فقه الحضارة في ضوء فتاوى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

الدكتور محمد حسين علي الصّغير

فقه الحضارة في ضوء فتاوى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

المؤلف:

الدكتور محمد حسين علي الصّغير


الموضوع : الفقه
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٥

الحضور فحرمته تبتني على الاحتياط اللزومي . ولا بأس به لغرض النهي عن المنكر إذا كان ممكناً.

٩ ـ هل يجوز للمسلم أن يعمل في محلات البقالة التي يباع الخمر في زاوية منها ، وعمله فقط استلام النقود؟

* يجوز له تسلم ثمن غير الخمر ، وكذا ثمن الخمر إذا كان المتبايعان من غير المسلمين (١).

__________________

(١) المستحدثات من المسائل الشرعية | ٢٣ ـ ٢٥.

١٦١

(٣)

المعلّبات والمنتجاب في الدول الأوروبية

تزخر الأسواق في البلاد الإسلامية بجملة من معلبات اللحوم والأسماك والأجبان ، قد يكتب على بعضها بالنسبة للحوم عبارة ( مذبوح على الطريقة الإسلامية ) ولكنها مستوردة من الدول غير الإسلامية ، وقد تذبح الشركات المتعاقدة مع المسلمين كميات من الدجاج بالأجهزة الحديثة إلا أن المباشر لذلك مسلم يكبّرعند الذبح ، وقد نجد الأجبان المصنوعة في بلد أوروبي وهي تشتمل على أنفحة الحيوانات التي لا نعلم طريقة ذبحها ، وقد تتوافر الأسماك من خلال صيد السفن الكبيرة المعدّة لذلك الأمر ، وقد نبصر الجلاتين والصابون ، والأول يشتمل على مادة عظمية ، وقد نبصر الجلاتين والصابون ، والأول يشتمل على مادة عظيمة ، وقد يشتمل الثاني على شحوم الخنزير ، كل هذه الإشكالات في إيرادها يجيب عنها سماحة سيدنا المفدّى بما يقطع الشك ، وفي هذا المجال ، فإننا نورد أسئلة المقام ، ومن ثم الإجابة عليها.

١ ـ تكتب عبارة ( مذبوح على الطريقة الإسلامية ) على لحوم منتجة في دول إسلامية من قبل شركات غير إسلامية ، فهل يجوز تناولها؟ وهل يجوز تناولها إذا كان منشأ هذه اللحوم شركة

١٦٢

إسلامية في دولة غير إسلامية؟ ثم ما هو الحال لو كان المنشأ شركة أجنبية في دولة أجنبية؟

* لا اعتبار بالكتابة ، فإن كان المنتج لها مسلماً أو انتجت في بلد يغلب فيه المسلمون ، ولم يعلم أن المنتج لها من غير المسلمين جاز تناولها. وأما إذا كان المنتج غير مسلم ، أو أنتجت في بلد ليست غالبيته من المسلمين ، ولم يعلم كون المنتج مسلماً ، فلا يجوز تناولها.

٢ ـ ندخل بعض الأسواق الكبيرة بأوروبا ، فنجد لحوماً معلبة منتجة من قبل شركة أوروبية مكتوب على العلبة عبارة ( حلال ) أو ( مذبوحة على الطريقة الإسلامية ) فهل يجوز شراؤها وأكلها؟

* لا أثر للكتابة إذا لم توجب الاطمئنان.

٣ ـ تذبح الشركات كميات كبيرة من الدجاج مرة واحدة ، فإذا كان مشغل الجهاز مسلماً يكبر ويذكر اسم الله عند الذبح مرة واحدة للجميع ، فهل يحلّ أكلها؟ وإذا شككنا في حلية أكلها ، فهل نستطيع أكلها ونعتبرها طاهرة؟

* إذا كان يكرر التسمية ما دام الجهاز مشتغلاً بالذبح كفى ، ومع الشك في الحلية من جهة الشك في وقوع التسمية تعتبر طاهرة ويحلّ أكلها.

٤ ـ ترمي سفن الصيد الكبيرة شباكها فتخرج أطناناً من السمك وتطرح صيدها في الأسواق ، وقد بات معروفاً أن طريقة الصيد الحديثة تقوم على أساس إخراج السمك من الماء حيّاً ، بل

١٦٣

ربما ترمي الشركات السمك الذي يموت في الماء خوفاً من التلوث : فهل يحق لنا الشراء من المحلات التي تبيع فيها غير المسلمين هذا السمك؟ وهل يحق لنا الشراء من المحلات التي يبيع فيها المسلمون غير الملتفتين للحكم الشرعي هذا السمك ، علماً بأن إحراز أن هذه السمكة التي أمامي قد أخرجت حيّة من الماء ، أو تحصيل شاهد مطلّع ثقة يقول بذلك ، أمرٌ صعبٌ جداً ، بل هو غير عملي ولا واقعي.

فهل هناك من حلّ لمشكلة المسلمين المتثبتين الذي يعانون صعوبة في إحراز تذكية لحوم الدجاج والبقر والغنم فيهرعون إلى السمك؟

* لا بأس بشرائها من مسلم أو غير مسلم ، كما لا بأس بأكلها إذا وثق بأن صيدها يتم على النهج المذكور ، وأحرز أيضاً كونها من ذوات الفلس (١).

والآن نلقي ضوءً على مسألة المعلبات وما بحكمها :

١ ـ هناك بعض أنواع الصابون المستورد ، يستعمل في جزء من تركيباته شحوم خنزير ولكن في النهاية لا يبقى فيه سوى خمسة في المائة ، فهل في هذه الحالة يجري عليه حكم الاستحالة ، ويحكم بطهارته أم يبقى على نجاسته؟

* يبقى على نجاسته ، والله العالم.

٢ ـ الأجبان المستوردة من الدول غير الإسلامية إن علم

__________________

(١) فقه المغتربين |١٤٧ وما بعدها.

١٦٤

باشتمالها على أنفحة العجل أو الجدي هل يجوز أكلها؟

* يجوز أكلها إذا لم تكن الأنفحة لحيوان غير مذكى حيث يجب غسل ظاهر الأنفحة فإن شك فيه حكم بنجاسته ، وينجس به الجبن.

٣ ـ تصنع مادة الجلاتين وتدخل في العديد من المشروبات والمأكولات في الغرب ، فهل يجوز لنا تناولها ، ونحن لا نعلم ما إذا كانت مستخلصة من النبات أو الحيوان ، وإذا كانت من الحيوان ، فهل هي مستخلصة من عظامه أو مما يحيط بالعظام من الأنسجة ، ثم لا ندري هل إن ذلك الحيوان محلّل الأكل أو محرّمه؟

* يجوز تناولها فيما لو شك في كونها مستخلصة من الحيوان أو من النبات (١). والجيلاتين الحيواني إن لم يحرز نجاسة أصله ـ كما لو احتمل كونه مأخوذاً من المذكى ـ حكم بطهارته ولكن لا يضاف منه إلى الأطعمة إلاّ بمقدار مستهلك فيها عرفاً ـ ما لم يحرز كونه مأخوذاً من المذكى المحلل لحمه ، أو يُحرز استحالته ـ بلا فرق في ذلك بين كونه مأخوذاً مما تحلّه الحياة كالغضروف وغيره كالعظام على الأحوط في الأخير.

وأما إذا أُحرز نجاسة أصله ( كما لو علم كونه مأخوذاً من نجس العين ، أو من غضاريف غير المذكى ، أو من عظامه قبل تطهيرها ، فإنها تكون متنجسة بملاقاة الميتة بالرطوبة ) فالحكم

__________________

(١) فقه المغتربين |١٤٩.

١٦٥

بطهارته وجواز استعماله في الأطعمة منوط باحراز استحالته ، وهذا مما يرجع فيه إلى العرف ، وقد تقدم بيان ضابطه.

٤ ـ إن بعض غذاء الدواجن يخلط فيه ٣٠% من عظام الخنزي مما يرفع وزن الدجاجة خلال أربعين يوماً إلى زنة كيلوين ، فما الحكم في هذا ، وهل فيه إشكال؟

* لا يمنع ذلك من حلية أكل لحمه وطهارته بالتذكية ، لكن الأولى تجنيب الحيوان من هذا الغذاء ، والله العالم.

٥ ـ يلزم صانعو الأغذية والمعلبات والحلويات بذكر محتويات البضاعة التي تباع للمستهلك ، وبما أن الأغذية معرضة للفساد فإنهم يضيفون إليها ( مواداً حافظة ) قد يكون أصلها حيوانياً ويرمزون لها بحرف E مقترناً بأعداد مثل E٤٥٠ وهكذا.

فما هو الحكم في الحالات الآتية :

أ ـ لا يعلم المكلّف حقيقة هذه المكونات.

ب ـ شاهد المكلّف قائمة صادرة ممن لا يعرفون شيئاً عن الاستحالة تقول بأن أرقاماً معينة يذكرونها محرّمة لأنها من أصل حيواني.

ج ـ التحقيق في جملة منها ، والتأكد من أنها لم تبق على حالها بل تبدلت صورتها النوعية واستحالت إلى مادة أخرى.

* أ ـ تحل له المأكولات المشتملة عليها.

ب ـ إذا لم يحرز كونها من أصل حيواني ـ وإن ادعي ـ

١٦٦

جاز أكلها ، وكذا إذا أحرز ذلك ولكن لم يحرز كونها من الميتة النجسة وكان ما يضاف منها إلى الأطعمة بمقدار مستهلك فيها عرفا.

ج ـ لا إشكال في الطهارة والحلية مع صدق الاستحالة بتغير الصورة النوعية وعدم بقاء شيء من مقومات الحقيقة السابقة (١).

ومما يلحق بهذا الباب القول بطهارة الجلود المأخوذة من غير المسلم ، وجواز بيع اللحوم والشحوم والجلود المستوردة من البلاد غير الإسلامية ، وإليك نص فتوى سماحة السيد طال عمره الشريف :

* يجوز بيع الجلود واللحوم والشحوم المستوردة من البلاد غير الإسلامية ، والمأخوذة من يد الكافر ، وكذا يحكم بطهارتها وجواز الصلاة فيها فيما إذا احتمل احتمالاً معتداً به أن تكون من الحيوان المذكى ، ولكن يحرم أكلها ما لم يعلم ذلك ، إلا إذا كان مصنوعاً في أرض الإسلام أو مسبوقاً بسوق المسلمين ، أو بيد المسلم بالشرط المتقدم ، وهكذا الحال فيما أخذه من يد المسلم إذا علم أنه قد أخذه من يد الكافر من غير استعلام عن تذكيته (٢).

__________________

(١) فقه المغتربين | ١٥٣ وما بعدها.

(٢) السيد السيستاني | المسائل المنتخبة ٢٥٨.

١٦٧

(٤)

فتاوى حضارية في الأغذية والأشربة

هناك مسائل متفرقة تلحق بهذا الفصل بل هي من صميمه على وجه ، وقد أفتى بها سماحة السيد دام ظله الشريف.

١ ـ يدخل الكحول في تركيب كثير من العقاقير والأدوية ، فهل يجوز شربها؟ وهل هي طاهرة؟

* هي طاهرة ، وحيث أن الكحول المستخدم فيها بمقدار مستهلك فإنه يجوز شربها أيضاً.

٢ ـ هل يحل شرب البيرة المكتوب عليها عبارة : خالية من الكحول؟

* لا يحل إذا كان المراد بالبيرة الفقاع الموجب للنشوة ، وهي السكر الخفيف ، وأما إذا كان المراد بها ماء الشعير الذي لا يوجب النشوة ، فلا بأس به.

٣ ـ الخل المصنوع من الخمر ، بمعنى أنه كان خمراً وحوّلوه خلاً في المعمل ، ولذلك يكتبون على الزجاجة ( خل النبيذ ) تميزاً له من خل الشعير والأنواع الأخرى ، ومن علائم

١٦٨

ذلك أن زجاجات هذا الخل موضوعة في الرفوف الخاصة للخل ، ولم يحدث مطلقاً أن يوضع ضمن الرفوف الخاصة بالخمر كما جرّب مراراً ، ولم يلحظ أيّ فرق بينه وبين الخل المصنوع من الثمر في العراق . فهل يحكم على هذا الخمر المتبدل إلى خلّ أنه خلٌّ تبعاً لقاعدة الانقلاب؟

* مع صدق الخل عليه عرفاً ـ كما هو مفروض السؤال ـ يجري عليه حكمه.

٤ ـ هل يجوز استعمال دهن الحوت ، والأسماك غير الجائزة الأكل ، والقواقع في الأكل ، وفي الاستعمالات الأخرى؟

* لا يجوز أكلها ، ويجوز غيره من الاستعمالات ، والله العالم.

٥ ـ هل يحل أكل سرطان البحر ، وأم الروبيان ، والقواقع البحرية؟

* لا يحل من حيوان البحر إلا السمك الذي له فلس ، ومنه ما يسمى بـ ( الروبيان ) وأما غير السمك ـ كالسرطان ـ وكذا السمك الذي لا فلس له ، فلا يجوز أكله ، والله العالم (١).

٦ ـ بيض السمك تتبع السمك ، فبيض المحلل حلال وإن كان أملس ، وبيض المحرم حرام وإن كان خشناً ، وإذا أشتبه أنه من المحلل أو المحرّم فلا بد من الاجتناب عنه.

__________________

(١) فتاوى خطية مصورة بحوزة المؤلف ، وانظر : فقه المغتربين ١٥٢ وما بعدها.

١٦٩

٧ ـ تحرم الحشرات ويقصد بها الدواب الصغار التي تسكن باطن الأرض كالضب والفأر واليربوع والقنفذ والحية ونحوها ، كما يحرم القمل والبرغوت والجعل ودودة القز بل مطلق الديدان (١).

٨ ـ إذا اشتبه اللحم فلم يعلم أنه مذكى أم لا ، ولم تكن عليه إحدى أمارات التذكية كيد المسلم ، وسوق المسلمين ، والصنع في بلاد الإسلام ، لم يحلّ أكله ، وأما لو اشتبه اللحم المحرز تذكيته ـ ولو بإحدى إماراتها ـ فلم يعلم أنه من النوع الحلال أو الحرام حكم بحله (٢).

لا يجوز بيع لحم الخنزير ولو على مستحليه ، من دون فرق بين المباشرة والتسبب.

وأما تقديم لحم الخنزير لمستحلية ففيه إشكال ، ويجب الاحتياط بتركه (٣).

وهناك حقيقة قائمة أجاب عنها سماحة السيد دام ظله العالي يتضمنها السؤال الجريء الآتي :

تمتلىء الحانات بروادها من الكفار في بعض الليالي ، حتى إذا أثقلهم الشراب خرجوا يبحثون عن مطاعم يأكلون فيها ، فهل يجوز لمسلم أن يستغل تلك الحاجة ، فيفتح مطعماً يقدم فيه الأكل

__________________

(١) السيد السيستاني | منهاج الصالحين ٣|٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٢) السيد السيستاني | منهاج الصالحين ٣|٢٩٩.

(٣) فتوى خطية مصوّرة بحوزة المؤلف.

١٧٠

الحلال للسكارى وغيرهم؟ وهل في ذلك إثم إذا كان الطعام المحلل هذا يعينهم على تخفيف أثر الشراب عليهم أو ما شاكل ذلك.

* لا مانع من ذلك في حدّ ذاته (١).

__________________

(١) فقه المغتربين |١٨٩.

١٧١

الفصل السادس

مظاهر الحياة العامة والعلاقات المحرمة

والجائزة

١ ـ علاقة المسلم بسواه من غير المسلمين

٢ ـ الاختلاط المزدوج في المدارس والمسابح والحفلات

٣ ـ الإحساس الجنسي ودرجات التلذذ الشهوي

٤ ـ ما لا يجوز للمرأة وما يجوز

٥ ـ مشاهد المجون والرقص والموسيقى والغناء والقمار

١٧٢
١٧٣

(١)

علاقة المسلم بسواه من غير المسلمين

الإسلام دين الاجتماع والتآلف والحب المتبادل ، والمسلم الملتزم هو الذي يطبق على نفسه وعائلته الظواهر الإنسانية التي يدعو إليها الدين الحنيف ، ومع اتساع خطوط الاتصال في شرق الدنيا وغربها ، تتلاحم القوى البشرية فيما بينها صلة ومعروفاً وإنسانية ، ولمّا كان الإسلام دين المودّة الخالصة والحب المتبادل ، وشريعته شريعة اليسر والسماح ، فما على المسلم من بأس أن يتخذ له أصدقاء وأحباء من غير المسلمين ، لا أولياء بالمعنى الشرعي المحدد ، فالصداقة شيء ، والموالاة شيء آخر ، وإباحة الصداقة لا تعني إباحة الموالاة ، وفي هذا الضوء فلا مانع من الاتصال المباشر وغير المباشر مع غير المسلمين ، إذا كانوا لا يعادون الإسلام ، وإنما هم من سائر الناس في الشعور والتفكير والمعاناة ، يحترمون شعائر الآخرين ، ولا يكيدون للإسلام والمسلمين ، وفي هذا المضمار قد تستحسن مجاملتهم بل والإحسان إليهم تحبيباً للإسلام من نفوسهم ، واحتفاءً بالمسلمين في شمائلهم ومشاعرهم ، وقد دأب سماحة سيدنا المفدى دام ظله

١٧٤

الشريف على استيعاب أكبر عدد متعاطف مع المسلمين من كل الجنسيات والديانات فذهب إلى طهارة الكتابيين من اليهود والنصارى ، ولكنه لم يترك الاحتياط الاستحبابي في الموضوع ، وكان سيدنا الإمام الحكيم قدس‌سره العظيم قد أفتى من ذي قبل بطهارتهم خلافاً للمشهور ، أما سيدنا السيستاني فقد أفتى : « وأما الكتابي : فالمشهور نجاسته ، ولكن لا يبعد الحكم بطهارته ، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه » (١). وقد حاول سيدنا المفدى أن تكون العلاقات العامة بين المسلمين وسواهم قائمة على أساس التفاهم والودّ البريء ، فسيّر بذلك الفتاوى الآتية ضمن الإجابة عن الأسئلة الموجهة لسماحته :

١ ـ هل يجوز تبادل الودّ والمحبة مع غير المسلم ، إذا كان جاراً ، أو شريكاً في عمل ، أو ما شابه ذلك؟

* إذا لم يظهر المعاداة للإسلام والمسلمين بقول أو فعل ، فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الودّ والمحبّة من البرّ والإحسان إليه ، قال تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ).

٢ ـ هل يجوز السير في موكب جنازة غير مسلم لتشييعه ، إذا كان جاراً مثلاً؟

* إذا لم يكن هو ، ولا أصحاب الجنازة ، معروفين

__________________

(١) السيستاني | المسائل المنتخبة |٨٢.

١٧٥

بمعاداتهم للإسلام والمسلمين ، فلا بأس بالمشاركة في تشييعه ، ولكن الأفضل المشي خلف الجنازة ، لا أمامها.

٣ ـ هل يجوز دخول أصحاب الديانات السابقة من الكتابيين ، ودخول الكفّار من غيرهم ، المساجد ودور العبادة الإسلامية؟ وهل يجب علينا إلزام غير المحجبات بارتداء الحجاب ، ثم الدخول إذا كان دخولهن جائزاً؟

* لا يجوز على الأحوط دخولهم في المساجد ، وأمّا دخولهم في دور العبادة وغيرها ، فلا بأس به ، وتلزم النساء بالتحجب ، إذا لزم من تركه الهتك.

٤ ـ هل يجوز التصدّق على الكفّار الفقراء كتابين كانوا أو غير كتابيين؟ وهل يثاب المتصدّق على فعله هذا؟

* لا بأس بالتصدق على من لا ينصب العداوة للحق وأهله ، ويثاب المتصدّق على فعله ذلك.

٥ ـ هل يجوز إزعاج الجار اليهودي ، أو الجار المسيحي ، أو الجار الذي لا يؤمن بدينٍ أصلاً؟

* لا يجوز إزعاجه من دون مبرّر.

٦ ـ هل يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إذا كان المأمور ليس موالياً لأهل البيت : أو كان من الكتابيين الذين يحتمل التأثير فيهم مع الأمن من الضرر؟

* نعم يجبان مع توفر بقية الشروط في وجوبهما ، ومنها أن لا يكون الفاعل معذوراً في ارتكاب المنكر أو ترك المعروف ،

١٧٦

ومن غير المعذور الجاهل المقصّر ، فيرشد إلى الحكم أولاً ، ثم يؤمر أو ينهى إن أراد مخالفته.

هذا ولو كان المنكر مما أحرز أن الشارع لا يرضى بوقوعه مطلقاً ، كالإفساد في الأرض ، وقتل النفس المحترمة ، ونحو ذلك فلا بد من الردع عنه ، ولو كان الفاعل جاهلاً قاصراً (١).

٧ ـ هل يجوز للمسلم أن يسرق من الكفّار في بلادهم ( أوروبا ) أو أن يحتال عليهم في أخذ الأموال بالطريقة المتعارفة لديهم؟

* لا تجوز السرقة من أموالهم الخاصة والعامة ، وكذا إتلافها إذا كان ذلك يسيء إلى سمعة الإسلام والمسلمين بشكل عام ، وكذا لا يجوز إذا لم يكن كذلك ، ولكن عدّ غدراً ونقضاً للأمان الضمني المعطى لهم حين طلب رخصة الدخول في بلادهم ، أو طلب رخصة الإقامة فيها ، لحرمة الغدر ونقض الأمان بالنسبة إلى كل أحد (٢).

٨ ـ هذا ، ولو أن كتابياً أو كافراً محترم المال ، أو حربياً مباح المال ، قد أودع مسلماً وديعة ما ، فيجب ردها ، ويحرم خيانته بجحدها ، وإذا طالبه بها فالواجب عليه رفع يده عنها ، والتخلية بين المالك وبينها ، وهذه فتوى السيد : يجب ردّ الوديعة عند المطالبة في أول وقت الإمكان ، وإن كان المودّع كافراً محترم

__________________

(١) فقه المغتربين |٢٢٣ وما بعدها.

(٢) المستحدثات من المسائل الشرعية |٢٤.

١٧٧

المال ، بل وإن كان حربياً مباح المال ، فإنه تحرم خيانته ، ولا يصح تملك وديعته ولا بيعها على الأحوط ، والواجب عليه رفع يده عنها ، والتخلية بين المالك وبينها لا نقلها إلى المالك ، فلو كانت في صندوق مقفل أو بيت مغلق ففتحهما عليه فقال ها هي وديعتك خذها ، فقد أدى ما هو تكليفه ، وخرج عن عهدته (١).

__________________

(١) السيد السيستاني | منهاج الصالحين ٢|١٩٧.

١٧٨

(٢)

الاختلاط المزدوج في المدارس والمسابح والحفلات

تقتضي مظاهر الحياة العامة ، وتفرض طبيعتها في أوروبا ، الاختلاط بين الجنسين في المعاهد والمدارس وحفلات الرقص والموسيقى وأضراب ذلك ، وهذا وإن اعتبر طبيعياً عند الأوروبيين ولكن عليه كثيراً من التحفظ والرفض عند المسلمين بعامة ، والملتزمين منهم بخاصة ، وقد عالج سماحة السيد دام ظله جملة من هذه المظاهر ، وشدد في النكير على الشاذ منها ، وما كان منها على سبيل لا يختلف مع سنة الدين أباحه ، وقد التزم دام ظله بالتفريق الدقيق بين الحالات التي قد تبدو متماثلة ولكنها في واقعها غير متماثلة ، وإن كانت متقاربة ، ولكنها تختلف في وجه أو وجوه ، ولك أن تلمس هذا من خلال الفتاوى الآتية :

١ ـ هل يجوز اختلاف الجنسين في المدارس المتوسطة والثانوية إذا علم الإنسان أن ذلك الاختلاف سيؤدي حتماً في يوم ما إلى وقوع محرم لطالب أو طالبة ، ولو كان بالنظر المحرم؟

* لا يجوز في الصورة المذكورة.

١٧٩

٢ ـ هل يجوز للرجل المسلم أن يذهب إلى المسابح المختلطة ، خصوصاً وأنهن قد ألقين جلباب العفاف عن أنفسهن ، وممن لا ينتهين إذا نهين؟

* النظر من دون ريبة ولا تلذذ شهوي إلى المكشفات اللأئي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف وإن كان جائزاً ، ولكن الحضور في هذه الأماكن الخلاعية غير جائز مطلقاً على الأحوط.

٣ ـ هل يجوز للساكنين في الغرب إرسال بناتهم المحجبات إلى مدارس مختلطة للتعلم في ظل إلزامية التعليم أو عدمها مع وجود مدارس غير مختلطة ولكنها غالية ، أو بعيدة ، أو ضعيفة المستوى؟

* لا يجوز إذا كانت تفسد أخلاقهن فضلاً عما إذا كانت تضر بعقائدهن والتزامهن الديني كما هو كذلك عادة.

٤ ـ هل يجوز اصطحاب الفتيات اللواتي يدرسن مع الشاب المسلم في الجامعات الأجنبية لغرض التنزّه في السفرات السياحية وغيرها؟

* لا يجوز ، إلا مع الأمن من الوقوع في الحرام.

٥ ـ مدرسة أوروبية في ملاكها مدرسون لا يؤمنون بدين ينكرون أمام التلاميذ وجود الله ، فهل يجوز إبقاء الطلاب المسلمين بها ، رغم أن تأثرهم بأساتذتهم محتمل جداً؟

* لا يجوز ، وولي الطفل يتحمل كامل المسؤولية عن ذلك.

١٨٠