مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٣

قلت لأبي جعفر عليه‌السلام رجل بال ولم يكن معه ماء فقال يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات وينتر طرفه فإن خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل.

______________________________________________________

يحتمل أن يكون المراد من الأول عصر أصل الذكر إلى طرف الذكر أي ما بين المقعدة إلى رأس الذكر ، ويكون المراد به العصرين جميعا ، والمراد من نتر الطرف نتر رأس الذكر فيوافق المشهور.

وفي التهذيب نقلا عن هذا الكتاب يعصر أصل ذكره إلى ذكره ، وينقل عن بعض الأفاضل أنه قرأ ذكره بضم الذال وسكون الكاف وفسره بطرف الذكر لينطبق على ما ذكره الأصحاب من تثليث العصرات إذ الأول يدل حينئذ على عصر ما بين المقعدة إلى رأس الذكر ، والثاني على عصر رأس الحشفة بإرجاع ضمير طرفه إلى الذكر لا إلى الإنسان.

ويخدشه ما يظهر من كلام أهل اللغة من أن ذكرة السيف حدته وصرامته بالمعنى المصدري لا الناتئ من طرفه كما فهمه ، ولا يستقيم إلا بارتكاب تجوز لا ينفع في الاستدلال. نعم ما في الكتاب يمكن حمله عليه كما أومأنا إليه ، إلا أن قوله عليه‌السلام ينتر طرفه ظاهره جواز الاكتفاء بالواحد وتقدير الثلاثة بقرينة السابق تكلف بعيد ، لكنه مشترك بين الوجهين ويخصه وجه آخر من البعد ، وهو أن النتر جذب فيه جفوة وقوة كما سيظهر مما سننقله من النهاية فحمله على عصر رأس الذكر بعيد ، فالأولى حمله على الوجه الأول وتقدير الثلاثة في الأخير أيضا ، أو القول بجواز الاكتفاء في العصرة الثانية بالمرة كما يظهر من بعض الأخبار جواز الاكتفاء بإحدى العصرتين أيضا.

ثم فائدة الاستبراء هنا أنه إن خرج بعده شيء أو توهم خروجه كما هو المجرب من حال من لم يغسل مخرج البول لا يضره ذلك ، أما من حيث النجاسة

٦١

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبي داود جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل بال ثم توضأ وقام إلى الصلاة فوجد بللا قال لا يتوضأ إنما ذلك من الحبائل.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن صفوان قال سأل الرضا عليه‌السلام رجل وأنا حاضر فقال إن بي جرحا في مقعدتي فأتوضأ

______________________________________________________

فلأنه غير واجد للماء ، وأما من حيث الحدث فظاهر فلا يحتاج إلى تجديد التيمم كلما أحس بذلك فتخصيص السؤال بعدم وجدان الماء ، لأن التوهم في هذه الصورة أكثر. وقيل يحتمل أن يكون وجه التخصيص كون الراوي عالما بأنه مع وجدان الماء إذا استبرأ وغسل المحل فلا بأس بما يخرج بعد ذلك ، ولكنه لم يعلم الحال في حال العدم أو يكون بناء على ما يقال إن الماء يقطع البول كما ذكره العلامة في المنتهى فتأمل.

وفي النهاية : فيه « إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث نترات » النتر جذب فيه قوة وجفوة ، ومنه الحديث « إن أحدكم يعذب في قبره فيقال إنه لم يكن يستنتر عند بوله » والاستنتار استفعال من النتر يريد الحرص عليه والاهتمام به وهو بعث على التطهر بالاستبراء من البول والحبائل عروق الظهر أو عروق الذكر كما قيل.

الحديث الثاني : صحيح.

وظاهره مذهب الصدوق من أنه مع عدم الاستبراء أيضا لا يجب إعادة الوضوء وإن أمكن حمله عليه ، لكن حمل الأخبار الأخرى على الاستحباب أظهر ، وهو موافق للأصل أيضا ، وإن كان مخالفا للمشهور.

الحديث الثالث : مجهول ، والسند الثاني صحيح.

قوله عليه‌السلام « فقال إن بي » الفاء للترتيب الذكري ، وهو عطف مفصل

٦٢

وأستنجي ثم أجد بعد ذلك الندى والصفرة من المقعدة أفأعيد الوضوء فقال وقد أنقيت فقال نعم قال لا ولكن رشه بالماء ولا تعد الوضوء.

أحمد ، عن أبي نصر قال سأل الرضا عليه‌السلام رجل بنحو حديث صفوان.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير قال سمعت رجلا سأل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال ربما بلت ولم أقدر على الماء ويشتد علي ذلك فقال إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك.

______________________________________________________

على مجمل.

قوله عليه‌السلام « في مقعدتي ». كأنه بدل من لفظة بي أو خبر لأن أو صفة للجرح ، والفاء في فأتوضأ للترتيب المعنوي ، والصفرة إما صفة حقيقية إذا كانت بمعنى شيء له الصفرة كما هو المعروف في الإطلاق أو مجازية إن كانت مصدرا أو بدل من النداء ، ويحتمل أن يكون النداء صفة لاسم الإشارة أي أجد بعد ارتفاع تلك الرطوبة الحاصلة من الاستنجاء صفرة ، هذا كله على نسخة لم توجد فيها العاطفة كما في التهذيب أيضا ، ويحتمل أن يكون الوضوء في المواضع بمعنى الاستنجاء استعمالا في المعنى اللغوي فتدبر.

قوله عليه‌السلام « وقد أنقيت » هذا ليعلم أنه ليس من الغائط وأثره.

قوله عليه‌السلام « ولكن رشه ». يحتمل أن يكون المراد منه الغسل بناء على نجاسة الصفرة ، وأن يكون المراد معناه الحقيقي لدفع توهمها بناء على طهارتها لأنها الأصل ولعدم العلم بكونها دما مخلوطا.

الحديث الرابع : حسن ، أو موثق.

قوله عليه‌السلام « بريقك ». إما لرفع وسواس النجاسة أو لرفع وسواس انتقاص التيمم فإن مع الاستنجاء بالماء تنقطع دريرة البول أو يرتفع التوهم بخلاف ما إذا لم يستنج فإنه يتوهم آنا فانا خروج البول كما سبق ولعله أصوب ، وإن فهم مشايخنا رضوان الله عليهم الأول.

٦٣

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الرجل يعتريه البول ولا يقدر على حبسه قال فقال لي إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر يجعل خريطة.

٦ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان عبد الرحمن قال كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام في خصي يبول فيلقى من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل قال يتوضأ ثم ينتضح في النهار مرة واحدة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين.

______________________________________________________

الحديث الخامس : حسن.

الحديث السادس : مجهول.

وأورد هذا الخبر في التهذيب مرتين في أبواب الزيادات (١) وفي كلا السندين عن سعدان بن مسلم عن عبد الرحيم القصير والظاهر زيادة ـ عن ـ هنا فإن سعدان اسمه عبد الرحمن ، وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى والدروس إلى العفو عن نجاسة ثوب الخصي الذي يتواتر بوله إذا غسله في النهار مرة ، واحتجوا برواية عبد الرحيم وفي طريقها ضعف ، ويمكن أن يحمل على أنه لا يعلم أنه بول فيحمل النضح على الاستحباب كما في أكثر موارد النضح ، وظاهر الأصحاب حمل النضح على الغسل وربما يقيد الحكم بما إذا لم يكن له إلا ثوب واحد.

الحديث السابع : حسن والأخيران مرسلان.

قوله عليه‌السلام « مرتين » موافق للمشهور وظاهره غير المخرج.

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ص ـ ٣٥٣ ـ الحديث ـ ١٤ ـ.

٦٤

وروي أنه يجزئ أن يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة وغيره وروي أنه ماء ليس بوسخ فيحتاج أن يدلك.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن فضال ، عن غالب بن عثمان ، عن روح بن عبد الرحيم قال بال أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا قائم على رأسه ومعي إداوة أو قال كوز فلما انقطع شخب البول قال بيده هكذا إلي فناولته بالماء فتوضأ مكانه.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « بمثله » هذا الخبر قد أورده الشيخ (١) مسندا وقال : فيه أولا أنه خبر مرسل ـ ثم قال ـ ولو سلم وصح لاحتمل أن يكون أراد بقوله « بمثله ». بمثل ما خرج من البول وهو أكثر من مثلي ما يبقى على رأس الحشفة ، ثم استشهد لصحة تأويله بخبر داود الصرمي « قال : رأيت أبا الحسن الثالث عليه‌السلام غير مرة يبول ويتناول كوزا صغيرا ويصب الماء عليه من ساعته » ثم قال : ( يصب الماء عليه ) يدل على أن قدر الماء أكثر من مقدار بقية البول ، لأنه لا ينصب إلا مقدار يزيد على ذلك.

أقول : ويحتمل أن يكون المراد « بمثله » الجنس أي لا يكفي في إزالته إلا الماء ولا يجوز الاستنجاء بالأحجار كما في الغائط.

الحديث الثامن : موثق ، أو مجهول.

وظاهره عدم الاستبراء. وقال الوالد العلامة : الذي يظهر من بعض الأخبار جواز الاكتفاء بالانقطاع عن الاستبراء ، والأولى الاستبراء بعد انقطاع السيلان. والتوضؤ في آخر الخبر يحتمل الاستنجاء. وفي القاموس : الشخب ويضم ما خرج من الضرع من اللبن وانشخب عرقه وما انفجر.

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ص ـ ٣٥ ـ الحديث ـ ٣٤ ـ.

٦٥

(باب)

(مقدار الماء الذي يجزئ للوضوء والغسل ومن تعدى في الوضوء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ بها جسده والماء أوسع من ذلك.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه وإن المؤمن لا ينجسه شيء إنما يكفيه مثل الدهن.

______________________________________________________

باب مقدار الماء الذي يجزى للوضوء وللغسل ومن تعدى في الوضوء

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام « أوسع من ذلك ». إما محمول على المبالغة أو الضرورة ، وقال في الحبل المتين : ما تضمنه هذه الرواية معلوم أنه ورد على سبيل المبالغة ولو عمل بظاهرها لم يبق فرق بين الغسل والمسح.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام « لا ينجسه شيء ». قال البهائي أي أعضاؤه لا ينجس بشيء من الأحداث نجاسة خبيثة حتى يحتاج في إزالتها إلى صب ماء زائد على ما يشبه الدهن كما هو الواقع في أغلب النجاسات الحدثية انتهى. ويدل كلام المفيد في المقنعة ظاهرا على الاكتفاء بالمسح في الغسل عند الضرورة كما نسب إليه وإلى غيره. وظاهر الأصحاب اتفاقهم على لزوم الجريان في غير حال الضرورة ، ولا يخفى عليك أن ظاهر الأخبار الاكتفاء بالمسح كالدهن وحمل الأصحاب تلك الأخبار على أقل مراتب الجريان مبالغة.

٦٦

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبو داود جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن داود بن فرقد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن أبي كان يقول إن للوضوء حدا من تعداه لم يؤجر وكان أبي يقول إنما يتلدد فقال له رجل وما حده قال تغسل وجهك ويديك وتمسح رأسك ورجليك.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه

______________________________________________________

الحديث الثالث : صحيح.

وقال في النهاية : اللدد الخصومة الشديدة وفي حديث عثمان « فتلددت تلدد المضطر » التلدد التلفت يمينا وشمالا تحيرا انتهى ، ويحتمل أن يكون المراد أنه كان أبي يقول : إنما يتلدد في هذا الباب أي يلتفت كثيرا إلى مواضع الوضوء للوسواس ، وليس بضرور لأن التلدد بمعنى الالتفات يمينا وشمالا ، وأن يكون المراد إنما يختصم كثيرا في هذا الباب لكن هذا الباب لم يجيء بهذا المعنى ، ويحتمل أن يكون حالا عن فاعل يقول ويكون مفعوله ما نقل عنه سابقا ويكون التلدد بالمعنى الأول أي كان يلتفت عليه‌السلام عند قوله ذلك يمينا وشمالا تقية.

وقيل : المعنى من يتجاوز عن حد الوضوء يتكلف مخاصمة الله في أحكامه ، أو إنما يفعل ذلك للوسواس والحيرة في الدين ، وقد يقرأ ـ أيما ـ بالياء المثناة من تحت ، والمراد أنه كان يقول ذلك كلما يتلدد ويختصم ، وفي بعض النسخ القديمة بالذالين المعجمتين أي يتلذذ الناس بتكرار الماء واستعماله كثيرا في الوضوء.

الحديث الرابع : صحيح أو حسن.

وظاهره أنه لبيان أن أقل الجريان كاف سواء كان الماء قليلا أو كثيرا ، ويحتمل أن يكون لبيان تبعيض الغسل وتوزيعه على الأعضاء بأنه إذا غسل عضوا من أعضائه يجري عليه أحكام المتطهر من جواز المس وغيره ولا يشترط إكمال الغسل ، و

٦٧

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال سألته عن غسل الجنابة كم يجزئ من الماء فقال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته ويغتسلان جميعا من إناء واحد.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال يجزئك من الغسل والاستنجاء ما ملئت يمينك.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة

______________________________________________________

يكون المراد بالقليل والكثير قليل الجسد وكثيره.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام « عن وقت غسل الجنابة ». أي عن حده ، وإنما اكتفى بصاع ومد للاشتراك كما صرح به في رواية أخرى.

الحديث السادس : صحيح.

ولعل المراد بالاستنجاء الاستنجاء من البول بقرينة اليمين ، وفي التهذيب والاستبصار ـ اليد ـ بدل اليمين وعلى التقديرين لعل المراد ببللها أخذ ماء قليل بها مرة واحدة ، ويؤيده أن في بعض النسخ القديمة « ما ملت يمينك » فيكون أصله ملأت فخفف وحذف ، وعلى التقديرين يدل على عدم وجوب التعدد في الاستنجاء ، وقد يقرأ على النسخة الأولى بلت بالتخفيف أي عملت كما يقال ـ لله بلاء فلان ـ أي لا يشترط في الغسل والاستنجاء استعمال ظرف بل يكفي الصب باليد ولا يخفى ما فيه ويمكن قراءة الغسل بفتح العين وضمها وقال الشيخ (ره) : المراد بأمثال هذا الخبر مطلق الإجزاء إلا أن مع ذلك فلا بد أن يجري الماء على الأعضاء ليكون غاسلا وإن كان قليلا ، مثل الدهن فإنه متى لم يجر لم يسم غاسلا ولا يكون ذلك مجزيا.

الحديث السابع : صحيح.

٦٨

بن أيوب ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في الوضوء قال إذا مس جلدك الماء فحسبك.

٨ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له الرجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة فيخرج يجزئه ذلك من غسله قال نعم.

٩ ـ علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن لله ملكا يكتب سرف الوضوء كما يكتب عدوانه.

(باب)

(السواك)

١ ـ علي بن محمد ، عن سهل وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة.

______________________________________________________

واستدل به على عدم وجوب الدلك وإمرار اليد وقال في الحبل المتين : لفظة جلدك أما مرفوعة بالفاعلية ، أو منصوبة بالمفعولية على التجوز.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام « يكتب سرف الوضوء ». أي الإسراف في ماء الوضوء كما يفعله العامة من الغسل ثلاثا « كما يكتب عدوانه » أي التجاوز عن حكمه كالغسل في موضع المسح أو يكون المراد بالعدوان التقصير فيه بأن لا يحصل الجريان أو غسل عضو زائد على المفروض فتأمل.

باب السواك

الحديث الأول : مجهول.

واستدل بهذا الخبر على أن الأمر للوجوب ، ولا يخفى ما فيه.

٦٩

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من سنن المرسلين السواك.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما زال جبرئيل عليه‌السلام يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفي أو أدرد.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير عمن ذكره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في السواك قال لا تدعه في كل ثلاث ولو أن تمره مرة.

٥ ـ علي بإسناده قال أدنى السواك أن تدلك بإصبعك.

٦ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن المعلى أبي عثمان ، عن معلى بن خنيس قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السواك بعد الوضوء فقال الاستياك قبل أن تتوضأ قلت أرأيت إن نسي حتى يتوضأ قال يستاك ثم

______________________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « إن أحفي أو أدرد » على بناء الفاعل ، أو المفعول فيهما ، وقال في النهاية : لزمت السواك حتى كدت أن أحفي فمي ـ أي أستقصي على أسناني فأذهبها بالتسوك ـ وقال فيه « لزمت السواك حتى خشيت أن يدردني » أي يذهب بأسناني والدرد سقوط الأسنان.

الحديث الرابع : مرسل.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : مختلف فيه وأخره مرسل.

قوله عليه‌السلام « ثلاث مرات » كان مستند الحكم باستحباب المضمضة ثلاثا مطلقا هذا الخبر ، لعدم خبر آخر يدل عليه ، ولا يخفى ما فيه ، نعم وجدنا مستند

٧٠

يتمضمض ثلاث مرات.

وروي أن السنة في السواك في وقت السحر.

٧ ـ علي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد ، عن أبي بكر بن أبي سماك قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا قمت بالليل فاستك فإن الملك يأتيك فيضع فاه على فيك وليس من حرف تتلوه وتنطق به إلا صعد به إلى السماء فليكن فوك طيب الريح.

(باب)

(المضمضة والاستنشاق)

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن حكم بن حكيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن المضمضة والاستنشاق

______________________________________________________

تثليث المضمضة والاستنشاق في ما كتب أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى أهل مصر مع محمد بن أبي بكر. قوله عليه‌السلام : « إن السنة ». حمل على أنه أكد.

الحديث السابع : ضعيف.

باب المضمضة والاستنشاق

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله : « قال لا » يحتمل أن يكون المراد أنهما ليسا من واجباته أو ليسا من أجزائه بل من مقدماته ، وقال في المدارك : الحكم باستحباب المضمضة والاستنشاق هو المعروف من المذهب والنصوص به مستفيضة. وقال ابن أبي عقيل : إنهما ليسا بفرض ولا سنة ، وله شواهد من الأخبار ، إلا أنها مع ضعفها قابلة للتأويل.

واشترط جماعة من الأصحاب تقدم المضمضة أولا وصرحوا باستحباب إعادة الاستنشاق مع العكس ، وقرب العلامة في النهاية جواز الجمع بينهما بأن

٧١

أمن الوضوء هي قال لا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن شاذان بن الخليل ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن حماد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن المضمضة والاستنشاق قال ليس هما من الوضوء هما من الجوف.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ليس عليك مضمضة ولا استنشاق لأنهما من الجوف.

(باب)

(صفة الوضوء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبان وجميل ، عن زرارة قال حكى لنا أبو جعفر عليه‌السلام وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بقدح فأخذ كفا من ماء فأسدله على وجهه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعا

______________________________________________________

يتمضمض مرة ثم يستنشق مرة وهكذا ثلاثا والكل حسن.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « من الجوف ». يعني أن الوجه المأمور بغسله في الآية هو الظاهر منه لا البواطن ، وقال الشيخ البهائي (ره) يمكن أن يكون الكلام واردا في غسل الميت وليس فيه مضمضة ولا استنشاق عندنا.

الحديث الثالث : حسن.

باب صفة الوضوء

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « بقدح » الباء زائدة للتوكيد نحو « وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ » (١) أو للتعدية.

__________________

(١) البقرة : ١٩٥.

٧٢

ثم أعاد يده اليسرى في الإناء فأسدلها على يده اليمنى ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الإناء فصبها على اليسرى ثم صنع بها كما صنع باليمنى ثم مسح بما بقي في يده رأسه ورجليه ولم يعدهما في الإناء.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « من الماء » يحتمل أن يكون من للبيان بأن يكون المراد بالظرف المظروف ، فإن المقادير والأعداد يراد بهما المقدر والمعدود ، كقولهم عشرون من درهم ، وراقود من خل ، وأن يكون ابتدائية بأن يكون المراد الظرف أي كفا مملوء ، أو مأخوذا من ماء ، ويحتمل أن يكون ـ من ماء ـ صلة لقوله « أخذ » أي أخذ من الماء مقدار كف ، والإسدال في اللغة إرخاء الستر وطرف العمامة ونحوها ، ومنه السديل لما يرخي على الهودج والمراد هنا الصب ، ففي الكلام استعارة تبعية كما كره شيخنا البهائي (ره).

قوله « ثم مسح وجهه » كان كلمه ثم في المواضع منسلخة عن معنى التراخي ، وهو في كلام البلغاء كثير ، ويمكن أن يكون الجمل معطوفة على الجملة الأولى ، لا كل واحدة على ما قبلها كما هو المشهور وحينئذ يكون فيها معنى التراخي لكنه خلاف الشائع في الاستعمالات والمتبادر عند الإطلاق ، وعليه بنوا كثيرا من استدلالاتهم كالاستدلال على الترتيب بين الأعضاء.

قوله : « من الجانبين » أي أمر يده على جانبي وجهه ، ويمكن أن يكون المارد أنه عليه‌السلام لم يقدم مسح جانب من وجهه على جانب آخر بل مسحهما معا من ابتداء الوجه إلى انتهائه فتأمل.

قوله : « ثم أعاد يده اليسرى » قال شيخنا البهائي (ره) كان الظاهر ـ ثم أدخل اليسرى ـ ولعله أطلق الإعادة على الإدخال الابتدائي لمشاكلة قوله فيما بعد ثم أعاد اليمنى ولا يتوهم أن تقدم المشاكل بالفتح على المشاكل بالكسر شرط فإنهم صرحوا بأن يمشي في قوله تعالى « فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ » (١)

__________________

(١) النور : ٤٥.

٧٣

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان ، عن أبي أيوب ، عن بكير بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ بكفه اليمنى كفا من ماء فغسل به وجهه ثم أخذ بيده اليسرى كفا من ماء فغسل به يده اليمنى ثم أخذ بيده اليمنى كفا من ماء فغسل به يده اليسرى ثم مسح بفضل يديه رأسه ورجليه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ بها جسده ـ والماء أوسع من ذلك ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت بلى قال فأدخل يده في الإناء ولم يغسل يده فأخذ كفا من ماء فصبه على وجهه ثم مسح جانبيه حتى مسحه كله ثم أخذ كفا آخر بيمينه فصبه على يساره ثم غسل به ذراعه الأيمن ثم أخذ كفا آخر فغسل به ذراعه الأيسر ثم مسح رأسه ورجليه بما بقي في يده.

٤ ـ علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام ألا أحكي لكم وضوء

______________________________________________________

لمشاكلة قوله « وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ » ، ويمكن أن يقال : إنه أطلق الإعادة باعتبار كونها يدا لا باعتبار كونها يسري انتهى. ويدل على عدم استحباب الإدارة من إحداهما إلى الأخرى.

الحديث الثاني : حسن.

وفي الصحاح حكيت فعله وحاكيته ، إذا فعلت مثل فعله.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

قوله : « فوضعه بين يديه » إلى آخر مقال في مشرق الشمسين : يقال جلست بين يديه أي قدامه ، وفي مقابله ، ولعل الإناء كان أقرب إلى يمينه عليه‌السلام والميل اليسير

٧٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلنا بلى فدعا بقعب فيه شيء من ماء ثم وضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال هكذا إذا كانت الكف طاهرة ثم غرف فملأها ماء فوضعها على جبينه ثم قال بسم الله وسدله على أطراف لحيته ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ثم وضعه على مرفقه اليمنى وأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرى وأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه.

قال وقال أبو جعفر عليه‌السلام إن الله وتر يحب الوتر فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى وتمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسرى.

______________________________________________________

إلى أحد الجانبين لا يقدح في المقابلة العرفية ، فلا ينافي هذا الحديث ما اشتهر من استحباب وضع الإناء على اليمين ، وحسر بالمهملات بمعنى كشف وهو متعد بنفسه ، ولعل مفعوله وهو الكم أو الثوب محذوف ، والإشارة في قوله عليه‌السلام ـ هذا إذا كانت الكف طاهرة إلى غمس اليد في الماء القليل من دون غسلها أولا. وسدل وأسدل بمعنى. وفي القاموس : القعب قدح من خشب مقعر. وفي الصحاح : حسرت كمي عن ذراعي أحسره حسرا ، كشفت.

قوله عليه‌السلام « وظاهر جبينه » أي ما لم يمكن من جبينه مستورا بالشعر فإنه ليس من الوجه.

قوله عليه‌السلام : « ببلة يساره » حمل هذا الكلام على اللف والنشر المرتب يقتضي مسحه عليه‌السلام رأسه بيساره وهو في غاية البعد ، وحمله على المشوش أيضا بعيد وذكر البقية في اليمنى دون اليسرى لا يساعده فالأظهر أن يكون قوله عليه‌السلام « ببلة يساره » مع ما عطف عليه من متعلقات مسح القدمين فقط ، وعود القيد إلى

٧٥

قال زرارة قال أبو جعفر عليه‌السلام سأل رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحكى له مثل ذلك.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة وبكير أنهما سألا أبا جعفر عليه‌السلام عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على وجهه فغسل بها وجهه ثم غمس كفه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق ثم غمس كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ثم مسح رأسه وقدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا ثم قال ولا يدخل أصابعه تحت الشراك قال ثم قال إن الله عز وجل يقول « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ » فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله

______________________________________________________

كلا المتعاطفين غير لازم كما في قوله تعالى « وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً » فإن النافلة ولد الولد وحينئذ يكون في إدراج لفظ البقية إشعار بأنه عليه‌السلام مسح رأسه بيمناه.

الحديث الخامس : حسن.

قوله « أو تور » الترديد من الراوي أو منه عليه‌السلام للتخيير بين إحضار أيهما تيسر. وفي النهاية : التور إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه ، انتهى. ولعله يدل على عدم كراهة هذه الاستعانة ، وما قيل ـ من أنه لبيان الجواز أو أن هذا الوضوء لعله لا يكون وضوء حقيقيا ـ فلا يخفى بعده من مقام البيان ، فتأمل. وربما يدل على استحباب كون الإناء مكشوفة الرأس ، وعلى رجحان الاغتراف لغسل الأعضاء.

٧٦

لأن الله يقول : « فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » ثم قال « وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ » فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه.

قال فقلنا أين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون عظم الساق فقلنا هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذراع قال نعم إذا بالغت فيها

______________________________________________________

قوله : « لا يردها إلى المرفق » يمكن أن يكون المراد نفي ابتداء الغسل من الأصابع كما تفعله العامة ، أو أنه في أثناء الغسل لا يمسح بيده إلى المرفق بل يرفع يده ثم يضع على المرفق وينزلها ، قوله : « فليس له » لأن الوجه حقيقة في كله وكذا اليد قوله « فإذا مسح » لأن الباء للتبعيض كما سيأتي.

قوله : « يعني المفصل » قال في الحبل المتين : الكعب المفصل بين الساق والقدم ذكره جماعة من أهل اللغة ، كصاحب القاموس حيث قال : الكعب كل مفصل للعظام ، وهذه الرواية كما ترى ظاهرة في هذا المعنى ، وهو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن الجنيد.

قوله : « دون عظم الساق ». قال الشيخ البهائي (ره) لفظة دون إما بمعنى تحت ، أو بمعنى عند ، أو بمعنى غير.

قوله : « هذا ما هو » أي قبتا طرفي القدم ، كما تقوله العامة.

قوله : « وغرفة للذراع ». أي لكل ذراع والمراد من الثنتين الغرفتان لكل عضو ، وما قيل : من أن الأول غرفة واحدة للذراعين معا والثاني الثنتان لهما أيضا كذلك فلا يخفى ما فيه من البعد ، وقال شيخنا البهائي (ره) أي إذا بالغت في أخذ الماء بها بأن ملأتها منه بحيث لا تسع معه شيئا ، ويمكن أن يكون المعنى إذا بالغت في غسل العضو بها بإمرار اليد ليصل ماؤها إلى كل جزء ، وقوله عليه‌السلام

٧٧

والثنتان تأتيان على ذلك كله.

٦ ـ محمد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رباط ، عن يونس بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الوضوء للصلاة فقال مرة مرة.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبي داود جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن حماد بن عثمان ، عن علي بن المغيرة ، عن ميسرة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدعا بماء فملأ به كفه فعم به وجهه ثم ملأ كفه فعم به يده اليمنى ثم ملأ كفه فعم به يده اليسرى ثم مسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا يعني به التعدي في الوضوء.

٩ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم

______________________________________________________

« والثنتان » إلى آخره ـ أي الغرفتان تكفيان في استيعاب العضو بدون مبالغة.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : مجهول.

وقال الشيخ البهائي (ره) ليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه ، كما يقال لما ارتفع وغلظ من الأرض ظهر الأرض.

الحديث الثامن : صحيح.

قوله عليه‌السلام « من لم يحدث » ظاهره عدم جواز الزيادة عن مرة واحدة ، واستحباب الغسلة الثانية هو المشهور بين الأصحاب بل ادعى ابن إدريس عليه الإجماع وقال الصدوق بعدم استحبابها وهو موافق لمقالة الكليني ، وقال ابن أبي نصر واعلم أن الفضل في واحدة ومن زاد على اثنين لم يؤجر.

الحديث التاسع : موثق وآخر الباب مرسل.

٧٨

عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الوضوء فقال ما كان وضوء علي عليه‌السلام إلا مرة مرة.

هذا دليل على أن الوضوء إنما هو مرة مرة لأنه صلوات الله عليه كان إذا ورد عليه أمران كلاهما لله طاعة أخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه وإن الذي جاء عنهم عليهم‌السلام أنه قال الوضوء مرتان إنه هو لمن لم يقنعه مرة واستزاده فقال مرتان ثم قال ومن زاد على مرتين لم يؤجر وهذا أقصى غاية الحد في الوضوء الذي من تجاوزه أثم ولم يكن له وضوء وكان كمن صلى الظهر خمس ركعات ولو لم يطلق عليه‌السلام في المرتين لكان سبيلهما سبيل الثلاث.

وروي في رجل كان معه من الماء مقدار كف وحضرت الصلاة قال فقال يقسمه أثلاثا ثلث للوجه وثلث لليد اليمنى وثلث لليد اليسرى ويمسح بالبلة رأسه ورجليه.

(باب)

(حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قلت له أخبرني عن حد

______________________________________________________

وقوله « هذا. » دليل كلام المؤلف قدس‌سره.

باب حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل

الحديث الأول : كالصحيح.

قوله عليه‌السلام « عن حد الوجه » الحد في اللغة المنع ، والفصل بين الشيئين ، والمراد هنا الثاني. والقصاص مثلثة القاف منتهى شعر الرأس حيث يؤخذ بالمقص من مقدمه ومؤخره ، وقيل : هو منتهى منبته من مقدمه. والمراد هنا المقدم

٧٩

الوجه الذي ينبغي له أن يوضأ الذي قال الله عز وجل فقال الوجه الذي أمر الله تعالى بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه إن زاد عليه

______________________________________________________

حواه يحويه حيا أي جمعه واحتواه مثله ، واحتوى على الشيء أي اشتمل عليه كما ذكره الجوهري. وقال الفيروزآبادي : حواه يحويه حيا وحواية واحتوى عليه واحتواه جمعه وأحرزه انتهى. والصدغ هو المنخفض الذي بين أعلى الأذن وطرف الحاجب ، والسبابة من الأصابع التي تلي الإبهام.

وكل من الموصولين في قول زرارة ، الذي قال الله عز وجل ، وفي قوله عليه‌السلام الذي لا ينبغي لأحد نعت بعد نعت للوجه ، وجملة ، « لا ينبغي لأحد » ـ إلى آخره ـ صلة ـ للذي ـ وجملة لا ينقص منه عطف على جملة « لا ينبغي » أو يكن عطفا على يزيد ـ وتكون لفظة لا نافية على الأول وزائدة لتأكيد النفي على الثاني ، ويحتمل أن يكون لا ناهية ويكون حينئذ معطوفا على الموصول ، والجملة صفة للوجه بتقدير المقول في حقه ، كما هو الشائع في تصحيح الجمل الإنشائية الواقعة حالا بعد حال أو صفة على ما قيل ،

وجملة الشرط والجزاء في قوله عليه‌السلام « إن زاد عليه لم يؤجر » صلة بعد صلة له وقوله « وإن نقص منه أثم » عطف على إن زاد والصلة بعد الصلة وإن لم تكن بين النحاة مشهورا ، إلا أنه لا مانع منه ، كالخبر والحال. وقد جوز التفتازاني في حواشي الكشاف في قوله تعالى « فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ » (١) كون جملة أعدت صلة ثانية للتي. ويحتمل أن يكون هذه الشرطية مع المعطوف عليها مفسرة لقوله « لا ينبغي لأحد » ، وأن تكون معترضة بين المبتدأ والخبر والجار والمجرور. وفي قوله عليه‌السلام « من قصاص » إما متعلق بقوله « دارت » ، أو صفة مصدر محذوف ، وإما حال عن الموصول الواقع خبرا عن

__________________

(١) البقرة : ٢٤.

٨٠