بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

طول نهاره ست عشرة ساعة وربع ومساحة سطحه سبعمائة ألف وخمسون ألف فرسخ ومائة واثنان وثلاثون فرسخا وربع فرسخ وفيه جزيرة برطانية وجزيرة صوداق وجزيرة تولى ومدينة يأجوج ومأجوج قالوا عرض تلك المدينة ثلاث وستون درجة وطولها مائة واثنتان وسبعون درجة ونصف والقسم الثاني مبدؤه حيث عرضه ست وستون درجة ونصف وغاية طول نهاره سبع وأربعون ساعة ومساحة سطحه أربعمائة ألف واثنان وعشرون ألف فرسخ وأربعمائة وسبعة فراسخ وخمس فرسخ وقيل في عرض خمس وسبعين درجة موضع أهله يسكنون في الشتاء في الحمامات ولا يفهم كلامهم.

الفائدة الثانية في ذكر بعض خواص خط الاستواء والآفاق المائلة فأما خط الاستواء فدوائر آفاق البقاع التي تكون عليه تنصف جميع المدارات اليومية فلذلك يكون النهار والليل في جميع السنة متساويين وأيضا يكون زمان ظهور كل نقطة على الفلك مساويا لزمان خفائه فإن كان تفاوت كان بسبب اختلاف السير سرعة وبطئا بالحركة الغربية في النصفين وذلك لا يكون محسوسا وتمر الشمس في السنة الواحدة مرتين بسمت رءوسهم وذلك عند كونها في نقطتي الاعتدالين ولا تبعد الشمس عن سمت رءوسهم إلا بقدر غاية ميل فلك البروج عن معدل النهار وتكون الشمس نصف السنة تقريبا في جهة من جهتي الشمال والجنوب ويكون ظل نصف النهار إلى خلاف تلك الجهة ولكون مبدإ الصيف الوقت الذي يكون فيه الشمس إلى سمت الرأس أقرب ومبدأ الشتاء الوقت الذي يكون الشمس منه أبعد يكون وقت كونها في نقطتي الاعتدال مبدأ صيفهم ووقت كونها في نقطتي الانقلاب مبدأ شتائهم ويكون مبادئ الفصلين الأخيرين أوساط الأرباع ويلزم على ذلك أن يكون لهم في كل سنة ثمانية فصول ويكون دور الفلك هناك دولابيا لأن سطوح جميع المدارات يقطع سطح الأفق على قوائم ويسمى لذلك آفاقها آفاق الفلك المستقيم والشيخ ابن سينا حكم بأنها أعدل البقاع لأن الشمس لا تمكث على سمت الرأس كثيرا بل إنما يمر به وقتي اجتيازها عن إحدى الجهتين إلى الأخرى ويكون هناك حركتها في الميل والبعد عن سمت رأسهم أسرع ما يكون فلا تكون لذلك حرارة صيفهم شديدة وأيضا لتساوي

١٤١

زماني نهارهم وليلهم دائما تنكسر سورتا كل واحدة من الكيفيتين الحادثتين منهما بالأخرى فيعتدل الزمان وحكم أيضا بأن أحر البقاع صيفا التي تكون عروضها مساوية للميل الكلي فإن الشمس تسامتها وتلبث في قرب مسامتتها قريبا من شهرين ونهارها حينئذ يطول وليلها يقصر ورد الفخر الرازي عليه الحكم الأول بأن قال لبث الشمس في خط الاستواء وإن كان قليلا لكنها لا تبعد كثيرا عن المسامتة فهي طول السنة في حكم المسامتة ونحن نرى بقاعا أكثر ارتفاعات الشمس فيها لا يزيد على أقل ارتفاعاتها بخط الاستواء وحرارة صيفها في غاية الشدة فيعلم من ذلك أن حرارة شتاء خط الاستواء تكون أضعاف حرارة صيف تلك البقاع وحكم بأن أعدل البقاع هو الإقليم الرابع.

وقال المحقق الطوسي ره الحق في ذلك أنه إن عنى بالاعتدال تشابه الأحوال فلا شك أنه في خط الاستواء أبلغ كما ذكره الشيخ وإن عنى به تكافؤ الكيفيتين فلا شك أن خط الاستواء ليس كذلك يدل عليه شدة سواد لون سكانه من أهل الزنج والحبشة وشدة جعود شعورهم وغير ذلك مما تقتضيه حرارة الهواء وأضداد ذلك في الإقليم الرابع تدل على كون هوائه أعدل بل السبب الكلي في توفر العمارات وكثرة التوالد والتناسل في الأقاليم السبعة دون سائر المواضع المنكشفة من الأرض يدل على كونها أعدل من غيرها وما يقرب من وسطها لا محالة يكون أقرب إلى الاعتدال مما يكون على أطرافها فإن الاحتراق والفجاجة اللازمين من الكيفيتين ظاهران في الطرفين انتهى.

فعلى ما ذكره قدس‌سره سكان الإقليم الرابع أعدل الناس خلقا وخلقا وأجودهم فطانة وذكاء ومن ثمة كان معدن الحكماء والعلماء وبعدهم سكان الإقليمين الثالث والخامس وأما سائر الأقاليم فأكثرها ناقصون في الجبلة عما هو أفضل يدل عليه سماجة صورهم وسوء أخلاقهم وشدة احتراقهم من الحر أو فجاجتهم من البرد كالحبشة والزنج في الأول والثاني وكيأجوج ومأجوج وبعض الصقالبة في السادس والسابع وأما الآفاق التي لها عرض أقل من الربع فهي على خمسة أقسام الأول أن يكون عرضه أقل من الميل الكلي الثاني أن يكون عرضه مساويا للميل الكلي

١٤٢

الثالث (١) أن يكون عرضه مساويا لتمام الميل الكلي الرابع أن يكون عرضه أكثر من الميل وأقل من تمامه الخامس أن يكون عرضه أكثر من تمام الميل ففي جميع تلك الآفاق يكون أحد قطبي المعدل فوق الأرض مرتفعا عن الأفق بقدر عرض البلد والآخر منحطا عن الأفق بهذا المقدار وجميع تلك الآفاق ينصف معدل النهار على زوايا قوائم فيكون دور الفلك هناك حمائليا وتقطع المدارات التي تقطعها بقطعتين مختلفتين والقسي (٢) الظاهرة للمدارات الشمالية أعظم من التي تحت الأرض وللجنوبية بالخلاف من ذلك ولا يستوي الليل والنهار فيها إلا عند بلوغ الشمس نقطتي الاعتدال وذلك في يوم النيروز والمهرجان والمساواة في بعض الأوقات تحقيقي وفي بعضها تقريبي ويكون النهار أطول من الليل عند كون الشمس في البروج الشمالية وعند كونها في البروج الجنوبية الأمر بعكس ذلك وكلما كان عرض البلد أكثر كان مقدار التفاوت بين الليل والنهار أكثر وكل مدار بعده عن القطب الشمالي مثل ارتفاع القطب عن الأفق فهو بجميع ما فيه وبجميع ما تحويه دائرته إلى القطب الشمالي من الكواكب والمدارات أبدي الظهور ونظيره من ناحية الجنوب بجميع ما فيه وما تحويه دائرته إلى القطب الجنوبي أبدي الخفاء وهذه هي الأحوال المشتركة.

وأما ما يختص بالقسم الأول من الأقسام الخمسة المتقدمة وهو ما يكون العرض أقل من الميل الكلي فالمدار الذي يكون بعده عن المعدل من جهة القطب الظاهر بقدر عرض البلد يقطع منطقة البروج على نقطتين متساويتي البعد من المنقلب فإذا وصلت الشمس إلى إحدى هاتين النقطتين لا يكون في نصف نهار هذا اليوم لشيء ظل وما دامت الشمس في القوس الذي بين تينك النقطتين في جهة القطب الظاهر يقع

__________________

(١) في أكثر النسخ هكذا : الثالث أن يكون عرضه أكثر من الميل وأقل من تمامه الرابع أن يكون عرضه مساويا لتمام الميل الكلى.

(٢) جمع قوس ، وأصله قووس ـ على ما ذكره الصرفيون ـ فانقلب اللام مكان العين ثم قلبت الواوان ياءين وادغمت الأولى في الثانية وكسرت القاف والسين فصار « قسيا ».

١٤٣

الظل في أنصاف النهار إلى جهة القطب الخفي وما دامت الشمس في القوس الآخر يقع الظل في أنصاف النهار إلى جهة القطب الظاهر ولارتفاع الشمس في النقصان غايتان إحداهما من جهة القطب الظاهر وهو أكثر والأخرى من جهة القطب الخفي وهو أقل ولا تكون فصول السنة في تلك الآفاق متساوية بل إذا كانت النقطتان المذكورتان متقاربتين كان صيفهم أطول من غيره لأن الشمس تسامت رءوسهم مرتين وليس بعدها على قدر يكون في وسطه فتور للسخونة وإن زادت على الأربعة كما إذا كانت النقطتان متباعدتين لم تكن متشابهة لاختلاف غايتي بعد الشمس عن سمت الرأس في الجهتين بخلاف خط الاستواء لتساويهما.

وأما القسم الثاني فمدار المنقلب الذي في جهة القطب الظاهر يمر بسمت الرأس ومدار المنقلب الآخر بسمت الرجل ولا يكون لارتفاع الشمس إلا غاية واحدة في جانب النقصان وفي جانب الزيادة يكون تسعين درجة ويكون الظل أبدا عند الزوال في جهة القطب الظاهر إلا في يوم واحد حين كونها في المنقلب الظاهر فإنه لا يكون في هذا اليوم عند الزوال لشيء ظل ويكون أحد قطبي فلك البروج أبدي الظهور والآخر أبدي الخفاء وارتفاعات الشمس تتزايد من أحد الانقلابين إلى الآخر ثم ترجع وتتناقص إلى أن تعود إليه وتصير فصول السنة أربعة لا غير وتكون متساوية المقادير.

وأما القسم الثالث فلا تنتهي الشمس إلى سمت الرأس ويكون لها ارتفاعان أعلى وهو ما يكون بقدر مجموع الميل الكلي وتمام عرض البلد وأسفل وهو يكون بقدر فضل تمام عرض البلد على الميل الكلي وسائر الأحوال كما مر.

وأما القسم الرابع فيصير مدار المنقلب الذي في جهة القطب الظاهر أبدي الظهور ومدار المنقلب الآخر أبدي الخفاء ويمر مدار قطب فلك البروج الظاهر بسمت الرأس ومدار القطب الآخر بمقابله وفي كل دورة تنطبق منطقة البروج مرة على الأفق ثم يرتفع النصف الشرقي من المنطقة دفعة عن الأفق وينحط نصفها الآخر عنه كذلك ثم يطلع النصف الخفي جزء بعد جزء في جميع أجزاء نصف الأفق الشرقي

١٤٤

ويغيب النصف الظاهر جزء بعد جزء كذلك في جميع نصف الأفق الغربي في مدة اليوم بليلته إلى أن يعود وضع الفلك إلى حالة الأولى ويزيد النهار في تلك الآفاق إلى أن يصير مقدار يوم بليلته نهارا كلها وذلك عند وصول الشمس إلى المنقلب الظاهر وهذا إذا اعتبر ابتداء النهار من وصول مركز الشمس إلى الأفق وإن اعتبر ابتداء النهار من ظهور الضوء واختفاء الثوابت كان نهارهم عند الوصول المذكور شهرا على ما بينه ساوذوسيوس في الرسالة التي بين فيها حال المساكن ثم يحدث ليل في غاية القصر بحيث يتداخل الشفق والفجر ويزيد شيئا فشيئا إلى أن يصير مقدار يوم بليلته ليلة كله وبعد ذلك يحدث نهار قصير وهكذا وفي هذا القسم نهاية العمارة في جانب الشمال ولا تمكن العمارة بعده لشدة البرد.

وأما القسم الخامس فيكون فيه أعظم المدارات الأبدية الظهور قاطعا لمنطقة البروج على نقطتين يساوي ميلهما في جهة القطب الظاهر وأعظم المدارات الأبدية الخفاء قاطعا لها على نقطتين متقابلتين لهما فتنقسم منطقة البروج لا محالة إلى أربع قسي يتوسطها الاعتدالان والانقلابان إحداهما أبدي الظهور وهي التي يتوسطها المنقلب الذي في جهة القطب الظاهر ومدة كون الشمس فيها نهارهم الأطول والثانية أبدي الخفاء وهي التي يتوسطها المنقلب الآخر ومدة كون الشمس فيها ليلهم الأطول وأما القوسان الباقيتان فالتي يتوسطها أول الحمل تطلع معكوسة أي يطلع آخرها قبل أولها وتغرب مستوية أي يغرب أولها قبل آخرها إن كان القطب الظاهر شماليا وتطلع مستوية وتغرب معكوسة إن كان القطب الظاهر جنوبيا والتي يتوسطها أول الميزان يكون بالضد من ذلك ومثلوا لتصوير الطلوع والغروب المعكوسين مثالا لسهولة تصورهما تركناه مع سائر أحكام هذا القسم لقلة الجدوى.

وأما الموضع الذي عرضه ربع الدور وهو تسعون درجة فأوضاعه غريبة جدا وذلك لا يكون على الأرض إلا عند موضعين يكون أحد قطبي المعدل على سمت الرأس والآخر على سمت القدم فتصير لا محالة دائرة معدل النهار منطبقة على الأفق ويدور الفلك بالحركة الأولى التابعة للفلك الأعظم رحوية ولا يبقى في الأفق مشرق

١٤٥

ولا مغرب باعتبار هذه الحركة أصلا ولا باعتبار غيرها بحيث يتميز أحدهما عن الآخر في الجهة ولا يتعين أيضا نصف النهار بل في جميع الجهات يمكن أن تبلغ الشمس وسائر الكواكب غاية ارتفاعها كما يمكن أن تطلع وتغرب فيها فيكون النصف من الفلك الذي يكون من معدل النهار في جهة القطب الظاهر أبدي الظهور والنصف الآخر أبدي الخفاء والشمس ما دامت في النصف الظاهر من فلك البروج يكون نهارا وما دامت في النصف الخفي منه يكون ليلا فيكون سنة كلها يوما بليلة ويفضل أحدهما على الآخر من جهة بطء حركتها وسرعتها وهو تقريبا سبعة أيام بلياليها من أيامنا ففي هذه الأزمنة يزيد نهاره عن ليله بمثل هذه المدة وهذا إذا اعتبر النهار من طلوع الشمس إلى غروبها وأما إذا كان النهار من ظهور ضوئها واختفاء الثوابت إلى ضدهما فيكون نهارهم أكثر من سبعة أشهر بسبعة أيام وليلهم قريبا من خمسة أشهر إذ من ظهور ضوء الشمس إلى طلوعها خمسة عشر يوما وكذا من غروبها إلى اختفاء الضوء على ما حققه ساوذوسيوس وأما إذا كان النهار من طلوع الصبح إلى غروب الشفق فكان نهارهم سبعة أشهر وسبعة عشر يوما من أيامنا تقريبا.

وقال المحقق الطوسي قدس‌سره ويكون مدة غروب الشفق أو طلوع الصبح في خمسين يوما من أيامنا ويكون غاية ارتفاع الشمس وغاية انحطاطه بقدر غاية الميل وأظلال المقاييس تفعل دوائر متوازية بالتقريب على مركز أصل المقياس أصغرها إذا كانت الشمس في المنقلب الظاهر وأعظمها إذا كانت عند الأفق بقرب الاعتدالين ولا يكون لشيء من الكواكب طلوع ولا غروب بالحركة الأولى بل يكون طلوعها وغروبها بالحركة الثانية المختصة بكل منها لا في موضع بعينه من الأفق ويكون للكواكب التي يكون عرضها من منطقة البروج ينقص من الميل الكلي طلوع وغروب بالحركة الخاصة وتختلف مدة (١) الظهور والخفاء بحسب بعد مدارها عن منطقة البروج وقربها إليه فما كان مداره أبعد عنها في جهة القطب الظاهر كان زمان ظهوره أكثر من زمان ظهور ما مداره أقرب منها في هذه الجهة وينعكس الحكم في

__________________

(١) مدتا ( خ ).

١٤٦

الجهة الأخرى والكواكب التي عرضها مساو للميل كله تماس الأفق في دور واحد من الحركة الثانية مرة واحدة إما من فوق وإما من تحت ولا يكون لها ولا للتي يزيد عرضها في أحد جانبي فلك البروج على الميل الكلي طلوع ولا غروب بل تكون إما ظاهرة أبدا وإما خفية أبدا.

الفائدة الثالثة قالوا السبب الأكثري في تولد الأحجار والجبال عمل الحرارة في الطين اللزج بحيث يستحكم انعقاد رطبه بيابسه بإذن الله تعالى وقد ينعقد الماء السيال حجرا إما لقوة معدنية محجرة أو لأرضية غالبة على ذلك الماء فإذا صادف الحر العظيم طينا كثير الرخا إما دفعة وإما على مرور الأيام تكون الحجر العظيم فإذا ارتفع بأن يجعل الزلزلة العظيمة طائفة من الأرض تلا من التلال أو يحصل من تراكم عمارات تخربت ثم تحجرت أو يكون الطين المتحجر مختلف الأجزاء في الصلابة والرخاوة فتنحفر أجزاؤه الرخوة بالمياه والرياح وتغور تلك الحفر بالتدريج غورا شديدا وتبقى الصلبة مرتفعة أو بغير ذلك من الأسباب فهو الجبل وقد يرى بعض الجبال منضودة ساقا فساقا كأنها سافات الجدار فيشبه أن يكون حدوث مادة الفوقاني بعد تحجر التحتاني وقد سأل على كل ساف من خلاف جوهره ما صار حائلا بينه وبين الآخر وقد يوجد في كثير من الأحجار عند كسرها أجزاء الحيوانات المائية فيشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت في سالف الدهر مغمورة في البحر فحصل الطين اللزج الكثير وتحجر بعد الانكشاف ولذلك كثر الجبال ويكون انحفار ما بينها بأسباب تقتضيه كالسيول والرياح كذا قيل وقد مر بعض الكلام فيه سابقا والحق أن الله تعالى خلقها بفضله وقدرته إما بغير أسباب ظاهرة أو بأسباب لا نعلمها وهذه الأسباب المذكورة ناقصة ولو كانت هذه أسبابها فلم لا يحدث من الأزمنة التي أحصى الحكماء تلك الجبال إلى تلك الأزمان جبل آخر إلا أن يقال لما كان في بدء خلق الأرض زلزلة ورجفة واضطراب عظيم في الأرض صارت أسبابا لحدوث تلك الجبال فلما حدثت استقرت الأرض وسكنت فلهذا لا يحدث بعدها مثلها كما دلت عليه الآيات والأخبار.

١٤٧

ثم اعلم أن منافع الجبال كثيرة منها كونها أوتادا للأرض كما مر ومنها أن انبعاث العيون والسحب المستلزمة للخيرات الكثيرة منها أكثر من غيرها بل لا تنفجر العيون إلا من أرض صلبة أو من جوار أرض صلبة كما قال في الشفاء إذا تتبعت الأودية المعروفة في العالم وجدتها كلها منبعثة من عيون جبلية ومنها تكون الجواهر المعدنية منها ومنها إنباتها النباتات الكثيرة والأشجار العظيمة ومنها المغارات الحادثة فيها فإنها مأوى الحيوانات بل بعض الناس ومنها كونها أسبابا لاهتداء الخلق في طرقهم وسبلهم ومنها اتخاذ الأحجار منها للأرحية والأبنية وغيرها إلى غير ذلك من المنافع الكثيرة التي تصل عقول الخلق إلى بعضها وتعجز عن أكثرها قال الصادق عليه‌السلام في خبر التوحيد الذي رواه عنه المفضل بن عمر انظر يا مفضل إلى هذه الجبال المركومة من الطين والحجارة التي يحسبها الغافلون فضلا لا حاجة إليها والمنافع فيها كثيرة فمن ذلك أن يسقط عليها الثلوج فتبقى في قلالها لمن يحتاج إليه ويذوب ما ذاب منه فتجري منه العيون الغزيرة التي تجتمع منها الأنهار العظام وتنبت فيها ضروب من النبات والعقاقير التي لا ينبت منها في السهل وتكون فيها كهوف ومقائل للوحوش من السباع العادية ويتخذ منها الحصون والقلاع المنيعة للتحرز من الأعداء وينحت منها الحجارة للبناء والأرحاء وتوجد فيها معادن لضروب من الجواهر وفيها خلال أخرى لا يعرفها إلا المقدر لها في سابق علمه.

بيان المقايل كأنه من القيلولة وفي بعض النسخ بالغين المعجمة من الغيل وهو الشجر الملتف وفي بعضها معاقل جمع معقل وهو الشجر الملتف (١).

الفائدة الرابعة قالوا في علة حدوث الزلزلة والرجفة إذا غلظ البخار وبعض الأدخنة والرياح في الأرض بحيث لا ينفذ في مجاريها لشدة استحصافها (٢) وتكاثفها اجتمع طالبا للخروج ولم يمكنه النفوذ فزلزلت الأرض وربما اشتدت الزلزلة

__________________

(١) كذا في جميع النسخ ، والظاهر أنه سهو القلم ، فان المعقل بمعنى الملجأ ومكان عقل الإبل والجبل المرتفع ، والمناسب للعبارة هو « معاقل » بمعنى الملاجئ.

(٢) أي استحكامها.

١٤٨

فخسفت الأرض فتخرج منه نار لشدة الحركة الموجبة لاشتعال البخار والدخان لا سيما إذا امتزجا امتزاجا مقربا إلى الدهنية وربما قويت المادة على شق الأرض فتحدث أصوات هائلة وربما حدثت الزلزلة من تساقط عوالي وهدأت في باطن الأرض فيتموج بها الهواء المحتقن فيتزلزل بها الأرض وقليلا ما تتزلزل بسقوط قلل الجبال عليها لبعض الأسباب وقد يوجد في بعض نواحي الأرض قوة كبريتية ينبعث منها دخان وفي الهواء رطوبة بخارية فيحصل من اختلاط دخان الكبريت بالأجزاء الرطبة الهوائية مزاج دهني وربما اشتعل بأشعة الكواكب وغيرها فيرى بالليل شعل مضيئة.

وقال شارح المقاصد قد يعرض لجزء من الأرض حركة بسبب ما يتحرك تحتها فيحرك ما فوقه ويسمى الزلزلة وذلك إذا تولد تحت الأرض بخار أو دخان أو ريح أو ما يناسب ذلك وكان وجه الأرض متكاثفا عديم المسام أو ضيقها جدا وحاول ذلك الخروج ولم يتمكن لكثافة الأرض تحرك في ذاته وحرك الأرض وربما شقتها لقوته وقد ينفصل منه نار محرقة وأصوات هائلة لشدة المحاكة والمصاكة وقد يسمع منها دوي لشدة الريح ولا يوجد الزلزلة في الأراضي الرخوة لسهولة خروج الأبخرة وقلما تكون في الصيف لقلة تكاثف وجه الأرض والبلاد التي تكثر فيها الزلزلة إذا حفرت فيها آبار كثيرة حتى كثرت مخالص الأبخرة قلت الزلزلة وقد يصير الكسوف سببا للزلزلة لفقد الحرارة الكائنة عن الشعاع دفعة وحصول البرد الحاقن للرياح في تجاويف الأرض بالتحصيف (١) بغتة ولا شك أن البرد الذي يعرض بغتة يفعل ما لا يفعل العارض بالتدريج قال ذلك وأمثاله نقلا عن الحكماء ثم قال ولعمري إن النصوص الواردة في استناد هذه الآثار إلى القادر المختار قاطعة وطرق الهدى إلى ذلك واضحة لكن « مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ » انتهى.

وقال بعض من يدعي اقتفاء آثار الأئمة الأبرار وعدم الخروج عن مدلول الآيات والأخبار ولما كانت الأبخرة والأدخنة المحتقنة في تجاويف الأرض بمنزلة عروقها وإنما تتحرك بقوى روحانية ورد في الحديث أن الله سبحانه إذا أراد أن

__________________

(١) بالتخسيف ( خ ).

١٤٩

يزلزل الأرض أمر الملك أن يحرك عروقها فيتحرك بأهلها وما أشبه ذلك من العبارات على اختلافها والعلم عند الله انتهى.

وأقول قد عرفت مرارا أن تأويل النصوص والآثار والآيات والأخبار بلا ضرورة عقلية أو معارضات نقلية جرأة على العزيز الجبار ولا نقول في جميع ذلك إلا ما ورد عنهم صلوات الله عليهم وما لم تصل إليه عقولنا نرد علم ذلك إليهم.

٣٣

(باب)

(تحريم أكل الطين وما يحل أكله منه)

١ ـ مجالس الصدوق ، عن الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن إسماعيل المنقري عن جده زياد بن أبي زياد عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام قال : من أكل الطين فإنه تقع الحكة في جسده ويورثه البواسير ويهيج عليه داء السوء ويذهب بالقوة من ساقيه وقدميه وما نقص من عمله في ما بينه وبين صحته قبل أن يأكله حوسب عليه وعذب به.

مجالس الشيخ ، عن أبيه عن الحسين بن عبيد الله الغضائري عن الصدوق إلى آخر السند مثله ـ

ثواب الأعمال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى (١) مثله ـ المحاسن ، عن علي بن الحكم مثله (٢).

٢ ـ الخصال ، بإسناده إلى أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام في وصايا النبي ص

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٢٣٧.

(٢) المحاسن : ٥٦٥.

١٥٠

إلى علي عليه‌السلام يا علي ثلاث (١) من الوسواس أكل الطين وتقليم الأظفار بالأسنان وأكل اللحية (٢).

٣ ـ ومنه ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن عبيد الله الدهقان عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : أربعة من الوسواس أكل الطين وفت الطين وتقليم الأظفار بالأسنان وأكل اللحية (٣).

بيان من الوسواس أي من وسوسة الشيطان أو من الشيطان المسمى بالوسواس كما قال تعالى « الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ » قال الجوهري الوسوسة حديث النفس يقال وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بكسر الواو والوسواس بالفتح الاسم والوسواس اسم الشيطان انتهى والحاصل أنها من الأعمال الشيطانية التي يولع بها الإنسان ويعسر عليها تركها.

٤ ـ العيون ، عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن ياسر قال : سأل بعض القواد أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن أكل الطين وقال إن بعض جواريه يأكلن الطين فغضب ثم قال أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير فانههن عن ذلك (٤).

٥ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن والده عن علي بن محمد بن حشيش عن محمد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن سعيد عن علي بن الحسن بن فضال عن جعفر بن إبراهيم بن ناجية عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الطين الذي يأكله الناس فقال كل طين حرام كالميتة والدم وما أهل لغير الله به ما خلا طين قبر الحسين عليه‌السلام فإنه شفاء من كل داء.

الخرائج ، عن ذي الفقار بن معبد الحسني عن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن ابن حشيش مثله.

__________________

(١) في المصدر : ثلاثة.

(٢) الخصال : ٦٠.

(٣) الخصال : ١٠٣.

(٤) العيون : ج ٢ ، ص ١٥.

١٥١

٦ ـ العلل ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله البرقي عن الحسن بن علي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق آدم من طين فحرم أكل الطين على ذريته (١).

المحاسن ، عن الحسن بن علي مثله (٢).

٧ ـ العلل ، عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن رجل قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام الطين حرام أكله (٣) كلحم الخنزير ومن أكله ثم مات فيه لم أصل عليه إلا طين القبر فمن أكله شهوة لم يكن فيه شفاء (٤).

بيان رواه الكليني في الكافي ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وابن قولويه في كامل الزيارة ، عن الكليني وجماعة من مشايخه بهذا الإسناد وفيهما حرام كله إلى قوله إلا طين القبر فإن فيه شفاء من كل داء ومن أكله بشهوة لم يكن له فيه شفاء (٥). وعدم صلاته عليه‌السلام عليه لا ينافي وجوب الصلاة عليه وأمره غيره بالصلاة عليه وهذا من التأديبات الشرعية لانزجار الناس عن مثلها فإن ذلك من أبلغ التعذيرات (٦).

٨ ـ العلل ، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن طلحة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من انهمك في أكل الطين فقد شرك في دم نفسه (٧).

المحاسن ، عن ابن محبوب مثله (٨) بيان قال الجوهري انهمك الرجل في الأمر أي جد ولج.

__________________

(١) العلل : ج ٢ ، ص ٢١٩.

(٢) المحاسن : ٥٦٥.

(٣) كله ( خ ).

(٤) العلل : ج ٢ ، ص ٢١٩.

(٥) الكافي : ج ٦ ، ص ٢٦٥.

(٦) في بعض النسخ « التقديرات » والظاهر « التحذيرات ».

(٧) العلل : ج ٢ ، ص ٢١٩.

(٨) المحاسن : ٥٦٥.

١٥٢

٩ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أكل طين الكوفة فقد أكل لحوم الناس لأن الكوفة كانت أجمة ثم كانت مقبرة ما حولها وقد قال أبو عبد الله عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أكل الطين فهو ملعون (١).

بيان يدل على عدم جواز أكل طين قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان هذا التعليل لشدة حرمة خصوص طين الكوفة وحواليها ويدل على أن طين قبر الحسين عليه‌السلام أيضا إذا كان من المواضع التي يظن خلط لحوم الناس وعظامهم به لا يجوز أكله وأكثر المواضع القريبة سوى ما اتصل بالضريح المقدس في تلك الأزمنة كذلك.

١٠ ـ العلل : عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن علي بن الحكم عن إسماعيل بن محمد بن أبي زياد عن جده زياد عن أبي جعفر عليه‌السلام إن من عمل الوسوسة وأكثر (٢) مصائد الشيطان أكل (٣) الطين إن أكل الطين يورث السقم في الجسد ويهيج الداء ومن أكل الطين فضعفت قوته التي كانت قبل أن يأكله وضعف عن عمله الذي كان يعمله قبل أن يأكله حوسب على ما بين ضعفه وقوته وعذب عليه (٤).

ثواب الأعمال : عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم مثله (٥) ـ

المحاسن : عن علي بن الحكم مثله (٦)

بيان في الكافي وغيره عن إسماعيل بن محمد عن جده زياد بن أبي زياد وفي

__________________

(١) العلل : ج ٢ ، ص ٢٢٠.

(٢) في المحاسن : أكبر.

(٣) في ثواب الأعمال : ان عمل الوسوسة وأكثر مصائد الشيطان من أكل الطين.

(٤) العلل : ج ٢ ، ص ٢٢٠.

(٥) ثواب الأعمال : ٢٣٧.

(٦) المحاسن : ٥٦٥.

١٥٣

الكافي أن التمني عمل الوسوسة وأكثر مكايد الشيطان (١) وكان ما في سائر النسخ أظهر وفي المحاسن أكبر بالباء الموحدة.

١١ ـ كامل الزيارة : عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن عبادة بن سليمان عن سعد بن سعد قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الطين قال فقال أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير إلا طين قبر الحسين عليه‌السلام فإن فيه شفاء من كل داء وأمنا من كل خوف (٢).

١٢ ـ ومنه : عن محمد بن أحمد بن يعقوب عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق آدم من الطين فحرم الطين على ولده قال فقلت ما تقول في طين قبر الحسين عليه‌السلام فقال يحرم على الناس أكل لحومهم ويحل لهم أكل لحومنا ولكن الشيء (٣) منه مثل الحمصة (٤).

١٣ ـ ومنه : روي عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كل طين محرم على ابن آدم ما خلا طين قبر أبي عبد الله عليه‌السلام من أكله من وجع شفاه الله (٥).

١٤ ـ المحاسن : عن عثمان بن عيسى عن طلحة بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أكل الطين يورث النفاق (٦).

١٥ ـ ومنه : عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه (٧).

١٦ ـ ومنه : عن ابن فضال عن ابن القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام قال : قيل لعلي عليه‌السلام في رجل يأكل الطين فنهاه وقال لا تأكله فإنك إن أكلته ومت فقد أعنت على نفسك (٨).

__________________

(١) الكافي : ج ٦ ، ص ٢٦٦ وفيه « مصائد الشيطان ».

(٢) كامل الزيارة : ٢٨٥.

(٣) في المصدر : الشيء اليسير منه.

(٤) كامل الزيارة : ٢٨٦.

(٥) كامل الزيارة : ٢٨٦.

(٦) المحاسن : ٥٦٥.

(٧) المحاسن : ٥٦٥.

(٨) المحاسن : ٥٦٥.

١٥٤

١٧ ـ ومنه ، عن محمد بن علي عن كلثم بنت مسلم قالت ذكر الطين عند أبي الحسن عليه‌السلام فقال أترين أنه ليس من مصائد الشيطان إنه من مصائده الكبار وأبوابه العظام (١).

١٨ ـ المكارم ، سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن طين الأرمني أيؤخذ للكسير والمبطون أيحل أخذه قال لا بأس به أما إنه من طين قبر ذي القرنين وطين قبر الحسين عليه‌السلام خير منه (٢).

المتهجد ، عن محمد بن جمهور العمي عن بعض أصحابه عنه عليه‌السلام مثله ـ دعوات الراوندي ، عنه عليه‌السلام مثله.

١٩ ـ وروى سدير عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : من أكل طين قبر الحسين عليه‌السلام غير مستشف به فكأنما أكل من لحومنا.

٢٠ ـ طب الأئمة ، عن بشر بن عبد الحميد الأنصاري عن الحسن بن علي الوشاء عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام أن رجلا شكا إليه الزحير فقال له خذ من الطين الأرمني واقله بنار لينة واستشف (٣) منه فإنه يسكن عنك.

٢١ ـ وعنه عليه‌السلام أنه قال في الزحير تأخذ جزءا من خربق أبيض وجزءا من بزر القطونا وجزءا من صمغ عربي وجزءا من الطين الأرمني يقلى بنار لينة يستشف (٤) منه.

٢٢ ـ كامل الزيارة ، عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن عبد الله الأصم عن ابن أبي عمير عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديثه أنه سئل عن طين الحائر هل فيه

__________________

(١) المحاسن : ٥٦٥.

(٢) مكارم الأخلاق : ١٩٠.

(٣) استفاف الدواء أخذه غير ملتوت ، وفي بعض النسخ « واستشف منه ».

(٤) في بعض النسخ « تستشف منه ».

١٥٥

شيء من الشفاء فقال يستشفى ما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال وكذلك قبر جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذلك طين قبر الحسن وعلي ومحمد فخذ منها فإنها شفاء من كل داء وسقم وجنة مما تخاف ولا يعدلها شيء من الأشياء الذي يستشفى بها إلا الدعاء وإنما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها وذكر الحديث إلى أن قال ولقد بلغني أن بعض من يأخذ من التربة شيئا يستخف بها حتى إن بعضهم يضعها (١) في مخلاة البغل والحمار وفي وعاء الطعام والخرج فكيف يستشفي به من هذا حاله عنده (٢).

بيان أقول قال الشيخ البهائي قدس الله روحه في الكشكول مما نقله جدي من خط السيد الجليل الطاهر ذي المناقب والمفاخر السيد رضي الدين علي بن طاوس قدس سره من الجزء الثاني من كتاب الزيارات لمحمد بن أحمد بن داود القمي أن أبا حمزة الثمالي قال للصادق عليه‌السلام إني رأيت أصحابنا يأخذون من طين قبر الحسين عليه‌السلام يستشفون فهل في ذلك شيء مما يقولون من الشفاء فقال يستشفى ما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال وكذلك قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذلك قبر الحسن وعلي ومحمد فخذ منها فإنها شفاء من كل سقم وجنة مما يخاف ثم أمر بتعظيمها وأخذها باليقين بالبرء وتختمها إذا أخذت ـ انتهى ـ.

وأقول هذا الخبر بهذين السندين يدل على جواز الاستشفاء بطين قبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسائر الأئمة عليهم‌السلام ولم يقل به أحد من الأصحاب ومخالف لسائر الأخبار عموما وخصوصا ويمكن حمله على الاستشفاء بغير الأكل كحملها والتمسح بها وأمثال ذلك والمراد بعلي إما أمير المؤمنين أو السجاد وبمحمد الباقر عليه‌السلام ويحتمل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله تأكيدا وإن كان بعيدا.

٢٣ ـ المتهجد : عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : من أكل طين قبر الحسين عليه‌السلام غير مستشف به فكأنما أكل من لحومنا الحديث.

__________________

(١) في المصدر : ليطرحها.

(٢) كامل الزيارة : ٢٨٠.

١٥٦

٢٤ ـ قال وروي أن رجلا سأل الصادق عليه‌السلام فقال : إني سمعتك تقول إن تربة الحسين عليه‌السلام من الأدوية المفردة وإنها لا تمر بداء إلا هضمته فقال قد قلت ذلك فما بالك قلت إني تناولتها فما انتفعت بها قال أما إن لها دعاء فمن تناولها ولم يدع به واستعملها لم يكد ينتفع بها قال فقال له ما يقول إذا تناولها قال تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينيك ولا تناول أكثر من حمصة فإن من تناول أكثر من ذلك فكأنما أكل من لحومنا ودمائنا فإذا تناولت فقل وذكر الدعاء.

٢٥ ـ العيون ، عن تميم بن عبد الله القرشي عن أبيه عن أحمد بن علي الأنصاري عن سليمان بن جعفر البصري عن عمرو بن واقد عن المسيب بن زهير عن موسى بن جعفر عليه‌السلام أنه أخبره بموته ودفنه وقال لا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتبركوا به فإن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه‌السلام فإن الله عز وجل جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا الخبر (١).

٢٦ ـ كامل الزيارة ، عن محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد عن الأصم عن مدلج عن محمد بن مسلم في حديث أنه كان مريضا فبعث إليه أبو عبد الله عليه‌السلام بشراب فشربه فكأنما نشط من عقال فدخل عليه فقال كيف وجدت الشراب فقال لقد كنت آيسا من نفسي شربته فأقبلت إليك فكأنما نشطت من عقال فقال يا محمد إن الشراب الذي شربته كان فيه من طين قبور (٢) آبائي وهو أفضل ما تستشفي به فلا تعدل به فإنا نسقيه صبياننا ونساءنا فنرى منه كل الخير (٣).

بيان يدل الخبر على جواز إدخال التربة في الأدوية التي يستشفى بها و

__________________

(١) العيون : ج ١ ، ص ١٠٤.

(٢) في المصدر : قبر الحسين عليه‌السلام.

(٣) كامل الزيارة : ٢٧٦.

١٥٧

الأحوط أن لا يكون الداخل فيما يشربه أكثر من الحمصة وإنما قلنا الأحوط في ذلك لأن في دخول التراب والطين في المأكولات مع استهلاكها فيها يشكل الحكم بالحرمة كما سنشير إليه.

٢٧ ـ معاني الأخبار ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن المعاذي عن معمر عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قلت له ما يروي الناس في الطين وكراهته قال إنما ذلك المبلول وذلك المدر (١).

٢٨ ـ وروي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أكل المدر. حدثني بذلك محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (٢).

بيان ظاهر الخبر الأول أن حرمة الطين مخصوصة بالطين المبلول دون المدر اليابس كما فهمه الصدوق ظاهرا وهذا مما لم يقل به صريحا أحد ويمكن أن يحمل على أن المعنى أن المحرم إنما هو المبلول والمدر لا غيرهما مما يستهلك في الدبس ويقع على الثمار وسائر المطعومات وعلى هذا فالحصر إما إضافي بالنسبة إلى ما ذكرنا أو المراد بالمدر ما يشمل التراب أيضا ويحتمل أن يكون إلزاما على المخالفين النافين للاستشفاء بتربة الحسين عليه‌السلام بأن ما استدللتم من الأخبار على تحريم الطين ظاهرها المبلول وإطلاقه على غيره مجاز فلا يمكنكم الاستدلال بها على تحريم التراب والمدر وعلى التقادير الكراهة محمولة على الحرمة وقال المحدث الأسترآبادي إنما المكروه ذاك الطين المتعارف بين الناس مبلوله ويابسه لا طين الحسين عليه‌السلام انتهى.

وأقول مع قطع النظر عن الشهرة بين الأصحاب بل إجماعهم على تعميم التحريم لم يبعد القول بتخصيصه بالمبلول إذ الظاهر أن الطين في اللغة حقيقة في المبلول وأكثر الأخبار إنما ورد بلفظ الطين وهذا الخبر ظاهره الاختصاص وقال الراغب في المفردات الطين التراب والماء المختلط به وقد يسمى بذلك وإن زال عنه قوة الماء انتهى لكن استثناء طين الحسين عليه‌السلام منه مما يؤيد التعميم فإنه معلوم

__________________

(١ و ٢) معاني الأخبار : ٢٦٣.

١٥٨

أنه ليس الاستشفاء بخصوص المبلول بل الغالب عدمه وعلى أي حال لا محيص عن العمل بما هو المشهور في ذلك.

قال المحقق الأردبيلي قدس‌سره الظاهر أنه لا خلاف في تحريم الطين وظاهر اللفظ عرفا ولغة أنه تراب مخلوط بالماء ويؤيده صحيحة معمر بن خلاد وذكر الخبر ثم قال وهذه تدل على أنه بعد اليبوسة أيضا حرام ولا يشترط بقاء الرطوبة ولكن لا بد أن يكون ممتزجا فلا يحرم غير ذلك للأصل والعمومات وحصر المحرمات والمشهور بين المتفقهة أنه يحرم التراب والأرض كلها حتى الرمل والأحجار قال في المسالك المراد به ما يشمل التراب والمدر لما فيه من الإضرار بالبدن والضرر مطلقا غير واضح ولعل وجه المشهور أنه إذا كان الطين حراما وليس فيه إلا الماء والتراب ومعلوم عدم تحريم الماء ولا معنى لتحريم شيء بسبب انضمام محلل فلو لم يكن التراب محرما لم يكن الطين كذلك وإنما التراب جزء الأرض فيكون كلها حراما وفيه تأمل واضح فتأمل ولا تترك الاحتياط انتهى.

وأقول الوجه الذي حمل الخبر عليه غير ما ذكرنا ومع احتمال تلك الوجوه بل أظهرية بعضها يشكل الاستدلال بهذا الوجه ثم الحكم بتحريم ما سوى الطين والتراب من أجزاء الأرض كالحجارة والياقوت والزبرجد وأنواع المعادن مما لا وجه له والآيات والأخبار دالة على أن الأصل في الأشياء الحل ولم يرد خبر بتحريم هذه الأشياء وقياسها على التراب باطل وأما المستثنى منه وهو حل طين قبر الحسين عليه‌السلام فالظاهر أنه لا خلاف في حله في الجملة وإنما الكلام في شرائطه وخصوصياته ولنشر إليها وإلى بعض الأحكام المستفادة من الأخبار :

الأول المكان الذي يؤخذ منه التربة ففي بعض الأخبار طين القبر وهي تدل ظاهرا على أنها التربة المأخوذة من المواضع القريبة مما جاور القبر وفي بعضها طين حائر الحسين عليه‌السلام فيدل على جواز أخذه من جميع الحائر وعدم دخول ما خرج منه وفي بعضها عشرون ذراعا مكسرة وهو أضيق وفي بعضها خمسة وعشرون ذراعا من كل جانب من جوانب القبر وفي بعضها تؤخذ طين قبر الحسين عليه‌السلام من

١٥٩

عند القبر على سبعين ذراعا وفي بعضها فيه شفاء وإن أخذ على رأس ميل وفي بعضها البركة من قبره عليه‌السلام على عشرة أميال وفي بعضها حرم الحسين عليه‌السلام فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر وفي بعضها حرمه عليه‌السلام خمس فراسخ في (١) أربع جوانبه وجمع الشيخ ره ومن تأخر عنه بينها بالحمل على اختلاف مراتب الفضل وتجويز الجميع وهو حسن والأحوط في الأكل أن لا يجاوز الميل بل السبعين وكلما كان أقرب كان أحوط وأفضل قال المحقق الأردبيلي طيب الله تربته وأما المستثنى فالمشهور أنه تربة الحسين عليه‌السلام فكل ما يصدق عليه التربة يكون مباحا ومستثنى وفي بعض الروايات طين قبر الحسين عليه‌السلام فالظاهر أن الذي يؤخذ من القبر الشريف حلال ولما كان الظاهر عدم إمكان ذلك دائما فيمكن دخول ما قرب منه وحواليه فيه أيضا ويؤيده ما ورد في بعض الأخبار طين الحائر وفي بعض على سبعين ذراعا وفي بعض على عشرة أميال انتهى.

الثاني شرائط الآخذ فقد ورد في بعض الأخبار شرائط كثيرة من الغسل والصلاة والدعاء ولوزن المخصوص كما سيأتي في كتاب المزار إن شاء الله تعالى ولما كان أكثر الأخبار الواردة في ذلك خالية عن ذكر هذه الشروط والآداب فالظاهر أنها من مكملات فضلها وتأثيرها ولا يشترط الحل بها كما هو المشهور بين الأصحاب قال المحقق الأردبيلي ره الأخبار في جواز أكلها للاستشفاء كثيرة والأصحاب مطبقون عليه وهل يشترط أخذه بالدعاء وقراءة « إِنَّا أَنْزَلْناهُ » ظاهر بعض الروايات في كتب المزار ذلك بل مع شرائط أخرى حتى ورد أنه قال شخص إني أكلت وما شفيت فقال عليه‌السلام له افعل كذا وكذا وورد أيضا أن له غسلا وصلاة خاصة والأخذ على وجه خاص وربطه وختمه بخاتم يكون نقشه كذا ويكون أخذه مقدارا خاصا ويحتمل أن يكون ذلك لزيادة الشفاء وسرعته وتبقيته لا مطلقا فيكون مطلقا جائزا كما هو المشهور وفي كتب الفقه مسطور.

الثالث ما يؤكل له ولا ريب في أنه يجوز للاستشفاء من مرض حاصل وإن

__________________

(١) من ( خ ).

١٦٠