بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

رحمك الله تعالى قال أنت صاحبي بالأمس قلت نعم قال إذا والله لا أحدثك إلا قائما لما بدا مني إليك لأني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول من كان عنده علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ثم قام قائما وقال كنت رأيت مولاي أنس بن مالك وهو معصب بعصابة بيضاء فقلت وما هذه العصابة قال هذه دعوة علي بن أبي طالب فقلت وكيف فقال أهدي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طائر ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت أم سلمة رضي الله عنها وأنا حينئذ أحجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأصلحته أم سلمة رضي الله عنها وأتت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقالت أم سلمة الزم الباب لينال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منه فلزمت الباب وقدمته إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما وضعته بين يديه رفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يديه وقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فسمعت دعوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحببت أن يكون رجلا من قومي فأتى علي بن أبي طالب فقلت إن رسول الله عنك مشغول فانصرف ثم دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثانية وقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فأتى علي بن أبي طالب فقلت إن رسول الله عنك مشغول فانصرف ثم رفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه ودعا ثالثة وقال يا رب ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فأتى علي فقلت رسول الله عنك مشغول فقال وما يشغل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عني ودفعني فدخل فلما رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل ما بين عينيه وقال يا أخي من الذي حبسك عني وقد دعوت الله ثلاثا أن يأتيني بأحب خلقه إليه يأكل معي من هذا الطائر فقال يا رسول الله قد جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس فقال لم رددت عليا فقلت يا رسول الله إني سمعت دعوتك فأحببت أن يكون رجلا من الأنصار فأفتخر به إلى الأبد فقال علي عليه‌السلام اللهم ارم أنسا بوضح لا يستره من الناس فظهر علي هذا الذي ترى وهي دعوة علي.

بيان في سائر الأخبار أن دعوة أمير المؤمنين عليه‌السلام عليه حين استشهده فأبى أن يشهد وهذا من الأخبار المتواترة ومما احتج به يوم الشورى فصدقوه ويدل على أنه عليه‌السلام أفضل جميع خلق الله وخرج الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإجماع والنصوص المتواترة

٣٠١

فيدل على فضله على الملائكة وكل من قال بفضله قال بفضل سائر الأئمة وجميع الأنبياء عليهم‌السلام فثبت فضل الجميع.

١٢ ـ ومن الكتاب المذكور ، عن محمد بن أحمد بن شاذان عن طلحة بن أحمد عن عبد الحميد القناد عن هشام بن بشير عن ابن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علي أفضل من خلق الله غيري والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما وإن فاطمة سيدة نساء العالمين ولو أن لفاطمة خيرا من علي لم أزوجها منه.

١٣ ـ ومنه ، عن ابن شاذان عن محمد بن عبد الله عن جعفر بن علي الدقاق عن عبد الله بن محمد الكاتب عن سليمان بن الربيع عن نصر بن مزاحم عن علي بن عبد الله عن الأشعث عن مرة عن أبي ذر قال : نظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال خير الأولين والآخرين من أهل السماوات والأرضين هذا سيد الصديقين وسيد الوصيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين إذا كان يوم القيامة جاء على ناقة من نوق الجنة قد أضاءت القيامة من نورها على رأسه تاج مرصع بالزبرجد والياقوت فتقول الملائكة هذا ملك مقرب ويقول النبيون هذا نبي مرسل فينادي مناد من تحت بطنان العرش هذا الصديق الأكبر هذا وصي حبيب الله رب العالمين هذا علي بن أبي طالب عليه‌السلام فيجيء علي حتى يقف على متن جهنم فيخرج منها من يحب ويأتي أبواب الجنة فيدخل فيها أولياءه بغير حساب.

١٤ ـ ومنه ، عن ابن شاذان عن الحسن (١) بن أحمد عن أبي بكر بن محمد عن عيسى بن مهران عن عيسى بن عبد الحميد عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية عن حميد المغربي قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا سيد الأولين والآخرين وأنت يا علي سيد الخلائق بعدي أولنا كآخرنا.

أقول : الاستدلال بهذه الأخبار بتقريب ما مر.

__________________

(١) الحسين ( خ ).

٣٠٢

١٥ ـ ومن الكتاب المذكور ، عن ابن شاذان عن جعفر بن محمد بن مسروق اللحام عن حسين بن محمد عن أحمد بن علوية عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن عبد الله بن صالح عن حريز بن عبد الحميد عن مجاهد عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لما أسري بي إلى السماء ما مررت بملإ من الملائكة إلا سألتني عن علي بن أبي طالب حتى ظننت أن اسم علي بن أبي طالب في السماوات أشهر من اسمي فلما بلغت السماء الرابعة ونظرت إلى ملك الموت قال لي يا محمد ما خلق الله خلقا إلا وأنا أقبض روحه إلا أنت وعلي فإن الله جل جلاله يقبض أرواحكما بقدرته وجزت تحت العرش إذ أنا (١) بعلي بن أبي طالب واقفا تحت العرش فقلت يا علي سبقتني فقال جبرئيل من هذا الذي تكلمه يا محمد فقلت هذا علي بن أبي طالب فقال يا محمد ليس هذا علي بن أبي طالب ولكنه ملك من الملائكة خلقه الله تعالى على صورة علي بن أبي طالب عليه‌السلام فنحن الملائكة المقربون كلما اشتقنا إلى وجه علي بن أبي طالب عليه‌السلام زرنا هذا الملك لكرامة علي بن أبي طالب على الله سبحانه.

أقول : دلالته أولا وآخرا على فضله لا يخفى على المتأمل ودلت عليه الأخبار المستفيضة الدالة على مباهاة الله به عليه‌السلام ليلة المبيت ويوم أحد وقول جبرئيل عليه‌السلام أنا منكما.

١٦ ـ العيون : والعلل : وكمال الدين ، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي عن فرات بن إبراهيم عن ابن عقدة عن العباس بن عبد الله البخاري عن محمد بن القاسم بن إبراهيم عن أبي الصلت الهروي عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام ن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما خلق الله عز وجل خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه مني قال علي عليه‌السلام فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أو جبرئيل فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة عليهم‌السلام من بعدك وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا يا علي « الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ

__________________

(١) اذا انا ( خ ).

٣٠٣

يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا » بولايتنا يا علي لو لا نحن ما خلق آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه وساق الحديث إلى قوله فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون لكوننا في صلبه وإنه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرئيل مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى ثم قال لي تقدم يا محمد فقلت له يا جبرئيل أتقدم عليك فقال نعم لأن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه على الملائكة (١) أجمعين وفضلك خاصة إلى آخر الخبر بطوله (٢).

١٧ ـ العلل ، بإسناده إلى عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان جبرئيل عليه‌السلام إذا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قعد بين يديه قعدة (٣) العبيد وكان لا يدخل حتى يستأذنه (٤).

١٨ ـ الاحتجاج : وتفسير الإمام : قال : سأل المنافقون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله أخبرنا عن علي هو أفضل أم ملائكة الله المقربون فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهل شرفت الملائكة إلا بحبها لمحمد وعلي وقبولها لولايتهما إنه لا أحد من محبي علي نظف قلبه من قذر الغش والدغل والغل ونجاسة الذنوب إلا كان أطهر وأفضل من الملائكة الخبر (٥).

١٩ ـ كمال الدين ، بإسناده إلى الرضا عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا سيد من خلق الله وأنا خير من جبرئيل وإسرافيل وحملة العرش وجميع الملائكة المقربين وأنبياء الله المرسلين الحديث.

__________________

(١) في العلل : ملائكته.

(٢) علل الشرائع : ج ١ ، ص ٦ ، العيون : ج ١ ، ص ٢٦٢.

(٣) في المصدر : العبد.

(٤) علل الشرائع : ج ١ ، ص ٧.

(٥) الاحتجاج : ٣١.

٣٠٤

وأقول الأخبار في ذلك كثيرة قد أوردناها في أبواب فضائل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام فيرجع إليها.

تذييل

قال السيد الأجل المرتضى في كتاب الغرر بعد أن سئل عن تفسير قوله تعالى « خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ » قد ذكر في هذه الآية وجوه من التأويل نحن نذكرها ونرجح الأرجح منها :

فأولها أن يكون معنى القول المبالغة في وصف الإنسان بكثرة العجلة وأنه شديد الاستعجال لما يؤثره من الأمور لهج باستدناء ما يجلب إليه نفعا أو يدفع عنه ضررا ولهم عادة في استعمال مثل هذا اللفظ عند المبالغة كقولهم لمن يصفونه بكثرة النوم ما خلقت إلا من نوم وما خلق فلان إلا من شر إذا أرادوا كثرة وقوع الشر منه وربما قالوا إنما أنت أكل وشرب وما أشبه ذلك قالت الخنساء تصف بقرة :

ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت

وإنما هي إقبال وإدبار.

وإنما أرادت ما ذكرناه من كثرة وقوع الإقبال والإدبار منها ويشهد لهذا التأويل قوله عز وجل في موضع آخر « وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً » ويطابقه أيضا قوله تعالى « فَلا تَسْتَعْجِلُونِ » لأن وصفهم بكثرة العجلة وأن من شأنهم فعلها توبيخا لهم وتقريعا ثم نهاهم عن الاستعجال باستدعاء الآيات من حيث كانوا متمكنين من مفارقة طريقتهم في الاستعجال وقادرين على التثبت والتأيد.

وثانيها ما أجاب به أبو عبيدة وقطرب بن المستنير وغيرهما من أن في الكلام قلبا والمعنى خلق العجل من الإنسان واستشهدوا على ذلك بقوله سبحانه « وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ » أي قد بلغت الكبر وبقوله تعالى « ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ » والمعنى أن العصبة تنوء بها وتقول العرب عرضت الناقة على الحوض وإنما هو عرضت الحوض على الناقة ثم ذكر ره شواهد وأبياتا كثيرة في ذلك ثم قال ويبقى على صاحب هذا الجواب مع التغاضي له عن حمل كلامه تعالى على القلب أن

٣٠٥

يقال وما المعنى والفائدة في قوله عز وجل خلق العجل من الإنسان أتريدون بذلك أن الله تعالى خلق العجلة في الإنسان وهذا لا يجوز لأن العجلة فعل من أفعال الإنسان فكيف تكون مخلوقة فيه لغيره ولو كان كذلك لما جاز أن ينهاهم عن الاستعجال في الآية فيقول « سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ » لأنه لا ينهاهم عما خلقه فيهم فإن قالوا لم يرد أنه تعالى خلقها لكنه أراد كثرة فعل الإنسان لها وأنه لا يزال يستعملها قيل لهم هذا هو الجواب الذي قدمناه من غير حاجة إلى القلب والتقديم والتأخير وإذا كان هذا المعنى يتم وينتظم على ما ذكرناه من غير قلب فلا حاجة بنا إليه وقد ذكر أبو القاسم البلخي هذا الجواب في تفسيره واختاره وقواه وسأل نفسه عنه وقال كيف جاز أن يقول « فَلا تَسْتَعْجِلُونِ » وهو خلق العجلة فيهم وأجاب بأنه قد أعطاهم قدرة على مغالبة طبائعهم وكفها وقد يكون الإنسان مطبوعا عليها وهو مع ذلك مأمور بالتثبت قادر على أن يجانب العجلة وذلك كخلقه في البشر شهوة النكاح وأمرهم في كثير من الأوقات بالامتناع منه وهذا الذي ذكره البلخي تصريح بأن المراد بالعجل غيره وهو الطبع الداعي إليه والشهوة المتناولة له ويجب أيضا أن يكون المراد بمن هاهنا في لأن شهوة العجل لا تكون مخلوقة من الإنسان وإنما تكون فيه وهذا تجوز على تجوز وتوسع على توسع لأن القلب أولا مجاز ثم هو من بعيد المجاز وذكر العجل والمراد به غيره مجاز آخر وإقامة من مقام في كذلك على أنه تعالى إذا نهاهم عن العجلة بقوله عز وجل « فَلا تَسْتَعْجِلُونِ » أي معنى لتقديم قوله إني خلقت شهوة العجلة فيهم والطبع الداعي إليها على ما عبر به البلخي وهذا إلى أن يكون عذرا لهم أقرب منه إلى أن يكون حجة عليهم وأيسر الأحوال أن لا يكون عذرا ولا احتجاجا فلا يكون لتقديمه معنى وفي الجواب الأول حسن تقديم ذلك على طريق الذم والتوبيخ والتقريع من غير إضافة له إليه عز وجل فالجواب الأول أوضح وأصح.

وثالثها جواب روي عن الحسن قال يعني بقوله « مِنْ عَجَلٍ » أي من ضعف وهي النطفة المنتنة المهينة الضعيفة وهذا قريب إن كان في اللغة شاهد على أن العجل

٣٠٦

يكون عبارة عن الضعف أو عن معناه.

ورابعها ما حكي أن أبا الحسن الأخفش أجاب به وهو أن يكون المراد أن الإنسان خلق من تعجيل الأمر لأنه تعالى قال « إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » (١) فإن قيل كيف يطابق هذا الجواب قوله من بعد « فَلا تَسْتَعْجِلُونِ » قلنا يمكن أن يكون وجه المطابقة أنه لما استعجلوا بالآيات واستبطئوها أعلمهم تعالى أنه ممن لا يعجزه شيء إذا أراده ولا يمتنع عليه وأن من خلق الإنسان بلا كلفة ولا مئونة بأن قال له كن فكان مع ما فيه من بدائع الصنعة وعجائب الحكمة التي يعجز عنها كل قادر ويحار فيها كل ناظر لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الآيات.

وخامسها ما أجاب به بعضهم من أن العجل الطين فكأنه تعالى قال خلق الإنسان من طين كما قال في موضع آخر « بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ » (٢) واستشهد بقول الشاعر.

والنبع يخرج بين الصخر ضاحية

والنخل ينبت بين الماء والعجل.

ووجدنا قوما يطعنون في هذا الجواب ويقولون ليس بمعروف أن العجل هو الطين وقد حكى صاحب كتاب العين عن بعضهم أن العجل الحمأة ولم يستشهد عليه إلا أن البيت الذي أنشدناه يمكن أن يكون شاهدا له وقد رواه تغلب عن ابن الأعرابي وخالف في شيء من ألفاظه وإذا صح هذا الجواب فوجه المطابقة بين ذلك وبين قوله تعالى « فَلا تَسْتَعْجِلُونِ » على نحو ما ذكرناه وهو أن من خلق الإنسان مع الحكمة الظاهرة فيه من الطين لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الآيات أو يكون المعنى أنه لا يجب بمن خلق من الطين المهين وكان أصله هذا الأصل الحقير الضعيف أن يهزأ برسل الله تعالى وآياته وشرائعه لأنه تعالى قال قبل هذه الآية « وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ » (٣).

__________________

(١) النحل : ٤٠.

(٢) ألم السجدة : ٧.

(٣) الأنبياء : ٣٦.

٣٠٧

وسادسها أن يكون المراد بالإنسان آدم عليه‌السلام ومعنى « مِنْ عَجَلٍ » أي في سرعة من خلقه لأنه تعالى لم يخلقه « مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ » كما خلق غيره وإنما ابتدأه الله ابتداء وأنشأه إنشاء فكأنه تعالى نبه بذلك على الآية العجيبة في خلقه له وأنه عز وجل يري عباده من آياته وبيناته أولا ما تقتضيه مصالحهم وتستدعيه أحوالهم.

وسابعها ما روي عن مجاهد وغيره أن الله تعالى خلق آدم بعد خلق كل شيء آخر نهار يوم الجمعة على سرعة معاجلا به غروب الشمس وروي أن آدم عليه‌السلام لما نفخت فيه الروح وبلغت أعالي جسده ولم تبلغ أسافله قال رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس.

وثامنها ما روي عن ابن عباس والسدي أن آدم عليه‌السلام لما خلق وجعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادرا إلى ثمار الجنة. وقال قوم بل هم بالوثوب فهذا معنى قوله « خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ » وهذه الأجوبة الثلاثة المتأخرة مبنية على أن المراد بالإنسان فيها آدم عليه‌السلام دون غيره.

٤٠

(باب آخر)

نورد ما ذكره محمد بن بحر الشيباني المعروف بالدهني (١) في كتابه من قول مفضلي الأنبياء والرسل والأئمة والحجج على الملائكة صلوات الله عليهم أجمعين على ما

__________________

(١) كذا في جميع نسخ البحار ، والمشهور ضبطه بالراء المهملة المضمومة نسبة الى « رهنه » قرية بكرمان ، وحكى ابن داود عن نسخة « الدهنى » بالدال قال النجاشي ، محمد ابن بحر الرهنى : أبو الحسن الشيباني ساكن نرماشير من ارض كرمان. قال أصحابنا انه كان في مذهبه ارتفاع ، وحديثه قريب من السلامة ، ولا ادرى من اين قيل وقال في محكى الفهرست ، محمد بن بحر الرهنى من أهل سجستان وكان من المتكلمين وكان عالما بالاخبار فقيها الا انه متهم بالغلو وله نحو من خمسمائة مصنف ورسالة ـ انتهى ـ والظاهر ان منشأ اتهامه بالغلو مبالغته في تفضيل الأئمة وعلو رتبتهم عليهم‌السلام ولم يثبت منه قول بحلول او اتحاد أو تفويض ونحوها فلا يبعد كونه حسنا.

٣٠٨

أورده الصدوق ره في كتاب علل الشرائع ناقلا عنه حيث قال :

قال مفضلو الأنبياء والرسل والحجج على الملائكة أنا نظرنا إلى جميع ما خلق الله عز وجل من شيء علا علوا طبعا واختيارا أو علي به قسرا واضطرارا وما سفل شيء طبعا واختيارا أو ما سفل به قصرا واضطرارا فإذا هي ثلاثة أشياء بإجماع حيوان نام وجماد وأفلاك سائرة وبالطبع الذي طبعها عليه صانعها دائرة وفي ما دونها عن إرادة خالقها مؤثرة وأنهم نظروا في الأنواع الثلاثة وفي الأشياء التي هي أجناس منقسمة إلى جنس الأجناس الذي هو شيء إذ يعطي كل شيء اسمه.

قالوا ونظرنا أي الثلاثة هو نوع لما فوقه وجنس لما تحته أنفع وأرفع وأيها أدون وأوضع فوجدنا أرفع الثلاثة الحيوان وذلك بحق الحياة التي بان بها النامي والجماد وإنما رفعة الحيوان عندنا في حكمة الصانع وترتيبها إن الله تقدست أسماؤه جعل النامي له أغذاء وجعل له عند كل داء دواء وفي ما قدر له صحة وشفاء فسبحانه ما أحسن ما دبره في ترتيب حكمته إذ الحيوان الرفيع مما دونه يغذو ومنه لوقاية الحر والبرد يكسو وعليه أيام حياته ينشو وجعل الجماد له مركزا ومكديا فامتهنه له امتهانا وجعل له مسرحا وأكنانا ومجامع وبلدانا ومصانع وأوطانا وجعل له حزنا محتاجا وسهلا محتاجا إليه وعلوا ينتفع بعلوه وسفلا ينتفع به وبمكاسبه برا وبحرا فالحيوان مستمتع فيستمتع بما جعل له فيه من وجوه المنفعة والزيادة والزبول عند الزبول (١) وتتخذ المركز عند التجسيم والتأليف من الجسم المؤلف « تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ».

قالوا ثم إنا نظرنا فإذا الله عز وجل قد جعل المتخذ بالروح والنمو والجسم أعلى وأرفع مما يتخذ بالنمو والجسم والتأليف والتصريف ثم جعل الحي الذي هو بالحياة التي هي غيره نوعين ناطقا وأعجم ثم أبان الناطق من الأعجم بالنطق والبيان اللذين جعلهما له فجعله أعلى منه بفضيلة النطق والبيان ثم جعل

__________________

(١) في بعض النسخ « الذبول » فى الموضعين ، وفي نسخة « الذلول » فى الموضع الثاني.

٣٠٩

الناطق نوعين حجة ومحجوجا فجعل الحجة أعلى من المحجوج لإبانة الله الحجة واختصاصه إياه بعلم علوي يخصه له دون المحجوجين فجعله معلما من جهة باختصاصه إياه وعلما بأمره إياه أن يعلم بأن الله عز وجل معلم الحجة دون أن يكله إلى أحد من خلقه فهو متعال به وبعضهم يتعالى على بعض بعلم يصل إلى المحجوجين من جهة الحجة.

قالوا ثم رأينا أصل الشيء الذي هو آدم فوجدناه قد جعله علما على كل روحاني خلقه قبله وجسماني ذرأه وبرأه منه فعلمه علما خصه به لم يعلمهم قبل ولا بعد وفهمه فهما لم يفهمهم قبل ولا بعد ثم جعل ذلك العلم الذي علمه ميراثا فيه لإقامة الحجج من نسله على نسله ثم جعل آدم لرفعة قدره وعلو أمره للملائكة الروحانيين قبله وأقامه لهم محنة فابتلاهم بالسجود إليه فجعل لا محالة من أسجد له أعلى وأفضل ممن أسجدهم ولأن من جعل بلوى وحجة أفضل ممن حجهم به ولأن إسجاده جل وعز إياهم للخضوع ألزمهم الاتضاع منهم له والمأمورين بالاتضاع بالخضوع والخشوع والاستكانة دون من أمرهم بالخضوع له ألا ترى إلى من أبى الائتمار لذلك الخضوع ولتلك الاستكانة فأبى واستكبر ولم يخضع لمن أمره له بالخضوع كيف لعن وطرد عن الولاية وأدخل في العداوة فلا يرجى له من كبوته الإقالة آخر الأبد فرأينا السبب الذي أوجب الله عز وجل لآدم عليهم فضلا فإذا هو العلم خصه الله عز وجل دونهم فعلمه الأسماء وبين له الأشياء فعلا بعلمه من لا يعلم ثم أمره جل وعز أن يسألهم سؤال تنبيه لا سؤال تكليف عما علمه بتعليم الله عز وجل إياه مما لم يكن علمهم ليريهم جل وعز علو منزلة العلم ورفعة قدره كيف خص العلم محلا وموضعا اختاره له وأبان ذلك المحل عنهم بالرفعة والفضل.

ثم علمنا أن سؤال آدم إياهم عما سألهم عنه مما ليس في وسعهم وطوقهم الجواب عنه سؤال تنبيه لا سؤال تكليف لأنه جل وعز لا يكلف ما ليس في وسع المكلف القيام به فلما لم يطيقوا الجواب عما سألوا علمنا أن السؤال كان كالتقرير منه لهم يقرن (١)

__________________

(١) في العلل : يقرر.

٣١٠

به اتضاعهم بالجهالة عما علمه إياه وعلو خطره وقدره واختصاصه (١) إياه بعلم لم يخصهم به فالتزموا الجواب بأن قالوا « سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا » (٢) ثم جعل الله عز وجل آدم عليه‌السلام معلم الملائكة بقوله « أَنْبِئْهُمْ » لأن الإنباء من النبأ تعليم والأمر بالإنباء من الأمر تكليف يقتضي طاعة وعصيانا والإصغاء من الملائكة للتعليم والتوقيف والتفهيم والتعريف تكليف يقتضي طاعة وعصيانا فمن ذهب منكم إلى فضل المتعلم على المعلم والموقف على الموقف والمعرف على المعرف كان في تفضيله تعكيس لحكمة الله عز وجل وقلب لترتيبها التي رتبها الله عز وجل فإنه على قياد مذهبه أن تكون الأرض التي هي المركز أعلى من النامي الذي هو عليها الذي فضله الله عز وجل بالنمو والنامي أفضل وأعلى من الحيوان الذي فضله الله جل جلاله بالحياة والنمو والروح والحيوان الأعجم الخارج عن التكليف والأمر والزجر أعلى وأفضل من الحيوان الناطق المكلف للأمر والزجر والحيوان الذي هو المحجوج أعلى من الحجة التي هي حجة الله عز وجل فيها والمتعلم أعلى من المعلم وقد جعل الله عز وجل آدم حجة على كل من خلق من روحاني وجسماني إلا من جعل له أولية الحجة فقد روي لنا أن حبيب بن مظاهر الأسدي بيض الله وجهه أنه قال للحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أي شيء كنتم قبل أن يخلق الله عز وجل آدم عليه‌السلام قال كنا أشباح نور ندور حول عرش الرحمن فنعلم للملائكة التسبيح والتهليل والتحميد. ولهذا تأويل دقيق ليس هذا مكان شرحه وقد بيناه في غيره.

قال مفضلو الملائكة إن مدار الخلق روحانيا كان أو جسمانيا على الدنو من الله عز وجل والرفعة والعلو والزلفة والسمو وقد وصف الله جلت عظمته الملائكة من ذلك بما لم يصف به غيرهم ثم وصفهم بالطاعة التي عليها موضع الأمر والزجر والثواب والعقاب فقال عز وجل « لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ » (٣)

__________________

(١) باختصاصه ( خ ).

(٢) البقرة : ٣٢.

(٣) التحريم : ٦.

٣١١

ثم جعل محلهم الملكوت الأعلى فبراهينهم على توحيده أكثر وأدلتهم عليه أشهر وأوفر وإذا كان ذلك كذلك كان حظهم من الزلفة أجل ومن المعرفة بالصانع أفضل.

قالوا ثم رأينا الذنوب والعيوب الموردة النار ودار البوار كلها من الجنس الذي فضلتموه على من قال الله عز وجل في نعتهم لما نعتهم ووصفهم بالطاعة لما وصفهم « لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ » قالوا كيف يجوز فضل جنس فيهم كل عيب ولهم كل ذنب على من لا عيب فيهم ولا ذنب منهم لا صغائر ولا كبائر.

والجواب أن مفضلي الأنبياء والحجج عليهم‌السلام قالوا إنا لا نفضل هاهنا الجنس على الجنس ولكنا فضلنا النوع على النوع من الجنس كما أن الملائكة كلهم ليسوا كإبليس وهاروت وماروت لم يكن البشر كلهم كفرعون الفراعنة وكشياطين الإنس المرتكبين المحارم المقدمين على المأثم وأما قولكم في الزلفة والقربة فإنكم إن أردتم زلفة المسافات وقربة المداناة فالله عز وجل أجل ومما توهمتموه أنزه وفي الأنبياء والحجج من هو أقرب إلى قربه بالصالحات والقربات (١) الحسنات وبالنيات الطاهرات من كل خلق خلقهم والقرب والبعد من الله جلت عظمته بالمسافة والمدى تشبيه له بخلقه وهو من ذلك نزيه.

وأما قولهم في الذنوب والعيوب فإن الله جلت أسماؤه جعل الأمر والزجر أسبابا وعللا والذنوب والمعاصي وجوها فالله جل جلاله هو الذي جعل قاعدة الذنوب من جميع المذنبين من الأولين والآخرين إبليس وهو من حزب الملائكة وممن كان في صفوفهم وهو رأس الأبالسة وهو الداعي إلى عصيان الصانع والموسوس والمزين لكل من تبعه وقبل منه وركن إليه الطغيان وقد أمهل الملعون لبلوى أهل البلوى في دار الابتلاء فكم من برية نبيه وفي طاعة الله عز وجل وجيه وعن معصيته بعيد وقد أقمأ إبليس وأقصاه وزجره ونفاه فلم يلوله على أمر إذا أمره ولا انتهى عن زجر إذا زجر له لمات في قلوب الخلق مكافئ من المعاصي لمات الرحمن فلمات الرحمن

__________________

(١) العزمات ( خ ).

٣١٢

دافعة للماته ووسوسته وخطراته ولو كانت المحنة بالملعون واقعة بالملائكة والابتلاء به قائما كما قام في البشر ودائما كما دام لكثرت من الملائكة المعاصي وقلت فيهم الطاعات إذا تمت فيهم الآلات فقد رأينا المبتلي من صفوف (١) الملائكة بالأمر والزجر مع آلات الشهوات كيف انخدع بحيث دنا من طاعته وكيف بعد مما لم يبعد منه الأنبياء والحجج الذين اختارهم الله على علم على العالمين إذ ليست هفوات البشر كهفوة إبليس في الاستكبار وفعل هاروت وماروت في ارتكاب المزجور.

قال مفضلو الملائكة إن الله جل جلاله وضع الخضوع والخشوع والتضرع والخنوع حلية فجعل مداها وغايتها آدم عليه‌السلام ففازت الملائكة في هذه الحلية وأخذوا منها بنصيب الفضل والسبق فجعل للطاعة فأطاعوا الله فيه ولو كان هناك بنو آدم لما أطاعوه فيما أمر وزجر كما لم يطعه قابيل فصار إمام كل قاتل.

جواب مفضلي الأنبياء والحجج عليهم‌السلام قالوا إن الابتلاء الذي ابتلى به الله عز وجل الملائكة من الخشوع والخضوع لآدم عن غير شيطان مغو وعدو مطغي فاصل بغوايته بين الطائعين والعاصين والمقيمين على الاستقامة عن الميل وعن غير آلات المعاصي التي هي الشهوات المركبات في عباده المبتلين وقد ابتلي من الملائكة من ابتلي فلم يعتصم بعصمة الله الوثقى بل استرسل للخادع الذي كان أضعف منها وقد روينا عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : إن في الملائكة من باقة بقل خير منه والأنبياء والحجج يعلمون ذلك لهم وفيهم ما جهلناه. وقد أقر مفضلو الملائكة بالتفاضل بينهم كما أقر بالتفاضل بين ذوي الفضل من البشر ومن قال إن الملائكة جنس من خلق الله عز وجل تقل فيهم العصاة كهاروت وماروت وكإبليس اللعين إذ الابتلاء فيهم قل (٢) فليس ذلك بموجب أن يكون فاضلهم أفضل من فاضل البشر الذين جعل الله عز وجل الملائكة خدمهم إذا صاروا إلى دار المقامة التي ليس فيها حزن ولا هم ولا نصب ولا سقم ولا فقر.

__________________

(١) في المصدر : صنوف.

(٢) في المصدر : قليل.

٣١٣

قال مفضلو الملائكة إن الحسن البصري يقول إن هاروت وماروت علجان من أهل بابل وأنكر أن يكونا من الملائكة فلم تعترضونا بالحجة بهما وبإبليس فتحتجون علينا بجني فيه.

قال مفضلو الأنبياء والحجج عليهم‌السلام ليس شذوذ الحسن عن جميع المفسرين من الأمة بموجب أن يكون ما يقول كما يقول وأنتم تعلمون أن الشيء لا يستثنى إلا من جنسه وتعلمون أن الجن سموا جنا لاجتنانهم عن الرؤية إلا إذا أرادوا الترائي بما جعل الله عز وجل فيهم من القدرة على ذلك وأن إبليس من صفوف (١) الملائكة وغير جائز في كلام العرب أن يقول قائل جاءت الإبل كلها إلا حمارا ووردت البقر كلها إلا فرسا فإبليس من جنس ما استثني وقول الحسن في هاروت وماروت بأنهما علجان من أهل بابل شذوذ شذ به عن جميع أهل التفسير وقول الله عز وجل يكذبه إذ قال « وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ » بفتح اللام « بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ » وليس في قولكم عن قول الحسن فرج لكم فادعوا (٢) ما لا فائدة فيه من علة ولا عائدة من حجة.

قال مفضلو الملائكة قد علمتم ما للملائكة في كتاب الله عز وجل من المدح والثناء مما بانوا به عن خلق الله جل وعلا إذ لو لم يكن فيه إلا قوله « بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ » (٣).

قال مفضلو الأنبياء والحجج عليهم‌السلام لو استقصينا آي القرآن في تفضيل الأنبياء والحجج صلوات الله عليهم أجمعين لاحتجنا لذلك إلى التطويل والإكثار وترك الإيجاز والاختصار وفي ما جئنا به من الحجج النظرية التي تزيح العلل من الجميع مقنع إذ ذكرنا ترتيب الله عز وجل خلقه فجعل الأرض دون النامي والنامي أعلى وأفضل من الأرض وجعل النامي دون الحيوان والحيوان أعلى وأرفع من النامي

__________________

(١) في المصدر : صنوف.

(٢) فدعوا ( خ ).

(٣) الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٧. وفي المصدر بعد ذكر الآية « لكفى ».

٣١٤

وجعل الحيوان الأعجم دون الناطق وجعل الحيوان الناطق أفضل من الحيوان الأعجم وجعل الحيوان الجاهل الناطق دون الحيوان العالم الناطق وجعل الحيوان العالم الناطق المحجوج دون الحيوان العالم الحجة ويجب على هذا الترتيب أن المعرب المبين أفضل من الأعجم غير الفصيح ويكون المأمور المزجور مع تمام الشهوات وما فيهم من طباع حب اللذات ومنع النفس من الطلبات والبغيات ومع البلوى بعدو يمهل يمتحن بمعصيته إياه وهو يزينها له محسنا بوسوسته في قلبه وعينه أفضل من المأمور المزجور مع فقد آلة الشهوات وعدم معاداة هذا المتوصل له بتزيين المعاصي والوسوسة إليه ثم هذا الجنس نوعان حجة ومحجوج والحجة أفضل من المحجوج ولم يحجج آدم الذي هو أصل البشر بواحد من الملائكة تفضيلا من الله عز وجل إياه عليهم وحجج جماهير الملائكة بآدم فجعله العالم بما لم يعلموا وخصه بالتعليم ليبين لهم أن المخصوص بما خصه به مما لم يخصهم أفضل من غير المخصوص بما لم يخصه به وهذا الترتيب حكمة الله عز وجل فمن ذهب يروم إفسادها ظهر منه عناد من مذهبه وإلحاد في طلبه فانتهى الفضل إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه ورث آدم وجميع الأنبياء ولأنه الاصطفاء الذي ذكره الله عز وجل فقال « إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ » (١) فمحمد الصفوة والخالص نجيب النجابة (٢) من آل إبراهيم فصار خير آل إبراهيم بقوله « ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ » واصطفى الله جل جلاله آدم ممن اصطفاه عليهم من روحاني وجسماني « وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » وصلى الله على محمد وآله و « حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ».

قال الصدوق إنما أردت أن تكون هذه الحكاية في هذا الكتاب وليس قولي في إبليس إنه كان من الملائكة بل كان من الجن إلا أنه كان يعبد الله بين الملائكة وهاروت وماروت ملكان وليس قولي فيهما قول أهل الحشو بل كانا عندي معصومين

__________________

(١) آل عمران : ٣٣.

(٢) في المصدر : النجباء.

٣١٥

ومعنى هذه الآية « وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ » الآية (١) إنما هو واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وعلى ما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وقد أخرجت في ذلك خبرا مسندا في كتاب عيون الأخبار عن الرضا عليه‌السلام (٢).

توضيح قوله وجماد لعل مراده بالجماد غير الحيوان ليشمل النبات وكأنه كان هكذا حيوان ونام وجماد فقوله وأفلاك عطف على ثلاثة أو على جماد وهما قسم واحد لأن الأفلاك أيضا على مذهب أهل الحق من الجماد قوله إلى جنس الأجناس الظرف متعلق بنظروا ويحتمل تعلقه بمنقسمه على شبه القلب أي هي أقسامه كأنه جعل جنس الأجناس مفهوم الشيئية ولا يقول بإطلاق الشيء على الواجب تعالى شأنه وفيه نظر من وجوه ويحتمل أن تكون كلمة إذ زائدة فتأمل.

قوله هو نوع صفة للثلاثة أي كل منها بأن بها النامي أي من النامي جعل النامي له أي للحيوان وجعل له أي جعله له وكأنه كان كذلك قوله ومكديا كذا في النسخ وكأنه من الكدية قال في النهاية الكدية قطعة غليظة صلبة لا يعمل فيها الفاس وأكدى الحافر إذا بلغها وفيه إن فاطمة خرجت في تعزية بعض جيرانها فلما انصرفت قال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلك بلغت معهم الكدى. أراد المقابر وذلك لأنها كانت مقابرهم في مواضع صلبة وهي جمع كدية انتهى ويشبه أن يكون فيه تصحيف والمهنة بالكسر والفتح والتحريك وككلمة الحذق بالخدمة وامتهنه استعمله للمهنة ذكره الفيروزآبادي وقال المصنعة كالحوض يجمع فيه ماء المطر كالمصنع والمصانع الجمع والقرى والمباني من القصور والحصون انتهى.

دون من أمرهم أي أدون منهم والمدى الغاية ويطلق على المسافة أيضا وفي المصباح نبه بالضم نباهة شرف وهو نبيه وأقمأه صغره وأذله و

__________________

(١) البقرة : ١٠٢.

(٢) علل الشرائع : ج ١ ، ص ١٩ ـ ٢٦. والحديث الذي أشار إليه في العيون : ج ١ ص ٢٦٧.

٣١٦

في النهاية فيه فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد أي لا يلتفت ولا يعطف عليه وقال فيه لابن آدم لمتان لمة من الملك ولمة من الشيطان اللمة الهمة والخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أو الشيطان به والقرب منه فما كان من خطرات الخير فهو من الملك وما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان.

قوله من طاعته أي طاعة الشيطان والهفوة الزلة وفي النهاية الخانع الذليل الخاضع قوله حلية في أكثر النسخ بالياء المثناة والأظهر أنه بالباء الموحدة في القاموس الحلبة بالفتح الدفعة من الخيل في الرهان وخيل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من إصطبل واحد انتهى.

فجعل مداها وغايتها أي غاية الحلبة في السباق وعلى النسخة الأولى كان المعنى أنه كان قبلة للخنوع والخضوع فجعل على بناء المجهول والضمير للسبق أو آدم وفي الصحاح استرسل إليه انبسط واستأنس وقال الباقة من البقل الحزمة منه وفي المصباح العلج الرجل الضخم من كفار العجم وبعض العرب قد يطلق العلج على الكافر مطلقا قوله لاجتنانهم أي استتارهم وفي الصحاح زاح الشيء يزيح زيحا بعد وذهب.

٤١

(باب)

(بدء خلق الإنسان في الرحم إلى آخر أحواله)

الآيات :

آل عمران « هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » (١)

النساء « يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً » (٢)

__________________

(١) آل عمران : ٦.

(٢) النساء : ١.

٣١٧

الأنعام « هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ » (١)

هود « هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها » (٢)

الرعد « اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ » (٣)

النحل « خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ » (٤)

مريم « أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً » (٥)

الحج « يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً » (٦)

المؤمنون « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ » (٧)

الروم « وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ » (٨)

لقمان « حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ » (٩)

التنزيل « الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ » (١٠)

__________________

(١) الأنعام : ٢.

(٢) هود : ٦١.

(٣) الرعد : ٨.

(٤) النحل : ٤.

(٥) مريم : ٦٧.

(٦) الحج : ٥.

(٧) المؤمنون : ١٢ ـ ١٦.

(٨) الروم : ٢٠.

(٩) لقمان : ١٤.

(١٠) السجدة : ٧ ـ ٩.

٣١٨

فاطر « وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ » (١)

يس « أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ » (٢)

الزمر « يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ » (٣)

المؤمن « هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » (٤)

حمعسق « لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ » (٥)

النجم « هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ » إلى قوله تعالى « وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى » (٦)

الواقعة « أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ » (٧)

التغابن « وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ » (٨)

الملك « قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ » (٩)

نوح « ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً » إلى قوله تعالى « وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً » (١٠)

__________________

(١) فاطر : ١١.

(٢) يس : ٧٧.

(٣) الزمر : ٦.

(٤) المؤمن : ٦٧.

(٥) الشورى : ٤٩ ـ ٥٠.

(٦) النجم : ٣٢ ـ ٤٦.

(٧) الواقعة : ٥٨ ـ ٥٩.

(٨) التغابن : ٣.

(٩) الملك : ٢٣ ـ ٢٤.

(١٠) نوح : ١٣ ـ ١٨.

٣١٩

القيامة « أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى » (١)

الدهر « هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً » (٢)

المرسلات « أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ » (٣)

النبأ « وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً » (٤)

عبس « قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ » (٥)

الإنفطار « ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ » (٦)

الطارق « فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ » (٧)

تفسير « هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ » قال الطبرسي رحمه‌الله أي يخلق صوركم « فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ » على أي صورة شاء وعلى أي صفة شاء من ذكر وأنثى أو صبيح أو دميم أو طويل أو قصير « لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ » في سلطانه « الْحَكِيمُ » في أفعاله ودلت الآية على وحدانية الله سبحانه وتمام قدرته وكمال حكمته حيث صور الولد في رحم الأم على هذه الصفة وركب فيه أنواع البدائع من غير آلة ولا كلفة وقد تقرر في عقل كل عاقل أن العالم لو اجتمعوا أن يجعلوا من الماء بعوضة ويصوروا منه صورة في حال ما يشاهدونه ويعرفونه لم يقدروا على ذلك ولا وجدوا إليه

__________________

(١) القيامة : ٣٧ ـ ٤٠.

(٢) الدهر : ١ ـ ٢.

(٣) المرسلات : ٢٠ ـ ٢٤.

(٤) النبأ : ٨.

(٥) عبس : ١٧ ـ ٢٣.

(٦) الانفطار : ٦ ـ ٨.

(٧) الطارق : ٥ ـ ٧.

٣٢٠