مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٠

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن حماد ، عن ربعي ، عن فضيل ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال سمعته يقول أكثروا من التهليل والتكبير فإنه ليس شيء أحب إلى الله عز وجل من التهليل والتكبير.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام التسبيح نصف الميزان والحمد لله يملأ الميزان والله أكبر

______________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور صحيح عندي.

وأفضلية التهليل لدلالتها على التوحيد الكامل ، والتكبير لدلالتها على الاتصاف بجميع الصفات الكمالية ، والتنزه عن جميع سمات النقص على وجه لا يصل إليه العقول ، والأفهام فهما متضمنان لمعرفة الله الملك العلام على وجه الكمال ، والتمام.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« التسبيح نصف الميزان » قيل : لعل السر في ذلك ، إن لله سبحانه صفات ثبوتية جمالية ، وصفات سلبية جلالية ، وإنما يملأ ميزان العبد بالإتيان بهما جميعا ، والتسبيح إتيان بالثانية فحسب فهو نصف الميزان ، والتحميد إتيان بهما جميعا لوروده على كل ما كان كمالا فهو يملأ الميزان ، وهما لا يتجاوزان ميزان العبد لأنهما إنما يكونان منه بقدر فهمه وعلمه ومعرفته ، وأما التكبير فلما كان تفضيلا مجملا يكفي فيه العلم الإجمالي بالمفضل عليه ، فهو يملأ ما بين السماء والأرض.

وقيل : الحمد لله يملأ الميزان إما بنفسه أو مع التسبيح ، فهو على الأول ضعف التسبيح ، وعلى الأخير مثله ، ومن طريق العامة الحمد لله يملأ الميزان ، قال المازري : الحمد ليس بجسم فيقدر بمكيال ويوزن بمعيار ، فقيل هو كناية عن تكثير العدد أي حمدا لو كان يقدر بمكيال ، ويوزن بميزان لملأه ، وقيل هو لتكثير أجوره ، وقيل هو على التعظيم والتفخيم لشأنه ، وقد جاء من طريق العامة أن

١٦١

يملأ ما بين السماء والأرض.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برجل يغرس غرسا في حائط له فوقف له وقال ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع

______________________________________________________

الميزان له كفتان ، كل كفة طباق السماوات والأرض. وجاء أيضا أن الحمد لله يملأه ، وقيل : القول الأول ـ وهو أنه لتكثير العدد ـ أظهر لمجيء سبحان الله عدد خلقه ، وظاهر أنه لتكثير العدد.

الحديث الرابع : صحيح.

وفي المصباح غرست الشجرة غرسا من باب ضرب ، فالشجر مغروس ، ويطلق عليه أيضا غرس ، وقال : الحائط البستان ، وقال : ينعت الثمار ينعا من بابي نفع وضرب أدركت ، والاسم الينع بضم الياء وفتحها فهي يانعة ، وأ ينعت بالألف مثله انتهى. ونسبة الإيناع هنا إلى الشجرة مجازا وأستعير لوصول الشجرة حد الإثمار ، « وأبقى » أي أبقى ثمرا أو أصل الشجرة « على فقراء المسلمين » إما متعلق بالصدقة ، أو بالمقبوضة أهل الصدقة بدل من الفقراء ، أو صفة لها أي ممن يستحق أخذ الزكاة.

وأقول : المشهور أن سورة الليل مكية ، وهذا الخبر يدل على أنها مدنية ، ويؤيده ما رواه الطبرسي (ره) بإسناده عن ابن عباس ، أن رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال ، وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة ، فيأخذها صبيان الفقير ، فينزل الرجل من النخلة حتى يأخذ التمر من أيديهم ، فإن وجدها في فم أحدهم أدخل إصبعه حتى يخرج التمر من فيه ، فشكى ذلك الرجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اذهب ، ولقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صاحب النخلة ، فقال : تعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ، ولك بها نخلة في الجنة فقال له الرجل : إن لي نخلا كثيرا ، وما فيه نخلة أعجب إلى ثمرة منها ، قال

١٦٢

إيناعا وأطيب ثمرا وأبقى قال بلى فدلني يا رسول الله فقال إذا أصبحت وأمسيت فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإن لك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة وهن من الباقيات الصالحات قال فقال الرجل فإني أشهدك يا رسول الله أن حائطي هذا صدقة مقبوضة على

______________________________________________________

ثم ذهب الرجل فقال رجل كان يسمع الكلام من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يا رسول الله أتعطيني بما أعطيت الرجل نخلة في الجنة أن أنا أخذتها ، قال نعم ، فذهب الرجل ولقي صاحب النخلة فساومها منه ، فقال له أشعرت إن محمدا أعطاني بها نخلة في الجنة فقلت له : يعجبني ثمرها ، وأن لي نخلا كثيرا فما فيه نخلة أعجب إلى ثمرة منها ، فقال له الآخر : أتريد بيعها فقال : لا ، إلا أن أعطي بها ما لا أظنه أعطي ، قال : فما مناك ، قال : أربعون نخلة ، فقال الرجل : جئت بعظيم ، تطلب نخلتك المائلة ، أربعين نخلة ، ثم سكت عنه ، فقال له : أنا أعطيك أربعين نخلة ، فقال له ، أشد إن كنت صادقا ، فمر إلى ناس فدعاهم فأشهد له بأربعين نخلة ، ثم ذهب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إن النخلة قد صارت في ملكي ، فهي لك فذهب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى صاحب الدار ، فقال له : النخلة لك ولعيالك ، فأنزل الله تعالى « وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى » السورة.

وعن عطاء قال : اسم الرجل ، أبو الدحداح ، ثم قال : والأولى أن تكون الآيات محمولة على عمومها في كل من يعطي حق الله في ماله ، وكل من يمنع حقه سبحانه.

وروى العياشي ذلك بإسناده ، عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال « فَأَمَّا مَنْ أَعْطى » مما أتاه الله ، « وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » أي بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى أكثر من ذلك ، وفي رواية أخرى إلى مائة ألف فما زاد « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » قال لا يريد شيئا من الخير إلا سير الله له « وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ » بما أتاه الله « وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى » بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى أكثر من ذلك ،

١٦٣

فقراء المسلمين أهل الصدقة فأنزل الله عز وجل آيات من القرآن : « فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ».

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خير العبادة قول لا إله إلا الله.

______________________________________________________

وفي رواية أخرى إلى مائة ألف فما زاد « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى » قال لا يريد شيئا من الشر إلا يسر له قال : ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام « وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى » أما والله ما تردى من جبل ، ولا تردى من حائط ، ولا تردى في بئر ، ولكن تردى في نار جهنم.

فعلى هذا يكون قوله « وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » معناه بالعدة الحسنى وقيل بالجنة التي هي ثواب المحسنين.

وقوله « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » معناه فستهون عليه الطاعة مرة بعد مرة ، وقيل معناه سنهيؤه ، ونوفقه للطريقة اليسرى ، أي سنسهل عليه فعل الطاعة حتى يقوم إليه بجد ، وطيب نفس ، وقيل معناه ينسره للخصلة اليسرى أو للحالة اليسرى وهي دخول الجنة ، واستقبال الملائكة إياه بالتحية ، والبشرى.

« وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ » أي منن بماله الذي لا يبقى له ، وبخل بحق الله فيه ، « وَاسْتَغْنى » أي التمس الغناء بذلك المنع لنفسه ، وقيل : معناه أنه عمل عمل من هو مستغن عن الله ، وعن رحمته « وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى » أي بالجنة ، والثواب ، والوعد بالخلف « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى » هو على مزاوجة الكلام ، والمراد به التمكين ، أي تخلى بينه وبين الأعمال الموجبة للعذاب ، والعقوبة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

١٦٤

(باب)

(الدعاء للإخوان بظهر الغيب)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال أوشك دعوة وأسرع إجابة دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب.

______________________________________________________

باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« وأوشك » مبتدأ مضاف إلى الدعوة ، وأسرع معطوف عليه ، والمضاف محذوف أي وأسرعها ، وإجابة غير كما قيل : ويحتمل أن يقرأ كلاهما بالإضافة فيقدر قوله وإجابته في أخر الكلام بقرينة أول الكلام ، أي هذا الدعاء أقرب الدعوات من الله ، وإجابته أسرع الإجابات ، ويمكن أن يقرأ كلاهما بالتمييز فيكون دعاء المرء مبتدأ ، وأوشك خبره ، والمراد بالدعوة الحصول أو السماع مجازا ، وعلى التقادير السابقة إما أسرع تأكيد لأوشك ، أو المراد بأوشك مزيد التوفيق للدعاء ، أو المراد أنه إذا دعي للأخ لا يحتاج إلى المبالغة والتطويل لحصول الإجابة بل يكفيه أيسر دعاء بظهر الغيب ، أي في حاله مستظهرا بذلك متقويا به.

قال في النهاية : فيه « خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى » أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى ، والظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعا للكلام ، وتمكينا كان صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال ، تقول : قرأت القرآن على ظهر قلبي ، أي قراءة من حفظي.

وقال في المصباح : قيل : ظهر الغيب ، وظهر القلب ، والمراد نفس الغيب ونفس القلب ، لكنه أضيف للإيضاح ، والبيان ، وقال النووي دعا بظهر الغيب ، أي

١٦٥

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه.

٣ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : « وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » قال هو المؤمن يدعو لأخيه

______________________________________________________

بغيبة المدعو ، وفي سر ، وقال الطبيبي إنما كان أسرع إجابة ، لأنه أقرب إلى الإخلاص ، ويعينه الله في دعائه ، لأن الله تعالى في عون العبد ما دام في عون أخيه ، وأقول : الباء بمعنى في.

الحديث الثاني : صحيح ، وفي القاموس أدرت الريح السحاب حلبته.

الحديث الثالث : ضعيف.

« وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا » قال البيضاوي : أي يستجيب الله لهم فحذف اللام كما حذف في وإذا كالوهم ، والمراد إجابة الدعاء أو الإثابة على الطاعة ، فإنها كدعاء وطلب لما يترتب عليه ، أو يستجيبون الله بالطاعة إذا دعاهم إليها ، « وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » على ما سألوا ، أو استحقوا واستوجبوا له بالاستجابة.

وقال الطبرسي (ره) : أي يجيبهم إلى ما يسألونه ، وقيل : معناه يجيبهم في دعاء بعضهم لبعض ، عن معاذ بن جبل ، وقيل : معناه يقبل طاعاتهم وعباداتهم ، ويزيدهم من فضله على ما يستحقونه من الثواب ، وقيل : معناه ويستجيب الذين الذين آمنوا ، بأن يشفعهم في إخوانهم ، ويزيدهم من فضله ، ويشفعهم في إخوان إخوانهم عن ابن عباس.

وروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في قوله « وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » الشفاعة لمن وجب له النار ممن أحسن إليهم في الدنيا « هو المؤمن » الضمير راجع إلى الموصول ، واللام في المؤمن للعهد الذهني ، ولذا وصف بالحكمة وهو

١٦٦

بظهر الغيب فيقول له الملك آمين ويقول الله العزيز الجبار ولك مثلا ما سألت وقد أعطيت ما سألت بحبك إياه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عبد الله الواسطي ، عن درست بن أبي منصور ، عن أبي خالد القماط قال قال أبو جعفر عليه‌السلام

______________________________________________________

يدعو لأنه في قوة النكرة ، وقوله « يقول » كلام الإمام عليه‌السلام وقيل هو كلام الملك للخبر الآتي ، ولا حاجة إلى هذا التكلف فإنه يمكن الجمع بين قول الله وقول الملك ، وعدم الذكر لا يدل على العدم ، ويحتمل أن يكون ما في الخبر الآتي كلام ملك أخر.

قوله « وقد أعطيت ما سألت » أي لأخيك فيكون امتنانا عليه باستجابة دعائه في حق أخيه ، أو المعنى أعطيناك ما سألت لأخيك مضاعفا لحبك إياه ، وقيل : الأخ شامل للواحد والجماعة من المؤمنين أحياء كانوا أم أمواتا ، والظاهر من الملك هو الموكل به لكتب أعماله وحفظه عن الشياطين ، كما دل عليه الخبر الآتي ، وقيل : المراد به ملائكة السماء ، وقيل : إذا قال الملك الموكل به ذلك قاله من فوقه حتى ينتهي إلى ملائكة السماء ، وقيل : المراد به الملائكة المستغفرون لمن في الأرض كما جعل الله سبحانه ملائكة يصلون على من يصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وملائكة يدعون لمن ينتظر الصلاة ، كذلك جعل ملائكة يؤمنون على دعاء المؤمنين وما منهم إلا وله مقام معلوم.

واختلفوا في أن آمين هل هو دعاء أم لا ، فقيل : بالثاني لأنه اسم للدعاء وهو اللهم استجب والاسم مغاير لمسماه ، وقيل : بالأول لأنها اسم فعل ، وأسماء الأفعال أسماء لمعاني الأفعال لا لألفاظها ، كما حققه الشيخ الرضي ، ومن أدلته أن العرب تقول صه مثلا ، وتريد معنى اسكت ، ولا يخطر ببالهم لفظة اسكت بل قد لا تكون مسموعة للقائل أصلا.

الحديث الرابع : ضعيف.

١٦٧

أسرع الدعاء نجحا للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب يبدأ بالدعاء لأخيه فيقول له ملك موكل به آمين ولك مثلاه.

٥ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن سليمان ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد التميمي ، عن حسين بن علوان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات إلا رد الله عز وجل عليه مثل الذي دعا لهم به

______________________________________________________

« وأسرع » أفعل تفضيل وهو مبتدأ و « نجحا » تميز ، و « للإجابة » صفة لقوله نجحا ، أو متعلق به ، وما قيل ـ إن أسرع فعل ماض والدعاء منصوب ، ودعاء الأخ مرفوع بالفاعلية ـ بعيد و « النجح » بالضم الظفر بالشيء ، وقوله « ولك مثلاه » إما خبر أو دعاء.

ولا ينافي ذلك ما سيأتي أنه نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف ، لأن الضعف بمقتضى دعائه ، والزائد تفضل منه تعالى لمن يشاء ، كما قيل : أو لأن الضعف أقل المراتب ، ومائة ألف ضعف أكثرها ، وبينهما مراتب متفاوتة بحسب تفاوت الداعي والمدعو له ، وقيل : يحتمل أن تكون علة الضعف أن الدعاء للغير يتضمن عملين صالحين ، أحدهما : الدعاء والضراعة إلى الله تعالى ، والثاني : دعاؤه لأخيه ومحبته له ، وطلب الخير له ، ولذلك كان هذا الدعاء مستجابا يؤجر عليه مرتين.

ثم بعض السلف كان إذا أراد أن يدعو لنفسه بشيء دعا لأخيه المؤمن بتلك الدعوة ، طمعا لحصول المطلوب مع زيادة لما رأى أنها مستجابة ، ويدل عليه فعل عبد الله بن جندب كما سيجيء ، وكان بعضهم يقول : هذا خلاف الأولى ، والأولى أن يدعو لنفسه ولغيره ، ثم الدعاء على الغير ليس مثل الدعاء له في تأمين الملك وطلب المثلين عليه.

الحديث الخامس : مجهول.

« إلا رد الله » أي يتضاعف ما سأل لهم ، بعدد جميع المؤمنين الذين كانوا في الدنيا ، ويكونون بعد ذلك ، فيعطى جميع ذلك و « سحبه » كمنعه جره على وجه

١٦٨

من كل مؤمن ومؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة إن العبد ليؤمر به إلى النار ـ يوم القيامة فيسحب فيقول المؤمنون والمؤمنات يا رب هذا الذي كان يدعو لنا فشفعنا فيه فيشفعهم الله عز وجل فيه فينجو.

٦ ـ علي ، عن أبيه قال رأيت عبد الله بن جندب في الموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه ما زال مادا يديه إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض فلما صدر الناس قلت له يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال والله ما دعوت إلا لإخواني وذلك أن أبا الحسن موسى عليه‌السلام ـ أخبرني أن من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن ثوير قال سمعت علي بن الحسين عليه‌السلام يقول إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير قالوا نعم الأخ أنت لأخيك تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير قد أعطاك الله عز وجل مثلي ما سألت له وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ولك

______________________________________________________

الأرض ومنه سحب ذيله فانسحب ، و « التشفيع » قبول الشفاعة.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

و « الموقف » في الأول اسم مكان ، والمراد به عرفات ، وفي البقية مصدر ميمي وعبد الله بن جندب بضم الجيم ، وسكون النون ، وضم الدال وفتحها ، من ثقات أصحاب الصادق ، والكاظم ، والرضا عليهم‌السلام ، ولجلالته وعلو شأنه قال عليه‌السلام مناسبا لحاله ، إن دعاءه يضاعف مائة ألف ضعف ، كما عرفت في وجه الجمع ، وفي المصباح صدرت عن الموضع صدرا ، من باب قتل رجعت.

الحديث السابع : مجهول ويمكن أن يعد حسنا.

« مثل ما سألت » وفي بعض النسخ مثلي بالتثنية في الموضعين ، ولعل قوله

١٦٩

الفضل عليه وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه قالوا له بئس الأخ أنت لأخيك كف أيها المستر على ذنوبه وعورته واربع على نفسك واحمد الله الذي ستر عليك واعلم أن الله عز وجل أعلم بعبده منك.

______________________________________________________

« ولك الفضل عليه » يؤيد الأفراد أي وإن كنت في العطاء ، والثناء مثله ، لكن لك الفضل عليه ، حيث أحسنت إليه ، وصرت سببا لحصول ما سألت له ، وعلى نسخة التثنية أيضا لعله هو المراد ، وعلى النسختين ، يحتمل أن يكون إشارة إلى تضاعف العطاء ، والثناء فلا تنافي نسخة الإفراد ، سائر الأخبار الدالة على تضاعف ما سأل ، وأما في الثناء فالفضل ظاهر فإنه لا نسبة بين ثناء الله في الملإ الأعلى ، وثناء العبد في الأرض و « المستر » على بناء المجهول من التفعيل ، أو الأفعال ، وما قيل إنه على بناء الفاعل فهو بعيد ، و « العورة » العيب ، وما يستحيي منه ، وقال الجوهري ربع الرجل يربع ، إذا وقف وتحبس ، ومنه قولهم أربع على نفسك وأربع على طلعك أي أرفق بنفسك وكف انتهى ، والمعنى اقتصر على النظر في حال نفسك ، ولا تلتفت إلى غيرك.

واعلم أن الله أعلم بعبده منك فإن علم صلاحه وصلاح سائر عباده في دفعه يدفعه ، وفي ابتلائه يبتليه ، وفي عافيته يعافيه ، ولا يحتاج في شيء من ذلك إلى تعليمك وقيل : المعنى إن كان الباعث على الدعاء ، أو ذكره بسوء طلب الاستجابة ، فبئس ما قصدت في حق أخيك ، ولا يستجاب لك ، وإن كان الباعث إظهار براءتك من العيب فكفاك هذا العيب ، وهو الدعاء على أخيك وذكرك إياه بالسوء وإن كان الغرض عرض حاله على الله فهو أعلم به منك.

١٧٠

(باب)

(من تستجاب دعوته)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عيسى بن عبد الله القمي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ثلاثة دعوتهم مستجابة الحاج فانظروا كيف تخلفونه والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه والمريض فلا تغيظوه ولا تضجروه.

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان أبي عليه‌السلام يقول : خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى دعوة الإمام المقسط ودعوة المظلوم يقول الله

______________________________________________________

باب من تستجاب دعوته

الحديث الأول : حسن.

« ثلاثة » مبتدأ مثل كوكب أنقض الساعة ، وفي المصباح خلفت فلانا على أهله ، وماله خلافة صرت خليفته ، واستخلفته جعلته خليفة ، وتخلفونه بضم اللام أي أحسنوا خلافتهم في أهلهم ، ومالهم ، ودارهم ، وعقارهم ، ليدعوا لكم فإن دعاءهم مستجاب ، وفي القاموس الغيظ الغضب ، أو أشده ، أو سورته ، وأو له غاظه يغيظه فاغتاظ ، وغيظه فتغيظ ، وأغاظه وغايظه ، وقال ضجر منه وبه كفرح ، وتضجر تبرم فهو ضجر ، وأضجرته فأنا مضجر ، وكلاهما من باب الأفعال أنسب أي لا تغيظوهم ليدعوا عليكم ، فنظر منه أن استجابة دعائهم أعم من أن يكون للإنسان أو عليه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

و « الحجب » كناية عن عدم الاستجابة ، و « المقسط » العادل ، والمراد إمام الصلاة ، ويحتمل إمام الكل « ولو بعد حين » أي مدة طويلة فإن الله يمهل الظالم

١٧١

عز وجل لأنتقمن لك ولو بعد حين ودعوة الولد الصالح لوالديه ودعوة الوالد الصالح لولده ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب فيقول ولك مثله

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إياكم ودعوة المظلوم فإنها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله عز وجل إليها فيقول ارفعوها حتى أستجيب له وإياكم ودعوة الوالد فإنها أحد من السيف

______________________________________________________

ولا يهمله فيقول أي الرب تعالى.

الحديث الثالث : كالسابق.

« فإنها ترفع فوق السحاب » كان السحاب كناية عن موانع إجابة الدعاء ، أو الحجب المعنوية الحائلة بينه وبين ربه ، أو هي كناية عن الحجب فوق العرش ، أو تحته على اختلاف الأخبار ، ويمكن حمله على السحاب المعروف ، على الاستعارة التمثيلية ، لبيان كمال الاستجابة ، والمراد بالنظر ، نظر الرحمة والعناية وإرادة القبول.

وأقول : روي في المشكاة ، نقلا عن الترمذي ، بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا ترد دعوتهم ، الصائم حين يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ، ويفتح لها أبواب السماء ، ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين.

وقال القتيبي : الغمام شيء يشبه السحاب الأبيض فوق السماء السابعة إذا سقط انشقت السماوات والأرض ولم تبقيا على حالهما قال الله تعالى « يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ » (١) أي عنه.

وقال البيضاوي : رفعها فوق الغمام ، وفتح أبواب السماء لها ، مجاز عن إثارة الآثار العلوية ، وجمع الأسباب السماوية على انتصاره بالانتقام من الظالم ،

__________________

(١) الفرقان : ٢٥.

١٧٢

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان أبي يقول اتقوا الظلم فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن طلحة النهدي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة لا ترد لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء وتصير إلى العرش الوالد لولده والمظلوم على من ظلمه والمعتمر حتى يرجع والصائم حتى يفطر.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب

______________________________________________________

وإنزال البأس عليه.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح ، ويدل على أن الدعاء لأربعين من المؤمنين موجب لإجابة الدعاء لنفسه ، ومن قرأ بتخفيف الدال أي أتاهم وشرك معهم في الدعاء فقد أبعد.

الحديث السادس : مجهول.

و « الفتح » كناية عن القبول ، أو محمول على الحقيقة ، وكذا الصيرورة إلى العرش يحتملهما ، وفي بعض النسخ « أو تصير » فالترديد من الراوي أو هي بمعنى إلى أن ، أو الترديد باعتبار اختلاف مراتب الإجابة والقبول.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

وقيل « لغائب » متعلق بقوله « أسرع إجابة ».

١٧٣

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا موسى عليه‌السلام وأمن هارون عليه‌السلام وأمنت الملائكة عليهم‌السلام فقال الله تبارك وتعالى : « قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما » ومن غزا في سبيل الله استجيب له كما استجيب لكما يوم القيامة.

(باب)

(من لا تستجاب دعوته)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حسين بن مختار ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال صحبته بين مكة والمدينة فجاء سائل فأمر أن يعطى ثم جاء آخر فأمر أن يعطى ثم جاء آخر فأمر أن يعطى ثم جاء الرابع فقال أبو عبد الله عليه‌السلام يشبعك الله ثم التفت إلينا فقال أما إن عندنا ما نعطيه ولكن

______________________________________________________

الحديث الثامن : كالسابق.

« قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما » يظهر من الخبر أن الداعي وإن كان موسى عليه‌السلام حيث قال قبل ذلك « وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ » (١) الآية أشرك هارون في الإجابة ، لأنه كان يؤمن على دعائه فيدل على أن الداعي والمؤمن شريكان في الدعاء ، والأجر « فَاسْتَقِيما » أي فأثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة وإلزام الحجة ، ولا تستعجلا فإن ما طلبتما كائن ، ولكن في وقته « ومن غزا » عطف على قوله قد أجيبت.

باب من لا تستجاب دعوته

الحديث الأول : حسن موثق.

« يشبعك الله » على بناء الأفعال جملة دعائية « في غير حقه » أي ما يجب أو يستحب صرفه ، فإن الإسراف في الخيرات أيضا غير محمود ، والظاهر أن السائلين

__________________

(١) يونس : ٨٨.

١٧٤

أخشى أن نكون كأحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم دعوة رجل أعطاه الله مالا فأنفقه في غير حقه ثم قال اللهم ارزقني فلا يستجاب له ورجل يدعو على امرأته أن يريحه منها وقد جعل الله عز وجل أمرها إليه ورجل يدعو على جاره وقد جعل الله عز وجل له السبيل إلى أن يتحول عن جواره ويبيع داره.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أربعة لا تستجاب لهم دعوة رجل جالس في بيته يقول اللهم ارزقني فيقال له ألم آمرك بالطلب ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقال له ألم أجعل أمرها إليك ورجل كان له مال فأفسده فيقول اللهم ارزقني فيقال له ألم آمرك بالاقتصاد ألم آمرك بالإصلاح ثم قال ( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ) (١) ورجل كان له مال فأدانه

______________________________________________________

كانوا من المخالفين ، والمستضعفين ، فلذا اكتفى عليه‌السلام بالثلاثة ومنع الرابعة ، وإلا فهم كانوا يؤثرون شيعتهم على أنفسهم ، أو كان هذا التعليم الحكم ، وبيان عدم لزوم أكثر من ذلك توسعة على المؤمنين « أن يريحه منها » أي بالموت أو الأعم.

الحديث الثاني : مجهول سندية.

« الرجل جالس » اللام للعهد الذهني ، فهو في حكم النكرة ، وجالس صفته ، و « الاقتصاد » التوسط بين الإسراف والتقتير ، والإسراف صرف المال زائدا على القدر الجائز شرعا ، وعقلا ، والقتر والقتور التضييق ، يقال قتر على عياله قترا وقتورا من باب قعد ، وضرب ضيق في النفقة ، وأقتر إقتارا وقتر تقتيرا مثله ، وقيل : الإسراف هو الإنفاق في المحارم ، والتقتير منع الواجب ، والقوام بالفتح العدل ، والاعتدال ، والوسط ، وقرئ بالكسر وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل منها ولا ينقص ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو بفتح الباء وكسر التاء ، ونافع ، وابن

__________________

(١) الفرقان : ٦٧.

١٧٥

بغير بينة فيقال له ألم آمرك بالشهادة.

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عمران بن أبي عاصم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

٣ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن الوليد بن صبيح قال سمعته يقول ثلاثة ترد عليهم دعوتهم رجل رزقه الله مالا فأنفقه في غير وجهه ثم قال يا رب ارزقني فيقال له ألم أرزقك ورجل دعا على امرأته وهو لها ظالم فيقال له ألم أجعل أمرها بيدك ورجل جلس في بيته وقال يا رب ارزقني فيقال له ألم أجعل لك السبيل إلى طلب الرزق.

(باب)

(الدعاء على العدو)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار قال شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام جارا لي وما ألقى منه قال فقال لي ادع عليه قال ففعلت فلم أر شيئا فعدت إليه فشكوت إليه ـ فقال لي ادع عليه قال فقلت جعلت فداك قد فعلت فلم أر شيئا فقال كيف دعوت عليه فقلت إذا لقيته دعوت

______________________________________________________

عامر ولم يقتروا من أقتر « ألم أمرك بالشهادة » أي الإشهاد على الدين كما في آية. المداينة وغيرها.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور ، والضمير راجع إلى الصادق عليه‌السلام « وهو لها ظالم » بسبب الدعاء عليها ، لأن دعاءه عليها مع قدرته على التخلص بوجه آخر ظلم.

باب الدعاء على العدو

الحديث الأول : ضعيف.

« وما ألقي منه » أي من الأذى ، قيل ولعله كان عدوا دينيا له ، وإنما كان

١٧٦

عليه قال فقال ادع عليه إذا أدبر وإذا استدبر ففعلت فلم ألبث حتى أراح الله منه.

٢ ـ وروي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال إذا دعا أحدكم على أحد قال اللهم اطرقه ببلية لا أخت لها وأبح حريمه.

______________________________________________________

يؤذيه من هذه الجهة ، وإلا لما استحق ذلك منه ، قوله عليه‌السلام « إذا أدبر وإذا استدبر » لعل المراد بالإدبار أول ما ولى ، وبالاستدبار الذهاب وللبعد في الأدبار ، ويحتمل أن يكون المراد بالثاني ، إرادة الأدبار فيكون بعكس الأول ، وقيل المراد بالاستدبار الغيبة ، وهو بعيد.

قال في القاموس : دبر ولى ، كأدبر واستدبر ، ضد استقبل ، وفي بعض النسخ إذا أقبل واستدبر وهو أظهر ، وفي بعض النسخ إذا مكرر وقيل : حتى أراح بتقدير حتى أن أراح ، وحتى متعلق بالمنفي لا بالنفي والحاصل تحقق الإراحة من غير مرور زمان.

الحديث الثاني : مرسل ، وربما يقرأ روى بصيغة المعلوم فالضمير المستتر لاستحق ، والخبر مثل الأول ضعيف ، وهو بعيد ، وفي بعض النسخ اللهم اطرقه بليلة ، وفي بعضها ببلية ، و « الطرق » يكون بمعنى الدق ، والضرب ، والطروق أن يأتي ليلا ، والطوارق النوائب التي تنزل بالليل ، وتطلق على مطلق النوائب ، والفعل في الجميع كنصر ، فعلى النسخة الثانية ، المعنى الأول أنسب ، وعلى النسخة الأولى ، المعاني الآخر أظهر ، قال في النهاية : فيه نهي المسافر أن يأتي أهله طروقا ، أي ليلا ، وكل آت بالليل طارق ، وقيل : أصل الطروق من الطرق ، وهو الدق ، وسمي الآتي بالليل طارقا ، لاحتياجه إلى دق الباب ، ومنه الحديث أعوذ بك من طوارق الليل إلا طارقا يطرق بخير ، وفيه فرأى عجوزا تطرق شعرا هو ضرب الصفوف والشعر بالقضيب لينتقش هو انتهى.

١٧٧

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن يونس بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن لي جارا من قريش من آل محرز قد نوه باسمي وشهرني كلما مررت به قال هذا الرافضي يحمل الأموال إلى جعفر بن محمد قال فقال لي فادع الله عليه إذا كنت في صلاة الليل وأنت ساجد في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين فاحمد الله عز وجل ومجده وقل اللهم إن فلان بن فلان قد شهرني ونوه بي وغاظني وعرضني للمكاره اللهم اضربه بسهم عاجل تشغله به عني اللهم وقرب أجله واقطع أثره وعجل ذلك يا رب

______________________________________________________

والحاصل على الأولى. أنزل عليه أو لا يبقى بعدها إلى ليلة أخرى ـ فالطروق مجاز كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « اللهم اشدد وطأتك على مضر » ويمكن أن يقرأ حينئذ على بناء الأفعال ، وعلى الثانية المعنى دقة وأضربه ببلية لا شبيه لها في الشدة ، والصعوبة « وأبح حريمه » الحريم ما يختص بالرجل ، ولا يحل لغيره التصرف فيه إلا بإذنه كحريم الدار ، والبئر والحرمة ما لا يحل انتهاكه وقد تحرم بصحبة وحرمة الرجل حرمه وأهله وهو كناية عن استيلاء الأعادي عليه وهتك عرضه وكشف معائبه وإذلاله وإنما يدعى بذلك لمن يستحق ذلك من الكفار والمخالفين.

الحديث الثالث : مجهول ، ومحرز بضم الميم وكسر الراء اسم رجلين من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدهما : ابن زهير ، والآخر ابن نضلة.

وفي القاموس « نوهه » وبه دعاه ورفعه ، وفي المصباح ناه بالشيء نوها ، من باب قال ونوه به تنويها رفع ذكره وعظمه ، وفي حديث عمر « أنا أول من نوه بالعرب » أي رفع ذكرهم بالديوان ، والإعطاء ، وقال شهرت زيدا بكذا وشهرته بالتشديد مبالغة ، وفي النهاية : الشهرة طهور الشيء في شنعة حتى يشهره الناس ، وقال الجوهري : الغيظ غضب كامن للعاجز يقال : غاظه فهو مغيظ « والسهم » أستعير للبلية التي توجب هلاكه ، و « الأثر » بالتحريك ما بقي من رسم الشيء ، وقد يطلق على ما بقي في الأرض من أثر القدم فيحتمل أن يكون المراد قطع جميع آثاره من

١٧٨

الساعة الساعة قال فلما قدمنا الكوفة قدمنا ليلا فسألت أهلنا عنه قلت ما فعل فلان فقالوا هو مريض فما انقضى آخر كلامي حتى سمعت الصياح من منزله وقالوا قد مات.

٤ ـ أحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن علي بن أسباط ، عن يعقوب بن سالم قال كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له العلاء بن كامل إن فلانا يفعل بي ويفعل فإن رأيت أن تدعو الله عز وجل فقال هذا ضعف بك قل اللهم

______________________________________________________

أولاده وأمواله ودياره ، بل ذكره بين الناس كما هو الشائع بين العجم ، أو يكون كناية عن موته ، فإن مات لا يبقى له أثر قدم في الأرض ، قال في النهاية : في الحديث من سره أن يبسط الله في رزقه ، وينسئ في أثره ، فليصل رحمه ، الأثر الأجل وسمي به لأنه يتبع العمر وأصله من أثر مشيه في الأرض ، فإن من مات لا يبقى له أثر فلا يرى لإقدامه في الأرض أثر ، ومنه قوله للذي مر بين يديه وهو يصلي « قطع صلاتنا قطع الله أثره » دعاء عليه بالزمانة لأنه إذا زمن انقطع مشيه فانقطع أثره.

الحديث الرابع : موثق.

« يفعل بي ويفعل » أي يبالغ في الإضرار بي ويكرره ، ولا يكف شره عني « فإن رأيت » الجزاء محذوف ، أي إن رأيت المصلحة في الدعاء لي فعلت.

« هذا ضعف بك » هذا الكلام يحتمل وجوها.

الأول : أن يكون هذا إشارة إلى إضرار العدو ، والمراد بالضعف قلة الورع والتقوى ، وضعف الدعاء ، والتوسل بالله ، والتوكل عليه والحمل على المجاز من حمل السبب على المسبب.

الثاني : أن يكون إشارة إلى ذلك أيضا ويكون المراد الضعف في التقية ، وحسن المعاشرة والسعي في إرضاء الخصم.

الثالث : أن يكون هذا إشارة إلى إتيانه ، وطلب الدعاء منه عليه‌السلام أي هذا من ضعف يقينك ، حيث لا تتضرع إلى الله ، وتتوسل إليه ، وتأتيني وتسألني

١٧٩

إنك تكفي من كل شيء ولا يكفي منك شيء فاكفني أمر فلان بم شئت وكيف شئت ومن حيث شئت وأنى شئت.

______________________________________________________

الدعاء.

الرابع : أن يكون هذا إشارة إلى ما يفهم من الكلام ضمنا أنه دعا ولم ير الإجابة فتوسل به عليه‌السلام فالمعنى أن عدم الاستجابة ، لضعف علمك بآداب الدعاء ، وشرائطه ثم علمه الدعاء لذلك « إنك تكفي من كل شيء ، ولا يكفي منك شيء » أي يمكن الاستغناء بك من كل شيء ، ولا يستغني بغيرك منك ، أو يمكن كفاية ضرر كل شيء بك ، ولا يمكن كفاية ضررك وعقابك بشيء.

قال في المصباح المنير : كفى الشيء يكفي كفاية فهو كاف إذا حصل به الاستغناء عن غيره ، واكتفيت بالشيء استغنيت به ، أو قنعت به ( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) (١) أغناهم من القتال.

وفي النهاية : من قرأ الآيتين من أخر البقرة في ليلة ، كفتاه أي اغتناه عن قيام الليل ، وقيل : أراد أنهما أقل ما يجزي من القراءة في قيام الليل ، وقيل : تكفيان الشر وتقيان المكروه ، ومنه الحديث سيفتح الله عليكم ، ويكفيكم الله أي يكفيكم القتال بما فتح عليكم ، والكفاة الخدم الذين يقومون بالخدمة ، جمع كاف ، ومنه حديث أبي مريم فأذن لي إلى أهلي بغير كفى ، أي بغير من يقوم مقامي يقال : كفاه الأمر إذا قام مقامه فيه ، ومنه الحديث « وأكفي من لم يشهد الحرب وأحارب عنه ».

وقال الراغب : الكفاية ، ما فيه سد الخلة ، وبلوغ المراد في الأمر ، قال عز وجل « وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ » وقال « إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ » ويقال كافيك من رجل ، كقولك حسبك من رجل ، و « بم » إشارة إلى سبب الأخذ ، والكفاية ، و « كيف » إلى كيفيتهما ، و « حيث » إلى مكانهما و « أنى » إلى زمانهما ، فهي

__________________

(١) الأحزاب : ٢٥.

١٨٠