بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

على كرامتهم أي تصير سببا لمزيد قدرهم ومنزلتهم عند ربهم وطهارة على طهارتهم أي موجبا لمزيد عصمتهم وتقدسهم وتنزههم وإن كانت العصمة عن الكبائر والصغائر لازمة لهم ويمكن أن يكون فائدة هذا الدعاء راجعة إلينا لا إليهم اللهم وإذا صليت في بعض النسخ إذ بدون الألف وعليهم مكان علينا فعلى الأول المعنى كل وقت صليت عليهم وبلغتهم صلواتنا عليهم فصل علينا وارحمنا بسبب أنك وفقتنا لذلك وصرنا سببا لهذه الرحمة وأيضا الجواد الكريم يشفع كل نعمة منه بأخرى ولا يكتفي بواحدة منها وعلى النسخة الأخرى المعنى لما صليت عليهم وبلغتهم وصلاتنا عليهم فصل عليهم تارة أخرى بسبب أنهم صاروا سببا لتوفيقك إيانا للصلاة عليهم وحسن القول فيهم وفي بعض النسخ إذ وعلينا وهو أظهر والجواد في أسمائه تعالى هو الذي لا يبخل بعطائه ويعطي كلا ما يستحقه والكريم فيها هو الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه أو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل والكريم أيضا الصفوح.

وأقول : إنما أوردت هذا الدعاء الشريف هنا وأعطيت في شرحه بعض البسط لكونه فذلكة لسائر الأخبار والآيات الواردة في أصنافهم ودرجاتهم ومراتبهم مع تواتره سندا ومتانته لفظا ومعنى.

وقال النيسابوري في تفسيره روي أن بني آدم عشر الجن والجن وبنو آدم عشر حيوانات البر وهؤلاء كلهم عشر الطيور وهؤلاء عشر حيوان البحر وكلهم عشر ملائكة الأرض الموكلين بها وكل هؤلاء عشر ملائكة سماء الدنيا وكل هؤلاء عشر ملائكة السماء الثانية وعلى هذا الترتيب إلى ملائكة السماء السابعة ثم الكل في مقابلة الكرسي نزر قليل ثم كل هؤلاء عشر ملائكة السرادق الواحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة ألف طول كل سرادق وعرضه وسمكه إذا قوبلت به السماوات والأرض وما فيها فإنها كلها يكون شيئا يسيرا وقدرا قليلا وما مقدار موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم لهم زجل بالتسبيح والتقديس ثم كل هؤلاء في مقابلة الملائكة الذين يحومون حول

٢٤١

العرش كالقطرة في البحر ولا يعرف عددهم إلا الله ثم مع هؤلاء ملائكة اللوح الذين هم أشياع إسرافيل والملائكة الذين هم جنود جبرائيل وهم كلهم سامعون مطيعون « لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ » و « لا يَسْأَمُونَ ».

فائدة : قال بليناس في كتاب علل الأشياء إن الخالق عز وجل لما ضرب الخلقة بعضها ببعض وطال مكثها خلق الأرواح المتفكرة القادرة فخلقهن من حرارة الريح ونور النار فمنهم خلق خلقوا من حر الريح الباردة ومنهم خلق خلقوا من نور النار الحارة ومنهم خلق خلقوا من حركة الماء البارد ومنهم خلق خلقوا من حركة الماء الحار ومنهم خلق خلقوا من الماء المالح فخلق الله الخلقة العلوية من هذه الثلاث طبائع وليس فيهم من طبيعة التراب شيء ومن خلق منهم في السفل فإنها خلقت من الطبائع الثلاث التي ذكرت مفردات غير مركبات إذ لو كانوا مركبين إذا لأدركهم الموت والافتراق. فهذه جميع أجناس المتفكرة من الملائكة والجن والشياطين وسكان الريح الباردة والبحر والأرض السود والبيض والكواكب العلوية تشرق بنورها عليهم فتتصل أنوارهم بنورها ولا يشغلون مكانا لأنهم نور ولا يأخذون مكان غيرهم فهم ملئوا الطبائع يدبرونها ويقبلون عليها وكل طبيعة من الطبائع فيها خلق عظيم من الروحانيين ولا يقع عليهم التفصيل والفناء لأنهم ليسوا مركبين وإنما هم من جوهر واحد فلذلك صاروا أكثر شيء عددا لا يسأمون ولا ينامون ولا يملون يعملون دائبين بالليل والنهار بما وكلوا به من حركة الفلك وإدخال بعضها في بعض وحركة الشمس والقمر والكواكب والأمطار والرياح والحر والبرد والإقبال والإدبار في النبات والحيوان والمعادن وأفاعيل الإنس والحيوان وكلهم يعمل دائبا بالأمر الذي وكل به وهم أجناس جنس منهم في الفلك الأعلى وهم قيام على أرجلهم لا يجلسون لأن طبيعتهم روحانية لطيفة فبلطافتهم لا يقدرون أن يجلسوا لأنها تجذبهم إلى العلو وكلهم يسبحون للذي خلقهم منذ يوم خلقهم لا يعملون ولا يتحركون يمينا ولا شمالا وليس لهم عمل غير التسبيح للرب لهم غلظ وشدة

٢٤٢

لحدة طبائعهم لأنهم خلقوا من حر النار. وعلى فلك المشتري خلق عظيم من الروحانيين كذلك وهم خلق معتدل ساكن لأنهم خلقوا من روح الماء ليس لهم قسوة وفظاظة يدبرون فلك المشتري ويقبلون ويتحركون مع حركته ويمجدون الذي خلقهم وفي فلك المريخ خلق عظيم من النورانيين وهم غلاظ شداد لأنهم خلقوا من نور النار اليابسة فلذلك لا رأفة لهم ولا رحمة يدبرون ويقبلون مع المريخ في دوران الفلك لم يملكوا غير ذلك لأنهم لا رحمة لهم ولذلك لم يوكلوا بشيء من أعمال الناس وفي فلك الشمس خلق من الكروبيين لهم قسوة وفظاظة لشدة طبائعهم لأنهم خلقوا من الريح والروح ولهم أناة ونور فهم موكلون بأعمال بني آدم على الحرث والنسل وهم الذين يحركون الشمس وبحركتها يخرج البخار والدخان فيرفعون ذلك البخار إلى القمر ثم إلى الشمس ثم يصدونه إلى الكواكب العالية فيكون لهم غذاء وهم على الثمار والزروع وولادة الحيوان وهم المسلطون على جميع الروحانيين من تحتهم يعملون بأمرهم وهم لطاف نورانيون يدورون مع فلك الشمس ويعملون معها ويعملون في إصلاح العالم وتوالد المواليد وهم الذين يحفظون شيعة الشيطان وولده عن فساد العالم وخرابه وحفظ الحيوان منهم وإنما سموا ملائكة لأنهم ملكوا زمام الشيطان لئلا يخربوا العالم. وفي فلك الزهرة أيضا خلق من الروحانيين لهم اعتدال وصلاح فهم أحسنهم وجوها ولهم ريح طيب وبشر حسن يحبون الإنس وجميع ما تحتهم من الحيوان حبا شديدا ولهم بهم رأفة ورحمة ورقة وهم الذين يسعون في تأليف الذكران والإناث من كل شيء لمكان النسل والولادة وبذلك وكلوا وفي فلك عطارد روحانيون خلقوا من حر الريح الحارة فاتصلوا بالروحانيين الذين خلقوا من النور وهم بين أيديهم مثل العبيد لا يغيبون عن أعينهم طرفة عين يسارعون في خدمة ملائكة فلك الشمس ويعملون بمسرتهم (١) فهم لهم شبيه الوزراء وهم الموكلون بالنبات وإصلاحه وحفظ النبت إذا طلع

__________________

(١) في بعض النسخ : بمسيرتهم.

٢٤٣

عن وجه الأرض حتى يتم بتمامه وهم أيضا موكلون بصغار الحيوان والحفظ لهم عن مردة الشياطين وإن القمر جرمه من الشمس وضوؤه من نورها وهما دائبان يعملان في الليل والنهار وفلك القمر مملو من الملائكة وهم ملائكة الرحمن مستبشر الوجوه لهم جمال وحسن صور وليس فيهم غضب ولا شدة ولا قسوة على ولد آدم لقربهم منهم وهم أشبه الروحانيين بالآدميين وهم متعطفون على الحيوان مصلحون للنبات دائبون في مسيرة بني آدم فلاتصالهم بهم ربما ظهروا لهم وكلموهم وهم مسلطون على السماء يحرسون السماء من شيطانك (١) وولده أن يسترقوا السمع من الملائكة الأعلى (٢) المتصلين بفلك الشمس وهم الموكلون أيضا بالحب المبذور في الأرض يحفظونه لئلا تعرض له الشياطين ليفسدونه فإن شيطانك (٣) وولده لهم قوة عظيمة في العالم والحرث والنسل وكلما لطفت خلقه من الروحانيين ورقت كان أكثر أجنحة ومنهم من له ستة أجنحة ومنهم من له خمسة أجنحة ومنهم من له أربعة أجنحة وكذلك إلى جناح واحد وأما المفكرة التي في الطبائع حين ظهرت لحقوا بالطبائع فهم مستجنون في الماء والتراب والريح لأنهم خلقوا من حر الماء المالح والريح العاصف والتراب المنتن وهم يسمون شيطائيل وولده وهم عصاة جفاة مفسدون في الأرض لهم خبث عظيم وقوة شديدة ومنظر قبيح ووجوه سمجة وأرواحهم قذرة وهم على الفساد والطغيان وفي خراب العالم والخلقة العليا مسلطة عليهم يمنعونهم من خراب العالم وفساده انتهى (٤).

__________________

(١) كذا.

(٢) كذا.

(٣) كذا.

(٤) هذا المخطط الذي ينسب رسمه إلى من يسمى « بليناس » وارتضاه المؤلف ـ ره مخطط رائع مزوق لكنه مبتن على فرضية الافلاك التسعة وفرضيات اخرى لم تتأيد بعقل ولا نقل بل كلاهما على خلافها والظاهر ان سبب ارتضاء المؤلف له ظهور كلامه في كون الملائكة جسمانيين وكون طوائف منهم موكلة بالكائنات الارضية ونحوها مما ورد في الروايات الشريفة لكن هذه التزيينات لا تكاد تشيد الاساس الضئيل المتزلزل كما لا يخفى.

٢٤٤

وأقول : إنما وردت ملخصا من كلامه لتعلم أن أكثر كلمات قدماء الحكماء الذين أخذوا العلوم من الأنبياء موافقة لما ورد في لسان الشرع وإنما أحدث المتأخرون منهم ما أحدثوا بآرائهم العليلة الفاسدة.

(٢٤)

(باب)

(آخر في وصف الملائكة المقربين)

الآيات :

الشعراء : « نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ » (١).

النجم : « عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى » (٢).

التكوير : « إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ » (٣).

تفسير : « نَزَلَ بِهِ » قال الطبرسي رحمه‌الله أي نزل الله بالقرآن « الرُّوحُ الْأَمِينُ » يعني جبرئيل عليه السلام وهو أمين الله عليه لا يغيره ولا يبدله وسماه روحا لأنه يحيي به الدين وقيل لأنه يحيي به الأرواح بما ينزل من البركات وقيل لأنه (٤) جسم روحاني « عَلى قَلْبِكَ » يا محمد وهذا على سبيل التوسع لأنه تعالى يسمعه جبرئيل فيحفظه فينزل به على الرسول فيقرئه عليه فيعيه ويحفظه

__________________

(١) الشعراء : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٢) النجم : ٥ ـ ٩.

(٣) التكوير : ١٩ ـ ٢٤.

(٤) في المصدر : لان جسمه روحانى.

٢٤٥

بقلبه فكأنه نزل به على قلبه وقيل معناه لقنك الله حق تلقينه (١) وثبته على قلبك وجعل قلبك وعاء له (٢).

وقال البيضاوي : القلب إن أراد به الروح فذاك وإن أراد به العضو فتخصيصه لأن المعاني الروحانية إنما تنزل أولا على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ثم تتصعد إلى الدماغ فينتقش بها لوح المتخيلة والروح الأمين جبرئيل فإنه أمين على وحيه « لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ » عما يؤدي إلى عذاب من فعل أو ترك (٣).

« عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى » قال الطبرسي رحمه‌الله يعني به جبرئيل عليه السلام أي القوي في نفسه وخلقه « ذُو مِرَّةٍ » أي ذو قوة وشدة في خلقه عن الكلبي وقال من قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود فرفعها إلى السماء ثم قلبها ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى أهلكوا (٤) وقيل معناه ذو صحة وخلق حسن عن ابن عباس وغيره وقيل شديد القوى في ذات الله « ذُو مِرَّةٍ » أي صحة في الجسم سليم من الآفات والعيوب وقيل « ذُو مِرَّةٍ » أي ذو مرور في الهواء ذاهبا وجائيا نازلا وصاعدا « فَاسْتَوى » جبرئيل على الصورة التي خلق عليها بعد انحداره إلى محمد صلى الله عليه واله « وَهُوَ » كناية عن جبرئيل أيضا « بِالْأُفُقِ الْأَعْلى » يعني أفق المشرق والمراد بالأعلى جانب المشرق وهو فوق جانب المغرب في صعيد الأرض لا في الهواء. قالوا إن جبرئيل عليه السلام كان يأتي النبي صلى الله عليه واله في صورة الآدميين فسأله رسول الله صلى الله عليه واله أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها فأراه نفسه مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء أما في الأرض ففي الأفق الأعلى وذلك أن محمدا صلى الله عليه واله كان بحراء فطلع له جبرئيل عليه السلام من المشرق فسد الأفق إلى المغرب فخر

__________________

(١) في المصدر : حتى تلقيته.

(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٠٤.

(٣) أنوار التنزيل : ج ٢ ، ص ١٨٨.

(٤) هلكوا ( خ ).

٢٤٦

النبي صلى الله عليه واله مغشيا عليه فنزل جبرئيل في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه وهو قوله « ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى » وتقديره ثم دنا أي قرب بعد بعده وعلوه في الأفق الأعلى فدنا من محمد صلى الله عليه وآله قال الحسن وقتادة ثم دنا جبرئيل بعد استوائه بالأفق الأعلى من الأرض فنزل إلى محمد صلى الله عليه واله وقال الزجاج معنى دنا وتدلى واحد لأن معنى دنا قرب وتدلى زاد في القرب وقيل إن المعنى استوى جبرئيل أي ارتفع وعلا إلى السماء بعد أن علم محمدا صلى الله عليه واله عن ابن مسيب وقيل استوى أي اعتدل واقفا في الهواء بعد أن كان ينزل بسرعة ليراه النبي صلى الله عليه وآله وقيل : معناه استوى جبرئيل عليه السلام ومحمد بالأفق الأعلى يعني السماء الدنيا ليلة المعراج « فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ » أي كان ما بين جبرئيل عليه السلام وبين رسول الله صلى الله عليه واله قاب قوسين والقوس ما يرمى به وخصت بالذكر على عادتهم يقال قاب قوس (١) وقاد قوس وقيل معناه كان قدر ذراعين كما روي عن النبي صلى الله عليه واله فمعنى القوس ما يقاس به والذراع يقاس به « أَوْ أَدْنى » قال الزجاج إن العباد قد خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم وقيل لهم في هذا ما يقال للذي يحزز (٢) فالمعنى فكان على ما تقدرونه أنتم قدر قوسين أو أقل من ذلك وقال عبد الله بن مسعود إن رسول الله صلى الله عليه واله رأى جبرئيل وله ستمائة جناح (٣). وقال في قوله تعالى « إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ » أي إن القرآن قول رسول كريم على ربه وهو جبرئيل عليه السلام وهو كلام الله أنزله على لسانه « ذِي قُوَّةٍ » أي فيما كلف وأمر به من العلم والعمل وتبليغ الرسالة وقيل ذي قدرة في نفسه ومن قوته قلع ديار قوم لوط بقوادم جناحه حتى بلغ بها السماء ثم قلبها « عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ » معناه متمكن عند الله صاحب العرش وخالقه رفيع المنزلة عظيم القدر عنده كما يقال فلان مكين عند السلطان والمكانة القرب « مُطاعٍ ثَمَ » أي في السماء تطيعه ملائكة السماء قالوا ومن طاعة الملائكة لجبرئيل عليه السلام أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج حتى فتح لمحمد صلى الله عليه واله أبوابها فدخلها ورأى ما فيها وأمر

__________________

(١) في المصدر : وقيدقوس وقادقوس.

(٢) في المصدر : يحدد.

(٣) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٧٣.

٢٤٧

خازن النار ففتح له عنها حتى نظر إليها « أَمِينٍ » أي على وحي الله ورسالته إلى أنبيائه وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه واله قال لجبرئيل ما أحسن ما أثنى عليك ربك « ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ » فما كانت قوتك وما كانت أمانتك فقال أما قوتي بعثت (١) إلى مدائن لوط فهي أربع مدائن وفي كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب ثم هويت بهن فقلبتهن وأما أمانتي فإني لم أومر بشيء فعدوته إلى غيره « وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ » أي رأى محمد صلى الله عليه واله جبرئيل على صورته التي خلقه الله تعالى عليها حيث تطلع الشمس وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق « وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ » قرأ أهل البصرة غير سهل وابن كثير والكسائي بالظاء والباقون بالضاد فعلى الأول المعنى أنه ليس على وحي الله تعالى وما يخبر به من الأخبار بمتهم فإن أحواله ناطقة بالصدق والأمانة وعلى الثاني أي ليس ببخيل فيما يؤدي عن الله إذ يعلمه كما علمه الله تعالى (٢).

١ ـ مجالس الصدوق : عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن عبد الله بن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله لما أسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له النور وهو قول الله عزوجل « خَلَقَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ » فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال له جبرئيل يا محمد اعبر على بركة الله فقد نور الله لك بصرك ومد لك أمامك فإن هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منه فأنفض أجنحتي فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها

__________________

(١) في المصدر : فانى بعثت إلى مدائن لوط وهى ...

(٢) مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ٤٤٦ ( بتغيير يسير في العبارة ).

٢٤٨

ملكا مقربا له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر.

٢ ـ تفسير علي بن إبراهيم : في خبر المعراج قال جبرئيل أقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل (١).

٣ ـ ومنه : عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه واله لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه ثبة كهيئة الحرير (٢) فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح فقلت أدنني منه يا جبرئيل لأكلمه فأدناني منه فقلت له يا ملك الموت أكل من هو مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه قال نعم قلت وتحضرهم بنفسك قال نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخره الله لي ومكنني منها إلا كدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء وما من دار في الدنيا إلا وأدخلها في كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم لا تبكوا عليه فإن لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد قال رسول الله صلى الله عليه واله كفى بالموت طامة يا جبرئيل فقال جبرئيل ما بعد الموت أطم وأعظم من الموت (٣).

٤ ـ ومنه : في قوله تعالى « لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى » قال رأى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد ملأ ما بين السماء والأرض (٤).

٥ ـ التوحيد : عن أبيه عن سعد عن القاسم بن محمد الأصفهاني عن سليمان المنقري عن حفص بن غياث أو غيره قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله

__________________

(١) تفسير القمي : ٣٧٣.

(٢) الحزين ( خ ).

(٣) تفسير القمي : ٥١١ و ٣٧٠.

(٤) تفسير القمي : ٦٥٤.

٢٤٩

عزوجل « لَقَدْ رَأى » الآية وذكر مثله (١).

٦ ـ معاني الأخبار : قال : جبرئيل معناه عبد الله وميكائيل معناه عبيد الله وكذلك معنى إسرافيل عبيد الله (٢).

٧ ـ الخصال : عن الحسين بن أحمد (٣) بن إدريس عن أبيه عن محمد بن أحمد عن أبي عبد الله الرازي عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول قال قال رسول الله صلى الله عليه واله إن الله تبارك وتعالى اختار من كل شيء أربعة اختار من الملائكة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت الخبر (٤).

٨ ـ تفسير علي بن إبراهيم : عن أبيه عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي عبد الله (٥) عليه السلام قال : كان بينا رسول الله جالسا وعنده جبرئيل عليه السلام إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء فانتقع لونه حتى صار كأنه كركم (٦) ثم لاذ برسول الله صلى الله عليه واله فنظر رسول الله إلى حيث جبرئيل فإذا شيء قد ملأ بين الخافقين مقبلا حتى كان كقاب من الأرض ثم قال يا محمد إني رسول الله إليك أخيرك أن تكون ملكا رسولا أحب إليك أو أن تكون عبدا رسولا فالتفت رسول الله صلى الله عليه واله إلى جبرئيل وقد رجع إليه لونه فقال جبرئيل بل كن عبدا رسولا فقال رسول الله بل أكون عبدا رسولا فرفع الملك رجله اليمنى فوضعها في كبد السماء الدنيا ثم رفع الأخرى فوضعها في الثانية ثم رفع اليمنى فوضعها في الثالثة ثم هكذا حتى انتهى إلى السماء السابعة بعد كل سماء خطوة وكلما ارتفع صغر حتى صار آخر ذلك مثل الصر فالتفت رسول الله

__________________

(١) التوحيد : ٦٩.

(٢) معاني الأخبار : ٤٩.

(٣) الحسين بن محمد بن إدريس ( خ ).

(٤) الخصال : ١٠٥.

(٥) ابى جعفر ( خ ).

(٦) الكركم ـ وزان برثن ـ : الزعفران والعلك.

٢٥٠

صلى الله عليه وآله إلى جبرئيل عليه السلام فقال قد رأيتك ذعرا وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك فقال يا نبي الله لا تلمني أتدري من هذا قال لا قال هذا إسرافيل حاجب الرب ولم ينزل (١) من مكانه منذ خلق الله السماوات والأرض ولما رأيته منحطا ظننت أنه جاء بقيام الساعة فكان الذي رأيت من تغير لوني لذلك فلما رأيت ما اصطفاك الله به رجع إلي لوني ونفسي أما رأيته كلما ارتفع صغر إنه ليس شيء يدنو من الرب إلا صغر لعظمته إن هذا حاجب الرب وأقرب خلق الله منه واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء فإذا تكلم الرب تبارك وتعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ثم ألقاه إلينا فنسعى به في السماوات والأرض إنه لأدنى خلق الرحمن منه وبيني وبينه تسعون (٢) حجابا من نور تقطع دونها الأبصار ما لا يعد ولا يوصف وإني لأقرب الخلق منه وبيني وبينه مسيرة ألف عام.

بيان : قال الجوهري حان له أن يفعل كذا يحين حينا أي آن وحان حينه أي قرب وقته وقال قال الكسائي امتقع لونه إذا تغير من حزن أو فزع (٣) قال وكذلك انتقع وابتقع وبالميم أجود وقال الكركم الزعفران وقال لاذ به لواذا ولياذا أي لجأ إليه وعاذ به وفي القاموس الصر طائر كالعصفور وأصغر يدنو من الرب أي من موضع مناجاته أو من عرشه سبحانه ما لا يعد ولا يوصف أي دونها وقبل الوصول إليها ما لا يعد ولا يوصف انقطع (٤) عندها الأبصار ولا تقدر على النظر إليها وفي بعض النسخ ما يعد بدون لا فيمكن أن يكون بدلا من تسعون حجابا وما موصولة أي يحيط به العدد دون الوصف والمراد بالحجب إما الحجب المعنوية كما مر أو المراد بينه وبين

__________________

(١) لم يهبط ( خ ).

(٢) سبعون ( خ ).

(٣) في الصحاح ، او فزع او ريبة.

(٤) تقطع ( خ ).

٢٥١

عرشه أو بين منتهى خلقه أو بين محل يصدر منه الوحي.

أقول : ورأيت بخط بعض المشايخ هذا الحديث منقولا من كتاب مدينة العلم للصدوق رحمه‌الله بحذف الإسناد عن جابر مثله.

٩ ـ ومنه : أيضا عن الصادق عليه السلام قال : إذا أمر الله ميكائيل بالهبوط إلى الدنيا فيما يأمره به صارت رجله في السماء السابعة والأخرى في الأرض السابعة.

١٠ ـ ومنه : عن الصادق عليه السلام قال : إن الله خلق حية قد أحدقت بالسماوات والأرض قد جمعت رأسها وذنبها تحت العرش فإذا رأت معاصي العباد أسفت واستأذنت أن تبلع السماوات والأرض.

١١ ـ القصص : بالإسناد المتقدم في باب العوالم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إن الله خلق الملائكة روحانيين لهم أجنحة يطيرون بها حيث يشاء الله فأسكنهم فيما بين أطباق السماوات يقدسونه الليل والنهار واصطفى منهم إسرافيل وميكائيل وجبرئيل.

١٢ ـ صحيفة الرضا : عنه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه واله لما أسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا قاعدا رجل له في المشرق ورجل له في المغرب وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه فقلت يا جبرئيل من هذا قال هذا ملك الموت (١).

١٣ ـ الخرائج : عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن الحسن بن علي عن جعفر بن بشير عن معتب غلام الصادق عليه السلام قال : كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بالعريض فجاء يمشي حتى دخل مسجدا كان يعبد الله فيه أبوه وهو يصلي في موضع من المسجد فلما انصرف قال يا معتب ترى هذا الموضع قلت نعم قال : بينما أبي عليه السلام قائم يصلي في هذا المكان إذ دخل شيخ يمشي حسن السمت فجلس فبينما هو جالس إذ جاء رجل آدم حسن الوجه والتمسه فقال للشيخ ما يجلسك ليس بهذا أمرت فقاما وانطلقا وتواريا عني فلم أر شيئا فقال يا بني

__________________

(١) صحيفة الرضا : ٢٩.

٢٥٢

هل رأيت الشيخ وصاحبه فقلت نعم فمن الشيخ وصاحبه قال الشيخ ملك الموت والذي جاء فأخرجه جبرئيل.

١٤ ـ ومنه : عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان بن عثمان عن زرارة قال قال أبو عبد الله عليه السلام بينما أنا في الدار مع جارية لي إذ أقبل رجل قاطب بوجهه فلما رأيته علمت أنه ملك الموت فاستقبله رجل آخر أطلق منه وجها وأطلق منه بشرا فقال له ليس بذا أمرت فبينما أنا أحدث الجارية إذ قبضت.

بيان : ليس بهذا أمرت أي بالتأخير أو بملاقاة غير المتوفى أو بالقطوب للإمام وفي الخبر السابق يحتمل الجلوس أو قبض الإمام عليه السلام مع الاحتمالين الأولين والله يعلم.

١٥ ـ المتهجد : في تعقيب صلاة أمير المؤمنين وباسمك المكتوب على جبهة إسرافيل وبقوة ذلك الاسم الذي ينفخ به إسرافيل في الصور وأسألك باسمك المكتوب على راحة رضوان خازن الجنان.

١٦ ـ الإختصاص : بإسناده عن ابن عباس قال عبد الله بن سلام للنبي صلى الله عليه واله فيما سأله من أخبرك قال النبي صلى الله عليه واله جبرئيل قال عمن قال قال عن ميكائيل قال عمن قال قال عن إسرافيل قال عمن قال قال عن اللوح المحفوظ قال عمن قال عن القلم قال عمن قال قال عن رب العالمين قال صدقت (١) فأخبرني عن جبرئيل في زي الإناث أم في زي الذكور قال في زي الذكور (٢) قال فأخبرني ما طعامه (٣) قال طعامه التسبيح وشرابه التهليل قال صدقت يا محمد فأخبرني ما طول جبرئيل قال إنه على قدر بين الملائكة ليس بالطويل العالي ولا بالقصير المتداني

__________________

(١) في المصدر : صدقت يا محمد.

(٢) في المصدر : فى زى الذكور ليس في زى الاناث.

(٣) في المصدر : وما شرابه؟.

٢٥٣

له ثمانون ذؤابة وقصة جعدة وهلال بين عينيه أغر أدعج محجل ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل له أربع وعشرون جناحا خضراء مشبكة بالدر والياقوت مختمة باللؤلؤ وعليه وشاح بطانته الرحمة وأزراره الكرامة ظهارته الوقار ريشه الزعفران واضح الجبين أقنى الأنف سائل الخدين مدور اللحيين حسن القامة لا يأكل ولا يشرب ولا يمل ولا يسهو قام (١) بوحي الله إلى يوم القيامة قال صدقت يا محمد ثم ساق الحديث إلى أن قال وما الثلاثة قال صلى الله عليه واله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وهم رؤساء الملائكة وهم على وحي رب العالمين (٢).

بيان : طعامه التسبيح أي يتقوون بالتسبيح والتهليل كما يتقوى الإنسان بالطعام والشراب ولا يبقى بدونهما والقصة بالضم شعر الناصية ذكره الجوهري وقال الغرة بالضم بياض في جبهة الفرس فوق الدرهم يقال فرس أغر والأغر الأبيض ورجل أغر أي شريف وقال الدعج شدة سواد العين مع سعتها والأدعج من الرجال الأسود وقال التحجيل بياض في قوائم الفرس أو في ثلاث منها أو في رجليه قل أو كثر بعد أن يجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين لأنها مواضع الأحجال وهي الخلاخيل والقيود يقال فرس محجل وقال الوشاح ينسج من أديم عريضا ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقها وكشحها انتهى والمراد بالوشاح إما المعنوي فالصفات ظاهرة أو الصوري فالمعنى أن بطانته علامة رحمة الله له أو للعباد وكذا الباقيتان والقنى احديداب في الأنف.

١٧ ـ الكافي : عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن حنان بن سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له أخبرني عن قول يعقوب لبنيه « اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ » (٣) أكان يعلم أنه حي وقد

__________________

(١) في المصدر : قائم.

(٢) الاختصاص : ٤٥.

(٣) يوسف : ٨٧.

٢٥٤

فارقه منذ عشرين سنة قال نعم قال قلت كيف علم قال إنه دعا في السحر وسأل الله أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه بريال وهو ملك الموت فقال له بريال ما حاجتك يا يعقوب قال له أخبرني عن الأرواح التي تقبضها مجتمعة أو متفرقة قال بل أقبضها متفرقة روحا روحا قال أخبرني فهل (١) مر بك روح يوسف فيما مر بك قال لا فعلم يعقوب أنه حي فعند ذلك قال لولده « اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ » (٢).

بيان : فتحسسوا التحسس طلب الإحساس أي تعرفوا منهما وتفحصوا عن حالهما تقبضها مجتمعة لعل السؤال عن الاجتماع والتفرق في الأخذ لأنه إذا قبضها مجتمعة يمكن أن يغفل عن خصوص كل واحد بخلاف ما إذا أخذ روحا روحا أو لأنه إذا قبضها مجتمعة يمكن أن تسلم إليه بعد مرور الأيام ليجتمع عدد كثير منها ولما يصل روح يوسف عليه السلام إليه بعد ذلك وهذا الملك إما عزرائيل يقبض الأرواح من أعوانه أو غيره ويقبض منه والأخير أظهر.

١٨ ـ الكافي : عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن ميسرة عن الحكم بن عيينة عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن في الجنة نهرا يغتمس فيه جبرئيل كل غداة ثم يخرج منه فينفض فيخلق الله عز وجل من كل قطرة منه تقطر ملكا (٣).

١٩ ـ ومنه : عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن الحسين أبي العلا الخفاف عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما انهزم الناس يوم أحد وساق الحديث الطويل إلى أن قال قال النبي صلى الله عليه واله يا رب وعدتني أن تظهر دينك وإن شئت لم يعيك فأقبل علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه واله فقال يا رسول الله أسمع دويا شديدا وأسمع أقدم حيزوم وما أهم أضرب أحدا إلا

__________________

(١) في المصدر : قال له فاخبرنى هل ...

(٢) روضة الكافي : ١٩٩.

(٣) روضة الكافي : ٢٧٢.

٢٥٥

سقط ميتا قبل أن أضرب فقال هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في الملائكة ثم جاءه جبرئيل فوقف إلى جنب رسول الله صلى الله عليه واله فقال يا محمد إن هذه هي المواساة فقال إن عليا مني وأنا منه فقال جبرئيل عليه السلام وأنا منكما ثم انهزم الناس وساق الحديث إلى قوله فأتبعهم جبرئيل عليه السلام فكلما سمعوا وقع حوافر فرسه جدوا في السير فكان يتلوهم فإذا ارتحلوا قال هو ذا عسكر محمد قد أقبل فدخل أبو سفيان مكة فأخبرهم الخبر وجاء الرعاة والحطابون فدخلوا مكة فقالوا رأينا عسكر محمد كلما رحل أبو سفيان ونزلوا يقدمهم فارس على فرس أشقر يطلب آثارهم فأقبل أهل مكة على أبي سفيان يوبخونه إلى آخر الخبر (١).

٢٠ ـ ومنه : عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبي يزيد الحمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل عليهم السلام فمروا بإبراهيم عليه السلام وهم معتمون فسلموا عليه فلم يعرفهم ورأى هيئة حسنة فقال لا يخدم هؤلاء أحدا إلا أنا بنفسي وكان صاحب أضياف فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قربه إليهم « فَلَمَّا » وضعه بين أيديهم و « رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً » فلما رأى ذلك جبرئيل حسر العمامة عن وجهه وعن رأسه فعرفه إبراهيم فقال أنت هو فقال نعم ومرت امرأته سارة فبشرها « بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ » فقالت ما قال الله فأجابوها بما في الكتاب العزيز فقال إبراهيم عليه السلام لهم فيما ذا جئتم قالوا له في إهلاك قوم لوط وساق الحديث إلى أن قال فأتوا لوطا وهو في زراعة له قرب المدينة فسلموا عليه وهم معتمون فلما رآهم رأى هيئة حسنة عليهم عمائم بيض وثياب بيض فقال لهم المنزل فقالوا نعم فتقدمهم ومشوا خلفه فندم على عرضه عليهم المنزل وقال أي شيء صنعت آتي بهم قومي وأنا أعرفهم فالتفت إليهم فقال إنكم تأتون شرارا من خلق الله وساق إلى قوله فلما رأتهم امرأته رأت هيئة

__________________

(١) روضة الكافي : ٣١٨.

٢٥٦

حسنة فصعدت فوق السطح وصفقت فلم يسمعوا فدخنت فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون إلى الباب (١) وساق إلى قوله فكاثروه حتى دخلوا البيت فأهوى جبرئيل نحوهم بإصبعه فذهبت أعينهم وساق إلى قوله ثم اقتلعها جبرئيل عليه السلام بجناحه من سبع أرضين ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة « حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ » (٢).

٢١ ـ ومنه : عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا أتاه بشراه بالخلة فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء ودهنا فدخل إبراهيم عليه السلام الدار فاستقبله خارجا من الدار وكان إبراهيم رجلا غيورا وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه ثم رجع ففتح فإذا هو برجل (٣) أحسن ما يكون من الرجال فأخذ بيده وقال يا عبد الله من أدخلك داري فقال ربها أدخلنيها فقال ربها أحق بها مني فمن أنت قال أنا ملك الموت ففزع إبراهيم وقال جئتني لتسلبني روحي قال لا ولكن اتخذ الله عبدا خليلا فجئت لبشارته فقال من هو لعلي أخدمه حتى أموت قال أنت هو فدخل على سارة فقال لها إن الله تبارك وتعالى اتخذني خليلا (٤).

٢٢ ـ الدر المنثور : عن عدة كتب عن ابن عباس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه واله ومعه جبرئيل يناجيه إذ انشق أفق السماء فأقبل جبرئيل يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ويدنو من الأرض فإذا ملك قد مثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويخيرك بين أن تكون نبيا

__________________

(١) أي يمشون إليه سريعا وفي اضطراب.

(٢) روضة الكافي : ٣٢٨.

(٣) في المصدر : برجل قائم أحسن.

(٤) روضة الكافي : ٣٩٢.

٢٥٧

ملكا وبين أن تكون نبيا عبدا قال رسول الله صلى الله عليه واله فأشار جبرئيل إلي بيده أن تواضع فعرفت أنه لي ناصح فقلت عبد نبي فعرج ذلك الملك إلى السماء فقلت يا جبرئيل قد كنت أردت أن أسألك عن هذا فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة فمن هذا يا جبرئيل قال هذا إسرافيل خلقه الله يوم خلقه بين يديه صافا قدميه لا يرفع طرفه بينه وبين الرب سبعون نورا ما منها نور يدنو منه أحد (١) إلا احترق بين يديه اللوح المحفوظ فإذا أذن الله في شيء في السماء أو في الأرض ارتفع ذلك اللوح فضرب جبهته فينظر فيه فإن كان من عملي أمرني به وإن كان من عمل ميكائيل أمره به وإن كان من عمل ملك الموت أمره به قلت يا جبرئيل على أي شيء أنت قال على الرياح والجنود قلت على أي شيء ميكائيل قال على النبات والقطر قلت على أي شيء ملك الموت قال على قبض الأنفس وما ظننت أنه هبط إلا لقيام الساعة وما ذاك الذي رأيت مني إلا خوفا من قيام الساعة (٢).

٢٣ ـ وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه واله أفضل الملائكة جبرئيل (٣).

٢٤ ـ وعن موسى بن أبي عائشة قال : بلغني أن جبرئيل إمام أهل السماء (٤).

٢٥ ـ وعن جابر بن عبد الله قال : إن جبرئيل موكل بحاجات العباد فإذا دعاه المؤمن قال يا جبرئيل احبس حاجة عبدي فإني أحبه وأحب صوته وإذا دعا الكافر قال يا جبرئيل اقبض حاجة عبدي فإني أبغضه وأبغض صوته (٥).

٢٦ ـ وعن شريح بن عبيد أن النبي صلى الله عليه واله لما صعد إلى السماء رأى جبرئيل في خلقته منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت قال فخيل إلي أن ما بين عينيه قد سد الأفق وكنت أراه قبل ذلك على صور مختلفة وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي وكنت أحيانا أراه كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال (٦).

__________________

(١) ليس في المصدر لفظة « احد ».

(٢) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩١ و ٩٢.

(٣) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩١ و ٩٢.

(٤) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩١ و ٩٢.

(٥) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩١ و ٩٢.

(٦) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩١ و ٩٢.

٢٥٨

٢٧ ـ وعن حذيفة لجبرئيل جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا أجلى الجبين (١) ورأسه محبك حبك مثل اللؤلؤ (٢) كأنه الثلج وقدماه إلى الخضرة (٣).

بيان : قال في النهاية رأسه محبك أي شعر رأسه متكثر من الجعودة مثل الماء الساكن والرمل إذا هبت عليهما الريح فيتجعدان ويصيران طرائق.

٢٨ ـ الدر المنثور : عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه واله قال : ما بين منكبي جبرئيل مسيرة خمسمائة عام للطائر السريع الطيران (٤).

٢٩ ـ وعن وهب أنه سئل عن خلق جبرئيل فذكر أن ما بين منكبيه من ذي إلى ذي خفق الطير سبعمائة عام (٥).

٣٠ ـ وعن ابن شهاب أن رسول الله سأل جبرئيل أن يتراءى له في صورته فقال جبرئيل إنك لن تطيق ذلك قال إني أحب أن تفعل فخرج رسول الله صلى الله عليه واله إلى المصلى في ليلة مقمرة فأتاه جبرئيل في صورته فغشي على رسول الله صلى الله عليه واله حين رآه ثم أفاق وجبرئيل مسنده وواضع إحدى يديه على صدره والأخرى بين كتفيه فقال رسول الله صلى الله عليه واله ما كنت أرى أن شيئا ممن يخلق هكذا فقال جبرئيل فكيف لو رأيت إسرافيل إن له لاثني عشر جناحا منها جناح في المشرق وجناح في المغرب وإن العرش على كاهله وإنه ليتضاءل الأحيان لعظمة الله حتى يصير مثل الوصع حتى ما يحمل عرشه إلا عظمته (٦).

بيان : قال في النهاية فيه إن العرش على منكب إسرافيل وإنه ليتواضع لله حتى يصير مثل الوصع يروى بفتح الصاد وسكونها وهو طائر أصغر من العصفور والجمع وصعان.

__________________

(١) في المصدر : الجبينين.

(٢) في المصدر : ورأسه حبك حبك مثل المرجان وهو اللؤلؤ.

(٣) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٢.

(٤) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٢.

(٥) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٢.

(٦) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٢.

٢٥٩

٣١ ـ الدر المنثور : عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه واله قال : إن في الجنة لنهرا ما يدخله جبرئيل من دخلة فيخرج فينتفض إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه ملكا (١).

٣٢ ـ قال : وروي أن جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه واله وهو يبكي فقال له ما يبكيك قال ما لي لا أبكي فو الله ما جفت لي عين منذ خلق الله النار مخافة أن أعصيه فيقذفني فيها وقال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار (٢).

٣٣ ـ وعن عكرمة قال : سأل رسول الله صلى الله عليه واله جبرئيل عن أكرم الخلق على الله فعرج ثم هبط فقال أكرم الخلق على الله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فأما جبرئيل فصاحب الحرب وصاحب المرسلين وأما ميكائيل فصاحب كل قطرة تسقط وكل ورقة تنبت وكل ورقة تسقط وأما ملك الموت فهو موكل بقبض روح كل عبد في بر أو بحر وأما إسرافيل فأمين الله بينه وبينهم (٣).

٣٤ ـ وعن ابن عباس أن جبرئيل وقف على رسول الله صلى الله عليه واله وعليه عصابة خضراء قد علاها الغبار فقال رسول الله صلى الله عليه واله ما هذا الغبار الذي أرى على عصابتك قال إني زرت البيت فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى مما تثير بأجنحتها (٤).

٣٥ ـ وعن ابن عباس قال : جلس رسول الله صلى الله عليه واله مجلسا فأتاه جبرئيل فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله واضعا كفيه على ركبتي رسول الله صلى الله عليه واله فقال يا رسول الله حدثني عن الإسلام قال الإسلام أن تسلم وجهك لله عز وجل وأن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله قال فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت فقال يا رسول الله حدثني عن الإيمان قال الإيمان أن تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين والموت والحياة بعد الموت وتؤمن بالجنة والنار والحساب والميزان وتؤمن بالقدر كله خيره وشره قال فإذا فعلت ذلك فقد آمنت قال يا رسول الله حدثني ما الإحسان قال الإحسان أن تعمل

__________________

(١) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٣.

(٢) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٣.

(٣) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٣.

(٤) الدر المنثور : ج ١ ، ص ٩٣.

٢٦٠