مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٥

١٥ ـ عنه ، عن إسماعيل بن منصور ، عن المفضل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أيما مسلم لقي مسلما فسره سره الله عز وجل.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن إشباع جوعته أو تنفيس كربته أو قضاء دينه.

(باب)

(قضاء حاجة المؤمن)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن بكار بن كردم ، عن المفضل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال لي يا مفضل اسمع ما أقول لك واعلم أنه الحق وافعله وأخبر به علية إخوانك قلت جعلت فداك وما علية إخواني قال الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم قال ثم قال ومن قضى

______________________________________________________

الفاعل راجع إلى المدخل « وكذلك من أدخل عليه كربا » أي يدخل الكرب على الله وعلى الرسول.

الحديث الخامس عشر : كالسابق ، والمراد بالمسلم المؤمن.

الحديث السادس عشر : حسن كالصحيح.

وإسناد الإشباع إلى الجوعة على المجاز ، وتنفيس الكرب كشفها.

باب قضاء حاجة المؤمن

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وكردم كجعفر وهو في الأصل بمعنى القصير ، والعلية بكسر العين وسكون اللام قال الجوهري : فلان من علية الناس جمع رجل علي أي شريف رفيع مثل

١٠١

لأخيه المؤمن حاجة قضى الله عز وجل له ـ يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أولها الجنة ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا وكان المفضل إذا سأل الحاجة أخا من إخوانه قال له أما تشتهي أن تكون من علية الإخوان.

٢ ـ عنه ، عن محمد بن زياد قال حدثني خالد بن يزيد ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الله عز وجل خلق خلقا من خلقه انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة فإن استطعت أن تكون منهم فكن ثم قال لنا والله رب نعبده لا نشرك به شيئا.

______________________________________________________

صبي وصبية ، وفي القاموس : علية الناس وعليهم مكسورين جلتهم « من ذلك أولها » أولها مبتدأ ومن ذلك خبر والجنة بدل أو عطف بيان لأولها أو خبر مبتدإ محذوف ، ويحتمل أن يكون أولها بدلا لقوله من ذلك.

قوله : بعد أن لا يكونوا نصابا ، أقول : الناصب في عرف الأخبار يشمل المخالفين المتعصبين في مذهبهم فغير النصاب هم المستضعفون وسيأتي تحقيقه إنشاء الله ، مع أن الخبر ضعيف وتعارضه الأخبار المتواترة بالمعنى.

الحديث الثاني : كالأول بسنديه.

والمنتجب المختار ، قوله : ثم قال : لنا والله رب ، الظاهر أنه تنبيه للمفضل وأمثاله لئلا يطيروا إلى الغلو أو لتطيرهم إليه لما ذكره جماعة من علماء الرجال أن المفضل كان يذهب مذهب أبي الخطاب في القول بربوبية الصادق عليه‌السلام وقد أورد الكشي روايات كثيرة في ذمه وأخبارا غزيرة في مدحه ، حتى روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : هو والد بعد الوالد ، وفي إرشاد المفيد ما يدل على ثقته وجلالته ، ومدحه عندي أقوى ، وهذا الخبر مع أنه يحتمل وجوها أخر على هذا الوجه أيضا لا يدل على ذمه بل يحتمل أن يكون عليه‌السلام قال ذلك لئلا يزل لغاية محبته ومعرفته

١٠٢

٣ ـ عنه ، عن محمد بن زياد ، عن الحكم بن أيمن ، عن صدقة الأحدب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة وخير من حملان ألف فرس في سبيل الله.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن زياد مثل الحديثين.

٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن محمد بن زياد ، عن صندل ، عن أبي الصباح الكناني قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لقضاء حاجة امرئ مؤمن أحب إلى الله من عشرين حجة كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن هارون بن

______________________________________________________

بفضائلهم فينتهي حاله إلى الغلو والارتفاع ، وقيل : إنما قال عليه‌السلام ذلك لبيان وجه تخصيص الفقراء بالشيعة ، وتعريضا بالمخالفين أنهم مشركون لإشراكهم في الإمامة ، وقيل : إشارة إلى أن ترك قضاء حوائج المؤمنين نوع من الشرك ولا يخفى ما فيهما ، وقيل : هو بيان أنهم عليهم‌السلام لا يطلبون حوائجهم إلى أحد سوى الله سبحانه وأنهم منزهون عن ذلك.

الحديث الثالث : مجهول بسنديه.

وفي القاموس : حمله يحمله حملا وحملانا والحملان بالضم ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة ، انتهى.

والمراد هنا المصدر بمعنى حمل الغير على الفرس وبعثه إلى الجهاد أو الأعم منه ومن الحج والزيارات ، قال في المصباح : حملت الرجل على الدابة حملا.

الحديث الرابع : كالسابق.

« مائة ألف » أي من الدراهم أو من الدنانير أي إذا أنفقها في غير حوائج الإخوان لئلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه.

الحديث الخامس : حسن.

١٠٣

الجهم ، عن إسماعيل بن عمار الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك المؤمن رحمة على المؤمن قال نعم قلت وكيف ذاك قال أيما مؤمن أتى أخاه في حاجة فإنما ذلك رحمة من الله ساقها إليه وسببها له فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنما رد عن نفسه رحمة من الله جل وعز ـ ساقها إليه وسببها له وذخر الله عز وجل تلك الرحمة إلى يوم القيامة حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها إن شاء صرفها إلى نفسه وإن شاء صرفها إلى غيره يا إسماعيل فإذا كان يوم القيامة وهو الحاكم في رحمة من الله قد شرعت له فإلى من ترى يصرفها قلت لا أظن يصرفها عن نفسه قال لا تظن ولكن استيقن فإنه لن يردها عن نفسه يا إسماعيل من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم يقضها له سلط الله عليه شجاعا ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة

______________________________________________________

« وسببها له » أي جعلها سببا لغفران ذنوبه ورفع درجاته أو أوجد أسبابها له « قد شرعت له » أي أظهرت أو سوغت أو فتحت أو رفعت له ، في المصباح شرع الله لنا كذا يشرعه أظهره وأوضحه ، وشرع الباب إلى الطريق اتصل به وشرعته أنا يستعمل لازما ومتعديا ، وفي الصحاح : شرع لهم يشرع شرعا سن.

قوله : لا أظن يصرفها ، كأنه بمعنى أظن أنه لا يصرفها ، لقوله عليه‌السلام في جوابه : لا تظن ولكن استيقن ، أي يحصل لك اليقين بسبب قولي ، فإن التكليف باليقين مع عدم حصول أسبابه تكليف بالمحال ، وفي القاموس : الشجاع كغراب وكتاب الحية أو الذكر منها أو ضرب منها صغير ، والجمع شجعان بالكسر والضم وقال : نهشه كمنعه نهسه ولسعة وعضه أو أخذه بأضراسه وبالسين أخذه بأطراف الأسنان ، وفي المصباح : نهسه الكلب وكل ذي ناب نهسا من بابي ضرب ونفع عضه ، وقيل : قبض عليه ثم نتره فهو نهاس ، ونهست اللحم أخذته بمقدم الأسنان للأكل ، واختلف في جميع الباب فقيل بالسين المهملة واقتصر عليه ابن السكيت ، وقيل

١٠٤

مغفورا له أو معذبا.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحكم بن أيمن ، عن أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول من طاف بالبيت أسبوعا كتب الله عز وجل له ستة آلاف حسنة ومحا عنه ستة آلاف سيئة ورفع له ستة آلاف درجة قال وزاد فيه إسحاق بن عمار وقضى له ستة آلاف حاجة قال ثم قال وقضاء

______________________________________________________

جميع الباب بالسين والشين نقله ابن فارس عن الأصمعي ، وقال الأزهري : قال الليث النهش بالشين المعجمة تناول من بعيد كنهش الحية وهو دون النهس ، والنهس بالمهملة القبض على اللحم ونتره ، وعكس تغلب فقال : النهس بالمهملة يكون بأطراف الأسنان ، والنهش بالمعجمة بالأسنان والأضراس ، وقيل : يقال نهشته الحية بالشين المعجمة ونهسه الكلب والذئب والسبع بالمهملة ، انتهى.

وفي الإبهام إبهام ، يحتمل اليد والرجل ، وكان الأول أظهر ، وقيل : صيرورة الإبهام ترابا لا يأبى عن قبول النهش لأن تراب الإبهام كالإبهام في قبوله العذاب ، ولعل الله تعالى يخلق فيه ما يجد به الألم ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون النهش في الأجساد المثالية أو يكون النهش أولا وبقاء الألم للروح إلى يوم القيامة « مغفورا له أو معذبا » أي سواء كان في القيامة مغفورا أو معذبا.

الحديث السادس : مجهول.

والدرجات إما درجات القرب المعنوية أو درجات الجنة لأن في الجنة درجات بعضها فوق بعض كما قال الله تعالى : « لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ » (١) قال القرطبي : من العامة أهل السفل من الجنة ينظرون إلى من فوقهم على تفاوت منازلهم كما ينظر من بالأرض دراري السماء وعظام نجومها فيقولون : هذا فلان وهذا فلان ، كما يقال

__________________

(١) سورة الزمر : ٣٩.

١٠٥

حاجة المؤمن أفضل من طواف وطواف حتى عد عشرا.

٧ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد [ بن محمد ] بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله تبارك وتعالى علي ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنة.

٨ ـ عنه ، عن سعدان بن مسلم ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال من طاف بهذا البيت طوافا واحدا كتب الله عز وجل له ستة آلاف حسنة ومحا عنه ستة آلاف سيئة ورفع الله له ستة آلاف درجة حتى إذا كان عند الملتزم فتح الله له سبعة أبواب من أبواب الجنة قلت له جعلت فداك هذا الفضل كله في

______________________________________________________

هذا المشتري وهذا الزهرة ، ويدل عليه ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إن أهل الجنة ليتراؤون الغرفة كما تراءون الكوكب في السماء.

الحديث السابع : صحيح ، والمراد بالمسلم المؤمن فيهما.

الحديث الثامن : مجهول.

والملتزم : المستجار مقابل باب الكعبة سمي به لأنه يستحب التزامه وإلصاق البطن به ، والدعاء عنده ، وقيل : المراد به الحجر الأسود أو ما بينه وبين الباب ، أو عند الباب وكأنه أخذ بعضه من قول صاحب المصباح حيث قال : التزمته اعتنقته فهو ملتزم ، ومنه يقال لما بين الباب والحجر الأسود الملتزم ، لأن الناس يعتنقونه أي يضمونه إلى صدورهم ، انتهى.

وهو إنما فسره بذلك لأنهم لا يعدون الوقوف عند المستجار مستحبا وهو من خواص الشيعة ، وما فسره به هو الحطيم عندنا ، وبالجملة هذه التفاسير نشأت من عدم الأنس بالأخبار ، ولا يبعد أن يكون المراد بالكون عند الملتزم بلوغه في الشوط السابع ، فإن الالتزام فيه آكد ، فيكون فتح سبعة أبواب لتلك المناسبة.

وفي ثواب الأعمال بسند آخر عن إسحاق هكذا : حتى إذا صار إلى الملتزم

١٠٦

الطواف قال نعم وأخبرك بأفضل من ذلك قضاء حاجة المسلم أفضل من طواف وطواف وطواف حتى بلغ عشرا.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم الخارقي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول من مشى في حاجة أخيه المؤمن يطلب بذلك ما عند الله حتى تقضى له كتب الله عز وجل له بذلك مثل أجر حجة وعمرة مبرورتين وصوم شهرين من أشهر الحرم واعتكافهما في المسجد الحرام ومن مشى فيها بنية ولم تقض كتب الله له بذلك مثل حجة مبرورة فارغبوا في الخير.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عن الحسن بن

______________________________________________________

فتح الله له ثمانية أبواب الجنة ، يقال له : ادخل من أيها شئت ، وهو أظهر ، وتأنيث العشر لتقدير المرات.

الحديث التاسع : مجهول.

« حتى تقضي » بالتاء على بناء المفعول ، أو بالياء على بناء الفاعل ، وفي بعض النسخ حتى يقضيها « شهرين من أشهر الحرم » أي متواليين ففيه تجوز أي ما سوى العيد وأيام التشريق لمن كان بمنى ، ومع عدم قيد التوالي لا إشكال ويدل على استحباب الصوم في الأشهر الحرم وفضله ، والأشهر الحرم هي التي يحرم فيها القتال وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ويدل على فضل الاعتكاف فيها أيضا ، وعدم اختصاص الاعتكاف بشهر رمضان ، فإن قيل : الفرق بين القضاء وعدمه في الثواب مشكل إذ السعي مشترك والقضاء ليس باختياره؟ قلت : يمكن حمله على ما إذا لم يبذل الجهد ولذلك لم يقض لا سيما إذا قرأ الفعلان على بناء المعلوم مع أنه يمكن أن يكون مع عدم الاختلاف في السعي أيضا الثواب متفاوتا فإن الثواب ليس بالاستحقاق بل بالتفضل وتكون إحدى الحكم فيه أن يبذلوا الجهد في القضاء ولا يكتفوا بالسعي القليل.

الحديث العاشر : ضعيف.

١٠٧

علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله فإن للجنة بابا يقال له ـ المعروف لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكل الله عز وجل به ملكين واحدا عن يمينه وآخر عن شماله يستغفران له ربه ويدعوان بقضاء حاجته ثم قال والله لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسر بقضاء حاجة المؤمن إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال والله لأن أحج حجة أحب إلي من أن أعتق رقبة ورقبة ورقبة ومثلها ومثلها حتى بلغ عشرا ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين ولأن أعول أهل بيت من المسلمين أسد جوعتهم وأكسو عورتهم فأكف وجوههم عن الناس أحب

______________________________________________________

وقال في النهاية : التنافس من المنافسة وهي الرغبة في الشيء والانفراد به وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه ، ونافست في الشيء منافسة ونفاسا إذا رغب فيه ، وقال : المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى ، والتقرب إلى الله والإحسان إلى الناس وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس.

قوله : فإن العبد كان التعليل لفضل المعروف في الجملة لا لخصوص الدخول من باب المعروف ، وقيل : حاجته التي يدعو أن حصولها له هي الدخول من باب المعروف ، ولا يخفى بعده ، ويحتمل أن تكون الفاء للتعقيب الذكري أو بمعنى الواو وكونه عليه‌السلام أسر لأنه أعلم بحسن الخيرات وعواقبها أو لأن سروره من جهتين من جهة القاضي والمقضي له معا ، وكان الضمير في وصلت راجع إلى القضاء ، والتأنيث باعتبار المضاف إليه وقيل : راجع إلى الحاجة وإذا للشرط لا لمحض الظرفية ، والغرض تقييد المؤمن بالكامل ، فإن حاجته حاجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أقول : هذا إذا كان ضمير « إليه » راجعا إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويحتمل رجوعه إلى المؤمن.

الحديث الحادي عشر : مرسل.

والظاهر أن ضمير مثلها في الأولين راجع إلى الرقبة وفي الأخيرين إلى

١٠٨

إلي من أن اعتق رقبه ورقبة [ ورقبة ] ومثلها ومثلها حتى بلغ عشراً ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين ولأن أهول أهل بيت من المسلمين أسد جوعتهم وأكسو عورتهم فاكف وجوههم عن الناس أحبُّ إلي من أن أحج حجة وحجة وحجة ومثلها ومثلها حتى بلغ عشرا ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي علي صاحب الشعير ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه‌السلام ـ أن من عبادي من يتقرب إلي بالحسنة فأحكمه في الجنة فقال موسى يا رب وما تلك الحسنة قال يمشي مع أخيه المؤمن في قضاء حاجته قضيت أو لم تقض.

١٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن

______________________________________________________

العشر ، وقوله : حتى بلغ ، في الموضعين كلام الراوي أي قال مثلها سبع مرات في الموضعين ، فصار المجموع سبعين ، ويحتمل كونه كلام الإمام عليه‌السلام ويكون بلغ بمعنى يبلغ ، وقيل : ضمير مثلها في الأول والثاني راجع إلى ثلاث رقبات فيصير ثلاثين وضمير مثلها في الثالث والرابع راجع إلى الثلاثين ، فيصير الحاصل مضروب الثلاثين في السبعين ، فيصير ألفان ومائة ومجموع الثواب مضروب هذا في نفسه أي عتق أربعة آلاف ألف وأربعمائة ألف وعشرة آلاف رقبة.

قوله عليه‌السلام : لأن أعول ، قال الجوهري : عال عياله يعولهم عولا وعيالة أي قاتهم وأنفق عليهم يقال : علته شهرا إذا كفيته معاشه « أسد جوعتهم » أي بأن أسد.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام : قضيت أم لم تقض ، محمول على ما إذا لم يقصر في السعي كما مر مع أن الاشتراك في دخول الجنة والتحكيم فيها لا ينافي التفاوت بحسب الدرجات.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور.

١٠٩

علي بن جعفر قال سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فإنما هي رحمة من الله تبارك وتعالى ساقها إليه فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلط الله عليه شجاعا من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة مغفورا له أو معذبا فإن عذره الطالب كان

______________________________________________________

« فإن قبل ذلك فقد وصله » الضمير المنصوب في وصله راجع إلى مصدر قبل والولاية بالكسر والفتح المحبة والإضافة في الموضعين إلى الفاعل ، ويحتمل الإضافة إلى المفعول أيضا ، أي يصير سببا لقبول ولايته لنا وكما لها ، ومغفورا حال مقدرة عن مفعول ينهشه.

قوله عليه‌السلام : فإن عذره الطالب ، قال في المصباح : عذرته فيما صنع عذرا من باب ضرب رفعت عنه اللوم فهو معذور ، أي غير ملوم ، وأعذرته بالألف لغة ، وقوله : كان أسوأ حالا ، يحتمل وجهين : الأول : أن يكون اسم كان ضميرا راجعا إلى المعذور وكونه أسوأ حالا لأنه حينئذ يكون الطالب من كمل المؤمنين ورد حاجته يكون أقبح وأشد وبعبارة أخرى لما كان العاذر لحسن خلقه وكرمه أحق بقضاء الحاجة ممن لا يعذر فرد حاجته أشنع ، والندم عليه أدوم والحسرة عليه أعظم ، أو لأنه إذا عذره لا يشكوه ولا يغتابه ، فيبقى حقه عليه سالما إلى يوم الحساب ، ويروي عن بعض الفضلاء ممن كان قريبا من عصرنا أنه قال : المراد بالعذر إسقاط حق الآخرة وكونه أسوأ لأنه زيدت عليه المنة ولا ينفعه ، وقال بعض الأفاضل من تلامذته لتوجيه كلامه : هذا مبني على أن عذاب القبر لا يسقط بإسقاطه إذ هو حق الله كما صرح به الشيخ قدس الله روحه في الاقتصاد ، حيث قال : كل حق ليس لصاحبه قبضه ليس له إسقاطه كالطفل والمجنون لما لم يكن لهما استيفاؤه لم يكن لهما إسقاطه ، والواحد منا لما لم يكن له استيفاء ثوابه وعوضه في الآخرة لم يسقط بإسقاطه ، فعلم بذلك أن الإسقاط تابع للاستيفاء فمن لم يملك أحدهما لم يملك

١١٠

كان أسوأ حالا.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده فيهتم بها قلبه فيدخله الله تبارك وتعالى بهمه الجنة.

(باب)

(السعي في حاجة المؤمن)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال مشي الرجل في حاجة أخيه المؤمن يكتب له عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات ويرفع له عشر درجات قال ولا

______________________________________________________

الآخر ، انتهى.

والثاني : أن يكون الضمير راجعا إلى الطالب كما فهمه المحدث الأسترآبادي ، حيث قال : أي كان الطالب أسوأ حالا لتصديقه الكاذب ولتركه النهي عن المنكر والأول أظهر وسيأتي الخبر في باب : من منع مؤمنا شيئا.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

باب السعي في حاجة المؤمن

الحديث الأول : مجهول.

« يكتب له » على بناء المفعول والعائد محذوف أو علي بناء الفاعل والإسناد على المجاز « ولا أعلمه » أي لا أظنه واستدل به على جواز كون السنة أفضل من الواجب لأن السعي مستحب غالبا والاعتكاف يشمل الواجب أيضا ، مع أن المستحب

١١١

أعلمه إلا قال ويعدل عشر رقاب وأفضل من اعتكاف شهر في المسجد الحرام.

٢ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد قال سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول إن لله عبادا في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة ومن أدخل على مؤمن سرورا فرح الله قلبه يوم القيامة.

٣ ـ عنه ، عن أحمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن رجل ، عن أبي عبيدة الحذاء قال قال أبو جعفر عليه‌السلام من مشى في حاجة أخيه المسلم أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك ولم يرفع قدما إلا كتب الله له حسنة وحط عنه بها سيئة ويرفع له بها درجة فإذا فرغ من حاجته كتب الله عز وجل له بها أجر حاج ومعتمر.

______________________________________________________

أيضا ينتهي إلى الواجب في كل ثالثة على المشهور كما سيأتي إنشاء الله تعالى ونظائره كثيرة.

الحديث الثاني : صحيح.

والظاهر أن الأجر مترتب على السعي فقط ، ويحتمل ترتبه على السعي والقضاء معا ، والحصر المستفاد من اللام مع تأكيده بضمير الفصل على المبالغة أو إضافي بالنسبة إلى من تركه أو إلى بعض الناس وأعمالهم ، وتفريح القلب كشف الغم عنه وإدخال السرور فيه.

الحديث الثالث : مرسل.

« أظله الله » أي يجعلهم طائرين فوق رأسه حتى يظلوه لو كان لهم ظل ، أو يجعلهم في ظلهم أي في كنفهم وحمايتهم « فإذا فرغ من حاجته » أي من السعي فيها قضيت أم لم تقض ، وربما يخص بعدم القضاء للخبر السابع الآتي ، وقيل : يدل ظاهره على أن الأجر المذكور قبله للمشي في قضاء الحاجة وجر الحاج والمعتمر لقضاء الحاجة.

١١٢

٤ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن هارون بن خارجة ، عن صدقة ، عن رجل من أهل حلوان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لأن أمشي في حاجة أخ لي مسلم أحب إلي من أن أعتق ألف نسمة وأحمل في سبيل الله على ألف فرس مسرجة ملجمة.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما من مؤمن يمشي لأخيه المؤمن في حاجة إلا كتب الله عز وجل له بكل خطوة حسنة وحط عنه بها سيئة ورفع له بها درجة وزيد بعد ذلك عشر حسنات وشفع في عشر حاجات.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب

______________________________________________________

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وفي المصباح حلوان بالضم بلد مشهور من سواد العراق ، وهي آخر مدن العراق وبينها وبين بغداد نحو خمس مراحل ، وهي من طرف العراق من الشرق والقادسية من طرفه من الغرب ، قيل : سميت باسم بانيها وهو حلوان بن عمران بن الحارث بن قضاعة « واحمل في سبيل الله » أي اركب ألف إنسان على ألف فرس كل منها شد عليه السرج وألبس اللجام وأبعثها في الجهاد ، ومسرجة وملجمة اسما مفعول من بناء الأفعال.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

« وزيد بعد ذلك » أي لكل خطوة وقيل : للجميع ، وشفع على بناء المجهول من التفعيل ، أي قبلت شفاعته أي استجيب دعاؤه في عشر حاجات من الحوائج الدنيوية والأخروية.

الحديث السادس : موثق.

قوله : يغفر فيها ، أي بسبب تلك الحسنات فإنها تذهب السيئات وقد ورد

١١٣

وجه الله كتب الله عز وجل له ألف ألف حسنة يغفر فيها لأقاربه وجيرانه وإخوانه ومعارفه ومن صنع إليه معروفا في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قيل له ادخل النار فمن وجدته فيها صنع إليك معروفا في الدنيا فأخرجه بإذن الله عز وجل إلا أن يكون ناصبا.

٧ ـ عنه ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من سعى في حاجة أخيه المسلم فاجتهد فيها فأجرى الله على يديه قضاءها كتب الله عز وجل له حجة وعمرة واعتكاف شهرين في المسجد الحرام وصيامهما وإن اجتهد فيها ولم يجر الله قضاءها على يديه كتب الله عز وجل له حجة وعمرة.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن جميل بن دراج

______________________________________________________

في بعض الأخبار أنها إذا زيدت على سيئاته تذهب سيئات أقاربه ومعارفه ، أو المعنى يغفر معها فيكون علاوة للحسنات ، ويؤيده بعض الروايات وكان الاختلافات الواردة في الروايات في أجور قضاء حاجة المؤمن محمولة على اختلاف النيات ومراتب الإخلاص فيها ، وتفاوت الحاجات في الشدة والسهولة واختلاف ذوي الحاجة في مراتب الحاجة والإيمان والصلاح ، واختلاف السعاة في الاهتمام والسعي وأمثال ذلك ، وعدم تضرر المؤمن بدخول النار لأمره تعالى بكونها عليه بردا وسلاما

الحديث السابع : كالسابق.

ويدل على أن مع قضاء الحاجة ثواب الساعي أكثر مما إذا لم تقض وإن لم يتفاوت السعي ولم يقصر في الاهتمام ، ولا استبعاد في ذلك وقد مر مثله في حديث إبراهيم الخارقي في الباب السابق لكن لم يكن فيه ذكر العمرة ، ويمكن أن يراد بالحجة فيه الحجة التي دخلت العمرة فيها أي التمتع أو حجة كاملة لتقييدها بالمبرورة أو يحمل على اختلاف العمل كما مر.

الحديث الثامن : موثق كالصحيح.

١١٤

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كفى بالمرء اعتمادا على أخيه أن ينزل به حاجته.

٩ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن صفوان الجمال قال كنت جالسا مع أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من أهل مكة يقال له ميمون فشكا إليه تعذر الكراء عليه فقال لي قم فأعن أخاك فقمت معه فيسر الله كراه فرجعت إلى مجلسي فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ما صنعت في حاجة أخيك فقلت قضاها الله

______________________________________________________

« كفى بالمرء » الظاهر أن الباء زائدة واعتمادا تميز ، وقوله : أن ينزل على بناء الأفعال بدل اشتمال للمرء ، وقال بعض الأفاضل : الباء في قوله بالمرء بمعنى في ، والظرف متعلق بكفي واعتمادا تميز عن نسبة كفى إلى المرء ، وأن ينزل فاعل كفى ، انتهى.

وأقول : له وجه لكن ما ذكرنا أنسب بنظائره الكثيرة الواردة في القرآن المجيد وغيره ، وبالجملة فيه ترغيب عظيم في قضاء حاجة المؤمن إذا سأله قضاءها فإن إظهار حاجته عنده يدل على غاية اعتماده على إيمانه ووثوقه بمحبته ، ومقتضى ذلك أن لا يكذبه في ظنه ولا يخيبه في رجائه برد حاجته أو تقصيره في قضائها.

الحديث التاسع : مرسل.

« فشكا إليه تعذر الكراء عليه » الكراء بالكسر والمد أجر المستأجر عليه وهو في الأصل مصدر كاريته والمراد بتعذر الكراء إما تعذر الدابة التي يكتريها أو تعذر من يكتري دوابه بناء على كونه مكاريا أو عدم تيسر أجرة المكاري له وكل ذلك مناسب لحال صفوان الراوي ، وإما بالفتح والتخفيف ، و « أن » بالفتح مصدرية وليس في بعض النسخ ، وقوله : مبتدئا إما حال عن فاعل قال ، أي قال عليه‌السلام ذلك مبتدئا قبل أن أسأله عن أجر من قضى حاجة أخيه أو عن فاعل الطواف

١١٥

بأبي أنت وأمي فقال أما إنك أن تعين أخاك المسلم أحب إلي من طواف أسبوع بالبيت مبتدئا ثم قال إن رجلا أتى الحسن بن علي عليه‌السلام فقال بأبي أنت وأمي أعني على قضاء حاجة فانتعل وقام معه فمر على الحسين صلوات الله عليه وهو قائم يصلي فقال له أين كنت عن أبي عبد الله تستعينه على حاجتك قال قد فعلت بأبي أنت وأمي فذكر أنه معتكف فقال له أما إنه لو أعانك كان خيرا له من اعتكافه شهرا.

______________________________________________________

أو هو على بناء اسم المفعول حالا عن الطواف ، وعلى التقديرين الأخيرين لإخراج طواف الفريضة ، وقيل : حال عن فاعل تعين أي تعين مبتدئا أو تميز عن نسبة أحب إلى الإعانة أي أحب من حيث الابتداء يعني قبل الشروع في الطواف لا بعده ، ولا يخفى ما فيهما لا سيما الأخير « تستعينه » أي لتستعينه أو هو حال ، فإن قيل : كيف لم يختر الحسين صلوات الله عليه إعانته مع كونها أفضل؟ قلت : يمكن أن يجاب عن ذلك بوجوه :

الأول : أنه يمكن أن يكون له عليه‌السلام عذر آخر لم يظهره للسائل ولذا لم يذهب معه ، فأفاد الحسن عليه‌السلام ذلك لئلا يتوهم السائل أن الاعتكاف في نفسه عذر في ترك هذا ، فالمعنى لو أعانك مع عدم عذر آخر كان خيرا.

الثاني : أنه لا استبعاد في نقص علم إمام قبل إمامته عن إمام آخر في حال إمامته أو اختيار الإمام ما هو أقل ثوابا لا سيما قبل الإمامة.

الثالث : ما قيل : إنه لم يفعل ذلك لا يثأر أخيه على نفسه صلوات الله عليهما في إدراك ذلك الفضل.

الرابع : ما قيل أن فعلت بمعنى أردت الاستعانة وقوله : فذكر على بناء المجهول أي ذكر بعض خدمة أو أصحابه أنه معتكف فلذا لم أذكر له.

ثم اعلم أن قضاء الحاجة من المواضع التي جوز الفقهاء خروج المعتكف فيها عن محل اعتكافه إلا أنه لا يجلس بعد الخروج ولا يمشي تحت الظل اختيارا على المشهور ، ولا يجلس تحته على قول.

١١٦

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ، عن أبي جميلة ، عن ابن سنان قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام قال الله عز وجل الخلق عيالي فأحبهم إلي ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عمارة قال كان حماد بن أبي حنيفة إذا لقيني قال كرر علي حديثك فأحدثه قلت روينا أن عابد بني إسرائيل كان إذا بلغ الغاية في العبادة صار مشاء

______________________________________________________

الحديث العاشر : ضعيف ، وكونهم عياله تعالى لضمانه أرزاقهم.

الحديث الحادي عشر : مرسل.

وأبو عمارة كنية لجماعة أكثرهم من أصحاب الباقر عليه‌السلام وكلهم مجاهيل ، وحماد بن أبي حنيفة أيضا مجهول ، والظاهر أنه كان يسأل تكرار هذا الحديث بعينه لالتذاذه بسماعه وليؤثر فيه فيحثه على العمل به ، وقيل : المراد به جنس الحديث فذكر له يوما هذا الحديث وهو بعيد ، ومنهم من قرأ براء واحدة مشددة أي ارجع إلى حديثك كأنه كان محدثا وهو مخالف لما عندنا من النسخ.

قوله : روينا هو على الأشهر بين المحدثين على بناء المجهول من التفعيل ، قال في المغرب : الرواية بعير السقاء لأنه يروي الماء أي يحمله ، ومنه راوي الحديث وراويته والتاء للمبالغة ، يقال : روي الشعر والحديث رواية ورؤيته إياه حملته على روايته ، ومنه إنا روينا في الأخبار ، وفي المصباح عنيت بأمر فلان بالبناء للمفعول عناية وعنيا شغلت به ، ولتعن بحاجتي أي لتكن حاجتي شاغلة لسرك وربما يقال عنيت بأمره بالبناء للفاعل فأنا عان ، وعني يعني من باب تعب إذا أصابته مشقة والاسم العناء بالمد ، انتهى.

فيمكن أن يكون من العناء بمعنى المشقة أو من العناية. الاعتناء بمعنى

١١٧

في حوائج الناس عانيا بما يصلحهم.

(باب)

(تفريج كرب المؤمن)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن زيد الشحام قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول من أغاث أخاه المؤمن اللهفان اللهثان عند

______________________________________________________

الاهتمام بالأمر واشتغالهم بذلك بعد بلوغهم الغاية إما لكونها أرفع العبادات وأشرفها فإن الإنسان يترقى في العبادات حتى يبلغ أقصى مراتبها ، أو لأن النفس لا تنقاد لهذه العبادة الشاقة إلا بعد تزكيتها وتصفيتها بسائر العبادات والرياضات ، أو لأن إصلاح النفس مقدم على إصلاح الغير وإعانته.

باب تفريج كرب المؤمن

الحديث الأول : صحيح.

« والإغاثة » كشف الشدة والنصرة « أخاه المؤمن » أي الذي كانت أخوته لمحض الإيمان ، ويحتمل أن تكون الأخوة أخص من ذلك أي انعقد بينهما المؤاخاة ليعين كل منهما صاحبه ، واللهفان صفة مشبهة كاللهثان ، قال في النهاية : فيه اتقوا دعوة اللهثان هو المكروب ، يقال : لهف يلهف لهفا فهو لهفان ، ولهف فهو ملهوف ، وفي القاموس : اللهشان العطشان وبالتحريك العطش وقد لهث كسمع وكغراب حر العطش وشدة الموت ، ولهث كمنع لهثا ولهاثا بالضم أخرج لسانه عطشا أو تعبأ أو إعياء ، انتهى.

وكأنه هنا كناية عن شدة الاضطرار ، وفي النهاية : الجهد بالضم الوسع و

١١٨

جهده فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته كتب الله عز وجل له بذلك ثنتين وسبعين رحمة من الله يعجل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته ويدخر له إحدى وسبعين رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أعان مؤمنا نفس الله عز وجل عنه ثلاثا وسبعين كربة واحدة في الدنيا وثنتين وسبعين كربة عند كربه العظمى قال حيث يتشاغل الناس بأنفسهم.

______________________________________________________

الطاقة ، وبالفتح المشقة ، وقيل : المبالغة والغاية ، وقيل : هما لغتان في الوسع والطاقة ، فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غير ، وفي القاموس : نفس تنفيسا ونفسا أي فرج تفريجا.

وقوله عليه‌السلام : من الله من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر ، وربما يقرأ من بالفتح والتشديد والإضافة منصوبا بتقدير اطلبوا أو انظروا من الله ، أو مرفوعا خبر مبتدإ محذوف أي هذا من الله ، وعلى التقادير معترضة تقوية للسابق واللاحق ، أو منصوب مفعولا لأجله للكتب ، وأقول : كل ذلك تكلف بعيد.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

« عند كربة العظمى » أي في القيامة حيث يتشاغل الناس بأنفسهم ، أي يوم لا ينظر أحد لشدة فزعه إلى حال أحد من والد أو ولد أو حميم ، كما قال تعالى : « يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ » و « لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً » (١) « يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ » (٢) وأمثالها كثيرة.

__________________

(١) سورة حج : ٢.

(٢) سورة لقمان : ٣٣.

١١٩

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن نعيم ، عن مسمع أبي سيار قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كرب الآخرة وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحيق المختوم.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن

______________________________________________________

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

« كرب الآخرة » بضم الكاف وفتح الراء جمع كربة بالضم ، في المصباح : كربة الأمر كربا شق عليه ، ورجل مكروب مهموم ، والكربة الاسم منه ، والجمع كرب مثل غرفة وغرف.

قوله عليه‌السلام : وهو ثلج الفؤاد ، أي فرح القلب مطمئنا واثقا برحمة الله ، في القاموس : ثلجت نفسي كنصر وفرح ثلوجا وثلجا اطمأنت وثلج كخجل فرح وأثلجته ، وقال : الرحيق الخمر أو أطيبها وأفضلها أو الخالص أو الصافي ، وفي النهاية : فيه أيما مؤمن سقى مؤمنا على ظمإ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم ، الرحيق من أسماء الخمر يريد خمر الجنة والمختوم المصون الذي لم يبتذل لأجل ختامه ، انتهى.

وأقول : إشارة إلى قوله تعالى : « إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ، خِتامُهُ مِسْكٌ » (١) قال البيضاوي : أي مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين ، ولعله تمثيل لنفاسته أو الذي له ختام أي مقطع هو رائحة المسك.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة المطفّفين : ٢٥.

١٢٠