بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٣٣ ـ وعن ابن زيد قال : لم يسم من حملة العرش إلا إسرافيل ، وميكائيل ليس من حملة العرش (١).

٣٤ ـ وعن كعب قال : لبنان أحد الثمانية تحمل العرش يوم القيامة (٢).

وعن ميسرة قال : ثمانية أرجلهم في التخوم ، ورؤوسهم عند العرش ، لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور (٣).

٣٦ ـ المهج : في دعاء مروي عن موسى بن جعفر (ع) : يا من خافت الملائكة من نوره المتوقد حول كرسيه وعرشه ، صافون مسبحون طائفون خاضعون مذعنون « الدعاء ».

٣٧ ـ الاحتجاج : عن هشام بن الحكم قال : سأل الزنديق أبا عبدالله عليه السلام عن الكرسي أهو أعظم (٤) أم العرش؟ فقال (ع) : كل شئ خلق (٥) الله في جوف الكرسي خلا (٦) عرشه فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي (٧).

٣٨ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه عن إسحاق بن الهيثم ، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباتة ، أن عليا عليه السلام سئل عن قول الله تبارك وتعالى « وسع كرسيه السماوات والارض » قال : السماوات والارض وما فيهما من مخلوق في جوف الكرسي ، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله ، فأما ملك منهم في صورة الآدميين ، وهي أكرم الصور على الله ، وهو يدعو الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق (٨) لبني آدم ، والملك الثاني في صورة الثور وهو سيد البهائم و [ هو ] يطلب إلى الله ويتضرع إليه ، ويطلب الشفاعة والرزق للبهائم (٩) ، والملك الثالث في صورة

____________________

(١ و ٢ و ٣) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٦١.

(٤) في المصدر : فالكرسى أكبر أم العرش؟

(٥) في المصدر : خلقه الله.

(٦) في المصدر : ما خلا عرشه.

(٧) الاحتجاج : ١٩٣.

(٨) والسعة في الرزق ( خ )

(٩) في المخطوطة : لجميع البهائم.

٢١

النسر وهو سيد الطير (١) وهو يطلب إلى الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع الطير ، والملك الرابع في صورة الاسد وهو سيد السباع وهو يرغب إلى الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع السباع ، ولم يكن في هذه الصور أحسن من الثور ، ولا أشد انتصابا منه حتى اتخذ الملامن بني إسرائيل العجل فلما عكفوا عليه وعبدوه من دون خفض الملك الذي في وصرة الثور رأسه استحياء من الله أن عبد من دون الله شئ يشبهه ، وتخوف (٢) أن ينزل به العذاب. ثم قال عليه السلام : إن الشجر لم يزل حصيدا أكله حتى دعي للرحمن ولد ، عز الرحمن وجل أن يكون له ولد ، فكادت (٣) السماوات يتفطرن منه ، وتنشق الارض ، و تخر الجبال هدا ، فعند ذلك اقشعر الشجر وصار له شوك ، حذارا أن ينزل به العذاب ، فما بال قوم غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعدلوا عن وصيه لا يخافون أن ينزل بهم العذاب؟! ثم تلا هذه الآية « الذين بدلوا نعمة الله كفروا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار » (٤) ثم قال : نحن والله نعمة الله التي أنعم الله بها على عباده ، بنا فاز من فاز (٥).

بيان : قد تحمل هؤلاء الحملة على أرباب الانواع التي قال بها أفلاطون وأضرابه ، وما يظهر من صاحب الشريعة لايناسب ما ذهبوا إليه بوجه ، كما لا يخفى على العارف بمصطلحات الفريقين.

٣٩ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن النضر ، عن موسى بن بكر عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله « وسع كرسيه السماوات والارض » قال : سألت أبا عبدالله (ع) عن قول الله تعالى « وسع كرسيه السماوات والارض » السماوات والارض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السماوات والارض؟ قال : بل الكرسي

____________________

(١) في المخطوطة : سيد الطيور.

(٢) في المصدر : ما يشبهه : ويخاف.

(٣) في المصدر : تكاد.

(٤) ابراهيم : ٢٩.

(٥) تفسير على بن ابراهيم : ٧٥.

٢٢

وسع السماوات والارض والعرش وكل شئ خلق الله في الكرسي (١).

بيان : لعل سؤال زرارة لاستعلام أن في قرآن أهل البيت « كرسية » منصوب أو مرفوع ، وإلا فعلى تقدير العلم بالرفع لا يحسن هذا السؤال لاسيما من مثل زرارة ويروى عن الشيخ البهائي ره أنه قال : سألت عن ذلك والدي فأجاب ره بأن بناء السؤال على قراءة « وسع » بضم الواو وسكون السين مصدرا مضافا ، وعلى هذا يتجه السؤال ، وإني تصفحت كتب التجويد فما ظفرت على هذه القراءة إلا هذه الايام رأيت كتابا في هذا العلم مكتوبا بالخط الكوفي وكانت هذه القراءة فيه وكانت النسخة بخط مصنفه. وقوله « والعرش » لعله منصوب بالعطف على الارض أو مرفوع بالابتدائية فالمراد بالكرسي العلم أو بالعرش فيما ورد أنه محيط بالكرسي العلم ، وقيل : العرش معطوف على الكرسي ، أي والعرش أيضا وسع السماوات والارض ، فالمعنى أن الكرسي والعرش كلا منهما وسع السماوات والارض فالمراد بكل شئ خلق الله كل ما خلق فيهما.

٤٠ ـ التوحيد : عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن محمد الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل « وسع كرسيه » إلى قوله والعرش وكل شئ في الكرسي (٢).

ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسن (٣) بن الحسن بن أبان ، عن

____________________

(١) تفسير على بن ابراهيم القمى : ٧٥.

(٢) التوحيد : ٢٣٩.

(٣) في المصدر « الحسين بن الحسن بن ابان » وهو الصحيح ، قال الشيخ ره في باب اصحاب العسكرى عليه السلام : الحسين بن الحسن بن ابان ادركه « يعنى العسكرى عليه السلام » ولم أعلم أنه روى عنه ، وقال : انه روى عن « الحسين بن سعيد » كتبه كلها ، وروى عنه ابن الوليدو ذكر ابن قولويه ان قرابة الصفار وسعيد بن عبدالله لكنه اقدم منهما لانه يروى عن الحسين بن سعيد دونهما والظاهر انه من الثقات لرواية اجلة القميين كسعد بن عبدالله وابن الوليد عنه ، وكونه من مشايخ الاجازة ، مضافا إلى أن العلامة ره في المنتهى والمختلف والشهيد في الذكرى وصفا حديثه بالصحة.

٢٣

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابن بكير ، عن زرارة مثله.

العياشى : عن زرارة مثله.

٤١ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم ابن عمر اليماني ، عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : جاء رجل إلى أبي علي بن الحسين عليهما السلام فقال له : إن ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيمن نزلت! فقال أبي عليه السلام : سله فيمن نزلت « ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا » (١)؟ وفيمن نزلت « ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم » (٢)؟ وفيمن نزلت « يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا » (٣)؟ فأتاه الرجل فسأله فقال : وددت أن الذي أمرك بهذا وأجهني به (٤) فأسأله عن العرش مم خلقه الله (٥) وكم هو وكيف هو؟ فانصرف الرجل إلى أبي عليه السلام فقال أبي (ع) : فهل أجابك بالآيات؟ قال : لا ، قال أبي : لكن أجيبك فيها بعلم ونور غير المدعي ولا المنتحل ، أما قوله « ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا » ففيه نزلت وفي أبيه ، وأما قوله « ولا ينفعكم نصحي إن أردت ان أنصح لكم » ففي أبيه نزلت ، و أما الاخرى ففي ابنه (٦) نزلت وفينا ولم يكن الرباط الذي أمرنا به ، وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ، ومن نسله المرابط ، وأما ما سأل عنه من العرش مم خلقه الله فإن الله خلقه أرباعا ، لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء : الهواء ، والقلم ، والنور ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة من ذلك النور : نور أحضر منه أخضرت الخضرة

____________________

(١) الاسراء : ٧٢.

(٢) هود : ٣٤.

(٣) آل عمران : ٢٠٠.

(٤) في بعض النسخ : واجهنى به فأسأله ، ولكن سله ما العرش ومتى خلق وكيف هو؟

(٥) في المصدر : ومتى خلق!

(٦) في المصدر : ففى أبيه.

٢٤

ونور أصفرمنه أصفرت الصفرة ، ونور أحمر منه أحمرت الحمرة ، ونورأبيض و هو نور الانوار ، ومنه ضوء النهار ، ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين ، ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ، لو اذن للسان واحد فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون ، وكشف البحار ولهلك ما دونه ، له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة مالا يحصي عددهم إلا الله. يسبحون بالليل (١) والنهار لا يفترون ، ولو أحس حس شئ مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين بينه وبين الاحساس حجب الجبروت والكبيرياء والعظمة والقدس والرحمة والعلم (٢) وليس وراء هذا مقال ، لقد طمع الحائر في غير مطمع ، أما إن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم فيخرجون أقواما من دين الله ، وستصبغ الارض بدماء أفراخ من أفراخ آل محمد تنهض تلك الفراخ في غير وقت ، وتطلب غير مدرك ، ويرابط الذين آمنوا ، ويصبرون ويصابرون ، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين (٣).

٤٢ ـ التوحيد : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي الطفيل (٤) عن أبي جعفر ، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال : إن الله عزوجل خلق العرش أرباعا وذكر مثله إلى قوله وليس بعد هذا مقال (٥).

الكشى : عن جعفر بن معروف ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى

____________________

(١) الليل ( خ ).

(٢) القلم ( خ ).

(٣) تفسير على بن ابراهيم : ٣٨٥.

(٤) هو عامر بن واثلة الكنانى الليثى ، ذكر في خلاصة تذهيب الكمال « ص : ١٥٧ » أنه ولد عام أحد ، واثبت مسلم وابن عدى صحبته إلى ان قال كان من شيعة على ثم سكن مكة إلى ان مات سنة مائة وقيل سنة عشر « يعنى بعد المائة » وهو آخر من مات من جميع الصحابعة على الاطلاق.

(٥) التوحيد : ٢٣٨.

٢٥

مثل ما رواه علي بن ابراهيم إلى آخر الخبر.

وقال أيضا : حدثني علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمد ابن أبي عمير ، قال : جاء رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام وذكر نحوه.

الاختصاص : عن جعفر بن الحسين ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد ابن الحسن الصفار ، عن علي بن إسماعيل عن حماد مثله (١).

بيان : « غير المدعي » أي بلا حقيقة ، والانتحال أن يدعي شعر غيره أو قوله لنفسه. وفي رواية الكشي بعد ذلك : أما الاولتان فنزلتا في أبيه ، وأما الاخيرة فنزلت في أبي وفينا. وكذا في الاختصاص وفيه بعده : ولم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد. وعلى التقادير يدل على أن العمى المذكور في الآية ليس عمى العين بل عمى القلب. إذ العباس لم ينقل عماه بل عبدالله صار أعمى « ففي ابنه نزلت » لعل الظاهر ففي بنيه ، ويمكن أن يراد به الجنس ، أو أول من خرج منهم أي نزلت في المرابطة ، والانتظار الذي امرنا به في دولة ذريته الملعونة ، فقوله عليه السلام « من نسله المرابط » على التهكم ، أو بزعمهم ، فإنهم كانوا يترقبون الدولة في زمن بني امية ، أو المراد المرابطة اللغوية لا المذكورة في الآية ، ويحتمل أن يكون المراد بالمرابط الخارج بالسيف ، والمرابط من الائمة القائم عليه السلام ومنهم أولهم أوكلهم وفي القاموس : ربطه : شده ، والرباط : ما ربط به ، والمواظبة على الامر وملازمة ثغر العدو كالمرابطة والمرابطة أن يربط كل من الفريقين خيولهم في ثغره وكل معد لصاحبه فسمي المقام في الثغر رباطا ومنه قوله تعالى « وصابروا ورابطوا » (٢) « انتهى » « ولو أحس شئ مما فوقه » لعل قوله مما فوقه مفعول « أحس » أي شيئا مما فوقه وفي الاختصاص « ولو أحس شيئا مما فوقه » أي حاس أو كل من الملائكة الحاملين. وفي بعض النسخ « ولو أحس حس شئ » وفي بعضها « ولو أحس حس شيئا ». وهو أظهر « بينه وبين الاحساس » أي بين الملك أو الحاس وبين إحساس ما فوقه

____________________

(١) الاختصاص : ٧١٧٣.

(٢) آل عمران : ٢٠٠.

٢٦

« حجب الجبروت والكبرياء » أي الصورية أو المعنوية « وليس وراء هذا مقال » أي لا يمكن وصف ما وراء هذه الحجب « لقد طمع الحائر » أي ابن عباس ، وفي بعض النسخ « الخائن » وفي بعضها « الخاسر » في غير مطمع أي في أمر لا ينفع طمعه فيه وهو فوق مرتبته.

« فيخرجون » وفي الكشي : « يستخرجون أقواما من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه » والمراد بالافراخ السادات الذين خرجوا وقتلوا ، لانهم خرجوا في غير وقت الخروج وعند استقرار دولة المخالفين « وتطلب غير مدرك » على بناء المفعول أي ما لا يمكن إدراكه. وفي الكشي : غير ما تدرك. وقد مرت الوجوه الكثيرة في تأويل الانوار في كتاب التوحيد ، وفي هذا الباب أيضا فلا نعيدها ههنا.

٤٣ ـ التفسير : « والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يومئذ تعرضون » قال : حملة العرش ثمانية لكل واحد ثمانية أعين ، كل عين طباق الدنيا ، وفي حديث آخر : حملة العرش ثمانية : أربعة من الاولين وأربعة من الآخرين ، فأما الاربعة من الاولين فنوح ، وإبراهيم ، وموسى وعيسى عليهم السلام و أما الاربعة من الآخرين ، فمحمد ، وعلي ، والحسن ، والحسين ومعنى « يحملون العرش » يعني العلم (١).

٤٤ ـ الخصال : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد الاصبهاني ، عن سليمان بن داود ، عن حفص بن (٢) غياث قال : سمعت

____________________

(١) تفسير على بن ابراهيم : ٦٩٤.

(٢) هو حفص بن غياث بكسر المعجمة ابن طلق بن معاوية ابوعمر النخعى قاضى الكوفه ، عده الشيخ ره من اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام وادعى في العدة اجماع الطائفة على العمل بروايته. وقال النجاشى « ١٠٤ » انه ولى القضاء ببغداد الشرقية لهارون ثم ولاه قضاء الكوفة ومات بها سنة اربع وتسعين ومائة « انتهى » ولتوليه القضاء مر قبل هارون استظهر جماعة كونه عاميا لكنه كما ترى ، والنجاشى لم يشر إلى عامية مذهبه عند التعرض لترحمته ولو كان عاميا لاشار إليه كما هو دأبه ، قال في تنقيح المقال « ج ١ ، ص ٣٥٥ » : يدل على كونه شيعيا جملة من اخباره ورواياته ثم ذكر بعضها.

٢٧

أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن حملة العرش ثمانية لكل واحد منهم ثمانية أعين كل عين طباق الدنيا (١).

٤٥ ـ ومنه : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، مرسلا قال : قال الصادق عليه السلام : إن حملة العرش أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم ، والثاني على صورة الديك يسترزق الله للطير ، والثالث على صورة الاسد يسترزق الله للسباع والرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم ، ونكس الثور رأسه منذ عبد بنو إسرائيل العجل ، فإذا كان يوم القيمة صاروا ثمانية (٢).

بيان : يمكن أن يكون الذي يسترزق للطير شبيها بالنسر والديك معا ، فلذا شبه بهما.

٤٥ ـ التوحيد : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي ، والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش والعرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب ، والحجاب جزء من سبعين جزء من نور الستر (٣) « الخبر ».

٤٦ ـ التوحيد والمعانى : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال سألت أبا عبدالله (ع) عن قول الله عزوجل « وسع كرسيه السماوات والارض » قال : علمه (٤).

٤٧ ـ المعانى : عن أحمد بن الحسن ، عن عبدالرحمن بن محمد الحسني ، عن أحمد بن عيسى بن أبي مريم ، عن محمدبن أحمد العرزمى ، عن علي بن حاتم المنقري عن المفضل بن عمر ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن العرش والكرسي ماهما؟

____________________

(١) الخصال : ٣٩.

(٢) الخصال : ٤٠.

(٣) التوحيد : ٦٤.

(٤) التوحيد : ٢٣٩ ، المعانى : ٣٠.

٢٨

فقال : العرش في وجه هو جملة الخلق ، والكرسى وعاؤه ، وفي وجه آخر هو العلم الذي اطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه ، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع عليه أحد من أنبيائه ورسله وحجه عليهم السلام (١).

٤٨ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن موسى بن جعفر البغدادي عن محمد بن جمهور ، عن عبدالله بن عبدالرحمن ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة « أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم وأتوب إليه » كتب في الافق المبين. قال : قلت : وما الافق المبين؟ قال : قاع بين يدي العرش فيه أنهار تطرد ، فيه من القدحان عدد النجوم (٢).

٤٩ ـ التوحيد : عن محمد بن الحسين الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد ، عن ربعي (٣) ، عن الفضيل ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل « وسع كرسيه السماوات والارض » قال : يا فضيل السماوات والارض وكل شئ في الكرسي (٤).

٥٠ ـ ومنه : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل « وسع كرسيه السماوات والارض » فقال : السماوات والارض وما بينهما في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره (٥).

____________________

(١) المعانى : ٢٩.

(٢) المعانى : ٢٢٨.

(٣) بكسر الراء وسكون الباء ، قال النجاشى : ربعى بن عبدالله بن الجارود بن أبى سبرة الهذلى ابونعيم بصرى ثقة روى عن أبى عبدالله وابى الحسن عليهما السلام وصحب الفضيل بن يسار واكثر الاخذ عنه وكان خصيصا به إلى ان قال وله كتاب رواه عن عدة من اصحابنا رحمهم الله منهم حماد بن عيسى.

(٤) التوحيد : ٢٣٩.

(٥) التوحيد : ٢٣٩.

٢٩

٥١ ـ ومنه : عن علي بن أحمد الدقاق ، عن محمد بن جعفر الاسدي ، عن محمدبن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن العرش والكرسي فقال : إن للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وصنع (١) في القرآن صفة على حدة ، فقوله « رب العرش العظيم » يقول : الملك العظيم ، وقوله « الرحمن على العرش استوى » يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية في الاشياء. ثم العرش في الوصل مفرد (٢) من الكرسي ، لانهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنها (٣) الاشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والاين والمشية وصفة الارادة وعلم الالفاظ والحركات والترك وعلم العود والبداء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لان ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال « رب العرش العظيم » أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان. قلت : جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال عليه السلام : إنه صار جاره لان علم الكيفوفية فيه وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها (٤) وحد رتقها وفتقها ، فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الظرف. وبمثل صرف العلماء ، وليستدلوا (٥) على صدق دعواهما لانه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز.

فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك وتعالى « رب العرش رب الوحدانية عما يصفون » وقوم وصفوه بيدين فقالوا « يدالله مغلولة » وقوم وصفوه بالرجلين فقالوا وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء ، و

____________________

(١) وضع ( خ ).

(٢) في بعض النسخ وفى المصدر : متفرد.

(٣) في المصدر : « منه » وهو الظاهر.

(٤) في بعض النسخ : ابنيتها.

(٥) في المصدر : يستدلوا.

٣٠

وصفوه (١) بالانامل فقالوا : إن محمدا (ص) قال « إني وجدت برد أنامله على قلبي » فلمثل هذه الصفات قال « رب العرش عما يصفون » يقول : رب المثل الاعلى عما به مثلوه ، ولله المثل الاعلى الذي لايشبهه شئ ولا يوصف ولايتوهم ، فذلك المثل الاعلى. ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الامثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جعلوا به ، فلذلك قال « وما اوتيتم من العلم إلا قليلا » فليس له شبه ولا مثل ولاعدل ، وله الاسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها في الكتاب فقال « فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه » جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه [ جهلا ] بغير علم يشرك وهو لايعلم ، ويكفر به وهو يظن أنه يحسن ، فلذلك قال « وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون » فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم ، فيضعونها غير مواضعها.

يا حنان! إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمدا صلى الله عليه وآله فكان الدليل على الله بإذن الله عزوجل حتى مضى دليلا هاديا ، فقام من بعده وصيه عليه السلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ثم الائمة الراشدون عليهم السلام (٢).

بيان ، « صفات كثيرة » أي معان شتى وإطلاقات مختلفة « ملك الكيفوفية في الاشياء » أي كيفية ارتباطه سبحانه بمخلوقاته وتدبيره لها وعلمه بها ومباينته عنها ، ولذا وصف ذلك بالاستواء فليس بشئ أقرب من شئ ، ورحمته وعلمه وسعا كل شئ ، ويحتمل أن يكون المراد تدبير صفات الاشياء وكيفياتها وأوضاعها وأحوالها ، ولعله أظهر. « ثم العرش في الوصل مفرد » أي إذا عطف أحدهما على الآخر ووصل بينهما في الذكر فالعرش مفرد عن الكرسي ومبائن له ، وفي غير ذلك قد يطلقان على معنى واحد كالعلم « وهما جميعا غيبان » أي مغيبان عن الحواس قوله عليه السلام « لان الكرسي هو الباب الظاهر » يظهر منه مع غاية غموضه أن المراد

____________________

(١) في المصدر : وقوم وصفوه.

(٢) التوحيد : ٢٣٦.

٣١

بالكرسي والعرش هنا نوعان من علمه سبحانه ، فالكرسي العلم المتعلق بأعيان الموجودات ، ومنه يطلع ويظهر جميع الموجودات بحقائقها وأعيانها ، والامور البديعة في السماوات والارض وما بينهما ، والعرش العلم المتعلق بكيفيات الاشياء ومقاديرها وأحوالها وبدئها وعودها ، ويمكن أن يكون أحدهما عبارة عن كتاب المحو والاثبات ، والآخر عن الحوح المحفوظ. قوله عليه السلام « لان علم الكيفوفية » أي إنهما إنما صارا جارين مقرونين لان أحدهما عبارة عن العلم المتعلق بالاعيان والآخر عن العلم المتعلق بكيفيات تلك الاعيان فهما مقرونان ، ومن تلك الجهة صح جع كل منها ظرفا للآخر ، لان الاعيان لما كانت محال للكيفيات فهي ظروفها وأوسع منها ، ولما كانت الكيفيات محيطة بالاعيان فكأنها ظرفها وأوسع منها وبهذا الوجه يمكن الجمع بين الاخبار ولعله اشير إلى هذا بقوله « أحدهما جعل صاحبه في الظرف » بالظاء المعجمة أي بحسب الظرفية ، وفي بعض النسخ بالمهملة أي حيث ينتهي طرف أحدهما بصاحبه إذا قرئ بالتحريك ، وإذا قرئ بالسكون فالمراد نظر القلب. « وبمثل صرف العلماء » أي علماء أهل البيت عليهم السلام عبروا عن هذه الامور بالعبارات المتصرفة المتنوعة على سبيل التمثيل والتشبيه ، فتارة عبروا عن العلم بالعرش ، وتارة بالكرسي ، وتارة جعلوا العرش وعاء الكرسي ، وتارة بالعكس ، وتارة أرادوا بالعرش والكرسي الجسمين العظيمين ، وإنما عبروا بالتمثيل ليستدلوا على صدق دعواهما ، أي دعواهم لهما ، وما ينسبون إليهما و يبينون من غرائبهما وأسرارهما ، وفي أكثر النسخ « وليستدلوا » فهو عطف على مقدر أي لتفهيم أصناف الخلق وليستدلوا ، ولعل الاظهر « دعواهم ».

قوله عليه السلام « فمن اختلاف صفات العرش » أي معانيه قال في سورة الانبياء « فسبحان الله رب العرش عما يصفون » فالمراد بالعرش هنا عرش الوحدانية ، إذ هي أنسب بمقام التنزيه عن الشريك ، إذا المذكور قبل ذلك « أم اتخذوا آلهة من الارض هم ينشرون * لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون » وقال سبحانه في سورة الزخرف « قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين

٣٢

سبحان رب السماوات والارض رب العرش عما يصفون » والمناسب هنا عرش التقدس والتنزه عن الاشباه والامثال والاولاد ، فالعرش في كل مقام يراد به معنى يعلمه الراسخون في العلم. ثم إنه ظاهر الكلام يوهم أن الظرف في قوله « عما يصفون » متعلق بالعرش وهو بعيد ، بل الظاهر تعلقه بسبحان ، وعلى ما قررنا عرفت أنه لا حاجة إلى ارتكاب ذلك ، ويدل الخبر على أن خطاب « وما اوتيتم » متوجه إلى السائلين عن الروح وأضرابهم لا إلى النبي (ص) قوله عليه السلام « من ظاهر علمه » إنما خص بالظاهر لان باطن علمه لا يطيقه سائر الخلق سوى أوصيائه عليهم السلام. واعلم أن هذا الخبر من المتشابهات ، وغوامض المخبيات ، والظاهر أنه وقع من الرواة والنساخ لعدم فهمهم معناه تصحيفات وتحريفات أيضا ، فلذا أجملت الكلام فيه ، وما ذكرته إنما هو على سبيل الاحتمال ، والله يعلم وحججه حقائق كلامهم عليهم السلام.

٥٢ ـ العياشى : عن الاصبغ ، قال : سئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن قول الله « وسع كرسيه السماوات والارض » فقال : إن السماء (١) والارض وما فيهما من خلق مخلوق في جوف الكرسي ، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله.

٥٣ ـ تفسير العسكرى : قال : قال رسول الله (ص) : إن الله لما خلق العرش خلق له ثلاثمائة وستين ألف ركن ، وخلق عند كل ركن ثلاثمائة وستين ألف ملك ، لو أذن الله تعالى لاصغرهم فالتقم السماوات السبع والارضين السبع ما كان ذلك بين لهواته إلا كالرملة في المفازة الفضفاضة! فقال لهم الله : يا عبادي احتملوا عرشي هذا ، فتعاطوه فلم يطيقوا حمله ولا تحريكه ، فخلق الله عزوجل مع كل واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يزعزعوه ، فخلق الله مع كل واحد منهم عشرة فلم يقدروا أن يحركوه ، فخلق الله بعدد كل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحركوه ، فقال الله عزوجل لجميعهم : خلوه علي امسكه بقدرتي ، فخلوه فأمسكه الله عزوجل بقدرته ، ثم قال لثمانية منهم : احملوه أنتم. فقالوا : يا ربنا

____________________

(١) السماوات ( خ ).

٣٣

لم نطقه نحن وهذا الخلق الكثير والجم الغفير ، فكيف نطيقه الآن دونهم؟! فقال الله عزوجل : « لاني أنا الله المقرب للبعيد ، والمذلل للعبيد ، والمخفف للشديد والمسهل للعسير ، أفعل ما أشاء وأحكم ما اريد ، اعلمكم كلمات تقولونها يخف » (١) بها عليكم. قالوا : وما هي؟ قال : تقولون « بسم الله الرحمن الرحيم ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطيبين » فقالوها فحملوه ، و خف على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جلد قوي. فقال الله عزوجل لسائر تلك الاملاك : خلوا على هؤلاء الثمانية عرشي ليحملوه ، وطوفوا أنتم حوله وسبحوني ومجدوني وقد سوني ، فأنا الله القادر [ المطلق ] على ما رأيتم وعلى كل شئ قدير.

بيان : « الفضفاضة » الواسعة ذكره الجوهري ، وقال : الجلد الصلابة و الجلادة ، تقول منه جلد الرجل بالضم فهو جلد.

٥٤ ـ روضة الواعظين : روى جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام أنه قال : في العرش تمثال ما خلق الله من البر والبحر (٢) قال : وهذا تأويل قوله « وإن من شئ إلا عندنا خزائنه » (٣) وإن بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسيرة ألف عام ، والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من النور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله ، والاشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة ، وإن لله تعالى ملكا يقال له « خرقائيل » له ثمانية عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، فخطر له خاطر : هل فوق العرش شئ؟ فزاده الله تعالى مثلها أجنحة اخرى ، فكان له ست وثلاثون ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، ثم أوحى الله إليه : أيها الملك طر ، فطار مقدار عشرين ألف عام لم ينل رأس (٤) قائمة من قوائم العرش ، ثم ضاعف الله له في الجناح والقوة

____________________

(١) يخفف ( خ ).

(٢) في المصدر : في البر والبحر.

(٣) الحجر : ٢١.

(٤) راسه ( خ ).

٣٤

وأمره أن يطير ، فطار مقدار ثلاثين ألف عم لم ينل أيضا ، فأوحى الله إليه : أيها الملك! لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ إلى ساق عرشي (١)! فقال الملك « سبحان ربي الاعلى » فأنزل الله عزوجل « سبح اسم ربك الاعلى » فقال النبي صلى الله عليه وآله : اجعلوها في سجودكم.

٥٥ ـ وروي من طريق المخالفين في قوله « ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية » قال : ثمانية صفوف لايعلم عددهم إلا الله ، لكل ملك منهم أربعة وجوه لهم قرون كقرون الوعلة ، من اصول القرون إلى منتهاها مسيرة خمسمائة عام ، و العرش على قرونهم ، وأقدامهم في الارض السفلى ، ورؤوسهم في السماء العليا ، و دون العرش سبعون حجابا من نور (٢).

بيان : قال الجزري : الوعول تيوس الجبل ، واحدها وعل بكسر العين ، و منه الحديث في تفسير قوله تعالى « ويحمل عرش ربك فوقهم يوئمذ ثمانية » قيل : هي ثمانية أو عال ، أي ملائكة على صورة الاوعال.

٥٦ ـ تأويل الايات الظاهرة : نقلا من كتاب محمد بن العباس بن ماهيار عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن الحسين العلوي ، عن محمد بن حاتم ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قوله تعالى « الذين يحملون العرش ومن حوله » قال : يعني محمدا ، وعليا ، والحسن ، والحسين ونوحا ، وإبراهم ، وموسى ، وعيسى عليهم السلام.

٥٧ ـ الاختصاص : عن ابن عباس ، قال : سأل ابن سلام النبي (ص) فكان فيما سأله : ما الستة عشر؟ وما الثمانية عشر؟ قال : ستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش ، وذلك قوله « حافين من حول العرش » وأما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلق بين الكرسي والحجب ، ولو لا ذلك لذابت

____________________

(١) في المصدر : إلى ساق العرش.

(٢) روضة الواعظين : ٥٩.

٣٥

صم الجبال الشوامخ ، واحترقت الجن والانس من نور الله. قال : صدقت يا محمد (١).

٥٨ ـ في بعض الكتب عن علي بن الحسين عليهما السلام : إن في العرش تمثال جميع ما خلق الله.

٥٩ ـ المتهجد : في دعاء ليلة الجمعة : اللهم رب النور العظيم ورب الكرسي الواسع ، ورب العرش العظيم ، ورب البحر المسجور « الدعاء ».

٦٠ ـ وفي تعقيب صلاة أميرالمؤمنين عليه السلام : وأسألك باسمك الذي خلقت به عرشك الذي لا يعلم ما هو إلا أنت إلى قوله وأسألك يا الله باسمك الذي تضعضع به سكان سماواتك ، واستقر به عرشك إلى قوله وأسألك باسمك الذي أقمت به عرشك وكرسيك في الهواء إلى قوله وأسألك باسمك الذي دعاك به حملة عرشك فاستقرت أقدامهم ، وحملتهم عرشك بدلك الاسم يا الله الذي لا يعلمه ملك مقرب ولا حامل عرشك ولا كرسيك إلا من علمته ذلك.

٦١ ـ بيان التنزيل لابن شهر آشوب عن الصادق عليه السلام : إن بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير عشرة آلاف عام (٢).

____________________

(١) الاختصاص : ٢٧.

(٢) حاصل ما يستفاد من الروايات الشريفة أن العرش مخلوق عظيم جدا يشتمل على ما دونه من الموجودات ، خلق من انوار اربعة ، ويحمله اربعة من الملائكة ، وله اربع قوائم وليس اول المخلوقات بل رابعها ، وهو الملكوت الذى اراه الله اصفياءه ، وفيه تمثال ما خلق الله في البر والبحر ، وفيه خزائن جميع الاشياء ، وهو الباب الباطن من العلم ، وفيه علم الكيف والكون والعود والبداء وقد يستعمل بمعنى الملك والقدرة بعناية ، ومنه قوله تعالى « الرحمن على العرش استوى » ولعل منه ايضا « وكان عرشه على الماء ».

وقد تكلف بعض الحكماء لتطبيقه على الفلك التاسع من الافلاك المفروضة في الهيئة القديمة ، لكنه لايوافق ما ذكر له من الخواص في الروايات والذى يفيده التدبر البالغ في خواصه المذكورة في الروايات الشريفة ان اشتماله على ما دونه من الموجودات ليس كاشتمال جسم مجوف على آخر ، بل معناه اشتماله على صور الاشياء وحقائقها وكمالاتها ، قال عليه السلام « في العرش تمثال ما خلق الله تعالى في البر والبحر وهذا تأويل قوله وان من شئ الا عندنا

٣٦

تحقيق وتوفيق : اعلم أن ملوك الدنيا لما كان ظهورهم وإجراء أحكامهم على رعيتهم إنما يكون عند صعودهم على كرسي الملك وعروجهم على عرش السلطنة ومنهما تظهر آثارهم وتتبين أسرارهم ، والله سبحانه لتقدسه عن المكان لايوصف بمحل ولا مقر وليس له عرش ولا كرسي يستقر عليهما ، بل يطلقان على أشياء من مخلوقاته أو صفاته الكمالية على وجه المناسبة ، فالكرسي والعرش يطلقان على معان : أحدها جسمان عظيمان خلقهما الله تعالى فوق سبع سماوات ، وظاهر أكثر الاخبار أن العرش أرفع وأعظم من الكرسي ، ويلوح من بعضها العكس ، والحكماء يزعمون أن الكرسي هو الفلك الثامن ، والعرش هو الفلك التاسع ، وظواهر الاخبار تدل على خلاف ذلك من كونهما مربعين ذاتي قوائم وأركان ، وربما يؤولان بالجهات والحدود والصفات التي بها استحقا التعظيم والتكريم ، ولا حاجة لنا إلى هذه التكلفات ، وإنما سميا بالاسمين لبروز أحكامه وتقديراته من عندهما ، وإحاطة الكروبيين والمقربين وأرواح النبيين والاوصياء بهما ، وعروج من قربه من جنابه إليهما ، كما أن أوامر الملوك وأحكامهم وآثار سلطنتهم وعظمتهم تبدو منهما ، و تطيف مقربوا جنابهم وخواص ملكهم بهما ، وأيضا لما كانا أعظم مخلوقاته الجسمانية وفيهما من الانوار العجيبة والآثار الغريبة ما ليس في غيرهما من الاجسام فدلالتهما على وجوده وعلمه وقدرته وحكمته سبحانه أكثر من سائر الاجسام ، فلذا خصا بهذين الاسمين من بينهما ، وحملتهما في الدنيا جماعة من الملائكة كما عرفت ، وفي الآخرة إما الملائكة أو اولوالعزم من الانبياء مع صفوة الاوصياء عليهم السلام كما عرفت ، و

____________________

خزائنه » وقال « هو الباب الباطن الذى ويجد فيه علم الكيف والكون. وهما « يعنى العرش والكرسى » غيبان وهما في العلم مقرونان فبالنظر إلى هذه الخواص لايبعد استظهار كونه من الموجودات النورانية العالية والجواهر المجردة العقلية ، وكونه رابعها بحسب المرتبة الوجودية ، مشتملا على اربع حيثيات مختلفة يبقى اشكال وهو انه ربما يظهر من بعض الروايات كونه جسما عظيما فوق السماء السابعة فلو كان المراد غير ذلك لم لم يصرح به؟ والجواب قوله عليه السلام في رواية حنان المتقدمة « بمثل صرف العلماء » والله العالم.

٣٧

يمكن أن يكون نسبة الحمل إليهم مجازا لقيام العرش بهم في القيامة وكونهم الحكام عنده والمقربين لديه.

وثانيها : العلم كما عرفت إطلاقهما في كثير من الاخبار عليه وقد مر الفرق بينهما في خبر معاني الاخبار وغيره ، وذلك أيضا لان منشأ ظهوره سبحانه على خلقه العلم والمعرفة ، وبه يتجلى على العباد ، فكانه عرشه وكرسيه سبحانه وحملتهما نبينا وأئمتنا عليهم السلام لانهم خزان علم الله في سمائه وأرضه لاسيما ما يتعلق بمعرفته سبحانه.

وثالثها الملك ، وقد مر إطلاقهما عليه في خبر « حنان » والوجه ما مر أيضا.

ورابعها : الجسم المحيط وجميع ما في جوفه أو جميع خلق الله كما ذكره الصدوق ره ويستفاد من بعض الاخبار ، إذ ما من شئ في الارض ولا في السماء وما فوقها إلا وهي من آيات وجوده وعلامات قدرته ، وآثار وجوده وفيضه وحكمته فجميع المخلوقات عرش عظمته وجلاله ، وبها تجلى على العارفين بصفات كماله وهذا أحد المعاني التي خطرت ببالي الفاتر في قولهم عليهم السلام « وارتفع فوق كل منظر » فتدبر.

وخامسها : إطلاق العرش على كل صفة من صفاته الكماليه والجلالية إذ كل منها مستقر لعظمته وجلاله ، وبها يظهر لعباده على قدر قابليتهم ومعرفتهم فله عرش العلم ، وعرش القدرة ، وعرش الرحمانية ، وعرش الرحيمية ، وعرش الوحدانية ، وعرش التنزه كما مر في خبر حنان وغيره. وقد أول الوالده ره الخبر الذي ورد في تفسير قوله تعالى « الرحمن على العرش استوى » أن المعنى : استوى من كل شئ فليس شئ أقرب إليه من شئ ، أن المراد بالعرش هنا عرش الرحمانية والظرف حال أي الرب سبحانه حالكونه على عرش الرحمانية استوى من كل شئ ، إذ بالنظر إلى الرحيمية التي هي عبارة عن الهدايات والرحمات الخاصة بالمؤمنين أقرب ، أو المراد أنه تعالى بسبب صفة الرحمانية حال كونه على عرش الملك والعظمة والجلال استوى نسبته إلى كل شئ ، وحينئذ فائدة التقييد بالحال نفي

٣٨

توهم أن هذا الاستواء مما ينقص من عظمته وجلاله شيئا.

وسادسها إطلاق العرش على قلب الانبياء والاوصياء عليهم السلام وكمل المؤمنين فإن قلوبهم مستقر محبته ومعرفته سبحانه ، كما روي أن قلب المؤمن عرش الرحمن وروي أيضا في الحديث القدسي « لم يسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن ».

ثم اعلم أن إطلاقهما على بعض المعاني عند التصريح به أو إقامة القرائن عليه لا ينافي وجوب الاذعان بالمعنى الاول الذي هو الظاهر من أكثر الآيات والاخبار ، والله المطلع على الاسرار.

٥

(باب)

* (الحجب والاستار والسرادقات) *

١ـ التوحيد والخصال : عن أحمد بن الحسن القطان ، عن أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان ، عن بكر بن عبدالله ، عن تميم بن بهلول ، عن نصر بن مزاحم المنقري ، عن عمرو بن سعد ، عن أبي مخنف (١) لوط بن يحيى ، عن أبي منصور ، عن زيد بن وهب ، قال : سئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن الحجب ، فقال : أول الحجب سبعة ، غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام ، وبين كل حجابين مسيرة خمسمائة عام ، والحجاب الثاني سبعون حجابا ، بين كل حجابين مسيرة خمسمائة عام (٢)

____________________

(١) وزان « منبر » وابومخنف هو لوط بن يحيى بن مخنف بن سليم الازدى شيخ اصحاب الاخبار بالكوفة كما عن النجاشى يروى عن الصادق عليه السلام وكان من اعاظم مؤرخى الشيعة ، ومع اشتهاره بالتشيع اعتمد عليه علماء السنة كالطبرى والجزرى وغيرهما ، له كتب في التاريخ والسير منها « مقتل الحسين عليه السلام » الذى نقل عنه اعاظم العلماء المتقدمين توفى سنة « ١٥٧ » وجده « مخنف » صحابى شهد الجمل في اصحاب على عليه السلام حاملا راية الازد فاستشهد في تلك الواقعة سنة « ٣٦ ».

(٢) في المصدر : وطول خمسمائة عام.

٣٩

حجبة كل حجاب منها سبعون ألف ملك ، قوة كل ملك منهم قوة الثقلين ، منها ظلمة ، ومنها نور ، ومنها نار ، ومنها دخان ، ومنها سحاب ومنها برق (١) ، ومنها رعد ، ومنها ضوء ، ومنها رمل ، ومنها جبل ، ومنها عجاج ، ومنها ماء ، ومنها أنهار. وهي حجب مختلفة غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام ، ثم سرادقات الجلال وهي ستون (٢) سرادقا ، في كل سرادق سبعون ألف ملك ، بين كل سرادق وسرادق مسيرة خمسمائة عام ، ثم سرادق العز ، ثم سرادق الكبرياء ، ثم سرادق النور الابيض ، ثم سرادق الوحدانية وهو مسيرة سبعين ألف عام ، ثم الحجاب الاعلى. وانقضى كلامه عليه السلام وسكت فقال له عمر : لا بقيت ليوم لا أراك فيه يا أبا الحسن (٣)!

قال الصدوق ره : ليست هذه الحجب مضروبة على الله ، تعالى عن ذلك لانه لا يوصف بمكان ، ولكنها مضروبة على العظمة العليا من خلقه التي لايقادر قدرها غيره تبارك وتعالى (٤).

بيان : قوله عليه السلام « منها ظلمة » لعل المراد من مطلق الحجب لامن الحجب المتقدمة كما يدل عليه قوله « غلظ كل حجاب » الخ.

٢ ـ المعانى والخصال : عن أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المقري ، عن محمد ابن إبراهيم الجرجاني ، عن عبدالصمد بن يحيى الواسطي ، عن الحسن بن علي المدني ، عن عبدالله بن المبارك (٥) ، عن السفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد الصادق

____________________

(١) مطر ( خ ).

(٢) في المحطوطة : سبعون.

(٣) التوحيد : ٢٠١.

(٤) الخصال : ٣٧٣٦.

(٥) هو ابوعبدالرحمن عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلى المروزى العالم الزاهد المحدث من تابعى التابعين ، ذكر ترجمته مفصلا في تاريخ بغداد والحلية وغيرهما واثنوا عليه كثيرا ، روى عنه انه قال : كتبت عن اربعة آلاف شيخ ، فرويت عن ألف ، وروى انه قال لابى

٤٠