المعجم الأصولي - ج ٢

الشيخ محمّد صنقور علي البحراني

المعجم الأصولي - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد صنقور علي البحراني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات نقش
المطبعة: عترت
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7606-16-8
ISBN الدورة:
964-7606-15-X

الصفحات: ٦٤٠
الجزء ١ الجزء ٢

الطبيعة قيد الوحدة.

وبذلك يتّضح انّ الضابطة في تمييز تنوين التنكير عن تنوين التمكين هو سياق الجملة المستعمل فيها اسم الجنس ، فإن كان التنوين مفيدا لقيد الوحدة فهو من تنوين التنكير وإلاّ فهو من تنوين التمكين.

* * *

٥٨٨ ـ النكرة في سياق النفي أو النهي

البحث في المقام عمّا هو مفاد النكرة المنفيّة بلا النافية للجنس مثل « لا رجل في الدار » وعمّا هو مفاد النكرة المنفيّة بلا الناهية مثل « لا تنهر يتيما ».

والظاهر انّه لم يقع خلاف بين الأعلام في استفادة العموم من هذين السياقين انّما البحث عمّا هو منشأ استفادة العموم منهما فقد قيل انّ ذلك ناشئ عن القرينة العقليّة ، وهي انّ الطبيعة المستفادة عن النكرة لما وقعت منفيّة بلا النافية أو الناهية فإنّ ذلك يقتضي انتفاء جميع أفرادها وإلاّ فمع وجود فرد للطبيعة خارجا لا تكون الطبيعة حينئذ منفيّة ، إذ الطبيعة توجد بأوّل وجودات أفرادها ، ومن هنا كان وقوع الطبيعة في سياق النفي أو النهي مفيدا للعموم ، فحينما يقال : « لا رجل في الدار » فإنّ ذلك معناه انتفاء جميع أفراد طبيعة الرجل ولو كان ثمّة رجل واحد في الدار لكانت القضيّة كاذبة ، إذ انّه يكفي في تحقّق الطبيعة وجود أحد أفرادها ، وهكذا عند ما يقال : « لا تنهر يتيما » فإنّ تحقّق الامتثال لا يكون إلاّ بعدم انتهار جميع أفراد طبيعة اليتيم.

وعلّق السيّد الصدر رحمه‌الله على ذلك ـ وكذلك هو المستظهر من كلمات بعض الأعلام ـ بأنّ استفادة العموم الاستغراقي من النكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي ليس مرتبطا بالنكرة وانّما هو مرتبط بالسياق ، ومن هنا لو وقع اسم الجنس المعرّف في سياق النفي أو النهي لكان مفيدا للعموم الاستغراقي بنفس القرينة العقليّة المذكورة ، فلا فرق بين أن يقال : « لا تنهر يتيما » و « لا تنهر اليتيم ».

٥٦١

ثمّ انّ هنا أمرا لا بدّ من التنبيه عليه ذكره المحقّق صاحب الكفاية رحمه‌الله وهو انّ استفادة العموم الاستغراقي من وقوع النكرة في سياق النفي أو النهي منوط بتماميّة الإطلاق ومقدّمات الحكمة في الطبيعة المنفيّة أو المنهي عنها ، وذلك لأنّ القرينة العقليّة المذكورة لا يستفاد منها أكثر من انّ الطبيعة لا تنعدم إلاّ بانعدام تمام أفرادها ، وأمّا انّ مدخول النفي أو النهي هل هو الطبيعة المطلقة أو المقيّدة فهذا ما لا تتصدّى القرينة العقليّة لإثباته ، فلا بدّ لإثبات الإطلاق من تماميّة مقدّمات الحكمة وانّ الطبيعة المنفيّة هي الطبيعة المطلقة.

وبتعبير آخر : انّ النفي أو النهي انّما يقتضيان النفي أو النهي عمّا يراد من مدخولهما ، أمّا ما هو المراد من مدخول النفي أو النهي وهل هو الطبيعة المطلقة أو المقيّدة فهذا ما يقتضي ملاحظة ما هو حدود المراد من الطبيعة فإن ثبت انّ مدخول النفي أو النهي هو الطبيعة المطلقة فهذا معناه انّ المنفي هو تمام أفراد الطبيعة وانّ المنهي عنه هو تمام أفراد الطبيعة ، وأمّا لو ثبت انّ المنفي أو المنهي عنه هو الطبيعة المقيّدة فهذا معناه انّ المنفي هو تمام أفراد الطبيعة المقيّدة دون الطبيعة المطلقة وهكذا الكلام في المنهي عنه.

فوقوع النكرة في سياق النفي أو النهي مفاده عموم ما يراد من مدخولها والذي يحدّد ما هو المراد من مدخولها انّما هو القرينة الخارجيّة ، فإن كانت هي مقدّمات الحكمة كانت النكرة المنفيّة مفيدة لانتفاء تمام أفراد الطبيعة أو مفيدة للنهي عن تمام أفراد الطبيعة ، وان كانت القرينة معبّرة عن إرادة الطبيعة المقيّدة فإنّ المنفي والمنهي عنه وإن كان هو العموم إلاّ انّه عموم الطبيعة المقيّدة ، فحينما يقال : « لا رجل عالما في الدار » أو « لا تهن فقيرا عادلا » فإنّ معنى القضيّة الاولى هو انتفاء طبيعة الرجل العالم ، لا انّ المنفي هو طبيعة الرجل ، وهكذا الكلام في القضيّة الثانية.

* * *

٥٦٢

٥٨٩ ـ النهي

المشهور انّ النهي بمادّته وصيغته يدلّ على الطلب كما هو الحال في مادّة الأمر وصيغته ، غايته انّ متعلّق الأمر هو الفعل وأمّا متعلّق النهي فهو ترك الفعل فالأمر هو طلب الفعل والنهي معناه طلب ترك الفعل.

ومن هنا يكون الفرق بين الأمر والنهي انّما هو من جهة المتعلّق وإلاّ فكلاهما موضوعان لمعنى واحد وهو الطلب والمائز بينهما هو انّ الأمر معناه طلب ايجاد الفعل ومعنى النهي هو طلب اعدام الفعل ، فحينما يقال : « لا تكذب » فإنّ معناه طلب اعدام طبيعة الكذب.

وقد أورد على هذا المبنى بايراد معروف ، حاصله : انّ من المستحيل أن يكون متعلّق النهي هو طلب الترك ، وذلك لأنّ التكليف منوط بالاختيار والقدرة على الامتثال ، ومن الواضح انّ ترك الفعل والذي يعني اعدامه خارج عن قدرة المكلّف ، إذ انّ انعدام الفعل ثابت من الأزل فلا يكون اعدامه داخلا تحت القدرة ، إذ لا قدرة على التأثير في المعدوم من جهة تحصيل اعدامه ـ اذا صحّ التعبير ـ نعم لو كان ثمّة شيء موجودا فعلا لكان طلب اعدامه ممكنا وأمّا اعدام ما هو معدوم فهو مستحيل ، وبذلك يتّضح فساد المبنى ، فدعوى انّ معنى النهي هو طلب ترك الفعل يساوق طلب اعدام المعدوم.

فعند ما يكون النهي هو ترك الكذب فإنّ هذا معناه طلب ما هو ثابت من الأزل ، إذ انّ ترك الكذب ثابت من أوّل الأمر ، فحتّى لو كذب المكلّف كذبة فإنّ النهي لا يكون متعلقا بترك هذه الكذبة ، إذ انّها وجدت فلا يتعلّق النهي باعدامها وانّما يتعلّق باعدام ما لم يوجد من أفراد الكذب ، وهذا هو طلب اعدام المعدوم.

وقد اجيب عن هذا الإشكال بأنّ طلب ترك الفعل والذي هو ثابت من الأزل لا يلزم منه طلب اعدام

٥٦٣

المعدوم ، إذ انّ الطلب متعلّق بالاستمرار في سدّ باب الوجود على الطبيعة المنهي عنها ، وهذا المقدار مقدور للمكلّف ، إذ انّه قادر على ايجاد الطبيعة فيكون قادرا على عدم ايجادها ، إذ لا يتعقّل ثبوتا لقدرة على أحد طرفي النقيض دون الآخر ، فالقدرة على الشيء هو انّ له أن يفعله وله أن لا يفعله ، أمّا لو لم يكن قادرا على الترك فهو غير قادر على الفعل بل هو مقسور عليه وهو خلف الفرض.

المبنى الثاني : هو انّ المراد من النهي عبارة عن طلب الكفّ عن الفعل خارجا ، فيكون النهي كالأمر موضوعا للطلب إلاّ انّ متعلّق النهي عبارة عن الكفّ والذي يستبطن مئونة زائدة وهي أعمال النفس ، فمعنى « لا تكذب » هو طلب حبس النفس ومنعها عن الكذب ، وهو أمر اختياري كما هو واضح.

وهذا المبنى انّما نشأ عن التسليم بتماميّة الإشكال على المبنى الأوّل إلاّ انّه يوجب الوقوع ـ كما قيل ـ في محذور آخر وهو انّ اتّفاق ترك المنهي عنه دون إعمال النفس وحبسها عنه لا يكون امتثالا للنهي بعد أن كان المنهي عنه هو كفّ النفس وحبسها والمفروض عدم تحقّق ذلك منه.

المبنى الثالث : وهو المنسوب لمشهور المحقّقين من الاصوليين ، وحاصله : انّ النهي موضوع للدلالة على الزجر والتبعيد عن متعلّق النهي باعتبار اشتماله على مفسدة توجب الإلزام بذلك ، وهذا بخلاف الأمر فإنّه موضوع للدلالة على البعث والتحريك نحو الفعل باعتبار اشتماله على مصلحة توجب الإلزام بايجاده ، وعلى هذا يكون الموضوع له النهي مباينا لما هو موضوع له الأمر.

المبنى الرابع : وهو الذي ذهب إليه السيّد الخوئي رحمه‌الله ، وحاصله : انّ النهي عبارة عن اعتبار المكلّف محروما من الفعل ، وذلك لاشتماله على مفسدة أوجبت حرمان المكلّف منه ، وهذا هو حقيقة النهي وأمّا صيغة النهي أو ما يساوقها فوظيفتها هو

٥٦٤

ابراز ذلك الحرمان الاعتباري ، فهي موضوعة للدلالة على ابراز الحرمان الاعتباري عن الفعل.

ومن هنا يكون معنى النهي قريبا بل مساوقا لمعنى الحرمة ، غايته انّ الحرمة قد تكون تكوينيّة كحرمان قوي لضعيف عن مساورة فعل فيكون حرمانه بمعنى منعه من ممارسة ذلك الفعل أو ان يكون الحرمان من الفعل ناشئا عن قاهر خارجي لا يتّصل بانسان آخر فهو محروم منه بمعنى انّه ممنوع تكوينا عن مزاولته ، وقد تكون الحرمة اعتباريّة كما في النهي المولوي ، إذ انّه عبارة عن اعتبار المكلّف محروما عن مزاولة ذلك الفعل وان لم يكن محروما منه تكوينا.

* * *

٥٩٠ ـ النهي الإرشادي

المعروف انّ الأصل في النواهي أن تكون مولويّة وهي المعبّرة عن طلب الترك أو الكفّ أو الزجر والتبعيد عن متعلّق النهي إلاّ انّه قد نخرج عن هذا الأصل بسبب اكتناف الكلام بقرينة تدلّ على انّ النهي الوارد انّما هو ارشادي.

ويتّضح المراد من النهي الإرشادي بمراجعة ما ذكرناه في الأمر الإرشادي.

* * *

٥٩١ ـ النهي التحريمي

هو النهي المولوي الذي يكون مفاده الحرمة والمنع الإلزامي عن ارتكاب متعلّق النهي ، وذلك في مقابل النهي المولوي الكراهتي والذي يكون مفاده الحكم بكراهة متعلّق النهي ، وفي مقابل النهي الإرشادي والذي يرشد لمانعيّة متعلّقه مثلا ، كما انّه في مقابل النهي التنزيهي على ما سيأتي ايضاحه ان شاء الله تعالى.

ثمّ انّ النهي التحريمي قد يكون نفسيا وقد يكون غيريّا ، والنفسيّة والغيريّة قد تكون من جهة متعلّق النهي وكيفيّة تعلّقه بالعهدة وقد يكون من جهة الملاك ، فهنا أقسام للنهي التحريمي :

٥٦٥

القسم الأوّل : أن يكون نفسيّا من جهة انّ متعلّق النهي مطلوب بذاته على المكلّف لا انّ المطلوب هو ما يترتّب على متعلّق النهي ويكون تحصيل متعلّق النهي وسيلة لتحقّق آثاره المطلوبة ذاتا. كما يكون نفسيا من جهة الملاك بمعنى انّ ملاك النهي عن المتعلّق ناشئ عن مفسدة في ذات المتعلّق لا أنّه ناشئ عن مفسدة في آثار المتعلّق.

ومثاله : قوله تعالى : ( يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) فإنّ متعلّق النهي وهو ترك الشرك مطلوب ذاتا ، كما انّ ملاك النهي عن الشرك هو المفسدة العظيمة الناشئة عن نفس الشرك بالله العظيم.

القسم الثاني : أن يكون نفسيّا من الجهة الاولى إلاّ انّه غيري من الجهة الثانية. ومثاله « لا تكذب » ، فإنّ متعلّق النهي وهو ترك الكذب مطلوب بذاته إلاّ انّ الملاك ناشئ عن آثار الكذب لا على نفس الكذب كما هو واضح.

القسم الثالث : أن يكون غيريّا من الجهتين ، ومثاله : النهي عن الضدّ الواجب إذا كان مزاحما لواجب أهمّ ، بناء على اقتضاء وجوب الشيء للنهي عن ضدّه الخاصّ ، وحينئذ يكون ترك الضدّ المهمّ ليس مطلوبا بذاته وما هو مطلوب بذاته انّما هو امتثال الواجب الأهمّ ، نعم يترشّح عن مطلوبيّة امتثال الواجب الأهمّ نهي عن الواجب المهمّ المضاد للأهمّ ، وبهذا يكون النهي غيريّا ، هذا من الجهة الاولى.

وأمّا الجهة الثانية فلأنّ الواجب المهمّ المنهي عنه بسبب المزاحمة ليس ذا مفسدة في نفسه ، إذ انّ المفسدة الذاتيّة كامنة في فوات الواجب الأهمّ إلاّ انّه وباعتبار انّ منشأ فوات الواجب الأهمّ هو الإتيان بالواجب المهمّ المضاد صار الواجب المهمّ ذا مفسدة باعتباره سببا في ترتّب ما فيه مفسدة ذاتا.

* * *

٥٦٦

٥٩٢ ـ النهي التنزيهي

وهو النهي الذي يكون تعبيرا عن وجود منقصة وحزازة في متعلّقه ، فيكون متعلّق النهي بذلك مكروها ، والتعبير عنه بالتنزيهي اشارة الى دلالته على تعلّق إرادة الشارع بتنزّه وترفع المكلّف عن ارتكاب متعلّقه.

ثمّ انّ النهي التنزيهي تارة يتعلّق بتطبيق طبيعة المأمور به على حصّة خاصّة والتي هي فرد حقيقة للطبيعة المأمور بها ، وحينئذ يكون النهي معبّرا عن مرجوحيّة امتثال الأمر بالطبيعة بواسطة تلك الحصّة ، إلاّ انّ هذه المرجوحيّة انّما هي بالإضافة الى سائر حصص الطبيعة المأمور بها.

ومثاله : النهي عن صلاة الفريضة في الحمّام ، فإنّ هذا النهي انّما هو عن تطبيق طبيعة الصلاة المأمور بها في ضمن هذه الحصّة.

وقد يكون النهي التنزيهي متعلّقا بذات فعل ليس مأمورا به من أوّل الأمر لا بنفسه ولا بواسطة وقوعه في اطار طبيعة مأمور بها ، كالنهي عن التخلّي في مواطن اللعن.

* * *

٥٩٣ ـ النهي في العبادات

ويقع البحث في المقام عن انّ تعلّق النهي بالعبادة هل يلزم منه الحكم بفسادها أو انّه لا ملازمة بين النهي عن العبادة والحكم بفسادها ، مثلا نهي الشارع عن الصوم في يومي الفطر والأضحى هل يلزم منه الحكم بفساد الصوم لو أوقعه المكلّف في أحد هذين اليومين أو لا يلزم منه ذلك وحينئذ يترتّب على صومه الإجزاء لو كان قضاء عمّا فات أو وفاء بنذر أو ما الى ذلك.

ولكي يتحرّر محلّ النزاع في المسألة لا بدّ من بيان امور :

الأمر الأوّل : انّ البحث في هذه المسألة بحث كبروي يتصدّى فيه الاصولي للبحث عن ثبوت الملازمة بين النهي عن العبادة والحكم بفسادها أو عدم ثبوت الملازمة ، وبهذا تمتاز

٥٦٧

هذه المسألة عن مسألة اجتماع الأمر والنهي والتي يكون البحث فيها صغرويا ، إذ يبحث الاصولي فيها عن ان اجتماع الأمر والنهي في مورد هل يقتضي سراية النهي الى مورد الأمر ، بمعنى انّ النهي الوارد على متعلّقه هل يسري لمتعلّق الأمر فيكون متعلّق الأمر منهيّا عنه أو انّ الاجتماع لا يقتضي السراية وبهذا لا يكون متعلّق الأمر منهيا عنه ، وبناء على الأوّل وهو القول بالسراية تكون مسألة الاجتماع من مصاديق النهي في العبادة ، وعندئذ يكون الحكم بفسادها منوطا بنتيجة هذا البحث والذي نحن بصدد بيانه.

الأمر الثاني : انّ مسألة النهي في العبادات من المباحث الاصوليّة العقليّة ، وذلك لأنّ القاضي بثبوت الملازمة وعدمها انّما هو العقل ، نعم هذه المسألة من غير المستقلاّت العقليّة ، بمعنى انّ تحصيل النتيجة الفقهيّة منها منوط بمقدّمة شرعيّة وهي في المقام تعلّق النهي بعبادة وعندئذ لو كانت الملازمة ثابتة فإنّ النتيجة هي فساد تلك العبادة المنهي عنها.

وبهذا تكون مسألة النهي في العبادات كمسألة الضدّ ومسألة مقدّمة الواجب إذ انّها جميعا تشترك في انّها من قسم غير المستقلاّت العقليّة والتي هي من مدركات العقل النظري.

الأمر الثالث : اتّضح ممّا تقدّم انّ النهي قد يكون مولويّا وقد يكون إرشاديّا والذي هو محلّ البحث هو النهي المولوي ، وأمّا النهي الإرشادي ـ كالنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه أو النهي عن الصلاة بغير طهور ـ فإنّه لا ريب في اقتضائه للفساد ، وذلك لأنّه يرشد الى انّ الحصّة المشتملة على المنهي عنه ليست من المأمور به ، وبهذا لا يكون الأمر بالعبادة باطلاقه شاملا لهذه الحصّة ، وعليه لا يمكن تصحيحها ، لأنّ مناط الصحّة في العبادة انّما هو انطباق المأتي به مع المأمور به والمفروض انّ الحصّة المشتملة على المنهي عنه ليست منطبقا للمأمور به. وبهذا يتمحّض

٥٦٨

البحث في المسألة عن النواهي المولويّة.

ثمّ انّه يقع البحث عن انّ محلّ النزاع هل يختصّ بالنهي النفسي التحريمي ، كالنهي عن الصوم يوم العيد أو يشمل النهي الغيري والنهي الناشئ عن مزاحمة العبادة لواجب أهمّ منه ملاكا مثلا ، فإنّ الأمر بالواجب الأهمّ يقتضي النهي عن العبادة التي هي أقلّ أهميّة والتي هي مأمور بها لو لا مزاحمتها بالواجب الأهمّ ، وهذا مبني على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاص ، وحينئذ يكون دخول النهي في محلّ البحث مبني على عدم القول بالترتّب وانّ النهي الغيري يكشف عن مبغوضيّة متعلّقه بحيث لا يمكن التقرّب به للمولى جلّ وعلا.

أمّا بناء على القول بالترتّب أو القول بأنّ النهي الغيري لا يكشف عن مبغوضيّة متعلّقه فحينئذ لا إشكال في صحّة العبادة المنهي عنها بالنهي الغيري.

مثلا : لو تزاحم فعل الصلاة مع انقاذ الغريق وقلنا بأهميّة الإنقاذ فحينئذ ان كنّا نقول بالترتّب فلا مانع من صحّة الصلاة وان كان المكلّف قد عصى بتركه للإنقاذ ، وهكذا لو كنّا نقول بأنّ النهي الغيري عن الصلاة لا يكشف عن مبغوضيّتها وان سقوط الأمر بها بسبب التزاحم لا يمنع من صحّتها بعد توفّرها على ملاك الأمر.

نعم لو كنّا نبني على عدم الترتّب وانّ النهي الغيري يكشف عن المبغوضيّة فإنّ النهي الغيري حينئذ يكون داخلا في محلّ البحث.

الأمر الرابع : انّ المراد من العبادة التي نبحث عن الملازمة بين النهي عنها وبين فسادها هي العبادة الشأنيّة ، والمقصود منها الفعل الذي لو وقع متعلّقا للأمر لكان عباديا.

وبتعبير آخر : انّ من الأفعال ما يتوسّل بها العرف عادة للتعبير عن العبوديّة والتقرّب والتذلّل للمولى أو لذي الشأن الرفيع ، بمعنى انّ صدورها خارجا عادة ما يكون لهذا الغرض ، وذلك مثل السجود والركوع والدعاء

٥٦٩

فإنّ طبع هذه الأفعال هو الاتّصاف بالعباديّة إلاّ انّ اتّصافها بالعبادة لا يكون فعليّا ما لم تقع متعلّقا للأمر ، فالبحث في المقام انّما هو عن هذا النحو من الأفعال لو اتّفق تعلّق النهي بها وانّه هل يلزم من النهي عنها فسادها أو لا؟.

وأمّا العبادة الفعليّة والتي ثبت تعلّق الأمر بها فهي خارجة عن محلّ النزاع ، إذ لا ريب في استحالة تعلّق النهي بالعبادة المأمور بها ، إذ انّ معنى فعليّة الأمر بها انّها محبوبة وموجبة للقرب من المولى جلّ وعلا ، وحينئذ يستحيل اتّصافها بالمبغوضيّة ـ المستكشفة عن النهي ـ لاستحالة اجتماع حكمين متضادين على موضوع أو متعلّق واحد ، فافتراض الأمر بها يمنع عن افتراض النهي عنها.

وبهذا يتّضح انّ محلّ النزاع انّما هو الفعل الذي شأنه الاتّصاف بالعباديّة وانّه لو تعلّق به نهي فهل يكون هذا النهي موجبا لفساد ذلك الفعل أو لا؟

مثلا : صوم يوم العيد أو الصلاة في وقت الفريضة أو زيارة الامام الحسين يوم عرفة كلّها أفعال لها شأنيّة الاتّصاف بالعباديّة بحسب طبعها إلاّ انّها لم تقع متعلقا للأمر ، فلو تعلّق بهذه الأفعال نهي ، فهل انّ هذا النهي يستلزم الفساد فيترتّب على ذلك عدم الإجزاء لو كان الصوم قضاء عمّا فات أو وفاء بنذر وهكذا الكلام في الصلاة وزيارة الامام الحسين عليه‌السلام.

ثمّ انّ المراد من الفساد في عنوان المسألة هو عدم ترتّب الأثر المطلوب من الفعل المأتي ، فلا يكون المأتي به عند ما يكون منهيّا عنه مسقطا للقضاء أو الإعادة مثلا ، وقد أوضحنا المراد من الفساد بشيء من التفصيل تحت عنوان « الصحّة والفساد ».

وبما ذكرناه يتبلور المراد من المسألة وما هو محلّ النزاع فيها وبقي الكلام عن بيان انحاء تعلّق النهي بالعبادة ، فقد ذكر المحقّق النائيني رحمه‌الله انّ النهي قد يتعلّق بالعبادة لذاتها ، بمعنى انّ ذات العبادة هو المقتضي للنهي عنها كالصوم في يومي العيدين ، وقد يتعلّق

٥٧٠

النهي بالعبادة ولكن بسبب مبغوضيّة جزء أو شرط أو وصف ملازم أو مفارق ، فيكون الجزء أو الشرط أو الوصف واسطة ثبوتيّة ، أي علّة لثبوت الحرمة للعبادة ، وقد لا يتعلّق النهي بالعبادة ابتداء وانّما يتعلّق بالجزء أو الشرط أو الوصف ، وحينئذ يكون تعلّق النهي بالعبادة عرضي.

وتفصيل ذلك لا يتّصل بالغرض إلاّ انّه نقول : انّ المعروف بين الأعلام هو انّ النهي عن العبادة يقتضي الفساد ، والخلاف بينهم انّما وقع في حالات تعلّق النهي بجزء العبادة أو شرطها ، وأمّا تعلّق النهي بوصفها الملازم فالظاهر اشتهار القول باستلزامه الفساد أيضا.

* * *

٥٩٤ ـ النهي في المعاملات

ويقع البحث في المقام عن أنّ تعلّق النهي بالمعاملة هل يقتضي الحكم بفسادها أو إنّ النهي عنها لا يقتضي ذلك؟

ويمكن أن يتّضح الحال فيما يرتبط بهذه المسألة من ملاحظة متعلّق النهي ، ولذلك تصوّران :

التصوّر الأوّل : أن يكون متعلّق النهي هو المعنى المصدري للمعاملة ، أي يكون متعلّق النهي هو إنشاء المعاملة فمعنى حرمة البيع هو حرمة إنشائه وإيقاعه. وهذا هو معنى أنّ الحرمة قد يكون متعلّقها هو السبب.

فالبيع مثلا ينحلّ إلى سبب ومسبّب ، فالسبب هو إنشاؤه بواسطة الإيجاب والقبول والمسبّب هو الأثر المترتّب على إنشائه وهو التمليك والتملّك.

فلو كان متعلّق النهي هو المعنى المصدري أي هو السبب والإنشاء للمعاملة فإنّ النهي عندئذ لا يقتضي الفساد ، إذ لا ملازمة بين مبغوضيّة إيقاع العقد وبين عدم تصحيح الأثر المترتّب عليه ، فقد يكون إيقاع العقد مبغوضا للمولى ولكن لو اتّفق إيقاعه خارجا فإنّه يرى أنّ من المصلحة الحكم بصحّته وبترتّب أثره.

٥٧١

التصوّر الثاني : أن يكون متعلّق النهي هو المعنى الاسم المصدري للمعاملة ، أي يكون متعلّق النهي هو الصادر أو قل هو مضمون المعاملة.

وهذا ما يعبّر عنه بالمسبّب أي الأثر المترتّب عن إيقاع المعاملة ، فالمبغوض هو نفس الأثر ، ولذلك كان هو متعلّق النهي ، فحينما يكون متعلّق النهي هو البيع بالمعنى الاسم المصدري فهذا معناه أنّ المنهي عنه هو التمليك والتملّك.

وهنا وقع البحث بين الأصوليّين وإنّه لو كان متعلّق النهي هو المسبّب فهل يقتضي ذلك فساد المعاملة أو لا؟

* * *

٥٩٥ ـ النهي النفسي والغيري

اتّضح ممّا ذكرناه في النهي التحريمي انّ النهي قد يكون نفسيا وقد يكون غيريا ، وانّ النفسيّة والغيريّة تارة تكون من جهة متعلّق النهي وكيفيّة تعلّقه بالعهدة واخرى يكون من جهة الملاك إلاّ انّ النفسيّة والغيريّة عند ما تطلقان يراد منهما عادة النفسيّة والغيريّة من الجهة الاولى ، فمتعلّق النهي عند ما يكون مطلوبا بذاته يكون نهيا نفسيا حتى وان كان ملاكه غيريّا ، وأمّا إذا لم يكن متعلّق النهي مطلوبا بذاته فالنهي حينئذ يكون غيريّا.

كالنهي عن الضدّ الواجب اذا كان مزاحما بواجب أهمّ أو النهي عن مقدّمة الحرام بناء على انّ الحرمة لذي المقدّمة يترشّح عنها حرمة للمقدّمة.

ثمّ انّ النهي النفسي والغيري لا يختصّ بالنهي التحريمي بل يشمل النهي الكراهتي بنفس الضابطة.

٥٧٢

هوامش حرف النون

(١) سورة يس : ٢٠.

٥٧٣
٥٧٤

حرف الهاء

٥٧٥

عناوين حرف الهاء

٥٩٦ ـ الهلية البسيطة

٥٩٧ ـ الهليّة المركّبة

٥٩٨ ـ هيئات الجمل

٥٩٩ ـ الهيئة الاتّصاليّة

٦٠٠ ـ الهيئة التركيبيّة

٦٠١ ـ الهيولى والصورة

٦٠٢ ـ مسلك الهوهويّة

٥٧٦

حرف الهاء

٥٩٦ ـ الهلية البسيطة

المعروف عند العلماء انّ « هل » موضوعة لطلب التصديق بعد الفراغ عن تصوّر الموضوع والحكم المسئول عن النسبة بينهما « فهل » موضوعة للدلالة على طلب التعرّف على وقوع النسبة أو عدم وقوعها ، وهو معنى طلب التصديق.

ثمّ انّ حرف هل إذا كان السؤال به عن ثبوت الوجود لشيء أو عدم ثبوته فهي هل البسيطة ، فهل البسيطة هو ما يكون جوابها ثبوت الوجود لشيء ، وهي التي يعبّر عنها الحكماء بالهليّة البسيطة ، ومفادها هو مفاد كان التامّة والحمل البسيط.

ومثالها : السؤال بها عن وجود العنقاء وعن وجود الجنّ أو الملائكة بأن يقال هل العنقاء موجودة.

* * *

٥٩٧ ـ الهليّة المركّبة

وهي التي يسأل بها عن أحوال الشيء بعد الفراغ عن أصل وجوده كالسؤال عن انّ الجنّ هل يأكلون ويشربون ، فهو سؤال عن أحوالهم بعد الفراغ عن أصل وجودهم.

« فهل » المركّبة هي التي تكون بمفاد كان الناقصة ويعبّر عنها الحكماء بالهليّة المركّبة ويكون جوابها القضايا المركّبة ، فحينما يقال هل الجنّ يأكلون فإنّ الجواب هو « الجنّ يأكلون » ، وهذه القضيّة تنحلّ روحا الى قضيّتين ، الاولى هي انّ الجنّ

٥٧٧

موجودون ، والقضيّة الثانية هي انّهم يأكلون.

* * *

٥٩٨ ـ هيئات الجمل

المراد من هيئات الجمل هي الكيفيّات التي تتميّز بها أنواع الجمل ، كالجمل الإنشائيّة والجمل الخبريّة والجمل التامّة والجمل الناقصة وغيرها ، وكلّ نوع من أنواع هذه الجمل وضع بوضع خاصّ ، ووضعها من سنخ وضع المعاني الحرفيّة. لاحظ ما ذكرناه تحت عنوان الجمل التامّة والناقصة والجمل الإنشائيّة والخبريّة.

* * *

٥٩٩ ـ الهيئة الاتّصاليّة

قد أوضحنا المراد منها تحت عنوان ( القاطع والمانع ).

* * *

٦٠٠ ـ الهيئة التركيبيّة

والمراد منها الكيفيّة الخاصّة الحاصلة عن ربط كلمة بكلمة ، سواء كان هذا الربط متقوّما باسمين ، أو فعل واسم ، أو بحرف واسم ، أو بحرف وفعل ، والأفعال الغير المنضمّة خارجا باسم أو بحرف فهي مركّبة أيضا باعتبار تقدير الاسم فيها مثل : « صلّ » ، فإنّها هيئة تركيبيّة لأنّها واقعا منضمّة مع اسم ، فـ « صلّ » فعل أمر فاعله مقدّر وهو ( أنت ) فكأنّ الجملة هكذا « صلّ أنت ».

وتلاحظون أنّ الهيئة التركيبيّة ليست هي نفس الكلمات المتهيّئة بالهيئة وإنّما هي الارتباط الواقع بين الكلمات ، فلذلك فهي تفيد معنى إضافي غير المعاني التي تفيدها الكلمات. فمثلا جملة « زيد نائم » مفيدة لثلاثة معان ، المعنى الأوّل والثاني مستفادان من كلمتي زيد ونائم ، والمعنى الثالث مستفاد من الربط الواقع بين زيد ونائم ، وهو انتساب النوم إلى زيد ، فالنسبة بين الكلمتين هي مدلول الهيئة التركيبيّة.

إذا اتّضح هذا فنقول : إنّ الهيئة

٥٧٨

التركيبيّة تنقسم إلى قسمين :

الأولى : الهيئة التركيبيّة التامّة والمعبّر عنها بالجملة التامّة : وهي ما تكون فيها الهيئة التركيبيّة دالّة على نسبة تامّة ومفيدة لفائدة تامّة ، مثل الجمل الخبريّة التامّة والجمل الإنشائيّة التامّة.

ومثال الجملة الخبريّة التامّة قوله تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ) فإنّ النسبة المستفادة من التركيب الواقع بين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورسول الله تامّة ومفيدة لفائدة تامّة.

ومثال الجملة الإنشائيّة قوله تعالى : ( اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ ) بالتقريب السابق.

الثانية : الهيئة التركيبيّة الناقصة والمعبّر عنها بالجملة الناقصة ، وهي : ما تكون فيها الهيئة التركيبيّة دالّة على نسبة ناقصة ومفيدة لفائدة ناقصة ، وذلك مثل التركيب الحاصل بين المضاف والمضاف إليه والجار والمجرور والموصوف وصفته ، ومثال المضاف والمضاف إليه « غلام زيد » فإنّ النسبة المستفادة من هذا التركيب ناقصة ، إذ أنّها لا تفيد إلاّ فائدة ناقصة ، ولذلك يظلّ السامع ينتظر الحكم على غلام زيد.

* * *

٦٠١ ـ الهيولى والصورة

الهيولى والصورة هما ما يتركّب منهما الجسم بنظر المشائيين من الفلاسفة ، والمقصود من الهيولى هي المادة التي تحمل في مقام ذاتها الاستعداد والقابليّة للتركّب مع الصورة أو قل هي المتحيّثة بحيثيّة القوّة والقبول للفعليّة ، فالقوّة والقابليّة والاستعداد هو ذات المادّة المعبّر عنها بالهيولى ، ولازمها الفقدان أي انّ لازمها عدم الفعليّة والتي هي الصورة.

وبتعبير آخر : انّ الهيولى هو ما يقبل المصير الى الفعليّة والصورة ، فالنطفة مثلا هيولى للطفل باعتبار تحيّثها بالقابليّة للمصير الى الطفل ، وهكذا النواة بالنسبة للشجرة ، فالنواة

٥٧٩

فاقدة للصورة الشجريّة إلاّ انّها مستعدّة للمصير اليها فشأنها عدم الإباء من جهة التركّب مع الصورة.

ثمّ انّ الهيولى قد تكون محض قوّة واستعداد ولا فعليّة لها أصلا ، بمعنى انّها لا تكون متلبّسة بصورة من الصور وهذه هي المعبّر عنها بالمادّة الاولى ، وقد تكون متلبّسة بصورة ويكون المركّب منها ومن الصورة مادّة لصورة اخرى لاحقة ويعبّر عنها بالمادّة الثانية كالنطفة فإنّها لها حظا من الفعليّة إلاّ انّها تكون مادة لصورة لاحقة هي العلقة ، وكذلك العلقة فإنّها تكون مادة للمضغة وهكذا ، والتعبير عنها بالهيولى أو المادّة باعتبار استعدادها وقابليتها لأن تلحق بها صورة اخرى.

وأمّا المقصود من الصورة فهي الجزء الذي تتحقّق معه فعليّة الشيء المركّب أي الجوهر الجسماني ، فالجوهر الجسماني هو المركّب من المادّة والصورة أو قل القوّة والفعليّة ، فالقوّة هي المادّة المستعدة لأن تلحق بها الصورة ، والفعليّة هي الصورة المحصّلة للمادة أي الموجبة لتشخّصها ورفع ابهامها ، إذ انّ المادّة لما كانت محض قوّة واستعداد بالنسبة للصورة اللاحقة لها فمن الطبيعي أن تكون مبهمة فتكون الصورة اللاحقة بها هي الموجبة لتشخّصها وتحديدها.

ثمّ انّهم ذكروا انّ الهيولى والصورة باعتبارهما من الأجزاء الخارجيّة للجوهر الجسماني فيكون كلّ واحد من الجزءين ملحوظ بنحو البشرطلا ، وذلك في مقابل الأجزاء التحليليّة والتي هي الجنس والفصل فإنّ كلّ واحد من الجزءين ملحوظ بنحو اللابشرط.

والمقصود من انّ الهيولى ملحوظة بنحو البشرطلا هو انّها تأبى الحمل على الصورة كما انّ الصورة تأبى الحمل على المادة « الهيولى » وهذا هو معنى لحظهما بنحو البشرطلا.

وبتعبير آخر : انّ الجزء إذ لوحظ بنحو البشرطلا فهو هيولى وصورة ، وذلك لأنّ الجزء الذي يأبى الحمل

٥٨٠