مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٣

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال سألته عن حية دخلت حبا فيه ماء وخرجت منه قال إن وجد ماء غيره فليهرقه.

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه هل يصلح له الوضوء منه فقال إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه.

قال : وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال : لا.

١٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن سعد بن سعد ، عن صفوان

______________________________________________________

صحيحة أبي حمزة ، ونقل عن ابن حمزة القول بالاستحباب وهو ضعيف ، وقيل : الحائض كالجنب في ذلك لمرفوعة محمد بن يحيى ، وأنكر المصنف في المعتبر الوجوب لقطع الرواية ، ولأنه لا سبيل لها إلى الطهارة بخلاف الجنب ، ثم حكم بالاستحباب وكان وجهه ما ذكره رحمه‌الله من ضعف السند ، وما اشتهر بينهم من التسامح في أدلة السنن قوله عليه‌السلام : « ولا يحبسان » الظاهر أن المراد به مطلق المكث بقرينة المقابلة.

الحديث الخامس عشر : موثق.

قوله عليه‌السلام « فليهرقه » حمل على استحباب للسم.

الحديث السادس عشر : صحيح.

واستدل به الشيخ على أن ما لا يدركه الطرف من الدم لا ينجس القليل ، والمشهور خلافه ، وحملوا هذا الخبر على أنه علم إصابة الدم الإناء وشك في الوصول إلى الماء بقرينة السؤال الثاني.

الحديث السابع عشر : صحيح.

٢٠١

قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها يشتري ويتوضأ أو يتيمم قال لا بل يشتري قد أصابني مثل ذلك فاشتريت وتوضأت وما يشترى بذلك مال كثير.

هذا آخر كتاب الطهارة من كتاب الكافي وهو خمسة وأربعون بابا ويتلوه كتاب الحيض إن شاء الله تعالى.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « وما يشتري بذلك » وفي بعض النسخ يسوؤني ، وفي بعضها « يسرني » وعلى نسخة « يشتري » ما موصولة أي الذي يشتري بهذا المال مال كثير من الثواب الأخروي فلا يبالي بكثرة المال ، وكذا على نسخة ـ يسرني ـ أي ما يصير سببا لسروري في الآخرة بسبب ذلك الشراء ثواب عظيم ، أو المراد سروري إن اشترى ذلك بمال كثير ، والحاصل أن كثرة الثمن أحب إلى ، ويحتمل أن تكون نافية ، والباء للعوض أي ما يسرني أن يفوت عني هذا ويكون لي مال كثير ، وعلى نسخة يسوؤني يتعين أن تكون نافية ، ويحتمل بعيدا أن تكون موصولة بنحو ما مر من التقريب.

٢٠٢

بسم الله الرحمن الرحيم

(كتاب الحيض)

(أبواب الحيض)

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أديم بن الحر قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الله تبارك وتعالى حد للنساء في كل شهر مرة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : « إِنِ ارْتَبْتُمْ » فقال ما جاز الشهر فهو ريبة.

______________________________________________________

كتاب الحيض

باب الحيض

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني : حسن.

وظاهر هذا الخبر مخالف لكلام كافة الأصحاب ولكثير من الأخبار ، ويمكن حمله مع بعد على أن الريبة والاختلاط يحصل بهذا القدر وإن لم يترتب عليه الحكم المذكور في الآية أو المراد أنه مع تجاوز الشهر عن العادة تحصل الريبة المقصودة من الآية غالبا والله أعلم.

٢٠٣

(باب)

(أدنى الحيض وأقصاه وأدنى الطهر)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن أدنى ما يكون من الحيض فقال ثلاثة وأكثره عشرة.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام وأكثر ما يكون عشرة أيام.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن صفوان بن يحيى قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن أدنى ما يكون من الحيض فقال أدناه ثلاثة وأبعده عشرة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد أقل

______________________________________________________

باب أدنى الحيض وأقصاه وأدنى الطهر

الحديث الأول : مجهول ، والحكمان إجماعيان.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

« والقرء » بمعنى الطهر وهذا بيان وتوضيح لما سبقه قوله عليه‌السلام « فما زاد » الظاهر أنه معطوف على الأقل أي فصاعدا ، وقوله « أقل » مبتدأ و « عشرة » خبره والجملة مبنية للجملة السابقة ، وقال الشيخ البهائي رحمه‌الله : الفاء في قوله عليه‌السلام ـ فما زاد فصيحة أي فالقرء ما زاد ، ويمكن جعل ما زاد مبتدأ أو أقل مبتدأ ثانيا وعشرة خبره ، والجملة خبر المبتدأ الأول ، وقال في الحبل المتين : أي إذا كان

٢٠٤

ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أدنى الطهر عشرة أيام وذلك أن المرأة أول ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم فيكون حيضها عشرة أيام فلا تزال كلما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام فإذا رجعت إلى ثلاثة أيام ارتفع حيضها ولا يكون أقل من ثلاثة أيام فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فإن استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام فإن رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض وإن مر بها من يوم رأت الدم عشرة أيام ولم تر الدم فذلك اليوم واليومان الذي رأته لم يكن من الحيض إنما كان من علة إما من قرحة في جوفها وإما من الجوف فعليها أن

______________________________________________________

كذلك فالقرء ما زاد على أقل من عشرة وقوله عليه‌السلام « أقل ما يكون عشرة » إلى آخره لعله إنما ذكره عليه‌السلام للتوضيح ورفع ما عساه يتوهم من أن المراد بالقرء معناه الأخر ولفظة يكون تامة وعشرة بالرفع خبر أقل.

الحديث الخامس : مرسل.

قوله عليه‌السلام « تركت الصلاة » لا خلاف في أن ذات العادة الوقتية تترك العبادة بمجرد رؤية الدم إذا رأت في أيام عادتها.

قوله عليه‌السلام « فإذا استمر بها الدم » اختلف الأصحاب في اشتراط التوالي في الأيام الثلاثة فقال الشيخ رحمه‌الله في الجمل : أقله ثلاثة أيام متواليات وهو اختيار المرتضى وابني بابويه ، وقال في النهاية : إن رأت يوما أو يومين ثم رأت قبل انقضاء العشرة ما يتم. به ثلاثة فهو حيض وإن لم ير حتى يمضي عشرة فليس بحيض ، واحتج عليه برواية يونس ، وهي ضعيفة مرسلة ، ويظهر من روض الجنان أنه على

٢٠٥

تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم تكن حائضا فيجب أن تقضي ما تركت من الصلاة في اليوم واليومين وإن تم لها ثلاثة أيام فهو من الحيض وهو أدنى الحيض ولم يجب عليها القضاء ولا يكون الطهر أقل من عشرة أيام فإذا حاضت المرأة وكان حيضها خمسة أيام ثم انقطع الدم اغتسلت وصلت فإن رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض تدع الصلاة وإن رأت الدم من أول ما رأت الثاني الذي رأته تمام العشرة أيام ودام عليها عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام ثم هي مستحاضة تعمل ما تعمله المستحاضة.

______________________________________________________

القول بعدم اشتراط التوالي لو رأت الأول والخامس والعاشر فالثلاثة حيض لا غير ، ومقتضاه أن أيام النقاء طهر.

وقال في المدارك : هو مشكل لأن الطهر لا يكون أقل من عشرة إجماعا ، وأيضا فقد صرح المصنف في المعتبر ، والعلامة في المنتهى وغيرهما من الأصحاب بأنها لو رأت ثلاثة ثم رأت العاشر كانت الأيام الأربعة وما بينهما من أيام النقاء حيضا والحكم في المسألتين واحد ، واختلف الأصحاب في المعنى المراد من التوالي فظاهر الأكثر الاكتفاء فيه برؤية الدم في كل يوم من الأيام الثلاثة وقتا ما عملا بالعموم وقيل يشترط اتصاله في مجموع الثلاثة الأيام ، ورجح بعض المتأخرين اعتبار حصوله في أول الأول وآخر الأخر وفي أي جزء كان من الوسط وهو بعيد.

قوله عليه‌السلام « من يوم طهرت » أي من آخر يوم كانت طاهرة قبل الحيض ، أو آخر جزء من طهرها السابق أو المراد يتم لها من يوم طهرت مع ما رأت من الدم قبله عشرة فالمراد حصول تتمة العشرة من ذلك اليوم.

قوله عليه‌السلام « تمام العشرة » أي تتمة العشرة مع الدم السابق والنقاء المتخلل

٢٠٦

وقال : كل ما رأت المرأة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض وكل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض.

(باب)

(المرأة ترى الدم قبل أيامها أو بعد طهرها)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة فهو من الحيضة الأولى وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها فقال إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة فإنه ربما تعجل بها الوقت

______________________________________________________

والظاهر أنها ذات عادة كما يظهر من أول الخبر ، وحمله بعض الأصحاب على ما إذا صادف الدم الثاني جزءا من العادة ، ويشكل حينئذ الحكم يكون العشرة مطلقا حيضا ، إلا أن يحمل على كون عادتها عشرة والأولى حملها على غير ذات العادة أو على أنها تعمل عمل الحيض إلى العشرة استظهارا كما ذهب إليه المرتضى رحمه‌الله.

باب المرأة ترى الدم قبل أيامها أو بعد طهرها

الحديث الأول : حسن.

ويمكن أن يكون مبدء العشرة الأولى أول الحيض ومبدأ العشرة الثانية منتهاه وأن يكون مبدؤهما في الموضعين مبدأ الحيض ، فالمراد بكونها من الحيضة الثانية أنها من مقدماتها لا أنها يحكم عليها أنها حيض وأن يكون مبدؤهما منتهاه فالمراد بكونها من الحيضة الأولى أنها من توابعها التي نشأت منها.

الحديث الثاني : موثق.

ويدل على أن أكثر الاستظهار ثلاثة ، ونقل في المعتبر إجماع الأصحاب على

٢٠٧

فإذا كان أكثر من أيامها التي كانت تحيض فيهن فلتتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضي أيامها فإذا تربصت ثلاثة أيام ولم ينقطع عنها الدم فلتصنع كما تصنع المستحاضة.

٣ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة عمن أخبره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا كانت أيام المرأة عشرة أيام لم تستظهر وإذا كانت أقل استظهرت.

(باب)

(المرأة ترى الصفرة قبل الحيض أو بعده)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان

______________________________________________________

ثبوت الاستظهار لذات العادة مع استمرار الدم إذا كانت عادتها دون العشرة بترك العبادة ، واختلف في وجوب الاستظهار واستحبابه فالمشهور بين القدماء الأول وبين المتأخرين الثاني واختلف أيضا في عدده فقال الشيخ في النهاية : تستظهر بيوم أو يومين بعد العادة ، وهو قول الصدوق والمفيد ، وقال المرتضى رحمه‌الله : إلى العشرة والظاهر من الأخبار التخيير بين اليوم واليومين والثلاثة واختاره صاحب المدارك وقال أيضا فيه ذكر المصنف وغيره أن الدم متى انقطع على العاشر تبين كون الجميع حيضا فيجب عليها قضاء صوم العشرة وإن كانت قد صامت بعد انقضاء العادة لتبين فساده دون الصلاة ، وإن تجاوز العشرة تبين أن ما تجاوز عن العادة طهر كله فيجب عليها قضاء ما أخلت به من العبادة في ذلك الزمان ويجزيها ما أتت به من الصلاة والصيام لتبين كونها طاهرا ، وعندي في هذه الأحكام توقف لعدم الظفر بما يدل عليها من النصوص والمستفاد من الأخبار أن ما بعد أيام الاستظهار استحاضة وأنه لا يجب قضاء ما فاتها في أيام الاستظهار مطلقا انتهى ، وهو جيد.

الحديث الثالث : مرسل.

باب المرأة ترى الصفرة قبل الحيض أو بعده

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

٢٠٨

عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها فقال لا تصلي حتى تنقضي أيامها وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في المرأة ترى الصفرة فقال إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض وإن كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عدتها لم تصل وإن كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر عن المرأة ترى الصفرة فقال ما كان قبل الحيض فهو من الحيض وما كان بعد الحيض فليس منه.

٥ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن معاوية بن حكيم قال قال الصفرة قبل الحيض بيومين فهو من الحيض وبعد أيام الحيض ليس من الحيض وهي في أيام الحيض حيض.

______________________________________________________

وهذه الأخبار وخبر يونس المتقدم تدل على أن الاستظهار لا يكون إلا إذا كان الدم عبيطا أسود فلا تغفل ،

الحديث الثاني : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام « وإن كان بعد الحيض بيومين » لعل المراد به ما تراه بعد يومئ الاستظهار ويكون المراد بقوله عليه‌السلام فليس من الحيض أنه ليس ظاهرا منها وإن كان مع الانقطاع يحكم بكونه حيضا.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : صحيح مقطوع.

٢٠٩

(باب)

(أول ما تحيض المرأة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر في يومين وفي الشهر ثلاثة أيام ويختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء قال فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة فإذا اتفق الشهران عدة أيام سواء فتلك أيامها.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام المرأة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع الصلاة قلت فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال تصلي قلت فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع الصلاة قلت فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة؟

______________________________________________________

باب أول ما تحيض المرأة

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام « وتدع الصلاة » ظاهره أن الحيض يكون أقل من ثلاثة وهو مخالف للإجماع فيمكن أن يكون المراد أنها تحيض في الشهر يومين ثم تنقطع فتراه قبل العشرة ، وقيل فيه تأويلات بعيدة.

قوله عليه‌السلام « عدة أيام سواء » يفهم منه أنه لا عبرة باستواء الاثنين كما وقع في كلام السائل ، فتأمل.

الحديث الثاني : حسن ، أو موثق.

وهو مخالف لما أجمعوا عليه من كون أقل الطهر عشرة ، ويمكن أن يكون المراد أنها ترى الدم بصفة الاستحاضة ثلاثة أو أربعة في ضمن العشرة التي هي أيام الطهر لا متصلا بما رأته في الثلاثة أو الأربعة بصفة الحيض وإن لأن بعيدا جدا ، والظاهر

٢١٠

قال؟ تصلي قلت فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع الصلاة تصنع ما بينها وبين شهر فإذا انقطع الدم عنها وإلا فهي بمنزلة المستحاضة.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد رفعه ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها فقال أقراؤها مثل أقراء نسائها فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام.

(باب)

(استبراء الحائض)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار وغيره ، عن يونس عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري أطهرت أم لا قال تقوم قائما وتلزق بطنها بحائط وتستدخل قطنة بيضاء وترفع

______________________________________________________

أن هذا حكم المبتدئة في الشهر الأول كما ذهب إليه بعض الأصحاب ، والعمومات مخصصة به.

الحديث الثالث : مرفوع.

والمراد بالنساء إما أقران البلد أو الأقارب ولم يظهر منه الترتيب والتفصيل اللذين ذكر هما الأصحاب ، ولا يخفى أن الظاهر من هذا الخبر التخيير بين الثلاثة والعشرة وإن لم يكن أظهر مما ذكره الأصحاب من كون الثلاثة في شهر والعشرة في آخر فلا يمكن الاستدلال به على مطلوبهم كما لا يخفى

باب استبراء الحائض

الحديث الأول : مرسل.

وفي الصحاح العبيط الدم الخالص الطري وحمل الأكثر تلك الخصوصيات على الاستحباب والأحوط الإتيان به كما ورد في الخبر

٢١١

رجلها اليمنى فإن خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر وإن لم يخرج فقد طهرت تغتسل وتصلي.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل وإن لم تر شيئا فلتغتسل وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصل.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن شرحبيل الكندي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت كيف تعرف الطامث طهرها قال تعتمد برجلها اليسرى على الحائط وتستدخل الكرسف بيده اليمنى فإن كان ثم مثل رأس الذباب خرج على الكرسف.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر

______________________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

وهذا شامل لما كان في العادة أو بعدها في العشرة وحمل على ما بعد العادة بل الاستظهار أيضا.

الحديث الثالث : ضعيف.

ويمكن أن يكون خرج جزاء الشرط وأن يكون الجزاء محذوفا ، وقال في المدارك : الحائض متى انقطع دمها ظاهرا لدون العشرة وجب عليها الاستبراء وهو طلب براءة الرحم من الدم بإدخال القطنة والصبر هنيئة ثم إخراجها لتعلم النقاء وعدمه ، والظاهر حصوله بأي كيفية اتفقت لا طلاق قوله عليه‌السلام في صحيحة محمد بن مسلم ، والأولى أن تعتمد برجلها اليسرى على حائط أو شبهه ، وتستدخل القطنة بيدها اليمنى لرواية شرحبيل.

الحديث الرابع : صحيح والظاهر أنهن كن ينظرن في الفرج وكان عليه‌السلام يعيب ذلك ويقول ما كان

٢١٢

عليه‌السلام : أنه بلغه أن نساء كانت إحداهن تدعو بالمصباح في جوف الليل تنظر إلى الطهر فكان يعيب ذلك ويقول متى كانت النساء يصنعن هذا.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ثعلبة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان ينهى النساء أن ينظرن إلى أنفسهن في المحيض بالليل ويقول إنها قد تكون الصفرة والكدرة.

٦ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن علي البصري قال سألت أبا الحسن الأخير عليه‌السلام وقلت له إن ابنة شهاب تقعد أيام أقرائها فإذا هي اغتسلت رأت القطرة بعد القطرة قال فقال مرها فلتقم بأصل الحائط كما يقوم الكلب ثم تأمر امرأة فلتغمز بين وركيها غمزا شديدا فإنه إنما هو شيء يبقى في الرحم يقال له الإراقة وإنه سيخرج كله ثم قال لا تخبروهن بهذا وشبهه وذروهن وعلتهن القذرة قال ففعلت بالمرأة الذي قال فانقطع عنها فما عاد إليها الدم حتى ماتت.

______________________________________________________

نساء النبي أو النساء في زمنه عليه‌السلام يضعن ذلك بل كن يتخذن الكرسف وكان الليل لأن نور السراج فيه أظهر وعليه ينبغي حمل الخبر الثاني أيضا. قوله عليه‌السلام « إنها قد تكون الصفرة والكدرة » أي أنهما لا تظهران بالسراج في الفروج ، ويحتمل أن يكون المراد من الخبر الثاني مطلق الملاحظة في الليل سواء كان على الكرسف أو في الفرج لأن الصفرة الضعيفة لا تظهر فيها ، لكنه بعيد.

الحديث الخامس : حسن.

الحديث السادس : مرسل مجهول.

قوله عليه‌السلام « لا تخبروهن » الظاهر أن الضمير راجع إلى نساء العامة ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد مطلق النساء.

٢١٣

(باب)

(غسل الحائض وما يجزئها من الماء)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير جميعا ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن النساء اليوم أحدثن مشطا تعمد إحداهن إلى القرامل من الصوف تفعله الماشطة تصنعه مع الشعر ثم تحشوه بالرياحين ثم تجعل عليه خرقة رقيقة ثم تخيطه بمسلة ثم تجعله في رأسها ثم تصيبها الجنابة فقال كان النساء الأول إنما يمتشطن المقاديم فإذا أصابهن الغسل بقذر مرها أن تروي رأسها من الماء وتعصره حتى يروى فإذا روي فلا بأس عليها قال قلت فالحائض قال تنقض المشط نقضا.

______________________________________________________

باب غسل الحائض وما يجزيها من الماء

الحديث الأول : حسن.

وقال في الصحاح : القرامل ما تشد المرأة في شعرها ، وقال المسألة بالكسر واحدة المسال وهي الإبر العظام.

قوله عليه‌السلام « إنما يمشطن المقاديم » أي كن يجمعنه فلا يمنع من وصول الماء بسهولة قوله « بقذر » أي بجنابة ، وقال في المنتقى قوله : إذا أصابهن الغسل تغدر ، معناه تترك الشعر على حاله ولا تنقض ، قال في القاموس : غدرة تركه وبقاه كغادره انتهى ، وفيما عندنا من النسخ بالقاف والذال كما ذكرنا.

قوله عليه‌السلام « تنقض المشط نقضا » محمول على الاستحباب لأن الجنابة أكثر وقوعا من الحيض والنقض في كل مرة لا يخلو من عسر وحرج بخلاف الحيض فإنها في الشهر مرة وأيضا الخباثة الحاصلة من الحيض أكثر منها من الجنابة ، فتأمل

٢١٤

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن حسن الصيقل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الطامث تغتسل بتسعة أرطال من ماء.

٣ ـ علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة الحائض ترى الطهر وهي في السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها وقد حضرت الصلاة قال إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم تتيمم وتصلي قلت فيأتيها زوجها في تلك الحال قال نعم إذا غسلت فرجها وتيممت فلا بأس.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام

______________________________________________________

الحديث الثاني : مجهول.

وحمل على المدني كما ذكره الصدوق (ره) وبه خبر أيضا وكثير من الأخبار يدل على أن معناه مقدار الماء للحيض أكثر منه للجنابة.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

ويدل على اشتراط الغسل للجماع وجوبا أو استحبابا وعلى جواز التيمم بدلا منه فيه.

الحديث الرابع : صحيح.

ويدل على أن التسعة الأرطال على الاستحباب.

الحديث الخامس : موثق.

وحمل على لون الزعفران أو على الزعفران القليل الذي لم يمنع من وصول

٢١٥

في الحائض تغتسل وعلى جسدها الزعفران لم يذهب به الماء قال لا بأس.

(باب)

(المرأة ترى الدم وهي جنب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن المرأة يجامعها زوجها فتحيض وهي في المغتسل تغتسل أو لا تغتسل قال قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن المرأة تحيض وهي جنب هل عليها غسل الجنابة قال غسل الجنابة والحيض واحد.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن

______________________________________________________

الماء ولم يصر سببا لصيرورته مضافا.

باب المرأة ترى الدم وهي جنب

الحديث الأول : حسن.

واستدل بهذا الخبر على أن غسل الجنابة واجب لغيره ويمكن حمل النهي على عدم تضيق الوجوب أو على أن الغسل لا يتبعض بالنظر إلى الإحداث بل هو رفع الحدث مطلقا كالوضوء فإذا حدث هذا الحدث لا يجوز الغسل لرفع الجنابة دونه.

الحديث الثاني : صحيح.

وقال الوالد العلامة قدس‌سره : الذي يظهر منه أن المراد أنه يكفي غسل واحد بعد طهرها لجنابتها وحيضها فلا تحتاج إلى أن تغتسل الان غسل الجنابة ، أو المراد أنه بعد الطهر لا تحتاج إلى تعدد الغسل فإنهما واحد الكيفية وكل واحد منهما يجزى عن الأخر.

٢١٦

سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام المرأة ترى الدم وهي جنب أتغتسل من الجنابة أم غسل الجنابة والحيض فقال قد أتاها ما هو أعظم من ذلك.

(باب)

(جامع في الحائض والمستحاضة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن غير واحد سألوا أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحائض والسنة في وقته فقال إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سن في الحائض ثلاث سنن بين فيها كل مشكل لمن سمعها وفهمها حتى لا يدع لأحد مقالا فيه بالرأي أما إحدى السنن فالحائض التي لها أيام معلومة قد أحصتها بلا اختلاط عليها ثم استحاضت واستمر بها الدم وهي في ذلك تعرف أيامها ومبلغ عددها فإن امرأة يقال لها : فاطمة بنت أبي حبيش استحاضت فاستمر بها الدم فأتت أم سلمة

______________________________________________________

الحديث الثالث : مجهول ويؤيد ما ذكرنا في الخبر الأول أخيرا.

باب جامع في الحائض والمستحاضة

الحديث الأول : مرسل كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « تعرف أيامها ». أي وقتها من الشهر.

قوله عليه‌السلام : « أو قدر حيضها » حمل على ما إذا لم ينقطع على العشرة.

قوله عليه‌السلام : « عزف » كذا في أكثر النسخ بالزاي والفاء ، قال في القاموس : عزفت نفسي عنه زهدت فيه وانصرفت عنه وفي بعض النسخ عرق ، وروي في المشكاة هكذا كأنما ذلك عرق وليس بحيض بالعين المهملة والراء المهملة والقاف ، وقال الطيبي : معناه أن ذلك دم عرق وليس بحيض. وقال في شرح المصباح : معناه أن ذلك دم عرق انشق وليس بحيض تميزه القوة المولدة بإذن الله من أجل الجنين وتدفعه إلى الرحم في مجاريه المعتادة ويجتمع فيه ولذلك يسمى حيضا من قولهم استحوض الماء أي اجتمع فإذا كثر وأخذه الرحم ولم يكن جنين ، أو كان أكثر مما

٢١٧

فسألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حيضها وقال إنما هو عرق وأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتصلي.

قال أبو عبد الله عليه‌السلام هذه سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في التي تعرف أيام أقرائها لم تختلط عليها ألا ترى أنه لم يسألها كم يوم هي ولم يقل إذا زادت على كذا يوما فأنت مستحاضة وإنما سن لها أياما معلومة ما كانت من قليل أو كثير بعد أن تعرفها وكذلك أفتى أبي عليه‌السلام وسئل عن المستحاضة فقال إنما ذلك عرق غابر أو ركضة من الشيطان فلتدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة قيل وإن سال قال وإن سال مثل المثعب قال أبو عبد الله عليه‌السلام هذا تفسير حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو موافق له فهذه سنة التي تعرف أيام أقرائها لا وقت لها إلا أيامها قلت أو كثرت.

وأما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها من طول الدم فزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من الشهر فإن سنتها غير ذلك و

______________________________________________________

يحتمله ينصب عنه.

قوله عليه‌السلام : « إن تغتسل » أي غسل الانقطاع ، وفي الصحاح استثفر الرجل بثوبه إذا رد طرفه بين رجليه إلى حجزته.

قوله عليه‌السلام : « غابر » قال في الصحاح : غبر الجرح بالكسر غبرا اندمل على فساد ثم ينقص بعد ذلك ، ومنه سمي العرق الغبر بكسر الباء لا يزال ينتقض ، وفي روايات العامة عاند ، قال في النهاية : منه حديث المستحاضة أنه عرق عاند شبه به لكثرة ما تخرج منه على خلاف عادته ، وقيل : العاند الذي لا يرقى انتهى. وقال في الصحاح : في حديث الاستحاضة إنما هي ركضة من الشيطان يريد الدفعة ، وقال في المغرب : قوله في الاستحاضة : إنما هي ركضة من ركضات الشيطان ، فإنما جعلها كذلك لأنه آفة وعارض والضرب والإيلام من أسباب ذلك ، وإنما أضيفت

٢١٨

ذلك أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت إني أستحاض فلا أطهر فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس ذلك بحيض إنما هو عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي وكانت تغتسل في كل صلاة وكانت تجلس في مركن لأختها وكانت صفرة الدم تعلو الماء فقال أبو عبد الله عليه‌السلام أما تسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر هذه بغير ما أمر به تلك ألا تراه لم يقل لها دعي الصلاة أيام أقرائك ولكن قال لها إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي فهذا يبين أن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها ألا تسمعها تقول إني أستحاض فلا أطهر وكان أبي يقول إنها استحيضت سبع سنين ففي أقل من هذا تكون الريبة والاختلاط ـ فلهذا احتاجت إلى أن تعرف إقبال الدم من إدباره وتغير لونه من السواد إلى غيره وذلك أن دم الحيض أسود يعرف ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم لأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كله إن كان الدم أسود أو غير ذلك فهذا يبين لك أن قليل الدم وكثيره أيام الحيض

______________________________________________________

إلى الشيطان وإن كانت من فعل الله لأنها ضرر و [ وسيلة ] سيئة والله تعالى يقول : « ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ » أي بفعلك ومثل هذا يكون بوسوسة الشيطان. وقال في النهاية : والمعنى أن الشيطان قد وجه بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها عادتها.

قوله عليه‌السلام : « وإن سال » أقول : حمل هذا على القليلة بعيد مع أن الظاهر أن الاغتسال للانقطاع ولكل صلاة يتعلق بالوضوء فتوجيهه إما بأن يحمل على الكثيرة ويعلق قوله : « لكل صلاة » بكل شيء من الاغتسال والوضوء والمراد إما في وقت كل صلاة لأن الصلاتين تقعان في وقت واحد وإما مع التفريق ، أو المراد من قوله وإن سال أنه ليس بيض وإن سال لا أنه يتوضأ لكل صلاة وإن سال فتأمل. وفي

٢١٩

حيض كله إذا كانت الأيام معلومة فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره وتغير لونه ثم تدع الصلاة على قدر ذلك ولا أرى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال اجلسي كذا وكذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة كما لم تؤمر الأولى بذلك وكذلك أبي عليه‌السلام أفتى في مثل هذا وذاك أن امرأة من أهلنا استحاضت فسألت أبي عليه‌السلام عن ذلك فقال إذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلاة وإذا رأيت الطهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي وصلي قال أبو عبد الله عليه‌السلام وأرى جواب أبي عليه‌السلام هاهنا غير جوابه في المستحاضة الأولى ألا ترى أنه قال تدع الصلاة أيام أقرائها لأنه نظر إلى عدد الأيام وقال هاهنا إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة وأمر هاهنا أن تنظر إلى الدم إذا أقبل وأدبر وتغير وقوله البحراني شبه معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إن دم الحيض أسود يعرف وإنما سماه أبي بحرانيا لكثرته ولونه فهذا سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في التي اختلط عليها أيامها حتى لا تعرفها وإنما تعرفها بالدم ما كان من قليل الأيام وكثيره.

______________________________________________________

الصحاح ثعبت الماء ثعبا فجرته والمثعب بالفتح واحد مثاعب الحياض.

قوله عليه‌السلام : « إني أستحاض » قال في المغرب استحيضت بضم التاء استمر بها الدم.

قوله عليه‌السلام : « ليس ذلك بحيض » الظاهر أن حالها كان كما ذكره عليه‌السلام أولا أي أغفلت ونسيت عددها وموضعها من الشهر أو أنها زادت أيامها على العادة ونقصت عنها مرتين أو أكثر على خلاف حتى انتقضت عادتها وإن لم تنسها فتأمل.

وقال الطيبي : قوله « إذا أقبلت حيضك » يحتمل أن يكون المراد به الحالة التي كانت تحيض فيكون ردا إلى العادة وأن يكون المراد به الحال التي تكون للحيض من قوة الدم في اللون والقوام انتهى والمراد الثاني كما أفاده عليه‌السلام.

وقال في الصحاح : المركن بالكسر إجانة تغسل فيها الثياب. وروي في

٢٢٠