مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٣

عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الماء الآجن تتوضأ منه إلا أن تجد ماء غيره فتنزه منه.

٧ ـ علي بن محمد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع وتلغ فيها الكلاب ويغتسل فيها الجنب أيتوضأ منها قال وكم قدر الماء قلت إلى نصف الساق وإلى الركبة وأقل قال توضأ.

______________________________________________________

المنتهى والذكرى اختصاص الكراهة بالأول فقط ، وظاهر الحسنة يساعد الدروس لأن أهل اللغة على ما رأيناه في الصحاح ، والقاموس ، والنهاية فسروا الآجن بالماء المتغير الطعم واللون ولم يعتدوا بشيء ، لكن نقل بعض مشايخنا عن بعض أهل اللغة أنه الماء المتغير من قبل نفسه وهو يقوي الثاني ، ولا يبعد أن يكون المعتبر في الكراهة التغير الذي يصير سبب النفرة واستكراه الطبع وأما التغير الذي ليس كذلك فلا يكون سببا للكراهة.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

واستدل به بعض الأصحاب على عدم انفعال القليل كما ذهب إليه ابن أبي عقيل ، وفيه نظر ظاهر لجواز أن يكون الحياض المذكورة إذا كان ماؤها بقدر نصف الساق يكون كرا ، بل الاستدلال بالانفعال أظهر ، لئلا يلغو السؤال ، إلا أن يقال : السؤال لأجل أنه إذا كان دون كر نهاه عن الوضوء تنزيها.

فإن قلت : قوله عليه‌السلام « وأقل » كما هو الموجود في هذا الكتاب وإن لم يكن موجودا في التهذيب على مطلوبنا أدل.

قلت : المراد بالأقل أقل من الركبة لا الأقل من نصف الساق أيضا ، أو المراد أقل بقليل وكان يعلم عليه‌السلام أن ذلك الأقل أيضا في تلك الحياض كر كيف لا ولو لم يحمل على أحد هذين لم يكن لسؤاله عليه‌السلام عن القدر ثم جوابه بما أجاب ، وجه وجيه فتأمل.

٢١

(باب)

(البئر وما يقع فيها)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال :

______________________________________________________

باب البئر وما يقع فيها

الحديث الأول : صحيح.

ويدل ظاهرا على انفعال البئر بالملاقاة كما هو المشهور.

قوله : « أو دم » الظاهر أنه بالكسر فيدل على حكم القليل وقوله : « كالبعرة » أما المراد بها مقدارها من العذرات النجسة فالنزح على المشهور على الوجوب أو أصل البعرات الطاهرة ، فالنزح على الاستحباب. وقال في الحبل المتين : « لا يخفى أن القطرات في هذا الحديث جمع تصحيح ، وقد صرح أهل العربية بأن جمع التصحيح للقلة ، فيكون الحديث متضمنا لحكم القليل من البول والدم ، والأصحاب رضي الله عنهم وإن فرقوا في الدم بين قليله وكثيره ، لكن لم يفرقوا في البول ، ولو قيل بالفرق لم يكن بعيدا » انتهى.

واعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في نجاسة البئر بالتغير ، وأما نجاسته بالملاقاة ففيها خلاف ، والأشهر أنه ينجس بالملاقاة مطلقا ، وذهب جماعة إلى عدم نجاسته مطلقا ، وذهب الشيخ أبو الحسن محمد بن محمد البصروي من المتقدمين ، إلى القول بعدم النجاسة إذا كان كرا ، وألزم هذا القول على العلامة أيضا.

ثم القائلون بالطهارة اختلفوا في وجوب النزح واستحبابه والمشهور بينهم الثاني ، وذهب العلامة رحمه‌الله في المنتهى إلى الوجوب تعبدا لا لنجاسته ولم يصرح رحمه‌الله بأنه يحرم استعماله قبل النزح حتى يتفرع عليه بطلان الوضوء والصلاة بناء على أن النهي في العبادة مستلزم للفساد أم لا.

٢٢

كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة و

______________________________________________________

قوله : « حتى يحل الوضوء » قال. في مشرق الشمسين : تمسك القائلون بنجاسة البئر بالملاقاة بهذا الحديث وأمثاله ، فإن قوله ـ حتى يحل الوضوء منها ـ كالصريح في نجاستها ، وإن كان ذلك من كلام الراوي ، لأن تقريره عليه‌السلام حجة وأمثال هذه الأحاديث الدالة بظاهرها على نجاستها كثيرة ، لكن لما كانت الأحاديث الدالة على عدم انفعالها كثيرة أيضا ، لم يكن بد من حمل هذه على الاستحباب والله أعلم وحينئذ ينبغي حمل الحل على تساوي الطرفين من غير ترجيح ، إذ على تقدير استحباب النزح ، يكون الوضوء منها قبله مرجوحا والله أعلم.

وقال في الحبل المتين : وما تضمنه الحديث من الدلالة المطلقة قد حملها الشيخ في التهذيب على العشرة قال : إنه عليه‌السلام قال « ينزح منها دلاء » ، وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب أن نأخذ به ونصير إليه ، إذ لا دليل على ما دونه هذا كلامه.

وأورد عليه أن الأخذ بالمتيقن كما اقتضى الحمل على أكثر ما يضاف إلى الجمع أعني العشرة كذلك أصالة براءة الذمة من الزائد يقتضي الحمل على أقل ما يضاف إلى الجمع أعني الثلاثة فكيف حكمت بأنه لا دليل على ما دون العشرة ، هذا. ولا يبعد أن يقال : إن مراد الشيخ طاب ثراه أن العدد الذي يضاف إلى الجمع ويقع الجمع تميزا له وإن كان مشتركا بين العشرة والثلاثة وما بينهما إلا أن هنا ما يدل على أن هذا الجمع مميز للعشرة وذلك أنه جمع كثرة فينبغي أن يكون مميزا لأكثر عدد يضاف إلى الجمع وهو العشرة التي هي آخر أعداد جمع القلة وأقربها إلى جمع الكثرة ترجيحا لا قرب المجازات إلى الحقيقة وبهذا التقرير يسقط الإيراد عنه رحمه‌الله رأسا.

٢٣

نحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فوقع عليه‌السلام بخطه في كتابي تنزح منها دلاء.

______________________________________________________

وقد اعترض عليه المحقق طاب ثراه في المعتبر بما حاصله : أن هذا الجمع لم يضف إليه عدد ولم يقع مميزا لشيء ليتمشى ما قاله رحمه‌الله ألا ترى أنه لا يعلم من قول القائل عندي دراهم أنه لم يخبر زيادة عن عشرة.

وأجاب عنه العلامة ( نور الله مرقده ) في المنتهى : بأن الإضافة هنا مقدرة وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا بد من إضمار عدد يضاف إليه تقديرا فيحمل على العشرة التي هي أقل ما يصلح إضافته لهذا الجمع أخذا بالمتيقن وحوالة على أصالة براءة الذمة.

وقال شيخنا الشهيد الثاني قدس الله روحه في شرح الإرشاد : في هذا الجواب نظر إذ لا يلزم من عدم تقدير الإضافة هنا تأخير البيان عن وقت الحاجة وإنما يلزم ذلك لو لم يكن له معنى بدون هذا التقدير والحال أن له معنى كسائر أمثاله من صيغ الجموع ، ولو سلم وجوب التقدير لم يتعين العشرة وفي قوله إن أقل ما يصلح إضافته لهذا الجمع عشرة منع وإنما أقله ثلاثة فيحمل عليها لأصالة البراءة من الزائد ، هذا كلامه أعلى الله مقامه ، وهو كلام جيد.

وأنت خبير بأن الظاهر من كلام العلامة طاب ثراه أنه حمل كلام الشيخ رحمه‌الله على ما حمله عليه ذلك المورد وأن قوله قدس الله روحه وحوالة على أصالة براءة الذمة غير واقع في موقعه إلا بنوع عناية ، وإن الظاهر أن ما وقع في كلامه أعلى الله مقامه من إبدال لفظة الأكثر بالأقل إنما هو من سهو الناسخين والله أعلم بحقيقة الحال.

واعلم أنه رفع الله درجته بعد ما أورد في المختلف هذا الحديث ، وكلام الشيخ ، واعتراض المحقق قال : ويمكن أن يحتج به أي بالحديث من وجه آخر وهو أن يقال : إن هذا جمع كثرة وأقله ما زاد على العشرة بواحد فيحمل عليه

٢٤

٢ ـ وبهذا الإسناد قال ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلا أن يتغير به.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الفأرة والسنور والدجاجة والطير والكلب قال ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء فإن تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح.

______________________________________________________

عملا بالبراءة الأصلية.

واعترض عليه شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه في شرح الإرشاد بأن هذا الدليل لا ينطبق على الدعوى لاستلزامه وجوب أحد عشر والمدعي الاكتفاء بعشرة هذا كلامه.

ولمن حاول الانتصار للعلامة أن يقول مراده طاب ثراه بقوله « ويمكن أن يحتج » هو تغيير الاحتجاج بالحديث على هذا المطلب أعني نزح العشرة على الاحتجاج على نزح أحد عشر ، لا ما ظنه شيخنا رحمه‌الله فإن العلامة قدس الله سره أرفع شأنا من أن يصدر عنه مثل هذه الغفلة فلا تغفل.

الحديث الثاني : صحيح.

ولا يخفى ما في هذا الخبر من المبالغات الدالة على عدم انفعال البئر بمجرد الملاقاة من الوصف بالسعة ووجود المادة والحصر والتعليل كما في التهذيب فإن فيه « لأن له مادة » وقد رد هذا الخبر القائلون بالنجاسة بالإرسال ، وأجيب بأن محمد بن إسماعيل الثقة جزم بقوله عليه‌السلام فخرج عن الإرسال وفيه إشكال.

الحديث الثالث : حسن.

والمشهور بين الأصحاب أربعون للكلب والسنور والثعلب والأرنب والخنزير والشاة وأشباهها في الجثة.

وقال الصدوق في الفقيه في الكلب ثلاثون إلى أربعين ، وفي السنور سبع دلاء ، وفي الشاة وما أشبهها تسع دلاء إلى عشرة.

٢٥

٤ ـ محمد بن يحيى رفعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا يفسد الماء إلا ما كان له نفس سائلة.

٥ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في السام أبرص يقع في البئر قال ليس بشيء حرك

______________________________________________________

وقال في المقنع : إن وقع فيها كلب أو سنور فانزح ثلاثين دلوا إلى أربعين ، وقد روي سبع دلاء ، وإن وقعت في البئر شاة فانزح منها سبع أدل ، والمعروف بين الأصحاب في الطير سبع دلاء ، ويفهم من الاستبصار أن الشيخ فيه اكتفى بالثلاثة.

وقال في الحبل المتين : ما تضمنه من مساواة الكلب والفأرة والسنور والدجاجة خلاف المشهور ، وربما حمل على خروجه حيا ، وفيه ما فيه فإن التفصيل في الجواب يأباه كما لا يخفى ، والأحاديث في مقدار النزح لهذه الأشياء مختلفة جدا وسيما السنور فالشيخان ، وابن البراج ، وابن إدريس على الأربعين وعلي بن بابويه من ثلاثين إلى أربعين. والصدوق على السبع ولكل من هذه المذاهب رواية ولا يخفى أن سوق الحديث يقتضي اعتبار التلازم في هذه الأشياء بين تغير الطعم والريح وإلا فالظاهر « فخذ منه حتى يذهب الطعم ».

الحديث الرابع : مرفوع ، ويدل على عدم نجاسة ميتة الحيوان الذي ليست له نفس سائلة وعليه الأصحاب.

الحديث الخامس : ضعيف.

وقال في الصحاح وسام أبرص من كبار الوزغ وهو معرفة إلا أنه تعريف جنس ، وهما اسمان جعلا واحدا ، إن شئت أعربت الأول وأضفته إلى الثاني ، وإن شئت بنيت الأول على الفتح وأعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف.

قوله : عليه‌السلام « حرك الماء بالدلو » يحتمل أن يكون المراد معناه الحقيقي

٢٦

الماء بالدلو.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عما يقع في الآبار فقال أما الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء إلا أن يتغير الماء فينزح حتى يطيب فإن سقط فيها كلب فقدرت أن تنزح ماءها فافعل وكل شيء وقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس.

٧ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن

______________________________________________________

لانتشار سمه في الماء أو يكون كناية عن النزح ، وحمله الشيخ في التهذيب على عدم التفسخ وقال مع التفسخ فيه سبع دلاء.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

والمشهور في الفأرة سبع مع التفسخ والانتفاخ وثلاث بدونهما ، وقال المرتضى في المصباح : في الفأرة سبع وقد روي ثلاث ، وقال الصدوق في الفقيه : فإن وقع فيها فأرة فدلو واحد ، وإن تفسخت فسبع دلاء ، ورجح صاحب المدارك الثلاث ، وفيه قوة.

قوله عليه‌السلام : « وأشباه ذلك » الظاهر أن الحية داخلة فيه على القول بعدم كونها ذات نفس سائلة ، وقد اختلف فيه وكذا الوزغة لكونها غير ذات نفس سائلة وذهب الصدوق ، والشيخان وجمع من الأصحاب إلى وجوب ثلاث للوزغة ، وأوجب سلار ، وأبو الصلاح دلوا واحدا ، وابن إدريس لم يوجب شيئا ، وكذا ذهب الشيخان ، والفاضلان ، وكثير من الأصحاب إلى وجوب ثلاث للحية ، وكذا ذهب الشيخ ، وأبو الصلاح ، وابن البراج إلى وجوبها في العقرب ، وذهب ابن إدريس وجماعة إلى عدم وجوب شيء في العقرب.

الحديث السابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « شيء صغير » استدل به للثلاث في الحية ، والمشهور نزح

٢٧

الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا سقط في البئر شيء صغير فمات فيها فانزح منها دلاء وإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء فإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت ووقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضأ من تلك البئر قال ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين دلوا ثم يتوضأ منها ولا بأس به قال وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت

______________________________________________________

سبع لاغتسال الجنب في البئر ، وقال ابن إدريس لارتماسه ، ورجح بعض الأصحاب لوقوعه ومباشرته لمائها وإن لم يغتسل ، كما هو ظاهر الأخبار ، بل الظاهر من الأخبار أنها لنجاسته بالمني ، ولم يدل دليل على وجوب نزح الجميع للمني وإن اشتهر بين الأصحاب ، ولعلهم حكموا به لأنه لا نص فيه وهذا النص كاف فيه ، ثم إن أكثر القائلين بنجاسة البئر بالملاقاة أوجبوا نزح الجميع بوقوع الخمر مطلقا سواء كان قليلا أم كثيرا ، ونقل عن الصدوق رحمه‌الله أنه حكم نزح عشرين دلوا بوقوع قطرة منه ، والشيخ وجماعة ألحقوا المسكرات مطلقا بالخمر ، ولا دليل عليه سوى ما روي « أن كل مسكر خمر » (١) ولا خلاف في وجوب نزح الجميع لموت البعير والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « فينزح » ظاهره جميع الماء وإن احتمل أن يكون المراد مطلق النزح لكن رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وزاد فيه فينزح الماء كله.

الحديث الثامن : صحيح.

وقال في النهاية ، الأوداج هي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح واحدها ودج بالتحريك.

قوله عليه‌السلام : « ما بين الثلاثين » يحتمل أن يكون التخيير بين تسع ، أو عشرة ،

__________________

(١) الوسائل : الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الأشربة المحرّمة ـ الحديث ـ ٥ ـ.

٢٨

في بئر هل يصلح أن يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة ثم يتوضأ منها وسألته عن رجل يستقي من بئر فيرعف فيها هل يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت بئر يخرج في مائها قطع جلود قال ليس بشيء إن الوزغ ربما طرح جلده وقال يكفيك دلو من ماء.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء قال لا بأس.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد

______________________________________________________

أو إحدى عشر ، واختلف الأصحاب في حكم الدم فالمفيد (ره) ذهب إلى أن للقليل خمس دلاء ، وللكثير عشرة دلاء ، والشيخ إلى أن للقليل عشرة وللكثير خمسين ، والصدوق ثلاثين إلى أربعين في الكثير ، ودلاء يسيرة في القليل وإليه مال في المعتبر ، وقيل في الدم ما بين الدلو الواحدة إلى عشرين ، ولعل الأظهر حمل ما زاد على أقل ما ورد في الأخبار على الاستحباب إن لم نحمل الجميع عليه.

الحديث التاسع : مرسل.

ولعل فيه دلالة على وجوب الدلو الواحد في الوزغ إذ الظاهر بناء النزح على أدنى المحتملات.

الحديث العاشر : صحيح.

وقال في المختلف يمكن حمله على عدم ملاقاة الحبل الماء ، أو يقال بطهارة ما لا تحله الحياة من نجس العين ، كما ذهب إليه السيد المرتضى (ره).

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

واختلف الأصحاب في العذرة الذائبة أي المستهلكة في الماء أو المتقطعة الأجزاء

٢٩

عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العذرة تقع في البئر قال ينزح منها عشرة دلاء فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلوا.

١٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام بئر يستقى منها ويتوضأ به ويغسل منه الثياب ويعجن به ثم يعلم أنه كان فيها ميت قال فقال لا بأس ولا يغسل منه الثوب ولا تعاد منه الصلاة.

(باب)

(البئر تكون إلى جنب البالوعة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن الحسن بن رباط ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألت عن البالوعة تكون فوق البئر قال إذا كانت فوق البئر

______________________________________________________

فذهب الأكثر إلى خمسين وجماعة إلى أربعين أو خمسين ولا مستند للأول ، وألحق بعض الأصحاب بالذائبة الرطبة ، ولا خلاف في نزح العشرة لليابسة.

الحديث الثاني عشر : ضعيف ، على المشهور ،

ويحتمل أن يكون المراد بالعلم الظن ولا عبرة به ، أو يكون المراد أنه يعلم أنه كان فيها ميت ولا يعلم أنه وقع قبل الاستعمال أو بعده لكن ظاهره عدم انفعال البئر.

باب البئر تكون إلى جنب البالوعة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « من كل ناحية » قيل المراد أنه لا يكفي البعد المقدر من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البعد بالنسبة إليها مختلفا ، وذلك مع استدارة البئر ، فربما بلغ المسافة السبع إذا قيس إلى جانب ، ولا يبلغ بالقياس إلى الأخر ، فالمعتبر البعد بالقياس إلى جميع الجوانب كما ذكره بعض الأصحاب انتهى ، وفيه

٣٠

فسبعة أذرع وإذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع من كل ناحية وذلك كثير.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير قالوا قلنا له بئر يتوضأ منها يجري البول قريبا منها أينجسها قال فقال إن كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك شيء وإن كان أقل من ذلك ينجسها وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها وما

______________________________________________________

بعد ، والظاهر أن المراد أن وجوب هذا البعد لا يختص بجهة خاصة بل لا بد في أي جهة كانت من الشمال والجنوب وغيرهما.

قوله عليه‌السلام : « وذلك كثير » ظاهره أنه إشارة إلى السبعة والخمسة بتأويل المقدار ويحتمل أن يكون إشارة إلى الفوقية والتحتية لكنه بعيد.

ثم اعلم أن المشهور أن القدر الذي يستحب أن يكون بين البئر والبالوعة إنما هو الخمس والسبع لكن أكثرهم قالوا بالخمس مع صلابة الأرض أو فوقية البئر وإلا فالسبع وبعضهم عكس ، وقال بالسبع مع رخاوة الأرض وتحتية البئر وإلا فالخمس وتظهر الفائدة في التساوي ، والخبر مجمل بالنسبة إليهما لتعارض المفهومين ، وقال ابن الجنيد : إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة ، فلتكن بينهما اثنتا عشرة ذراعا وإن كانت الأرض صلبه ، أو كانت البئر فوق البالوعة ، فليكن بينهما سبع ، واحتج العلامة في المختلف له برواية محمد بن سليمان الديلمي وهي لا تدل على تمام مدعاه والله يعلم.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « في أعلى الوادي » ظاهره الفوقية بحسب القرار ويحتمل الجهة أيضا والمراد أن البئر أعلى من الوادي التي تجري فيها البول قوله عليه‌السلام « أسفل الوادي » أي أسفل من الوادي ويمر الماء أي البول عليها أي مشرفا عليها بعكس السابق ، والتعبير عن وادي البول بالماء يدل على أنه قد وصل الوادي إلى الماء.

٣١

كان أقل من ذلك فلا يتوضأ منه.

قال زرارة فقلت له فإن كان مجرى البول بلزقها وكان لا يثبت على الأرض فقال ما لم يكن له قرار فليس به بأس وإن استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « وإن استقر منه قليل » ظاهره أنه إن استقر البول في الأرض وإن لم يصل البالوعة إلى الماء يلزم التباعد بالقدرين المذكورين ، وحمل الأصحاب الأول على ما إذا وصل إليه والقرار والقعر في الثاني على المجرى والوصول إليه ، وقوله « إنما ذلك إذا استنقع كله » أي إذا كان له منافذ ومجاري إلى البئر ، فإنه حينئذ يستنقع كله لكنه بعيد كما لا يخفى ، والأظهر أن الأول حكم ذي المجرى والثاني تفصيل في غيره بأنه إن كان ما يستقر منه قليلا ليس به بأس ، وإلا فلا بد من التباعد فتأمل.

وقال في منتقى الجمان : مؤدى قوله عليه‌السلام « لا قعر له » كما في الكافي و « لا يغوله » كما في الاستبصار واحد لأن وجود القعر وهو العمق مظنة النفوذ إلى البئر ، وهو المراد بقوله يغوله ، قال الجوهري غاله الشيء إذا أخذه من حيث لم يدر ، وينبغي أن يعلم أن مرجع الضمير على التقديرين مختلف ، فعلى رواية لا يغوله هو موضع البول ، وعلى رواية لا قعر له ، البئر ، ويقرب كون أحدهما تصحيفا للآخر لما بينهما في الخط من التناسب.

وقوله « لا يثقب » يحتمل أن يكون بالنون وبالثاء المثلثة ، ففي القاموس النقب الثقب ، وأما العبارة التي سقطت من رواية الشيخ فهي باعتبار صراحتها في حصول التنجيس ، يترتب على وجودها وعدمها في الجملة اختلاف معنوي ، ولكن ذكر الفاضل في المنتهى أن القائلين بانفعال البئر بالملاقاة متفقون على عدم حصول التنجيس بمجرد التقارب بين البئر والبالوعة وإن كان كثيرا فلا بد من تأويل هذا الخبر عندهم أيضا.

وقد قرر في المنتهى بطريق السؤال دلالته على التنجيس من خمسة وجوه.

٣٢

قعر له حتى يبلغ البئر وليس على البئر منه بأس فيتوضأ منه إنما ذلك إذا استنقع كله

______________________________________________________

أحدهما : تعليق عدم التنجيس بعدد فينتفي بانتفائه.

وثانيها : النهي عن الوضوء مع كون البعد أقل من تسع أذرع وما ذاك إلا التنجيس.

وثالثها : تعليق نفي البأس على انتفاء القرار ، فإنه يدل بالمفهوم على ثبوت البأس مع الاستقرار.

ورابعها : اشتراط نفي البأس ثانيا بقلة المستقر فمفهومه ثبوت البأس مع كثرته.

وخامسها : النص على ثبوت التنجيس مع الاستنقاع بقوله « إنما ذلك إذا استنقع ».

ثم أجاب عن الأول بالمنع ، وعن الثاني بمنع كون النهي للتحريم ، وعن الثالث والرابع بضعف دلالة المفهوم ، ومع تسليمه يمنع استلزام البأس للتحريم ، وعن الخامس بأن الإشارة إلى البأس لا إلى التنجيس ، وذكر أيضا أن رواة الحديث لم يسندوه إلى إمام ، ويجوز أن يكون قولهم قلنا إشارة إلى بعض العلماء ، قال : وهذا الاحتمال وإن كان مرجوحا إلا أنه غير ممتنع.

وأما جوابه عن الوجوه الخمسة ففيه القوي والضعيف كما لا يخفى ، والحق أن للخبر دلالة على حصول التنجيس في بعض الصور المفروضة فيه ، لا سيما مع العبارة التي وقع الاختلاف في إثباتها وإسقاطها ، لكن وجود المعارض من النصوص عند النافين لانفعال البئر بالملاقاة ، ومخالفة الإجماع الذي أشار إليه في المنتهى عند الباقين يوجبان صرف الخبر عن ظاهره وتأويله بوجه ينتفي معه المعارضة والمخالفة.

والأقرب في ذلك أن يقال إن سوق الحديث يؤذن بقصر الحكم في محل

٣٣

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السراج عبد الله بن عثمان ، عن قدامة بن أبي يزيد الحمار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته كم أدنى ما يكون بين البئر بئر الماء والبالوعة فقال إن كان سهلا فسبعة أذرع وإن كان جبلا فخمسة أذرع ثم قال الماء يجري إلى القبلة إلى يمين ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ويجري عن يسار القبلة إلى يمين

______________________________________________________

يتكثر ورود النجاسة عليه ويظن فيه النفوذ ، وما هذا شأنه لا يبعد إفضاؤه مع القرب إلى تغير الماء خصوصا مع طول الزمان فلعل الحكم بالتنجيس حينئذ ناظر إلى شهادة القرائن بأن تكرر جريان البول في مثله يفضي إلى حصول التغير أو يقال إن كثرة ورود النجاسة على المحل مع القرب يثمر ظن الوصول إلى الماء ، بل قد يحصل معه العلم بقرينة الحال وهو موجب للاستقذار ، ولا ريب في مرجوحية الاستعمال معه فيكون الحكم بالتنجيس والنهي عن الاستعمال محمولين علي غير الحقيقة لضرورة الجمع.

الحديث الثالث : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « وإن كان جبلا ». كأنه ينبغي للأصحاب أن يعبروا عن هذا الشق بالجبل كما هو المطابق للخبر لا الصلبة للفرق بينهما فتفطن.

قوله عليه‌السلام « الماء يجري إلى القبلة » ظاهره أنه يجري الماء من مهب الصبا إلى القبلة مائلا عنها إلى يمينها يعني الدبور وعن يمين القبلة يعني الدبور إلى اليسار يعني الجنوب ومن الجنوب إلى الدبور ولم يظهر حينئذ جريها من الشمال إلى الجنوب مع أنه قد ورد أن مجرى العيون من مهب الشمال ، والذي يخطر بالبال هو أن الأظهر أن يقال : إن المراد من يمين القبلة يمينها إذا فرض شخصا مستقبلا إليها فيكون المراد من الأول جريه من الشمال إلى الجنوب ، فقد ظهر فوقية الشمال بالنسبة إلى الجنوب.

ويحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى قبلة المدينة فإنها منحرفة عن يسار

٣٤

القبلة ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة.

٤ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن عباد بن سليمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمد بن القاسم ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة أذرع أو أقل أو أكثر يتوضأ منها قال ليس يكره من قرب ولا بعد يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء.

(باب)

(الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا بأس بأن يتوضأ مما شرب منه ما يؤكل لحمه.

______________________________________________________

نقطة الجنوب قريبا من ثلاثين درجة فإذا جرى من نقطة الشمال إلى الجنوب يكون جاريا إلى القبلة مائلا إلى يمينها إذا أخذ اليمين واليسار بالنسبة إلى مستقبل القبلة فتفطن.

الحديث الرابع : حسن.

قوله عليه‌السلام « من قرب » قال السيد الداماد أي من قرب الكنيف وبعده ومن فسر بقرب قرار الماء وبعده لم يأت بما ينبغي.

باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير

الحديث الأول : صحيح.

والمشهور بين الأصحاب كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع خلو موضع الملاقاة عن النجاسة ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى المنع من سؤر آكل الجيف. وفي النهاية من سؤر الجلال وظاهره في التهذيب والاستبصار المنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه مطلقا إلا ما لا يمكن التحرز منه كالهرة والفأرة ، والحية ، وهذا الخبر بمفهومه يدل على حصول البأس فيه ، وهو لا يدل على أكثر من الكراهة كما هو ظاهر خبر الوشاء.

٣٥

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال فضل الحمامة والدجاج لا بأس به والطير.

٣ ـ أبو داود ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته هل يشرب سؤر شيء من الدواب ويتوضأ منه قال فقال أما الإبل والبقر والغنم فلا بأس.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن

______________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور وقال في الصحاح : الحمام عند العرب ذوات الأطواق من نحو الفواخت ، والقماري ، وساق حر ، والقطا ، والورشين وأشباه ذلك يقع على المذكر والمؤنث لأن الهاء إنما دخلته على أنه واحد من جنس لا للتأنيث ، وعند العامة أنها الدواجن فقط الواحدة حمامة انتهى. قوله عليه‌السلام « والطير » تعميم بعد التخصيص. ويدل علي جواز استعمال سؤر الطيور مطلقا سواء كانت مأكولة اللحم أم لا.

الحديث الثالث : موثق ، وفيه شوب إرسال ، قال الوالد العلامة رحمه‌الله الظاهر أن أبا داود هذا هو سليمان المسترق ، وكان له كتاب يروي الكليني عن كتابه ، ويروي عنه بواسطة الصفار وغيره ، ويروي بواسطتين أيضا عنه ولما كان الكتاب معلوما عنه بقول أبو داود أي روى فالخبر ليس بمرسل انتهى ، وكونه المسترق عندي غير معلوم ولم يظهر لي من هو إلى الان ففيه جهالة.

قوله عليه‌السلام « فلا بأس » أي حتى الكراهة بخلاف غيرها فإنها مكروهة ، واعلم أن المشهور كراهة سؤر البغال والحمير والدواب ويمكن الاستدلال لهم بهذا الخبر.

الحديث الرابع : حسن.

قوله عليه‌السلام « سبع » أي ليس فيه إلا السبعية وهي لا تصير سببا للنجاسة ما لم

٣٦

زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن في كتاب علي عليه‌السلام أن الهر سبع فلا بأس بسؤره وإني لأستحيي من الله أن أدع طعاما لأن هرا أكل منه.

٥ ـ أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سئل عما تشرب منه الحمامة فقال كل ما أكل لحمه فتوضأ من سؤره واشرب وعما شرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال كل شيء من الطير توضأ مما يشرب منه إلا أن ترى في منقاره دما فإن رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه ولا تشرب.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال :

______________________________________________________

ينضم إليها خصوصية أخرى كما في الكلب والخنزير وفي بعض النسخ ولا بأس بالواو فالمعنى أنه مع كونه سبعا طاهر.

الحديث الخامس : موثق.

قوله عليه‌السلام : « كل ما أكل لحمه » قال الشيخ في التهذيب : « كل ما يؤكل لحمه يتوضأ بسؤره ويشرب يدل على أن ما لا يؤكل لحمه لا يجوز التوضؤ به. والشرب منه لأنه إذا شرط في استباحة سورة أن يؤكل لحمه دل على أن ما عداه بخلافه ويجري هذا مجرى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في سائمة الغنم زكاة في أنه يدل علي أن المعلوفة ليس فيها الزكاة » وأورد عليه بعض المحققين أنه بعد تسليم دلالة قوله عليه‌السلام « كل ما يؤكل لحمه يتوضأ بسؤره ويشرب » (١) على أن ما عداه بخلافه فإنما يدل على أن غير المأكول لا يثبت له الحكم كليا كما يثبت للمأكول ونحن نقول بموجبه فإن سؤر بعض غير المأكول نجس وهذا حسن على القول بعدم عموم المفهوم.

الحديث السادس : موثق.

قوله عليه‌السلام « ألقه » الهاء للسكت. وحمل علي الاستحباب والمشهور كراهة

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ص.

٣٧

سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن جرة وجد فيها خنفساء قد ماتت قال ألقها وتوضأ منه وإن كان عقربا فأرق الماء وتوضأ من ماء غيره وعن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر ولا يدري أيهما هو ليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما جميعا ويتيمم.

٧ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أيوب بن نوح ، عن الوشاء عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه.

(باب)

(الوضوء من سؤر الحائض والجنب واليهودي والنصراني والناصب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن عنبسة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام

______________________________________________________

استعمال ما مات فيه الوزغ والعقرب لما فيهما من السم ، وحكم ابن البراج بنجاسة ما مات فيه الوزغ ، والشيخ في النهاية بنجاسة ما مات فيه العقرب والأشهر أقوى. قوله عليه‌السلام « يهريقهما » عليه عمل الأصحاب لكن اختلفوا في وجوب الإهراق ومنهم من جعله كناية عن عدم الاستعمال والأحوط الإهراق إلا مع ظن الاحتياج إليه.

الحديث السابع : مرسل.

باب الوضوء من سؤر الحائض والجنب واليهودي والنصراني والناصب

الحديث الأول : ضعيف.

والمشهور كراهة سؤر الحائض إذا كانت متهمة وبعض الأصحاب كالشيخ في المبسوط ، وابن الجنيد أطلقوا ، والشهيد في البيان الحق بها كل متهم ، وقال في الحبل المتين : وقد دل هذا الحديث على عدم كراهة الشرب من سؤر الحائض ،

٣٨

قال اشرب من سؤر الحائض ولا توضأ منه.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد فقال نعم يفرغان على أيديهما قبل أن يضعا أيديهما في الإناء قال وسألته عن سؤر الحائض فقال لا توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ثم تغسل يديها قبل أن تدخلهما في الإناء وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغتسل هو وعائشة في إناء واحد ويغتسلان جميعا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحائض يشرب من سؤرها قال نعم ولا يتوضأ منه.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيتوضأ الرجل من فضل المرأة قال :

______________________________________________________

يظهر منه أن الاهتمام ببعد ماء الوضوء عن شائبة النجاسة أشد من الاهتمام ببعد ماء الشرب عنها ، وهذا الحديث وإن كان شاملا للمأمونة وغيرها ، لكنه محمول علي غير المأمونة كما هو صريح السابقة واللاحقة.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

قوله عليه‌السلام « من سؤر الجنب » قال في مشرق الشمسين : هذا اللفظ مما يستوي فيه المذكر والمؤنث وقوله عليه‌السلام « تغسل يديها » جملة برأسها يتضمن أمر الحائض بغسل يديها قبل إدخالهما الإناء انتهى. ويحتمل أن يكون قيدا آخر لاستعمال سؤر الجنب أو بيانا لكونها مأمونة.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في المختلف الشيخ رحمه‌الله حمل النهي عن الوضوء من سؤر الحائض في هذه الأخبار على المنع على أنها إذا كانت متهمة لم يجز الوضوء بسؤرها تارة

٣٩

إذا كانت تعرف الوضوء ولا يتوضأ من سؤر الحائض.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن سؤر اليهودي والنصراني فقال : لا.

٦ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أيوب بن نوح ، عن الوشاء عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كره سؤر ولد الزنا وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل ما خالف الإسلام وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب.

______________________________________________________

وعلى إرادة الاستحباب أخرى ، واحتج على الثاني بما رواه أبو هلال « قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الطامث أشرب من فضل شربها ولا أحب أن تتوضأ منه. الحديث » (١) انتهى. ولعل المراد بالوضوء غسل الثياب والجسد من النجاسات.

الحديث الخامس : حسن.

ويدل ظاهرا على نجاسة سؤر اليهود والنصارى واتفق الأصحاب على نجاسة ما عدا اليهود والنصارى من أصناف الكفار سواء كان كفرهم أصليا أو ارتدادا ، وأما اليهود والنصارى فذهب الأكثر إلى نجاستهم ، بل ادعى عليه المرتضى ، وابن إدريس الإجماع ، ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل القول بعدم نجاسة أساراهم ، وحكي في المعتبر عن المفيد في المسائل الغرية القول بالكراهة ، وربما ظهر من كلام الشيخ في موضع من النهاية. ويحكي عن المرتضى رحمه‌الله القول بنجاسة سؤر ولد ـ الزنا لأنه كافر ، ويعزى القول بكفره إلى ابن إدريس وإلى الصدوق أيضا ، والمشهور نجاسة الخوارج والنواصب والغلاة.

الحديث السادس : مرسل ، والمراد بالكراهة هنا الحرمة.

__________________

(١) الوسائل : الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الأسئار ـ الحديث ـ ٦ ـ.

٤٠