بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أدى ذلك إلى ترك الظلم أصلا لانطفاء النائرة وانكسار الحمية في تلك المدة فإن الاشياء تجر إلى أشكالها.

وشهور السنة : المحرم ، سمي بذلك لتحريم القتال فيه ، وصفر ، سمي بذلك لان مكة تصفر من الناس فيه أي تخلو ، وقيل لانه وقع وباء فيه فاصفرت وجوههم وقال أبوعبيد : سمي بذلك لانه صفرت فيه أوطابهم (١) عن اللبن ، وشهرا ربيع سميا بذلك لانبات الارض وإمراعها (٢) فيهما ، وقيل : لارتباع القوم أي إقامتهم والجماديان ، سميتا بذلك لجمود الماء فيهما ، ورجب سمي بذلك لانهم كانوا يرجبونه ويعظمونه ، يقال : رجبته ورجبته بالتخفيف والتشديد وقيل : سمي بدلك لترك القتال فيه ، من قولهم « رجل أرجب » إذا كان أقطع لايمكنه العمل وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : إن في الجنة نهرا يقال له « رجب » ماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل ، من صام يوما من رجب شرب منه ، وشعبان سمي بذلك لتشعب القبائل فيه ، عن أبي عمرو ، وروى زياد بن ميمون أن النبي صلى الله عليه وآله قال : إنما سمي شعبان لانه يشعب فيه خير كثير لرمضان ، و شهر رمضان ، سمي بذلك لانه يرمض الذنوب ، وقيل : سمي بذلك لشدة الحر وقيل : إن رمضان من أسماء الله تعالى ، وشوال ، سمي بذلك لان القبائل كانت تشول فيه أي تبرح عن أمكنتها ، وقيل : لشولان الناقة (٣) أذنابها فيه ، وذوالقعدة سمي بذلك لقعودهم فيه عن القتال ، وذوالحجة ، لقضاء الحج فيه.

« ذلك الدين القيم » أي ذلك الحساب المستقيم الصحيح ، لا ماكانت العرب تفعله من النسئ ، وقيل : معناه ذلك الحساب (٤) المستقيم الحق ، وقيل : معناه

____________________

(١) الاوطاب : جمع « الوطب » وهو سقاء اللبن.

(٢) امرع المكان : أخصب.

(٣) في المصدر : النوق.

(٤) في المصدر : القضاء.

٣٤١

ذلك الدين تعبد به ، فهو اللازم « فلا تظلموا فيهن » أي في هذه الاشهر (١) كلها عن ابن عباس. وقيل : في هذه الاشهر الحرم « أنفسكم » بترك أوامر الله وارتكاب نواهيه ، وإذا عاد الضمير إلى جميع الشهور فإنه يكون نهيا عن الظلم في جميع العمر وإذا عاد إلى الاشهر الحرم ففائدة التخصيص أن الطاعة فيها أعظم ثوابا ، والمعصية أعظم عقابا ، وذلك حكم الله في جميع الاوقات الشريفة ، والبقاع المقدسة (٢) « انتهى ».

أقول : ويحتمل أن يكون المراد : فلا تظلموا أنفسكم في أمرهن بهتك حرمتهن. وقال الطبرسي ره : قال مجاهد : كان المشركون يحجون في كل شهر عامين ، فحجوا في ذي الحجة عامين ، ثم حجوا في المحرم عامين ، ثم حجوا في صفر عامين ، وكذلك في الشهور ، حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة ، ثم حج النبي صلى الله عليه وآله في العام القابل حجة الوداع ، فوافقت ذا الحجة فلذلك (٣) قال النبي (ص) في خطبته : ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والارض « الخبر » أراد صلى الله عليه وآله بذلك أن الاشهرالحرم رجعت إلى مواضعها ، وعاد الحج إلى ذي الحجة ، وبطل النسئ (٤).

« يضل به الذين كفروا » قال البيضاوي : أي ضلالا زائدا ، وقرأحمزة والكسائي وحفص « يضل » على البناء للمفعول « يحلونه عاما » أي يحلون النسئ من الاشهر الحرم سنة ، ويحرمون مكانه شهرا آخر « ويحرمونه عاما » فيتركونه على حرمته « ليواطئوا عدة ما حرم الله » أي ليوافقوا عدة الاربعة المحرمة ، واللام متعلقة بيحرمونه أو بما دل عليه مجموع الفعلين « فيحلوا ما حرم الله » بمواطاة العدة وحدها من غير مراعاة الوقت (٥) « انتهى ».

____________________

(١) في المصدر : الشهور.

(٢) مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٢٨٢٧.

(٣) في المصدر : فوافقت في ذى الحجة فذلك حين.

(٤) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٢٩.

(٥) انوارالتنزيل : ج ١ ، ص ٥٠٠.

٣٤٢

وأقول : لما كانت معرفة الاخبار المذكورة في هذا الباب وغيره متوقفة على معرفة الشهور والسنين ومصطلحاتهما قدمنا شيئا من ذلك فنقول : لما احتاجوا في تقدير الحوادث إلى تركيب الايام ، وكان أشهر الاجرام السماوية الشمس ثم القمر ، وكان دورة كل منهما إنما تحصل في أيام متعددة ، كانا متعينين بالطبع لاعتبار التركيب ، فصار القمر أصلا في الشهر والشمس أصلا في السنة. ثم إن الظاهر من حال القمر ليس دورة في نفسه ، بل باعتبار تشكلاته النورية ، فلذلك كان الشهر مأخوذا منها ، وهي إنما تكون بحسب أوضاعه مع الشمس ، ويتم دوره إذا صار فضل حركة القمر على حركة الشمس الحقيقيين دورا ، والعلم به متعذر لانهما إذا اجتمعا مثلا بمقوميهما وعاد القمر بمقومه إلى موضع الاجتماع فقد سارت الشمس قوسا ، فإذا قطع القمر تلك القوس فقد سارت قوسا اخرى ، ومع تعذره مختلف لاختلاف حركتيهما بمقوميهما ، فلا يكون ذلك الفضل أمرا منضبطا فمستعملوا الشهر القمري من أهل الظاهر منهم من يأخذونه من يوم الاجتماع إلى يومه وهم اليهود والترك ، ومنهم من ليلة رؤية الهلال إلى ليلتها وهم المسلمون أومن تشكل آخر إلى مثله بحسب ما يصطلحون عليه ، واعتبار الاستهلال أولى ، لانه أبين أوضاعه من الشمس وأقربها إلى الادراك ، مع أن القمر في هذا الموضع كالموجود بعد العدم ، والمولود الخارج من الظلم. لكن لما لم يكن لرؤية الاهلة حد لايتعداه لاختلافها باختلاف المساكن وحدة الابصار إلى غير ذلك لم يلتفت إليها إلا في الاحكام الشرعية المبتنية على الامور الظاهرة ، ومستعملوه من أهل الحساب يأخذون الدور من الفضل بين الحركتين الوسطيتين ، فيجدونه في تسعة وعشرين يوما ونصف يوم ودقيقة واحدة وخمسين ثانية إذا جزئ يوما (١) بليلته بستين دقيقة ، وكل دقيقة بستين ثانية ، وهذا هو الشهر القمري الاصطلاحي المبني على اعتبار سير الوسط في السيرين ، وإذا ضرب عدد أيامه في « اثني عشر » عدد أشهر السنة خرج

____________________

(١) كذا في جميع النسخ التى بأيدينا.

٣٤٣

أيام السنة القمرية الاصطلاحية ، وهو ثلاثمائة وأربع وخمسون يوما وخمس وسدس يوم ، وهي ناقصة عن أيام السنة الشمسية بعشرة أيام وعشرين ساعة ونصف ساعة مستوية بالتقريب ، فيأخذون لشهر ثلاثين يوما ولشهر آخر تسعة وعشرين يوما ، و ذلك لانهم اصطلحوا على أخذ الكسر الزائد على النصف صحيحا ، فأخذوا المحرم الذي هو أول شهور السنة القمرية ثلاثين يوما لكون الكسر أزيد من النصف فصار صفر تسعة وعشرين لذهاب النصف عنه بما احتسب في المحرم ، فلم يبق إلا ضعف فضل الكسر الزائد على النصف أعني ثلاث دقائق وأربعين ثانية وهو غير ملتفت إليه لقصوره عن النصف ، وصار أول الربيعين ثلاثين يوما وثانيهما تسعة وعشرين وعلى هذا الترتيب إلى آخر السنة ، فصار ذوالحجة تسعة وعشرين [ يوما ] وخمس وسدس يوم وهما اثنتان وعشرون دقيقة ، لانها الحاصلة من ضرب مازاد في الكسر على النصف وهو دقيقة واحدة وخمسون ثانية في « اثني عشر » عدد الشهور ، وإذا فعل بشهور السنة مثل ما فعل بشهور الاولى اجتمع لذي الحجة في الثانية مثل مامر ، فيصير الجميع أربعا وأربعين دقيقة ، وهو زائد على النصف فيؤخذ ذوالحجة في السنة الثانية ثلاثين يوما ، ويذهب في السنة الثالثة من الكسر اللازم بعدكل سنة ست عشرة دقيقة بما اعتبر في السنة السابقة (١) وتبقى ست دقائق ، فتنضم إلى الكسر اللازم من السنة الرابعة فيصير المجموع ثماني وعشرين دقيقة ، وهو أقل من النصف ، فإذا انضم إلى كسر السنة الخامسة صار مجموعهما خمسين دقيقة ، وهو أكثر من النصف فيجعل ذو الحجة في هذه السنة ثلاثين يوما ويذهب من الكسر اللازم في السنة السادسة ، عشر دقائق ، وتبقى اثنتا عشرة دقيقة ، فينضم إلى كسر السنة السابعة ويصير المجموع أربعا وثلاثين دقيقة ، فيؤخذ ذوالحجة فيها ثلاثين يوما ، وعلى هذا القياس يؤخذ ذوالحجة ثلاثين يوما في السنة العاشرة ، والثالثة عشرة ، والسادسة

____________________

(١) لان ذا الحجة اخذ في السنة الثانية ثلاثين يوما وهو ناقص عنه بست عشرة دقيقة لانه كان زائدا على التسعة والعشرين يوما بأربع وأربعين دقيقة ، والاربع والاربعون دقيقة تنقص عن الستين دقيقة بست عشرة دقيقة.

٣٤٤

عشرة ، والثامنة عشرة ، والحادية والعشرين ، والرابعة والعشرين ، والسادسة والعشرين ، والتاسعة والعشرين ، ومن لم يعتبر في اعتبار الكسر مجاوزة النصف بل يكتفي بالوصول إليه يجعل ذا الحجة في السنة الخامسة عشرة ثلاثين يوما بدل السادسة عشرة ، وعلى التقديرين إذا اخذ ذو الحجة في السنة التاسع والعشرين ثلاثين يوما بقي عليهم لتمام يوم اثنتان وعشرون دقيقة ، فينجبربالكسر اللازم في السنة الثلاثين ، ويتم عددأيام الشهور بلا كسر في كل ثلاثين سنة ، ثم يستأنف والسبب في ذلك أن الكسر اللازم في سنة واحدة اثنتان وعشرون دقيقة كما مر ونسبته إلى « ستين » بالخمس والسدس ، وهما إنما يحصان من « ثلاثين » فثلاثون خمس يوم ستة أيام ، وثلاثون سدس يوم خمسة أيام ، والمجموع أحد عشر يوما وتسمى هذه الايام « كبائس » فسنوا الكبس على ترتيب « بهز يجهح كادوط (١) » أو « بهزيجوح كادوط » على القولين المتقدمين. هذا هو المشهور في الكبس. و ذكر شراح التذكرة نوعين آخرين من الكبس : الاول ما يفعله اليهود والترك فإنهم كانوا يردون السنين القمرية إلى السنين الشمسية بكبس القمرية في كل سنة أو ثلاث بشهر. والثانى ما تفعله العرب في الجاهلية من النسئ وهو أنهم كانوا يستعملون شهور الاهلة ، وكانوا حجهم الواقع في عاشر ذي الحجة كمارسمه إبراهيم عليه السلام دائرا في الفصول كما في زماننا هذا ، فأرادوا وقوعه دائما في زمان إدراك الغلات والفواكه واعتدال الهواء ، أعني أوائل الخريف ، ليسهل عليهم السفر وقضاء المناسك ، فكان يقوم في الموسم عند اجتماع العرب خيب يحمدالله ويثني عليه ويقول : إني أزيد لكم في هذه السنة شهرا ، وهكذا أفعل في كل ثلاث سنين

____________________

(١) الباء للسنة الثانية ، والهاء للخامسة ، والزاى للسابعة ، والياء للعاشرة ، و الجيم للثالثة عشر ، والهاء للخامسة عشر ، والحاء للتاسعة عشر ، و « كا » للحادية والعشرين وهكذا والاختلاف بين الكلمتين في الهاء الثانية وفعلى القول بكون الكبيسة هى الخامسة عشر يكون الرمز هاء ، وعلى القول بكونها السادسة عشر يكون واوا كما مر آنفا.

٣٤٥

حتى يأتي حجكم في وقت يسهل فيه مسافرتكم. فيوافقونه على ذلك ، فكان يجعل المحرم كبسا ويؤخر اسمه إلى صفر ، واسم صفر إلى ربيع الاول ، وهكذا إلى آخر السنة ، فكان يقع الحج في السنة القابلة في عاشر محرم ، وهو ذوالحجة عندهم ، لانهم لما سموا صفر بالمحرم وجعلوه أول السنة صار المحرم الآتي ذا الحجة وآخر السنة ، ويقع في السنة محرمان : أحدهما رأس السنة ، والآخر النسئ ، ويصير شورها ثلاثة عشر ، وعلى هذا يبقى الحج في المحرم ثلاث سنين متوالية ، ثم ينتقل إلى صفر ، ويبقى فيه كذلك إلى آخر الاشهر ، ففي كل ست وثلاثين سنة قمرية تكون كبيستهم اثنا عشر شهرا قمريا. وقيل : كانوا يكبسون أربعا وعشرين سنة باثني عشر شهرا ، وهذا هو الكبس المشهور في الجاهلية ، و إن كان الاول أقرب إلى مرادهم. وبالجملة إذا انقضى سنتان أو ثلاث وانتهت النوبة إلى الكبيس قام فيهم خطيب وقال : إنما جعلنا اسم الشهر الفلاني من السنة الداخلة للذي بعده. وحيث كانوا يزيدون النسئ على جميع الشهور بالنوبة حتى يكون لهم في سنة محرمان وفي اخرى صفران ، فإذا اتفق أن يتكرر في السنة شهر من الاربعة الحرم نبأهم الخطيب (١) بتكريره ، وحرم عليهم واحدا منهما بحسب ما تقتضيه مصلحتهم. ولما انتهى النوبة في أيام النبي صلى الله عليه وآله إلى ذي الحجة وتم دور النسئ على الشهور كلها حج في السنة العاشرة من الهجرة بوقوع الحج فيها في عاشر ذي الحجة ، وقال : ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والارض. يعني به رجوع الحج وأسماء الشهور إلى الوضع الاول ، ثم تلا قوله تعالى « إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا » إلى آخر الآية « انتهى » وأما السنة الشمسية فمأخوذة من عود الشمس إلى موضعها من فلك البروج ، المقتضي لعود حال السنة بحسب الفصول ، ويحصل ذلك في ثلاث مائة وخمسة وستين يوما وربع يوم إلا كسرا ، كما ذكره في لتذكرة ، والكسر عند بطلميوس جزء واحد من ثلاث مائة جزء من يوم ، ويتم في أيام السنة المذكورة من الشهور القمرية

____________________

(١) خطيبهم ( خ ).

٣٤٦

الوسطية اثني عشر شهرا وأحد عشر يوما إلا سبع دقائق واثنتي عشرة ثانية ، و هذه المدة أعني اثني عشرشهرا قمريا وسطيا تسمى سنة قمرية اصطلاحية. و مستعملوا السنة الشمسية لهم طرق : الاولى طريقة قدماء المنجمين فإنهم يأخذون السنة من يوم تحل الشمس فيه نقطة بعينها كالاعتدال الربيعي إلى مثل ذلك اليوم ويأخذون شهورها من الايام التي تحل فيها أمثال تلك النقطة من البروج فإن كانت النقطة التي هي مبدأ السنة الموافق لمبدء الشهر الاول أول برج كأول الحمل كانت أمثالها أوائل البروج الباقية ، وإن كان عاشرة برج مثلا كانت أمثالها عواشر البروج. الثانية الفرس (١) القديم وليس فيها كسور وكبائس ، وسنتهم ثلاثمائة وخمسة وستون يوما ، وشهورهم ثلاثون ثلاثون ، ويزيدون الخمسة في آخرها ويسمونها « الخمسة المسترقة » وهذه أسماء شهورهم : فروردينماه ، اردي بهشت ماه ، خرداد ماه ، تيرماه ، مرداد ماه ، شهريور ماه ، مهرماه ، أبان ماه ، آذر ماه دي ماه ، بهمن ماه ، اسفندارمذ ماه ، وكان في العهد القديم لهذا التاريخ كبيسة وأنهم كانوا يجمعون الارباع الزائدة ، ويؤخرونها إلى عشرين ومائة سنه ، و كانوا يزيدون لذلك شهرا في سنة الاحدى والعشرين والمائة ، فتصير هذه السنة ثلاثة عشر شهرا ، ولهم في ذلك تفصيل من دور الكبس وغير ذلك أعرضنا عن ذكرها وكان مبدأ هذا التاريخ من زمان جمشيد أو كيومرث ، واستمر إلى زمان يزجرد فلما انتهى ملكهم تركوا الكبس. وكان بعض المنجمين يزيدون الخمسة المسترقة بعد أبان ماه ، وبعضهم بعد إسفندارمذ ماه ، ففي كل أربع سنين أو خمس سنين تتقدم هذه السنة على السنة الشمسية بيوم الثالثة التاريخ الملكي وهو منسوب إلى السلطان جلال الدين ملك شاه ، والسبب في وضعه أنه اجتمع في حضرته ثمانية من الحكماء منهم الخيام ، فوضعوا تاريخ مبدؤه نزول الشمس أول الحمل ، وأول السنة يوم تكون الشمس في نصف نهاره في الحمل سموه بالنيروز السلطاني ، فسنوه شمسية حقيقية ، وكذا شهوره إذا اعتبرت بحلول الشمس في أوائل البروج كما فعله بعض

____________________

(١) كذا في جميع النسخ والظاهر أن الصواب « طريقة الفرس ».

٣٤٧

المنجمين ، وإذا اخذت ثلاثين ثلاثين والحقت الكسر بآخر السنة وكبس الكسر في كل أربع سنين أو خمس بيوم ليوافق أول السنة دائما نزول الشمس الحمل كما فعله أكثر المنجمين كانت اصطلاحية ، وأسماء شهورها أسماء شهور الفرس القديم المتقدم ، وعليه بناء التقاويم الآن الرابعة التاريخ الرومي ، مبدؤه بعد اثنتي عشرة سنة شمسية من وفات الاسكندر بن فيلقوس الرومي ، وسنوه شمسية اصطلاحية ، هي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع تام ، وكذا شهورهم اصطلاحية شمسية ، وأسماء شهورهم وعددها هكذا : تشرين الاول « لا » تشرين الآخر « ل » كانون الاول « لا » كانون الآخر « لا » شباط « كح » اذار « لا » نيسان « ل » أيار « لا » حزيران « ل » تموز « لا » اب « لا » ايلول « ل » ومستعملوا هذا التاريخ يعدون أربعة منها ثلاثين ، وهي : تشرين الآخر ، ونيسان ، وحزيران ، وإيلول والسبعة البقية غير شباط أحدا وثلاثين ، وشباط في ثلاث سنين متوالية ثمانية و عشرين ، وفي الرابعة وهي سنة الكبيسة تسعة وعشرين فالسنة عندهم ثلاثمائة و خمسة وستون وربع كامل ، مع أن السنة الشمسية أقل من ذلك عندهم لكسر في الربع كما عرفت ، ووجدوا الكسر مختلفا في أرصادهم ، ففي رصد التباني ثلاثة عشرة دقيقة وثلاثة أخماس دقيقة ، وفي رصد المغربي اثنتا عشرة دقيقة ، وعلى رصد مراغة إحدى عشرة دقيقة ، وعلى رصد بعض المتأخرين تسع دقائق وثلاثة أخماس دقيقة ، وعلى رصد بطلميوس أربع دقائق وأربعة أخماس دقيقة. والفرس من زمان جمشيدأو قبله والروم من عهد إسكندر أو بعده كانوا يعتبرون الكسر ربعا تاما موافقا لرصد « أبرخس » فالشهور الرومية مبنية على هذا الاعتبار وهذا الرصد وعلى ما وجده سائر أصحاب الارصاد فلا يوافق هذه السنة الشمسية. وبمرور الازمان تدور شهورها في الفصول. وقال بعضهم : في كل ثلاثين سنة تقريبا تتأخر سنتهم عن مبدأ السنة الشمسية بيوم ، وأول سنتهم وهو تشرين الاول في هذه الازمان يوافق تاسع عشر الميزان ، وأول نيسان في الدرجة الثالثة والعشرين من الحمل.

٣٤٨

واعلم أن كثيرا من الامور الشرعية منوطة بهذه الشهور ، من الاحوال و الاعمال والآداب ، كالمطر في نيسان وآدابه ، ولا يعلم أن الشارع بناه على الفصول أو على الشهور ، ولعل الاول أظهر فيشكل اعتبار الشهور في تلك الازمان ، إذ لعلهم أرادوا تعيين أوقات الفصول فعينوها بهذه الشهور لموافقتها لتلك الاوقات في تلك الازمان لكن في بعض الاعمال التي في وقتها اتساع يمكن رعاية الاحتياط بحسب التفاوت بين الزمانين وإيقاعها في الوقت المشترك ، وما لم يكن فيه اتساع بعملها في اليومين معا.

ثم إن انقسام السنة الشمسية عند الروم إلى هذه الشهور الاثني عشر التي بعضها ثمانية وعشرون وبعضها ثلاثون وبعضها أحد وثلاثون إنما هو محض اصطلاح منهم ، لم يذكر أحد من المحصلين له وجها أو نكتة ، وما توهم بعض المشاهير من أنه مبني على اختلاف مدة قطع الشمس كلا من البروج الاثني عشر ظاهر البطلان فإن الحمل والثور عندهم أحد وثلاثون ، والجوزاء اثنان وثلاثون ، والسرطان والاسد والسنبلة أحد وثلاثون ، والميزان والعقرب ثلاثون ، والقوس والجدي تسعة وعشرون والدلو والحوت ثلاثون ، وظاهر أن الامر في الشهور الرومية ليس على طبقها ، كيف وكانون الاول الذي اعتبروه أحدا وثلاثين هو بين القوس والجدي ، وكل منهما تسعة وعشرون.

ثم أعلم أن التاريخ تعيين يوم ظهر فيه أمر شائع كملة أو دولة ، أو حدث فيه أمر هائل كطوفان أو زلزلة أو حرب عظيم ، لمعرفة ما بينه وبين أوقات الحوادث ولضبط ما يجب تعيين وقته في مستقبل الزمان ، وقد مرت الاشارة إلى تاريخ الروم والفرس ، والشائع المستعمل في زماننا تاريخ الهجرة ، وسبب وضعه على ما نقل أنه دفع إلى عمر صك محله شعبان ، فقال : أي شعبان هو؟ هذا الذي نحن فيه أو الذي يأتينا؟ أو أن أبا موسى كتب إليه أنه يأتينا من قبلك كتب لانعرف كيف نعمل فيها ، قد قرأنا صكا محله شعبان فما ندري أي الشعبانين هو؟ الماضي أو الآتي؟ فجمع الصحابة واستشارهم فيما يضبط به الاوقات ، فقال له الهرمزان ملك الاهواز

٣٤٩

وقد أسم على يديه حين اسر وحمل إليه : إن للعجم حسابا يسمونه « ماه روز » وأسنده إلى من غلب عليهم من الاكاسرة ، وبين كيفية استعماله ، فعربوا « ماه روز » بمورخ ، وجعلوا مصدره التاريخ ، فقال ابن الخطاب : ضعوا للناس تاريخا نضبط به أوقاتهم. فقال بعض الحاضرين من مسلمي اليهود : لنا حساب مثله نسنده إلى إسكندر ، فما ارتضاه الصحابة ، واتفقوا على أن يجعل مبدؤه هجرة النبي صلى الله عليه وآله ، إذ بها ظهرت دولة الاسلام ، وكانت الهجرة يوم الثلثاء لثمان خلون من شهر ربيع الاول ، وأول هذه السنة أعني المحرم كان يوم الخمس بحسب الامر الاوسط ، وعلى قول أهل الحديث ، ويوم الجمعة بحسب الرؤية و حساب الاجتماعات ، فعمل عليه في أكثر الازياج إلا زيج المعتبر فإنه عمل على يوم الخميس ، وكان اتفاقهم على ذلك في سنة سبع عشرة من الهجرة ومبادئ شهور تلك السنة على الرؤية وقد تكون تامة وأكثر المتوالية منها أربعة ، وقد تكون ناقصة وأكثر المتوالية منها ثلاثة.

واعلم أن القوم تمسكوا في اختيار واقعة الهجرة بمبدء التواريخ الاسلامية على سائر الوقائع المعروفة كالمبعث والمولد بوجوه ضعيفة ، كقولهم إن المبعث غير معلوم ، والمولد مختلف فيه ، ولا يخفى وهنه ، فإنه لو اريد بذلك عدم اتفاقهم في شئ منهما على يوم معين من شهر معين فظاهر أن أمر الهجرة أيضا كذلك كما بيناه في محله ، مع أن العلم باليوم والشهر لامدخل له في المطلوب وهو ظاهر ، و إن اريد به اختلافهم في خصوص سنتيهما فكلا ، فإنه لاخلاف فيه في زماننا فضلا عن أوائل الاسلام ، وكذا الوجوه الاخرى التي ذكروها في هذا الباب ، ولقد عثرت على خبر يصلح مرجحا ومخصصا لذلك قل من تفطن به ، وهو ما ورد في خبر الصحيفة الشريفة السجادية صلوات الله على من الهمها حيث قال الصادق عليه السلام : إن أبي حدثني عن أبه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام أن رسول الله (ص) أخذته نعسة وهو على منبره ، فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة ، يردون الناس على أعقابهم القهقرى! فاستوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالساوالحزن يعرف في

٣٥٠

وجهه ، فأتاه جبرئيل عليه السلام بهذه الآية « وماجعلناه الرؤيا التي أريناك فتنة للناس والشجرة المعلونة في القرآن (١) » الآية عني بني امية. قال : يا جبرئيل! أعلى عهدي يكونون وفي زمني؟ قال : لا ، ولكن تدور رحى الاسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا ، ثم تدور حى الاسلام على رأس خمس وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا « إلى آخر الخبر » فيدل على أن جعل مبدأ التاريخ من الهجرة مأخوذ من جبرئيل عليه السلام ومستند إلى الوحي السماوي ، ومنسوب إلى الخبر النبوي ، وهذا يؤيد ما روي أن أميرالمؤمنين عليه السلام أشار عليهم بذلك في زمن عمر عند تحيرهم ، والعلة الواقعية في ذلك يمكن أن تكون ما ذكر من أنها مبدء ظهور غلبة الاسلام والمسلمين ، ومفتتح ظهور شرائع الدين ، وتخلص المؤمنين من أسر المشركين ، وسائر ماجرى بعد الهجرة من تأسيس قواعد الدين المبين.

ولنشر ههنا إلى فوائد :

الفائدة الاولى : أنه قد وردت أخبار كثيرة تدل على أن عدد أيام السنة ثلاثمائة وستون ، كالاخبار الواردة في عدد الطواف المستحبة وكخبر الاحتزال وغيرها ، وهي لاتوافق شيئا من المصطلحات المتقدمة ، ولا السنين الشمسية ولا القمرية ، ويمكن توجيهه بوجوه : الاول أن يكون المراد بها السنة الالهية كما مرت الاشارة إليه في الباب الاول. الثانى أن يكون المراد به السنة الاولى من خلق الدنيا بضم الستة المصروفة في خلق الدنيا إلى السنة القمرية. الثالث أن يكون مبنيا على بعض مصطلحات القدماء قال أبوريحان البيروني في تاريخه : سمعت أن الملوك البيشدادية من الفرس وهم الذين ملكوا الدينا بحذافيرها كانوا يعملون السنة ثلاثمائة وستين يوما ، كل شهر منها ثلاثون يوما بلا زيادة ونقصان وأنهم كانوا يكبسون في كل ست سنين بشهر ويسمونها « كبيسة » وفي كل مائة وعشرين سنة شهرين احدهما بسبب الخمسة أيام ، والثاني بسبب ربع اليوم ، و أنهم كانوا يعظمون تلك السنة ويسمونها « المباركة » ويشتغلون فيها بالعبادات و

____________________

(١) الاسراء : ٦٠.

٣٥١

المصالح. ثم قال بعد ذكر نسئ العرب وكبس أهل الكتاب وغيرهم : وقد حكى أبومحمد التائب الآملي في كتاب الغرة عن يعقوب بن طارق أن الهند تستعمل أربعة أنواع من المدد : أحدها من عودة الشمس من نقطة من فلك البروج إليها بعينها وهي سنة الشمس والثانية طلوعها ثلاثمائة وستين مرة ، وتسمى السنة الوسطى لانها أكثر من سنة القمر وأقل من سنة الشمس. والثالثة عودة القمر من الشرطين وهما رأس الحمل إليهما اثنتي عشرة مرة ، وهي سنة القمر المستعملة.

الفائدة الثانية : قال الرازي في قوله تعالى « ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا » فإن قالوا : لم لم يقل ثلاثمائة وتسع سنين؟ وما الفائدة في قوله « وازدادوا تسعا »؟ قلنا : قال بعضهم كانت المدة ثلاثمائة سنة من السنين الشمسية وثلاثمائة وتسع سنين من القمرية ، وهذا مشكل ، لانه لايصح بالحساب هذا القول (١). وروى الطبرسي ره وغيره أن يهوديا سأل عليا عليه السلام عن مدة لبثهم ، فأخبر عليه السلام بما في القرآن ، فقال : إنا نجد في كتابنا ثلاثمائة.فقال عليه السلام : ذلك بسني الشمس ، وهذا بسني القمر (٢).

وتفصيل القول في ذلك أنه يمكن تقرير الاشكال الوارد على هذا التفسير الذي أومأ إليه الرازي بوجهين : أحدهما أن أيام السنة القمرية في مدة ثلاثمائة وتسع سنين إذا قسمت على ثلاثمائة تخرج حصة كل سنة شمسية ثلاثمائة وأربعة وستين يوما وثلثا وعشرين ساعة مستوية وستا وخمسين دقيقة وثماني وثلاثين ثانية وأربعة وعشرين ثالثة ، ولايوافق ذلك شيئا من الارصاد المتداولة بل ناقص عن الجميع. وثانيهما أن التفاوت المضبوط بين السنتين في مدة ثلاثمائة سنة يزيد على تسع سنين على جميع الارصاد ، فإنه على رصد التباني ، مع أن مقتضاه أقل من سائر الارصاد يبلغ إلى عشرة أيام وعشرين ساعة وست وأربعين دقيقة و

____________________

(١) مفاتيح الغيب : ج ٥ ، ص ٧٠٦.

(٢) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٤٦٣.

٣٥٢

أربع وعشرين ثانية ، وإذا ضرب هذا المقدار من الزمان في ثلاثمائة وقسم الحاصل على مقدار السنة القمرية يزيد الخارج على تسع سنين قمرية بأربعة وسبعين يوما وأربع ساعات وثمان وأربعين دقيقة ، فكيف على سائر الارصاد؟ حتى أنه على رصد أبرخس المبني عليه حساب الروم والفرس من قديم الايام بل المعروف بين جميع الطوائف في صدر الاسلام يزيد على تسع سنين بسبعة وسبعين يوما وثماني و أربعين دقيقة ، فلا تستقيم الموافقة المستفادة من التفسير المذكور والرواية المنقولة وقد يجاب بأن عدم الاعتناء بالكسور القليلة في جنب آحاد الصحاح تارة بإسقاطها سيما إذا لم تبلغ النصف ، وتارة بإكمالها أي عدها تامة سيما إذا جاوزت النصف وكذا بالآحاد القليلة في جنب العشرات والعشرات القليلة في جنب المآت وهكذا أمر شائع وعرف عام في المحاورات الحسابية ، يبتني عليه كثير من القرآن والحديث كما سنشير إليه في حديث الصباح بن سيابة ، فلا بأس أن يخبر تعالى بأن مدة لبث أصحاب الكهف ثلاثمائة سنة بالشمسية أو ثلاثمائة وتسع سنين بالقمرية ، وكانت ناقصة عن الاولى حقيقة بمثل تلك الايام القلائل ، أو كانت مطابقة لها وكانت زائدة على الثانية حقيقة بمثلها ، أو كان في الاول نقصان وفي الثانية زيادة يصير المجموع مساويا لمثل تلت الايام ، فإن في رعاية مطابقة العرف في تلك المحاورات لمندوحة عن كذبها حتى أنه يمكن أن يقيد عرفا أمثال ذلك بأنه كذلك بلا زيادة ولا نقصان ، اعتمادا على أن تحقق الزيادة والنقصان في عرف الحسبابيين إنما هو بالصحاح أو ما في حكمهما ، دون أمثال تلك الكسور.

واقول : قد مر في المجلد التاسع في باب علم أميرالمؤمنين عليه السلام بعض القول في ذلك.

الفائدة الثالثة : قد ورد في الاخبار بناء كثير من الامور الشرعية من الصوم وغيره على عد شهر من الشهور القمرية تاما وشهرا ناقصا ، كعد الخمسة من شهر آخر مثله ، أو الستة في سنة الكبيسة وسيأتي بيانها وبسط القول فيها في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى ، وعليه يبنى ما روي أن يوم الاضحى يوم الصوم ويوم

٣٥٣

عاشورا يوم الفطر ، لكنه إنما يستقيم في سنة الكبيسة ، فإنه إذا كان أول شهر رمضان يوم السبت مثلا كان أول شوال يوم الاثنين لانه من الشهور التامة ، وأول ذي القعدة يوم الثلثاء وأول ذي الحجة يوم الحميس ، فالاضحى يوم السبت موافقا ليوم الصوم ، وذو الحجة لما كان من الشهور الناقصة في غير سنة الكبيسة فالجمعة أول المحرم فعاشوراء يوم الاحد وهو لايوافق يوم الفطر ، وفي الكبيسة يوافقه لاتمام ذي الحجة فيها. ويمكن أن يكون مبنيا على الغالب ، أو على ما إذا غمت الاهلة كما عمل بها جماعة من الاصحاب على هذا الوجه ، أو على استحباب صوم يوم الشك فإن هذا الحساب متقدم على الرؤية غالبا ، وما قيل في الخبر الاخير من أن المعنى أن العارفين يوم صومهم يوم عيدهم ويوم فطرهم يوم تعزيتهم فهو مما تضحك منه الثكلى ، وسيأتي مزيد تحقيقه في محله الانسب.

وقال أبوريحان في تاريخه يبتدؤن بالشهر من عند رؤية الهلال ، وكذلك شرع في الاسلام كما قال الله تعالى « ويسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج (١) » ثم نبتت نابتة ونجمت ناجمة و؟ بغت فرقة جاهلية فنظروا إلى أخذهم بالتأويل وميلهم إلى اليهود والنصارى ، فإن لهم جداول وحسابات يستخرجون بها شهورهم ويعرفون منها صيامهم والمسلمون مضطرون إلى رؤية الهلال ، ووحدوهم شاكين فيه مختلفين مقلدين بعضهم بعضا بعد استفراغهم أقضى الوسع في تأمل مواضعه وتفحص مواقعه ، ثم رجعوا إلى أصحاب الهيئة فألفوا زيجاتهم وكتبهم مفتتحة بمعرفة أوائل ما يراد من شهور العرب بصنوف الحسابات وأنواع الجداول ، فظنوا أنها معمولة لرؤية الاهلة ، وأخذوا بعضها ونسبوه إلى جعفر الصادق عليه السلام وأنه سر من أسرار النبوة ، وتلك الحسابات مبنية على حركات النيرين الوسطى دون المعدلة ، ومعمولة على عد سنة القمر ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وخمس وسدس وأن ستة أشهر من السنة تامة وستة ناقصة ، وأن كل ناقص منها فهو تال لتام على ما عمل عليه في الزيجات فلما قصدوا استخراج أول الصوم وأول الفطر بها خرجت

____________________

(١) البقرة : ١٨٩.

٣٥٤

قبل الواجب بيوم في أغلب الاحوال ، فأولوا قول النبي صلى الله عليه وآله « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته » بأن معناه صوموا الذي يرى الهلال في عشيته ، كما يقال : تهيؤوا لاستقباله ، فيقدم التهيؤ على الاستقبال! قالوا ، وإن شهر رمضان لاينقص من ثلاثين ، فأما أصحاب الهيئة ومن تأمل الحال بعناية شديدة فإنهم يعلمون أن رؤية الهلال غير مطرد على سنن واحد ، لاختلاف حركة القمر المرئية بطيئة و سريعة ، وقربه من الارض وبعده وصعوده في الشمال والجنوب وهبوطه فيهما و حدوث كل واحد من هذه الاحوال له في كل نقطة من فلك البروج ، ثم بعد ذلك لما يعرض من سرعة غروب بعض القطع من فلك البروج وبطء بعض ، وتغير ذلك على اختلاف عروض البلدان واختلاف الاهوية إما بالاضافة إلى البلاد الصافية الهواء بالطبع والكدرة المختلطة بالبخارات دائما والمغبرة في الاغلب ، وإما بالاضافة إلى الازمنة إذا غلظ في بعضها ورق في بعض وتفاوت قوى بصر الناظرين إليه في الحدة والكلال. وإن ذلك كله على اختلاف بصنوف الاقترانات كائنة في كل أول شهرين رمضان وشوال على أشكال غير معدودة ، وأحوال غير محدودة فيكون لذلك رمضان ناقصا مرة وتاما اخرى ، وإن ذلك كله يفتن بتزايد عروض البلدان وتناقصها ، فيكون الشهر تاما في البلدان الشمالية مثلا ، وناقصا هو بعينه في الجنوبية منها وبالعكس. ثم لايجري ذلك فيها على نظم واحد ، بل لايتفق فيها أيضا حالة واحدة بعينها لشهر واحد مرارا متوالية وغير متوالية ، فلو صح عملهم مثلا بتلك الجداول واتفق مع رؤية الهلال أو تقدمه يوما واحدا كما أصلوا لاحتاجوا إلى إفرادها لكل عرض ، على أن اختلاف الرؤية ليس متولدا من جهة العرض فقط ، بل لاختلاف أطوال البلدان فيها أوفر نصيب ، فإذن لايمكن ما ذكروه من تمام شهر رمضان أبدا ، ووقع أوله وآخره في جميع المعمورة من الارض متفقا ، كما يخرجه الجدول الذي يستعملونه. فأما قولهم إن مقتضى الخبر المأثور تقديم الصوم والفطر على الرؤية فباطل ، وذلك أن حرف اللام يقع على المستأنف كما ذكروه ، ويقع على الماضي ، كما يقال : كتب لكذا مضى من الشهر

٣٥٥

أي من عند مضي كذا ، فلا تتقدم الكتبة الماضي من الشهر ، وهذا هو مقتضى الخبر دون الاول. ألا ترى إلى ما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال : نحن قوم اميون لانكتب ولانحسب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا. وكان يشير في كل واحدة منها بأصابعه العشر يعني تاما ثلاثين يوما ، ثم أعاد فقال : هكذا وهكذا وهكذا ، وخنس إبهامه في الثالثة يعني ناقصة تسعة وعشرين يوما ، فنص صلى الله عليه وآله نصا لايخفى على أحد أن الشهر يكون تاما مرة ويكون ناقصا اخرى ، وأن الحكم جار عليه بالرؤية عليه دون الحساب بقوله لانكتب ولا نحسب. فإن قالوا : عنى أن كل شهر تام فإن تاليه ناقص كما يحسبه مستخرجوا التواريخ ، كذبهم العيان إن لم ينكروه ، وعرف تمويههم الصغير والكبير فيما ارتكبوه ، على أن تتمة الخبر الاول يفصح باستحالة ما ادعوه ، وهو قوله صلى الله عليه وآله « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين يوما » وفي رواية اخرى « فإن حال بينكم وبين رؤيته سحاب أو قتام فأكملوا العدة ثلاثين » وذلك أنه إذا عرف أن الهلال يرى إما بجدولهم وحسابهم أو بما يستخرجه أصحاب الزيجات وقدم الصوم أو الفطر على رؤيته لم يحتج إلى إتمام شعبان ثلاثين أو إكمال شهر رمضان ثلاثين إذا انطبقت الآفاق بسحاب أو غبار ، ولو كان أيضا شهر رمضان تاما أبدا ثم عرف أوله لاستغنى به عن الرؤية لشوال ، مع ما روي في كتب الشيعة الزيدية أن الناس صاموا شهر رمضان على عهد أميرالمؤمنين عليه السلام ثمانية وعشرين يوما ، فأمرهم بقضاء يوم واحد فقضوه ، وإنما اتفق ذلك لتوالي شهر شعبان وشهر رمضان عليهم ناقصين معا ، و كان حال بينهم وبين الرؤية لرأس شهر رمضان حائل ، فأكملوا العدة وتبين الامر في آخره. وروي عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنه قال : يصيب شهر رمضان ما يصيب سائر الشهور من الزيادة والنقصان ، وروي عنه أيضا أنه قال : إذا حفظتم شعبان وغم عليكم فعدوا ثلاثين وصوموا. وروي عنه عليه السلام أيضا أنه سئل عن الاهلة فقال : هي الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر. فأما ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : إذا رأيت هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما ثم صم

٣٥٦

وما رووا عنه أنه قال : إذا رأيت هلال شهر رمضان لرؤيته فعد ثلاثمائة وأربعة و خمسين يوما ثم صم في القابل ، فإن الله حق السنة ثلاثمائة وستين يوما ، فاستثنى منها ستة أيام فيها خلق السماوات والارض فليست في العدد. فلو صحت الرواية عنه لكان إخباره عن ذلك على أنه أكثري الوجود في بقعة واحدة ، لا أنه مطرد في جميع البقاع كما ذكرنا. وأما تعليل الايام الستة بهذه العلة فتعليل ركيك يكذب الرواية وتبطل له صحتها ، وقد قرأت فيما قرأت من الاخبار أن أبا جعفر محمد بن سليمان عامل الكوفة من جهة المنصور حبس عبدالكريم بن أبي العوجاء و هو خال معن بن زائدة وكان من المانوية ، فكثر شفعاؤه بمدينة السلام وألحوا على المنصور حتى كتب إلى محمد بالكف عنه ، وكان عبدالكريم يتوقع ورود الكتاب في معناه ، فقال لابي الجبار وكان منقطعا إليه : إن أخرني الاميرثلاثة أيام فله مائة ألف درهم. فأعلم أبوالجبار محمدا فقال : ذكر تنيه وكنت نسيته ، فإذا انصرفت من الجمعة فاذكر نيه. فلما انصرف ذكره إياه فدعا به فأمر بضرب عنقه ، فلما أيقن أنه مقتول قال : أما والله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث احرم فيها الحلال واحل به الحرام ، ولقد فطرتكم في يوم صومكم ، وصومتكم في يوم فطركم. ثم ضربت عنقه وورد الكتاب في معناه بعده ، وما أحق هذا الرجل الملحد بأن يكون متولي هذا التأويل الذي ذهبوا إليه وأصله « انتهى » وتمام القول فيه في كتاب الصوم.

الفائدة الرابعة : اعلم أن ما ذكروه من أن مدة الشهر القمري تسعة و عشرون يوما واثنتا عشرة ساعة وأربع وأربعون دقيقة إنما هو باعتبار وضع القمر بالنسبة إلى الشمس إلى حصول مثل ذلك الوضع له ، فكان قدر مسير الشمس في هذا الزمان منضما إلى قذر دورته من نقطة معينة إليها ، واما باعتباره في نفسه فإنه يتم دوره في مدة سبعة وعشرين يوما وثلث يوم ، فالتفاوت بين الاعتبارين بيومين وأربع ساعات وأربع وأربعين دقيقة ، فلمداره بالاعتبار الاخير حدود ينزل في كل ليلة في أحدها إلى أن يرجع إلى الاول منها ، فهي حقيقة اثنان وثمانون منزلا

٣٥٧

في ثلاث دورات له لمكان الكسر المذكور ، ولكن الناس تسامحوا فيه واصطلحوا على تقسيم كل دورة له إما إلى سبعة وعشرين منزلا كما اصطلح عليه أهل الهند إسقاطا للكسر ، وإما إلى ثمانية وعشرين كما اصطلح عليه العرب إتماماله ، و علموها بالكواكب القريبة منها وقد مرذكرها ، ونظموها بالفارسية على الترتيب هكذا :

اسماء منازل قمر نزل عرب

شرطين وبطين است وثريادبران

هقعه هنعه ذراع ونثره بس طرف

جبهة زبره صرفه وعوا بس اران

بس سماك وغفر وزبانا إكليل

قلب وشوله نعائم وبلده بدان

سعد ذابح سعد بلع سعد سعود

باشد بس سعد أخبيه جارمشان

از فرع مقدم بمؤخر جه رسيد

آنكه برشاء شد كه باشد بايان (١)

فلاجل التفاوت المذكور بين الاعتبارين إذا فرضنا القمر بدرا في منزل معين في شهر معين فبعد إتمام دورة منه إليه يكون فيه بعينه في الشهر التالي ناقصا عن البدرية بحسب ذلك التفاوت ، وهكذا يريد النقصان المذكور بعد كل دورة حتى يبلغ بعد ست دورات في المنزل المذكور بعد تمام الشهر السادس إلى مرتبة الهلالية وقس عليه عكسه فيبلغ بعد إتمام ست دورات اخر فيه إلى البدرية ، فعلى أي حالة يرى في منزل معين يرى فيه بعد ست دورات على الحالة المقابلة لها ، وبعد اثنتي عشرة دورة على الحالة الموافقة لها ، وهكذا دائما.

فإذا تمهد هذا فنقول : قد عرفت ما ذكره بعض المفسرين في قوله تعالى : « والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم (٢) » ويرجع حاصله إلى أن القمر من أول ظهوره بالعشيات مستهلا إلى آخر رؤيته بالغدوات مستنيرا يسير جميع المنازل ، وفي آخرها يشبه بالعرجون القديم فيما يعرضه بسبب مرور الزمان

____________________

(١) قد مر مناضبط الاسماء ووجوه تسمية المنازل بها في هذا الجزء « ص : ١٣٥ و ١٣٦ » فراجع.

(٢) يس : ٣٩.

٣٥٨

كالدقة والانحناء. قال الطبرسي ره في جامع الجوامع : والمعنى قدرنا مسيره منازل ، وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل كل ليلة في واحد منها لايتخطاه ولا يتقاصر منها (١) على تقدير مستو « حتى عاد كالعرجون القديم » وهو عود العذق الذي تقادم عهده حتى يبس وتقوس ، وقيل : إنه يصير كذلك في ستة أشهر ، قال الزجاج : هو « فعلون » من الانعراج وهو الانعطاف ، والقديم يدق وينحني و يصغر ، فشبه القمر به من ثلاثة أوجه « انتهى » وقال الزمخشري بعد تفسيرالآية بنحو مامر : وقيل أقل مدة الموصوف بالقدم الحول ، فلو أن رجلا قال « كل مملوك لي قديم فهو حر » أو كتب ذلك في وصيته ، عتق له من مضى له حول أو أكثر « انتهى » وروى علي بن إبراهيم والطبرسي رحمهما الله وغيرهما أنه دخل أبوسعيد (٢) المكاري على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقال : ما تقول في رجل قال عند موته « كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله؟ » فقال أبوالحسن عليه السلام : ما ملكه لستة أشهر فهو قديم وهو حر. قال : وكيف صار ذلك؟ قال : لان الله يقول « والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم » سماه الله قديما ويعود كذلك لستة أشهر (٣) « الخبر » وفي الكافي هكذا : قال نعم ، إن الله يقول في كتابه « حتى عاد كالعرجون القديم » فما كان من مماليكه اتي له ستة أشهر فهو حر (٤). فظهر من سياق ما نقلناه من التفسير والحديث أن بين العامة والخاصة في المسألة المذكورة من العتق موضع وفاق ، هو أن حكمها مستنبط من الآية المذكورة ، و موضع خلاف هو أن العامة لم يجاوز نظرهم عما فيها من توصيف العرجون بالقديم فظنوا بمحض زعمهم أن ثبوت هذا الوصف له بعد أن يحول الحول ، فحكموا في المسألة على طبقه ، وأن الخاصة عرفوا بتفريع إمامهم الحكم فيها بستة أشهر على

____________________

(١) عنها ( خ ).

(٢) في الكافى : ابن أبى سعيد.

(٣) تفسير القمى : ٥٥١ ، مجمع البيان ، ج ٨ ، ص ٤٢٤ و ٤٢٥.

(٤) الكافى « طبعة دار الكتب » ج ٦ ، ص ١٩٥ وفيه فهو قديم وهو حر.

٣٥٩

الآية أنه الحق الموافق لما تضمنه الكتاب ، فاكتفوا به لعدم احتياجهم معه إلى تعرف وجه استنباطه منها ، إذلهم عليهم السلام طرق في استخراج الاحكام ، والوقائع من الكلام المجيد لاسبيل لنا إلى معرفتها. لكن ذكر بعض المحققين هنا وجها دقيقا نورده ههنا وهو أن عبارة « حتى عاد كالعرجون القديم » المذكورة من الآية في الحديث للاحتجاج عليه مشتملة على عدة ألفاظ فابتداؤها المتكفل للدلالة على اعتبار انتهاء لما صوره تعالى فيها من سير القمر بالمطابقة متضمن للدلالة على اعتبار ابتداء له أيضا بالالتزام ، وذكر العود يدل على اتحادهما ، بمعنى أن ما اعتبره من منازله في هذا السير للابتداء اعتبر هو بعينه للانتهاء ، وتقييده في ضمن التشبيه بكونه هلالا في خصوص حال العود يدل على اعتبار كونه بدرا مقابلا لها في حال البدء المقابل له ، كما يتبادر من لفظ القمر أيضا سيما مع مقابلة الشمس من الطرفين والنكتة حينئذ في اعتبار هذا الترتيب في البدء والعود دون العكس أظهر من الشمس ثم توصيف المشبه به بالقدم يدل على اعتبار هذا الوصف أيضا في جملة وجوه الشبه بل هو أحق بالاعتبار ، لاختصاصه بالذكر ، وكونه مناطا لسائر الوجوه ، كقولهم فلان كالبدر المنير أو كالاسد الغضبان ، فمجمل ما أوجز في تلك الكلمات التامات إنما يرى من حال سير القمر في منازله المقدرة له من أنه في أي منزل كان بدرا فيه ، في وقت يصير فيه بعينه هلالا شبيها بالعرجون القديم بعد دورات معدودة في أزمنة محدودة على تدريج خاص ونظام معين لايتغير ولا يتبدل ولايزيد ولاينقص وهكذا حاله في جميع الازمان من عجائب الآيات وغرائب التدبيرات ، فبذلك التصوير والتشبيه مع ما عرفت مما مهدناه من أن صيرورته هلالا في منزل كان فيه بدرا يتم بتمام الشهر السادس وحينئذ بتعرضه للصفات المعتبرة في المشبه به ومن جملتها القدم تعرف أن الشي إذا أتى له ستة أشهر صار موصوفا بالقدم وهذا هو المطلوب.

فان قيل : مدة ستة دورات ناقصة عن ستة أشهر كما عرفت.

قلنا : قد مر أنه شاع في عرف أهل الحساب عد ما زاد على النصف من الكسور

٣٦٠