المعجم الأصولي - ج ٢

الشيخ محمّد صنقور علي البحراني

المعجم الأصولي - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد صنقور علي البحراني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات نقش
المطبعة: عترت
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7606-16-8
ISBN الدورة:
964-7606-15-X

الصفحات: ٦٤٠
الجزء ١ الجزء ٢

حرف الظاء

٤٢٥ ـ الظن

يطلق الظن في اصطلاح الاصوليين على الأعم من الظن المنطقي والشك والاحتمال المنطقيين ، فمطلق ما ليس بيقين يعبّر عنه عندهم بالظن ، نعم ، الاطمئنان والذي يكون معه احتمال الخلاف موهوما لا يعبّر عنه عندهم بالظن كما هو كذلك في الاستعمالات العرفيّة بل قد يعبّرون عن الاطمئنان باليقين وان كانوا يسلّمون بأنّ الاطمئنان لا يساوق اليقين الرياضي والذي لا يكون معه احتمال الخلاف واردا ولو كان بمستوى الوهم أو ما هو أدنى من ذلك لو كان ثمّة مستوى أدنى من الوهم.

ثم انّ الأصل هو عدم حجيّة مطلق الظن على اختلاف مراتبه وتفاوت مناشئه إلاّ مع قيام الدليل القطعي على جعل الحجيّة له امّا مطلقا أو في موارد خاصة عند ما ينشأ عن مناشئ معينة.

راجع عنوان « الحجيّة المجعولة ».

* * *

٤٢٦ ـ الظن الخاص

والمراد من الظنّ الخاصّ هو الظنّ الناشئ عن الأمارات التي قام الدليل القطعي على حجيّتها كالظن الناشئ عن خبر الثقة أو الخبر الموثوق.

ومنشأ التعبير عنه بالظنّ الخاصّ هو الاحتراز عن الظنون الناشئة عن الامارات التي لم يقم الدليل القطعي على حجيتها.

* * *

٢٨١

٤٢٧ ـ الظنّ الطريقي والظنّ الموضوعي

والفرق بينهما يتّضح من ملاحظة الفرق بين القطع الطريقي والقطع الموضوعي وانّ الطريقي هو ما يتمحّض دوره في الكشف عن متعلّقه دون أن تكون له دخالة في ترتّب الحكم على موضوعه ، وانّ الموضوعي هو ما يكون دخيلا في ترتّب الحكم على موضوعه ، فالأوّل يكون كاشفا عن ثبوت الحكم للموضوع ، والثاني يكون مولّدا للحكم باعتباره موضوعا له أو جزء موضوع له.

ثم انّ الظن الموضوعي ينقسم الى ما ينقسم عليه القطع الموضوعي ، حيث قلنا انّ القطع تارة يؤخذ في الموضوع بنحو الصفتية واخرى بنحو الطريقيّة ، وكلا القسمين تارة يؤخذان بنحو جزء الموضوع واخرى بنحو تمام الموضوع.

ثمّ انّ الظنّ المأخوذ في الموضوع تارة يكون من الظنون المعتبرة واخرى يكون من الظنون غير المعتبرة ، على انّ اعتبار الظنّ في موضوع الحكم تارة يكون بلحاظ تعلّق الظنّ بحكم شرعي واخرى يكون بلحاظ تعلّقه بموضوع خارجي.

وبملاحظة ما ذكرناه في أقسام القطع الموضوعي وما ذكرناه تحت عنوان « أخذ القطع حكم في موضوع حكم آخر » يتّضح المراد من هذه الأقسام.

ثم انّ السيّد الخوئي رحمه‌الله ذكر انّ الأقسام المذكورة للظنّ الموضوعي انّما هي لشحذ الذهن ، إذ لا يوجد في الفقه ولا مورد واحد اخذ الظن بنحو الموضوعيّة ، نعم توجد موارد كثيرة في الفقه اعتبر فيها الظنّ بنحو الطريقيّة المحضة ، كاعتبار الظنّ في عدد الركعات وفي تحديد القبلة عند عدم التمكّن من احرازها.

* * *

٤٢٨ ـ الظن المطلق

والمقصود من الظنّ في هذا العنوان هو خصوص الظنّ المنطقي ، والمقصود

٢٨٢

من الإطلاق هو الإطلاق من جهة منشأ الظن فمنشأ الظن ملحوظ بنحو اللابشرط ، أي سواء نشأ عن مبرّرات عقلائيّة كخبر الثقة أو الإجماع أو الشهرات أو نشأ عن مبرّرات شخصيّة.

ويبحثون تحت هذا العنوان حجيّة الظنّ المطلق وما هي الأدلّة التي يمكن أن يستدل بها على حجيّته. وقد ذكروا لذلك أربعة أدلّة :

الأول : انّ الظن بالتكليف معناه الظنّ بالضرر عند عدم امتثال التكليف المظنون ، والعقل حاكم بلزوم دفع الضرر المظنون.

الثاني : انّ عدم العمل بما هو مقتضى الظنّ بالتكليف معناه ترجيح للمرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا.

الثالث : هو وجود علم اجمالي بثبوت تكاليف الزاميّة وجوبيّة وتحريميّة ، وهذا ما يقتضي الاحتياط التام إلاّ انّه لمّا كان الاحتياط التام موجبا للوقوع في العسر والحرج يتعيّن التبعيض في الاحتياط وهو يقتضي الأخذ بالمظنونات دون المحتملات ، إذ انّ الأخذ بالمحتملات دون المظنونات يكون من ترجيح المرجوح. وهذا الدليل هو أحد مقدّمات دليل الانسداد.

الرابع : هو دليل الانسداد ، وهو مكون من أربع أو خمس مقدمات ، وقد أوضحناها تحت عنوان الانسداد ».

* * *

٤٢٩ ـ الظنّ النوعي

المراد من الظنّ هنا هو الظنّ المنطقي المقابل للشكّ والاحتمال المنطقيّين ، ووصفه بالنوعي لغرض التمييز بينه وبين الظنّ الشخصي.

فحينما ينشأ الظنّ عن مبرّرات عقلائيّة منتجة للظنّ عند نوع العقلاء لو اتّفق وقوفهم على تلك المبرّرات فإنّ هذا النحو من الظنّ يعبّر عنه بالظنّ النوعي ، أمّا حينما ينشأ الظنّ بواسطة الحدس أو لأسباب لا تنتج

٢٨٣

الظنّ عند نوع العقلاء فإنّ هذا النحو من الظنّ يعبّر عنه بالظنّ الشخصي.

* * *

٤٣٠ ـ الظهور

الظهور في اللغة هو البروز والبيان ، ووصف الشيء بالظاهر يعني وصفه بالبارز والبيّن ، وهذا المعنى لا يبتعد كثيرا عما هو متداول في استعمالات الاصوليين ، فهم يقصدون من الظهور تعيّن أحد المعاني المحتملة للكلام مثلا تصورا وتصديقا أو تصورا دون التصديق ، وذلك في مقابل النصّ والمجمل ، إذ لا ينقدح في الذهن مع النصّ سوى معنى واحد فلا يكون معه أي احتمال بالخلاف ولو بمستوى الوهم ، وأمّا المجمل فهو يحتمل أكثر من معنى دون أن يتعين معه واحد من المعاني المحتملة.

ولكي يتبلور المراد من الظهور في اصطلاح الاصوليين نذكر مجموعة من الامور :

الأمر الأوّل : تنقسم الدلالات اللفظيّة من جهة مدلولها الى ثلاث مراتب :

الاولى : أن يكون مدلولها متعينا وواضحا بنحو يحصل الجزم بارادته ولا يكون ثمة احتمال بإرادة خلافه ولو بمستوى الوهم ، وهذا هو المعبّر عنه بالنص في مرحلة المدلول التصديقي ، وقد تكون النصوصيّة مختصّة بمرحلة المدلول التصوري كما لو كان هو المعنى والمدلول المتعين من الدلالة الوضعيّة اللغويّة إلاّ انّه في مرحلة المدلول التصديقي يحتمل أكثر من معنى بسبب وجود القرينة او احتمالها.

الثانية : أن تكون للدلالة اللفظيّة أكثر من معنى محتمل وتكون هذه المعاني المحتملة اما متكافئة من حيث مستوى الاحتمال أو يكون بعضها أرجح من بعض إلاّ انّ هذا الرجحان لا يصل بالمعنى الراجح الى مستوى الوثوق بكونه هو المعنى المتعين أو المراد وذلك لاعتبارات لغوية أو مقاميّة أو عقلائيّة أو ما الى ذلك ، وفي كلا الصورتين يعبّر عن الدليل أو المدلول بالمجمل.

٢٨٤

الثالثة : ان للدلالة اللفظيّة أكثر من معنى محتمل ويكون أحد المعاني المحتملة هو المتعيّن من تلك المعاني إلاّ انّ تعينه لا يصل لمستوى القطع بل يظلّ احتمال الخلاف واردا ، على أن يكون منشأ التعيّن هو الاعتبارات النوعيّة المتصلة بالضوابط اللغويّة والمناسبات العرفيّة والعقلائيّة ، وهذا هو المعبّر عنه بالظهور.

الأمر الثاني : ينقسم الظهور الى قسمين :

القسم الأوّل : الظهور التصوري وهو تعيّن وانسباق أحد المعاني المحتملة الى الذهن من اطلاق اللفظ على أن يكون منشأ ذلك الانسباق والتعيّن هو الاوضاع اللغويّة فهو المنشأ لاستقرار المعنى في الذهن وركون النفس بتعيّنه دون سائر المحتملات ، إذ انّ لانسباقه واستقراره مبرّر وهو الوضع ، وأمّا المحتملات الاخرى فلو كان لها مبرر فهو غير منتظم ولا مطرد.

والظهور التصوري يظلّ منحفظا حتى مع قيام القرينة المتصلة على عدم إرادته ، كما أوضحنا ذلك تحت عنوان « الدلالة التصوريّة ».

القسم الثاني : الظهور التصديقي ، وهو الظهور الحالي السياقي والذي يتعيّن بواسطته المراد الجدّي من كلام المتكلّم ، وهو لا ينشأ عن الاوضاع اللغويّة كما هو الحال في الظهور التصوري وان كان قد يساهم في انعقاد الظهور التصديقي.

فالظهور التصديقي إذن هو ما يكشف عن مراد المتكلم من خلال ملاحظة حاله ، وهو أيضا لا ينافي وجود محتملات اخرى وانّها هي المراد واقعا إلاّ انّ هذه المحتملات لا اعتداد بها عند العقلاء بعد ان لم يكن لها مبرّر سوى انّ الظهور لا ينتج العلم بالمراد.

ثمّ انّ الظهور التصديقي ـ والذي يتعيّن معه المراد الجدّي للكلام ـ لا ينعقد إلاّ مع عدم القرينة المتصلة على الخلاف ، بمعنى انّ الظهور في التطابق بين المدلول التصوري الوضعي وبين

٢٨٥

المدلول الجدّي منوط بعدم قيام القرينة المتصلة على عدم إرادة المدلول التصوري ، وأما قيام القرينة المنفصلة فلا تمنع من انعقاد الظهور التصديقي ، بمعنى انّ الظهور التصديقي يظلّ منحفظا حتى مع قيام القرينة المنفصلة على خلافه ، نعم في مثل هذه الحالة لا يصح الاعتماد على الظهور التصديقي ، فوظيفة القرينة المنفصلة هي سلب الحجيّة عن الظهور التصديقي ، وأمّا وظيفة القرينة المتصلة فهي المنع عن انعقاد الظهور التصديقي.

الأمر الثالث : انّه يمكن تقسيم الظهور التصوري والتصديقي الى قسمين بلحاظ من ينعقد عنده الظهور :

القسم الأوّل : الظهور الذاتي أو قل الظهور الشخصي ، وهو الظهور الذي ينعقد نتيجة ملابسات ومبررات شخصيّة غير مطردة ، فهو يخضع لعوامل تتصل بخصوص من انعقد عنده الظهور ولا يطرد لنوع المتلقي للكلام.

وهذا النحو من الظهور لا اعتداد به ، فلا يصحّ ترتيب الأثر عليه كما لا يصحّ الاحتجاج به على المتكلم ، إذ لم تنعقد السيرة العقلائيّة ـ والتي هي مدرك ثبوت الحجيّة للظهور ـ على صلاحيته للكشف عن الوضع وعن المراد الاستعمالي والجدّي للمتكلم.

القسم الثاني : الظهور الموضوعي أو قل الظهور النوعي ، وهو الذي ينشأ عن مبرّرات عقلائيّة تعتمد الضوابط اللغويّة والطرق المتبعة عند أهل المحاورة في بيان المراد وتلقي الخطاب.

وهذا النحو من الظهور هو الذي انعقدت السيرة العقلائيّة على ترتيب الأثر على مؤداه والاحتجاج به على المتكلم ، فهو الذي يكشف عن إرادة المتكلّم للمعنى المستظهر ، إذ انّ المستظهر من حال المتكلّم العرفي هو اعتماد الاساليبب العرفيّة في أداء مراداته ، وهذا هو الذي يبرر استظهار إراداته للمعنى المناسب للضوابط اللغويّة والمناسب للأساليب المتبعة

٢٨٦

عند أهل المحاورة وإلاّ لكان المتكلم ـ والذي يفترض حرصه على التحفظ على أغراضه ـ مجازفا بأغراضه ، إذ لو استعمل اسلوبا غير متعارف عند نوع المتلقي لكان من القريب جدا عدم التعرّف على مراده بل قد يكون ذلك مؤديا إلى حمل كلامه على خلاف ما يريد ، وهو ما يحرص المتكلّم على عدم وقوعه.

الأمر الرابع : انّ الظهور الموضوعي النوعي له مرتبتان بلحاظ من انعقد عنده الظهور.

المرتبة الاولى : ويعبّر عنها بالظهور الاقتضائي ، وهو الظهور المناسب لمقتضيات الضوابط اللغويّة وأساليب أهل المحاورة ، ولهذا فهو يقتضي حصول الظنّ بموافقته لمراد المتكلم كما يقتضي المنع عن حصول الظنّ بمنافاته لمراد المتكلم إلاّ انّ هذا الاقتضاء قد لا يؤثر أثره لمزاحم خارجي هذا المزاحم قد يوجب حصول الظنّ بمنافاة الظهور الاقتضائي لمراد المتكلم كما قد يوجب انتفاء الظنّ بموافقة الظهور الاقتضائي لمراد المتكلم.

المرتبة الثانية : ويعبّر عنها بالظهور الفعلي ، وهو الظهور المناسب أيضا لمقتضيات الضوابط اللغويّة وأساليب أهل المحاورة إلاّ انّه يكون مع فعليّة الظنّ بمطابقة ما يقتضيه الظهور الاقتضائي مع مراد المتكلم.

وباتضاح مرتبتي الظهور الموضوعي نقول : انّه قد وقع البحث بين الأعلام عن أيّ المرتبتين من الظهور انعقدت السيرة العقلائيّة على ترتيب الأثر عليه ، فهل هو الظهور الاقتضائي أو هو الظهور الفعلي ، فبناء على كفاية الظهور الاقتضائي يكون الأثر مترتبا على مجرّد مناسبة الظهور لمقتضيات الاوضاع اللغويّة والمناسبات العرفيّة دون أن يناط ترتّب الأثر بأكثر من ذلك ، بمعنى انّه لو لم يحصل الظن بمطابقة ما يقتضيه الظهور مع مراد المتكلّم بل لو حصل الظنّ بمخالفة ما يقتضيه الظهور لمراد المتكلّم فإنّ ذلك لا يستوجب إلغاء أثر الظهور ، وهذا هو معنى القول بحجيّة

٢٨٧

الظهور مطلقا سواء حصل الظنّ بالوفاق أو لم يحصل بل وحتى لو حصل الظنّ بالخلاف ، أي كان الظنّ منافيا لما يناسب الظهور الاقتضائي.

وأمّا بناء على اناطة ترتيب الأثر على الظهور الفعلي فإنّ عدم الظنّ بالوفاق ـ أي الظن بمطابقة الظهور الاقتضائي لمراد المتكلم ـ فضلا عن الظن بالخلاف يكون مانعا عن ترتيب الأثر على الظهور.

وهناك مبنى ثالث حاصله : عدم اناطة ترتيب الأثر على فعليّة الظنّ بموافقة الظهور الاقتضائي لمراد المتكلّم إلاّ انّ الأثر لا يترتب على الظهور لو اتفق حصول الظنّ بمنافاة مقتضى الظهور لمراد المتكلّم.

والمعروف بين الأعلام هو المبنى الأول والذي هو كفاية الظهور الاقتضائي ، أي بقطع النظر عن حصول الظنّ بمخالفة مقتضى الظهور مع مراد المتكلّم فضلا عن حصول الظنّ بموافقة مقتضى الظهور لمراد المتكلّم ، وذلك لقيام السيرة العقلائيّة على العمل بالظهور بمجرّد مناسبته مع مقتضيات الاوضاع اللغويّة وأساليب أهل المحاورة دون ملاحظة فعليّة الظنّ بالوفاق أو عدم الظن بالخلاف.

إلاّ انّه قد يقال بأنّ الصحيح هو المبنى الثاني ، وذلك لأنّ ترتيب الأثر على الظهور نشأ عن كاشفيّة الظهور عن مراد المتكلّم فإذا لم يحصل الظنّ بموافقة الظهور لمراد المتكلّم فلا يكون الظهور صالحا للكشف عن المراد ، فليس ترتيب الأثر على الظهور حكما تعبديا وانّما هو ناشئ عن نكتة عقلائيّة ، وهي أهلية الظهور للكشف عن المراد ، وهذه الأهليّة لا تتفق للظهور في حالات عدم حصول الظنّ بموافقة مقتضاه لمراد المتكلّم.

وأما المبنى الثالث فمدركه انّ الظهور الاقتضائي وان كان أمارة على إرادة المتكلم العرفي لما يقتضيه الظهور إلاّ انّه مع حصول الظنّ بالخلاف تكون هذه الأمارة مزاحمة بأمارة اخرى ، وحينئذ لا مبرّر لاعتماد هذا النحو من الظهور.

٢٨٨

هذا وقد جاء المحقّق النائيني رحمه‌الله في المقام بتفصيل وتبعه في ذلك السيد الخوئي رحمه‌الله ، وحاصل هذا التفصيل انّ الظهور قد يكون الغرض منه ـ بالإضافة الى الكشف عن الواقع ـ الاستفادة منه في مقام الاحتجاج كالاوامر والنواهي ومطلق ما يتّصل بعلاقات الموالي بعبيدهم وكذلك الاقرار والوصيّة وما الى ذلك.

وهذا النحو من الظهور هو الذي انعقدت السيرة العقلائيّة على ترتيب الأثر عليه بمجرّد نشوئه عن مقتضيات الضوابط اللغويّة والمناسبات العرفيّة حتى عند حصول الظنّ بالخلاف فضلا عن عدم حصول الظنّ بالوفاق ، ولهذا لا يصححون اعتذار العبد عن مخالفة مقتضى الظهور بعدم حصول الظنّ بالوفاق أو حصول الظنّ بالخلاف.

وقد يكون الغرض من الظهور هو الكشف واستكشاف الواقع فحسب دون أن يكون الغرض منه الاحتجاج به على المتكلّم أو احتجاج المتكلّم به على المخاطب كالظهورات المتصلة بالمعاملات التجاريّة أو ما يتّصل بالإرشادات الطبيّة ، فإنّ هذا النحو من الظهور لا يرتّب العقلاء عليه الأثر ما لم يحصل الظنّ بمطابقة الظهور مع المراد فصلا عما لو حصل الظنّ بمخالفة مقتضى الظهور لمراد المتكلم.

وبملاحظة هذه الأمور الأربعة يتّضح المراد من الظهور.

* * *

٤٣١ ـ أصالة الظهور

وهي من الاصول اللفظيّة المقتضية للبناء على انّ الظهور اللفظي الوضعي هو المراد جدا للمتكلم ، فموضوع أصالة الظهور هو الشك في مراد المتكلم بعد انعقاد الظهور اللفظي الوضعي ، بمعنى انه قد ينعقد للكلام ظهور في معنى ومع ذلك يقع الشك في انّ المعنى المستظهر من الكلام هل هو مراد جدا للمتكلم أو انّه أراد معنى آخر غير المعنى المستظهر من كلامه ، وحينئذ يكون دور أصالة الظهور هو

٢٨٩

البناء على انّ مراده الجدّي هو نفس المعنى المستظهر من كلامه.

وبيان ذلك : انّ الشك في مراد المتكلّم قد يكون بسبب عدم انعقاد ظهور للكلام ولو بمستوى الظهور التصوري كما في حالات الجهل بأصل الوضع أو الجهل بما هو المتفاهم العرفي من هذا التعبير أو ما الى ذلك ، ففي حالة من هذا القبيل لا سبيل للتمسّك بأصالة الظهور.

وقد يحصل الشك في مراد المتكلم رغم انعقاد الظهور اللفظي لكلامه ، ومنشأ الشك حينئذ أحد امور :

الأمر الأول : هو احتمال غفلة المتكلّم عن نصب قرينة على مراده الجدّي ، فيحتمل انّه واقعا لا يريد المعنى الظاهر من كلامه بل يريد معنى آخر إلاّ انّه غفل عن نصب القرينة على عدم إرادة المعنى الظاهر وانّه مريد لمعنى آخر.

الأمر الثاني : هو احتمال تعمّد المتكلّم في اخفاء القرينة المعبّرة عن مراده الجدّي ، وذلك لغرض يراه مصححا لإخفاء القرينة وعدم التصريح بها.

الأمر الثالث : هو احتمال انّ المتكلّم قد نصب القرينة على مراده الجدّي المنافي للظهور اللفظي إلاّ انّ المتلقي لم يطلع على هذه القرينة.

وتلاحظون انّ مجموع هذه المناشئ لا تنافي انعقاد الظهور اللفظي ، وذلك لأنّه لو كان ثمة قرينة على إرادة خلاف ما هو الظهور اللفظي لكانت قرينة منفصلة ، وقد قلنا في بحث الظهور انّ القرينة المنفصلة لا تهدم الظهور حال وجودها فضلا عن احتمال وجودها ، نعم مع قيام القرينة المنفصلة ينكشف انّ الظهور غير مراد جدا للمتكلم وبهذا تسقط الحجيّة عن الظهور اللفظي ، أما حينما تكون القرينة المنفصلة محتملة فإنّ هذا الاحتمال بمناشئة الثلاثة لا اعتداد به في نظر العقلاء بل يكون البناء حينئذ على ما يقتضيه الظهور اللفظي ، وهذا هو معنى أصالة الظهور ، نعم وقع الخلاف بين الأعلام في انّ التمسّك بأصالة الظهور

٢٩٠

هل يكون ابتدائيا بمعنى انّ مجرّد احتمال القرينة المنفصلة مصحّح للتمسك بأصالة الظهور أو انّ التمسّك بأصالة الظهور يكون بعد نفي احتمال القرينة بأصالة عدم القرينة.

ذهب الشيخ الأنصاري رحمه‌الله لذلك ، وذهب جمع من الأعلام كالسيّد الخوئي والسيّد الصدر رحمهما الله الى عدم الحاجة لتنقيح أصالة الظهور بواسطة أصالة عدم القرينة ، وهذا ما سيأتي ايضاحه تحت عنوان « أصالة عدم القرينة ».

ثمّ انّ هنا أمرا لا بدّ من التنبيه عليه وان كان قد اتّضح ممّا تقدّم وهو انّ التمسّك بأصالة الظهور ابتداء انّما يكون في حالات انعقاد الظهور اللفظي للكلام ، وأمّا إذا لم ينعقد ظهور للكلام فإنّ أصالة الظهور لا يمكن التمسّك بها ابتداء بل قد لا يصحّ التمسّك بها تبعا في بعض الحالات ، كما قد اتّضح ممّا تقدّم انّ الظهور اللفظي لا ينعقد مع وجود القرينة المتّصلة ، وهذا لا إشكال فيه.

انّما الإشكال في حالات احتمال القرينة المتصلة ، فهل يمكن التمسّك بأصالة الظهور لنفي القرينة المتصلة المحتملة أو لا بدّ من اجراء أصالة عدم القرينة أولا وبها يمكن التمسّك بأصالة الظهور أو انّه لا مجال للتمسّك بالاصلين بل يكون الكلام في حالة من هذا القبيل مجملا أو انّ الصحيح هو التفصيل.

وبيان ذلك : ذكر السيّد الخوئي رحمه‌الله انّ منشأ احتمال القرينة المتصلة على قسمين ، فتارة يكون مرتبطا بغفلة المتكلّم أو السامع ، كما لو احتملنا غفلة المتكلّم عن نصب القرينة المتّصلة رغم إرادتها أو احتملنا اتفاق غفلة السامع عنها رغم انّ المتكلّم قد نصبها. وتارة يكون الاحتمال غير مرتبط بغفلة المتكلّم أو السامع كما لو عرض على الكتاب المشتمل على كلام المتكلّم تلف واحتمل المتلقي اشتمال ما تلف منه على قرينة متّصلة توجب صرف الكلام عن ظهوره الاولي.

ففي القسم الأوّل لا سبيل للتمسك بأصالة الظهور ابتداء كما ذهب لذلك

٢٩١

صاحب الكفاية رحمه‌الله ، وذلك لأنّ احتمال وجود القرينة يقتضي اجمال الكلام ، إذ لا يتحرّر ظهور لكلام متكلّم ما لم يحرز انّه في مقام تفهيم المعنى الظاهر بدوا ، ولا سبيل لإحراز ذلك مع احتمال القرينة المتّصلة ، نعم يمكن استظهار إرادة المعنى الظاهر بدوا بواسطة أصالة عدم القرينة كما ذكر الشيخ الأنصاري رحمه‌الله ، إذ مع نفي القرينة بواسطة هذا الأصل اللفظي العقلائي يتنقح الظهور ، ولعلّ هذا هو منشأ بناء المشهور على التمسّك بمقتضى الظهور رغم احتمال القرينة المتصلة.

وأمّا القسم الثاني فلا سبيل معه للتمسّك بأصالة الظهور كما لا سبيل لنفي احتمال القرينة وان كان المعروف بين الاصوليين هو امكان التمسّك بأصالة الظهور بعد اجراء أصالة عدم القرينة.

وعلّل السيّد الخوئي رحمه‌الله ذلك بأنّ احتمال القرينة يوجب عدم انعقاد ظهور للكلام للزوم احراز عدم القرينة المتّصلة في انعقاد الظهور ولا سبيل لاحراز ذلك حتى بواسطة أصالة عدم القرينة ، إذ انّ مدركها هو البناء العقلائي ، وليس ثمّة بناء عقلائي على نفي القرينة المحتملة في هذا الفرض ، فما هو ملاحظ بالوجدان انّ العقلاء حينما يعرض عليهم كتاب قد مزّقت بعض أوراقه ونشأ عن ذلك احتمال وجود قرينة متّصلة قد سقطت مع الأوراق الساقطة فإنّهم لا يرتبون الأثر على ما هو مستظهر من الكتاب بقطع النظر عن القرينة المحتملة ، ولا ينفون القرينة المحتملة بأصالة عدم القرينة بل يعتبرون الكلام مجملا.

وعمّق السيّد الصدر رحمه‌الله الإشكال بما حاصله انّ اجراء أصالة عدم القرينة المتصلة من العقلاء ليس تعبديا بل ينشأ عن مبرّر هو أصالة عدم الغفلة باعتبار انّ الغفلة حالة اتفاقيّة تنافي مقتضى الطبع الإنساني ، وهذا هو السبب في عدم امكانيّة تنقيح الظهور فيما هو مفترض بأصالة عدم القرينة ، إذ انّ أصالة عدم القرينة ترتكز كما قلنا على أصالة عدم الغفلة ،

٢٩٢

واجراء أصالة عدم الغفلة فيما هو مفترض غير ممكن بعد ان لم يكن عدم وجود القرينة ناشئا عن احتمال غفلة المتكلّم أو السامع.

وبهذا اتّضح السبب في امكان التمسّك بأصالة عدم القرينة المتصلة لتنقيح الظهور في القسم الأوّل وعدم امكان ذلك في القسم الثاني ، إذ انّ احتمال القرينة في القسم الأوّل نشأ عن احتمال غفلة المتكلّم أو السامع ، وأمّا احتمال القرينة المتّصلة في القسم الثاني فعدم الغفلة لا ينفع في دفع احتمال القرينة حتى لو كنّا نقطع بعدم الغفلة ، إذ انّ الاحتمال لم ينشأ عن الغفلة او احتمالها وانّما نشأ عن عارض آخر كتمزّق بعض أوراق الكتاب أو خروج السامع عن مجلس الخطاب قبل اكمال المتكلّم لكلامه أو عروض النوم على السامع أو اتّفاق ابتلائه بثقل السمع ، فإنّ احتمال القرينة المتّصلة الناشئ عن هذه المناشئ لا يندفع بأصالة عدم القرينة المتّصلة لارتكازها على أصالة عدم الغفلة وهي غير نافعة في مثل هذا الفرض وذلك لأنّ احتمال القرينة غير مرتبط باحتمال الغفلة.

* * *

٤٣٢ ـ الظهور الاقتضائي والفعلي

قد أوضحنا المراد منهما في الأمر الرابع تحت عنوان « الظهور ».

* * *

٤٣٣ ـ الظهور التصوري والتصديقي

اتّضح من الأمر الثاني من عنوان « الظهور » الفرق بين الظهور التصوري والظهور التصديقي ، ويبقى الكلام فيما ينقسم عليه الظهور التصديقي ، فقد ذكر انّ للظهور التصديقي قسمين :

القسم الأوّل : الظهور التصديقي الاولي ويعبّر عنه بالدلالة الاستعماليّة ، وقد أوضحنا المراد منها تحت عنوانها.

القسم الثاني : الظهور التصديقي الثاني ، ويعبّر عنها بالدلالة التصديقيّة

٢٩٣

الثانية أو بالدلالة الجدّيّة ، وقد بينا المراد منها في محلّها ، فراجع.

وقد اتّضح ممّا تقدّم انّ كلا القسمين منوطان بعدم القرينة المتّصلة على الخلاف ، وأمّا القرينة المنفصلة فلا يؤثر وجودها في انهدام الظهور التصديقي بكلا قسميه ، نعم قيام القرينة المنفصلة يوجب سقوط الظهور التصديقي الثاني عن الحجيّة.

والمتحصّل انّ القرينة المنفصلة تمنع عن الحجيّة وأمّا القرينة المتّصلة فتمنع عن انعقاد الظهور التصديقي الاولي والثاني.

* * *

٤٣٤ ـ الظهور التضمني

المراد من الظهور التضمني هو ظهور الكلام في بعض المعنى تبعا لظهوره في تمام المعنى ، فعند ما يكون الكلام في ظاهرا في معنى مركب مثلا فإنّ هذا الظهور يستتبع ظهورا آخر في جزء المعنى المركب ، وهذا الظهور هو المعبّر عنه بالظهور التضمني ، فلو أقرّ شخص ببيع داره فإنّ ظهور كلامه في بيع تمام الدار يعبّر عنه بالظهور الاستقلالي ، وهذا الظهور يستتبع ظهورات اخرى ، كظهور الكلام في بيع حجرات الدار وبيع فناء الدار وهكذا ، وهذه الظهورات هي المعبّر عنها بالظهورات التضمنيّة.

ولا تخفى تبعيتها للظهور الاستقلالي ثبوتا انّما البحث عن تبعيّة الظهور التضمني للظهور الاستقلالي في السقوط ، بمعنى انّه لو ثبت عدم إرادة الظهور الاستقلالي وانّ ما ظهر بدوا من إرادة تمام المعنى غير مراد جدا وانّ بعض المعنى غير مراد من الكلام فحينئذ هل يقتضي ذلك سقوط الظهور التضمني في المعاني الجزئيّة الاخرى ، بمعنى انّ ذلك هل يوجب سقوط الحجيّة عن الظهورات التضمنيّة التي لم تقم القرينة على عدم إرادتها أو لا؟

ذهب جمع من الأعلام الى عدم تبعيّة الظهور التضمني للظهور الاستقلالي في السقوط عن الحجيّة ،

٢٩٤

وعلل السيّد الخوئي رحمه‌الله ذلك بأنّ الظهور الاستقلالي في تمام المعنى ينحلّ الى ظهورات تضمنيّة بلحاظ كلّ جزء من أجزاء المعنى ، فلو سقطت بعض الظهورات التضمنيّة فإنّ ذلك لا يوجب سقوط الظهورات التضمنيّة الاخرى بعد انعقاد الظهور لها وعدم تبعيّة بعضها لبعض فليس بعضها علّة لوجود الآخر ولا هو معلول له ، بمعنى انّ انعقاد الظهور في جزء المعنى لا ينشأ عن انعقاده في جزء المعنى الآخر حتى يكون سقوط أحد الظهورات التضمنيّة موجبا لسقوط تمام الظهورات التضمنيّة ، فالظهورات التضمنيّة وان كانت منحلّة عن الظهور الاستقلالي إلاّ انّ ذلك لا يعني ترابط الظهورات التضمنيّة فيما بينها بل انّ كلّ واحد من الظهورات التضمنيّة ناشئ عن نكتة مستقلّة عن الظهور التضمني الآخر.

* * *

٤٣٥ ـ الظهور الحالي

من الواضح انّه كما تكون للألفاظ مدلولات يمكن استظهارها اعتمادا على ما تقتضيه الاوضاع اللغويّة والمناسبات العرفيّة المتّبعة عند أهل المحاورة كذلك يمكن أن يكون للسلوك العملي مدلولات متعيّنة أو محتملة ، فلو كان للسلوك العملي مدلول متعين تركن اليه النفس اعتمادا على ما يقتضيه المتفاهم العرفي في مقام التعرف على ما توحيه المواقف العمليّة واعتمادا على الأساليب المتّبعة عقلائيا عند إرادة التعبير عن المراد بواسطة السلوك العملي.

ففي حالة من هذا القبيل يعبّر عن المدلول المتعيّن من الموقف العملي بالظهور الحالي ، ومنشأ التعبير عن هذا النحو من الظهور بالظهور الحالي هو انّ استفادته تتمّ بواسطة ملاحظة الحالة التي عليها ذو الموقف العملي والحالة العمليّة التي صدرت عنه.

ثمّ انّه ليس المقصود من المتعيّن هو ما يأبى احتمال إرادة مدلول آخر بل المقصود منه انسباق أحد المعاني المحتملة بنحو يكون هذا الانسباق

٢٩٥

مبررا عرفا لاعتماده على ما هو المتفاهم العرفي في مقام التعرف على ما توحيه المواقف الصادرة عن العقلاء.

* * *

٤٣٦ ـ الظهور الذاتي والموضوعي

قد أوضحنا المراد منهما في الأمر الثالث من عنوان « الظهور » وقلنا انّ الظهور الذاتي لا اعتداد به فلا يصحّ ترتيب الأثر عليه كما لا يصلح للاحتجاج به ، نعم قد يستفاد من الظهور الذاتي ـ كما أفاد السيّد الصدر رحمه‌الله لاستكشاف انعقاد الظهور الموضوعي ، وذلك في حالات انسباق الظهور الذاتي لذهن المخاطب نتيجة انسه بالتناسب بين المعنى المنسبق وبين كلام المتكلّم دون أن يجد المخاطب لهذا الانس مبرّر شخصي رغم فحصه وتأمّله ، فحينئذ يكون ذلك دليلا على انّ استظهاره الذاتي نشأ عن الظهور الموضوعي ، غايته انّه كان مرتكزا بنحو الإجمال وصار الظهور الذاتي منشئا لتبلوره وبروزه كما يقال ذلك في التبادر.

والمتحصل انّ الظهور الذاتي بهذا النحو يكون معبّرا عن الظهور الموضوعي.

٢٩٦

حرف العين

٢٩٧

عناوين حرف العين

٤٣٧ ـ العام الاصولي

٤٥٥ ـ العلّة الانحصاريّة

٤٣٨ ـ العدم الأزلي

٤٥٦ ـ العلّة والحكمة

٤٣٩ ـ العدم المحمولي

٤٥٧ ـ العموم

٤٤٠ ـ العدم النعتي

٤٥٨ ـ العموم الاستغراقي

٤٤١ ـ العرض الذاتي

٤٥٩ ـ العموم البدلي

٤٤٢ ـ العرض الغريب

٤٦٠ ـ العموم الزماني

٤٤٣ ـ العرض والعرضي

٤٦١ ـ العموم السياقي

٤٤٤ ـ العرف

٤٦٢ ـ العموم الفوقاني

٤٤٥ ـ العزيمة

٤٦٣ ـ العموم المجموعي

٤٤٦ ـ العقل العملي

٤٤٧ ـ العقل النظري

٤٤٨ ـ علامات الحقيقة والمجاز

٤٤٩ ـ مسلك العلاميّة

٤٥٠ ـ علل الأحكام

٤٥١ ـ العلم الإجمالي في التدريجيّات

٤٥٢ ـ العلم الإجمالي والتفصيلي

٤٥٣ ـ علم الاصول

٤٥٤ ـ علم الجنس

٢٩٨

حرف العين

٤٣٧ ـ العام الاصولي

المراد من العام الاصولي هو الشمول والاستيعاب المفاد بواسطة الوضع ، وذلك في مقابل العام اللغوي فإنّه لا يختصّ بالعموم المستفاد بواسطة الوضع بل يشمل العموم المستفاد من دوال اخرى كقرينة الحكمة ، وقد يطلق العام الاصولي على خصوص العموم الافرادي اي الاستغراقي في مقابل العموم المجموعي كما يظهر ذلك من عبائر المحقّق النائيني رحمه‌الله.

لاحظ عنوان « العموم » وأقسامه.

* * *

٤٣٨ ـ العدم الأزلي

والمراد من العدم الأزلي هو العدم الثابت من الأزل والذي لم يطرأ عليه الوجود في زمن ما ثم انعدم ، وهذا التعبير وان لم يكن دقيقا ـ لضيق الخناق ـ إلاّ انّه يفي بالغرض.

فعدم زيد الذي لم يطرأ عليه الوجود في زمن ما عدم أزلي ، ومن هنا لو وقع الشك في ارتفاع العدم بعد اليقين به فإنّه لا ريب في جريان استصحاب العدم الثابت من الأزل.

وهذا المقدار لا إشكال فيه انّما الإشكال في انّه لو كان ثمّة موضوع مركب من جزءين أحدهما متعنون بعنوان وجودي والآخر متعنون بعنوان عدمي وكنّا نحرز عدمهما معا ثم علمنا بتحقق العنوان الوجودي بعد اليقين بعدمه ووقع الشك في ارتفاع العدم عن العنوان العدمي ، هل يمكن

٢٩٩

استصحاب العدم الثابت من الأزل ، وبهذا يتحقّق الموضوع المركب بواسطة الوجدان والأصل ، فالجزء الاول والذي هو العنوان الوجودي أحرزناه بالوجدان والجزء العدمي أحرزناه بواسطة الاستصحاب ، أو انّ الاستصحاب لا يجري؟

نقول : انّ ما يساهم في ايضاح المطلب فرضيتان :

الفرضيّة الاولى : ان يفترض كون الموضوع المركّب مركبا من معروض وعدم عرضه مع افتراض عدم وجود ملازمة بين وجود المعروض ووجود عرضه.

ومثاله : ما لو كان الموضوع مركبا من الرجل غير الفاسق ، فإنّ المعروض هو الرجل وعدم عرضه هو غير الفاسق ، وواضح انّه لا ملازمة ببين وجود الرجل واتّصافه بالفسق ، وحينئذ لو كنّا على يقين من عدم الرجل وعدم فسقه ثمّ أحرزنا وجود الرجل إلاّ انّه وقع الشك في ارتفاع عدم الفسق ، بمعنى انّه وقع الشك في تحقّق الفسق للرجل ، فهل يمكن استصحاب عدم الفسق الثابت للرجل قبل وجوده أو لا؟

فلو قلنا بامكان جريان الاستصحاب لكان ذلك يقتضي تنقّح الموضوع المركّب ، وذلك بواسطة الوجدان والأصل ، أما ما ثبت بالوجدان فهو وجود الرجل ، وأمّا ما ثبت بالأصل ـ وهو الاستصحاب ـ فهو عدم فسق الرجل الثابت من الأزل ، فبواسطة استصحاب العدم الأزلي تنقح الموضوع المركّب من العنوان الوجودي والعنوان العدمي.

ثمّ انّ هذه الفرضيّة لم تقع موردا للإشكال ، وذلك حتى لو لم نقل بامكان استصحاب عدم الفسق الثابت من الأزل فإنّ بالإمكان استصحاب عدم الفسق الثابت عند ما لم يكن الرجل بالغا ، وبذلك يتنقّح الموضوع المركب بلا ريب ، غايته انّ المستصحب هل هو عدم الفسق الثابت من الأزل أو هو عدم الفسق الثابت عند ما لم يكن الرجل

٣٠٠