مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٣

ثم ذكر أن معه ماء قبل أن يخرج الوقت قال عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة قال وسألته عن تيمم الحائض والجنب سواء إذا لم يجدا ماء قال نعم.

(باب)

(الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه ماء إلا قليل وخاف إن هو اغتسل أن يعطش قال إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمم بالصعيد فإن الصعيد أحب إلي.

______________________________________________________

أبي بصير ، وهي مع ضعف سندها بعثمان ، واشتراك أبي بصير ، وجهالة المسؤول ، إنما يدل على الإعادة إذا نسي الماء في رحله ، وتيمم وصلى ثم ذكر في الوقت ، وهو خلاف محل النزاع.

قوله عليه‌السلام : « قال نعم » قال في المدارك : اعلم أن الظاهر من كلام الأصحاب تساوي الأغسال في كيفية التيمم ، وهو الظاهر من كلام المفيد في المقنعة ، فإنه لم يذكر التيمم بدلا من الوضوء ، واستدل له الشيخ (ره) بخبر أبي بصير وعمار ، قال في الذكرى : وخرج بعض الأصحاب وجوب تيممين على غير الجنب بناء على وجوب الوضوء هناك ، ولا بأس به والخبران غير مانعين منه لجواز التسوية في الكيفية لا الكمية ، وما ذكره أحوط ، وإن كان الأظهر الاكتفاء بالتيمم الواحد.

باب الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش

الحديث الأول : حسن.

وقوله عليه‌السلام : « أحب إلى » يشعر بجواز الغسل أيضا حينئذ والمشهور عدمه.

١٨١

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لشربه أيتيمم أو يتوضأ قال التيمم أفضل ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الطهور.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران وجميل قالا قلنا لأبي عبد الله عليه‌السلام إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه ماء يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم قال لا ولكن يتيمم ويصلي بهم فإن الله عز وجل قد جعل التراب طهورا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة قال إن كانت الأرض مبتلة وليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم من غباره أو شيء

______________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « نصف الطهور » أي جعل عليه مسح نصف أعضاء الوضوء تخفيفا ، والأمر بالوضوء مع احتياجه إلى الماء ينافي التخفيف.

الحديث الثالث : حسن.

والمشهور بين الأصحاب كراهة إمامة التيمم بالمتوضين ، بل قال في المنتهى : إنه لا يعرف فيه خلافا إلا ما حكي عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك ، ولو لا ما يتخيل من انعقاد الإجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة.

الحديث الرابع : حسن مقطوع.

وقال الوالد العلامة قدس‌سره : رواه في التهذيب في الصحيح ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وفي الموثق كالصحيح عن عبد الله ، عن ابن أبي بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في معناه ، والظاهر أن عبد الله نقل في كتابه فتوى لا رواية.

١٨٢

مغبر وإن كان في حال لا تجد إلا الطين فلا بأس أن تتيمم به.

(باب)

(الرجل يصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن

______________________________________________________

وقال في الحبل المتين : يستفاد منه عدم جواز التيمم بالأرض الرطبة مع وجود التراب ، وأنها متقدمة على الطين ، وأنه يجب تحري الأجف منها عند الاضطرار إلى التيمم بها ، وربما يستنبط ـ من تعليقه عليه‌السلام الأمر بالتيمم بها على فقد الماء والتراب ـ تسويغ التيمم بالحجر الرطب إلا مع فقد التراب ، لشمول اسم الأرض للحجر ، ولو قلنا بعدم شموله له ففي الحديث دلالة على تقديم التراب على الحجر الجاف كما هو مذهب الشيخين في النهاية ، والمقنعة ، ومختار ابن إدريس ، وابن حمزة ، وسلار لأن الأرض الرطبة لما كانت مقدمة عليه كما يقتضيه اقتصاره عليه‌السلام على قوله ليس فيها ماء ولا تراب دون أن يقول ولا حجر فالتراب مقدم عليه بطريق أولى.

باب الرجل تصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يتيمم » استدل به سلار على التيمم بالثلج ولا يخفى أن الظاهر التيمم بالتراب كما فهمه الشيخ وعلى تقدير عدم ظهوره لا يمكن الاستدلال به ، ثم [ إنه ] ذهب الشيخ في النهاية إلى تقدم الثلج على التراب كما يظهر من بعض الأخبار ، ويمكن القول بالتفصيل بأنه إن حصل الجريان فالثلج مقدم وإلا فالتراب ، وقال في المختلف : لو لم يجد إلا الثلج وتعذر عليه كسره وإسخانه قال الشيخان وضع يديه عليه باعتماد حتى تتنديا ثم يتوضأ بتلك الرطوبة بأن يمسح يده على وجهه بالنداوة ، وكذا بقية أعضائه ، وكذا في الغسل ، فإن خشي من ذلك آخر الصلاة

١٨٣

رجل أجنب في السفر ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا فقال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه قال قال إن أجنب فعليه أن يغتسل على ما كان عليه وإن احتلم تيمم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير عمن رواه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن رجل أصابته الجنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه

______________________________________________________

حتى يتمكن من الطهارة المائية أو الترابية. وقال المرتضى : إذا لم يجد إلا الثلج ضرب بيديه ويتيمم بنداوته ، وكذا قال سلار ومنع ابن إدريس من التيمم به والوضوء والغسل منه وحكم بتأخير الصلاة إلى أن يجد الماء أو التراب ، والوجه ما قاله الشيخان.

قوله عليه‌السلام « ولا أرى أن يعود » فيه دلالة على أن من صلى بتيمم فصلاته لا تخلو من نقص وإن كانت مبرئة للذمة وأنه يجب عليه إزالة هذا النقص عن صلاته المستقبلة بالخروج عن محل الاضطرار.

الحديث الثاني : مرفوع.

وقال في المدارك : من عدم الماء مطلقا أو تعذر عليه استعماله يجوز له الجماع لعدم وجوب الطهارة المائية عليه ، ولو كان معه ما يكفيه للوضوء فكذلك قبل دخول الوقت ، أما بعده فجزم العلامة في المنتهى بتحريمه لأنه يفوت الواجب وهو الصلاة بالمائية ، وفيه نظر ، وقال : إطلاق النص وكلام أكثر الأصحاب يقتضي أنه لا فرق في تيمم المريض بين متعمد الجنابة وغيره ، ويؤيده أن الجنابة على هذا التقدير غير محرم إجماعا كما نقله في المعتبر فلا يترتب على فاعله عقوبة وارتكاب التغرير بالنفس عقوبة.

وقال الشيخان : إن أجنب نفسه مختارا لم يجز له التيمم ، وإن خاف التلف أو الزيادة في المرض ، واستدل عليه في الخلاف بصحيحة عبد الله بن سليمان وصحيحة

١٨٤

التلف إن اغتسل قال يتيمم ويصلي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة.

(باب)

(التيمم بالطين)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا كنت في حال لا تقدر إلا على الطين فتيمم

______________________________________________________

محمد بن مسلم ، وأجاب عنهما في المعتبر بعدم الصراحة في الدلالة لأن العنت المشقة وليس كل مشقة تلفا ولأن قوله عليه‌السلام « على ما كان » ليس حجة في محل النزاع وإن دل بإطلاقه فدفع الضرر المظنون واجب عقلا لا يرتفع بإطلاق الرواية ولا يخص بها عموم نفي الحرج وهو جيد.

الحديث الثالث : مرسل.

وقال الشيخ رحمه‌الله : من تعمد الجنابة وخشي على نفسه من استعمال الماء يتيمم ويصلي ثم يعيد ، واحتج بخبر جعفر بن بشير ، وعبد الله بن سنان ، وقال في المدارك : هما لا يدلان على ما اعتبره من القيد ، والأجود حملهما على الاستحباب لأن مثل هذا المجاز أولى من التخصيص وإن كان القول بالوجوب لا يخلو من رجحان.

باب التيمم بالطين

الحديث الأول : صحيح ، وآخره مرسل.

وقال في المدارك : ومع فقد الغبار يتيمم بالوحل ، والمستند في ذلك بعد الإجماع روايتا أبي بصير ورفاعة ولو أمكن تجفيف الوحل بحيث يصير ترابا والتيمم به وجب ذلك ، وقدم على الغبار قطعا ، واختلف الأصحاب في كيفية التيمم بالوحل ، فقال الشيخان : إنه يضع يديه على الأرض ثم يفركهما ويتيمم به وهو خيرة المعتبر ، وقال آخرون : يضع يديه على الوحل ويتربص فإذا يبس تيمم به

١٨٥

به فإن الله أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر أن تنفضه وتتيمم به وفي رواية أخرى صعيد طيب وماء طهور.

(باب)

(الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يكون به القرح والجراحة يجنب قال لا بأس بأن لا يغتسل ويتيمم.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن

______________________________________________________

واستوجهه في التذكرة إن لم يخف فوت الوقت وهو بعيد ، وقال : إذا فقد التراب وما في معناه ، وجب التيمم بغبار الثوب ، أو عرف الدابة ، أو لبد السرج ، أو غير ذلك مما فيه غبار ، قال في المعتبر : وهو مذهب علمائنا ، وأكثر العامة ، وإنما يجوز التيمم بالغبار مع فقد التراب كما نص عليه الشيخ وأكثر الأصحاب ، وربما ظهر من عبارة المرتضى في الجمل جواز التيمم به مع وجود التراب أيضا ، وهو بعيد لأنه لا يسمى صعيدا ، بل يمكن المناقشة في جواز التيمم به مع إمكان التيمم بالطين ، إلا أن الأصحاب قاطعون بتقديم الغبار على الوحل وظاهر هم الاتفاق عليه.

قوله عليه‌السلام « صعيد طيب » قال الفاضل التستري رحمه‌الله : كان المعنى أن الطين مركب من الصعيد الطيب ومن الماء ، فلا يدل على أن الطين صعيد بقول مطلق ، ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى أمر بالصعيد وبالماء ، والصعيد هنا حاصل فيستفاد منه أن الطين صعيد.

باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة

الحديث الأول : صحيح.

الحديث الثاني : حسن.

١٨٦

أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال يتيمم المجدور والكسير بالتراب إذا أصابته الجنابة.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد رفعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن مجدور أصابته جنابة قال إن كان أجنب هو فليغتسل وإن كان احتلم فليتيمم.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح وابن فضال ، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر له أن رجلا أصابته جنابة على جرح كان به فأمر بالغسل فاغتسل فكز فمات فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قتلوه قتلهم الله إنما كان دواء العي السؤال.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن سكين وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قيل له إن فلانا أصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه

______________________________________________________

الحديث الثالث : مرفوع.

الحديث الرابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام « فكز » كذا في أكثر النسخ وفي بعضها فكن قال في الصحاح الكن السترة ، وقال الكز بالضم داء تأخذ من شدة البرد ، وقد كز الرجل فهو مكزوز إذا تقبض من البرد.

قوله عليه‌السلام « دواء العي » في الصحاح عي إذا لم يهتد لوجه ، يحتمل أن يكون صفة مشبهة من عي إذا عجز ولم يهتد إلى العلم بالشيء وأن يكون مصدرا ، وقال في شرح المصابيح : العي بكسر العين وتشديد الياء التحير في الكلام ، والمراد به هنا الجهل ، يعني لم لم تسألوا إذا لم تعلموا شيئا فإن الجهل داء شديد وشفاؤه السؤال والتعلم من العلماء ، وكل جاهل لم يستح عن التعلم وتعلم يجد شفاء.

الحديث الخامس : حسن ، وفي بعض النسخ ابن سكين وهو ثقة ، وفي بعضها ابن مسكين وهو مجهول ، ولا يضر ذلك لأنه بمنزلة مرسل ابن أبي عمير ، ولو كان فاعل قال في قوله ـ قال وروى ـ ابن أبي عمير كما هو ظاهر لكان حسنا

١٨٧

فمات فقال قتلوه ألا سألوا ألا يمموه إن شفاء العي السؤال.

قال وروي ذلك في الكسير والمبطون يتيمم ولا يغتسل.

(باب النوادر)

١ ـ علي بن محمد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن الحسن بن علي الوشاء قال دخلت على الرضا عليه‌السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك وقال مه يا حسن فقلت له لم تنهاني أن أصب على يدك تكره أن أوجر قال تؤجر أنت وأوزر أنا فقلت له وكيف ذلك فقال أما سمعت الله عز وجل يقول « فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ »

______________________________________________________

أيضا ولعله في الكسير محمول على عدم إمكان الجبيرة ، ويحتمل التخيير أيضا أو تخصيص الجبيرة بالوضوء والأوسط أظهر.

باب النوادر

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام « تؤجر أنت » يحتمل أن يكون استفهاما ، وقوله عليه‌السلام « وأوزر أنا » جملة حالية وعلى ظاهره يدل على أن الجاهل يثاب على فعل يراه حسنا ويمكن حمله على الكراهة ولا يكون المعاونة على المكروه مكروها ، أو يكون مكروها من جهة ومندوبا من جهة ، وقال الشيخ البهائي رحمه‌الله : استدل العلامة في المنتهى وغيره بهذه الرواية على كراهة الاستعانة والظاهر أن المراد الصب على نفس العضو ، وهو التولية المحرمة كما يرشد إليه قوله « على يدك » ولم يقل في يدك ، وكما يدل عليه قوله عليه‌السلام « وأوزر أنا » إذ لا وزر في المكروه ، فالاستدلال بها على كراهة الاستعانة محل تأمل. وقال : الباء في بعبادة ربه ظرفية ، والتفسير المشهور لهذه الآية ، ولا يجعل أحدا شريكا مع ربه في المعبودية فلعل كلا المعنيين مراد فإن الإمام عليه‌السلام لم ينف ذلك التفسير هذا ولا يخفى أن

١٨٨

« عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً » وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد.

٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن القداح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن صباح الحذاء ، عن أبي أسامة قال كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله رجل من المغيرية عن شيء من السنن فقال ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنة عرفها من عرفها وأنكرها من أنكرها فقال رجل فما السنة في دخول الخلاء قال تذكر الله وتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا فرغت قلت الحمد لله على ما أخرج مني من الأذى في يسر وعافية قال الرجل فالإنسان يكون على تلك

______________________________________________________

الضمير في قوله عليه‌السلام « وهي العبادة » وقوله « إن يشركني فيها » راجعين إلى الصلاة والغرض منع الشركة في الوضوء : فكأنه لعدم تحققها بدونه ، أو بدله كالجزء منها ، ولا يبعد أن يجعل الباء في الآية للسببية ، وكذا « في » في قوله عليه‌السلام فيها ، وحينئذ لا يحتاج إلى تكلف جعل الوضوء كالجزء من الصلاة فتدبر.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وكان فيه دلالة على استحباب عدم الفاصلة كثيرا بين الوضوء والصلاة ، والظاهر أن الغرض بيان الاشتراط.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « من المعتزلة » وفي بعض النسخ ـ المغيرية ـ وهو أظهر ، قال في الملل والنحل : المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي ادعى أن الإمام بعد محمد بن علي بن الحسين ، محمد بن عبد الله بن الحسن ، وكان المغيرة مولى لعبد الله بن خالد

١٨٩

الحال ولا يصبر حتى ينظر إلى ما يخرج منه قال إنه ليس في الأرض آدمي إلا ومعه ملكان موكلان به فإذا كان على تلك الحال ثنيا برقبته ثم قالا يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا إلى ما هو صائر.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن علي بن المعلى ، عن إبراهيم بن محمد بن حمران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من توضأ فتمندل كانت له حسنة وإن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوؤه كانت له ثلاثون حسنة.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن جراح الحذاء ، عن سماعة بن مهران قال قال أبو الحسن موسى عليه‌السلام من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن قاسم الخزاز ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام قاعد ومعه ابنه محمد إذ قال :

______________________________________________________

القصري وفي القاموس كدح في العمل كمنع سعى وعمل لنفسه خيرا أو شرا.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : مجهول.

والظاهر يومه مكان ليلته وكأنه من النساخ ، أو الرواة بقرينة أنه نقل هذا الخبر عن سماعة بعد ذلك بزيادة ، وهنا في أكثر النسخ يومه ، وفي ثواب الأعمال في نهاره إلا الكبائر ، ومن توضأ للصبح كان وضوءه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر ، وعلى ما في أكثر نسخ المتن يحتمل أن يكون المراد الليلة السابقة ، أو يكون الظرف متعلقا بالكفارة فيكون المراد جميع الذنوب والله يعلم.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام » أصل ـ بينا ـ بين فأشبعت الفتحة وقفا فصارت ألفا ، يقال بينا وبينما ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف وأبقيت الألف المشبعة وصلا مثلها وقفا ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة ، ويضافان إلى جملة

١٩٠

______________________________________________________

من فعل وفاعل ومبتدأ وخبر ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى ، والأفصح في جوابهما أن لا يكون فيه إذ وإذا ، وقد جاء في الجواب كثيرا تقول بينا زيد جالس دخل عليه عمرو وإذ دخل عليه وإذا دخل عليه ، على ما ذكره الجوهري و ـ بينا ـ هنا مضاف إلى جملة ما بعده وهي ـ أمير المؤمنين عليه‌السلام جالس ـ وأقحم جزئي الجملة الظرف المتعلق بالخبر وقدم عليه توسعا ، أما كلمة « ذات » فقد قال الشيخ الرضي رضي‌الله‌عنه في شرح الكافية : وأما ذا وذات وما تصرف منهما إذا أضيف إلى المقصود بالنسبة فتأويلها قريب من التنزيل المذكور ، إذ معنى ـ جئت ذا صباح ـ أي وقتا صاحب هذا الاسم ، فذا من الأسماء الستة وهو صفة موصوف محذوف وكذا جئته ذات يوم أي مدة صاحبة هذا الاسم ، واختصاص ذا بالبعض وذات بالبعض الأخر يحتاج إلى سماع ، وأما ذا صبوح وذا غبوق فليس من هذا الباب ، لأن الصبوح والغبوق ليسا زمانين ، بل ما يشرب فيهما فالمعنى جئت زمانا صاحب هذا الشراب فلم يضف المسمى إلى اسمه. وقيل : إن ذا وذات في أمثال هذه المقامات مقحمة بلا ضرورة داعية إليها بحيث يفيدان معنى غير حاصل قبل زيادتهما مثل ـ كاد ـ في قوله تعالى « وَما كادُوا يَفْعَلُونَ » والاسم في بسم الله على بعض الأقوال ، وظرف المكان المتأخر أعني مع متعلق بجالس أيضا.

واختلف في إذا الفجائية هذه هل هي ظرف مكان أو ظرف زمان فذهب المبرد إلى الأول ، والزجاج إلى الثاني ، وبعض إلى أنها حرف بمعنى المفاجأة ، أو حرف زائد وعلى القول بأنها ظرف مكان ، قال ابن جني عاملها الفعل الذي بعدها لأنها غير مضافة إليه وعامل ـ بينا وبينما ـ محذوف يفسره الفعل المذكور فمعنى الفقرة المذكورة في الحديث قال أمير المؤمنين عليه‌السلام بين أوقات جلوسه يوما من الأيام مع محمد بن الحنفية وكان ذلك القول في مكان جلوسه ، وقال شلوبين : إذ مضافة إلى الجملة فلا يعمل فيها الفعل ولا في بينا وبينما لأن المضاف إليه

١٩١

يا محمد ائتني بإناء من ماء فأتاه به فصبه بيده اليمنى على يده اليسرى ثم قال :

______________________________________________________

لا يعمل في المضاف ولا فيما قبله وإنما عاملهما محذوف يدل عليه الكلام ، وإذ بدل منهما ويرجع الحاصل إلى ما ذكرنا على قول ابن جني ، وقيل : العامل ما يلي بين بناء على أنها مكفوفة عن الإضافة إليه كما يعمل تألى اسم الشرط فيه ، والحاصل حينئذ أمير المؤمنين عليه‌السلام جالس مع محمد بين أوقات يوم من الأيام في مكان ، قوله « يا محمد إلى آخره » وقيل بين خبر لمبتدء محذوف والمصدر المسبوك من الجملة الواقعة بعد إذ مبتدأ والمال حينئذ أن بين أوقات جلوسه عليه‌السلام مع ابنه قوله يا محمد إلى آخره ـ ثم حذف المبتدأ مدلولا عليه بقوله ـ يا محمد إلى آخره ـ وعلى قول الزجاج وهو كون إذا ظرف زمان يكون مبتدأ مخرجا عن الظرفية خبره ـ بينا وبينما ـ فالمعنى حينئذ ، وقت قول أمير المؤمنين عليه‌السلام حاصل بين أوقات جلوسه يوما من الأيام مع محمد بن الحنفية.

قوله عليه‌السلام : « آتني » يدل على أن طلب إحضار الماء ليس من الاستعانة المكروهة.

قوله عليه‌السلام « فصبه » في التهذيب وغيره فأكفاه ، وقال الجوهري كفأت الإناء كبيته وقلبته فهو مكفوء وزعم ابن الأعرابي أن أكفاءه لغة فصيحة الضبط.

قوله عليه‌السلام « بيده اليمنى » كذا في أكثر نسخ الفقيه والتهذيب أيضا ، وفي بعض نسخ التهذيب وغيره بيده اليسرى على يده اليمنى وعلى كلتا النسختين الأكفاء إما للاستنجاء أو لغسل اليد قبل إدخالها الإناء ، والأول أظهر ويؤيده استحباب الاستنجاء باليسرى على نسخة الأصل ، وعلى الأخرى يمكن أن يقال : الظاهر أن الاستنجاء باليسرى إنما يتحقق بأن تباشر اليسرى العورة وأما الصب فلا بد أن يكون باليمنى في استنجاء الغائط وأما استنجاء البول فإن لم تباشر اليد العورة فلا يبعد كون الأفضل الصب باليسار ، وإن باشرتها فالظاهر أن الصب باليمين أولى.

١٩٢

الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ثم استنجى فقال : اللهم حصن فرجي وأعفه واستر عورتي وحرمها على النار ثم استنشق فقال : اللهم لا تحرم علي ريح الجنة واجعلني ممن يشم ريحها وطيبها وريحانها ثم تمضمض

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام « الحمد لله » في الفقيه وغيره ـ بسم الله الحمد لله ـ أي أستعين ، أو أتبرك باسمه تعالى وأحمده.

قوله « طهورا » أي مطهرا كما يناسب المقام ، ولأن التأسيس أولى من التأكي د « ولم يجعله نجسا » أي متأثرا من النجاسة ، أو بمعناه فإنه لو كان نجسا لم يمكن استعماله في إزالة النجاسة ، ولعل كلمة « ثم » في الموضع منسلخة عن معنى التراخي كما قيل في قوله تعالى « ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ » (١) والمراد بتحصين الفرج ستره وصونه عن الحرام وعطف ـ الإعفاف ـ عليه تفسيري أو الإعفاف عن الشبهات والمكروهات ، وقال الشيخ البهائي (ره) عطف العورة من قبيل عطف العام على الخاص فإن العورة كل ما يستحيي ، والأولى أن يقال : عطف الستر من قبيل عطف الخاص على العام فلا تغفل و « حرمها » أي العورة بالمعنى الأخص أو الفرج وفي بعض الروايات حرمهما باعتبار لفظي الفرج والعورة وإن اتحد معناهما أو يقرأ عورتي بتشديد الياء.

قوله عليه‌السلام « ثم استنشق » أقول : الرواية في سائر الكتب بتقديم المضمضة على الاستنشاق كما هو المشهور فيهما ، وفي الكتاب بالعكس ، ولعله من النساخ والمشهور استحباب تقديم المضمضة ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز تأخير المضمضة عن الاستنشاق ، وقال في الذكرى : هذا مع قطع النظر عن اعتقاد شرعية التغيير أما معه فلا شك في تحريم الاعتقاد لا عن شبهة ، وأما الفعل فالظاهر لا انتهى ، والاستنشاق اجتذاب الماء بالأنف ، وأما الاستنتار فلعله مستحب آخر ولا يبعد كونه

__________________

(١) المؤمنون : ١٤.

١٩٣

فقال اللهم أنطق لساني بذكرك واجعلني ممن ترضى عنه ثم غسل وجهه فقال : اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه

______________________________________________________

داخلا في الاستنشاق عرفا ويشم بفتح الشين من باب علم ، ويظهر من الفيروزآبادي أنه يجوز الضم فيكون من باب نصر والريح الرائحة وفي الفقيه وغيره ريحها وروحها وطيبها. وقال الجوهري : الروح نسيم الريح ويقال : أيضا يوم روح أي طيب وروح وريحان أي رحمة ورزق وأول الدعاء استعاذة من أن يكون من أهل النار فإنهم لا يشمون ريح الجنة حقيقة ولا مجازا والمضمضة تحريك الماء في الفم كما ذكره الجوهري والدعاء في الفقيه وأكثر كتب الدعاء والحديث هكذا ( اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك ) وفي بعضها ـ بذكراك ـ والتلقين التفهيم وهو سؤال منه تعالى أن يلهمهم يوم لقائه ما يصير سببا لفكاك رقابهم من النار كما قال تعالى « يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها » (١) وقرأ بتخفيف النون من التلقي كما قال تعالى « وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً » (٢) والأول أظهر.

« ويوم اللقاء » إما يوم القيامة والحساب ، أو يوم الدفن والسؤال ، أو يوم الموت أو الأعم ، وإنطاق اللسان عبارة عن توفيق الذكر مطلقا ، وبياض الوجه وسواده إما كنايتان عن بهجة السرور والفرح وكابة الخوف والخجلة ، أو المراد بهما حقيقة السواد والبياض ، وفسر بالوجهين قوله تعالى « يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ » (٣) ويمكن أن يقرأ قوله عليه‌السلام « تبيض وتسود » على المضارع الغائب من باب الأفعال ، فالوجوه مرفوعة فيهما بالفاعلية وأن يقرأ بصيغة المخاطب من باب التفعيل مخاطبا إليه تعالى فالوجوه منصوبة فيهما على المفعولية كما ذكره الشهيد الثاني

__________________

(١) النحل : ١١١.

(٢) الإنسان : ١١.

(٣) آل عمران : ١٠٦.

١٩٤

الوجوه ثم غسل يمينه فقال : اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد بيساري ثم غسل شماله فقال : اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك من مقطعات النيران ثم مسح رأسه فقال : اللهم غشني برحمتك

______________________________________________________

رفع الله درجته ، والأول هو المضبوط في كتب الدعاء المسموع عن المشايخ الأجلاء ثم الظاهر أن التكرير للإلحاح في الطلب والتأكيد فيه ، وهو مطلوب في الدعاء فإنه تعالى يحب الملحين في الدعاء ، ويمكن أن تكون الثانية تأسيسا على التنزل فإن ابيضاض الوجوه تنور فيها زائدا على الحالة الطبيعة ، فكأنه يقول : إن لم تنورها فأبقها على الحالة الطبيعية ولا تسودها « والكتاب » كتاب الحسنات وإعطائه باليمين علامة الفلاح يوم القيامة كما قال تعالى « فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً » (١).

قوله عليه‌السلام « والخلد بيساري » في سائر الكتب والخلد في الجنان يحتمل وجوها :

الأول : أن المراد بالخلد الكتاب المشتمل على توقيع كونه مخلدا في الجنان على حذف المضاف ، وباليسار اليد اليسرى ، والباء صلة لأعطني ، كما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : يعطى كتاب أعمال العباد بإيمانهم وبراءة الخلد في الجنان بشمائلهم ، وهو أظهر الوجوه.

الثاني : أن المراد باليسار اليسر خلاف العسر كما قال تعالى « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » فالمراد هنا طلب الخلود في الجنة من غير أن يتقدمه عذاب النار وأهوال يوم القيامة وسهولة الأعمال الموجبة له.

الثالث : أن يراد باليسار مقابل الإعسار أي اليسار بالطاعات ، أي أعطني الخلد في الجنان بكثرة طاعاتي فالباء للسببية فيكون في الكلام إيهام التناسب و

__________________

(١) الإنشقاق : ٩.

١٩٥

وبركاتك وعفوك ثم مسح على رجليه فقال : اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الأقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عني ثم التفت إلى محمد فقال :

______________________________________________________

وهو الجمع بين المعنيين المتناسبين بلفظين لهما معنيان متناسبان ، كما قيل في قوله تعالى « الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ » (١) فإن المراد بالنجم ما ينجم من الأرض أي ما يظهر ولا ساق له كالبقول ، وبالشجر ما له ساق فالنجم. بهذا المعنى وإن لم يكن مناسبا للشمس والقمر لكنه بمعنى الكواكب يناسبها وهذا الوجه مع لطفه لا يخلو من بعد.

الرابع : أن الباء للسببية أي أعطني الخلد بسبب غسل يساري وعلى هذا فالباء في قوله ـ بيميني أيضا للسببية ، ولا يخفى بعده لا سيما في اليمين لأن إعطاء الكتاب مطلقا ضروري ، وإنما المطلوب الإعطاء باليمين الذي هو علامة الفائزين أقول في سائر الكتب بعد قوله بيساري وحاسبني حسابا يسيرا.

وقال الشهيد الثاني قدس الله روحه : لم يطلب دخول الجنة بغير حساب لمقامه واعترافا بتقصيره عن الوصول إلى هذا القدر من القرب لأنه مقام الأصفياء ، بل طلب سهولة الحساب تفضلا من الله تعالى وعفوا عن المناقشة بما يستحقه وتحرير الحساب بما هو أهله ، وفيه مع ذلك اعتراف بحقية الحساب مضافا إلى الاعتراف بأخذ الكتاب وذلك بعض أحوال يوم الحساب.

وقوله عليه‌السلام « اللهم لا تعطني كتابي بشمالي » إشارة إلى قوله سبحانه « وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ ». « فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً » (٢) وقوله « ولا من وراء ظهري » كما في غير نسخ الكتاب « ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي » إلى ما روي من أن المجرمين يعطى كتابهم من وراء ظهورهم بشمائلهم حالكونها مغلولة إلى أعناقهم.

قوله عليه‌السلام « من مقطعات النيران » قال الجزري : المقطع من الثياب كل

__________________

(١) الرحمن : ٦.

(٢) الإنشقاق : ١٠.

١٩٦

يا محمد من توضأ بمثل ما توضأت وقال مثل ما قلت خلق الله له من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره ويهلله ويكتب له ثواب ذلك

______________________________________________________

ما يفصل ويخاط من قميص وغيره ، انتهى. وهذا إشارة إلى قوله تعالى « قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ » (١) فإما أن تكون جبة وقميصا حقيقة من النار ، مثل الرصاص والحديد ، أو تكون كناية عن لصدوق النار بهم كالجبة والقميص ، ولعل السر في كون ثياب النار مقطعات أو التشبيه بها كونها أكثر اشتمالا على البدن من غيرها ، فالعذاب بها أشد ، وفي بعض نسخ الحديث والدعاء مفظعات بالفاء والظاء المعجمة جمع مفظعة بكسر الظاء من فظع الأمر بالضم فظاعة فهو فظيع أي شديد شنيع ، وهو تصحيف ، والأول موافق للاية الكريمة حيث يقول « فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ».

و « التغشية » التغطية و « البركة » النماء والزيادة. وقال في النهاية : في قولهم ـ وبارك على محمد وآل محمد ـ أي أثبت لهم وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، وهو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه ، وتطلق البركة أيضا على الزيادة ، والأصل الأول ، انتهى. ولعل الرحمة بالنعم الأخروية أخص ، كما أن البركة بالدنيوية أنسب ، كما يفهم من موارد استعمالهما ، ويحتمل التعميم فيهما ، وقال الوالد قدس‌سره : يمكن أن تكون الرحمة عبارة عن نعيم الجنة وما يوصل إليها ، والبركات عن نعيم الدنيا الظاهرة والباطنة من التوفيقات للأعمال الصالحة والعفو عن الخلاص من غضب الله وما يؤدي إليه.

قوله عليه‌السلام « من كل قطرة » أي بسببها أو من عملها ، بناء على تجسم الأعمال ، والتسبيح والتقديس مترادفان بمعنى التنزيه ، ويمكن تخصيص التقديس بالذات والتسبيح بالصفات والتكبير بالأفعال وقوله عليه‌السلام « إلى يوم القيمة » إما متعلق بيكتب أو بخلق ، أو بهما وبالأفعال الأربعة على التنازع.

__________________

(١) الحجّ : ١٩.

١٩٧

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن قيس قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول وهو يحدث الناس بمكة صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الفجر ثم جلس مع أصحابه حتى طلعت الشمس فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان أنصاري وثقفي فقال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد علمت أن لكما حاجة وتريدان أن تسألا عنها فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني وإن شئتما فاسألا عنها قالا بل تخبرنا قبل أن نسألك عنها فإن ذلك أجلى للعمى وأبعد من الارتياب وأثبت للإيمان فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت أن تسألني عن وضوئك وصلاتك ما لك في ذلك من الخير أما وضوؤك فإنك إذا وضعت يدك في إنائك ثم قلت بسم الله تناثرت منها ما اكتسبت من الذنوب فإذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما وفوك فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك فإذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك فهذا لك في وضوئك.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الوضوء شطر الإيمان.

٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، عن إسماعيل بن مهران ، عن صباح

______________________________________________________

الحديث السابع : صحيح على الظاهر ، وإن قيل باشتراك محمد بن قيس.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

ويحتمل أن يكون المراد بالشطر الجزء والنصف وعلى التقديرين يمكن أن يراد بالإيمان الصلاة كما قال تعالى « وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ » (١) أي صلاتكم أو الإيمان المشتمل على العبادات لأنه أحد إطلاقاته. في الأخبار.

الحديث التاسع : مرسل ، وظاهره الأعم من التجديد.

__________________

(١) البقرة : ١٤٣.

١٩٨

الحذاء ، عن سماعة قال كنت عند أبي الحسن عليه‌السلام فصلى الظهر والعصر بين يدي وجلست عنده حتى حضرت المغرب فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ثم قال لي توضأ فقلت جعلت فداك أنا على وضوئي فقال وإن كنت على وضوء إن من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلا الكبائر ومن توضأ للصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر.

١٠ ـ محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الطهر على الطهر عشر حسنات.

١١ ـ محمد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد بإسناده ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليأخذ كفا من ماء فليمسح به قفاه يكون ذلك فكاك رقبته من النار.

١٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال قلت له الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة قال :

______________________________________________________

الحديث العاشر : مرسل.

ويشمل الوضوء بعد الغسل بل الغسل بعد الغسل أيضا ، ولم أر التصريح بهما في كلامهم.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

والظاهر أنه محمول على التقية ، ويحتمل أن يكون الثواب على هذا الفعل للتقية.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

والمشهور بين الأصحاب عدم جواز التوضؤ والاغتسال بالمضاف مطلقا وخالف فيه ابن بابويه فجوز رفع الحدث بماء الورد ، ولم يعتبر المحقق خلافه حيث ادعى الإجماع على عدم حصول الرفع به لمعلومية نسبه ، أو لانعقاد الإجماع بعده ، والمعتمد المشهور ، احتج ابن بابويه بهذه الرواية ، وقال في المدارك : وهو ضعيف لاشتمال

١٩٩

لا بأس بذلك.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الوهاب ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن هشام بن سالم ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عمن مس عظم الميت قال إذا كان سنة فليس به بأس.

١٤ ـ محمد بن يحيى رفعه ، عن أبي حمزة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد إلا متيمما حتى يخرج منه ثم يغتسل وكذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل كذلك ولا بأس أن يمرا في سائر المساجد ولا يجلسان فيها.

______________________________________________________

سنده على سهل بن زياد ، ومحمد بن عيسى عن يونس ، وقد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد أنه لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى ، عن يونس ، وحكم الشيخ في كتاب الأخبار بشذوذ هذه الرواية وأن العصابة أجمعت على ترك العمل بظاهرها ، ثم أجاب عنها باحتمال أن يكون المراد بالوضوء التحسين والتنظيف ، أو أن يكون المراد بماء الورد الماء الذي وقع فيه الورد دون أن يكون معتصرا منه ، وما هذا شأنه فهو بالإعراض عنه حقيق ، ونقل المحقق في المعتبر اتفاق الناس جميعا على أنه لا يجوز الوضوء بغير ماء الورد من المائعات.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام « إذا جاز سنة » كأنه لذهاب الدسومة التي تكون في العظم ، والمراد بالعظم عظم الميتة من الحيوانات ، أو الميت الذي لم يغسل ، ويحتمل أن يكون السؤال باعتبار غسل المس.

الحديث الرابع عشر : مرفوع.

قوله عليه‌السلام « فاحتلم » أي رأى في النوم ما يوجب الاحتلام.

قوله عليه‌السلام « فليتيمم » قال في المدارك : هذا مذهب أكثر علمائنا ، ومستنده

٢٠٠