بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وقد تقدم ثناؤه ره على جماعة من العلماء بالنجوم. ثم قال : وممن اشتهر بعلمه من بني نوبخت عبدالله بن أبي سهل ، ومن العلماء بالنجوم محمد بن إسحاق النديم كان منجما للعلوي المصري ، ومن المذكورين بالتصنيف في علم النجوم حسن بن أحمد بن محمد بن عاصم المعروف بالعاصمي المحدث الكوفي ، ثقة سكن بغداد ، فمن كتبه الكتب النجومية ، ذكر ذلك ابن شهر اشوب في كتاب « معالم العلماء » وممن اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلى مذهب الامامية الفضل بن سهل وزير المأمون فروى محمد بن عبدوس الجمشاري وغيره ما معناه أنه لما وقع بين الامين والمأمون ما وقع واضطربت خراسان وطلب جند المأمون أرزاقهم وتوجه علي بن عيسى ابن ماهان من العراق لحرب المأمون وصعد المأمون إلى منظره للخوف على نفسه من جنده ومعه الفضل وقد ضاق عليه مجال التدبير وعزم على مفارقة ما هو فيه أخذ الفضل طالعه ورفع اصطرلابا وقال : ما تنزل من هذه المنزلة إلا خليفة غالبا لاخيك الامين ، فلا تعجل! وما زال يسكنه ويثبته حتى ورد عليهم في تلك الساعة رأس علي بن عيسى وقد قتله طاهر ، وثبت ملكه ، وزال ما كان يخافه ، وظفر بالامان. وروي خبر آخر أيضا مثل ذلك.

ثم قال : وممن كان عالما بالنجوم من المنسوبين إلى الشيعة الحسن بن سهل ثم ذكر ما أخرجنا من العيون في أبواب تاريخ الرضا عليه السلام من حديث الحمام و فتل الفضل فيه ، ثم قال : رأيت في كتاب الوزراء جمع عبدالرحمن بن المبارك أنه ذكر محمد بن سعيد أنه وجد على كتاب من كتب ذي الرياستين بخطه : هذه السنة الفلانية التي تكون فيها النكبة ، وإلى الله نرغب في دفعها ، وإن صح من حساب الفلك شئ فالامر واقع فيها لامحالة ، ونسأل الله تعالى أن يختم لنا بخير بمنه. وكان يعمل لذي الرياستين تقويم في كل سنة فيوقع عليه : هذا يوم يصلح لكذا ، و يجنب في هذا اليوم كذا. فلما كان في السنة التي قتل فيها عرض عليه اليوم ، فجعل يوقع فيه ما يصلح ، حتى انتهى إلى اليوم الذي قتل فيه ، فقال : اف لهذا اليوم! ما اشره علي! ورمى بالتقويم. وروي عن اخت الفضل ، قالت : دخل الفضل

٣٠١

إلى امه في الليلة التي قتل في صبيحتها ، فقعد إلى جانبها ، وأقبل يعظها ويعزيها عن نفسه ، ويذكرها حوادث الدهر وتقضي امور العباد ، ثم قبل صدرها وثديها وودعها وداع المفارق ، ثم قام فخرج وهو قلق منزعج لما دله عليه الحساب ، فجعل ينتقل من موضع إلى موضع ، ومن مجلس إلى مجلس ، وامتنع عليه النوم فلما كان في السحر قام إلى الحمام وقدر أن يجعل غمه وحرارته وكربه هو الذي دلت عليه النجوم ، وقدمت له بغلة فركبها وكان الحمام في آخر البستان فكبت به البغلة ، فسره ذلك وقدر أنها هي النكبة التي كان يتخوفها ، ثم مشى إلى الحمام ولم يزل حتى دخل الحمام فاغتسل فيه ، فقتل.

قال : ومن المذكورين بعلم النجوم روبان بنت الحسن بن سهل ، وجدت في مجموع عتيق أن بوران كانت في المنزلة العليا بأصناف العلم لاسيما في النجوم فإنها برعت فيه وبلغت أقصى نهايته ، وكانت ترفع الاصطرلاب كل وقت وتنظر إلى مولد المعتصم ، فعثرت يوما يقطع عليه ، سببه خشب ، فقالت لوالدها الحسن : انصرف إلى أميرالمؤمنين ، وعرفه أن الجارية فلانة قد نظرت إلى المولد ورفعت الاصطرلاب فدل الحساب والله أعلم أن قطعا يلحق أميرالمؤمنين من خشب في الساعة الفلانية من يوم بعينه. قال الحسن : يا قرة العين! يا سيدة الحرائر! إن أميرالمؤمنين قد تغير علينا وربما أصغى إلى شيخك بخلاف ما يقتضيه وجه المشورة والنصيحة. قالت : يا أبه! وما عليك من نصيحة إمامك ، لانه خطر بروح لاعوض منها ، فإن قبلها وإلا كنت قد أديت المفروض عليك. قال : فانصرف الحسن إلى المعتصم ، وعرفه ما قالت بوران. قال المعتصم : أيها الحسن! أحسن الله جزاءها وجزائك ، انصرف إليها وخصها عني بالسلام واسألها ثانيا واحضر عندي اليوم الذي عينت عليه ولازمني حتى ينصرم اليوم ويذهب ، فلست اشاركك في هذه المشورة والتدبير أحدا من البشر. قال : فلما كان صباح ذلك اليوم دخل عليه الحسن فأمر المعتصم حتى خرج كل من في المجلس وخلا إليه وأشار عليه أن ينتقل عن المجلس السقفي إلى مجلس ابن ارخى لايوجد فيه وزن درهم واحد من الخشب

٣٠٢

وما زال الحسن يحدثه والمعتصم يمازحه وينشطه حتى أظهر النهار وضربت نوبة الصلاة ، فقام المعتصم ليتوضأ ، فقال الحسن : لاتخرج أميرالمؤمنين عن هذا المجلس ويكون الوضوء والصلاة وكل ما تريد فيه ، حتى ينصرم اليوم. فجاء خادم ومعه المشط والسواك ، فقال الحسن للخادم : امتشط بالمشط واستك بالسواك. فامتنع وقال : كيف أتناول آلة أميرالمؤمنين؟ قال المعتصم : ويلك ، امتثل قول الحسن ولا تخالف. ففعل ، فسقطت ثناياه وانتفخ دماغه وخر مغشيا عليه ، ورفع ميتا وقام الحسن ليخرج ، فاستدعاه المعتصم واحتضنه ولم يفارقه حتى قبل عينيه ، ورد على بوران أملاكا وضياعا ، وكان ابن الزيات حلها عنها وذكر مله برواية اخرى.

وروى من كتاب الوزراء لمحمد بن عبدوس ، عن إسماعيل بن صبيح ، قال : كنت أكتب يوما بين يدي يحيى بن خالد البرمكي فدخل عليه جعفر بن يحيى فلما رآه صاح وأعرض بوجهه عنه وقطب وكره رؤيته ، فلما انصرف قلت له : أطال الله بقاءك ، تفعل هذا بابنك وحاله عند أميرالمؤمنين حالة لايقدم عليه ولدا ولا وليا؟ فقال : إليك عني أيها الرجل! فوالله لايكون هلاك أهل هذا البيت إلا بسببه. فلما كان بعد مدة من ذلك دخل عليه أيضا جعفر وأنا بحضرته ففعل مثل ما فعل الاول ، وأكدت عليه القول ، فقال : أدن مني الدواة : فأدنيتها وكتب كلمات يسيرة في رقعة وختمها ودفعها إلي ، وقال : بلي ، ليكن عندك ، فإذا دخلت سنة سبع وثمانين ومائة ومضى فانظر فيها. فلما كان في صفر أوقع الرشيد بهم فنظرت في الرقعة ، فكان الوقت الذي ذكره. قال إسماعيل : وكان يحيى أعلم الناس بالنجوم. وروى أيضا عن محمد بن عبدوس من كتاب الوزراء عن موسى بن نصر الوصيف ، عن أبيه ، قال : غدوت إلى يحيى بن خالد في آخر أمرهم اريد عيادته من علة كان يجدها ، فودجت في دهليزه بغلا مسرجا ، فدخلت إليه فكان يأنس بي ويفضي إلى بسره ، فوجدته مفكرا مهموما ، ورأيته مستخليا مشتغلا بحساب النجوم وهو ينظر فيه ، فقلت له : إني لما رأيت بغلا مسر جاسرني ، لاني قدرت انصراف العلة وأن عزمك الركوب ، ثم قدغمني ما أراه من همك ، قال : فقال لي : إن

٣٠٣

لهذا البغل قصة ، إني رأيت البارحة في النوم كأني راكبه حتى وافيت رأس الجسر من الجانب الايسر ، فوقفت فإذا صائح يصيح من الجانب الآخر « شعر ».

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

قال : فضربت يدي على قربوس السرج ، وقلت « شعر » :

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا

صروف الليالي والجدود العواثر

ثم انتبهت فلجأت إلى أخذ الطالع ، فأخذته وضربت الامر ظهر البطن فوقفت على أنه لابد من انقضاء مدتنا وزوال أمرنا. قال فما كان يكاد يفرغ من كلامه حتى دخل عليه مسرور الخادم بخوان مغطاة وفيها رأس جعفر بن يحيى ، و قال له : يقول : لك أميرالمؤمنين : كيف رأيت نقمة الله في الفاجر؟ فقال له يحيى : قل له : يا أميرالمؤمنين! أرى أنك أفسدت عليه دنياه. وأفسد عليك آخرتك.

ثم قال : وممن رأيت ذكره في علماء النجوم وإن لم أعلم مذهبه إبراهيم بن السندي بن شاهك ، وكان منجما طبيبا متكلما. ومن العلماء بالنجوم عضد الدولة ابن بويه ، وكان منسوبا إلى التشيع ، ولعله كان يرى مذهب الزيدية. ومنهم الشيخ المعظم محمود بن علي الحمصي ره كما حكينا عنه ، ومنهم جابر بن حبان صاحب الصادق عليه السلام وذكره ابن النديم في رجال الشيعة ، وممن ذكر بعلم النجوم من الوزراء أبوأيوب سليمان بن مخلد المورياني ، وممن ظهر منه العمل على النجوم البرامكة ، ذكر عبدالرحمن بن المبارك أن جعفر لما عزم على الانتقال إلى قصره الذي بناه وجمع المنجمين لاختيار وقت ينتقل فيه فاختاروا له وقتا من الليل ، فلما حضر الوقت خرج على حمار من الموضع الذي ينزله إلى قصره ، والطرق خالية والناس ساكنون ، فلما وصل إلى سوق يحيى رأى رجلا يقول : « شعر »

يدبر بالنجوم وليس يدري

ورب النجم يفعل ما يريد

فاستوحش ووقف ودعا بالرجل فقال له : أعد علي ما قلت ، فأعاده فقال : ما أردت بهذا؟ قال : والله ما أردت به معنى من المعاني ، لكنه عرض لي وجاء على لساني فأمر له بدنانير.

٣٠٤

ثم ذكر ره إصابات كثرة من المنجمين نقلا من كتبهم ، ونقل من كتاب ربيع الابرار أن رجلا أدخل إصبعيه في حلقتي مقراض ، وقال للمنجم : أيش ترى في يدي؟ فقال : خاتمي حديد. وقال : فقدت في دار بعض الرؤساء مشربة فضة فوجه إلى ابن ماهان يسأله فقال : المشربة سرقت نفسها ، فضحكت منه واغتاظ ، و قال : هل في الدار جارية اسمها فضة أخذت الفضة؟ فكان كما قال. وقال : سعي بمنجم فامر بصلبه ، فقيل له : هل رأيت هذا في نجومك؟ فقال : رأيت ارتفاعا ، ولكن لم أعلم أنه فوق خشبة.

وقال : ومن الملوك المشهورين بعلم النجوم وتقريب أهله المأمون ، وذكر محمد بن إسحاق أنه كان سبب نقل كتب النجوم وأمثالها من بلاد الروم ونشرها بين المسلمين. وذكر المسعودي في حديث وفاة المأمون ، قال : فأمرنا بإحضار جماعة من أهل الموضع ، فسألهم ما تفسير « النديون » فقالوا : تفسيره « مد رجليك » فلما سمع المأمون بذلك اضطرب وتطير بهذا الاسم ، وقال : سلوهم ما اسم هذا الموضع بالعربية؟ قالوا : اسمه بالعربية « الرقة » وكان فيما عمل من مولد المأمون أنه يموت بالرقة ، فلما سمع اسم الرقة عرف أنه الموضع الذي ذكر في مولده ، وأنه لايموت إلا بالرقة ، فمات به كما اقتضت دلالة النجوم في طالعه.

وذكر محمد بن بابويه في دلائل النبوة أن « بخت نصر » لما رأى رؤياه أحضر من جملة العلماء أصحاب النجوم ، وذكر التنوخى في كتابه ، قال : حدثني الصوفي المنجم ، قال وكان أبوالحسين حاضرا وعضد الدولة يحدثني قال : اعتللت علة صعبة أيس مني فيها الطبيب ، وأيست من نفسي ، وكان تحويل سنتي تلك في النجوم رديا جدا نحسا موحشا ، ثم زادت العلة علي ، فأمرت أن يحجب الناس كلهم لا يدخل إلي أحد بوجه ولاسبب إلا حاجب البويه في أوقات ، حتى منعت الطبيب عن الوصول ضجرا بهم بل بنفسي ويأسا من العافية ، فأقمت كذلك أياما ثلاثة وأربعة وأنا أبكي في خلوتي على نفسي ، إذ جاءني حاجب البويه فقال : في الدار أبوالحسين الصوفي من الغداة يطلب الوصول ، وقد اجتهدنا به في الانصراف بكل رفق وجميل

٣٠٥

فما فعل ، وقال : لابد من أن أصل. ولم احب أن احدثه في الانصراف على أي وجه كان إلا بأمرك ، وقد عرفته بأنه قد رسم لي أن لايصل إليه أحد من خلق الله أجمعين ، فقال : الذي حضرت له بشارة ولايجوز أن يتأخر وقوفه عليها ، فعرفه هذا عني واستأذنه لي في الوصول إليه. فقلت له بضعيف صوت وكلام خفيف : يريد أن يقول لي قد بلغ الكوكب الفلاني الموضع الفلاني ، ويهدي إلي من هذا الجنس ما يضيق به صدري. ويزيد به همي ، وما أقدر على سماع كلامك فانصرف. فخرج الحاجب ورجع إلي مستعجلا وقال : إما أن يكون أبوالحسين الصوفي قد جن أو معه أمر عظيم! فإني قد عرفته بما قال مولانا ، فقال : ارجع إليه وقل له : والله لو أمرت بضرب عنقي ما انصرفت أو أصل إليك ، ووالله ما اكلمك في معنى النجوم بكلمة واحدة. فعجبت من ذلك عجبا شديدا مع علمي بعقل أبي الحسين وأنه مما لايخرق معي في شئ ، وتطلعت نفسي إلى ما يقوله فقلت : أدخله فلما دخل إلي قبل الارض وبكى وقال : أنت والله في عافية لابأس عليك ، واليوم تبرء ومعي معجزة في ذلك! فقلت له : ما هي؟ فقال : رأيت البارحة في منامي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والناس يهرعون إليه يسألونه حوائجهم ، و كان قد تقدمت إليه وقلت : يا أميرالمؤمنين! أنا رجل غريب في هذا البلد ، تركت نعمتي بالري وتجارتي ، وتعلقت بحب هذا الامير الذي أنا معه ، وقد بلغ إلى حد الاياس من العلة ، وقد أشفقت أن أهلك بهلاكه ، فادع الله تعالى بالعافية له. فقال : تعني فنا خسرو بن الحسن بن بويه؟ قلت : نعم ، يا أميرالمؤمنين. فقال : امض إليه غدا وقل له : أنسيت ما أخبرتك به امك عني في المنام الذي رأته وهي حامل بك؟ أليس قد أخبرتك (١) بمدة عمرك ، وأنك ستعتل إذا بلغت كذا وكذا سنة علة يأيس منها أطباؤك وأهلك ثم تبرأ منها؟ وأنت تصلح من هذه العلة غدا وتبرأ ، وأرى صلاحك أن تركب وتعاود عاداتك كلها في كذا وكذا يوما ، ولا قطع عليك قبل الاجل الذي خبرتك به امك عني. قال لي عضد الدولة : وقد

____________________

(١) أخبرتها ( خ ).

٣٠٦

كنت أنسيت أن امي قالت لي في المنام إذا بلغت هذه السنة اعتللت العلة التي قد ذكرتها حتى قال لي أبوالحسين الصوفي ، فحين سمعت الكلام حدثت لي في نفسي في الحال قوة لم يكن من قبل ، فقلت : أقعدوني ، فجاء الغلمان فأمسكوني حتى جلست على الفراش ، وقلت لابي الحسين : اجلس وأعد الحديث ، فقد قويت نفسي فأعاده فتولدت لي شهوة الطعام فاستدعيت الاطباء ، فأشاروا بتناول غذاء وصفوه عمل في الحال وأكلته ، ولم تنقض الحال في اليوم حتى بان لي في الصلاح أمرعظيم ، و أقبلت العافية فركبت وعاودت عاداتي في اليوم الذي قال أبوالحسين في المنام أن أركب فيه ، وكان عضد الدولة يحدثني وأبوالحسين يقول : كذا والله كان ، وكذا قلت لمولانا ، و : اعيذ بالله ما أحسن حفظه وذكر ماجرى حرفا بحرف. ثم قال : ما فاتني في نفسي من هذا المنام شئ ، كنت أشتهي الاشياء ، كنت أشتهي أن يكون فيه مثبتا وشيئا [ كنت ] أشتهي أن لايكون فيه. فقلت : يبلغ الله مولانا آماله ويحدث له كل ما يسر به ، ويصرف عنه كل ما لايؤثر كونه. ولم أزد على الدعاء ، فعلم غرضي وقال : أما الذي كنت أشتهي أن لايكون فيه فهو أنه وقف على أني أملك حلبا ، ولو كان عنده أني أملك شيئا مما تجاوز حلبا لقاله ، وكأني أخاف أن يكون هذا غاية حدي من تلك الناحية ، حتى أنه جاءني الخبر بأن سيف الدولة أظهر الدعوة لي بحلب وأعماله ، ودخل تحت طاعتي ، فذكرت المنام فتنغص علي لاجل هذا الاعتقاد. وأما الذي كنت أشتهي أن يكون فيه فهو أني أعلم من هذا الذي يملك من ولدي ، ويستقل (١) الملك على يديه ، فدعوت له و قطعت الحديث بعدها بنحو سنتين ، وما تجاوزت دعوته أعمال حلب بوجه ولاسبب.

قال : وروى الحاكم النيسابوري في تاريخه بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال : بعث تبع إلى مكة لنقل البيت إليه ، قال : فابتلي بجسده فقال لمنجميه : انظروا فنظروا فقالوا : لعلك أردت بيت الله بشئ ، قال : نعم ، أردت أن ينقل إلي ، قالوا إذا لايكون ، ولكن اكسه وردهم من ذلك ، فردهم عن ذلك وكساه فبرأ « انتهى »

____________________

(١) يستقر ( ظ ).

٣٠٧

ما أردت إيراده من كلاه السيد ره.

وسأل السيد مهنان بن سنان العلامة ره : ما يقول سيدنا فيما يقال : إن كسوف الشمس بسبب حيلولة جرم القمر بينه وبين الشمس ، وإن سبب خسوف القمر حيلولة الارض ، ويدل على ذلك ما يخبر به أهل التقويم فيطابق أخبارهم؟ وإذا كان الامر على هذه الصورة فلم امرنا بالخوف عند ذلك والفزع إلى الدعاء والصلاة في المساجد؟ فأجاب ره : استناد الكسوف والخسوف إلى ماذكره أدام الله أيامه مستند إلى الرصد ، وهو أمر ظني غير يقيني ، ولو سلم لم يضر في التكليف بالصلاة وسؤال الله في رد النور (١) ويجوز أن يكون هذا الحادث سببا لتجدد حادث في الارض من خير أو شر ، فجاز أن يكون العبادة رافعة لمانيط بذلك الحادث من الشر والخوف بسبب ذلك.

ثم سأل عن أخبار المنجمين وأصحاب الرمل بالاشياء المغيبة ، فأجاب بأن هذا كله تخمين لاحقيقة له ، وما يوافق قولهم من الحوادث فإنه يقع على سبيل الاتفاق ، وعلم الرمل ينسب إلى إدريس عليه السلام وليس بمحقق ، ولكنه جرى لنا وقائع غريبة عجيبة وامتحانات طابقت حكمه ، لكن لايثمر ذلك علما محققا « انتهى ».

وأقول : إذا أحطت خبرا بما تلونا عليك من الاخبار والاقوال لايخفى عليك أن القول باستقلال النجوم في تأثيرها بل القول بكونها علة فاعلية بالارادة والاختيار وإن توقف تأثيرها على شرائط كفر ومخالفة لضرورة الدين (٢) ، والقول بالتأثير الناقص يحتمل وجهين : الاول : تأثيرها بالكيفية كحرارة الشمس وإضاءتها وسائر الكواكب وتبريد القمر ، فلا سبيل إلى إنكار ذلك ، لكن الكلام في أنها

____________________

(١) لم يضر بالاخبار بحسن الصلاة والدعاء في رد النور ( خ ).

(٢) القول بكون الكواكب حية مريدة مختارة مؤثرة في العالم الارضى خطاء لكنه لايوجب الكفر ، إلا أن يعتقد أنها واجبة الوجود وليس فوقها مؤثر ، أو أن الله لايقدر على منعها من التأثير ، قال الشهيد في القواعد على ما حكى عنه المؤلف : وان اعتقد انها يعنى الكواكب تفعل الاثار المنسوبة إليها والله سبحانه هو المؤثر الاعظم كما يقوله اهل العدل فهو مخطئ ، إذ لاحياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلى ولانقلى وبعض الاشعرية يكفرون هذا « الخ » وعلى هذا فدعوى كون هذا القول مخالفا لضرورة الدين كما ترى.

٣٠٨

مؤثرات أو معدات لتأثير الرب سبحانه ، أو أنه تعالى أجرى العادة بخلق الحرارة أو الضوء عقيب محاذاة الشمس مثلا ، والاكثر على الاخير. والثانى كون حركاتها وأوضاعها ومقارناتها واتصالاتها مؤثرة ناقصة في خلق الحوادث على أحد الوجوه الثلاثة المتقدمة ، فلا ريب أن القول به فسق وقول بما لايعلم ، ولادليل يدل عليه من عقل ولا نقل ، بل ظواهر الآيات والاحبار خلافه ، والقول ، به جرأة على الله. وأما أنه ينتهي إلى حد الكفر فيشكل الحكم به ، وإن لم يكن مستبعدا. والكراجكي ره لم يفرق فيما مر بين هذا الوجه والوجه الاول ، وإنما النزاع في الثاني دون الاول. وأما كونها أمارات وعلامات جعلها الله دلالة على حدوث الحوادث في عالم الكون والفساد ، فغير بعيد عن السداد ، وقد عرفت أن كثيرا من الاخبار تدل على ذلك ، وهي إمامفيدة للعلم العادي لكنه مخصوص ببعض الانبياء والائمة عليهم السلام ومن أخذها منهم لان الطريق إلى العلم بعدم ما يرفع دلالتها من وحي أو إلهام والاحاطة بجميع الشرائط والموانع والقوابل مختصة بهم ، أو مفيدة للظن ووقوع مدلولاتها مشروط بتحقق شروط ورفع موانع ، وما في أيدى الناس ليس ذلك العلم أصلا أو بعضه منه لكنه غير معلوم بخصوصه ، ولايفيد العلم قطعا ، وإفادته نوعا من الظن مشكوك فيه.

وأماتعليمه وتعلمه والعمل به فأقسام : منها استخراج التقاويم والاخبار بالامور الخفية أو المستقبلة وأخذ الطوالع والحكم بها على الاعمار والاحوال ، و الظاهر حرمة ذلك لشمول النهي له ، وما ورد أنها دلالات وعلامات لا يدل على التجويز لغير من أحاط علمه بجميع ذلك من المعصومين عليهم السلام ، وما دل على الجواز فأخبار أكثرها ضعيفة ، ويمكن حمل بعضها على التقية بشيوع العمل بها في زمن خلفاء الجور والسلاطين في أكثر الاعصار ، وتقرب المنجمين عندهم ، وربما يومئ بعض الاخبار إليه ، ويمكن حمل أخبار النهي على الكراهة الشديدة ، والجواز على الاباحة ، أو حمل أخبار النهي على ما إذا اعتقد التأثير ، والجواز على عدمه كما فعله السيد بن طاووس ره وغيره ، لكن الاول أظهر وأحوط.

٣٠٩

ومنها الاعتناء بالساعات المسعودة والمنحوسة واختيارا لاولة لارتكاب الاعمال والشروع فيها ، والاحتراز عن الثانية ، وهذا أيضا يحتمل الكراهة والحرمة ، و ما ورد من رع؟ ية العقرب والمحاق في التزويج والسفر فلا دلالة فيه على العموم مع أنك قد عرفت أن اصطلاح البروج في الاخبار الظاهر أنه غير اصطلاح المنجمين وأما سعادة الكواكب والبروج ونحوستها فتحتمل الاخبار الواردة فيها أمرين : أحدهما أن يكون لها سعادة ونحوسة واقعية ، لكن ترتفع النحوسة بالتوكل و الدعاء والصدقة والتوسل بالله تعالى ، ونحن إنما امرنا بتلك الامور لابرعاية الساعات ، وثانيهما أن يكون تأثيرها من جهة الطيرة لما اشتهر بين الناس من نحوسة تلك الساعات ، وإنما يتأثر بها من يتأثر من الطيرة ممن ضعف توكلهم واعتمادهم على ربهم ، ولهم عقول ضعيفة ، ونفوس دنية يتأثرون بأدنى شئ ، ويومئ إليه قول أميرالمؤمنين عليه السلام عند خبر المنجم « اللهم لاطير إلا طيرك » فعلى الوجهين الاولى لمن قويت نفسه وصدق في توكله على ربه أن لايلتفت إلى أمثال ذلك ، و يتوسل بجنابه تعالى في جميع اموره ، ويطلب منه الخيرة ، وقد روي عن الصادق عليه السلام أن الطيرة على ما تجعلها ، إن هونتها تهونت ، وإن شددتها تشددت وإن لم تجعلها شيئا لم تكن شيئا. وعنه عن آبائه عليهم السلام قال قال النبي (ص) : أوحى الله عزوجل إلى داوود عليه السلام : كما لاتضيق الشمس على من جلس فيها كذلك لاتضيق رحمتي على من دخل فيها ، وكما لاتضر الطيرة من لايتطير منها كذلك لاينجو من الفتنة المتطيرون. وسيأتي القول فيها في الباب الآتي.

ومنها تعليم هذا العلم بوجهيه المتقدمين وتعلمه والنظر والتفكر فيه ، و هو أيضا يحتمل الحرمة والكراهة ، واحتمال الكراهة هنا أقوى مما سبق.

ومنها علم الهيئة والنظر في هيئات الافلاك وحركانها ، وجوازه لايخلو من قوة إذا لم يعتقد فيه ما يخالف الآيات والاخبار كتطابق الافلاك ، ولم يجزم بما لابرهان عليه ، وإنما قال به على سبيل الاحتمال. وأما ما ذكره الشهيد ره من استحباب النظر في علم الهيئة فإنما هو إذا ثبتت مطابقة قواعده لما هي عليها في

٣١٠

نفس الامر ، وعدم اشتماله على قاعدة مخالفة لما ظهر من الشريعة ، وإلا فيكون بعضها داخلا في القول بغير علم ، أو فيما حرم اتباعه لمخالفة الشريعة وأما الآيات الدالة على التفكر في خلق السماوات والارض فالظاهر أن المراد بها التفكر فيها من جهة دلالتها على وجود الصانع وعلمه وقدرته وحكمته ، لامن جهة نضدها و ترتيبها وكيفيات حركاتها ، وإن احتمل شمولها لها أيضا.

ومنها الحكم بالكسوف والخسوف وأوائل الاهلة والمحاق وأشباه ذلك فالظاهر جوازه وإن كان الاحوط اجتناب ذلك أيضا ، فإن الاحكام الشرعية فيها مبتنية على الرؤية لا على أحكام المنجمين بذلك. وبالجملة ينبغي للمتدين المتبع لاهل بيت العصمة عليهم السلام المدعي لكونه شيعة لهم مقتديالآثارهم أن لايتعرض لشئ من ذلك إلا في قليل منه يتعلق بمعرفة أوقات الصلوات وسائر العبادات ، و تعيين جهة القبلة وأشباه ذلك ، ولوكانت هذه العلوم والاعمال مما له مدخلية في صلاح الدين لامر أئمتناعليهم السلام شيعتهم بذلك ، ورغبوهم فيها ، وحثوهم عليها وعلموهم قواعدها ، ولم ينقل من عادة أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم الرجوع إلى الساعات واستعلامها ، أو بيانها لشيعتهم ، واحترازهم عن ساعة بسبب أنها نحس بحسب النجوم ، بل كانوا يأمرونهم بالصدقة والدعاء والتضرع والتوسل إلى الله سبحانه في الاحتراز عن البلايا والآفات ، والمنحوسة من الساعات ، وفي هذه الازمان تركوا جميع ذلك واكتفوا بالرجوع إلى التقاويم وأصحاب النجوم ، و اتكلوا عليها. وأيضا لعلمهم بأخبار المنجمين بأوقات الكسوفات والخسوفات لا يحصل لهم في وقوعها فزع ، ولايتضرعون إلى الله في رفعها ودفع شرها ، مع أنه يصير في أكثر الناس سببا للقول بتأثير النجوم وحياتها وتدبيرها في العالم ، أعاذنا الله وسائر المؤمنين من ذلك ، وإنما أطنبنا الكلام قليلا في هذا المقام لكثرة ولوع الناس بهذا العلم والعمل به ، وتقربهم إلى الملوك بذلك ، فيوقعون الناس به في المهالك ، والله العاصم من فتن المبتدعين ، والهادي إلى الحق واليقين.

٣١١

١١

(باب آخر)

* (في النهى عن الاستمطار بالانواء والطيرة والعودى) *

الآيات :

النمل : قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عندالله بل أنتم قوم تفتنون (١).

يس : قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليس قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون (٢).

الواقعة : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (٣).

تفسير : « قالوا اطيرنا بك وبمن معك » أي تشأ منا بكم إذ تتابعت علينا الشدائد من القحط وغيره ، ووقع بيننا الافتراق بما اخترعتم من دينكم « قال طائركم » أي سببكم الذي جاء منه شركم « عندالله » وهو قضاؤه وقدره ، أوأعمالكم السيئة المكتوبة عنده « بل أنتم قوم تفتنون » أي تختبرون بتعاقب السراء والضراء وفيه دلالة على أنه لا أصل للطيرة ، وأن ما يقع من الخير والشر بقدر الله مترتبا على الاعمال الحسنة والسيئة ، كما قال : « وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم (٤) » قال صاحب الكشاف : كان الرجل يخرج مسافرا فيمر بطير فيزجره وإن مر سانحا تيمن ، وإن مر بارحا تشأم ، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير لما كان سببا للخير والشر وهو قدر الله وقسمته.

« إنا تطيرنا بكم » قال البيضاوي : تشأ منا بكم ، وذلك لاتسغرابهم ما ادعوه

____________________

(١) النمل : ٤٧.

(٢) يس : ١٨ و ١٩.

(٣) الواقعة : ٨٢.

(٤) الشورى : ٢٠.

٣١٢

واستقباحهم له وتنفرهم عنه « لئن لم تنتهوا » عن مقالتكم هذه « طائركم معكم » سبب شومكم معكم ، وهو سوء عقيدتكم وأعمالكم « أئن ذكرتم » وعظتم به ، وجواب الشرط محذوف مثل « تطيرتم » أو « توعدتم بالرجم والتعذيب » « بل أنتم قوم مسرفون » قوم عادتكم الاسراف في العصيان ، فمن ثم جاءكم الشوم ، أو في الضلال ولذلك توعدتم وتشأ متم بمن يجب أن يكرم ويتبرك به (١).

« وتجعلون رزقكم » قال الطبرسي ره : أي وتجعلون حظكم من الخير الذي هوكالرزق لكم أنكم تكذبون به ، وقيل : وتجعلون شكر رزقكم التكذيب عن ابن عباس قال : أصاب الناس عطش في بعض أسفاره فدعا (ص) فسقوا ، فسمع رجلا يقول : مطرنا بنوء كذا ، فنزلت الآية. وقيل : معناه وتجعلون حظكم من القرآن الذي رزقكم الله التكذيب به ، عن الحسن (٢). وقرأه علي عليه السلام وابن عباس ورويت عن النبي صلى الله عليه وآله « وتجعلون شكركم(٣) » فالمعنى : تجعلون مكان الشكر الذي يجب عليكم التكذيب ، وقد يكون المعنى : وتجعلون شكر رزقكم التكذيب (٤) ، قال ابن جني : هو على « وتجعلون بدل شكركم (٥) ».

١ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن محمد بن أحمد بن ثابت ، عن الحسن بن محمد بن سماعة وأحمد بن الحسن القزاز ، جميعا عن صالح بن خالد ، عن ثابت بن شريح عن أبان بن تغلب ، عن عبدالاعلى الثعلبي ، ولا أراني إلا وقد سمعته من عبدالاعلى عن أبي عبدالرحمن السلمي أن عليا عليه السلام قرأ بهم الواقعة « وتجعلون شكركم أنكم تكذبون » فلما انصرف قال : إني قد عرفت أنه سيقول قائل : لم قرأ هكذا قراءتها ، إني سمعت رسول الله (ص) يقرؤها كذلك ، وكانوا إذا مطروا قالوا : مطرنا

____________________

(١) انوار التنزيل : ج ٢ ، ص ٣٠٩.

(٢) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٢٢٦.

(٣) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٢٢٤.

(٤) في المصدر : فهو حذف المضاف وقال.

(٥) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٢٢٥.

٣١٣

بنوء كذاوكذا ، فأنزل الله « وتجعلون شكركم أنكم تكذبون (١) ».

٢ ـ وعن علي بن الحسين ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله « وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون » قال : بل هي « وتجعلون شكركم أنكم تكذبون (٢) ».

توضيح : قوله « ولا أراني » كلام ثابت ، أي أظن أني سمعت الحديث من عبدالاعلي بغير توسط أبان. وقال الجزري في النهاية : فيه : ثلاث من أمر الجاهلية : الطعن في الانساب ، والنياحة ، والانواء. وقد تكرر ذكر النوء والانواء في الحديث ومنه الحديث « مطرنا بنوء كذا » والانواء هي ثمان وعشرون منزلة ينزل القمر في كل ليلة في منزلة منها ، ومنه قوله تعالى « والقمر قدرناه منازل » يسقط في المغرب كل ثلاث عشر ليلة منزلة مع طلوع الفجر ، وتطلع اخرى مقابلتها (٣) ذلك الوقت في المشرق ، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة ، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر ، وينسبونه إليها ، فيقولون : مطرنا بنوء كذا ، وإنما سمي نوءا لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق : يقال : ناء ينوء نوء أي نهض وطلع ، وقيل : أراد بالنواء الغروب وهو من الاضداد ، قال أبوعبيد : لم نسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع : وإنما غلظ النبي صلى الله عليه وآله في أمر الانواء لان العرب كانت تنسب المطر إليها ، فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله مطرنا بنوء كذا أي في وقت كذا وهو هذا النواء الفلاني فإن ذلك جائز ، أي أن الله قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الاوقات (٤) « انتهى ». وقال ابن العربي : من انتظر المطر منها على أنها فاعلة من دون الله أو يجعل الله شريكا فيها فهو كافر ، ومن انتظره منها على إجراء العادة فلا شئ عليه وقال النووي : لكنه يكره لانه شعار الكفر وموهم له.

____________________

(١ و ٢) تفسير على بن ابراهيم القمى : ٦٦٣.

(٣) في المصدر : مقابلها بالنصب على الظرفية.

(٤) النهاية : ج ٤ ، ص ١٧٨.

٣١٤

٣ ـ معانى الاحبار : عن ابن عقدة (١) ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال : ثلاثة من عمل الجاهلية : الفخر بالانساب ، والطعن في الاحساب والاستسقاء بالانواء.

قال الصدوق ره : أخبرني محمد بن هارون الزنجاني ، عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد أنه قال : سمعت عدة من أهل العلم يقولون : إن الانواء ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها ، من الصيف والشتاء و الربيع والخريف ، يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر ، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته ، وكلاهما معلوم مسمى ، وانقضاء هذه الثمانية والعشرين كلها مع انقضاء السنة ، ثم يرجع الامر إلى النجم الاول مع استئناف السنة المقبلة ، وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا : لابد أن يكون عند ذلك رياح ومطر ، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم الذي يسقط حينئذ ، فيقولون : مطرنا بنوء الثريا ، و الدبران ، والسماك ، وما كان من هذه النجوم فعلى هذا ، فهذه هي الانواء واحدها « نوء » وإنما سمي نوءا لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق بالطلوع ، وهو ينوء نوءا وذلك النهوضء هو النوء ، فسمي النجم به ، وكذلك كل ناهض ينتقل بإبطاء فإنه ينوت عند نهوضه ، قال الله تبارك وتعالى « لتنوء بالعصبة اولي القوة (٢) ».

٤ ـ ومنه : عن محمد بن هارون الزنجاني ، عن علي بن عبدالعزيز ، عن

____________________

(١) في المصدر : احمد بن زياد بن جعفر الهمدانى عن على بن ابراهيم. وابن عقدة هو احمد بن محمد بن سعيد الهمدانى الكوفى الثقة المتوفى سنة « ٣٣٣ » ويمكن رواية الصدوق ره عنه لانه تولد سنة « ٣٠٥ » وكان عند وفاة « ابن عقدة » ابن ثمانية وعشرين ، وإن لم يذكر في مشايخه ، والله العالم.

(٢) القصص : ٧٦. معانى الاخبار : ٣٢٦.

٣١٥

أبي عبيد القاسم بن سلام بأسانيدمتصلة إلى النبي صلى الله عليه وآله قال : نهى(ص)عن ذبائح الجن ، وذبائح الجن أن يشترى الدار أو يستخرج العين أو ما أشبه ذلك فيذبح له ذبيحة للطيرة.

قال أبوعبيد : معناه أنهم كانوا يتطيرون إلى هذا الفعل مخافة إن لم يذبحوا أو يطعموا أن يصيبهم فيها شئ من الجن ، فأبطل النبي (ص) هذا ونهى عنه (١).

٥ ـ وقال (ص) لاتوردن (٢) ذوعاهة على مصح. يعني الرجل يصيب إبله الجرب أو الداء ، فقال لاتوردنها (٣) على مصح ، وهو الذي إبله وماشيته صحاح بريئة من العاهة. قال أبوعبيد : وجهه عندي والله أعلم أنه خاف أن ينزل بهذه الصحاح من الله عزوجل ما نزل بتلك ، فيظن المصح أن تلك أعدتها ، فيأثم في ذلك (٢).

٦ ـ الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي ، عن سليمان بن جعفر البصري ، عن عبدالله بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله (ص) : أربعة لاتزال في امتي إلى يوم القيامة : الفخر بالاحساب والطعن في الانساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة (٤) « الخبر ».

٧ ـ الخرائج : روي أنه في وقعة تبوك أصاب الناس عطش ، فقالوا : يا رسول الله لو دعوت الله لسقانا ، فقال (ص) : لو دعوت الله لسقيت ، قالوا : يا رسول الله ادع لنا ليسقينا ، فدعا ، فسالت الاودية ، فإذا قوم على شفير الوادي يقولون : مطرنا بنوء الذراع ، وبنوء كذا. فقال رسول الله (ص) : ألا ترون؟ فقال خالد : ألا أضرب أعناقهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يقولون هكذا وهم يعلمون أن الله أنزله.

____________________

(١) معانى الاخبار : ٢٨٢.

(٢) في المصدر : لايوردن.

(٣) في المصدر : لايوردنها.

(٤) الخصال : ١٠٥.

٣١٦

بيان : يدل على حرمة هذا القول أو الكراهة الشديدة ، وأنه لايصير سببا للكفر مع عدم الاعتقاد بكونها مؤثرة ، وأن هذا الاعتقاد كفر يوجب الارتداد واستحقاق القتل.

٨ ـ العياشى : عن يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله تعالى « وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (١) » قال : كانوا يقولون : نمطر بنوء كذا وبنوء كذا ، ومنها أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم بما يقولون.

بيان : قال الطبرسي ره في قوله تعالى « وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون » : اختلف في معناه على أقوال : أحدها أنهم مشركوا قريش ، كانوا يقرون بالله خالقا ومحييا ومميتا ، ويعبدون الاصنام ويدعونها آلهة ، عن ابن عباس وثانيها أنها نزلت في مشركي العرب ، إذا سئلوا : من خلق السماوات والارض وينزل القطر؟ قالوا : الله ، ثم هم يشركون ، كانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هولك ، تملكه وما ملك. وثالثها أنهم أهل الكتاب ، آمنوا بالله واليوم الآخر والتورية والانجيل ثم أشركوا بإنكار القرآن وإنكار نبوة نبينا صلى الله عليه وآله وهذا القول مع ما تقدم رواه دارم بن قبيصة ، عن الرضا عن جده أبي عبدالله عليهما السلام ورابعها أنهم المنافقون ، يظهرون الايمان ويشركون في السر وخامسها أنهم المشبهة ، آمنوا في الجملة وأشركوا (٢) بالتفصيل ، عن ابن عباس أيضا. وسادسها أن المراد بالاشراك شرك الطاعة لاشرك العبادة ، أطاعوا الشيطان في المعاصي التي يرتكبوها مما أوجب عليها النار ، فأشركوا بالله في طاعته ، ولم يشركوا في (٣) عبادته ، فيعبدون معه غيره ، عن أبي جعفر عليه السلام. وروي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : قول الرجل لولا فلان لهلكت ولو لا فلان لضاع عيالي جعل لله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه. فقيل له : لو قال : لو لا أن من الله علي بفلان

____________________

(١) يوسف : ١٠٦.

(٢) في المصدر : في التفصيل ، وروى ذلك عن ابن عباس أيضا.

(٣) في المصدر : ولم يشركوا بالله شرك عبادة.

٣١٧

لهلكت ، قال لابأس بهذا. وفي رواية زرارة ومحمد بن مسلم وحمران عنهما عليهما السلام أنه شرك النعم ، وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : إنه شرك لا يبلغ به الكفر (١) « انتهى » وأقول : ما ورد في الخبر قريب من الوجه الاخير ، و يدل على حرمة الاعتقاد بالنجوم والكهانة.

٩ ـ الكافى : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب عن النضر بن قرواش الجمال ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الجمال يكون بها الجرب أعزلها من إبلي مخافة أن يعديها جربها ، والدابة ربما صفرت لها حتى تشرب الماء؟ فقال أبوعبدالله (ع) : إن أعرابيا أتى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله ، إني اصيب الشاة والبقرة والناقة بالثمن اليسير وبها جرب ، فأكره شراءها مخافة أن يعدي ذلك الجرب إبلي وغنمي.فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أعرابي فمن أعدى الاول؟ ثم قال رسول الله (ص) : لاعدوى ، ولاطيرة ، ولا هامة ، ولا شؤم ، ولاصفر ، ولارضاع بعد فصال ، ولا تعرب بعد هجرة ، ولا صمت يوما إلى الليل ، ولا طلاق قبل نكاح ، ولاعتق قبل ملك ، ولا تم بعد إدراك (٢).

ايضاح : قوله (ص) « لاعدوى » قال في النهاية : فيه : « لاعدوى ولاصفر » العدوى اسم من الاعداء كالدعوى والتقوى من الادعاء والاتقاء ، يقال : أعداه

____________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٢٦٧.

(٢) روضة الكافى : ١٩٦ أقول : المراد بنفى العدوى ان مخالطة المرضى ليست علة تامة مستقلة في سرايه الامراض ، وان كانت مؤثرة كان تأثيرها ناقصا ومنوطا باذن الله ومشيته. وبعبارة اخرى الغرض من هذا البيان انه لا ينبغى للموحدان يسند الفعل إلى غير الله تعالى ، لا أنه ليس لغيره أى تأثير حتى مع تسبيبه تعالى وجعله اياه مؤثرا ومثل ذلك الشفاء ، فان الله سبحانه هو الذى يبرئ ويشفى ، ولا يستلزم ذلك عدم تأثير الدواء ، لانه تعالى هو الذى جعل الدواء مؤثرا ، فالفعل بحسب الحقيقة مستند اليه ، وعلى هذا فلا منافاة بين هذا الحديث وبين ما ثبت في الطب والحديث من سراية بعض الامراض بواسطة المخالطة. مضافا إلى ان سببية ذلك انما هو على سبيل الاقتضاء أو الاعداد فربما يمنع عن تأثيره مانع ظاهرى كبعض الادوية أو غير ظاهرى كالدعاء والتوسل ونحوهما والله عزوجل هو مسبب الاسباب وهو على كل شئ قدير.

٣١٨

الداء يعديه إعداء ، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء ، وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بإبل اخرى حذرا أن يتعدى إليها ما به من الجرب فيصيبها ما أصابه ، وقد أبطله الاسلام ، لانهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى فأعلمهم النبي صلى الله عليه وآله أنه ليس الامر كذلك ، وإنما الله تعالى هو الذي يمرض و ينزل الداء ، ولهذا قال في بعض الاحاديث : فمن أعدى البعير الاول؟ أي من أين صار فيه الجرب (١) انتهى.

وأقول : يمكن أن يكون المراد نفي استقلال العدوى بدون مدخلية مشيته تعالى ، بل مع الاستعاذة بالله يصرفه عنه ، فلا ينافي الامر بالفرار من المجذوم وأمثاله لعامة الناس الذين لضعف يقينهم لايستعيذون به تعالى ، وتتأثر نفوسهم بأمثاله. وقد روي أن علي بن الحسين عليهما السلام أكل مع المجذومين ودعاهم إلى طعامه و شاركهم في الاكل ، مع أنه يمكن أن يكون من خصائصهم عليهم السلاملان الله يعصمهم عن الامراض المشينة التي توجب نفرة الناس عنهم ، وقيل : الجذام مستثنى من هذه الكلية ، أي عدم العدوى. وقال الطيبي في شرح المشكوة : العدوى مجاوزة العلة أو الخلق إلى الغير ، وهو بزعم الطب في سبع : الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والامراض الوبائية : فأبطله الشرع أي لاتسري علته إلى شخص وقيل : بل نفى استقلال تأثيره بل هو متعلق بمشية الله تعالى ، ولذا منع من مقاربته كمقاربة الجدار المائل والسفينة المعيبة ، وأجاب الاولون بأن النهي عنها للشفقة خشية أن يعتقد حقيته إن اتفق إصابة عاهته ، وأى هذا القول أولى لما فيه من التوفيق بين الاحاديث والاصول الطبية التي ورد الشرع باعتبارها على وجه لايناقض اصول التوحيد « انتهى ».

« ولاطيرة » هذه أيضا مثل السابقة ، والمراد به النهي عن التطير والتشؤم بالامور التي يحترز منها العوام ، أو لاتأثير للطيرة مطلقا ، أو على وجه الاستقلال بل مع قوة النفس وعدم التأثر بها والتوكل على الله تعالى يرتفع تأثيرها ، ويؤيد

____________________

(١) النهاية : ج ٣ ، ص ٧٣.

٣١٩

الاخير ما سيأتي وما ورد في بعض الاخبار الدالة على تأثيرها في الجملة ، وما ورد في بعض الادعية من الاستعاذة منها. قال الجزري في النهاية : الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن هي التشؤم بالشئ ، وهو مصدر تطير ، يقال : تطير طيرة كتخير خيرة ، ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما ، وأصله فيما يقال : التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما ، فكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع ودفع ضر ، و منه الحديث « ثلاث لايسلم (١) » منها أحد : الطيرة ، والحسد ، والظن ، قيل : فما نصنع؟ قال : إذا تطيرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقق (٢).

وقال في قوله « ولاهامة » الهامة الرأس واسم طائر وهو المراد في الحديث ، و ذلك أنهم كانوا يتشأمون بها ، وهي من طير الليل وقيل هي البومة ، وقيل : إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل الذي لايدرك بثأره تصير هامة فتقول : اسقوني ، اسقوني فإذا ادرك بثأره طارت ، وقيل : كانوا يزعمون أن عظام الميت وقيل روحه تصيرهامة ويسمونه « الصدى » فنفاه الاسلام ونهاهم عنه (٣) « انتهى » وقيل : هي البومة إذا سقطت على دار أحدهم رآها ناعية له أو لبعض أهله ، وهو بتخفيف الميم على المشهور وقيل بتشديدها.

وقوله « ولا شؤم » هو كالتأكيد لما سبق ، قال الجزري فيه أيضا : قال إن كان الشؤم في شئ ففي ثلاث : المرأة ، والدار ، والفرس. أي إن كان ما يكره ويخاف عاقبته ففي هذه الثلاث ، وتخصيصه لها لانه لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ، ونحوهما قال : فإن كانت لاحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها ، بأن ينتقل عن الدار ويطلق المرأة ، ويبيع الفرس. وقيل : إن شوم الدار ضيقها وسوء جارها ، وشوم

____________________

(١) في المصدر : لايسلم منهن أحد.

(٢) النهاية : ج ٣ ، ص ٥١.

(٣) النهاية : ج ٤ ، ص ٢٥٨.

٣٢٠