بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

المرأة أن لاتلد ، وشوم الفرس أن لايغزى عليها والواو في الشؤم همزة ولكنها خففت فصارت واوا وغلب عليها التخفيف ، حتى لم ينطق بها مهموزة. والشوم ضد اليمن ، يقال : تشأمت بالشئ ويتمنت به (١) « انتهى » وقيل : شوم المرأة غلاء مهرها وسوء خلقها ، وقال الخطابي من العامة : هو مستثنى من الطيرة ، أي هي منهية إلا في الثلاثة فليفارقها. وقال الطيبي : ليس هو من باب التطير ، بل إرشاد بأن من يكره واحدا من الثلاثة يفارقها ، ولذا جعل منه فرضا يقول إن يكن الطيرة « انتهى ».

وأقول : هذا الاخيرأظهر ، وورد الخبر في أخبارنا أيضا كما سيأتي في كتاب النكاح إن شاء الله.

« ولاصفر » قال في النهاية : كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال له « الصفر » تصيب الانسان إذا جاع وتؤذيه ، وأنها تعدي ، فأبطل الاسلام ذلك وقيل : أراد به النسئ الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية ، وهوتأخير المحرم إلى صفر ، ويجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله (٢) « انتهى » وقيل : هو الشهر المعروف ، زعموا أنه تكثر فيه الدواهي والفتن ، فنفاه الشارع ، ويحتمل أن يكون المراد هنا النهي عن الصفير ، بقرينة أنه عليه السلام لم يذكر الجواب عنه وهو بعيد ، و الظاهر أن الراوي ترك جواب الصفير ، ويظهر من بعض الاخبار كراهته.

« ولارضاع بعد [ فصال » وفي سائر الروايات « بعد ] فطام » أي لاحكم للرضاع بعد الزمان الذي يجب فيه قطع اللبن عن الولد ، أي بعد الحولين فلا ينشر الحرمة. « ولا تعرب بعد هجرة » أي لايجوز اللحوق بالاعراب وترك الهجرة بعدها ، وعد في كثير من الاخبار من الكبائر. « ولاصمت يوما إلى الليل » أي لايجوز التعبد بصوم الصمت الذي كان في الامم السابقة ، فإنه منسوخ في هذا

____________________

(١) النهاية : ج ٢ ، ص ٢٤١.

(٢) النهاية : ج ٢ ، ص ٢٦٦.

٣٢١

الشرع بدعة. « ولا طلاق قبل نكاح » كأن يقول : إذا تزوجت فلانة فهي طالق. فلا يتحقق هذا الطلاق وكذا قوله « لاعتق قبل ملك ».

« ولا يتم بعد إدراك » أي ترتفع أحكام اليتم من حجره وولاية الولي عليه وحرمة أكل ماله بغير إذن وليه وغيرها بعد بلوغه ، وستأتي تفاصيل تلك الاحكام في محالها إن شاء الله تعالى.

١٠ ـ الكافى : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله (ص) : كفارة الطير التوكل (١).

بيان : أي التوكل على الله يرفع ذنب ما خطر بالبال من التشؤم بالاشياء التي نهي عن التشؤم بها ، أو أنه يرفع تأثير ذلك كما ترفع الكفارة تأثير الذنب قال الجزري : ومنه الحديث « الطيرة شرك وما منا [ إلا ] ولكن الله يذهبه التوكل » هكذا جاء الحديث (٢) مقطوعا ولم يذكر المستثنى ، أي إلا وقد يعتريه التطير وتسبق إلى قلبه الكراهة (٣) فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع ، و إنما جعل الطيرة من الشرك لانهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه ، فكأنهم أشركوه مع الله تعالى في ذلك ، وقوله « ولكن الله يذهبه بالتوكل » معناه [ أنه ] إذا خطر له عارض التطير فتوكل على الله تعالى وسلم إليه ولم يعمل بذلك الخاطر غفره الله تعالى [ له ] ولم يؤاخذه به (٤).

١١ ـ الكافى : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عمرو بن حريث ، قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : الطيرة على ما تجعلها ، إن هو نتها تهونت ، وإن شددتها تشددت ، وإن لم تجعلها شيئا لم تكن شيئا (٥).

____________________

(١) روضة الكافى : ١٩٨.

(٢) في المصدر : جاء في الحديث.

(٣) الكراهية ( خ ).

(٤) النهاية : ج ٣ ، ص ٥٢.

(٥) روضة الكافى ، ١٩٧.

٣٢٢

١٢ـ ومنه : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي مالك الحضرمي عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ثلاثة لم ينج منها نبي فمن دونه : التنكر في الوسوسة في الخلق ، والطيرة ، والحسد ، إلا أن المؤمن لايستعمل حسده (١).

١٣ ـ الخصال : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار ، جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري ، بإسناده يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : ثلاث لم يعر منها نبي فمن دونه : الطيرة ، والحسد ، والتفكر في الوسوسة في الخلق.

قال الصدوق ره : معنى الطيرة في هذا الموضع هو أن يتطير منهم قومهم فأماهم عليهم السلام فلا يتطيرون ، وذلك كما قال الله عزوجل عن قوم صالح « قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عندالله (٢) » وكما قال آخرون لانبيائهم « إنا تطيرنا بكم الآية (٣) » وأما الحسد في هذا الموضع هو أن يحسدوا لا أنهم يحسدون غيرهم ، وذلك كما قال الله عزوجل « أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما (٤) » وأما التفكر في الوسوسة في الخلق فهو بلواهم عليهم السلام بأهل الوسوسة لاغير ذلك ، وذلك كما حكى الله عن وليد بن المغيرة المخزومي « إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر (٥) » يعني قال للقرآن « إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر (٦) ».

بيان : ما ذكره الصدوق ره وجه متين في الخبر الذي رواه في الخصال وأما سائر الاخبار المروية من طرق الخاصة والعامة المشتملة على التتمات فهذا

____________________

(١) روضة الكافى : ١٠٨.

(٢) النمل : ٤٧.

(٣) يس : ١٨.

(٤) النساء : ٥٣.

(٥) المدثر : ١٨ و ١٩.

(٦) الخصال : ٤٢.

٣٢٣

الوجه لايجري فيها إلا بتكلف كثير ، والظاهر أن المراد بالطيرة فيها انفعال النفس عما يتشأم به ، أو تأثيرها واقعا وحصول مقتضاها ، والاول في المعصومين عليهم السلام أظهر ، بأن يخطر ببالهم الشريفة ثم يدفعوا أثرها بالتوكل ، وهذا لاينافي العصمة وأما الحسد فظاهرها أن الحسد المركوز في الخاطر إذا لم يظهره الانسان لم يكن معصية ولا استبعاد فيه ، فإنه في أكثر الخلق ليس باختياري ، ويمكن أن يراد به ما يعم الغبطة ويكون هذه هي الحاصلة فيهم ، وأما التفكر في الوسوسة في الخلق فيحتمل وجهين : الاول أن يراد به التفكر فبما يحصل في نفس الانسان في خالق الاشياء وكيفية خلقها ، ومنها ربط الحادث بالقديم ، وخلق أعمال العباد ومسألة القضاء والقدر ، والتفكر في الحكمة في خلق بعض الشرور في العالم ، كل ذلك من غير استقرار في النفس وحصول شك بسببها ، كما روى الكليني بإسناده عن محمد بن حمران قال : سألت أبا عبدالله (ع) عن الوسوسة (١) فقال : لا شئ فيها تقول : لا إله إلا الله (٢). وبإسناده عن جميل بن دراج عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : إنه يقع في قلبي أمر عظيم! فقال : قل : لا إله إلا الله ، فقال جميل : فكلما وقع في قلبي شئ قلت لا إله إلا اله فذهب عني (٣) وبإسناده عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (ع) قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله هلكت!فقال له : أتاك الخبيث فقال لك : من خلقك؟ فقلت : الله ، فقال لك : الله من خلقه؟ فقال : إي والذي بعثك بالحق لكان كذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ذاك والله محض الايمان. قال ابن أبي عمير : فحدثت بذلك عبدالرحمن بن الحجاج فقال : حدثني (٤) أبوعبدالله عليه السلام أن رسول الله (ص) إنما عنى بقوله « هذا والله محض الايمان » خوفه أن يكون قد هلك حيث عرض له ذلك في قلبه (٥) وقد روت العامة

____________________

(١) في المصدر : وان كثرت.

(٢ و ٣) الكافى : ج ٢ ، ص ٤٢٤.

(٤) في المصدر : حدثنى أبى عن أبى عبدالله.

(٥) الكافى : ج ، ٢ص ٤٢٥.

٣٢٤

في صحاحهم أنه سئل النبي (ص) عن الوسوسة ، فقال : تلك محض الايمان ، وفي رواية اخرى : يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول : من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته.

الثاني أن المراد بالخلق المخلوقات ، وبالتفكر فيهم بالوسوسة التفكر وحديث النفس بعيوبهم وتفتيش أحوالهم ، ويؤيد هذا الوجه ما رواه الجزري في النهاية ونقلناه آنفا.

١٤ ـ الخصال : عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله (ص) : رفع عن امتي تسعة : الخطاء ، والنسيان ، وما اكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، ولايطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة (١).

الفقيه : عن النبي صلى الله عليه وآله مرسلا مثله (٢).

بيان : لعل قوله صلى الله عليه وآله « ما لم ينطق بشفة » قيد للثلاثة الاخيرة ، وقد مر شرح الخبر بتمامه في كتاب العدل.

١٥ ـ الكافى : عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بكر بن صالح ، عن سليمان الجعفري ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : الشؤم للمسافر (٣) في طريقه خمسة أشياء : الغراب النائق عن يمينه ، والناشر لذنبه ، والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل ، وهو مقع على ذنبه (٤) ثم (٥) يرتفع ثم ينخفض ثلاثا والظبي السانح عن يمين إلى شمال ، والبومة الصارخة ، والمرأة الشمطاء تلقي

____________________

(١) الخصال : ٤٥.

(٢) الفقيه : ١٤.

(٣) في الخصال : الشوم في خمسة للمسافر.

(٤) في المصدر : على ذنبه يعوى.

(٥) في الخصال : حتى يرتفع.

٣٢٥

فرجها ، والاتان العضباء يعني الجدعاء فمن أوجس في نفسه منهن (١) شيئا فليقل : اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي (٢) فيعصم من ذلك (٣).

الخصال : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد مثله إلى قوله « من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك ».

بيان : « الشؤم للمسافر » أي ما يتشأم به الناس ، وربما تؤثر بتأثير النفس بها ، ويدفع ضررها بالتوكل والدعاء المذكور في الخبر وغيره كما مر في الطيرة قوله عليه السلام « خمسة » كذا في الخصال والمحاسن وأكثر نسخ الفقيه ، وفي بعضها « سبعة » وفي بعضها « ستة » وفي الفقيه « والكلب الناشر » وفي الخصال كالكافي « والناشر » فيكون نوعا آخر لشؤم الغراب ، وفي المحاسن بدون الواو أيضا فيكون صفة اخرى للغراب ، فقد ظهر أن الظاهر على بعض النسخ ستة ، وعلى بعضها سبعة ، فالخمسة إما من تصحيف النساخ ، أو مبني على عد الثلاثة المصوتة واحدة ، أو عد الكلب والذئب واحدا لانهما من السباع ، والغراب والبوم واحدا لانهما من الطير ، ويمكن عطف المرأة على بعض النسخ والاتان على بعضها على الخمسة ، فيكون إفراد الخمسة لشهرتها بينهم أو لزيادة شؤمها.

قوله عليه السلام « وهو مقع » يقال أقعى الكلب إذا جلس على إسته مفترشا رجليه وناصبا يديه ، والظاهر رجوع ضميري « يرتفع » و « ينخفض » إلى الذئب ، ويقال : إن هذا دأبه غالبا إذا لقي إنسانا يفعل ذلك لاثارة الغبار في وجهه ، وقيل : هما يرجعان إلى صوته أو إلى ذنبه ، ولايخفى بعدهما. قوله عليه السلام « والظبي السانح » قال في النهاية : البارح ضد السانح ، فالسانح ما مر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك ، والعرب تتيمن بذلك ، لانه أمكن للرمي والصيد والبارح ما مر من يمينك إلى يسارك ، والعرب تتطير به ، لانه لايمكنك أن

____________________

(١) في الخصال : من ذلك.

(٢) في الكافى : قال : فيعصم من ذلك.

(٣) روضة الكافى : ٣١٤.

٣٢٦

ترميه حتى تنحرف (١) ونحوه قال الجوهري وغيره ، فالمراد بالسانح هنا المعنى اللغوي من قولهم « سنح له » أي عرض له وظهر ، وقال الكفعمي ره : منهم من يتيمن بالبارح ويتشأم بالسانح كأهل الحجاز ، وأما النجديون فهم على العكس من ذلك.

« والمرأة الشمطاء » قال الجوهري : الشمط بيان شعر الرأس يخالط سواده والرجل أشمط ، والمرأة شمطاء. وقوله « تلقي فرجها » الظاهر عندي أنه كناية عن استقبالها إياك ومجيئها من قبل وجهك ، فإن فرجها من قدامها. وقال الفاضل أمين الدين الاسترابادى ره : الظاهر أن المراد من قوله تلقاء فرجها أن تستقبلك بفرج خمارها فتعرف أنها شمطاء ، وقال غيره ممن لقيته : يحتمل أن يكون المراد افتراشها على الارض من الالقاء ، أو كناية عن كونها زانية ، ويحتمل أن يكون « تتلقى » فحذفت إحدى التائين ، فالمراد مواجهتها لفرجها بأن تكون جالسة بحيث يواجه الشخص فرجها ، ولايخفى بعد تلك الوجوه وركاكتها. والاتان العضباء : المقطوعة الاذن ، ولذا فسرها بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشقوقة الاذن. قال الجوهري : ناقة عضباء أي مشقوقة الاذن (٢). وقال الفيروز آبادي : العضباء الناقة المشقوقة الاذن ، ومن آذان الخيل الذي جاوز القطع ربعها (٣) وقال : الجدع كالمنع قطع الانف أو الاذن أو اليد أو الشفة (٤).

١٦ ـ الدر المنثور : عن ابن عباس : قال مطر الناس على عهد رسول الله (ص) فقال النبي صلى الله عليه وآله : أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر ، قالوا : هذه رحمة وضعها الله ، وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا ، فنزلت هذه الآية « فلا

____________________

(١) النهاية : ج ١ ، ٧١.

(٢) الصحاح : ج ١ ، ص ١٨٤.

(٣) القاموس : ج ١ ، ص ١٠٥.

(٤) القاموس : ج ٢ ، ص ١١.

٣٢٧

اقسم بمواقع النجوم » حتى يبلغ (١) « وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (٢) ».

١٧ ـ وعن ابن عباس أنه كان يقرء « وتجعلون شكركم أنكم تكذبون » قال : يعني الانواء ، وما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا ، وكانوا يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا ، فأنزل الله « وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (٣) ».

١٨ ـ وعن أبي خدرة قال : نزلت هذه الآية في رجل من الانصار في غزوة تبوك ، ونزلوا « ٤ » الحجر فأمرهم رسول الله (ص) أن لايحملوا من مائها شيئا ، ثم ارتحل ثم نزل منزلا آخر وليس معهم ماء ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله فقام فصلى ركعتين ثم دعا ، فأرسل الله سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها ، فقال رجل من الانصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق : ويحك! قد ترى ما دعا النبي صلى الله عليه وآله فأمطر الله علينا السماء ، فقال : إنما مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله « وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (٥) ».

١٩ ـ وعن علي عليه السلام عن النبي (ص) في قوله « وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون » قال : شكركم ، تقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا ، وبنجم كذا و كذا (٦).

٢٠ ـ وعن أبي عبدالرحمن السلمي قال : قرأ علي الواقعة في الفجر فقال : « وتجعلون شكركم أنكم تكذبون » فلما انصرف قال : إني قد عرفت أنه سيقول قائل : لم قرأها هكذا؟ إني سمعت رسول الله (ص) يقرؤها كذلك ، كانوا إذا امطروا (٧) قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا ، فأنزل الله : وتجعلون شكركم أنكم إذا مطرتم به تكذبون (٨).

____________________

(١) في المصدر : حتى بلغ.

(٢ و ٣) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ١٦٢.

(٤) في المصدر : بالحجر.

(٥ و ٦ و ٨) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ١٦٣.

(٧) في المصدر : إذا مطروا.

٣٢٨

٢١ ـ وعن قتادة « وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون » قال (١) : أما الحسن فقال : بئس ما أخذ القوم لانفسهم! لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب. قال : وذكر لنا أن الناس امحلوا على عهد نبي الله صلى الله عليه وآله فقالوا : يا نبي الله لو استقيت لنا! فقال : عسى قوم أن سقوا أن يقولوا سقينا بنوء كذا وكذا ، فاستسقى (٢) نبي الله (ص) لهم فمطروا ، فقال رجل : إنه قد كان بقي من الانواء كذا كذا ، فأنزل الله « وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (٣) ».

٢٢ ـ وعن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي (ص) : لو أمسك الله المطر عن الناس سبع سنين ثم أرسله لاصبحت طائفة كافرين! قالوا : هذه بنوء الدبران (٤)

٢٣ ـوعن زيد بن خالد الجهني ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الصبح من (٥) الحديبية في أثر سماء (٦) فلما سلم أقبل علينا فقال : ألم تسعموا ما قال ربكم في هذه الآية؟ ما أنعمت على عبادي نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين فأما من آمن بي وحمدني على سقياي فذلك الذي آمن بي وكفربالكوكب ، و من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك الذي آمن بالكوكب وكفربي (٧).

وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله قال يوما لاحصابه : هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إنه يقول : إن الذين يقولون نستقى (٨) بنجم كذا وكذا فقد كفر بالله وآمن بذلك النجم ، والذين يقولون سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بذلك النجم (٩).

____________________

(١) فقال ( خ ).

(٢) فاستقى ( خ ).

(٣ و ٤) الدر المنثور : ج ٣ ، ص ١٦٣.

(٥) في المصدر : زمن الحديبية.

(٦) أى عقيب مطر.

(٧) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ١٦٤.

(٨) في المصدر « نسقى » وفى بعض نسخ البحار « نستسقى ».

(٩) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ١٦٣.

٣٢٩

٢٥ ـ وعن عبدالله بن سخير أن سليمان بن عبدالملك دعاه فقال : لو تعلمت علم النجوم فازددت إلى علمك. فقال : قال رسول الله (ص) : إن أخوف ما أخاف على امتي التصديق بالنجوم ، والتكذيب بالقدر ، وظلم الامة (١).

٢٦ ـ وعن جابر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : أخاف على امتي ثلاثا : استسقاء بالانواء ، وحيف السلطان ، وتكذيبا بالقدر (٢).

٢٧ ـ وعن معاوية الليثي قال : قال رسول الله (ص) : يكون الناس مجدبين فينزل الله عليهم رزقا من رزقه فيصحبون مشركين! قيل له : كيف ذاك يا رسول الله قال : يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا (٣).

٢٨ ـ وعن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال : إن الله ليصبح القوم بالنعمة أو يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين ، يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا (٤).

٢٩ ـ وعن ابن عباس قال : مامطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا وقرأ ابن عباس « وتجعلون شكركم أنكم تكذبون » (٥).

١٢

(باب)

* (ما يتعلق بالنجوم ويناسب أحكامها من كتاب دانيال عليه السلام وغيره) *

١ ـ قصص الراوندى : بإسناده عن الصدوق ، عن الحسين بن علي الصوفي عن حمزة بن القاسم العباسي ، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، عن محمد بن الحسين بن زيد الزيات ، عن عمرو بن عثمان الخزاز ، عن عبدالله الفضل الهاشمي عن الصادق عليه السلام قال : كان في كتاب دانيال عليه السلام أنه إذا كان أول يوم من المحرم يوم السبت فإنه يكون الشتاء شديد البرد كثير الريح ، يكثر فيه الجليد ، وتغلو

____________________

(١ـ٥) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ١٦٤.

٣٣٠

فيه الحنطة ، وتقع فيه الوباء وموت الصبيان ، ويكثر الحمى في تلك السنة ، و يقل العسل ، وتكسر الكماة ، ويسلم الزرع من الآفات ، ويصيب بعض الاشجار آفة وبعض الكروم ، وتخصب السنة ، ويقع بالروم الموتان ، ويغزوهم العرب ، و يكثر فيهم السبي والغنائم في أيدي العرب ، ويكون الغلبة في جميع المواضع للسلطان بمشية الله. وإذا كان يوم الاحد أول المحرم فإنه يكون الشتاء صالحا ، ويكثر المطر ، ويصيب بعض الاشجار والزرع آفة ، ويكون أوجاع مختلفة وموت شديد ويقل العسل ، ويكثر في الهواء الوباء والموتان ، ويكون في آخر السنة بعض الغلا في الطعام ، ويكون الغلبة للسلطان في آخره. وإذا كان يوم الاثنين أول المحرم فإنه يكون الشتاء صالحا ، ويكون في الصيف حر شديد ، ويكثر المطر في أيامه ويكثر البقر والغنم ، ويكثر العسل ويرخص الطعام والاسعار في بلدان الجبال ويكثر الفواكه فيها ، ويكون موت النساء ، وفي آخر السنة يخرج خارجي على السلطان بنواحي المشرق ، ويصيب بعض فارس غم ، ويكثر الزكام في أرض الجبل وإذا كان يوم الثلثاء أول المحرم فإنه يكون الشتاء شديد البرد ، ويكثر الثلج و الجمد بأرض الجبل وناحية المشرق ، ويكثر الغنم والعسل ، ويصيب بعض الاشجار والكروم آفة ، ويكون بناحية المغرب والشام آفة من حدث يحدث في السماء يموت فيه خلق ، ويخرج على السلطان خارجي قوي ، وتكون الغلبة للسلطان ، ويكون في أرض فارس في بعض الغلات آفة ، وتغلو الاسعار بها في آخر السنة. وإذا كان يوم الاربعاء أول المحرم فإن الشتاء يكون وسطا ، ويكون المطر في القيظ صالحا نافعا مباركا ، وتكثر الثمار والغلات بالجبال كلها وناحية جميع المشرق ، إلا أنه يقع الموت في الرجال في آخر السنة ، ويصيب الناس بأرض بابل وبالجبل آفة ، و يرخص الاسعار ، وتسكن مملكة العرب في تلك السنة ، ويكون الغلبة للسلطان. وإذا كان يوم الخميس أول المحرم فإنه يكون الشتاء لينا ، ويكثر القمح و الفواكه والعسل بجميع نواحي المشرق ، وتكثر الحمى في أول السنة وفي آخره وبجميع أرض بابل في آخر السنة ، ويكون للروم على المسلمين غلبة ، ثم تظهر

٣٣١

العرب عليهم بناحية المغرب. ويقع بأرض السند حروب والظفر لملوك العرب. و إذا كان يوم الجمعة أول المحرم فإنه يكون الشتاء بلابرد ، ويقل المطر والاودية والمياه ، وتقل الغلات بناحية الجبال مائة فرسخ في مائة فرسخ ، ويكثر الموت في جميع الناس ، ويغلو الاسعار بناحية المغرب ، ويصيب بعض الاشجار آفة ، ويكون للروم على الفرس كرة شديدة.

* (في علامات كسوف الشمس في الاثنى عشر شهرا) *

إذا انكسفت الشمس في المحرم فإن السنة تكون خصيبة ، إلا أنه يصيب الناس أوجاع في آخرها وأمراض ، ويكون من السلطان ظفر ، ويكون زلزلة بعدها سلامة. وإذا انكسفت في صفر فإنه يكون فزع وجوع في ناحية المغرب ، و يكون قتال في المغرب كثير ، ثم يقع الصلح في الربيع والظفر للسلطان. وإذا انكسفت في ربيع الاول فإنه يكون بين الناس صلح ، ويقل الاختلاف والظفر للسلطان بالمغرب ، ويعز البقر والغنم ، ويتسع في آخر السنة ، ويقع الوباء في الابل بالبدو. وإذا انكسفت في شهر ربيع الآخر فإنه يكون بين الناس اختلاف كثير ، ويقتل منهم خلق عظيم ، ويخرج خارجي على الملك ، ويكون فزع و قتال ، ويكثر الموت في الناس. وإذا انكسفت في جمادى الاولى فإنه تكون السعة في جميع الناس بناحية المشرق والمغرب ، ويكون للسلطان إلى الرعية نظر ، ويحسن السلطان إلى أهل مملكته ، ويراعي جانبهم. وإذا انكسفت في جمادى الآخرة فإنه يموت رجل عظيم بالمغرب ، ويقع ببلاد مصرقتال وحروب شديدة ، ويكون ببلاد المغرب غلاء في آخر السنة وإذا انكسفت في رجب فإنه تعمر الارض ، و يكون أمطار كثيرة بالجبال وبناحية المشرق ، ويكون جراد بناحية فارس ولا يضرهم ذلك. وإذا انكسفت في شعبان يكون سلامة في جميع الناس من السلطان ويكون للسلطان ظفر على أعدائه بالمغرب ، ويقع وباء في الجبال في آخر السنة ويكون عاقبته إلى سلامة. وإذا انكسفت في شهر رمضان كان جملة الناس يطيعون

٣٣٢

عظيم فارس ، ويكون للروم على العرب كرة شديدة ، ثم يكون على الروم و يسبى منهم ويغنم. وإذا انكسفت في الشوال فإنه يكون في أرض الهند والزنج قتال شديد ، ويكثر نبات الارض بالمشرق. وإذا انكسفت في ذي القعدة فإنه يكون مطر كثير متواتر ، ويقع خراب بناحية فارس. وإذا انكسفت في ذي الحجة فإنه يكون فيه رياح كثيرة ، وينقص الاشجار ، ويقع بالارض من المغرب سبع وخراب في كل أرض من ناحية المغرب ، وينقص الطعام ويغلو عليهم ، ويخرج خارجي على الملك ويصيبه منه شدة ، ويقل طعام أهل فارس ثم يرخص في العام الثاني.

* (في علامات خسوف القمر طول السنة) *

إذا انكسف القمر في المحرم فإنه يموت في المغرب رجل عظيم ، وينتقص الفاكهة بالجبال ، ويقع في الناس حكة ، ويكثر الرمد بأرض بابل ، ويقع الموت ويغلو أسعارها ، ويخرج خارجي على السلطان والظفر للسلطان ، ويقتلهم وإذا انكسف في صفر فإنه يكون جوع ومرض ببابل وبلادها حتى يتخوف على الناس ثم تكون أمطار كثيرة فيحسن نبات الارض وحال الناس ، ويكون بالجبال فاكهة كثيرة. وإذا انكسف في شهر ربيع الاول فإنه يقع بالمغرب قتال ، ويصيب الناس يرقان ، ويكثر فاكهة البلاد بناحية « ماه » ويقع الدود في البقول بالجبال ، ويقع خراب كثيرة بماه. وإذا انكسف في شهر ربيع الآخر فإنه يكثر الانداء بالجبال ويكثر الخصب والمياه ، وتكون السنة مباركة ، ويكون للسلطان الظفر بالمغرب وإذا انكسف في جمادى الاولى فإنه تهراق دماء كثيرة بالبدو ، ويصيب عظيم الشام بلية شديدة ، ويخرج خارجي على السلطان والظفر للسلطان. وإذا انكسف في جمادى الآخرة فإنه تقل الامطار والمياه بنينوى ، ويقع فيها جزع شديد وغلاء ويصيب ملك بابل إلى المغرب بلاء عظيم. وإذا انكسف في رجب فإنه يكون بالمغرب موت وجوع ، ويكون بأرض بابل أمطار ، ويكثر وجع [ الانف و ] العين في الامصار. وإذا انكسف في شعبان فإن الملك يقتل أو يموت ويملك ابنه ، و

٣٣٣

يغلو الاسعار ، ويكثر جوع الناس. وإذا انكسف في شهر رمضان يكون بالجبل برد شديد وثلج ومطر ، وكثرت المياه ، ويقع بأرض فارس سباع كثيرة ، ويقع بأرض « ماه » موت كثير بالصبيان والنساء. وإذا انكسف في شوال فإن الملك يغلب على أعدائه ، ويكون في الناس شر وبلية. وإذا انكسف في ذي القعدة فإنه تفتح المدائن الشداد ، وتظهر الكنوز في بعض الارضين والجبال. وإذا انكسف في ذي الحجة فإنه يموت رجل عظيم بالمغرب ، ويدعي فاجر الملك.

قال الراوندي ره : وجميع ذلك إن صححت الروايات عن دانيال النبي عليه السلام يجري مجرى الملاحم والحوادث في الدنيا وعلاماتها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله : إذا أراد الله بقوم خيرا أمطرهم بالليل وشمسهم بالنهار. و قال صلى الله عليه وآله : إذا غضب الله على امة ولم ينزل بها العذاب غلت أسعارها ، وقصرت أعمارها ، ولم تربح تجارتها ، ولم تزك ثمارها ، ولم تغزر أنهارها ، وحبس عنها أمطارها ، وسلط عليها أشرارها. وقال صلى الله عليه وآله : إذا منعت الزكوة هلكت الماشية وإذا جار الحكام أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين. وأمثلة ذلك كثيرة والله أعلم بحقيقة ذلك.

بيان : قال في القاموس : الجليد ما يسقط على الارض من الندى فيجمد (١). وقال : الكمؤنبات معروف ، والجمع : أكمؤ وكماة ، أو هي اسم للجمع ، أو هي للواحد والكمؤ للجمع ، أو هي تكون واحدة وجمعا (٢). وقال : بلاد الجبل مدن بين آذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس (٣). وقال : الماه قصبة البلد ، والماهان الدينور ونهاوند أحدهما (٤) ماهة الكوفة والآخر ماهة البصرة (٥).

____________________

(١) القاموس : ج ١ ، ص ٢٨٤.

(٢) القاموس : ج ١ ، ص ٢٦.

(٣) القاموس : ج ٣ ، ص ٣٤٤.

(٤) في المصدر : أحدهما ماه الكوفة والاخر ماه البصرة.

(٥) القاموس : ج ٤ ، ص ٢٩٣.

٣٣٤

أقول : وجدت في بعض الكتب القديمة أخبارا طويلة في الملاحم والاحكام تركتها لعدم الاعتماد على أسانيدها وإن كان مرويا بعضها عن الصادق عليه السلام وبعضها عن دانيال عليه السلام.

٢ ـ الاختصاص : اعلم إذا قرنت الزهرة مع المريخ في برج واحد هلك ملك الروم أو يكون بالروم مصيبات عظيمة أو بلايا ، وإذا قرنت مع زحل كان في العامة شدة وضيق ، وإذا قرنت الزهرة (١) المشتري أصاب الناس رخاء من العيش وإذا قرنت الزهرة عطارد يكون إهراق الدماء وفتح عظيم ، وإذا قرن بهرام زحل (٢) في برج واحد ملك ملك (٣) حديث في أرض ذلك البرج ، وإذا اجتمع بهرام والمشتري مات ملك عظيم الشأن ، وإذا اجتمع زحل وعطارد وقع في التجار الخوف والحزن ، وكذلك في أهل الادب. وإذا اجتمع زحل والمشتري في برج واحد تغيرت الدنيا في سائر الاحوال ، ويتغير امور الناس ، وتخرج الخوارج من النواحي كلها ، وخاصة من الجيلان والديلم والاكراد ، ويقتلون الناس قتالا شديدا ، ويشتد الامر عليهم من الخوف والحزن ، وترتفع السفلة شأنهم ، و تغير طبائع الناس كلهم ، ويذهب عنهم الحياء والانسانة (٤) ويزيد فيهم كثيرة الفساد خاصة في النساء ، وإسقاط الوالدات أولاد الحرام ، وإهراق الدماء والقتل والجوع. وإذا اجتمع المشتري والعطارد (٥) أصاب الارض طاعون ، ويقع فيما بين الناس العداوة والبغض ، وإذا ركب القمر فوق زحل ذهب ملك ملك ، وإذا اجتمع بهرام وعطارد في العقرب فذلك آية قتل ملك بابل ، وإذا اجتمع المشتري والزهرة في العقرب فذلك آية فزع ومرض بأرض بابل ، وإذا اجتمع الشمس و

____________________

(١) في المصدر : مع المشترى.

(٢) في المصدر : مع زحل.

(٣) بفتح اللام في الاول وكسرها في الثانى ، وفى المصدر « هلك ملك » والصواب ما في المتن.

(٤) في المصدر : ويطمع كل واحد في آخر.

(٥) كذا ، وفى المصدر : وعطارد.

٣٣٥

زحل في العقرب في شولة العقرب فذلك آية اختلاف الروم وقتل ملكهم ، وإذا احتمع المريخ وعطارد في شولة العقرب فذلك خراب بيت ملك بابل ، وإذا اجتمعت الشمس والقمر في شولة العقرب وبهرام في سرطان فإن استطعت أن تتخذ سربا لتدخل فيه فافعل ، وإذا اجتمعت الزهرة والمشتري فإن النساء يخشين أزواجهن عداوة ، وإذا نزل كيوان الطرفة أو الدبران وقع الطاعون بالعراق ومات كثير من الناس ، وإذا نزل الطرفة على آخره يكون في أرض العراق قتال وفتنة ، وإذا نزل النثرة بدلت أعمال العراق : ولقوا بلاء وشدة ، وإذا نزل كيوان الغفر يكون بأرض العراق قتال وفتنة ، وإذا نزل كيوان جبهة وقع الموت في البقر والسباع والوحش ، وإذا نزل كيوان والمشتري الاكليل والقلب والشولة يقع في المشرق والمغرب طاعون شديد ، ويموت من الناس اناس كثير ، ويقع الفساد والبلايا في الارض كلها ، ويكون بلايا عليهم كلها في الناس ، ويقتل الملوك والعلماء وترتفع سفلة من الناس.

واعلم أن مع الشمس كواكب لها أذناب بعضها فوق بعض نفر فإذا بدا كوكب منها في برج من البروج وقع في أرض ذلك البرج شر وبلاء وفتنة وخلع الملوك ، وإذا رأيت كوكبا أحمر لاتعرفه وليس على مجاري النجوم ينتقل في السماء من مكان إلى مكان يشبه العمود وليس به فإن ذلك آية الحرب والبلايا وقتل العظماء وكثرة الشرور والهموم والآشوب في الناس (١).

أقول : وكان في أصل الكتاب هكذا : قوبل ونسخ من خط ابن الحسن بن شاذان رحمه الله.

بيان : لما ذكر الشيخ المفيد ره هذه الاحكام في الاختصاص أوردته ولم يستنده إلى رواية ، وأخذه من كتب أصحاب علم النجوم بعيد.

____________________

(١) الاختصاص : ١٦٠ ١٦٢.

٣٣٦

(أبواب)

* (الازمنة وأنواعها وسعادتها ونحوستها وسائر أحوالها) *

١٣

(باب)

* (السنين والشهور وأنواعهما والفصول وأحوالها) *

الآيات :

التوبة : إن عدة الشهور عندالله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم إلى قوله تعالى إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لايهدي القوم الكافرين (١).

تفسير : « إن عدة الشهور » قال الرازي : اعلم أن السنة عند العرب عبارة عن اثني عشر شهرا من الشهور القمرية ، والدليل عليه هذه الآية ، وأيضاقوله : « هوالذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب (٢) » فجعل تقدير القمل بالمنازل علة للسنين ، وذلك إنما يصح إذا كانت السنة معلقة بسير القمر ، وأيضا قال تعالى « يسئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت السنة معلقة بسير القمر ، وأيضا قال تعالى « سئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج (٣) » وعند سائر الطوايف عن (٤) المدة التي تدور الشمس فيها دورة تامة. والسنة القمرية أقل من الشمسية بمقدار معلوم ، وبسبب ذلك النقصان تنتقل

____________________

(١) التوبة : ٣٦٣٧.

(٢) يونس : ٥.

(٣) البقرة : ١٨٩.

(٤) في المصدر : عبارة عن المدة.

٣٣٧

الشهور القمرية من فصل إلى فصل ، فيكون الحج واقعا في الشتاء مرة وفي الصيف اخرى ، وكان يشق عليهم الامر بهذا السبب ، وأيضا إذا حضروا الحج حضروا للتجارة ، وربما كان ذلك الوقت غير موافق لحضور التجار من الاطراف ، وكان يخل بأسباب تجاراتهم بهذا السبب ، فلهذا السبب أقدموا على عمل الكبيسة على ما هو معلوم في علم الزيجات ، واعتبروا السنة الشمسية وعند ذلك بقي زمان الحج مختصا بوقت معين ، فهو (١) أخف لمصلحتهم ، وانتفعوا بتجاراتهم ومصالحهم ، فهذا النسئ وإن صار سببا لحصول المصالح الدنيوية إلا أنه لزم منه تغير حكم الله تعالى ، لانه لما خص الحج بأشهر معلومة على التعيين وكان بسبب النسئ يقع في سائر الشهور فتغير حكم الله (٢) لتكليفه. والحاصل أنهم لرعاية مصالحهم في الدنيا سعوا في تغيير أحكام الله وإبطال تكليفه ، فلهذا استوجبوا الذم العظيم في هذه الآية (٣). قال النيسابوري : قال المفسرون : إنهم كانوا أصحاب حروب وغارات وكان يشق عليهم مكث ثلاثة أشهر متوالية من غير قتل وغارة ، فإذا اتفق لهم في شهر منها أو في المحرم حرب أو غارة أخروا تحريم ذلك الشهر إلى شهر آخر. قال الواحدي : وأكثر العلماء على أن هذا التأخير كان من المحرم إلى صفر ، ويروى أنه حدث ذلك في كنانة ، لانهم كانوا فقراء محاويج إلى الغارة ، وكان جنادة بن عوف الكناني مطاعا في قومه ، وكان يقوم على جمل في الموسم فيقول بأعلى صوته : إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلوا! ثم يقوم في القابل فيقول : إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه! والاكثرون على أنهم كانوا يحرمون من جملة شهور العام أربعة أشهر ، وذلك قوله « ليواطئوا عدة ما حرم الله » أي ليوافقوا العدة التي هي الاربعة ولا يخالفوا ، ولم يعلموا أنهم خالفوا ترك القتال ووجوب التخصيص ، وذلك قوله تعالى « فيحلوا ما حرم الله » أي من القتال وترك الاختصاص.

____________________

(١) في المصدر : بوقت واحد معين موافق لمصلحتهم.

(٢) في المصدر : تغير حكم الله وتكليفه.

(٣) مفاتيح الغيب : ج ٤ ، ص ٦٣٣.

٣٣٨

قال ابن عباس : إنهم ما أحلوا شهرا من الاشهر الحرم إلا حرموا مكانه شهرا آخر من الحلال ولم يحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا آخر من الحرام لاجل أن تكون عدة الحرام أربعة مطابقة لما ذكره الله تعالى. وللآية تفسير آخر وهو أن يكون المراد بالنسئ كبس بعض السنين القمرية بشهر ، حتى يلتحق بالسنة الشمسية ، وذلك أن السنة القمرية أعني اثني عشر شهرا قمريا هي ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وخمس وسدس يوم على ما عرف من علم النجوم وعمل الزيجات والسنة الشمسية وهي عبارة عن عود الشمس من أية نقطة تفرض من الفلك إليها بحركتها الخاصة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم إلا كسرا قليلا ، فالسنة القمرية أقل من السنة الشمسية بعشرة أيام وإحدى وعشرين ساعة وخمس ساعة تقريبا ، وبسبب هذا النقصان تنتقل الشهور القمرية من فصل إلى فصل ، فيكون الحج واقعا في الشتاء مرة وفي الصيف اخرى ، وكذا في الربيع والخريف ، وكان يشق الامر عليهم ، إذ ربماكان وقت الحج غير موافق لحضور التجار من الاطراف فكان تختل أسباب تجاراتهم ومعايشهم ، فلهذا السبب أقدموا على عمل الكبيسة بحيث يقع الحج دائما عند اعتدال الهواء وإدراك الثمرات والغلات ، وذلك بقرب حلول الشمس نقطة الاعتدال الخريفي ، فكبسوا تسع عشرة سنة قمرية بسبعة أشهر قمرية حتى صارت تسع عشرة سنة شمسية فزادوا في السنة الثانية شهرا ثم في الخامسة ، ثم في السابعة ، ثم في العاشرة ، ثم في الثالثة عشر ، ثم في السادسة عشر ، ثم في الثامنة عشر ، وقد تعلموا هذه الصنعة من اليهود والنصاري ، فإنهم يفعلون هكذا لاجل أعيادهم ، فالشهر الزائد هو الكبيس ، وسمي بالنسئ ، لانه المؤخر ، والزائد مؤخر عن مكانه ، وهذا التفسير يطابق ما روي أنه (ص) خطب في حجة الوداع ، و كان في جملة ما خطب به : ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الارض السنة اثنى عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثلاث متواليات : ذوالقعدة ، وذوالحجة والمحرم ، ورجب مضر (١) بين جمادى وشعبان. والمعنى : رجعت الاشهر إلى ما

____________________

(١) مضر كصرد قبيلة معروفة ، ولعل إضافة رجب إليها لاجل أنهم كانوا يعظمونه دون غيرهم كما قيل.

٣٣٩

كانت عليه ، وعاد الحج في ذي الحجة ، وبطل النسئ الذي كان في الجاهلية ، و قد وافقت حجة الوداع ذا الحجة في نفس الامر ، وكانت حجة أبي بكر قبلها في ذي القعدة التي سموها ذا الحجة. وإنما لزم العتب عليهم في هذا التفسير لانهم إذا حكموا على بعض السنين بأنها ثلاثة عشر شهرا كان مخالفا لحكم الله بأن عدة الشهور اثنا عشر شهرا ، أي لا أزيد ولا أنقص ، وإليه الاشارة بقوله « ذلك الدين القيم » على هذا التفسير ، ويلزمهم أيضا ما لزمهم في التفسير الاول من تغيير أشهر الحرم عن أماكنها ، فتكون الاشارة إلى المجموع « انتهى ».

وقال الطبرسي ره : « إن عدة الشهور عند الله » أي عدد شهور السنة في حكم الله وتقديره « اثنا عشر شهرا » وإنما تعبدالله المسلمين أن يجعلوا سنتهم على اثني شهر شهرا ليوافق ذلك عدد الاهلة ومنازل القمر ، دون مادان به أهل الكتاب والشهر مأخوذ (١) من شهرة الامر لحاجة الناس إليه في معاملاتهم ومحل ديونهم وحجهم وصومهم وغير ذلك من مصالحهم المتعلقة بالشهور ، وقوله « في كتاب الله » معناه ما كتب الله في اللوح المحفوظ ، وفي الكتب المنزلة على أنبيائه. وقيل : في القرآن ، وقيل : في حكمه وقضائه ، عن أبي مسلم. وقوله « يوم خلق السماوات و الارض » متصل بقوله « عندالله » والعامل فيها الاستقرار ، وإنما قال ذلك لانه يوم خلق السماوات والارض أجرى فيها الشمس والقمر ، وبمسيرهما تكون الشهور والايام ، وبهما تعرف الشهور « منها أربعة حرم » ثلاثة منها سرد : ذوالقعدة ، وذو الحجة والمحرم ، وواحد فرد وهو رجب ، ومعنى « حرم » أنه يحرم (٢) انتهاك المحارم فيها أكثر مما يحرم (٣) في غيرها ، وكانت العرب تعظمها حتى لوأن رجلا لقي قاتل أبيه فيا لم يهجه لحرمتها ، وإنما جعل الله بعض هذه الشهور أعظم حرمة من بعض لما علم من المصلحة في الكف عن الظلم فيها ، لعظم منزلتها ، ولانه ربما

____________________

(١) مأخوذ ( خ ).

(٢ و ٣) في المصدر يعظم.

٣٤٠