مرآة العقول - ج ١٥

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٧

وطرفاه المغرب والغداة « وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ » وهي صلاة العشاء الآخرة وقال تعالى : « حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى » وهي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي وسط النهار ووسط الصلاتين بالنهار صلاة الغداة وصلاة العصر وفي بعض القراءة : « حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى صلاة العصر وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ » قال ونزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره فقنت فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتركها على حالها في السفر والحضر وأضاف للمقيم

______________________________________________________

طرفي النهار. وقت صلاة الفجر والمغرب ، وقيل غدوة وعشية وهي الصلاة الصبح والعصر ، وقيل : والظهر أيضا لأن بعد الزوال كله عشية ومساء ، عند العرب ، فيدل على سعة وقتها في الجملة ، وينبغي إدخال العشاءين أيضا « وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ » (١) قيل : العشاءين ، وقيل : أي ساعات من الليل وهي ساعاته القريبة من آخر النهار ، وقيل : زلفا من الليل ، أي قربا من الليل وحقها على هذا التفسير أن يعطف على الصلاة.

قوله عليه‌السلام : « وسط صلاتين بالنهار » يدل على أن اليوم الشرعي من طلوع الفجر لا من طلوع الشمس كما توهم.

قوله عليه‌السلام : « صلاة العصر ». في الفقيه أيضا كما هنا بغير توسيط العاطف بين قوله : الصلاة الوسطى وقوله « صلاة العصر » فيكون تبهما للتقية وفي التهذيب بتوسيطه فيكون تأييدا للمراد ، وفي الكشاف في قراءة ابن عباس وعائشة مع الواو ، وفي قراءة حفصة بدونها.

قوله عليه‌السلام : « قانِتِينَ ». قال : الشيخ البهائي (ره) يمكن الاستدلال بهذا الحديث على وجوب القنوت كما هو مذهب بعض علمائنا.

قوله عليه‌السلام : « وتركها على حالها » أي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أبقى صلاة ظهر الجمعة على حالها من كونها ركعتين سفرا وحضرا ، فإنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقصرها في السفر

__________________

(١) سورة هود : ١١٤.

٢١

ركعتين وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الأيام.

٢ ـ وبإسناده ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال كان الذي فرض الله على العباد من الصلاة عشر ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهم يعني

______________________________________________________

ويصليها جمعة في الحضر ولم يضيف إليها ركعتين أخريين كما أضاف للمقيم الذي ليس فرضه الجمعة.

قوله عليه‌السلام : « وإنما وضعت » أي وضع الله الركعتين وأسقطهما عن المقيم الذي يصلي جماعة لأجل الخطبة ، ويمكن أن يكون المراد إنما قررت الركعتان للمقيم الذي يصلي منفردا عوضا عن الخطبتين ، وقال : شيخنا البهائي (ره) المراد بالمقيم في قوله عليه‌السلام : وأضاف للمقيم ما يشمل من كان مقيما في غير يوم الجمعة ومن كان مقيما فيه غير مكلف بصلاة الجمعة ، والمراد بالمقيم المذكور ثانيا إما الأول على أن يكون لامه للعهد الذكري. فالجار متعلق بقوله : أضافهما ، وإما من فرضه الجمعة. فالجار متعلق بقوله : وصف أي سقطت لأجله ، وأما الظرف أعني قوله « يوم الجمعة » فمتعلق بقوله : وضعت على التقديرين ، وقد تضمن هذا الحديث كون الصلاة الوسطى صلاة الظهر ، فإنها تتوسط النهار وتتوسط صلاتين نهاريتين ، وقد نقل الشيخ في الخلاف إجماع الفرقة على ذلك ، وقيل : هي العصر لوقوعها وسط الصلوات الخمس في اليوم والليلة ، وإليه ذهب السيد (ره) بل ادعى الاتفاق إليه ، وقيل : هي المغرب لأن أقل المفروضات ركعتان وأكثرها أربع والمغرب متوسطة ، وقيل : هي العشاء لتوسطها بين صلاتي ليل ونهار ، وقيل : هي الصبح لذلك.

الحديث الثاني : صحيح. ويدل على أن الشك في الأوليين مبطل ، إن أريد بالسهو الشك كما هو المشهور ، أو السهو أيضا إن عمم كما هو مختار الشيخ ،

٢٢

سهوا فزاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعا وفيهن الوهم وليس فيهن قراءة.

٣ ـ وبإسناده ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام فرض الله الصلاة وسن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة أوجه صلاة الحضر والسفر وصلاة

______________________________________________________

وعلى عدم القراءة في الأخيرتين ، وحمل على عدم تعينها فيهما.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وسن » أي : شرع وقرر وبين ، ليعم الوجوب والاستحباب ، ويدخل الاستسقاء والعيدان مع فقد الشرائط فيها ، وأما عدها عشرة مع كون المذكور فيها إحدى عشرة ، فلعد العيدين واحدة لاتحاد سببهما وهو كونه عيدا ، أو عد الكسوفين واحدة لتشابه سببهما.

أو يقال : المقصود عد الصلوات الواجبة غالبا ، فيكون ذكر الاستسقاء استطرادا ، أو عد الصلوات الحقيقة ، فذكر صلاة الميت كذلك أو بعطفها على العشرة وإفرادها عنها لتلك العلة وعلى الوجوه الأخر يدل على كونها صلاة حقيقة.

فإن قيل : بعض تلك الصلاة ظهر من القرآن كصلاة السفر والخوف؟

قلنا : لعل المعنى أن أكثرها ظهر من السنة أو آدابها وشرائطها وتفاصيلها ، وأما أنواع الصلاة الخوف فهي الصلاة المقصورة والمطاردة وشدة الخوف ، أو ذات الرقاع وعسفان وبطن النخل والأول أظهر ، وصلاة الجمعة داخلة في صلاة الحضر ولا يضر خروج الصلاة الملتزمة (١) لأن المقصود عد ما وجبت بالأصالة ، وأما صلاة الطواف فيمكن إدخالها في صلاة السفر إذا الغالب وقوعها فيه ، أو يقال إنها داخلة في أعمال الحج والمقصود عد ما لم يكن كذلك أو يقال المقصود عد الصلوات المتكررة الكثيرة الوقوع ، وصلاة الاحتياط داخلة في اليومية.

__________________

(١) أي الملتزمة بنذر وشبهه.

٢٣

الخوف على ثلاثة أوجه وصلاة كسوف الشمس والقمر وصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء والصلاة على الميت.

٤ ـ حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل « إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً » أي موجوبا.

٥ ـ حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الفرض في

______________________________________________________

وبعض المعاصرين جعل صلاة الحضر والسفر ثلاثة أقسام صلاة المقيم في غير الجمعة أو فيه مع عدم الشرائط ، وصلاة المسافر ، وعد كلا من العيدين والكسوفين واحدا ، ولا يخفى أن ما ذكرنا من الوجوه أظهر.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : صحيح. وقال الوالد العلامة قدس‌سره : الظاهر أن المراد بالفريضة ما ظهر وجوبه من القرآن وبالسنة مقابلها ، أو ما ورد في القرآن أعم من أن يكون شرطا أو جزءا أو واجبا أو مندوبا ، ويرد بمعنى الواجب أيضا مطلقا ، فأما الوقت فاشتراطه ظاهر من القرآن في آيات كثيرة ، والظاهر من افتراضه وجوب معرفة الأوقات ، وإيقاع الصلاة فيها وأحكامها ، وأما الطهور فوجوب الطهارات ظاهر من قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ ، وغيرها ، والغرض فيها إيقاعها ومعرفتها ومعرفة أحكامها ولوازمها ويظهر إزالة النجاسة من قوله تعالى « وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ » (١) والمراد « بالقبلة » وجوب معرفتها ومعرفة الاستقبال إليها لآيات القبلة.

والمراد « بالتوجه » تكبيرة الافتتاح لقوله تعالى « وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ » (٢) والمراد به استقبال القبلة وبها معرفتها ، أو يكون المراد به النية لقوله تعالى « وَما

__________________

(١) سورة المدّثّر : ٤.

(٢) سورة المدّثّر : ٣.

٢٤

الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء قلت ما سوى ذلك قال سنة في فريضة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال للصلاة أربعة آلاف حد ، وفي رواية أخرى للصلاة أربعة آلاف باب.

______________________________________________________

أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ » (١) أو هما معا ، أو هما مع حضور القلب لقوله تعالى « قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ » (٢) :

والمراد « بالركوع والسجود » إيقاعها ومعرفتها لقوله تعالى « ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ».

والمراد « بالدعاء » إما الحمد لاشتماله عليه وتسميته بسورة الدعاء لقوله تعالى « فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ » (٣) أو القنوت لقوله تعالى « وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ » (٤) وهو الأظهر بتعميم الفريضة على المشهور ، أو التخصيص كما هو مذهب الصدوق.

الحديث السادس : حسن وآخره مرسل.

قوله عليه‌السلام : « أربعة آلاف حد » أي الواجبات والأحكام التي يضطر إليها غالبا.

قوله عليه‌السلام : « أربعة آلاف باب » من أبواب القرب أو بالمعنى الخبر الأول ، وقيل المراد بالأبواب أبواب السماء التي ترفع منها الصلاة كل من باب أو الأبواب على المتعاقب فكل صلاة تمر على كل الأبواب ، وقيل المراد بها مقدماتها التي تتوقف صحة الصلاة عليها من معرفة الله وغير ذلك.

__________________

(١) سورة البيّنة. ٥.

(٢) سورة المؤمنون : ١.

(٣) سورة المزّمّل : ٢٠.

(٤) سورة البقرة : ٢٣٨.

٢٥

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال عشر ركعات ركعتان من الظهر وركعتان من العصر وركعتا الصبح وركعتا المغرب وركعتا العشاء الآخرة لا يجوز الوهم فيهن ومن وهم في شيء منهن استقبل الصلاة استقبالا وهي الصلاة التي فرضها الله عز وجل على المؤمنين في القرآن وفوض إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فزاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة سبع ركعات وهي سنة ليس فيها قراءة إنما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء فالوهم إنما يكون فيهن فزاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في صلاة المقيم غير المسافر ركعتين في الظهر والعصر والعشاء الآخرة وركعة في المغرب للمقيم والمسافر.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الصلاة ثلاثة أثلاث ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود.

______________________________________________________

الحديث السابع : حسن.

ويدل على التفويض وقد مر الكلام فيه في كتاب الحجة.

الحديث الثامن : حسن.

وقال : الوالد العلامة (ره) التثليث إما باعتبار المسائل والأحكام ، أو باعتبار الواجبات والمندوبات ، أو باعتبار الثواب والفرض. منه الترغيب في الاهتمام بشأن هذه الثلاث سيما الطهور لأنه رفع المانع ولذا قدمه وهو أعم من إزالة النجاسات والطهارات الثلاث ، ويمكن إرادة الأخير والاهتمام بشأن الركوع والسجود باعتبار كثرة الذكر والتوجه والطمأنينة ، ويمكن أن يكون المراد الثلاث التي ذكر الله تعالى وأوجبها في القرآن فإن باقي أجزائها ظهر وجوبها من السنة ، وعد الطهر من الأجزاء لبيان شدة الاهتمام.

٢٦

( باب )

( المواقيت أولها وآخرها وأفضلها )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه‌السلام أنا وحمران بن أعين فقال له حمران ما تقول فيما يقول زرارة وقد خالفته فيه فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ما هو قال يزعم أن مواقيت الصلاة كانت مفوضة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي وضعها فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فما تقول أنت قلت إن جبرئيل عليه‌السلام أتاه في اليوم الأول بالوقت الأول وفي اليوم الأخير بالوقت الأخير ثم قال جبرئيل عليه‌السلام ما بينهما وقت فقال أبو عبد الله عليه‌السلام يا حمران إن زرارة يقول إن جبرئيل عليه‌السلام إنما جاء مشيرا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصدق زرارة إنما جعل الله ذلك إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعه وأشار جبرئيل عليه‌السلام به عليه.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الحسن بن علان ، عن حماد بن عيسى وصفوان بن يحيى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن من الأشياء أشياء موسعة وأشياء مضيقة فالصلاة مما وسع فيه تقدم مرة وتؤخر أخرى والجمعة مما ضيق فيها فإن وقتها يوم الجمعة ساعة تزول ووقت العصر فيها وقت الظهر في غيرها.

______________________________________________________

باب المواقيت أولها وآخرها وأفضلها

الحديث الأول : حسن.

ويدل على أن التفويض إنما هو لبيان كرامة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عند الله عز وجل وكون كل ما يخطر بباله الأقدس مطابق لنفس الأمر ووحيه تعالى ثم صدر الوحي مطابقا لما قرره صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالتفويض لا ينافي كونها مقررة بالوحي أيضا.

الحديث الثاني : مجهول.

٢٧

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول لكل صلاة وقتان وأول الوقت

______________________________________________________

الحديث الثالث : صحيح.

وقال الشيخ البهائي (ره) أقول : قد دلت هذه الرواية وأمثالها على أن للصلاة وقتين ولكن هل الوقت الأول للمختار والثاني للمعذور والمضطر ، أو أن الأول وقت الفضيلة والثاني وقت الإجزاء؟ اختلف الأصحاب في ذلك. فالشيخان ، وابن أبي عقيل ، وأبو الصلاح ، وابن البراج على إن الأول أظهر ، والمرتضى وابن إدريس وابن الجنيد وجمهور المتأخرين على الثاني ، وما تضمنه ، الأخبار من قوله « وأول الوقت أفضل ». يدل على ذلك وقد يستدل عليه أيضا بقوله تعالى « أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ » (١) فإنه يدل على التخيير في إيقاع الصلاة فيما بينهما وهذان الدليلان أوردهما العلامة طاب ثراه في المختلف ، وأنت خبير بأن لقائل أن يقول : إن اقتضاء اسم التفضيل المشاركة في المعنى إنما يقتضي كون الوقت الثاني وقتا مفضولا ويجوز أن تكون الصلاة في آخر الوقت لعذر أنقص فضلا من الواقعة في أوله فالمشاركة التي تدل عليها اسم التفضيل حاصلة ، وأما الآية فلا تدل على أن ما بين الدلوك والغسق وقت للمختار وغيره وإنما تدل على أن ما بينهما وقت في الجملة. وهذا لا ينافي كون البعض وقتا للمختار والبعض الآخر وقتا للمضطر ، وما تضمنه آخر الحديث من قوله « وليس لأحد أن يجعل إلى آخره » يدل على ما ذهب إليه الشيخان وأتباعهما ، وأجاب عنه في المختلف تبعا للمحقق في المعتبر فإنا لا نسلم أنه يدل على المنع بل على نفي الجواز الذي لا كراهة معه جمعا بين الأدلة وهو كما ترى فإنه إذا قيل إن الشيء الفلاني لا يجوز فإنما يفهم التحريم منه لا الكراهة ، وكلام الشيخين لا بأس به إلا أن دلالة الأخبار المتكثرة

__________________

(١) سورة الإسراء : ٧٨.

٢٨

أفضله وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا في عذر من غير علة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار أو ابن وهب قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لكل صلاة وقتان أول الوقت أفضلهما.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام أصلحك الله وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو أوسطه أو آخره فقال أوله إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال إن الله عز وجل يحب من الخير ما يعجل.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن سيف بن عميرة ، عن أبيه ، عن قتيبة الأعشى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن فضل الوقت الأول على الآخر كفضل الآخرة على الدنيا.

٧ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد الأزدي قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لفضل الوقت الأول على الأخير خير للرجل من ولده وماله.

______________________________________________________

على ما ذهب إليه المتأخرين أظهر.

قوله عليه‌السلام : « من غير علة » بدل من قوله « إلا في عذر » وقال : الفاضل التستري (ره) فكان المعنى ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا من غير علة إلا في عذر ، ويكون الكلام على القلب.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أول الوقت » أي بعد النافلة ، أو بالنسبة إلى غير المتنفل أو المراد : الوقت الأول أي : وقت الفضيلة.

الحديث الخامس : حسن.

الحديث السادس : ضعيف.

الحديث السابع : صحيح.

٢٩

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل فعجل بالخير ما استطعت وأحب الأعمال إلى الله عز وجل ما داوم العبد عليه وإن قل.

٩ ـ أحمد بن إدريس وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن منصور بن حازم أو غيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال علي بن الحسين صلوات الله عليه من اهتم بمواقيت الصلاة لم يستكمل لذة الدنيا.

( باب )

( وقت الظهر والعصر )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن يزيد بن خليفة قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا لا يكذب علينا قلت ذكر أنك قلت إن أول صلاة افترضها الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر وهو قول الله عز وجل « أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ » فإذا زالت الشمس لم

______________________________________________________

الحديث الثامن : صحيح.

الحديث التاسع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « لم يستكمل لذة الدنيا » أي لا يعتنى بها ولا يطلب كمالها ، بل إنما يهتم بالصلاة في أول وقتها ويقدمها على سائر اللذات أو لا يمكنه استكمالها.

باب وقت الظهر والعصر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إذا لا يكذب علينا » يعني لما كان الراوي هو فلا يكذب ، أو أنه لما روى الوقت فلا يكذب لأن خبر الوقت عنا مشهور لا يمكن من الكذب علينا. فلا يدل على المدح بل على الذم لكنه بعيد فتأمل.

وقال في الصحاح « السبحة » بالضم التطوع من الذكر والصلاة.

٣٠

يمنعك إلا سبحتك ثم لا تزال في وقت إلى أن يصير الظل قامة وهو آخر الوقت فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم يزل في وقت العصر حتى يصير الظل

______________________________________________________

وقال : في المدارك « أول وقت الظهر » زوال الشمس بلا خلاف بين أهل العلم ، والروايات الدالة على التأخير محمولة على من يصلي النافلة فإن التنفل جائز حتى يمضي الفيء ذراعا فإذا بلغ ذلك بدأ بالفريضة ولكن لو وقع من النافلة قبل ذلك بادر إلى الفريضة كما يدل عليه خبر زرارة وغيره. وقال : ابن الجنيد يستحب أن يقدم الحاضر بعد الزوال شيئا من التطوع إلى أن يزول الشمس قدمين أو ذراعا من وقت زوالها ثم يأتي بالظهر. وهو قول مالك من العامة وبهذا الاعتبار يمكن حمل أخبار الذراع على التقية : ثم اختلف في آخر وقت الظهر فقال : السيد بامتداد وقت الفضيلة إلى المثل ووقت الإجزاء إلى أن يبقى للغروب مقدار أربع ركعات وإليه ذهب ابن الجنيد ، وسلار ، وابن زهرة ، وابن إدريس وسائر المتأخرين.

وقال : الشيخ في المبسوط بانتهاء وقت الاختيار بالمثل وبعد ذلك وقت للمضطر ، ونحوه قال : في الجمل والخلاف. وقال : في النهاية وآخر وقت الظهر لمن لا عذر له إذا صار الشمس على أربعة أقدام وهي أربعة أسباع الشخص واختاره المرتضى في المصباح والمعتمد الأول ، وأول وقت العصر عند الفراغ من فرض الظهر إجماعا وظاهر الأخبار عدم استحباب تأخير العصر عن الظهر إلا بمقدار ما يصلي النافلة وذهب جمع من الأصحاب إلى استحباب تأخير العصر إلى أن يخرج وقت فضيلة الظهر وهو المثل. والأقدام ، وجزم الشهيد (ره) في الذكرى باستحباب التفريق بين الفرضين ، لكن ظاهر الأخبار أنه يكفي التفريق بفعل النوافل ، واختلف في آخر وقت العصر فذهب : الأكثر إلى امتداد وقت الفضيلة إلى المثلين ووقت الإجزاء إلى الغروب ، وقال المفيد في المقنعة يمتد وقتها إلى أن

٣١

قامتين وذلك المساء فقال صدق.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن سيف بن عميرة ، عن أبيه ، عن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر إلا أن بين يديها سبحة وذلك إليك إن شئت طولت وإن شئت قصرت.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ذريح المحاربي قال :

______________________________________________________

يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب والمضطر والناسي إلى مغيبها وقال الشيخ في أكثر كتبه يمتد وقت الاختيار إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه. والاضطرار إلى الغروب ، واختاره ابن البراج ، وابن حمزة ، وأبو الصلاح ، وقال : المرتضى في بعض كتبه يمتد حتى يصير الظل بعد الزيادة مثل سبعة أسباعه للمختار والمعتمد الأول انتهى.

وأقول : الذي يقتضيه الجمع بين الأخبار أن بعد الزوال قدمان لنافلة الزوال بمعنى أنه لا ينبغي فعل النافلة بعدهما إلا أنه لا ينبغي فعل الفريضة قبلهما فحيث ما فرغ من النافلة يبدأ بالفريضة وبعدهما قدمان لفريضة الظهر ونافلة العصر وبعدهما أربعة أقدام لفريضة العصر إيقاعهما في النصف الأول منها أفضل وفي العصر أيضا ليس التأخير أفضل بل عند الفراغ من النافلة يبدأ بالفريضة ، وأما أخبار القامة والقامتين. فإما محمولة على إن لفريضة الظهر فضلا بعد الأربعة الأقدام إلى المثل ولفريضة العصر بعد الثمانية إلى المثلين أو على التقية لشهرتهما بين العامة ، أو المراد بالقامة ظل القامة وهو ذراع وبالقامتين ظل القامتين وهو ذراعان ، والتعبير بهذا الوجه واختلاف الأخبار الواردة في ذلك للتقية كما فصلناه في شرح التهذيب.

الحديث الثاني : ضعيف.

الحديث الثالث : حسن.

٣٢

قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام متى أصلي الظهر فقال صل الزوال ثمانية ثم صل الظهر ثم صل سبحتك طالت أو قصرت ثم صل العصر.

٤ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسين بن عثمان ، عن ابن مسكان ، عن الحارث بن المغيرة وعمر بن حنظلة ومنصور بن حازم قالوا كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ألا أنبئكم بأبين من هذا إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلا أن بين يديها سبحة وذلك إليك إن شئت طولت وإن شئت قصرت.

وروى سعد ، عن موسى بن الحسن ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن صفوان بن يحيى ، عن الحارث بن المغيرة النضري وعمر بن حنظلة ، عن منصور مثله وفيه إليك فإن كنت خففت سبحتك فحين تفرغ من سبحتك وإن طولت فحين تفرغ من سبحتك.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلا أن هذه قبل هذه.

وروى سعد ، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي والعباس بن معروف جميعا ، عن القاسم وأحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن القاسم مثله

______________________________________________________

الحديث الرابع : صحيح والسبحة النافلة كما مر.

الحديث الخامس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « وقت الصلاتين » يمكن حمله على مجموع الصلاتين كما أن في الصلاة الواحدة إذا زالت لم يدخل وقت جميع أجزائها بل بالتدريج فكذا نقول في الصلاتين لئلا ينافي الأخبار الدالة على الاختصاص ، ونسب إلى الصدوق القول بعدم الاختصاص في الظهر ، وتظهر الفائدة فيما لو صلى العصر ناسيا في الوقت

٣٣

وفيه دخل وقت الظهر والعصر جميعا وزاد ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي ، عن سالم أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سأله إنسان وأنا حاضر فقال ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلون العصر وبعضهم يصلون الظهر فقال أنا أمرتهم بهذا لو صلوا على وقت واحد عرفوا فأخذ برقابهم.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد ، عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عما جاء في الحديث أن صل الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين وذراعا وذراعين وقدما وقدمين من هذا ومن هذا فمتى هذا وكيف هذا وقد يكون الظل في بعض الأوقات نصف قدم قال إنما قال ظل القامة ولم يقل قامة الظل وذلك أن ظل القامة يختلف مرة يكثر ومرة يقل والقامة قامة أبدا لا يختلف ثم قال ذراع وذراعان وقدم وقدمان فصار ذراع وذراعان تفسير

______________________________________________________

المختص بالظهر كما ذكره الأصحاب.

الحديث السادس : مختلف فيه.

الحديث السابع : مجهول مرسل.

قوله عليه‌السلام : « من هذا » بفتح الميم في الموضعين أي من صاحب الحكم الأول ومن صاحب الحكم الثاني ، أو استعمل بمعنى « ما » وهو كثيرة أو بكسرها في الموضعين أي سألته من هذا التحديد ومن ذاك التحديد وفيه بعد.

قوله عليه‌السلام : « وقد يكون الظل » لعل السائل ظن أن الظل المعبر في المثل والذراع : هو مجموع المتخلف والزائد ، فقال : قد يكون الظل المتخلف والزائد فقال : قد يكون الظل المتخلف نصف قدم فيلزم أن يؤخر الظهر إلى أن يزيد الفيء ستة أقدام ونصفا وهذا كثير ، أو إنه ظن أن المماثلة إنما تكون بين الفيء الزائد والظل المتخلف فاستبعد الاختلاف الذي يحصل من ذلك بحسب الفصول فإن الظل

٣٤

القامة والقامتين في الزمان الذي يكون فيه ظل القامة ذراعا وظل القامتين ذراعين فيكون ظل القامة والقامتين والذراع والذراعين متفقين في كل زمان معروفين مفسرا أحدهما بالآخر مسددا به فإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظل القامة وكانت القامة ذراعا من الظل فإذا كان ظل

______________________________________________________

المتخلف قد يكون نصف قدم في العراق. وقد يكون خمسة أقدام. والأول أظهر ،

وحاصل جوابه عليه‌السلام إن المعتبر في ذلك هو الذراع والذراعان من الفيء الزائد وهو لا يختلف في الأزمان والأحوال ثم بين عليه‌السلام سبب صدور الأخبار القامة والقامتين ومنشأ توهم المخالفين وخطائهم في ذلك فبين أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان جدار مسجده قامة ، وفي وقت كان ظل ذلك الجدار المتخلف عند الزوال ذراعا قال : إذا كان الفيء مثل ظل القامة فصلوا الظهر ، وإذا كان مثليه فصلوا العصر ، أو قال مثل القامة وكان غرضه ظل القامة لقيام القرينة بذلك فلم يفهم المخالفون ذلك وعملوا بالقامة والقامتين وإذا قلنا القامة والقامتين تقية فمرادنا أيضا ذلك.

فقوله عليه‌السلام « متفقين في كل زمان » يعني به إنا لما فسرنا ظل القامة بالظل الحاصل في الزمان المخصوص الذي صدر الحكم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان في ذلك الوقت ذراعا فلا يختلف الحكم في الفصول وكان اللفظان مفادهما واحدا مفسرا أحدهما أي ظل القامة بالأخرى بالذراع هذا ما خطر بالبال في حل هذا الخبر الذي هو في غاية الإعضال وإذا حققت ذلك فلا تصغ إلى ما ذكره الشيخ في التهذيب حيث قال إن الشخص القائم الذي يعتبر به الزوال يختلف ظله بحسب اختلاف الأوقات فتارة ينتهي الظل منه في القصور حتى لا يبقى بينه وبين أصل العمود المنصوب أكثر من قدم ، وتارة ينتهي إلى حد يكون بينه وبين شخص ذراع وتارة يكون مقداره مقدار الخشب المنصوب فإذا رجع الظل إلى الزيادة وزاد مثل ما كان قد انتهى إليه من الحد فقد دخل الوقت سواء كان قدما أو ذراعا أو مثل الجسم

٣٥

القامة أقل أو أكثر كان الوقت محصورا بالذراع والذراعين فهذا تفسير القامة والقامتين والذراع والذراعين.

٨ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك قال إذا صليت الظهر فقد دخل وقت العصر إلا أن بين يديها سبحة فذلك إليك إن شئت طولت وإن شئت قصرت.

______________________________________________________

المنصوب فالاعتبار بالظل في جميع الأوقات لا بالجسم المنصوب والذي يدل على هذا المعنى ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه الحديث.

وقال : في حبل المتين ومما تقرر من اختلاف الظل عند الزوال طولا وقصرا يظهر أن ما ذهب إليه الشيخ في التهذيب من أن المماثلة إنما هي بين الفيء الزائد والظل الأول الباقي حين الزوال. لا بينه وبين الشخص ليس على ما ينبغي فإنه يقتضي اختلافا فاحشا في الوقت بل يقتضي التكليف بعبادة يقصر عنها الوقت كما إذا كان الباقي شيئا يسيرا جدا بل يستلزم الخلو من التوقيت في اليوم الذي تسامت الشمس فيه رأس الشمس لانعدام الظل الأول حينئذ.

وأما الرواية التي استدل بها (ره) على ذلك وهي رواية صالح بن سعيد عن يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام فضعيفة السند ومنافية المتن وقاصرة الدلالة فلا تعويل عليها أصلا.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

٣٦

( باب )

( وقت المغرب والعشاء الآخرة )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق وتدري كيف ذاك قلت لا قال لأن المشرق مطل على المغرب هكذا

______________________________________________________

باب وقت المغرب والعشاء

الحديث الأول : مجهول. مرسل وفي القاموس « أطل عليه » أشرف انتهى ، وأول وقت المغرب غروب الشمس إجماعا وإنما اختلفوا فيما يتحقق بالغروب فذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار ، وابن بابويه في العلل ، وابن الجنيد ، والسيد في بعض مسائله ، إلى استتار القرص ، وذهب الأكثر ومنهم الشيخ في التهذيب والنهاية إلى ذهاب الحمرة المشرقية ، والاحتياط اعتبار ذهاب الحمرة ، وإن كان القول الأول لا يخلو من قوة.

ثم المشهور امتداد وقت المغرب إلى أن يبقى لانتصاف الليل قدر أداء العشاء ، وقال الشيخ : في أكثر كتبه آخره غيبوبة الشفق المغربي للمختار وربع الليل مع الاضطرار. وبه قال : ابن حمزة وأبو الصلاح.

وقال : في الخلاف آخره غيبوبة الشفق المشرقي وأطلق وحكى في المبسوط عن بعض علمائنا قولا بامتداد وقت المغرب والعشاء إلى طلوع الفجر. والمعتمد امتداد وقت الفضيلة إلى ذهاب الشفق والاختيار إلى نصف الليل واضطرار إلى الفجر ، وأول وقت العشاء إذا مضى من الغروب قدر صلاة المغرب كما هو المشهور.

وقال : الشيخان أول وقتها ذهاب الحمرة المغربية وبه قال ابن عقيل ، وسلار. والمعتمد الأول ، والمشهور امتداد وقته إلى نصف الليل.

وقال : المفيد في المقنعة والشيخ في جملة من كتبه إلى ثلث الليل ، وقال

٣٧

ورفع يمينه فوق يساره فإذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها.

٣ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن الله خلق حجابا من ظلمة مما يلي المشرق ووكل به ملكا فإذا غابت الشمس اغترف ذلك الملك غرفة بيده ثم استقبل بها

______________________________________________________

في المبسوط ثلث الليل للمختار والنصف للمضطر والمعتمد. إن للمختار إلى النصف ، والمضطر إلى الصبح.

الحديث الثاني : مجهول. ولعل المراد بقوله عليه‌السلام من شرق الأرض وغربها من الأراضي الشرقية والغربية القريبة منها كما ورد أنها تغيب عندكم قبل أن تغيب عندنا فيكون المراد القرص وإلا فأثرها باق في المغرب بعد ويحتمل أن يكون المراد ذهاب آثار الشمس من الجبال المرتفعة والأبنية العالية بل من كرة البخار في جهة المشرق والله أعلم.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور ولعله مبني على الاستعارة التمثيلية من في قوله « من ظلمة » يحتمل البيان ، والتبعيض ، والغرض بيان أن شيوع الظلمة واشتدادها تابعان لعلة الشفق وغيبوبته وكذا العكس ، وقيل : المراد « بالحجاب الظلماني » ظل الأرض المخروطي من الشمس وبالملك الموكل به روحانية الشمس المحركة لها الدائرة بها وبإحدى يديه القوة المحركة لها بالذات التي هي سبب لنقل ضوئها من محلها إلى آخر وبالأخرى القوة المحركة لظل الأرض بالفرض بتبعية تحريك الشمس التي سبب لنقل الظلمة من محل آخر وعوده إلى المشرق إنما هو بعكس السند وبالإضافة إلى الضوء والظل ، وبالنسبة إلى فوق

٣٨

المغرب يتبع الشفق ويخرج من بين يديه قليلا قليلا ويمضي فيوافي المغرب عند سقوط الشفق فيسرح [ في ] الظلمة الظلمة ثم يعود إلى المشرق فإذا طلع الفجر نشر جناحيه فاستاق الظلمة من المشرق إلى المغرب حتى يوافي بها المغرب عند طلوع الشمس.

٤ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار أن تقوم بحذاء القبلة وتتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيت بعد ذلك وقد صليت فأعد الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئا.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن يزيد بن خليفة قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت قال فقال أبو

______________________________________________________

الأرض وتحتها ونشر جناحيه كأنه كناية عن نشر الضوء من جانب. والظلمة من آخر انتهى ، ولعل السكوت عن أمثال ذلك ورد علمها إلى الإمام عليه‌السلام أحوط وأولى والاستياق السوق.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور ويدل على لزوم ذهاب الحمرة من قمة الرأس أيضا ويمكن حمله على الاستحباب وفي القاموس القمة بالكسر أعلى الرأس ووسطها وأعلى كل شيء.

الحديث الخامس : حسن. ويدل على أن وقت المغرب غيبوبة القرص وعلى وجوب الإعادة إذا صلى قبل الوقت بظن دخوله وحمل على ما إذا لم يصادف جزء منه الوقت ، ويدل على أن الإفطار مع ظن دخول الوقت غير موجب للقضاء وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله.

الحديث السادس : ضعيف :

٣٩

عبد الله عليه‌السلام إذا لا يكذب علينا قلت قال وقت المغرب إذا غاب القرص إلا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا جد به السير أخر المغرب ويجمع بينها وبين العشاء فقال صدق وقال وقت العشاء حين يغيب الشفق إلى ثلث الليل ووقت الفجر حين يبدو حتى يضيء.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها.

٨ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت المغرب فقال إن جبرئيل عليه‌السلام أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لكل صلاة بوقتين غير صلاة المغرب فإن وقتها واحد ووقتها وجوبها.

٩ ـ ورواه ، عن زرارة والفضيل قالا قال أبو جعفر عليه‌السلام إن لكل صلاة وقتين غير المغرب فإن وقتها واحد ووقتها وجوبها ووقت فوتها سقوط الشفق وروي أيضا أن لها وقتين آخر وقتها سقوط الشفق.

______________________________________________________

الحديث السابع : صحيح.

الحديث الثامن : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وجوبها » الظاهر أن الضمير راجع إلى الشمس بقرينة المقام أي سقوطها ، ويحتمل رجوعه إلى الصلاة فيكون بالمعنى المصطلح فتأمل.

الحديث التاسع : صحيح. وآخره مرسل والمراد « بالفوت » فوت الفضيلة على المشهور وحاصل جمع المصنف بين الخبرين : أن المراد بالوقتين أول الوقت وآخره ، ويمكن للمستعجل إيقاعها أول الوقت وآخره فالوقتان بالنسبة إليه ومن يأتي بها مع آدابها وشرائطها ونوافلها فلا يفضل الوقت عنها فمن هذه الجهة وبالنسبة إلى هذا المصلي لها وقت واحد.

٤٠