مرآة العقول - ج ١٥

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٧

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن للجمعة حقا وحرمة فإياك أن تضيع أو تقصر في شيء من عبادة الله والتقرب إليه بالعمل الصالح وترك المحارم كلها فإن الله يضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات قال وذكر أن يومه مثل ليلته فإن استطعت أن تحييها بالصلاة والدعاء فافعل فإن ربك ينزل في أول ليلة الجمعة إلى سماء الدنيا فيضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات وإن الله واسع كريم.

______________________________________________________

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام « وذكر » كأنه سهو من النساخ أو الرواة ، وعلى تقديره فهو على سبيل القلب.

قوله عليه‌السلام : « ينزل » يحتمل أن يكون من باب التفعيل فيكون المراد نزول ملائكة الرحمة ، أو المراد « بنزوله تعالى » نزول ملائكته ورحمته مجازا ، ويمكن أن يكون المراد نزوله من عرض العظمة والجلال إلى مقام التعطف على العباد ويؤيد الأول ما روى الصدوق (ره) في الفقيه (١) عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه‌السلام يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي ترويه الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال إن الله تبارك وتعالى ينزل في كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا فقال عليه‌السلام لعن الله المحرفين للكلم عن مواضعه والله ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وإنما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ يا طالب الخير أقبل ويا طالب الشر أقصر فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء حدثني بذلك أبي عن جدي عن آبائه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) الوسائل : ج ٥ ص ٧٢ ح ١.

٣٤١

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن موسى ، عن العباس بن معروف ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال له رجل كيف سميت الجمعة قال إن الله عز وجل جمع فيها خلقه لولاية محمد ووصيه في الميثاق فسماه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن عمر بن يزيد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سئل عن يوم الجمعة وليلتها فقال ليلتها غراء ويومها يوم زاهر وليس على الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معافى من النار منه من مات يوم الجمعة عارفا بحق أهل هذا البيت كتب الله له براءة من النار وبراءة من العذاب ومن مات ليلة الجمعة أعتق من النار.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام فضل الله الجمعة على غيرها من الأيام وإن الجنان لتزخرف وتزين يوم الجمعة لمن أتاها وإنكم تتسابقون إلى الجنة على قدر سبقكم إلى الجمعة وإن أبواب السماء لتفتح لصعود أعمال العباد.

١٠ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن

______________________________________________________

الحديث السابع : مجهول.

الحديث الثامن : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أكثر معافى » أي من يوم الجمعة.

الحديث التاسع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لمن أتاها » فيه استخدام ، أو الإضافة في يوم الجمعة لامية.

قوله عليه‌السلام : « على قدر سبقكم » يدل على استحباب البكور إلى المسجد ويمكن أن يكون المراد السبق في اللحوق بالإمام في الخطبة والصلاة.

الحديث العاشر : ضعيف.

٣٤٢

المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له قول الله عز وجل « فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ » قال اعملوا وعجلوا فإنه يوم مضيق على المسلمين فيه وثواب أعمال المسلمين فيه على قدر ما ضيق عليهم والحسنة والسيئة تضاعف فيه قال وقال أبو جعفر عليه‌السلام والله لقد بلغني أن أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس لأنه يوم مضيق على المسلمين.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر أو أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة وإن كلام الطير فيه إذا التقى بعضها بعضا سلام سلام يوم صالح.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الساعة التي في يوم الجمعة التي لا يدعو فيها مؤمن إلا استجيب له قال نعم إذا خرج الإمام قلت إن الإمام يعجل ويؤخر قال إذا زاغت الشمس.

١٣ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن عذافر

______________________________________________________

ولعل المراد أنه ليس مراد الله تعالى من السعي السرعة في السير لأنه يستحب السكينة بل الاهتمام بالمستحبات المقدمة عليها والتعجيل فيها لئلا تفوت الصلاة.

الحديث الحادي عشر : مرسل.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام « وزاغت الشمس » أي مالت وزالت والظاهر أن نهايتها صعود الإمام على المنبر ويحتمل أن يكون نهايتها استواء الصفوف لتدخل فيه الساعة المتقدمة.

الحديث الثالث عشر : ضعيف. على المشهور و « الذر » صغار النمل.

الحديث الرابع عشر : مجهول.

٣٤٣

عن عمر بن يزيد قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام يا عمر إنه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذر في أيديهم أقلام الذهب وقراطيس الفضة لا تكتبون إلى ليلة السبت إلا الصلاة على محمد وآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فأكثر منها وقال يا عمر إن من السنة أن تصلي على محمد وعلى أهل بيته في كل يوم جمعة ألف مرة وفي سائر الأيام مائة مرة.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أخيه إسحاق بن إبراهيم ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن الرضا عليه‌السلام قال قلت له بلغني أن يوم الجمعة أقصر الأيام قال كذلك هو قلت جعلت فداك كيف ذاك قال إن الله تبارك وتعالى يجمع أرواح المشركين تحت عين الشمس فإذا ركدت الشمس عذب الله أرواح المشركين بركود الشمس ساعة فإذا كان يوم الجمعة لا يكون للشمس ركود رفع الله عنهم العذاب لفضل يوم الجمعة فلا يكون للشمس ركود.

______________________________________________________

وهذا من الأحاديث الغامضة التي يشكل فهمها وأمرنا في مثلها أن نردها ونرد علمها إليهم عليه‌السلام وإن أمكن أن يكون مقدارا قليلا لا يظهر للحس.

وما يقال : من أنه يلزم وقوف الشمس دائما إذ كل درجة من درجات مدار الشمس على دائرة نصف النهار لقطر من الأقطار فيمكن دفعه بتخصيصه ببعض البلاد والأقطار أو المدينة ، وربما يأول بأنه يكون قصيرا على الكفار لخفة عذابهم ، فإن يوم الراحة قصير ويوم الشدة طويل ويظنه المؤمنون أيضا قصيرا لكثرة أشغالهم فيه وقصوره عنها.

٣٤٤

( باب )

( التزين يوم الجمعة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن هشام بن الحكم قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه وليتهيأ للجمعة وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة والوقار وليحسن عبادة ربه وليفعل الخير ما استطاع فإن الله يطلع على أهل الأرض ليضاعف الحسنات.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الحصين ، عن عمر الجرجاني ، عن محمد بن العلاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول من أخذ من شاربه وقلم من أظفاره يوم الجمعة ثم قال بسم الله على سنة محمد وآل

______________________________________________________

باب التزين يوم الجمعة

الحديث الأول : صحيح.

وقوله عليه‌السلام « يغتسل » وما عطف عليه بيان وتفسير لقوله يتزين ، أو مجزوم بتقدير حرف الشرط بعد الأمر والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « وليتهيأ » أي بما ذكر أو مع غيرها من السواك أو تقليم الأظفار وأخذ الشارب وغيرها.

قوله عليه‌السلام : « والسكينة والوقار » صفتان متقاربتان بحسب اللغة وخص الشهيد الثاني (ره) الأول بالأعضاء والثاني بالنفس.

قوله عليه‌السلام « وليحسن » أي يوقعها حسنة بأن يسعى في الإخلاص وسائر الشرائط والآداب.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « ثم قال » وفي بعض الأخبار وقال حين يأخذه.

٣٤٥

محمد كتب الله له بكل شعرة وكل قلامة عتق رقبة ولم يمرض مرضا يصيبه إلا مرض الموت.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر وعلى الرجال في السفر.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنة وشم الطيب والبس صالح ثيابك وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت فقم وعليك السكينة والوقار

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « من شاربه » فيه دلالة على استحباب إبقاء شيء منه لا كما تفعله العامة من الحلق أو ما يشبهه.

وفي القاموس : « القلامة » ما سقط من الظفر.

قوله عليه‌السلام « ولم يمرض » لعل التخلف في بعض الموارد للإخلال بالشرائط والقصور في النية ، أو المراد أن هذا الفعل في نفسه هذه ثمرته فلا ينافي أن ينفك هذا الأثر عنه بسبب ما يرتكبه العبد من المعاصي مما يوجب العقوبة كما أن الطبيب يقول : الفلفل يسخن فإذا أكله أحد وداواه بضده فلم يظهر فيه أثر التسخين لا يوجب تكذيب الطبيب.

الحديث الثالث : صحيح.

ويدل على عدم تأكد استحباب الغسل للنساء في السفر.

الحديث الرابع : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وليكن فراغك » ربما يستدل به على ما ذكره الأصحاب من أنه كلما قرب من الزوال كان أفضل لعدم مستند له ظاهرا.

وفيه نظر إذ لا يدل على هذا إلا الإطلاق مع أنه يحتمل أن يكون الغرض

٣٤٦

وقال الغسل واجب يوم الجمعة.

٥ ـ علي ، عن أخيه ، عن إسماعيل بن عبد الخالق ، عن محمد بن طلحة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أخذ الشارب والأظفار وغسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة ينفي الفقر ويزيد في الرزق.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أخذ من شاربه وقلم من أظفاره وغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة.

٧ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة والفضيل قالا قلنا له أيجزئ إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة قال نعم.

______________________________________________________

بيان أن وقته ينتهي إلى الزوال لا أنه يستحب اتصاله به ، مع أنه ينافي المباكرة.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : ضعيف.

الحديث السابع : مجهول كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « إلى الجمعة ». أي في كل جمعة ، أو متعلق بقوله أمان ويظهر منه كناية كون الأخذ في الجمعة أيضا وكونه أمانا من الجذام ، لعل النكتة فيه أن المواد السوداوية التي هي مادة الجذام تندفع بالشعر والظفر ومع قصهما يكون خروجهما أكثر كما هو المجرب وفي توحيد المفضل أشار إليه.

الحديث الثامن : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام « إذا اغتسلت » أي الجمعة أو الأعم فيدل على التداخل.

٣٤٧

٩ ـ حماد ، عن حريز ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لا بد من غسل يوم الجمعة في الحضر والسفر فمن نسي فليعد من الغد ، وروي فيه رخصة للعليل.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون.

( باب )

( وجوب الجمعة وعلى كم تجب )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الله عز وجل فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها إلا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج

______________________________________________________

الحديث التاسع : مرسل.

ويدل على استحباب القضاء في السبت كما ذكره الأصحاب ، واختلف الأصحاب في وجوب أصله والمشهور الاستحباب وقد مر الكلام فيه ، ثم المشهور أن آخر وقته أداء الزوال وبعده قضاء وظاهر بعض الأخبار امتداد وقته إلى آخر اليوم ومال إليه المحقق الأردبيلي وبعض المتأخرين ولا يخلو من قوة والأحوط عدم التأخير عن الزوال ومعه عدم نية الأداء والقضاء.

الحديث العاشر : موثق.

باب وجوب الجمعة وعلى كم تجب

الحديث الأول : صحيح.

ويدل على الوجوب العيني لأن الوجوب على بعض من استثني تخييري.

الحديث الثاني : حسن ويدل كالخبر السابق على عدم اختصاص الوجوب

٣٤٨

عن محمد بن مسلم وزرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن ابن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجمعة فقال تجب على من كان منها على رأس فرسخين فإذا زاد على ذلك فليس عليه شيء.

٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال كان أبو

______________________________________________________

بزمان دون زمان.

الحديث الثالث : حسن.

ويدل كالسابق على الوجوب على من كان على رأس فرسخين ، ويمكن حمله على الاستحباب المؤكد جمعا ، واختلف الأصحاب في تحديد البعد المقتضي لعدم وجوب السعي إلى الجمعة فقيل : حده أن يكون أزيد من فرسخين وهو اختيار الشيخ في المبسوط والخلاف ، والمرتضى ، وابن إدريس ، وقيل : فرسخان فيجب على من نقص عنهما دون من بعد عنهما وهو اختيار ابن بابويه ، وابن حمزة ، وقال : ابن أبي عقيل يجب على كل من غدا من منزله بعد ما صلى الغداة وأدرك الجمعة ، وقال ابن الجنيد : بوجوب السعي إليها على من سمع النداء بها إذا كان يصل إلى منزله إذا راح منها قبل خروج نهار يومه ، ولعل مستندها صحيحة زرارة (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال الجمعة واجبة على من إن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما يصلي العصر يوم الجمعة في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وذلك سنة إلى يوم القيمة ، وأجاب عنها في الذكرى بالحمل على الفرسخين والأولى حملها على الاستحباب كما فعل في المدارك.

الحديث الرابع : حسن. ولا خلاف بين علماء الإسلام في اشتراط العدد في صحة

__________________

(١) الوسائل : ج ٥ ـ ص ١١ ـ ح ١.

٣٤٩

جعفر عليه‌السلام يقول لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الإمام وأربعة.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أدنى ما يجزئ في الجمعة سبعة أو خمسة أدناه.

٦ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

______________________________________________________

الجمعة وإنما الخلاف في أقله وللأصحاب فيه قولان أحدهما : وهو اختيار المفيد ، والمرتضى ، وابن الجنيد ، وابن إدريس ، وأكثر الأصحاب أنه خمسة نفر أحدهم الإمام ، وثانيهما : أنه سبعة في الوجوب العيني وخمسة في التخييري ذهب إليه الشيخ في جملة من كتبه ، وابن البراج ، وابن زهرة جمعا ، بين الأخبار ولا يخلو من قوة.

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام « عن الصغير والكبير » لا خلاف بين الأصحاب في عدم الوجوب على غير المكلفين من هؤلاء المذكورين وأما الكبير فأطلقه بعض الأصحاب وقيده بعضهم بالمرض وبعضهم بالبالغ حد العجز أو المشقة الشديدة والنصوص خالية عن التقييد ولا خلاف في عدم الوجوب على المسافر وكذا العبد واختلف في المبعض إذا هاياه مولاه واتفق في نوبته وكذا لا خلاف في اشتراط الذكورة وأما المريض والأعمى فبعض الأصحاب عمموا الحكم فيهما ومنهم من خصصوا بمن يشق عليه معهما الحضور والأول أقوى ومن كان على رأس فرسخين فقد مر حكمه وأما إذا حضر هؤلاء فهل يجب عليهم أو ينعقد بهم.

قال : في الشرائع كل هؤلاء إذا تكلفوا الحضور وجبت عليهم الجمعة وانعقدت بهم سوى من خرج عن التكليف وفي المرأة والعبد تردد.

٣٥٠

فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن جميل ، عن محمد بن

______________________________________________________

وقال : في المدارك الكلام في هذه المسألة يقع في مواضع.

الأول : من لا تلزمه الجمعة إذا حضرها جاز له فعلها تبعا وأجزأته عن الظهر وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب وإن أمكن المناقشة في مستندهم.

الثاني : المشهور بين الأصحاب أنه يجب عليهم مع الحضور وممن صرح بذلك المفيد في المقنعة ونحوه ، قال : الشيخ في النهاية وقال : في المبسوط من لا يجب عليه ولا ينعقد به هو الصبي والمجنون والعبد والمسافر والمرأة لكن يجوز لهم فعلها ومن ينعقد به ولا يجب عليه هو المريض والأعمى والأعرج ومن كان على أكثر من فرسخين ولعل مراده نفي الوجوب العيني ، وقطع المحقق بعدم الوجوب على المرأة بل ادعى عليه الإجماع والحق أن الوجوب العيني منتف قطعا بالنسبة إلى كل من سقط عنه الحضور وأما الوجوب التخييري فهو تابع لجواز الفعل.

الثالث : اتفق الأصحاب على انعقاد الجمعة بالعبيد والمريض والأعمى والمحبوس بعذر المطر ونحوه مع حضوره وأطبقوا أيضا على عدم انعقادها بالمرأة بمعنى احتسابها من العدد وإنما الخلاف في الانعقاد بالمسافر والعبد لو حضرا فقال : الشيخ والمحقق في المعتبر ينعقد بهما ، وقال : الشيخ في المبسوط وجمع من الأصحاب لا ينعقد بهما ، وحكى عن الشهيد في الذكرى أن الظاهر وقوع الاتفاق على صحة الجمعة بجماعة المسافرين وإجزائها عن الظهر وهو مشكل جدا.

الحديث السابع : حسن.

وقال : في الصحاح : « جمع القوم تجميعا » أي شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة.

٣٥١

مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعني لا يكون جمعة إلا فيما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة إلا بخطبة قال فإذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس بأن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء.

( باب )

( وقت صلاة الجمعة ووقت صلاة العصر يوم الجمعة )

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة جميعا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال وقت الظهر يوم الجمعة حين تزول الشمس.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا زالت الشمس يوم الجمعة فابدأ بالمكتوبة.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن سفيان بن السمط قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت صلاة العصر يوم الجمعة فقال في مثل وقت الظهر في غير يوم الجمعة.

______________________________________________________

وقال : في المدارك أجمع علماؤنا على اعتبار وحدة الجمعة بمعنى أنه لا يجوز إقامة جمعتين بينهما أقل من فرسخ.

باب صلاة الجمعة ووقت صلاة العصر في يوم الجمعة

الحديث الأول : وسنده الأول مجهول كالصحيح والسند الثاني موثق.

قوله عليه‌السلام : « حين تزول الشمس ». أي ليس قبله نافلة ينبغي أن يتأخر بقدرها أو يجب الشروع بدخول الوقت بناء على التضييق.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : مجهول.

٣٥٢

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن محمد بن أبي عمير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة يوم الجمعة فقال نزل بها جبرئيل عليه‌السلام مضيقة إذا زالت الشمس فصلها قال قلت إذا زالت الشمس صليت ركعتين ثم صليتها فقال قال أبو عبد الله عليه‌السلام أما أنا إذا زالت الشمس لم أبدأ بشيء قبل المكتوبة قال القاسم وكان ابن بكير يصلي الركعتين وهو شاك في الزوال فإذا استيقن الزوال بدأ بالمكتوبة في يوم الجمعة.

______________________________________________________

الحديث الرابع : مجهول.

وقال الفاضل الأسترآبادي : عن محمد بن أبي عمير كأنه سهو من قلم نساخ والأصل عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، والمشهور بين الأصحاب أن أول وقت صلاة الجمعة زوال الشمس.

وقال الشيخ : في الخلاف وفي أصحابنا من أجاز الفرض عند قيام الشمس قال واختاره علم الهدى ، والمشهور : أنه يخرج وقتها بصيرورة ظل كل شيء مثله ، بل قال : في المنتهى إنه مذهب علمائنا أجمع.

وقال : أبو الصلاح إذا مضى مقدار الأذان والخطبة وركعتي الجمعة فقد فاقت ولزم أداؤها ظهرا.

وقال : ابن إدريس يمتد وقتها بامتداد وقت الظهر ، واختاره الشهيد في الدروس والبيان ، وقال : الجعفي وقتها ساعة من النهار.

وأفاد الوالد العلامة ( قدس الله روحه ) أن الظاهر من الأخبار أن وقتها قدمان وقت النافلة سائر الأيام ووقت العصر فيها وقت الظهر في سائر الأيام ونعم ما أفاده كما لا يخفى على من تأمل في الأخبار.

٣٥٣

( باب )

( تهيئة الإمام للجمعة وخطبته والإنصات )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين وأحمد بن محمد جميعا ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ينبغي للإمام الذي يخطب الناس ـ يوم الجمعة أن يلبس عمامة في الشتاء والصيف ويتردى ببرد يمني أو عدني ويخطب وهو قائم يحمد الله ويثني عليه ثم يوصي بتقوى الله ويقرأ سورة من القرآن صغيرة ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات فإذا فرغ من هذا أقام المؤذن فصلى بالناس ركعتين يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة المنافقين.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا خطب الإمام يوم الجمعة فلا ينبغي لأحد أن يتكلم حتى يفرغ الإمام من خطبته وإذا فرغ الإمام من

______________________________________________________

باب تهيئة الإمام للجمعة وخطبته والإنصات

الحديث الأول : موثق.

« اليمنى » بالضم البردة من برود اليمن.

الحديث الثاني : صحيح.

واختلف الأصحاب في وجوب الإنصات فذهب الأكثر إلى الوجوب.

وقال : الشيخ في المبسوط إنه مستحب واختاره في المعتبر وكذا في تحريم الكلام في خلال الخطبة للخطيب والمستمع فالأكثر على التحريم.

وذهب الشيخ : في المبسوط وموضع من الخلاف والمحقق في المعتبر إلى الكراهة وكيف كان فلا تبطل الصلاة ولا الخطبة بالكلام وإن كان منهيا عنه.

٣٥٤

الخطبتين تكلم ما بينه وبين أن تقام الصلاة فإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي مريم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألته عن خطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقبل الصلاة أو بعد فقال قبل الصلاة يخطب ثم يصلي.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة يوم الجمعة فقال أما مع الإمام فركعتان وأما من يصلي وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر يعني إذا كان إمام يخطب فأما إذا لم يكن إمام يخطب فهي أربع ركعات وإن صلوا جماعة.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن حفص

______________________________________________________

وقال في المدارك والظاهر أن كراهة الكلام أو تحريمه متناول لمن يمكن في حقه الاستماع وغيره ، وإن حالة الجلوس بين الخطبتين كحالة الخطبتين.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : موثق.

وكان المراد أذان العصر باعتبار الإقامة تغليبا أو تكريرا أذان الجمعة كما ابتدعه عثمان ، أو مع أذان الفجر وإن لم يكن اللام كان المراد بالثالث ثالث الأشقياء عثمان عليه اللعنة.

وقال في المدارك اختلف الأصحاب في الأذان الثاني يوم الجمعة.

فقال : الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر إنه مكروه.

وقال ابن إدريس إنه محرم وبه قال : عامة المتأخرين واستدلوا عليه برواية حفص وإنما سمي ثالثا لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شرع للصلاة أذانا وإقامة فالزيادة ثالث.

والظاهر أن المراد بالأذان الثاني : ما يقع ثانيا بالزمان والقصد لأن الواقع

٣٥٥

بن غياث ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بريد بن معاوية ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الأولى :

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل « فَلا هادِيَ لَهُ » وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله انتجبه لولايته واختصه برسالته وأكرمه بالنبوة أمينا على غيبه ورحمة للعالمين وصلى الله على محمد وآله وعليهم‌السلام.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأخوفكم من عقابه فإن الله ينجي من اتقاه « بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » ويكرم من خافه يقيهم شر ما خافوا

______________________________________________________

أولا هو المأمور به.

وقيل : إنه ما لم يكن بين يدي الخطيب لأنه الثاني باعتبار الأحداث سواء وقع أولا أو ثانيا بالزمان وقال : ابن إدريس الأذان الثاني ما يفعل بعد نزول الإمام مضافا إلى الأذان الأول الذي عند الزوال وهو غريب.

الحديث السادس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لولايته » أي محبته أو كونه واليا على الخلق من قبله.

قوله عليه‌السلام « بِمَفازَتِهِمْ » أي بفلاحهم مفعلة من الفوز والباء للسببية وهو متعلق بنجني.

وقوله عليه‌السلام : « لا يَمَسُّهُمُ » إما حال أو استئناف لبيان المفازة.

قوله : « ذلِكَ » إشارة إلى يوم القيمة وعذاب الآخرة.

قوله : « يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ » أي لما فيه من المحاسبة والمجازات.

٣٥٦

ويلقيهم « نَضْرَةً وَسُرُوراً » وأرغبكم في كرامة الله الدائمة وأخوفكم عقابه الذي لا انقطاع له ولا نجاة لمن استوجبه فلا تغرنكم الدنيا ولا تركنوا إليها فإنها دار غرور كتب الله عليها وعلى أهلها الفناء فتزودوا منها الذي أكرمكم الله به من التقوى والعمل الصالح فإنه لا يصل إلى الله من أعمال العباد إلا ما خلص منها ولا يتقبل الله إلا من المتقين وقد أخبركم الله عن منازل من آمن وعمل صالحا وعن منازل من كفر وعمل في غير سبيله وقال « ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ. وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ. يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ. فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. خالِدِينَ فِيها

______________________________________________________

قوله : « وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ » أي مشهود فيه أهل السماوات والأرضين.

قوله : « وَما نُؤَخِّرُهُ » أي اليوم.

قوله : « إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ » أي لانتهاء مدة معدودة متناهية.

قوله : « يَوْمَ يَأْتِ » أي الجزاء أو اليوم وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة يأت بحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة.

قوله : « لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ » أي تتكلم بما ينفع وينجي من جواب أو شفاعة.

قوله : « إِلاَّ بِإِذْنِهِ » أي بإذن الله وهذا في موقف.

وقوله : « هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ » في موقف آخر أو المأذون فيه هي الجوابات الحقة والممنوعة عنه هي الأعذار الباطلة والأول هو المروي.

قوله : « فَمِنْهُمْ شَقِيٌ » وجبت له النار بمقتضى الوعيد.

قوله : « وَسَعِيدٌ » وجبت له الجنة بموجب الوعد والضمير لأهل الموقف ، والزفير أول صوت الحمار ، والشهيق آخره استعملا هنا للدلالة على شدة كربهم وغمهم.

٣٥٧

ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ » نسأل الله الذي جمعنا لهذا الجمع أن يبارك لنا في يومنا هذا وأن يرحمنا جميعا إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إن كتاب الله أصدق الحديث وأحسن القصص وقال الله عز وجل : « وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » فاسمعوا طاعة الله وأنصتوا ابتغاء رحمته.

ثم اقرأ سورة من القرآن وادع ربك وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وادع للمؤمنين والمؤمنات ثم تجلس قدر ما تمكن هنيهة ثم تقوم فتقول :

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل « فَلا هادِيَ لَهُ »

______________________________________________________

قوله : « ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ » قيل لما كانت العرب يعبرون عن الدوام بهذه العبارة عبر هكذا وليس الغرض انقطاع دوامهم في النار بعد انقطاع دوامهما ، وقيل : المراد سماوات الآخرة وأرضها وأهل الآخرة لا بد لهم من مظل ومقل ، وفي بعض الأخبار أن المراد به عذاب البرزخ فلا ينافي دوام عذاب القيمة.

قوله « إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ » قيل استثناء من الخلود في النار لأن بعضهم وهم فساق الموحدين يخرجون منها وذلك كاف في صحة الاستثناء لأن زوال الحكم عن الكل يكفيه زوال الحكم عن البعض وهم المراد بالاستثناء الثاني فإنهم مفارقون عن الجنة أيام عذابهم فإن التأييد من مبدء معين ينتقض باعتبار الابتداء كما ينتقض باعتبار الانتهاء وهؤلاء وإن شقوا بعصيانهم فقد سعدوا بإيمانهم ، أو لأن النار ينقلون منها إلى الزمهرير وغيره من العذاب أحيانا وكذلك أهل الجنة

٣٥٨

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله « بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » وجعله « رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ بَشِيراً وَنَذِيراً * وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً » من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ينفع بطاعته من أطاعه والذي يضر بمعصيته من عصاه الذي إليه معادكم وعليه حسابكم فإن التقوى وصية الله فيكم وفي الذين من قبلكم قال الله عز وجل : « وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً » انتفعوا بموعظة الله والزموا كتابه فإنه أبلغ الموعظة وخير الأمور في المعاد عاقبة ولقد اتخذ الله الحجة فلا يهلك من هلك إلا عن بينة ولا يحيى من حي إلا عن بينة وقد بلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أرسل به فالزموا وصيته وما ترك فيكم من بعده من الثقلين ـ كتاب الله وأهل بيته اللذين لا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي من تركهما اللهم صل على محمد عبدك ورسولك سيد المرسلين وإمام

______________________________________________________

ينعمون بما هو أعلى من الجنة كالاتصال بجناب القدس والفوز برضوان الله أو من أصل الحكم ، والمستثنى زمان توقفهم في الموقف للحساب لأن ظاهره يقتضي أن يكونوا في النار حين يأتي اليوم.

أقول : وعلى ما في الأخبار من التخصيص البرزخ يمكن حمل الاستثناء على زمان الرجعة ، أو يكون « ما » بمعنى من والمراد بهم المستضعفين.

قوله : « إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ » أي من غير اعتراض غير مجذوذ أي مقطوع قوله عليه‌السلام : « فاسمعوا طاعة الله » الطاعة منصوب مفعول لأجله كالابتغاء ، ويدل على عدم اختصاص الاستماع بقراءة الإمام.

٣٥٩

المتقين ورسول رب العالمين ثم تقول اللهم صل على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ثم تسمي الأئمة حتى تنتهي إلى صاحبك ثم تقول افتح له فتحا يسيرا وانصره نصرا عزيزا اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق ـ اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة في سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة اللهم ما حملتنا من الحق فعرفناه وما قصرنا عنه فعلمناه.

ثم يدعو الله على عدوه ويسأل لنفسه وأصحابه ثم يرفعون أيديهم فيسألون الله حوائجهم كلها حتى إذا فرغ من ذلك قال اللهم استجب لنا ويكون آخر كلامه أن يقول « إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ » ثم يقول اللهم اجعلنا ممن تذكر « فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى » ثم ينزل.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألته عن الجمعة فقال بأذان وإقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « ومن يعصهما » يدل على أن ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لمن قال ذلك بئس الخطيب أنت لا أصل له.

قوله عليه‌السلام : « الذي لا يضل » كذا في النسخ والظاهر الذين ولعله باعتبار لفظة ما في قوله « ما ترك » والتثنية في بهما باعتبار التفسير حتى لا يستخفي على المعلوم أو المجهول ، ويدل على جواز الاكتفاء في الخطبة الثانية بالآية وعدم الحاجة إلى السورة الكاملة.

الحديث السابع : حسن.

ومخالف للمشهور من استحباب كون الأذان بين يدي الإمام وقواه صاحب

٣٦٠