢٥٩

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن السحور لمن أراد الصوم فقال أما في شهر رمضان فإن الفضل في السحور ولو بشربة من ماء وأما في التطوع فمن أحب أن يتسحر فليفعل ومن لم يفعل فلا بأس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله السحور بركة قال وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة.

(باب)

(ما يقول الصائم إذا أفطر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أفطر قال اللهم لك صمنا وعلى رزقك

______________________________________________________

الحديث الثاني : موثق. ويدل على استحباب التسحر مطلقا وتأكده في شهر رمضان ، ويحتمل أن يكون ذكر شهر رمضان على التمثيل ويكون الغرض مطلق الصوم الواجب ، ويمكن أن يكون المراد بالتطوع ما عدا شهر رمضان بقرينة المقابلة في الوجهين ، ويحتمل أن يكون كل منهما بمعناه ويكون التعبير بهذا الوجه للإشارة إلى أن أدناها في الفضل : التطوع وأعلاها شهر رمضان ، وأما ما سواهما من الواجبات والسنن فمتوسط بينهما.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولو على حشفة » قال في القاموس : « الحشف » بالتحريك أردأ التمر والضعيف لا نوى له واليابس الفاسد.

باب ما يقول الصائم إذا أفطر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

٢٦٠