مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٥

الرضا عليه‌السلام قال من فرج عن مؤمن فرج الله عن قلبه يوم القيامة.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن ذريح المحاربي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول أيما مؤمن نفس عن مؤمن كربة وهو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة قال ومن ستر على مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة قال والله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير.

(باب إطعام المؤمن)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أشبع مؤمنا وجبت له الجنة ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملأ جوفه من الزقوم مؤمنا كان أو كافرا.

______________________________________________________

« فرج الله » في بعض النسخ بالجيم وفي بعضها بالحاء المهملة.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : وهو معسر ، الضمير إما راجع إلى المؤمن الأول أو المؤمن الثاني ، والعسر الضيق والشدة والصعوبة وهو أعم من الفقر ، والعورة كل ما يستحيي منه إذا ظهر ، وهي أعم من المحرمات والمكروهات ، وما يشينه عرفا وعادة ، والعيوب البدنية والستر في المحرمات لا ينافي نهيه عنها ، لكن إذا توقف النهي عن المنكر على إفشائها وذمه عليها فالمشهور جوازه بل وجوبه ، فيمكن تخصيصه بغير ذلك.

باب إطعام المؤمن

الحديث الأول : مجهول مرسل.

« من أشبع » إلخ ، لا فرق في ذلك بين البادي والحاضر لعموم الأخبار خلافا

١٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

لبعض العامة حيث خصوه بالأول لأن في الحضر مرتفقا وسوقا ولا يخفى ضعفه « مؤمنا كان » أي المطعم ، والزقوم شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، منبتها قعر جهنم وأغصانها انتشرت في دركاتها ، ولها ثمرة في غاية القبح والمرارة والبشاعة ، ويدل ظاهرا على عدم جواز إطعام الكافر مطلقا حربيا كان أو ذميا ، قريبا كان أو بعيدا ، غنيا كان أو فقيرا ولو كان مشرفا على الموت ، والمسألة لا تخلو عن إشكال ، وللأصحاب فيه أقوال.

واعلم أن المشهور أنه لا يجوز وقف المسلم على الحربي وإن كان رحما لقوله تعالى : « لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ » (١) الآية ، وربما قيل : بجوازه لعموم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لكل كبد حرى أجر ، وأما الوقف على الذمي ففيه أقوال : « أحدها » المنع مطلقا ، وهو قول سلار وابن البراج ، والثاني : الجواز مطلقا وهو مختار المحقق (ره) وجماعة ، والثالث : الجواز إذا كان الموقوف عليه قريبا دون غيره ، وهو مختار الشيخين وجماعة ، والرابع : الجواز للأبوين خاصة اختاره ابن إدريس.

ثم الأشهر بين الأصحاب جواز الصدقة ، على الذمي وإن كان أجنبيا للخبر المتقدم ، ولقوله تعالى : « لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ » (٢) الآية.

ويظهر من بعض الأصحاب أن الخلاف في الصدقة على الذمي كالخلاف في الوقف عليه ، ونقل في الدروس عن ابن أبي عقيل المنع من الصدقة على غير المؤمن مطلقا ، وروي عن سدير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟ قال : نعم أعط من لا تعرفه بولاية ولا عداوة للحق ، إن الله عز وجل يقول : « وَقُولُوا

__________________

(١) سورة المجادلة : ٢٢.

(٢) سورة الممتحنة : ٨.

١٢٢

٢ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لأن أطعم رجلا من المسلمين أحب إلي من أن أطعم أفقا من الناس قلت وما الأفق قال مائة ألف أو يزيدون.

٣ ـ عنه ، عن أحمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام

______________________________________________________

لِلنَّاسِ حُسْناً » (١) ولا يطعم من نصب بشيء من الحق أو دعا إلى شيء من الباطل ، وروي جواز الصدقة على اليهود والنصارى والمجوس ، وسيأتي جواز سقي النصراني ، وحمل الشهيد الثاني (ره) أخبار المنع على الكراهة ، وهذا الخبر يأبى عن هذا الحمل ، نعم يمكن حمله على ما إذا كان بقصد الموادة ، أو كان ذلك لكفرهم أو إذا صار ذلك سببا لقوتهم على محاربة المسلمين وإضرارهم ، ويمكن حمل أخبار الجواز على المستضعفين أو التقية.

الحديث الثاني : مرسل.

ولم يرد الأفق بهذا المعنى في اللغة بل هو بالضم وبضمتين الناحية ، ويمكن أن يكون المراد أهل ناحية والتفسير بمائة ألف أو يزيدون معناه أن أقله مائة ألف ، أو يطلق على عدد كثير يقال فيهم هم مائة ألف أو يزيدون كما هو أحد الوجوه في قوله تعالى : « وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ » (٢) ، وكان المراد بالمسلمين هنا الكمل من المؤمنين أو الذين ظهر له إيمانهم بالمعاشرة التامة ، وبالناس سائر المؤمنين أو بالمسلمين المؤمنون وبالناس المستضعفون من المخالفين ، فإن في إطعامهم أيضا فضلا كما يظهر من بعض الأخبار ، أو الأعم منهم ومن المستضعفين من المؤمنين.

الحديث الثالث : صحيح.

والجنان بالكسر جمع الجنة وقوله : في ملكوت السماوات إما صفة للجنان

__________________

(١) سورة البقرة : ٨٣.

(٢) سورة الصافّات : ١٤٧.

١٢٣

قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه الله من ثلاث جنان ـ في ملكوت السماوات الفردوس وجنة عدن وطوبى [ و ] شجرة تخرج من جنة عدن

______________________________________________________

أو متعلق بأطعمة ، والملكوت فعلوت من الملك وهو العز والسلطان والمملكة ، وخص بملك الله تعالى فعلى الأخير الإضافة بيانية ، وعلى بعض الوجوه كلمة في تعليلية ، قال البيضاوي في قوله تعالى : « وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » (١) أي ربوبيتها وملكها وقيل : عجائبها وبدائعها والملكوت أعظم الملك والتاء فيه للمبالغة ، انتهى.

والفردوس البستان الذي فيه الكروم والأشجار وضروب من النبت قال الفراء : هو عربي واشتقاقه من الفردسة وهي السعة ، وقيل : منقول إلى العربية وأصله رومي ، وقيل : سرياني ثم سمي به جنة الفردوس.

والعدن الإقامة ، يقال : عدن بالمكان يعدن وعدنا وعدونا من بابي ضرب وقعد إذا أقام فيه ولزم ولم يبرح ، ومنه جنة عدن أي جنة إقامة ، وقيل : طوبى اسم للجنة مؤنث أطيب من الطيب وأصلها طيبى ، ضمت التاء وأبدلت الياء بالواو ، وقد يطلق على الخير وعلى شجرة في الجنة ، انتهى.

وفي أكثر النسخ شجرة بدون واو العطف وهو الظاهر ، ويؤيده أن في ثواب الأعمال وغيره : وهي شجرة ، فشجرة عطف بيان لطوبى ، وقد يقال : طوبى مبتدأ وشجرة خبره وعدم ذكر الثالث من الجنان لدلالة هذه الفقرة عليها ، وفي بعض النسخ بالعطف ، فهي عطف على ثلاث جنان ، وعلى التقديرين عد الشجرة جنة وجعلها جنة أخرى مع أنها نبتت من جنة عدن لأنها ليست كسائر الأشجار لعظمتها واشتمالها على سائر الثمار وسريان أغصانها في جميع الجنان ، لما ورد في الأخبار أن في بيت كل مؤمن منها غصن.

__________________

(١) سورة الأنعام : ٧٥.

١٢٤

غرسها ربنا بيده.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما من رجل يدخل بيته مؤمنين فيطعمهما شبعهما إلا كان ذلك أفضل من عتق نسمة.

٥ ـ عنه ، عن أبيه ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا من ظمإ سقاه الله من الرحيق المختوم.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أطعم مؤمنا حتى يشبعه

______________________________________________________

قوله : بيده ، أي برحمته ، وقال الأكثر : أي بقدرته ، فالتخصيص مع أن جميع الأشياء بقدرته إما لبيان عظمتها وأنها لا تتكون إلا عن مثل تلك القدرة أو لأن خلقها بدون توسط الأسباب كأشجار الدنيا وكسائر أشجار الجنة ، بتوسط الملائكة ، ومثله قوله تعالى : « لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ » (١).

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

وفي القاموس : الشبع بالفتح وكعنب سد الجوع ، وبالكسر وكعنب اسم ما أشبعك والمستتر في كان راجع إلى مصدر يدخل وما قيل : إنه راجع إلى الرجل والعتق بمعنى الفاعل فهو تكلف.

الحديث الخامس : كالسابق.

الحديث السادس : ضعيف.

__________________

(١) سورة ص : ٧٥.

١٢٥

لم يدر أحد من خلق الله ما له من الأجر في الآخرة لا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا الله رب العالمين ثم قال من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان ثم تلا قول الله عز وجل : « أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١) ».

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من سقى مؤمنا شربة من ماء من حيث يقدر على

______________________________________________________

« لم يدر أحد » أي من عظمته والاستثناء في قوله : إلا الله منقطع ، وكان المراد به المؤمن الخالص الكامل ، ولذا عبر فيما سيأتي بالمسلم ، أي مطلق المؤمن ، ويقال سغب سغبا وسغبا بالتسكين والتحريك ، وسغابة بالفتح وسغوبا بالضم ومسغبة من بابي فرح ونصر : جاع ، فهو ساغب وسغبان أي جائع ، وقيل : لا يكون السغب إلا أن يكون الجوع مع تعب ، وأشار بالآية الكريمة إلى أن الإطعام من المنجيات التي رغب الله فيها وعظمها حيث قال سبحانه : « فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ » فلم يشكر الأيادي المتقدم ذكرها باقتحام العقبة ، وهو الدخول في أمر شديد ، والعقبة الطريق في الجبل ، استعارها لما فسرها به من الفك والإطعام في قوله : « وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ ، فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ » (٢) الآية ، لما فيهما من مجاهدة النفس ، والمسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع ، وقرب في النسب ، وترب إذا افتقر ، وقيل : المراد به مسكين قد لصق بالتراب من شدة فقره وضره وفي الآية إشارة إلى تقديم الأقارب في الصدقة على الأجانب بل الأقرب على غيره.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

قوله : من حيث يقدر « من » في الموضعين بمعنى في ، ويمكن أن يقرأ يقدر

__________________

(١) سورة البلد : ١١.

(٢) سورة البلد : ١٣.

١٢٦

الماء أعطاه الله بكل شربة سبعين ألف حسنة وإن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن حسين بن نعيم الصحاف قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام أتحب إخوانك يا حسين قلت نعم قال تنفع فقراءهم قلت نعم قال أما إنه يحق عليك أن تحب من يحب الله أما والله لا تنفع منهم أحدا حتى تحبه أتدعوهم إلى منزلك قلت نعم ما آكل إلا ومعي منهم الرجلان والثلاثة والأقل والأكثر فقال أبو عبد الله عليه‌السلام أما

______________________________________________________

في الموضعين على بناء المجهول وعلى بناء المعلوم أيضا فالضمير للمؤمن ، وقوله : بكل شربة مع ذكر الشربة سابقا ، إما لعموم من سقى شربة أو بأن يحمل شربة أولا على الجنس ، أو بأن يقرأ الأولى بالضم وهي قدر ما يروي الإنسان ، والثانية بالفتح وهي الجرعة تبلغ مرة واحدة ، فيمكن أن يشرب ما يرويه بجرعات كثيرة إما مع الفصل أو بدونه أيضا ، قال الجوهري : الشربة بالفتح المرة الواحدة من الشرب وعنده شربة من ماء ، بالضم أي مقدار الري.

والمراد بعتق الرقبة من ولد إسماعيل تخليصه من القتل ومن المملوكية قهرا بغير الحق أو من المملوكية الحقيقية أيضا ، فإن كونه من ولد إسماعيل لا ينافي رقيته إذا كان كافرا فإن العرب كلهم من ولد إسماعيل.

الحديث الثامن : موثق.

« أما إنه يحق عليك » أي يجب ويلزم « من يحب الله » برفع الجلالة أي يحبه الله ، ويحتمل النصب والأول أظهر « أما والله لا تنفع » كان غرضه عليه‌السلام إن دعوى المحبة بدون النفع كذب ، وإن كنت صادقا في دعوى المحبة لا بد أن تنفعهم « وأوطؤهم رحلي » أي آذنهم وأكلفهم أن يدخلوا منزلي ويمشوا فيه أو

١٢٧

إن فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم فقلت جعلت فداك أطعمهم طعامي وأوطئهم رحلي ويكون فضلهم علي أعظم قال نعم إنهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي محمد الوابشي قال ذكر أصحابنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت ما أتغدى ولا أتعشى إلا ومعي منهم الاثنان والثلاثة وأقل وأكثر فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم فقلت جعلت فداك كيف وأنا أطعمهم طعامي وأنفق عليهم من مالي وأخدمهم عيالي فقال إنهم إذا دخلوا عليك دخلوا برزق من الله عز وجل كثير وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك.

______________________________________________________

على فراشي وبسطي ، في القاموس : الرحل مسكنك وما تستصحبه من الأثاث « ويكون فضلهم على أعظم » استفهام على التعجب « دخلوا بمغفرتك » الباء للمصاحبة أو للتعدية ، وفي سائر الأخبار برزقك ورزق عيالك ، ولا يبعد أن يكون سهوا من الرواة ليكون ما بعده تأسيسا.

الحديث التاسع : مجهول.

ووابش أبو قبيلة ، والتغدي : الأكل بالغداة أي أول اليوم والتعشي الأكل بالعشي أي آخر اليوم وأول الليل « وأخدمهم » على بناء الأفعال أي آمر عيالي بخدمتهم وتهيئة أسباب ضيافتهم ، وفي مجالس الشيخ : وأخدمهم خادمي وفي المحاسن : ويخدمهم خادمي « برزق من الله عز وجل كثير » كان التقييد بالكثير لئلا يتوهم أنهم يأتون بقدر ما أكلوا وفي المحاسن دخلوا من الله بالرزق الكثير.

والباء في قوله : بالمغفرة كأنها للمصاحبة المجازية فإنهم لما خرجوا بعد مغفرة صاحب البيت فكأنها صاحبتهم أو للملابسة كذلك أي متلبسين بمغفرة صاحب البيت ، وقيل : الباء في الموضعين للسببية المجازية فإن الله تعالى لما علم

١٢٨

١٠ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن مقرن ، عن عبيد الله الوصافي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لأن أطعم رجلا مسلما أحب إلي من أن أعتق أفقا من الناس قلت وكم الأفق فقال عشرة آلاف.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام من أطعم أخاه في الله كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما من الناس قلت وما الفئام [ من الناس ] قال مائة ألف من الناس.

______________________________________________________

دخولهم يهيئ رزقهم قبل دخولهم ولما كانت المغفرة أيضا قبل خروجهم عند الأكل كما سيأتي في كتاب الأطعمة فالرزق شبيه بسبب الدخول والمغفرة بسبب الخروج لوقوعهما قبلهما لتقدم العلة على المعلول ، فلذا استعملت الباء للسببية فيهما.

الحديث العاشر : كالسابق.

ولا تنافي بينه وبين ما مضى في رواية أبي بصير إذ كان ما مضى إطعام مائة ألف [ رجل من المسلمين ] (١) وهنا عتق عشرة آلاف ، والأفق إما موضوع للعدد الكثير وكان المراد هناك غير ما هو المراد هيهنا ، أو المراد أهل الأفق كما مر وهم أيضا مختلفون في الكثرة أو مشترك لفظي بين العددين ، ويومئ إلى أن في الإعتاق عشرة أمثال إطعام الناس والمراد بالناس أما المؤمن غير الكامل أو المستضعف كما مر.

الحديث الحادي عشر : حسن كالصحيح.

وقال الجوهري : الفئام كقيام الجماعة من الناس لا واحد له من لفظه ، والعامة تقول فئام بلا همز ، انتهى.

وما فسره به عليه‌السلام بيان للمعنى المراد بالفئام هنا لا أنه معناه لا يطلق على غيره ، وقد أوردنا أخبارا كثيرة في الكتاب الكبير لفضل يوم الغدير مشتملة على تفسير الفأم بمائة ألف.

__________________

(١) ما بين العلامتين ليس في نسخة الأصل.

١٢٩

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن سدير الصيرفي قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام ما منعك أن تعتق كل يوم نسمة قلت لا يحتمل مالي ذلك قال تطعم كل يوم مسلما فقلت موسرا أو معسرا قال فقال إن الموسر قد يشتهي الطعام.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أكلة يأكلها أخي المسلم عندي أحب إلي من أن أعتق رقبة.

١٤ ـ عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لأن أشبع رجلا من إخواني أحب إلي من أن أدخل سوقكم هذا فأبتاع منها رأسا فأعتقه.

______________________________________________________

الحديث الثاني عشر : حسن.

« إن الموسر قد يشتهي الطعام » بيان للتعميم بذكر علته فإن علة الفضل هي إدخال السرور على المؤمن وإكرامه وقضاء وطره ، وكل ذلك يكون في الموسر وقد مر أن اختلاف الفضل باختلاف المطعمين والمطعمين والنيات والأحوال وسائر شرائط قبول العمل مع أن أكثر الاختلافات بحسب المفهوم والأقل داخل في الأكثر ، ويمكن أن يكون التقليل في بعضها لضعف عقول السامعين أو لمصالح أخر.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

والأكلة بالفتح المرة من الأكل وبالضم اللقمة والقرصة والطعمة ، فعلى الأول الضمير في يأكلها مفعول مطلق وعلى الثاني مفعول به.

الحديث الرابع عشر : كالسابق.

« رأسا » أي عبدا أو أمة.

١٣٠

١٥ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لأن آخذ خمسة دراهم وأدخل إلى سوقكم هذا فأبتاع بها الطعام وأجمع نفرا من المسلمين أحب إلي من أن أعتق نسمة.

١٦ ـ عنه ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سئل محمد بن علي صلوات الله عليهما ما يعدل عتق رقبة قال إطعام رجل مسلم.

١٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي شبل قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما أرى شيئا يعدل زيارة المؤمن إلا إطعامه وحق على الله أن يطعم من أطعم مؤمنا من طعام الجنة.

١٨ ـ محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن رفاعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لأن أطعم مؤمنا محتاجا أحب إلي من أن أزوره ولأن أزوره أحب إلي من أن أعتق عشر رقاب.

١٩ ـ صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد ويزيد بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أطعم مؤمنا موسرا كان له يعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من

______________________________________________________

الحديث الخامس عشر : موثق.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

وقيل : المراد بالمعادلة هنا ما يشمل كونه أفضل.

الحديث السابع عشر : ضعيف.

الحديث الثامن عشر : كالسابق.

الحديث التاسع عشر : كالسابق.

«كان له يعدل» في بعض النسخ بصيغة المضارع الغائب وكأنه بتقدير أن المصدرية وفي بعض النسخ بالباء الموحدة داخلة على عدل ، فالباء زائدة للتأكيد ، مثل « جَزاءُ

١٣١

الذبح ومن أطعم مؤمنا محتاجا كان له يعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح.

٢٠ ـ صالح بن عقبة ، عن نصر بن قابوس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لإطعام مؤمن أحب إلي من عتق عشر رقاب وعشر حجج قال قلت عشر رقاب وعشر حجج قال فقال يا نصر إن لم تطعموه مات أو تدلونه فيجيء إلى ناصب فيسأله والموت خير له من مسألة ناصب يا نصر من أحيا مؤمنا « فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ

______________________________________________________

سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها » وبحسبك درهم ، فيحتمل حينئذ أن يكون العدل بالفتح بمعنى الفداء ، والمستتر في ينقذه راجع إلى المطعم ، وعلى الاحتمال الأخير يحتمل رجوعه إلى العدل ، والضمير البارز في الأول راجع إلى الرقبة بتأويل الشخص ، وفي الثاني إلى المائة.

الحديث العشرون : كالسابق.

و « عشر حجج » عطف على العتق « عشر رقاب » أي عتق عشر رقاب ، قاله تعجبا فأزال عليه‌السلام تعجبه بأن قال إن لم تطعموه فإما أن يموت جوعا إن لم يسأل النواصب أو يصير ذليلا بسؤال ناصب وهو عنده بمنزلة الموت ، بل أشد عليه منه فإطعامه سبب لحياته الصورية والمعنوية ، وقد قال تعالى : « مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً » (١) والمراد بالنفس المؤمنة ، وبالإحياء أعم من المعنوية لما ورد في الأخبار الكثيرة أن تأويلها الأعظم هدايتها ، لكن كان الظاهر حينئذ أو تذلوه للعطف على الجزاء ، ولذا قرأ بعضهم بفتح الواو على الاستفهام الإنكاري وتدلونه بالدال المهملة واللام المشددة من الدلالة.

والحاصل أنه لما قال عليه‌السلام الموت لازم لعدم الإطعام كان هنا مظنة سؤال وهو أنه يمكن أن يسأل الناصب ولا يموت فأجاب عليه‌السلام بأنه إن أردتم أن تدلوه على أن يسأل ناصبا فهو لا يسأله لأن الموت خير له من مسألته ، فلا بد من أن يموت

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٢. والآية هكذا « وَمَنْ أَحْياها ... ».

١٣٢

جَمِيعاً » فإن لم تطعموه فقد أمتموه وإن أطعمتموه فقد أحييتموه.

(باب من كسا مؤمناً)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة وأن يهون عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى وهو قول الله عز وجل في كتابه : « وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » (١).

______________________________________________________

فإطعامه إحياؤه ، وقرأ آخر تدلونه بالتخفيف من الأدلاء بمعنى الإرسال وما ذكرناه أولا أظهر معنى ، وقوله فقد أمتموه يحتمل الإماتة بالإضلال وبالإذلال ، وكذا الإحياء يحتمل الوجهين.

باب من كسى مؤمناً

الحديث الأول : ضعيف.

وسكرات الموت شدائده « وأن يلقى » يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم من باب علم فالضمير المرفوع راجع إلى من ، والملائكة منصوب أو الملائكة مرفوع والمفعول محذوف ، أي يلقاه الملائكة أو من باب التفعيل والمستتر راجع إلى الله والمفعول الأول محذوف ومفعوله الثاني الملائكة ، والآية في سورة الأنبياء وقبلها : « إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ، لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ » أي تستقبلهم مهنين « هذا يَوْمُكُمُ » أي يوم ثوابكم وهو مقدر بالقول « الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » أي في الدنيا.

__________________

(١) سورة الأنبياء : ١٠٣.

١٣٣

٢ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من كسا أحدا من فقراء المسلمين ثوبا من عري أو أعانه بشيء مما يقوته من معيشته وكل الله عز وجل به سبعة آلاف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كسا أحدا من فقراء المسلمين ثوبا من عري أو أعانه بشيء مما يقوته من معيشته وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور.

______________________________________________________

الحديث الثاني : كالسابق.

« من عري » بضم العين وسكون الراء خلاف اللبس والفعل كرضى « مما يقوته » في أكثر النسخ بالتاء من القوت وهو المسكة من الرزق ، قال في المصباح : القوت ما يؤكل ليمسك الرمق وقاته يقوته قوتا من باب قال أعطاه قوتا ، واقتات به أكله ، وقال : المعيش والمعيشة مكسب الإنسان الذي يعيش به والجمع المعايش ، هذا على قول الجمهور أنه من عاش ، والميم زائدة ووزن معائش مفاعل فلا يهمز ، وبه قرأ السبعة ، وقيل : هو من معش والميم أصلية فوزن معيش ومعيشة فعيل وفعيلة ، ووزن معائش فعايل فيهمز ، وبه قرأ أبو جعفر المدني والأعرج ، انتهى.

والضمير المنصوب في يقوته راجع إلى الفقير ، والضمير في قوله من معيشته الظاهر رجوعه إلى المعطي ، ويحتمل رجوعه إلى الفقير أيضا وأما إرجاع الضميرين معا إلى المعطي فيحتاج إلى تكلف في يقوته ، وفي بعض النسخ يقويه بالياء من التقوية ، فالاحتمال الأخير لا تكلف فيه والكل محتمل.

الحديث الثالث : صحيح.

وكان الأنسب أن يقول مثله.

١٣٤

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام [ قال ] من كسا مؤمنا كساه الله من الثياب الخضر وقال في حديث آخر لا يزال في ضمان الله ما دام عليه سلك.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان يقول من كسا مؤمنا ثوبا من

______________________________________________________

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

« من الثياب الخضر » كأنه إشارة إلى قوله تعالى : « عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ » (١) أي يعلوهم ثياب الحرير الخضر مارق منها وما غلظ ، وفيه إيماء إلى أن الخضرة أحسن الألوان « ما دام عليه سلك » السلك : الخيط وضمير عليه إما راجع إلى الموصول أي ما دام عليه سلك منه ، أو إلى الثوب أي ما دام على ذلك الثوب سلك وإن خرج عن حد اللبس والانتفاع والأول أظهر ، وإن كانت المبالغة في الأخير أكثر ، ويؤيد الأول ما في قرب الإسناد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : من كسى مؤمنا ثوبا لم يزل في ضمان الله عز وجل ما دام على ذلك المؤمن من ذلك الثوب هدبة أو سلك ، ويؤيد الأخير ما في مجالس الشيخ مرويا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من كساه ثوبا كساه الله من الإستبرق والحرير ، وصلى عليه الملائكة ما بقي في ذلك الثوب سلك.

الحديث الخامس : موثق.

وفي القاموس : الإستبرق الديباج الغليظ معرب استروة ، أو ديباج يعمل بالذهب أو ثياب حرير صفاق نحو الديباج ، وكلمة من في الموضعين بمعنى عند كما قيل في قوله تعالى : « لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً » (٢) أو بمعنى في كما في قوله تعالى : « ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ » (٣) وعلى التقديرين بيان لحال المكسو ،

__________________

(١) سورة الإنسان : ٢١.

(٢) سورة آل عمران : ١١٦.

(٣) سورة الأحقاف : ٤.

١٣٥

عري كساه الله من إستبرق الجنة ومن كسا مؤمنا ثوبا من غنى لم يزل في ستر من الله ما بقي من الثوب خرقة.

(باب)

(في إلطاف المؤمن وإكرامه)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن هاشم ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أخذ من وجه أخيه المؤمن قذاة كتب الله عز وجل له عشر حسنات ومن تبسم في وجه أخيه كانت له حسنة.

٢ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من قال لأخيه المؤمن مرحبا كتب الله تعالى له مرحبا إلى يوم القيامة.

______________________________________________________

ويحتمل الكاسي على بعد « في ستر من الله » أي يستره من الذنوب أو من العقوبة أو من النوائب أو من الفضيحة في الدنيا والآخرة.

باب في إلطاف المؤمن وإكرامه

الحديث الأول : مجهول.

وفي النهاية : القذى جمع قذاة وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك.

الحديث الثاني : ضعيف.

« إلى يوم القيامة » إما متعلق بمرحبا فيكون داخلا في المكتوب أو متعلق بكتب وهو أظهر أي يكتب له ثواب هذا القول إلى يوم القيامة ، أو يخاطب بهذا الخطاب ويكتب له فينزل عليه الرحمة بسببه ، أو هو كناية عن أنه محل لألطاف الله

١٣٦

٣ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنما أكرم الله عز وجل.

٤ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن نصر بن إسحاق ، عن الحارث بن النعمان ، عن الهيثم بن حماد ، عن أبي داود ، عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما في أمتي عبد ألطف أخاه في الله بشيء من لطف إلا أخدمه الله من خدم الجنة.

٥ ـ وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود

______________________________________________________

ورحماته إلى يوم القيامة والرحب السعة ومرحبا منصوب بفعل لازم الحذف ، أي أتيت رحبا وسعة أو مكانا واسعا وفيه إظهار للسرور بملاقاته.

الحديث الثالث : صحيح.

« فأكرمه » أي أكرم المأتي الآتي.

الحديث الرابع : مجهول.

والظرف أي في الله حال عن الأخ أو متعلق بالألطاف والأول أظهر ، واللطف : الرفق والإحسان وإيصال المنافع.

الحديث الخامس : ضعيف.

« يلطفه بها » على بناء على المعلوم من الأفعال ، وفي بعض النسخ بالتاء فعلا ماضيا من باب التفعل ، في القاموس : لطف كنصر لطفا بالضم رفق ودنا والله لك أوصل إليك مرادك بلطف ، وألطفه بكذا بره والملاطفة المبارة ، وتلطفوا وتلاطفوا رفقوا ، انتهى.

« لم يزل في ظل الله الممدود » أي المنبسط دائما بحيث لا يتقلص ولا يتفاوت

١٣٧

عليه الرحمة ما كان في ذلك.

٦ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول إن مما خص الله عز وجل به المؤمن أن يعرفه بر إخوانه وإن قل وليس البر بالكثرة وذلك أن الله عز وجل يقول في كتابه : « وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ » ثم قال « وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (١) ومن عرفه الله عز وجل بذلك أحبه الله ومن أحبه الله

______________________________________________________

إشارة إلى قوله تعالى : « وَظِلٍّ مَمْدُودٍ » (٢) أي لم يزل في القيامة في ظل رحمة الله الممدود أبدا « عليه الرحمة » أي تنزل عليه الرحمة « ما كان في ذلك الظل » أي أبدا أو المعنى لم يزل في ظل حماية الله ورعايته نازلا عليه رحمة الله ما كان مشتغلا بذلك الإكرام ، وقيل : الضمير في عليه راجع إلى الظل ، والرحمة مرفوع وهو نائب فاعل الممدود ، وما بمعنى ما دام والمقصود تقييد الدوام المفهوم من لم يزل.

الحديث السادس : كالسابق.

« أن يعرفه بر إخوانه » أي ثواب البر أو التعريف كناية عن التوفيق للفعل « وذلك أن الله يقول » الاستشهاد بالآية من حيث أن الله مدح إيثار الفقير مع أنه لا يقدر على الكثير ، فعلم أنه ليس البر بالكثرة « وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ » أي يختارون غيرهم من المحتاجين على أنفسهم ويقدمونهم « وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ » أي حاجة وفقر عظيم « وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ » بوقاية الله وتوفيقه ، ويحفظها عن البخل والحرص « فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » أي الفائزون.

والمشهور أن الآية نزلت في الأنصار وإيثارهم المهاجرين على أنفسهم في أموالهم ،

__________________

(١) سورة الممتحنة : ١٠.

(٢) سورة الواقعة : ٣٠.

١٣٨

تبارك وتعالى وفاه أجره يوم القيامة بغير حساب ثم قال يا جميل ارو هذا الحديث لإخوانك فإنه ترغيب في البر.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن المفضل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة قلت وأي شيء التحفة قال من مجلس ومتكإ وطعام وكسوة وسلام فتطاول الجنة مكافأة له ويوحي الله عز وجل إليها أني قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلا على نبي أو وصي نبي فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عز وجل إليها

______________________________________________________

وروي من طريق العامة أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنه مع بقية أهل بيته لم يطعموا شيئا منذ ثلاثة أيام فاقترض دينارا ثم رأى المقداد فتفرس منه أنه جائع ، فأعطاه الدينار فنزلت الآية مع المائدة من السماء ، والقصة طويلة أوردتها في الكتاب الكبير ، وعلى التقديرين يجري الحكم في غير من نزلت فيه « ومن عرفه الله » على بناء التفعيل « بذلك » كان الباء زائدة أو المعنى عرفه بذلك التعريف المتقدم ، ويمكن أن يقرأ عرفه على بناء المجرد ، وفي ثواب الأعمال باختلاف في أول السند عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من فضل الرجل عند الله محبته لإخوانه ، ومن عرفه الله محبة إخوانه أحبه الله ، ومن أحبه الله أوفاه أجره يوم القيامة.

الحديث السابع : كالسابق.

« ليتحف » على بناء الأفعال ، وهو إعطاء التحفة بالضم وكهمزة وهو البر واللطف والهدية ، وقوله : قلت وجوابه معترضان بين كلام الإمام عليه‌السلام ، ومن في قوله : من مجلس ، للبيان والمتكإ بضم الميم وتشديد التاء مهموزا ما يتكأ عليه أي يضع له متكا يتكئ عليه أو فراشا يجلس عليه « فتطاول الجنة » أي تمتد وترتفع لإرادة مكافأته وإطعامه في الدنيا عجالة وقيل : استعارة تمثيلية لبيان شدة استحقاقه لذلك.

١٣٩

أن كافئي أوليائي بتحفهم فيخرج منها وصفاء ووصائف معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنة وما فيها طارت عقولهم وامتنعوا أن يأكلوا فينادي مناد من تحت العرش أن الله عز وجل قد حرم جهنم على من أكل من طعام جنته فيمد القوم أيديهم فيأكلون.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة.

٩ ـ الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى جميعا ، عن علي بن محمد بن سعد ، عن محمد بن أسلم ، عن محمد بن علي بن عدي قال أملى علي محمد بن سليمان ، عن إسحاق

______________________________________________________

قال في القاموس : تطاول امتد وارتفع وتفضل ، وفي النهاية تطاول عليهم الرب بفضله أي تطول على أهل الدنيا أي ما داموا فيها ، وفي المصباح : الوصيف الغلام دون المراهق ، والوصيفة الجارية كذلك ، والجمع وصفاء ووصائف مثل كريم وكرماء وكرائم « بتحفهم » أي في الآخرة فالباء للآلة ، أو في الدنيا فالباء للسببية « أن الله » يحتمل كسر الهمزة وفتحها.

الحديث الثامن : مجهول.

وكان التخصيص بالسبعين لأنه بعد الإتيان بها يكون غالبا من المتجاهرين بالفسق ، فلا حرمة له ، وربما يحمل علي مطلق الكثرة لا خصوص العدد كما قالوا في قوله تعالى : « إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً » (١) وتخصيصه بما يكون بالنسبة إليه من إيذائه وشتمه وأمثالهما بعيد ، ولا ينافي وجوب النهي عن المنكر كما مر ، وحمله على ما إذا تاب بعد كل منها لا يستقيم إلا إذا حمل على مطلق الكثرة.

الحديث التاسع : ضعيف.

__________________

(١) سورة التوبة : ٨٠.

١٤٠