مرآة العقول - ج ١٥

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول - ج ١٥

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٧

الأخيرتين قال أن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتكبر وتركع.

______________________________________________________

يقولها سبعا أو خمسا وأدناه ثلاث ومستنده أيضا غير معلوم إلا ما ورد في فقه الرضا عليه‌السلام وبعض نسخ العيون في خبر الرجاء ، والظاهر أنه من زيادة النساخ لأنا لم نجده في نسخة القديمة وفي بعض النسخ السرائر أيضا زيد التكبير في خبر حريز وهو أيضا من غلط النساخ ، وذهب ابن الجنيد إلى الاكتفاء بالتسبيح والتكبير والتحميد من غير ترتيب ، وذهب المفيد وجماعة من المتأخرين إلى وجوب التسبيحات الأربع على الترتيب المشهور مرة ، وقال بعض المتأخرين الأولى العمل بخبر الأربع مع ضم الاستغفار وليس ببعيد ، وإن كان العمل بخبر التسع أقوى ، وروى أبو طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج (١) أن الحميري كتب إلى القائم عليه‌السلام يسأله عن الركعتين الأخيرتين أنه قد كثرت فيهما الروايات فبعض يروي أن قراءة الحمد وحدها أفضل ، وبعض يروي أن التسبيح فيهما أفضل ، فالفضل لأيهما لنستعمله؟ فأجاب عليه‌السلام قد نسخت قراءة أم الكتاب. في هاتين الركعتين التسبيح ، والذي نسخ التسبيح قول العالم عليه‌السلام كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج إلا للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة عليه انتهى ، وقد بسطنا القول في المسألة وشروح هذا الخبر وتأويله في كتابنا الكبير.

__________________

(١) الوسائل : ج ٤ ص : ٧٩٤ ح : ١٤.

١٢١

( باب )

( الركوع وما يقال فيه من التسبيح والدعاء فيه وإذا رفع الرأس منه )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب الله أكبر ثم اركع وقل اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربي خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعظامي وعصبي وما أقلته قدماي غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر سبحان ربي العظيم وبحمده

______________________________________________________

باب الركوع وما يقال فيه من التسبيح والدعاء فيه وإذا رفع رأسه منه

الحديث الأول : سنده الأول صحيح والثاني حسن.

قوله عليه‌السلام « وما أقلته » في الفقيه وما أقلت الأرض مني لله رب العالمين قال : الشهيد الثاني (ره) في شرح النفلية في الإتيان به بعد قوله خشع لك وجهي وسمعي تعميم بعد التخصيص.

قوله عليه‌السلام : « لله رب العالمين » يمكن كونه خبر مبتدإ محذوف أي جميع ذلك لله ، ويمكن كونه بدلا من قوله لك سمعي إلى آخره إبدال الظاهر من المضمر والتفات من الخطاب إلى الغيبة انتهى.

أقول يمكن أن يكون خبرا لقوله « ما أقلت » فتدبر ، وفي القاموس « استقله » حمله ورفعه كأقله ، وقال الشهيد الثاني (ره) : معنى « أقلته قدماي » أي حملتاه وقامتا به ومضاه جميع جسمي.

قوله عليه‌السلام : « ولا مستحسر ». قال : شيخنا البهائي رحمه‌الله « الاستحسار » بالهاء والسين المهملتين التعب والمراد : إني لا أجد من الركوع تعبا ولا كلالا ولا مشقة

١٢٢

ثلاث مرات في ترتيل وتصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر وتمكن راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وبلع بأطراف أصابعك عين الركبة وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك وأقم صلبك ومد عنقك وليكن نظرك بين قدميك ثم قل سمع الله لمن حمده وأنت

______________________________________________________

بل أجد لذة وراحة انتهى ، ومعنى سبحان ربي العظيم وبحمده : أنزه ربي عما لا يليق بعز جلاله تنزيها وأنا متلبس بحمده على ما وفقني له من تنزيهه وعبادته ، كأنه لما أسند التنزيه إلى نفسه خاف أن يكون في هذا الإسناد نوع تبجح بأنه مصدر لهذا الفعل العظيم فتدارك ذلك بقوله وأنا متلبس بحمده على أن صيرني أهلا لتسبيحه وقابلا بعبادته فسبحان مصدر بمعنى التنزيه كغفران ولا يكاد يستعمل إلا مضافا منصوبا بفعل مضمر كمعاذ الله وهو هنا مضاف إلى المفعول ، وربما جوز كونه مضافا إلى الفاعل والواو في « وبحمده » للحالية وربما جعلت عاطفة.

قوله عليه‌السلام : « وتصف في ركوعك بين قدميك » أي لا يكون أحدهما أقرب إلى القبلة من الآخر ، وربما يحمل على استواء البعد بين القدمين من رؤوس الأصابع إلى العقبين « وبلع » باللام المشددة والعين المهملة من البلع أي اجعل أطراف أصابعك كأنها بالعة عين الركبة ، وربما يقرأ بلغ بالغين المعجمة وهو تصحيف.

وقوله عليه‌السلام : « سمع الله لمن حمده » يعني استجابا لكل من حمده وعدي باللام لتضمينه معنى الإصغاء والاستجابة والظاهر أنه دعاء لا مجرد ثناء كما يستفاد مما رواه (١) المفضل عن الصادق عليه‌السلام قال له : جعلت فداك علمني دعاء جامعا فقال : لي احمد الله فإنه لا يبقى أحد يصلي إلا دعا لك يقول سمع الله لمن حمده ، وقال في الحبل المتين : والأمر بهذا القول يشمل بإطلاقه الإمام والمأموم والمنفرد. وصرح به المحقق في المعتبر لكن ما تضمنه حديث جميل من أن المأموم يقول الحمد لله رب العالمين يقتضي عدم شمول المأموم ، أقول خبر جميل غير صريح في النفي وإطلاق الأخبار الكثيرة يشمل المأموم ويعضدها الشهرة بين الأصحاب بل يظهر من بعضهم الإجماع عليه أيضا فالإتيان به مطلقا أولى ، ثم قال

__________________

(١) الوسائل : ج : ٤ ص : ٩٤٠ ح : ٢.

١٢٣

منتصب قائم « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » أهل الجبروت والكبرياء والعظمة لله رب العالمين تجهر بها صوتك ثم ترفع يديك بالتكبير وتخر ساجدا.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت ما يقول الرجل خلف الإمام إذا قال سمع الله لمن حمده قال يقول « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » ويخفض من صوته.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يديك وكبر ثم اركع واسجد.

______________________________________________________

الشيخ قدس‌سره اعلم : أن النسخ في هذا الحديث مختلفة والموجود في التهذيب الذي بخط والدي (ره) وهو نقله من نسخة الأصل والعظمة لله رب العالمين بإسقاط الألف من لفظة لله ، وفي الذكرى والعظمة رب العالمين من دون لله وذكر الشهيد الثاني : أنه وجد في النفلية بخط المصنف الله رب العالمين بإثبات الألف فعلى النسخة الأولى يجوز جعل لفظ العظمة مرفوعا بالابتداء : ولله رب العالمين ، خبرا عنه وإن يجعل مجرورا بالبدلية مما قبله ولله رب العالمين خبرا عن محذوف وعلى الثالثة يجوز رفع بالابتداء على أن يكون الله رب العالمين ، خبرا عنه وخبره بالبدلية مما قبله بأن يكون جملة الله رب العالمين جملة برأسها منقطعة عن ما قبلها انتهى ، ثم إن الخبر يدل على استحباب تقديم وضع اليد اليمنى قبل اليسرى كما ذكره أكثر الأصحاب وتفريج القدمين قدر شبر.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فارفع يديك وكبر » المشهور استحباب تكبير الركوع وقيل بالوجوب ، وأما رفع اليدين فذهب السيد إلى وجوب الرفع في جميع التكبيرات وظاهر الخبر أنه يستحب لكل من الركوع والسجدتين. ويحتمل أن يكون المراد

١٢٤

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يركع ركوعا أخفض من ركوع كل من رأيته يركع وكان إذا ركع جنح بيديه.

٦ ـ أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن رجل ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فإنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن السندي بن الربيع ، عن سعيد بن جناح قال كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام في منزله بالمدينة فقال مبتدئا من أتم ركوعه لم تدخله وحشة في القبر.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد ، عن هشام

______________________________________________________

تكبير الركوع فقط فتأمل.

الحديث الرابع : صحيح ويدل على وجوب الانتصاب كما هو المشهور.

الحديث الخامس : صحيح.

الحديث السادس : ضعيف.

الحديث السابع : مجهول. ولعل المراد بالإتمام الإتيان بالأذكار والآداب المستحبة ، وإن احتمل الواجبات. ولا يتوهم تعين الحمل على الواجبات لأن تركه يصير سببا لوحشة القبر إذ يمكن أن يكون الإتيان بالمستحبات سبب لرفع الوحشة التي يكون من قبائح الأعمال ، مع أنه يمكن المناقشة في كون الوحشة بنفسها عقوبة.

الحديث الثامن : صحيح. وأجمع الأصحاب على وجوب الذكر في الركوع. وإنما

١٢٥

قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام يجزئ عني أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود ـ لا إله إلا الله والله أكبر قال نعم.

٩ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عقبة قال رآني أبو الحسن عليه‌السلام بالمدينة وأنا أصلي وأنكس برأسي وأتمدد في ركوعي فأرسل إلي لا تفعل.

______________________________________________________

اختلفوا في تعينه فقال الشيخ في المبسوط : التسبيح في الركوع أو ما يقوم مقامه من الذكر واجب ، ومقتضى ذلك الاكتفاء بمطلق الذكر ، وبه صرح ابن إدريس كما هو صريح الخبر ولا يخلو من قوة ، وقال الشيخ في النهاية. أقل ما يجزى من التسبيح في الركوع والسجود تسبيحة واحدة وهو أن يقول سبحان ربي العظيم وبحمده وأقل ما يجزى من التسبيح في السجود أن يقول سبحان ربي الأعلى وبحمده ، وظاهر اختيار الشيخ في التهذيب وجوب تسبيحة كبرى أو ثلاث تسبيحات نواقص ، ونقل عن أبي الصلاح أنه أوجب التسبيح ثلاث مرات على المختار وتسبيحة على المضطر ، وقال : أفضله سبحان ربي العظيم وبحمده. ويجوز سبحان الله ، وظاهره أن المختار لو قال سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا كانت واجبة.

الحديث التاسع : صحيح. قوله « برأسي » الباء زائدة للتقوية ، ولعل المراد بقوله « أتمدد » التمدد إلى تحت : أي إدلاء رأسه ورقبته أو المراد به استواء اليدين من غير تجنيح.

١٢٦

( باب )

( السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض والنوافل وما يقال )

( بين السجدتين )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا سجدت فكبر وقل اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » تبارك « اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ » ثم قل سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات فإذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين ـ اللهم اغفر لي وارحمني وأجرني وادفع عني « إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ».

______________________________________________________

باب السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض والنوافل وما يقال بين السجدتين وسجدة الشكر أيضا

الحديث الأول : حسن.

وفي النفلية وغيرها : سجد وجهي البالي الفاني للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ، وفي التهذيب كما في الكتاب : وإضافة السمع إلى الوجه للمجاورة والملابسة. لا لأنه جزءه كما استدل به بعض العامة على الجزئية ، مع أنه يحتمل أن يكون أطلق الوجه على مجموع الرأس والوجه أو الذات مجازا قوله عليه‌السلام : « وأجرني » أي أجر كسرى وفي بعض النسخ وأجرني من الأجر أو من الإجارة بمعنى الأمان والخبر عام ، وبما يختص بالمال كما قال الله تعالى « وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ » (١).

__________________

(١) سورة : العاديات. الآية : ٨.

١٢٧

٢ ـ جماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن حفص الأعور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان علي صلوات الله عليه إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر يعني بروكه.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن إسماعيل قال رأيت أبا الحسن عليه‌السلام إذا سجد يحرك ثلاث أصابع من أصابعه واحدة بعد واحدة تحريكا خفيفا كأنه يعد التسبيح ثم رفع رأسه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جعفر الأحول ، عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول و

______________________________________________________

الحديث الثاني : مجهول.

وفي القاموس « خوى في سجوده تخوية » تجافى وفرج ما بين عضديه وجنبيه ، وقال : الضمر بالضم وبضمتين الهزال ومحاق البطن إلى أن قال وبالفتح : الرجل الهضيم البطن. اللطيف الجسم ، وفيه الهضم خمص البطن ، ولطف الكشح انتهى ، والظاهر أن التشبيه في عدم إلصاق البطن بالأرض وعدم لصوق الأعضاء بعضها ببعض والتخوي بينهما ، ويحتمل أن يكون التشبيه في أصل البروك أيضا فإن البعير يسبق بيديه قبل رجليه عند بروكه.

الحديث الثالث : صحيح.

وقال في الحبل المتين : هذا الخبر رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام وقد يستفاد منه الاستحباب بثلاث تسبيحات في السجود واستحباب عدها بالأصابع.

وهذا غير مشهور بين الأصحاب رضي الله عنهم انتهى ، والظاهر أن فائدة العد عدم النسيان وكان غنيا عن ذلك إلا أن يحمل على التعبد أو تعليم الغير ولعله لذلك عدل الأصحاب من ذكره.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام « لما غفرت لي » كلمة « لما » إيجابية أي أسألك في كل الحالات

١٢٨

هو ساجد ـ أسألك بحق حبيبك محمد إلا بدلت سيئاتي حسنات وحاسبتني حسابا يسيرا ثم قال في الثانية ـ أسألك بحق حبيبك محمد إلا كفيتني مئونة الدنيا وكل هول دون الجنة وقال في الثالثة ـ أسألك بحق حبيبك محمد لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل وقبلت مني عملي اليسير ثم قال في الرابعة ـ أسألك بحق حبيبك محمد لما أدخلتني الجنة وجعلتني من سكانها ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك وصلى الله على محمد وآله.

٥ ـ جماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن عبد الله بن سليمان قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في الصلاة المكتوبة إما راكعا وإما ساجدا فيصلي عليه وهو على تلك الحال فقال نعم إن الصلاة على نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كهيئة التكبير والتسبيح وهي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا أيهم يبلغها إياه.

______________________________________________________

إلا في حال حصول المقصود وهي المغفرة وحواشي الجارية يجوز تشديدها بمعنى إلا ، والاستثناء من المعنى كأنه قال لا أسألك شيئا إلا ويجوز تخفيفها واللام جواب القسم وما زائدة انتهى ، والأصوب ما ذكرنا ، وقال في الصحاح : « سفعت بناحيته » أي أخذت وسفعته النار السموم إذا نفخته نفخا يسيرا فغيرت لون البشرة انتهى ، ثم اعلم أن ظاهر الخبر أنه عليه‌السلام قرأ الأدعية في سجدات صلاة ثنائية نافلة أو فريضة ، والشيخ في المصباح حمله على سجدة الشكر وقرر الثاني والثالث للتعفيرين والرابع للعود إلى السجود وتبعه من تأخر عنه ولا يخفى بعده.

الحديث الخامس : ويدل على جواز الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أفعال الصلاة كما ذكره الأصحاب ، قال : في الدروس يجوز الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الركوع والسجود وتكره قراءة القرآن فيهما.

قوله عليه‌السلام « يبتدرها » أي الصلاة.

قوله عليه‌السلام : « إياه » أي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٢٩

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن سيابة قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أدعو وأنا ساجد فقال نعم فادع للدنيا والآخرة فإنه رب الدنيا والآخرة

٧ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أقرب ما يكون العبد من ربه إذا دعا ربه وهو ساجد فأي شيء تقول إذا سجدت قلت علمني جعلت فداك ما أقول قال قل يا رب الأرباب ويا ملك الملوك ويا سيد السادات ويا جبار الجبابرة ويا إله الآلهة صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا ثم قل فإني عبدك ناصيتي في قبضتك ثم ادع بما شئت واسأله فإنه جواد ولا يتعاظمه شيء

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم قال صلى بنا أبو بصير في طريق مكة فقال وهو ساجد وقد كانت ضلت ناقة لجمالهم اللهم رد على فلان ناقته قال محمد فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فأخبرته قال وفعل قلت نعم قال وفعل قلت نعم قال فسكت قلت فأعيد الصلاة قال لا

٩ ـ أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام إني كنت أمهد لأبي فراشه فأنتظره حتى يأتي فإذا أوى

______________________________________________________

الحديث السادس : مجهول. والظاهر أن السؤال عن سجود الصلاة ولو لم يكن مختصا به فلا ريب في شموله له.

الحديث السابع : مجهول كالصحيح.

الحديث الثامن : صحيح.

ويحتمل أن يكون سؤاله وتعجبه عليه‌السلام لترك التقية أو لمرجوحية الفعل.

وعلى أي حال لا يمكن الاستدلال على عدم الجواز.

الحديث التاسع : موثق.

١٣٠

إلى فراشه ونام قمت إلى فراشي وإنه أبطأ علي ذات ليلة فأتيت المسجد في طلبه وذلك بعد ما هدأ الناس فإذا هو في المسجد ساجد وليس في المسجد غيره فسمعت حنينه وهو يقول ـ سبحانك اللهم أنت ربي حقا حقا سجدت لك يا رب تعبدا ورقا اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك وتب علي « إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ».

١٠ ـ أحمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي جرير الرواسي قال سمعت أبا الحسن موسى عليه‌السلام وهو يقول اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب يرددها.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن عبد الله بن محمد ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبد الله بن هلال قال شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام تفرق أموالنا وما دخل علينا فقال عليك بالدعاء وأنت ساجد فإن أقرب ما يكون العبد

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فسمعت حنينه » بالحاء المهملة وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة ، قال في النهاية : فيه أنه كان يسمع خنينه في الصلاة ، الخنين ضرب من البكاء دون الانتحاب وأصل الحنين خروج الصوت من الأنف كالحنين من الفم.

الحديث العاشر : مجهول.

ولم يظهر منه أنه عليه‌السلام كان يقول ذلك في الصلاة ولا في السجود ، ولعله كان في الرواية أنه عليه‌السلام كان يقول ذلك في السجود تركه الكليني اعتمادا على دلالة العنوان عليه ، ويؤيده ما رواه البزنطي في جامعه كما وجدته بخط شيخنا البهائي (ره) عن جميل ، عن الحسن بن زياد. قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : وهو ساجد اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والراحة عند الحساب ، قال إسماعيل في حديثه وإلا من عند الحساب.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

١٣١

إلى الله وهو ساجد قال قلت فأدعو في الفريضة وأسمي حاجتي فقال نعم قد فعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم وفعله علي عليه‌السلام بعده.

١٢ ـ جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند عائشة ذات ليلة فقام يتنفل فاستيقظت عائشة فضربت بيدها فلم تجده فظنت أنه قد قام إلى جاريتها فقامت تطوف عليه فوطئت عنقه صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « وهو ساجد ». قال : الرضي « رضي‌الله‌عنه » إن كانت الحال جملة اسمية فعند غير الكسائي يجب معها وأو الحال ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله « أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد » إذ الحال فضلة وقد وقعت موقع العمدة فيجب معها علامة الحالية لا إن كل واقع غير موقعه ينكر ، وجوز الكسائي تجردها عن الواو لوقوعها موقع خبر المبتدأ ، فتقول : ضربي زيدا أبوه قائما انتهى ، ويدل على جواز الدعاء للدين والدنيا ولعن الكافرين والمخالفين في الصلاة ، ودعاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله هو ما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : في صلاته اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين واشدد وطائك على مضر ، ورعل ، وذكوان ، ودعاء علي عليه‌السلام في قنوت الغداة على معاوية ، وعمرو بن العاص ، وأبي موسى الأشعري وأبي الأعور السلمي وأشياعهم.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « تطوف عليه ». أي له ، وعدي : بعلى لأن القائم مشرف على الساجد ، وفي القاموس السواد : الشخص ومن القلب حبة كسويدائه وقال الخيال ما تشبه لك في اليقظة والحلم من صورة وشخص الرجل وطلعته وقال : « باء بذنبه بوأ » احتمله أو اعترف به ، وقال : في النهاية في حديث الدعاء اللهم إني أعوذ

١٣٢

ساجد باك يقول سجد لك سوادي وخيالي وآمن بك فؤادي أبوء إليك بالنعم وأعترف لك بالذنب العظيم عملت سوءا و « ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي » إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت أعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ برحمتك من نقمتك وأعوذ بك منك لا أبلغ مدحك والثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك أستغفرك وأتوب إليك فلما انصرف قال يا عائشة لقد أوجعت عنقي أي شيء خشيت أن أقوم إلى جاريتك؟.

______________________________________________________

برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، وفي رواية بدأ بالمعافاة ثم بالرضا إنما : ابتدأ بالمعافاة من العقوبة لأنها من صفات الأفعال كالإماتة والإحياء والرضا والسخط من صفات الذات وصفات الأفعال أدنى رتبة من صفات الذات فبدأ بالأدنى مترقيا إلى الأعلى ثم لما ازداد يقينا وارتقاء ترك الصفات وقصر نظره على الذات فقال أعوذ بك منك ثم لما ازداد قربا استحيا معه من الاستعاذة إلى بساط القرب فالتجاء إلى الثناء فقال لا أحصي ثناء عليك ثم علم إن ذلك قصور فقال أنت كما أثنيت على نفسك ، وأما على رواية الأولى فإنما قدم الاستعاذة بالرضا عن السخط لأن المعافاة من العقوبة تحصل. بحصول الرضا وإنما ذكرها لأن دلالة الأول تضمين فأراد أن يدل عليها دلالة مطابقة فكني عنها أولا ثم صرح بها ثانيا ولأن الراضي قد يعاقب إلى المصلحة أو لاستيفاء حق الغير انتهى ، وقال الخطابي في هذه الاستعاذة لطف حيث استعاذ من الشيء بضده فلما انتهى إلى ما لا ضد له استعاذ به منه ، وقيل : الأولى تقدير شيء والمعنى أعوذ بك من عقوبتك لما ورد خبر امرأة استعاذت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأبعدها عنه.

قوله عليه‌السلام : « لا أبلغ » أي لا يبلغ علمي بمدحك ولا أطيق بما تستحق ، أو علمي بنعمك التي تمدح بها لأنها غير متناهية ، وعلم البشر متناه. فكيف يحيط بغير المتناهي وقدرتهم كذلك؟ نعم : تعلم أنت بعلمك الشامل نعمك وفضائلك ، وبقدرتك تحصيها فالمطلوب الاعتراف بالعجز ورد كل شيء إليه تعالى.

١٣٣

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه عمن ذكره ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبيه قال قال أبو جعفر عليه‌السلام من قال في ركوعه وسجوده وقيامه ـ صلى الله على محمد وآل محمد كتب الله له بمثل الركوع والسجود والقيام.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جعفر بن علي قال رأيت أبا الحسن عليه‌السلام وقد سجد بعد الصلاة فبسط ذراعيه على الأرض وألصق جؤجؤه بالأرض في دعائه.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان قال رأيت أبا الحسن الثالث عليه‌السلام سجد سجدة الشكر فافترش ذراعيه فألصق جؤجؤه وبطنه بالأرض فسألته عن ذلك فقال كذا نحب.

١٦ ـ علي بن محمد ، عن سهل ، عن أحمد بن عبد العزيز قال حدثني بعض أصحابنا قال كان أبو الحسن الأول عليه‌السلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم وليس له إلا دفعك ورحمتك فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله « كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما

______________________________________________________

الحديث الثالث عشر : مرسل.

ويدل على استحباب الصلاة في أحوال الصلاة وأنها موجبة لتضاعف ثواب ذلك الفعل.

الحديث الرابع عشر : مجهول « والجؤجؤ » بضم الجيم الصدر وهذه كيفية سجدة الشكر على خلاف سائر السجدات.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « كذا يجب » لعل المراد بالوجوب الاستحباب المؤكد أو هو بمعنى السقوط وفي بعض النسخ بالنون والحاء المهملة.

الحديث السادس عشر : ضعيف. على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « آخر ركعة الوتر » أي ركوعه وذكره في هذا الباب لاتصاله

١٣٤

يَهْجَعُونَ. وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » طال هجوعي وقل قيامي وهذا السحر وأنا أستغفرك لذنبي استغفار من لم يجد لنفسه « ضَرًّا وَلا نَفْعاً » ولا « مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً » ثم يخر ساجدا صلوات الله عليه.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جندب قال سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عما أقول في سجدة الشكر فقد اختلف أصحابنا فيه فقال قل وأنت ساجد ـ اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك الله ربي والإسلام ديني ومحمدا نبيي وعليا وفلانا وفلانا إلى آخرهم أئمتي بهم أتولى ومن عدوهم أتبرأ اللهم إني أنشدك دم المظلوم ثلاثا اللهم إني أنشدك بإيوائك

______________________________________________________

بالسجود ويحتمل أن يكون (ره) حمله علي الدعاء بين السجدتين لكنه بعيد جدا ، « والهجوع النوم ».

الحديث السابع عشر : حسن.

ويدل على استحباب تعفير الجبين بين السجدتين كما ذكره الأصحاب. قال في المدارك : استحباب سجدتي الشكر عند تجدد النعم ودفع النقم قول علمائنا ، وأكثر العامة : استحبابهما عقيب الصلاة شكرا على التوفيق لأدائها ، فقال في التذكرة : إنه مذهب علمائنا أجمع خلافا للجمهور ، ويستحب فيهما الدعاء وأفضله المأثور ، وروي أن أدناه أن يقول شكرا لله ثلاثا ويستحب تعفير الجبين بينها وبه يتحقق تعدد السجود وهو مستحب باتفاقنا.

قوله عليه‌السلام : « أنشدك ». أنشد على وزن أقعد يقال : نشدت فلانا وأنشده أي قلت له نشدتك بالله أي سألتك بالله ، والمراد هنا أسألك بحقك أن تأخذ بدم المظلوم أي الحسين عليه‌السلام. وتنتقم من قاتليه ومن الأولين الذين أسسوا أساس الظلم عليه وعلي أبيه وأخيه ، أو المعنى أنشدك بحق دم المظلوم أن تنتقم من ظالميه فيكون المقسم عليه مقدرا.

قوله عليه‌السلام : « بإيوائك » الوأي بمعنى الوعد ، والإيواء لم يأت في اللغة

١٣٥

على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم أن تصلي على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر ثلاثا ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وتقول يا كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق علي « الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ » ويا بارئ خلقي رحمة بي وقد كان عن خلقي غنيا صل على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد ثم ضع خدك الأيسر وتقول يا مذل كل جبار ويا معز كل ذليل قد وعزتك بلغ بي مجهودي ـ ثلاثا ثم تقول ـ يا حنان يا منان يا كاشف الكرب العظام ثلاثا ثم تعود للسجود فتقول مائة مرة ـ شكرا شكرا ثم تسأل حاجتك إن شاء الله تعالى.

______________________________________________________

بهذا المعنى ، وعدم ذكرهم لا يدل على العدم مع أنه يمكن أن يكون من قولهم آوى فلانا : أي أجاره وأسكنه ، فكأن الواعد يؤدي الوعد إلى نفسه لكنه بعيد ، قال في النهاية : في حديث وهب أن الله تعالى قال : إني أويت على نفسي أن أذكر من من ذكرني قال القتيبي هذا غلط إلا أن يكون من المقلوب. والصحيح وأيت من الوأي وهو الوعد يقول : جعلته وعدا على نفسي انتهى (١) ، والوعد هو الذي قال الله تعالى « وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً » (٢).

وقوله عليه‌السلام : « لتظفرنهم » متعلق بالإيواء واللام جواب للقسم الذي تضمنه الإيواء.

وقوله عليه‌السلام : « على المستحفظين » بالبناء للفاعل أي الحافظين للشرع والدين أو الطالبين لحفظهما من غيرهم من نوابهم ورواة أخبارهم أو بالبناء للمفعول أي الذين استحفظوهما أي طلب الله منهم حفظهما وحفظ كتاب الله تعالى كما قال

__________________

(١) النهاية : ج ١ ـ ص ٨٢.

(٢) سورة : النور. الآية : ٥٥.

١٣٦

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن علي بن محمد القاساني ، عن سليمان بن حفص المروزي قال كتبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام في سجدة الشكر فكتب إلي مائة مرة شكرا شكرا وإن شئت عفوا عفوا.

١٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه قال خرجت مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام إلى بعض أمواله فقام إلى صلاة الظهر فلما فرغ خر لله ساجدا فسمعته يقول بصوت حزين وتغرغر دموعه ـ رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني وعصيتك ببصري ولو شئت وعزتك لأكمهتني وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لأصممتني وعصيتك بيدي ولو شئت وعزتك لكنعتني وعصيتك برجلي ولو شئت وعزتك لجذمتني وعصيتك بفرجي ولو شئت وعزتك لعقمتني وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي وليس هذا جزاءك مني قال ثم أحصيت له ألف مرة وهو يقول العفو العفو قال ثم ألصق خده الأيمن بالأرض فسمعته وهو يقول بصوت

______________________________________________________

تعالى « بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ » (١).

قوله عليه‌السلام : « تعييني » بيائين مثناتين من تحت أو بنونين أو لهما مشددة وبينهما ياء مثناة تحتانية أي يا ملجأي حين تعييني مسالكي إلى الخلق وتردداتي إليهم.

قوله عليه‌السلام : « بما رحبت » أي بسعتها ، و « ما » مصدرية.

قوله عليه‌السلام : « بلغ بي مجهودي » أي بلغت طاقتي. النهاية.

الحديث الثامن عشر : مجهول.

الحديث التاسع عشر : مجهول.

وقال في القاموس : « الغرغرة » ترديد الماء في الحلق ، وصوت معه بحح وقال « الكمة » محركة العمى يولد به الإنسان أو عام ، وقال « كنع يده » أشلها وقال : « جذمة » قطعه والأجذم المقطوع اليد أو الذاهب الأنامل. جذمت يده كفرح

__________________

(١) سورة المائدة الآية : ٤٤.

١٣٧

حزين بؤت إليك بذنبي عملت سوءا و « ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي » فإنه لا يغفر الذنوب غيرك يا مولاي ثلاث مرات ثم ألصق خده الأيسر بالأرض فسمعته يقول ارحم من أساء واقترف واستكان واعترف ثلاث مرات ثم رفع رأسه.

٢٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن يونس بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك هذا الذي ظهر بوجهي يزعم الناس أن الله لم يبتل به عبدا له فيه حاجة فقال لا قد كان مؤمن آل فرعون مكتع الأصابع فكان يقول هكذا ويمد يده ويقول « يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ » قال ثم قال لي إذا كان الثلث الأخير من الليل في أوله فتوضأ ثم قم إلى صلاتك التي تصليها فإذا كنت في السجدة الأخيرة من الركعتين الأولتين فقل وأنت ساجد ـ يا علي يا عظيم يا رحمان يا رحيم يا سامع الدعوات يا معطي الخيرات صل على محمد وأهل بيت محمد وأعطني من خير الدنيا والآخرة ما أنت أهله واصرف عني من شر الدنيا والآخرة ما أنا أهله وأذهب عني هذا الوجع وتسميه فإنه قد غاظني وأحزنني وألح في الدعاء قال ففعلت فما وصلت إلى الكوفة حتى أذهب الله عني كله.

٢١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن محمد بن علي ، عن سعدان

______________________________________________________

وجذمتها أو أجذمتها ، وقال : « عقمها الله يعقمها وأعقمها « واقتراف الذنب » اكتسابه ، ويدل على أنه لا يلزم العود إلى وضع الجبهة ثانيا : ولا ينافي استحبابه مع أنه يحتمل وقوعه كما تشهد به كلمة ثم وإن انسلخت في سائر المواضع عن التراخي.

الحديث العشرون : مجهول.

وفي القاموس « الأكنع » من رجعت أصابعه إلى كفه وظهرت رواجبه.

قوله عليه‌السلام : « فكان يقول هكذا » أي يفعل.

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف.

١٣٨

عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان يقول في سجوده ـ سجد وجهي البالي لوجهك الباقي الدائم العظيم سجد وجهي الذليل لوجهك العزيز سجد وجهي الفقير لوجه ربي الغني الكريم العلي العظيم رب أستغفرك مما كان وأستغفرك مما يكون رب لا تجهد بلائي رب لا تشمت بي أعدائي رب لا تسئ قضائي رب إنه لا دافع ولا مانع إلا أنت صل على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك وبارك على محمد وآل محمد بأفضل بركاتك اللهم إني أعوذ بك من سطواتك وأعوذ بك من جميع غضبك وسخطك سبحانك لا إله إلا أنت رب العالمين ـ وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول وهو ساجد ارحم ذلي بين يديك وتضرعي إليك ووحشتي من الناس وآنسني بك يا كريم وكان يقول أيضا ـ وعظتني فلم أتعظ وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر وعمرتني أياديك فما شكرت عفوك عفوك يا كريم أسألك الراحة عند الموت وأسألك العفو عند الحساب وكان أبو جعفر عليه‌السلام يقول وهو ساجد لا إله إلا أنت حقا حقا سجدت لك يا رب تعبدا ورقا يا عظيم إن عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم يا حنان اغفر لي ذنوبي وجرمي وتقبل عملي يا كريم ـ يا جبار أعوذ بك من أن أخيب أو أحمل ظلما اللهم منك النعمة وأنت ترزق شكرها وعليك يكون ثواب ما تفضلت به من ثوابها بفضل طولك وبكريم عائدتك.

٢٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن زياد بن

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « وجهي البالي » أي هو في معرض البلى أو بلى وخلق بالذنوب والأول أظهر.

« ووجه الله تعالى » ذاته « لا تجهد بلائي » أي لا تجعل بلائي شديدا لا أطيقه.

« لا تسئ قضائي » أي لا تبتلني بسوء القضاء ، « وعمرتني » بالعين المهملة ، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة أي غمرتني بنقمتك ، وفي بعض النسخ غمرتني أياديك.

كما في البلد الأمين وغوالي اللئالي وسائر كتب الدعاء وهو أظهر.

الحديث الثاني والعشرون : ضعيف على المشهور.

١٣٩

مروان قال كان أبو الحسن عليه‌السلام يقول في سجوده أعوذ بك من نار حرها لا يطفأ وأعوذ بك من نار جديدها لا يبلى وأعوذ بك من نار عطشانها لا يروى وأعوذ بك من نار مسلوبها لا يكسى.

٢٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا قرأ أحدكم السجدة من العزائم فليقل في سجوده : « سجدت لك تعبدا ورقا لا مستكبرا عن عبادتك ولا مستنكفا ولا متعظما بل أنا عبد ذليل خائف مستجير ».

٢٤ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الريان ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال شكوت إليه علة أم ولد لي أخذتها فقال قل لها تقول في السجود في دبر كل صلاة مكتوبة يا ربي يا سيدي صل على محمد وعلى آل محمد وعافني من كذا وكذا فبها نجا جعفر بن سليمان من النار قال فعرضت هذا الحديث على بعض أصحابنا فقال أعرف فيه يا رءوف يا رحيم يا ربي يا سيدي افعل بي كذا وكذا.

______________________________________________________

« جديدها لا يبلى » أي عذابها الشديد لا يخفف ، أو كلما نضجت جلودهم بدلوا جلدا غيرها.

الحديث الثالث والعشرون : صحيح.

والدعاء على المشهور محمول على الاستحباب.

الحديث الرابع والعشرون : ضعيف على المشهور.

والظاهر أن جعفر بن سليمان كان أراد بعض المخالفين إحراقه فنجي بهذا الدعاء ، ويحتمل نار الآخرة.

قوله عليه‌السلام : « أعرف فيه » أي في دعاء السجود.

١٤٠