مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٣

كان أقرب إليك فقال السواد فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قل اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل مني اليسير من طاعتك فقاله ثم أغمي عليه فقال يا ملك الموت خفف عنه حتى أسأله فأفاق الرجل فقال ما رأيت قال رأيت بياضا كثيرا وسوادا كثيرا قال فأيهما كان أقرب إليك فقال البياض فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غفر الله لصاحبكم قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا حضرتم ميتا فقولوا له هذا الكلام ليقوله.

(باب)

(إذا عسر على الميت الموت واشتد عليه النزع)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، عن ذريح قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول قال علي بن الحسين عليه‌السلام إن أبا سعيد الخدري كان من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان مستقيما فنزع ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حمل إلى مصلاه فمات فيه.

______________________________________________________

قال : رأيت أبيضين وأسودين فيمكن أن يكون الأبيضان الملكان ، والأسودان شيطانان يريدان إغواءه ، أو أتاه الملائكة بصور حسنة وقبيحة لأنه إذا صادفوه من السعداء توجه إليه ملائكة الرحمة وإن كان من الأشقياء توجه إليه ملائكة الغضب.

باب إذا عسر على الميت الموت واشتد عليه النزع

الحديث الأول : حسن.

والظاهر أن التغسيل ليس غسل الميت ، بل المراد إما الغسل من النجاسات ، أو غسل استحب لذلك ولم يذكره الأصحاب.

٢٨١

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا عسر على الميت موته ونزعه قرب إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال إذا اشتدت عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن ليث المرادي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال إن أبا سعيد الخدري قد رزقه الله هذا الرأي وإنه قد اشتد نزعه فقال احملوني إلى مصلاي فحملوه فلم يلبث أن هلك.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن ، عن سليمان الجعفري قال رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك « وَالصَّافَّاتِ صَفًّا » حتى تستتمها فقرأ فلما بلغ « أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا » قضى الفتى فلما سجي

______________________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

ويدل على أن التقريب من المصلي أيضا كاف في ذلك. ويمكن حمل هذا على ما إذا خيف تلويث المصلي.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فيه أو عليه » أي المكان الذي يصلي فيه أو الثوب الذي يصلي عليه ، والحمل على ترديد الراوي بعيد.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وينبغي حمل الخبر الأول على هذا ليصح استشهاده عليه‌السلام بقوله « لأنه من الصحابة » وإلا فالاستشهاد بفعل أهله بعيد.

الحديث الخامس : صحيح.

وفي الصحاح : سجيت الميت تسجية إذا مددت عليه ثوبا.

قوله عليه‌السلام : « إذا نزل به » بالبناء للمفعول أيضا أي إذا حضره الموت ، وفي

٢٨٢

وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له كنا نعهد الميت إذا نزل به يقرأ عنده « يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ » وصرت تأمرنا بالصافات فقال يا بني لم يقرأ عند مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته.

(باب)

(توجيه الميت إلى القبلة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم الشعيري وغير واحد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في توجيه الميت تستقبل بوجهه القبلة وتجعل قدميه مما يلي القبلة.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الميت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة.

______________________________________________________

بعض النسخ إذا نزل به الموت فهو على البناء للفاعل. ثم اعلم أن تخصيص الصافات لتعجيل الفرج لا ينافي استحباب قراءة يس عند الميت ، وإن كان أكثر الأخبار الواردة في ذلك عامية ، ويؤيده العمومات الواردة في بركة القرآن مطلقا وعند تلك الحالة.

باب توجيه الميت في القبلة

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وتجعل قدميه » الظاهر أن هذا بيان الاستقبال بالوجه ، ويحتمل أن يكون الاستقبال برفع رأسه حتى يستقبل وجهه القبلة.

الحديث الثاني : موثق.

وظاهر هذا الخبر وما قبله وما بعده التوجيه بعد الموت ، وحمله الأكثر على حال الاحتضار ويمكن تعممه بحيث يشمل الحالتين ، والله يعلم.

٢٨٣

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبلا بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة.

(باب)

(أن المؤمن لا يكره على قبض روحه)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن أبي محمد الأنصاري قال وكان خيرا قال حدثني أبو اليقظان عمار الأسدي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو أن مؤمنا أقسم على ربه أن لا يميته ما أماته أبدا ولكن إذا كان ذلك أو إذا حضر أجله بعث الله عز وجل إليه ريحين ريحا يقال لها :

______________________________________________________

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فسبحوه » قال الشيخ البهائي (ره) : كناية عن توجيهه إليها ، يقال : قعدت تجاه زيد أي تلقاءه والظاهر أن المراد بموضع المغتسل الحفرة التي تجتمع فيها ماء الغسل ، والمستقبل بالبناء للمفعول بمعنى الاستقبال ، وقد دل الحديث على وجوب التوجيه إلى القبلة حال الغسل أيضا وكثير من الأصحاب على استحباب ذلك.

باب أن المؤمن لا يكره على قبض روحه

الحديث الأول : مجهول.

قوله « أو إذا حضر » الترديد من الراوي وليس في بعض النسخ كلمة ـ أو ـ فهو بيان لما تقدم. والريحان تحتملان الحقيقة ، ويمكن أن يكونا مجازين عما يعرض له من ألطافه تعالى كتمثل أهله وما له وأولاده له بحيث يعلم أنها

٢٨٤

المنسية وريحا يقال لها المسخية فأما المنسية فإنها تنسيه أهله وماله وأما المسخية فإنها تسخي نفسه عن الدنيا حتى يختار ما عند الله.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن سدير الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك يا ابن رسول الله هل يكره المؤمن على قبض روحه قال لا والله إنه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك الموت يا ولي الله لا تجزع فو الذي بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنا أبر بك وأشفق عليك من والد رحيم لو حضرك افتح عينك فانظر قال ويمثل له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم عليهم‌السلام فيقال له هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم‌السلام رفقاؤك قال فيفتح عينه فينظر فينادي روحه مناد من قبل رب العزة فيقول : « يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ » إلى محمد وأهل بيته « ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً » بالولاية.

______________________________________________________

لا تنفعه فهي المنسية ، ورؤية النبي والأئمة صلوات الله عليهم ومكانه من الجنة فهي المسخية ، وفي الصحاح : سخت نفسي عن الشيء إذا تركته.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس : السل انتزاعك الشيء وإخراجه في رفق كالاستلال ، انتهى. والتمثل بالأجساد المثالية لمن مضي منهم صلوات الله عليهم والإمام الحي بجسده المقدس بحيث لا يراه غير الميت كما نقل مثل ذلك في كثير من المعجزات ، والاستشكال بأنه يتفق في وقت واحد موت جماعة كثيرة فلا وجه له ، إذ يمكن أن لا يتفق ذلك في زمان واحد ، وعلى تقدير التسليم زمان الاحتضار ممتد غالبا فيمكن أن يحضروا عندهم جميعا على التعاقب على أنه يمكن أن يروهم في مكانهم أو يحضروا بأجساد مثالية كثيرة في حياتهم أيضا ، وما قيل من أن المراد تمثلهم في الحس المشترك فيظنون أنهم يرونهم كالمبرسم فلا يخفى ما فيه ، والظاهر أن

٢٨٥

« مَرْضِيَّةً » بالثواب « فَادْخُلِي فِي عِبادِي » يعني محمدا وأهل بيته « وَادْخُلِي جَنَّتِي » فما شيء أحب إليه من استلال روحه واللحوق بالمنادي.

(باب)

(ما يعاين المؤمن والكافر)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الأمر الذي أنتم عليه وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه ثم أهوى بيده إلى الوريد ثم اتكأ وكان معي المعلى فغمزني أن أسأله فقلت يا ابن رسول الله فإذا بلغت نفسه هذه أي شيء يرى فقلت له بضع عشرة مرة أي شيء فقال في كلها يرى ولا يزيد عليها ثم جلس في آخرها فقال يا عقبة فقلت : لبيك وسعديك فقال أبيت إلا أن تعلم فقلت نعم يا

______________________________________________________

الإيمان الإجمالي بأمثال ذلك أحوط وأولى ، والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « واللحوق بالمنادي » على بناء الفاعل ، ويحتمل بناء المفعول أي المنادي له ، من محمد وأهل بيته عليهم‌السلام والجنة.

باب ما يعاين المؤمن والكافر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام « ديني مع دينك » لعل المراد أن ديني إنما يستقيم إذا كان تابعا لدينك وموافقا لما تعتقده فإذا ذهب ديني بسبب عدم علمي بما تعتقده كان ذلك أي الخسران والهلاك والعذاب الأبدي ، فذلك إشارة إلى ما هو المعلوم مما يترتب على من فسدت عقيدته ، ثم قال : لا يتيسر لي السؤال عنك كل ساعة ، فالفرصة في تلك الساعة مغتنمة. وفي محاسن البرقي هكذا « إنما ديني مع دمي فإذا ذهب دمي كان ذلك » فالمراد بالدم الحياة مجازا. أي لا أترك طلب الدين ما دمت حيا ،

٢٨٦

ابن رسول الله إنما ديني مع دينك فإذا ذهب ديني كان ذلك كيف لي بك يا ابن رسول الله كل ساعة وبكيت فرق لي فقال يراهما والله فقلت بأبي وأمي من هما قال ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام يا عقبة لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى تراهما قلت فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع إلى الدنيا فقال لا يمضي أمامه إذا نظر إليهما مضى أمامه فقلت له يقولان شيئا قال نعم يدخلان جميعا على المؤمن فيجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند رأسه وعلي عليه‌السلام عند رجليه فيكب عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول يا ولي الله أبشر أنا رسول الله إني خير لك مما تركت من الدنيا ثم ينهض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقوم علي عليه‌السلام حتى يكب عليه فيقول يا ولي الله أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبه أما لأنفعنك ثم قال إن هذا في كتاب الله عز وجل قلت أين جعلني الله فداك هذا من كتاب الله قال في يونس قول الله عزوجل هاهنا « الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ».

______________________________________________________

فإذا ذهب دمي أي مت كان ذلك أي ترك الطلب ، أو المعنى أنه إنما يمكنني تحصيل ما دمت حيا ، فقوله ـ فإذا ذهب دمي ـ استفهام إنكاري أي بعد الموت كيف يمكنني طلب الدين.

قوله تعالى : « لَهُمُ الْبُشْرى » يحتمل أن يكون هذه البشارة من بشرى الدنيا ، وأن يكون من بشرى الآخرة. وبشرى الدنيا المنامات الحسنة وأمثالها ، والأول أظهر ، ولا ينافي ذلك ما ورد من أن بشرى الدنيا المنامات المبشرة ، وما قيل : إنه ما ورد في الكتاب والسنة من البشارات والمثوبات للصالحين والمؤمنين فإن هذا أحد أفراده ، وإثباته لا ينفى ما عداه وكلمات الله مواعيده ، وفسرت في الأخبار بالأئمة الأطهار عليهم‌السلام.

٢٨٧

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن خالد بن عمارة ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا حيل بينه وبين الكلام أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن شاء الله فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن يمينه والآخر عن يساره فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما ما كنت ترجو فهو ذا أمامك وأما ما كنت تخاف منه فقد أمنت منه ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول هذا منزلك من الجنة فإن شئت رددناك إلى الدنيا ولك فيها ذهب وفضة فيقول لا حاجة لي في الدنيا فعند ذلك يبيض لونه ويرشح جبينه وتقلص شفتاه وتنتشر منخراه وتدمع عينه اليسرى فأي هذه العلامات رأيت فاكتف بها فإذا خرجت النفس من الجسد فيعرض عليها كما عرض عليه وهي في الجسد فتختار الآخرة فتغسله فيمن يغسله وتقلبه فيمن يقلبه فإذا أدرج في أكفانه ووضع على سريره خرجت روحه تمشي بين أيدي القوم قدما وتلقاه أرواح المؤمنين يسلمون عليه ويبشرونه بما أعد الله له جل ثناؤه من

______________________________________________________

الحديث الثاني : مجهول وفي الصحاح رشح رشحا أي عرق.

قوله عليه‌السلام : « إلى الجنة » أي جنة الدنيا ويحتمل الآخرة.

قوله عليه‌السلام : « فاكتف بها » أي في الشروع في الأعمال المتعلقة بالاحتضار ، وإلا فكثير منها يتخلف عنه الموت ، أو في العلم بأنه قد حضره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة ، إن مات بعد ذلك.

قوله عليه‌السلام : « فيعرض عليها » أي على النفس الجسد ، أو الرجوع إلى الدنيا وهو أظهر كما عرض عليه أي على الشخص أو الروح ، والتذكير باعتبار الشخص لعدم مباينته عن البدن بعد. وفي القاموس القدم بضمتين أمام إمام. وفي النهاية نظر قدما أمامه لم يعرج ولم ينثن.

قوله عليه‌السلام : « فيغسله » يحتمل أن يكون كناية عن حضورها واطلاعها ، مع أنه يحتمل الحقيقة ورد الروح إلى وركيه لعدم الاحتياج إلى ردهما إلى قدميه

٢٨٨

النعيم فإذا وضع في قبره رد إليه الروح إلى وركيه ثم يسأل عما يعلم فإذا جاء بما يعلم فتح له ذلك الباب الذي أراه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيدخل عليه من نورها وضوئها وبردها وطيب ريحها.

قال قلت جعلت فداك فأين ضغطة القبر فقال هيهات ما على المؤمنين منها شيء والله إن هذه الأرض لتفتخر على هذه فيقول وطئ على ظهري مؤمن ولم يطأ على ظهرك مؤمن وتقول له الأرض والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي على ظهري فأما إذا وليتك فستعلم ما ذا أصنع بك فتفسح له مد بصره.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن يونس بن

______________________________________________________

ويكفي هذا لجلوسه والسؤال عنه وجوابه. وربما يقال : إنه كناية عن أن تعلقها تعلق ضعيف وهو تكلف غير محتاج إليه.

قوله عليه‌السلام : « ثم يسأل عما يعلم » على بناء المعلوم أو المجهول أي ما يجب أن يعلم ، والفتح مد بصره إما في الموضع الذي يكون فيه الروح في البرزخ ، ونسب إلى القبر لانتقاله منه إليه ، أو أنه يراه كذلك كما يرى النائم والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « ما على المؤمنين » لا يخفى أن الجمع بين هذا الخبر وخبر فاطمة بنت أسد لا يخلو من إشكال ، ولا يمكن الجمع بحمل هذا على المؤمن الكامل لأنها كانت من أهل البيت وكانت مرضية كاملة كما يظهر من الأخبار ، إلا أن يقال : أنها كانت في ذلك الزمان فنسخت وارتفعت رحمة على هذه الأمة ، أو يقال : فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك لها لزيادة الاحتياط والاطمئنان ، وخبر سعد بن معاذ أشكل من خبرها.

قوله عليه‌السلام : « وليتك » أي قربت منك من الولي بمعنى القرب أو توليت أمرك.

الحديث الثالث : موثق. وابنا سابور أحدهما زكريا كما سيأتي ، والأخر

٢٨٩

يعقوب ، عن سعيد بن يسار أنه حضر أحد ابني سابور وكان لهما فضل وورع وإخبات فمرض أحدهما وما أحسبه إلا زكريا بن سابور قال فحضرته عند موته فبسط يده ثم قال ابيضت يدي يا علي قال فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده محمد بن مسلم قال فلما قمت من عنده ظننت أن محمدا يخبره بخبر الرجل فأتبعني برسول فرجعت إليه فقال أخبرني عن هذا الرجل الذي حضرته عند الموت أي شيء سمعته يقول قال قلت بسط يده ثم قال ابيضت يدي يا علي فقال أبو عبد الله عليه‌السلام والله رآه والله رآه والله رآه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان قال حدثني من سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول منكم والله يقبل ولكم والله يغفر إنه ليس بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى السرور وقرة العين إلا أن تبلغ نفسه هاهنا وأومأ بيده إلى حلقه ثم قال إنه إذا كان ذلك واحتضر حضره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام وجبرئيل وملك الموت عليهما‌السلام فيدنو منه علي عليه‌السلام فيقول يا رسول الله إن هذا كان يحبنا أهل البيت فأحبه ويقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا جبرئيل إن هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه ويقول جبرئيل لملك الموت إن

______________________________________________________

يحيى كما سيأتي في خبر آخر وسيأتي مدحه في الروضة بسطام أو زياد أو حفص قال النجاشي : بسطام بن سابور أبو الحسين بن سابور الواسطي مولى ثقة ، وإخوته زكريا وزياد وحفص ثقات كلهم رووا عن الصادق ، والكاظم عليهما‌السلام.

قوله فأتبعني الصادق عليه‌السلام بعد قول محمد ، أو بالإعجاز وهو أظهر. وفي القاموس « أخبت » خشع وتواضع.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إن يغتبط » أي يصير مغبوطا محسودا ، أي يصير بحيث لو علم أحد حاله لأمله ورجاه واغتبطه ، وهو كناية عن حسن حاله. قال في القاموس : الغبطة بالكسر حسن الحال والمسرة وقد اغتبط.

٢٩٠

هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه وارفق به فيدنو منه ملك الموت فيقول يا عبد الله أخذت فكاك رقبتك أخذت أمان براءتك تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا قال فيوفقه الله عز وجل فيقول نعم فيقول وما ذلك فيقول ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام فيقول صدقت أما الذي كنت تحذره فقد آمنك الله منه وأما الذي كنت ترجوه فقد أدركته أبشر بالسلف الصالح مرافقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة عليها‌السلام ثم يسل نفسه سلا رفيقا.

ثم ينزل بكفنه من الجنة وحنوطه من الجنة بمسك أذفر فيكفن بذلك الكفن ويحنط بذلك الحنوط ثم يكسى حلة صفراء من حلل الجنة فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب الجنة يدخل عليه من روحها وريحانها ثم يفسح له عن أمامه مسيرة شهر وعن يمينه وعن يساره ثم يقال له نم نومة العروس على فراشها أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ورب غير غضبان ثم يزور آل محمد في جنان رضوى فيأكل معهم من طعامهم ويشرب من شرابهم ويتحدث معهم في

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « أخذت » استفهام و « فكاك الرقبة » إشارة إلى قوله تعالى « فَكُّ رَقَبَةٍ » وفسر في أخبار كثيرة بالولاية إذ بها تفك الرقاب من النار « وأمان براءتك » أي ما يصير سببا للأمان والبراءة من النار. وقوله « في الحياة الدنيا » متعلق بالأفعال الثلاثة على التنازع.

قوله عليه‌السلام : « أبشر بالسلف » أي مرافقة السلف الصالح النبي والأئمة فقوله « مرافقة » بدل أو عطف بيان للسلف الصالح ، ويمكن أن يقرأ مرافقة بالتنوين ليكون تميزا ورسول الله مجرورا لكونه بدلا أو عطف بيان للسلف ، وعدم رؤيتنا للكفن والحنوط كعدم رؤية الملائكة والجن لكونهم أجساما لطيفة يراهم بعض ولا يراهم بعض ، وربما يرتكب فيه التجوز و « رضوى » اسم الموضع الذي فيه جنة الدنيا ، وفي القاموس : رضوى كسكرى جبل بالمدينة وموضع.

٢٩١

مجالسهم حتى يقوم قائمنا أهل البيت فإذا قام قائمنا بعثهم الله فأقبلوا معه يلبون زمرا زمرا فعند ذلك يرتاب المبطلون ويضمحل المحلون وقليل ما يكونون هلكت المحاضير ونجا المقربون من أجل ذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام أنت أخي وميعاد ما بيني وبينك وادي السلام قال وإذا احتضر الكافر حضره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام وجبرئيل عليه‌السلام وملك الموت عليه‌السلام فيدنو منه علي عليه‌السلام فيقول يا رسول الله إن هذا كان يبغضنا أهل البيت فأبغضه ويقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا جبرئيل إن هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه فيقول جبرئيل يا ملك الموت إن هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه واعنف عليه فيدنو منه ملك الموت فيقول يا عبد الله أخذت فكاك رهانك أخذت أمان براءتك تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا فيقول لا فيقول أبشر يا عدو الله بسخط الله عز وجل وعذابه والنار أما الذي كنت تحذره فقد نزل بك ثم

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « يلبون » من التلبية إجابة له عليه‌السلام أو للرب تعالى ، وفي القاموس الزمرة بالضم الفوج والجماعة ، وقال : رجل مزمر منتهك للحرام ، أو لا يرى للشهر الحرام حرمة ، وقال : الحضر بالضم ارتفاع الفرس في عدوه كالإحضار ، والفرس محضر لا محضارا ولغته وقال في الصحاح فرس محضير أي كثير العدو ، ولعل المراد ذم الاستعجال في طلب الفرج بقيام القائم عليه‌السلام والاعتراض على التأخير ، أي هلك المستعجلون ، وربما يقرأ بالصاد من حصر النفس وضيق الصدر كما قال تعالى « حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ » ونجا المقربون بفتح الراء فإنهم أهل التسليم والانقياد لا يعترضون على الله تعالى فيما يقضي عليهم أو بكسر الراء أي الذين يقولون الفرج قريب ولا يستبطئونه.

قوله عليه‌السلام : « وميعاد » ظاهر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يرجع أيضا في الرجعة ، كما تدل عليه أخبار أخر و « وادي السلام » النجف. ويحتمل أن يكون تلاحق الأرواح

٢٩٢

يسل نفسه سلا عنيفا ثم يوكل بروحه ثلاثمائة شيطان كلهم يبزق في وجهه ويتأذى بروحه فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب النار فيدخل عليه من قيحها ولهبها.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن عبد الرحيم قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام حدثني صالح بن ميثم عن عباية الأسدي أنه سمع عليا عليه‌السلام يقول والله لا يبغضني عبد أبدا يموت على بغضي إلا رآني عند موته حيث يكره ولا يحبني عبد أبدا فيموت على حبي إلا رآني عند موته حيث يحب فقال أبو جعفر عليه‌السلام نعم ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باليمين.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن يحيى بن سابور قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في الميت تدمع عينه عند الموت فقال ذلك عند معاينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيرى ما يسره ثم قال أما ترى الرجل يرى ما يسره وما يحب فتدمع عينه لذلك ويضحك.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول إن النفس إذا وقعت في الحلق أتاه ملك فقال له يا هذا ـ أو يا فلان ـ أما ما

______________________________________________________

هناك بعد مفارقة الأبدان فإنه ورد في الأخبار أن هناك مجتمعهم ، والأول أظهر ، وقال في النهاية : القيح سطوة الحر فورانه ويقال بالواو ، وفي القاموس : اللهب اشتعال النار إذا خلص من الدخان.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : حسن.

الحديث السابع : مرسل ، مختلف فيه.

٢٩٣

كنت ترجو فأيس منه وهو الرجوع إلى الدنيا وأما ما كنت تخاف فقد أمنت منه.

٨ ـ أبان بن عثمان ، عن عقبة أنه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الرجل إذا وقعت نفسه في صدره يرى قلت جعلت فداك وما يرى قال يرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول له رسول الله أنا رسول الله أبشر ثم يرى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فيقول أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبه تحب أن أنفعك اليوم قال قلت له أيكون أحد من الناس يرى هذا ثم يرجع إلى الدنيا قال قال لا إذا رأى هذا أبدا مات وأعظم ذلك قال وذلك في القرآن قول الله عز وجل : « الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ».

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن ابن أبي يعفور قال كان خطاب الجهني خليطا لنا وكان شديد النصب لآل محمد عليهم‌السلام وكان يصحب نجدة الحرورية قال فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية فإذا هو مغمى عليه في حد الموت فسمعته يقول ما لي ولك يا علي

______________________________________________________

والمراد بالنفس نفس المؤمن أو مطلقا فالمراد بقوله : « وأما ما تخاف » أي من أمور الدنيا فلا ينافي خوف الكافر من عذاب الآخرة ، فيكون الغرض يأسه من الدنيا بالكلية. (١)

الحديث الثامن : مرسل كالحسن.

قوله عليه‌السلام : « أبدا » أي هذا دائما لازم للموت.

قوله « وأعظم ذلك » يحتمل أن يكون هذا كلامه عليه‌السلام ، والمراد أن الميت يعد ذلك أمرا عظيما ، أو من كلام الراوي والمراد أنه عليه‌السلام أعظم كلامي واستغرب ما قلت له من جواز الرجوع إلى الدنيا بعد رؤية ذلك ، وهو أظهر.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) يونس : ٦٤.

٢٩٤

فأخبرت بذلك أبا عبد الله عليه‌السلام فقال أبو عبد الله عليه‌السلام رآه ورب الكعبة رآه ورب الكعبة.

١٠ ـ سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الحميد بن عواض قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إذا بلغت نفس أحدكم هذه قيل له أما ما كنت تحذر من هم الدنيا وحزنها فقد أمنت منه ويقال له ـ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام أمامك.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول إن آية المؤمن إذا حضره الموت يبياض وجهه أشد من بياض لونه ويرشح جبينه ويسيل من عينيه كهيئة الدموع فيكون ذلك خروج نفسه وإن الكافر تخرج نفسه سلا من شدقه كزبد البعير أو كما تخرج نفس البعير.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت أصلحك الله من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه قال نعم قلت فو الله إنا لنكره الموت فقال ليس ذلك حيث تذهب إنما ذلك عند المعاينة إذا رأى ما يحب فليس شيء أحب إليه من أن يتقدم

______________________________________________________

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إمامك » أي ستلحق بهم ، أو انظر إليهم.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

وقال في الصحاح ، الشدق جانب الفم ، يقال نفخ في شدقيه ، وقال الزبد زبد الماء والبعير والفضة وغيرها وزبد شدق فلان وتزبد بمعنى.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

٢٩٥

والله تعالى يحب لقاءه وهو يحب لقاء الله حينئذ وإذا رأى ما يكره فليس شيء أبغض إليه من لقاء الله والله يبغض لقاءه.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي المستهل ، عن محمد بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك حديث سمعته من بعض شيعتك ومواليك يرويه عن أبيك قال وما هو قلت زعموا أنه كان يقول أغبط ما يكون امرؤ بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه فقال نعم إذا كان ذلك أتاه نبي الله وأتاه علي وأتاه جبرئيل وأتاه ملك الموت عليهم‌السلام فيقول ذلك الملك لعلي عليه‌السلام يا علي إن فلانا كان مواليا لك ولأهل بيتك فيقول نعم كان يتولانا ويتبرأ من عدونا فيقول ذلك نبي الله لجبرئيل فيرفع ذلك جبرئيل إلى الله عزوجل.

١٤ ـ وعنه ، عن صفوان ، عن جارود بن المنذر قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إذا بلغت نفس أحدكم هذه وأومأ بيده إلى حلقه قرت عينه.

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن سليمان بن داود ، عن أبي بصير قال :

______________________________________________________

الحديث الثالث عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام « ذلك الملك » أي ملك الموت.

قوله عليه‌السلام : « فيرفع ذلك » أي هذا الكلام أو روح المؤمن.

الحديث الرابع عشر : صحيح.

الحديث الخامس عشر : موثق.

قوله عزوجل « فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ » (١) أي النفس « وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ » حالكم والخطاب لمن حول المحتضر ، والواو للحال « وَنَحْنُ أَقْرَبُ » أي أعلم « إِلَيْهِ » أي المحتضر « مِنْكُمْ » عبر عن العلم بالقرب الذي هو أقوى سبب

__________________

(١) الواقعة : ٨٢ ـ ٨٧.

٢٩٦

قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قوله عز وجل « فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ » إلى قوله « إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » فقال إنها إذا بلغت الحلقوم ثم أري منزله من الجنة فيقول ردوني إلى الدنيا حتى أخبر أهلي بما أرى فيقال له ليس إلى ذلك سبيل.

١٦ ـ سهل بن زياد ، عن غير واحد من أصحابنا قال قال إذا رأيت الميت قد شخص ببصره وسالت عينه اليسرى ورشح جبينه وتقلصت شفتاه وانتشرت منخراه فأي شيء رأيت من ذلك فحسبك بها.

وفي رواية أخرى وإذا ضحك أيضا فهو من الدلالة قال وإذا رأيته قد

______________________________________________________

الاطلاع « وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ » أي لا تدركون كنه ما يجري عليه « فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ » أي مجزيين يوم القيمة أو مملوكين مقهورين ، من دانه إذا أذله واستعبده وأصل التركيب للذل والانقياد « تَرْجِعُونَها » ترجعون النفس إلى مقرها وهو عامل الظرف والمحضض عليه بلولا الأولى ، والثانية تكرير للتوكيد وهي بما في حيزه دليل جواب الشرط والمعنى إن كنتم غير مملوكين مجزيين كما دل عليه جحدكم أفعال الله وتكذيبكم باياته « إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » في تعطيلكم فلو لا ترجعون الأرواح إلى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

وقال في النهاية : شخوص البصر ارتفاع الأجفان إلى فوق وتحديد النظر وانزعاجه.

قوله عليه‌السلام : « قد خمص » وفي بعض النسخ غمض ، قال في القاموس : خمص الجرح والخمص سكن ورمه ، وخمص البطن مثلثة الميم خلا ، وقال : الغامض المطمئن من الأرض وقد غمض المكان غموضا وككرم ، وعلى التقديرين المراد ظهور الضعف في الوجه وانخسافه ، وفي بعض النسخ حمض بالحاء المهملة والضاد المعجمة ، وحموضة الوجه عبوسه ، ولعله أظهر.

٢٩٧

خمص وجهه وسالت عينه اليمنى فاعلم أنه.

(باب)

(إخراج روح المؤمن والكافر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إدريس القمي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الله عز وجل يأمر ملك الموت فيرد نفس المؤمن ليهون عليه ويخرجها من أحسن وجهها فيقول الناس لقد شدد على فلان الموت وذلك تهوين من الله عز وجل عليه وقال يصرف عنه إذا كان ممن سخط الله عليه أو ممن أبغض الله أمره أن يجذب الجذبة التي بلغتكم بمثل السفود من الصوف المبلول فيقول الناس لقد هون الله على فلان الموت.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : « فاعلم أنه » أي من أهل النار ، أو أنه مات.

باب إخراج روح المؤمن والكافر

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يأمر ملك الموت » قيل المراد أنه يأمر بأن يريه منزله من الجنة ثم يرد عليه روحه ليرضي بالموت لذلك زمان نزعه فيزعم الناس أنه شدد عليه. والكافر يصرف عنه أي هذا الرد. وأقول الأظهر أن يقال : المراد أنه يرد عليه روحه مرة بعد أخرى وينزع عنه ليخفف بذلك سيئاته ولا يعلم الناس أنه سبب للتخفيف والكافر بخلاف ذلك ، وما قيل : ـ من أن قوله « يصرف عنه » جملة دعائية من كلام الراوي أن يصرف عنه السوء ـ فلا يخفى ما فيه ، وقيل : يصرف عنه جملة استينافية مؤكدة لقوله « وذلك تهوين من الله » أي يصرف الله السوء عن المؤمن ، ويحتمل أن يكون المراد أنه يرد الروح إلى جسده بعد قرب النزع مرة بعد أخرى لئلا يشق عليه مفارقة الدنيا دفعة فيهون عليه ، والكافر يصرف عنه ذلك والله يعلم. وقال في الصحاح : السفود بالتشديد الحديدة التي يشوي بها اللحم.

٢٩٨

٢ ـ عنه ، عن يونس ، عن الهيثم بن واقد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل من أصحابه وهو يجود بنفسه فقال يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال أبشر يا محمد فإني بكل مؤمن رفيق واعلم يا محمد أني أقبض روح ابن آدم فيجزع أهله فأقوم في ناحية من دارهم فأقول ما هذا الجزع فو الله ما تعجلناه قبل أجله وما كان لنا في قبضه من ذنب فإن تحتسبوا وتصبروا تؤجروا وإن تجزعوا تأثموا وتوزروا واعلموا أن لنا فيكم عودة ثم عودة فالحذر الحذر إنه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات ولأنا أعلم بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ولو أردت قبض روح بعوضة ما قدرت عليها حتى يأمرني ربي بها فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما يتصفحهم في مواقيت الصلاة فإن كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحى عنه ملك الموت إبليس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال حضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا من الأنصار وكانت

______________________________________________________

الحديث الثاني : مرسل.

قوله « ولا وبر » أي سكان الخيام من الوبر والشعر ، وقال الشيخ البهائي (ره) لعل المراد بتصفح ملك الموت أنه ينظر إلى صفحات وجوههم نظر المترقب لحلول آجالهم ، والمنتظر لأمر الله سبحانه فيهم.

قوله عليه‌السلام : « روح بعوضة » قيل هذا يدل على أن قبض روح الحيوانات أيضا مفوض إليه عليه‌السلام وفيه نظر ، فتأمل.

قوله عليه‌السلام : « لقنه » أي عند الموت.

الحديث الثالث : ضعيف.

٢٩٩

له حالة حسنة عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحضره عند موته فنظر إلى ملك الموت عند رأسه فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال له ملك الموت يا محمد طب نفسا وقر عينا فإني بكل مؤمن رفيق شفيق واعلم يا محمد إني لأحضر ابن آدم عند قبض روحه فإذا قبضته صرخ صارخ من أهله عند ذلك فأتنحى في جانب الدار ومعي روحه فأقول لهم والله ما ظلمناه ولا سبقنا به أجله ولا استعجلنا به قدره وما كان لنا في قبض روحه من ذنب فإن ترضوا بما صنع الله به وتصبروا تؤجروا وتحمدوا وإن تجزعوا وتسخطوا تأثموا وتوزروا وما لكم عندنا من عتبى وإن لنا عندكم أيضا لبقية وعودة فالحذر الحذر فما من أهل بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات عند مواقيت الصلاة حتى لأنا أعلم منهم بأنفسهم ولو أني يا محمد أردت قبض نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتى يكون الله عز وجل هو الآمر بقبضها وإني لملقن المؤمن عند موته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

______________________________________________________

وفي القاموس : عينه تقر بالكسر والفتح قرة ويضم وقرورا بردت وانقطع بكاؤها أو رأت ما كانت متشوقة إليه.

قوله عليه‌السلام : « ومعي روحه » لا يخفى أن كثيرا من هذه الأخبار يدل ظاهرا على تجسم الروح ، وباب التأويل واسع لمن أراد.

قوله عليه‌السلام : « من عتب » وفي بعض النسخ من عتبى ، قال في النهاية : عتبة يعتبه عتبا وعتب عليه يعتب ويعتب معتبا ، الاسم المعتب بالفتح والكسر من الموجدة والغضب واستعتب طلب أن يرضى عنه ، ومنه الحديث « ولا بعد الموت من مستعتب » أي ليس بعد الموت من استرضاء والعتبي الرجوع عن الذنب والإساءة ، انتهى ، ولعل المعنى إذا فعلتم ذلك ومتم عليه فلا ينفعكم الاستعتاب والاسترضاء ، أو ليس لكم علينا من عتاب ، أو ليس لكم أن تطلبوا منا إرجاع ميتكم إلى الدنيا. والثاني إنما هو على النسخة الأولى.

٣٠٠